رواية وما معني الحب الفصل السابع7 والثامن8 بقلم ايه شاكر

رواية وما معني الحب الفصل السابع7 والثامن8 بقلم ايه السيد شاكر

خرجت مروى من البيت دون أن يلحظها أحد، كانت تسير في طريقها هائمة تتذبذب نظراتها في اضطراب وحيرة لا تدري أمَ تفعله صواب أم ماذا؟!
امتلأت عيناها بالدموع، حملت هاتفها تطلب سيف مجددًا فوصلته الرنه لكنه لم يُجب عليها، حاولت مرةً تلو الأخرى وما من إجابه فقررت أن تحل الأمر بنفسها، ظنت أنها لابد وأن تنال عقاب أفعالها الماضية!
وصلت للعنوان المطلوب وتوقفت قليلًا أسفل البناية تخطط، حسنًا لتحاول إقناع حمدي أن يحذف صورها عله يستجيب وإن لم يستجب ستقتله، قررت قتله لتتخلص من مكره، ولم تتوقف خطتها هنا بل قررت أن تقتل حالها من بعده كي لا تفضح أهلها فهي ذات أصلٍ صعيدي ولو انتشرت صورها فبكل تأكيد سيقتلونها لذا ستُخلص والدها من عارها، جففت دموعها ورفعت رأسها كعنزة تستعد للقضاء على أسد.
طالعت مدخل البناية لبرهة قبل أن تننطلق إلى حيث لا مفر من المواجهه.
بقلم آيه شاكر 
استغفروا
___________________
في بيت مصطفى
حين أبصر سيف رنات هاتفه برقم مروى لم يجب وتجاهل الرنين، لأنه بين إخوته ولا يريد لفت الأنظار إليه، حمحم وقال:
-هما الجماعه سابونا قاعدين لوحدنا وراحوا على فين؟ 

رد معاذ وهو يأكل قضمه من الحلوى: 
-مش عارف بس براحتهم.

طالع معاذ الطبق القابع أعلى الطاولة ويحوي قطعتين من الحلوى، وقال بمكر:
-مش هتاكل يا سعد؟ 
-ما إنت عارف مليش في الحاجات دي!

ضحك سيف وقال:
-نفسي أعرف إزاي شيخ ومبتحبش الأكل! 

علق معاذ ضاحكًا:
-بيحافظ على وزنه خايف يطلعله كرش... بس زمان قالوا الراجل من غير كرش ميسواش قرش.

حمل معاذ قطعة الحلوى خاصة أخيه والتهمها بشراهه وشرب بعدها كوب المشروب الغازي دفعة واحدة ومسح ما تساقط على فمه، فرمقه سعد بتقزز وقال:
-برتحه يا عم! مش عارف والله بتاكلوا الحاجات دي ازاي؟ 

قال سيف:
-خليك إنت في أكل العيانين الي عايش عليه وسيبنا إحنا نستمتع بالذات الحياة.

قال معاذ وهو بلوك الحلوى بفمه:
-خليك كدا مجرد شيخ... عمرك ما هتبقا صاحب فضيله بالطريقه دي! 

ضحك سيف وهو يشاور على كرش معاذ قائلًا: 
-طبعًا لأن الشيخ لما يطلعله كرش فهو صاحب فضيله إنما طول ما هو من غير كرش يبقا لسه مبلغش المنزله دي..
انفـ ـجر معاذ وسيف ضاحكين وطالعهما سعد بغيظ قبل أن يغادر الغرفه وينادي على والدته وخالته 
-بتعملوا اي يا جماعه سيبني لوحدي مع العيال دول ليه!

أجابت رقيه من المطبخ:
-بنغسل مواعين تعالى يا واد إنت واحشني احكيلي عامل ايه؟ مفيش عروسه كدا ولا كدا عاوزين نفك عضلة لسانا ونزغرد يابني.

تنهدت نبيله وردت بحسره:
- قوليله يختي والله أنا غُلبت.

تركت رقيه ما بيدها من أواني واتجهت صوبه وهي تقول:
-ليه يا سعد عاوزه أفرح بيك وأشيل عيالك قبل ما أموت يابني.

قبل سعد رأس خالته وقال:
-ألف بعد الشر عليكي يا خالتو ربنا يديكِ الصحه يارب... والله هدور ولو لقيت عروسه مناسبه أوعدكم هوافق.

ابتسمت نبيله قائله:
-أنا عندي العروسه.
تجهم وجهه وقال بنفاذ صبر: 
-يا ماما أمينه جارتنا الي لبسها ملزق دي طلعيها من دماغك متنفعنيش... دي عليها ضحكه بتسمع أخر الشارع!

حاولت إقناعه كعادتها بقولها:
-لما تتجوزها إبقى لبسها على مزاجك وظبطها!

زفر بقوة هل سيخوض جدال كل يومين ذاك! ولمَ يأخذ شيئًا ملوثًا إن استطاع أن يقتنيه نظيفًا من البدايه؟!!
______________________
وفي الشرفة حيث تقف منى جوار مصطفى الذي خاطبها:
-ردي عليا يا منى إنتِ متخيله إن أنا عايز أتسلى معاكِ مثلًا!!

صمتت ونظرت من الشرفه فجذب انتباهها هدى التي تهرول وكأن هناك من يركض خلفها فنادتها بصوت مرتفع: 
-هـــــــــــدى!!!

لم ترد عليها فاستأذنته منى:
- هدى مشيت بعد إذنك لازم ألحقها!

هرولت من أمامه وتركته يطالع مكانها الفارغ وهو يتخبط في حيرته.

اتجهت منى صوب المطبخ لتستأذن رقية وتغادر فوجدت سعد يجادل والدته:
-ماما لو سمحتِ أنا لا يمكن أوافق عليها انسي الموضوع دا... شوفيلي عروسه محترمه.

حين أبصرته منى ألقت عليه السلام بنبرة مهزوزة مضطربة، فرد بعدما رمقها وأطرق بصره...

ازدردت منى ريقها بتوتر وسألت:
-طنط هي هدى راحت فين؟!
-قالت أنا اتأخرت وطلعت تجري!
قالتها رقية، فزمت منى شفتيها ثم قالت:
-طيب ماشي عن إذنكم أنا همشي بقا.

هرولت منى وتبعتها رقيه وهي تقول:
-استني يا مونه إنتِ مأكلتيش حاجه.

كان سعد يستمع إلى كلامها باعجاب، فهو يريد زوجة مثل هذه، يظهر الحياء عليها تغض بصرها وتستعفف.

أيقظه من شروده تربيت مصطفى على كتفه فأجفل، قال مصطفى:
-اتخضيت كدا ليه! وواقف كدا ليه؟ فين معاذ وسيف؟

رد سعد وهو يشير إلى الغرفه قائلًا: 
-هناك بياكلوا الأخضر واليابس...

ابتسم سعد وهو يشير نحو منى وهمس لمصطفى:
-أنا عايز عروسه زي دي ويا سلام لو دي نفسها.

نظر له مصطفى ولكزه في ذراعه فألمه: 
-متبصلهاش حتى بطرف عينك عشان دي تخصني...
وخزه مصطفى مرةٍ أخرى بيده وسأله:
-فاهم؟ 

وضع سعد يده مكان الوخزه وقال: 
-آه ايه يا عم إيدك تقيله!

غمز له سعد واسترسل:
-بس مقولتناش يعني ولا بتداري على شمعتك؟

- مش ناقصه قر والله دي مبهدلاني أصلًا...

ارتسم الفضول على ملامح سعد وقال:
-لا احكيلي أنا عاوز أعرف أصل الحكايه من الأول... من الأول يا مصطفى.
قالها سعد وهو يوقع كلمات جملته الأخيرة، فتنهد مصطفى وقال:
- تعالى نقعد في البلكونه وأحكيلك.
______________________
-هــــــدى! اســــتـــنـــي...
قالها أحمد بنبرة مرتفعة وتظاهرات هي بعدم الانتباه، وهي تسرع خطاها مبتعده وهو يركض خلفها حتى التوت قدمها فتاوهت ووقفت مكانها مُرغمة، وعلى قدم واحده كانت تستند على سيارة مركونه جوارها فأصدرت إنذارًا أفزعها، اعتدلت في وقفتها وهي تطالعه يرنو إليها...

أقبل أحمد إليها فازدردت ريقها بتوتر، كانت أشبه بفريسه تركض هاربة من صائدها فتعرقلت وسقطت  تنتظر حتفها، أشار بسبابته صوبها سائلًا ببهجة:
-إنتِ هدى أشرف!!

أرادت أن تتزاكى عليه وتراوغه فقالت:
-هـ... هو حضرتك تعرفني؟ 

-هدى مجدي أشرف؟ في تالته كليه تمريض رقم تلفونك ٠١١**** 
ازدردت ريقها بتوتر وقالت بتوجس:
-لأ مش أنا...

ابتسم قائلًا:
-مبتعرفيش تكذبي يا هدى فعلًا زي ما قولتِ لما بتيجي تكذبي بتبلعي ريقك كتير فبتتكشفي...

رمقته بنظرة استعادتها سريعًا وقالت:
-إنت عايز إيه يا أحمد؟ كل الي بينا كان كلام في التلفون وانتهى خلاص. 
-وحشتيني أوي.
قالها بصوت رخيم فارتسم الجمود على ملامحها وقالت:
-لو سمحت مينفعش وقفتنا كدا أنا مضطره أمشي بعد إذنك.

بدأت تعرج على قدمها المصابه لتغادر فوقف أمامها وقال:
-أنا ماصدقت وصلتلك أنا كنت هتجنن... متعرفيش الأسبوع دا مر عليا إزاي!!
قالت بحزم مصطنع:
-أنا مش ممكن أرجع أغلط تاني... علاقتنا كانت غلط من البدايه مفيش حاجه اسمها صحوبيه بين شاب وبنت لأن...

ابتلعت باقي كلامها حين ابصرت ابتسامته، قال أحمد ببهجة تجلت عليه:
-أنا بجد فرحان أوي إني شوفتك... إنتِ ربنا بعتك ليا النهارده.

نظرت يمينها فوجدت والدها يسير بإتجاههما فأجفلت، جحظت عيناها وقالت بقلق:
-بابا جاي ناحيتنا.

ابتسم وهو ينظر بإتجاهه قائلًا: 
-دا لحُسن حظي.

انتظر قليلًا حتى أقبل والدها، وبعد ما ألقى والدها السلام وهو يبدل نظراته بين ابنته وهذا الشاب الذي يراه للمرة الأولى، مد أحمد يده قائلًا برتابة:
-إزيك يا عمي.

صافحه والد هدى وقال:
-الحمد لله.... مين حضرتك؟ 
-أنا أحمد سعيد مدير شركة السعيد كامل للإستراد والتصدير.
-أهلًا وسهلًا...
-ممكن رقم حضرتك أنا كنت عايز أخد ميعاد عشان أجي أقابل حضرتك أنا وبابا، أنا آسف جدًا إني وقفت الأنسه هدى في الشارع بس مكنش فيه طريقه تانيه...

اختلج قلبها خلف أضلعها، لا تدري أهذا فرحًا أم ارتباك ولكن انتابتها مجموعة من المشاعر المتضاربه، كان يتحدث مع والدها وهي مشدوهة بعالم أخر، أفرز دماغها هرمون الأوكسيتوسن إنه هرمون الحب، الذي جعلها في حالة من الإرتباك فشعرت بتنغص بطنها أثر ذلك، وبعد ما يقرب من الدقيقتين غادر أحمد واستندت على والدها لتعود للبيت وهي في قمة الحياء من والدها، الذي ابتسم فرحًا وقال لها: 
-عريس زي القمر.

احمرت وجنتيها وشعرت بحرارة تلفح جسدها، أردف والدها:
-كبرتِ يا هدى وكبرتينا! 

ابتسمت قائلة بمكر: أنا أصلًا مش موافقه.
ابتسم مجدي: 
-طيب عيني في عينك كدا! على بابا الكلام دا؟ 
ضحكت هدى فأردف قائلًا: تعرفيه منين؟ 
-هحكيلك كل حاجه بس لما نوصل أصل رجلي بتوجعني أوي.

من ناحية أخرى 
أوشكت منى أن تخرج من شقة مصطفى فسمعت صوت صراخ جارتها واجتمع الجيران أثر الإستغاثه، كانت الجارة تحمل طفلتها صاحبة الأربع أعوام وتستغيث لعل أحدًا ينقذها، تنادي إذا هناك طبيب في تلك البناية، أقبلت منى إليها ونظرت للطفله تتفحصها بعينيها فكان وجه الطفله أحمر وتحارب لتُدخل ذرات الأكسجين خلاياها، سرعان ما تأكدت منى أن تلك أعراض الإختناق، فهي تعلم خطورة الأمر فلو مر ٦دقائق على تلك الحالة وبدون الأكسجين سيؤدي إلى تلف خلايا الدماغ، والتي لن تتجدد مرة أخرى وستنتهي حياة الطفله فالآن المسألة حياة أو موت....

هتف أحد الجيران:
-يلا بينا بسرعه على المستشفى.

قالت منى:
-لا استنوا مفيش وقت...

استجمعت قوتها وتصرفت في سرعه جلست على الأرض خلف الطفله وضغطت بقبضة يدها أسفل صدرها، فسعلت الطفله وخرج من فاها لعبة صغيره كانت تسد مجرى الهواء...

تنفست منى بارتياح وضمت الطفله واخذت تملس على شعرها قائله:
-إنتِ كويسه يا حببتي؟
أومأت الطفله برأسها وقبلت منى من خدها ببراءه، فانحنت الأم لمستوى منى تحاول تقبيل يدها فسحبت منى يدها مسرعة وقالت:
- اي اللي حضرتك بتعمله دا... ربنا يباركلك فيها يارب.

وقفت منى ونظرت حولها لهؤلاء الذين يحدجونها بنظرات إعجاب لبراعتها، صفق لها الجميع وكأنها كانت تخوض حربًا وظفرت بها، فضحكت...

أما مصطفى ففي كل مره يتأكد أنه تستحق مشاعره
ضمتها أم مصطفى قائله:
-ربنا يحميكِ يا منى يابنتي.

ابتسمت قائله:
-إنتوا ليه محسسني إني عملت عمليه جراحيه! لا حول ولا قوة الا بالله.
نظر كل من سعد ومصطفى لبعضهما، وسأله سعد بهمس:
-طيب يعني هي ملهاش اخوات!!

لكزه مصطفى بذراعه فقال سعد:
-خلاص يا عم...
________________________
استغل سيف انشغال الجميع وطلب رقم مروى مرة تلو الآخر لكنها لم تجب فطلب رقم أخر يسأله عن التحريات عن هذا الشاب «حمدي» فأجاب:
- يا باشا الواد سليم معلهوش حاجه.... مفيش عليه قضايا سابقه... لكن الي لفت نظري بقا إن صاحبه يبقا زياد الي كان اتمسك في قضية خطف... وأنا شاكك إنهم عصابه!

-لا دا كدا الموضوع محتاج قعده، خمس دقائق وأكون عندك في المدريه...

أغلق معه وطلب رقم مروى مجددًا وما من إجابة!

بحث عن والدته وقال:
-بلبله أنا عندي شغل ولازم أمشي!

قالت نبيلة بنزق:
-هو كل يوم يا سيف أقعد معانا النهارده هو إحنا يعني كل يوم بنشوف خالتك! 

قبل رأسها قائلًا:
-معلش يا بلبله أوعدك في الصيف هاخد أجازه أسبوع وأقعد معاكِ تشبعي مني ونجيب خالتي تقعد معانا.
نبيله: طيب خلي بالك من نفسك.

وبعد دقائق من الإستئذان والتبرير غادر سيف.
________________________
كان حمدي يتحدث مع أحد عبر الهاتف، حيث قال الشاب: 
-والبنت هتجيلك امته؟ 

رن جرس الباب فوثب حمدي ليفتح وهو يقول:
-شكلها وصلت... سلام إنت دلوقتي.
-طيب خلص ورن عليا.
-ماشي يا زياد.

وما أن فتح الباب وجدها تقف أمامه، منكسة الرأس، تنحى عن طريقها لتدخل ثم أغلق الباب خلف ظهرها فأجفلت وارتعدت أوصالها فزعًا، قال:
-مستنيكِ من بدري...

نظرت حولها تتفقد المكان بتوتر وقالت:
-أنا جيت زي ما طلبت مني بس قبل أي حاجه امسح كل الصور والفيديوهات.
-متخافيش يا مروى أنا مش هأذيكِ.
قالها بنبرة حانية وهو يتفحص ملامحها بنظراته الثاقبة، ابتلعت ريقها وباغتتها عيناها بذرف الدموع، وبينما صدرها يعلو ويهبط بعنـ ـف قالت:
-كل دا ومش هتأذيني حرام عليك أنا عملتلك إيه؟ 

صمت للحظات، وهو يتأمل دموعها وخوفها وقذف الابتوب الذي يحتوي على صورها المفبركه أرضًا وبدأ يدعسه بقدميه.

كانت تطالعه بتوجس مترقبة رد فعله، فلا تعلم ماذا يفعل وبمَ يفكر؟ فعل بالهاتف ما فعله مع جهاز الابتوب وجلس وصدرها يتعلو ويهبط بعنف، أطرق رأسها وقال:
-كدا معدش صور ولا فديوهات 
تنظر لهاتفه المحطم وجهاز اللابتوب وقال بابتسامة تنافي وضعه:
-ولا عاد موبايل ولا لاب.

أرادت ان تستعطفه بكلامها فقالت:
-طيب إنت عايز مني إيه؟ حرام عليك إنت هتاخد ذنبي وأنا بحاول أتوب وأرجع لربنا.

حاول التبرير قائلًا:
-مروى إنت دخلتِ في دوامه كبيره، أنا مش هعرف أشرحلك كل حاجه لكن... 

نكس رأسه لاسفل وأخذ يفكر فيما سيقوله ثم تنهد بعمق وقال:
-امشي يا مروى ارجعي بيتك... امشي...

تهللت أساريرها وكأنها كانت حبيسة وأُطلق سراحها للتو، ودون تعقيب ركضت وفتحت باب شقته وقبل أن تغادر قال حمدي:
-خلي بالك من نفسك يا نور.

ورغم لفظ إسمها خطأ فهي مروى وليست نور، فلم تُعدل عليه بل هرلت لخارج البيت وهي في قمة سعادتها تريد أن تطير وتصل لبيتها، بكيت فرحًا فقد أنقذها الله من شرٍ وهلاك كانت به...

أما عن حمدي فأخرج هاتف من جيبه واتصل بزيادة قائلًا:
-يلا ننفذ باقي الخطه مستنيك.

جلس قليلًا ثم أخذ زجاجة من جواره فكر قليلًا وحدّث حاله قائلًا:
-عشانك يا نور أعمل اي حاجه...

ثم حطم الزجاجة فوق رأسه فسالت الدماء منه وتاوه بصوت مرتفع....
__________________________
وبعد فترة وصل به زياد للمستشفى لتضميد جرحه همس حمدي:
-تفتكر الخطه نجحت!

رد زياد بثقه:
-طبعًا نجحت!

أشار لتلك التي تتحدث عبر الهاتف وقال:
-شوفت منار أول حاجه عملتها كلمت الجماعه تقولهم الأخبار!

رد حمدي بغيظ:
-قذره!

حين رأها زياد تدنو منهما حمحم وقال بخفوت:
-طيب اسكت اعمل نفسك بتتوجع عشان جايه...

وقفت منار قابلتهم وقالت:
-الجماعه بيقولك علاجك كله على حسابهم!

ضحكت بسخريه واستطردت:
-بقا حتة بنت تعمل فيك كدا... يا خسارة الرجاله!
-اتلمي يا منار... 
قالها زياد، وطالعها حمدي بغضب، فقالت:
-البوص بيقولك سيبك من البنت دي طلما ظوافيرها حاميه عليك كدا! وهو هيشوف حد تاني يكمل...

رن هاتفها فابتعدت قليلًا وتركتهما يبتسمان فقد نجحت الخطه، أقبلت نحوهما من جديد قائله: 
-الهدف الجاي سهل... بنت ملهاش حد... لا أم ولا أب ولا عيله توجع دماغنا
ابتسمت بسخريه وهي تُضيف:
-ولا ليها ظوافر، والأسهل من دا كله إنها شغاله هنا في المستشفى... واسمها منى...

تجهم وجههما ونظرا لبعضهما بريب فقال زياد بتلعثم:
-علطول كدا! مش نستنى شويه عشان الشرطه عينها علينا! 

ابتسمت منار بزاوية فمها وقالت بمكر:
-ومين قالك إن الشرطه هتحس بينا أصلًا... أنا عندي خطه تخليها تجيلنا جاهزه...
___________________
حين طالعت مروى هاتفها وجدت مكالمات فائته من سيف فطلبته وانتظرت الرد، وبعد السلام سألها سيف:
-لقيتك رنيتِ عليا فيه جديد؟ 
-لا شكرًا جدًا لحضرتك خلاص الموضوع اتحل.
-اتحل ازاي؟ 
ابتسمت بسعاده ونطقت:
-الحمد لله مسح كل الفيديوهات والصور... معلش تعبتك معايا.
-مفيش تعب ولا حاجه.... أهم حاجه خلي بالك من نفسك.
-إن شاء الله شكرًا جدًا..

ابتسمت وهي تغلق الهاتف وتقول:
-اللهم لك الحمد يارب. 
كانت تقف أمام بيتها دخلت ثم صفعت الباب خلف ظهرها وما أن رأها والدها قال بذهول:
- إنتِ كنتِ فين؟ أنا فاكرك في أوضتك!
-كـ... كنت بشتري حاجه من تحت يا بابا.
-وإنتِ ازاي تخرجي من غير استئذان؟

تلعثمت قائله:
-ما أنا كـ... كـ... كنت مستعجله! 

هدر بها بغضب:
-أخر مره تعمليها أنا بتكلم معاكِ بهدوء... بس والله يا مروى غلطه كمان وهتصرف تصرف مش هيعجبك.

أقبلت تضمه وتقبله من خده ثم تُقبل يده وهي تقول: 
-صدقني مفيش أي غلط تاني يا بابا.

دلفت لغرفتها مطمئنه أقسمت أن تبدأ من جديد، سجدت شكرًا لله وعيناها تفيض بالدمع ،وعاهدت الله على التوبه والرجوع...

وصدق من قال:
"ربما فُتح لك باب الطاعه، وما فتح لك باب القبول، وربما قُضى عليك بالذنب، فكان سببًا في الوصول."
_________________________
في اليوم التالي
ارتدت منى ثيابها لتذهب للجامعه طلبت رقم هدى ولم تجب، لكنها أرسلت لها البارحة رسالة تطمئنها أنها بخير...

هاتفتها منى مرة أخرى فأجابت وأخذت تسرد عليها ما حدث بالأمس، وفتحت منى باب شقتها لتذهب للجامعه بعدما أخبرها هدى أنها لن تحضر دوامها اليوم.

على جانب أخر كان مصطفى يتابع خروجها وتبعها دون أن تنتبه له، عزم أن يضع النقاط على الحروف ويُحدثها اليوم...

انشغل بتشغيل سيارته وهي تضع هاتفها بحقيبتها بعدما انهت المكالمه، دلفت لصيدليه مجاوره للبيت تشتري مسكن لذلك الصداع الذي يضـ ـرب رأسها بعنف، ثم دلفت لسوبر ماركت لتشتري زجاجة من المياه، فتحت الدواء وابتلعته بالماء تزامنًا مع اشتباك مجموعة من الشباب ونشوب شجار جوارها، حاولت أن تبتعد ولكن تكبكب الناس حولها لفك النزاع...

لم تدرك حالها إلا وهي بمنتصف المعركه، وفي لمح البصر أخرج الشاب خنجرًا ليطعن الأخر أخذت تحاول الخروج من تلك الدائره لكن باغتتها طعنة بالخنـ ـجر توغلت داخل جسدها فصرخت بألم، وضعت يدها تتحسس السائل الاحمر الذي اندفع خارج جسدها وجثت أرضًا على ركبتيها...

ومن ناحيه أخرى حيث كان مصطفى ينتظرها بسيارته لتظهر خارج المحل، انتفض حين نشب ذلك الشجار وارتجل من سيارته مسرعًا وأجفل حين سمع صراخها قبل وصوله....

الفصل الثامن 
فر الشاب راكضًا بعدما طعنها وتبعه مجموعة من الرجال علهم يلحقون به...

أما منى فتجمهر أخرون حولها منهم من يطلب الإسعاف ومنهم من يتفحص جرحها ومنهم من يشاهد ما يحدث وأخر يصور....

اندس مصطفى بينهم وهو يصرخ بهم ليفسحوا طريقه، وحين أبصرها والد**ماء تتدفق خارج جسدها اختلج قلبه، وصاح بفزع:
-منى! 
طالعته منى بأعين دامعة زائغة وهي تقول بوهن شديد:
-إلحقني يا مصطفى أنا مش عايزه أموت دلوقتي.

هدر مصطفى بهؤلاء الذين اجتمعوا فقط لمشاهدة ما يجري ولا يُحرك أحدهم ساكنًا بينما يحاول أن يسندها كي يصلا معًا للسياره لكنها كانت تصرخ وتأن بألم، غحملها بين يديه نظر لجموع الناس قائلًا بغضب:
- إنتوا بتتفرحوا على إيه؟ 

نظر لشاب أخر يصورهما وهدر به:
-إنت بتصور إيه إنت كمان؟ 

نظر لها وهي تنزف بين يديه، وسخر الله له شابين يُفسحان له الطريق ويساعدانه حتى وصل لسيارته ركضت إليه سيده بيدها قطع من الشاش والقطن وركبت جوار منى بالخلف، وكانت نفسها السيدة التي ساعدت منى طفلتها عشية الأمس، حاولت حبس الد**ماء حتى يصلا إلى المستشفى بينما يقود مصطفى سيارته بأقصى سرعة...
______________________________
كان «حمدي» يرقد في فراشه يتحسس الضمادة على رأسه بينما يتحدث مع زياد عبر الهاتف قائلًا:
-يا زياد متحاوليش تقنعني عشان هنفذ الي أنا عايزه.
-يابني أنا خايف عليك إنت عارف إني بعتبرك أخويا... الجماعه لو عرفوا...
قاطعه حمدى:
-أنا نفذت كل الي طلبوه مني وسجلتلهم كل الي عملته، لكن مكنتش هسيبهم يقتلـ ـوها... 
-إنت حبيتها ولا إيه! يا معلم شغلانتنا مفيهاش حب والطريق الي اختارناه مفهوش رجوع وإنت عارف.

تنهد حمدي بقلة حيلة وقال بألم:
-أنا لما يشوفها بفتكر نور أختي...

وأردف حمدي بانفعال:
-أنا قرفت من نفسي أصلًا... 

زياد بخوف:
-الجماعه لو عرفوا إن القبض عليا كان خطه بينا هنروح في داهيه واللي عملناه دا كله لو عرفوا بيه مش هيعدوه.

-أنا مش هسكت إلا لما أخلص منهم واحد واحد وأنضف نفسي.... يمكن ربنا يسامحني ويتوب عليا... ولو إنت خايف على نفسك يا زياد ابعد.

-أنا مش خايف على نفسي.... لكن خايف على أهلي وخايف عليك.
-خلاص ابعد عن طريقي يا زياد.
-أنا مش هقدر أكمل معاك لكني موجود يا حمدي لو احتاجت أي حاجه.

تنهد حمدي قائلًا: 
-ماشي يا زياد سلام...

أغلق حمدي هاتفه ونفخ بضيق، ثم مسح وجهه مرددًا بانفعال:
-جـ ـبـ ـان.
______________________________
وصلوا المستشفى وارتجل مصطفى من سيارته متلهفًا يطلب المساعدة وسرعان ما حملوها على الترولي للإستقبال، كان زمائلها يركضون حينما وجدوها مصابه، فهم يعرفونها جيدًا فهي بنفس المستشفى التي تعمل بها، كانت تردد بفزع:
-آه مش عايزه أموت...

ومصطفى يقف جوارها ويرد عليها بقلق:
-مش هيحصلك حاجه... متخافيش...

جهزوها للعمليات فقالت منى لإحدى الممرضات بصوت متحشرج:
-مصطفى... عايزه أقابل مصطفى قبل ما أدخل العمليات.

نادته الممرضه وابتعدت عنهم مسافه لتسمح لهما بالكلام، سند على السرير بجوارها وانحى قليلًا ناحيتها قائلًا: متخافيش هتبقي كويسه...

استرسلت بلسان ثقيل:
-لـ.. لازم أقولك حاجه... مش عارفه هخرج عايشه ولا لأ.
-بعد الشر عليكِ... إن شاء الله هتخرجي بالسلامه.

أدمعت مقلتاها وهمست بشيء فلم يسمع لذا انحنى أمامها وأرهف السمع...

كانت تجد مشقة في الكلام بل في فتح جفونها، لكنها أرادت أن تخبره بما يجيش به صدرها فمن المحتمل أن تدخل العمليات وتخرج جثةً هامدة كما صادفت أثناء عملها كثير من الحالات المشابهه، حاولت سحب الهواء لداخل رئتيها لتستطيع الكلام وقالت:
-زمان لما قولتلك ابعد... وبعدت عنك كان عشان أحافظ عليك وعلى نفسي... خوفت لما حسيت إن مشاعري اتحركت ناحيتك... خوفت أتعلق بيك وربنا يعاقبنيى بحبك لأنك مش حـ... مش حلالي... لو تعرف أنا كنت محتاجالك ازاي! كنت بتعذب وأنا لوحدي... أنا بقولك كده عشان تفهمني... أنا كنت بغض بصري عنك وبجاهد نفسي لكن إنت! إنت بعدت عن ربنا أوي يا مصطفى...

تاوهت، وكان هو يطرق بصره ويسمعها، كانت كلماتها تصيب قلبه كصاعقة مباغتة، قال برجفة
-متتكلميش... هنتكلم في كل حاجه لما تخرجي بالسلامه.

تأوهت بألم وقالت بدموع:
-ممكن مخرجش... اسمعني... مروى قابلتني... و... وحكتلي عن علاقتكم! إنت بتعمل كدا ليه يا مصطفى!!

مسح دمعة خرجت من عينيه وقال:
-والله أنا عارف إني غلطت... بس أوعدك هصلح كل حاجه... أنا اتغيرت يا منى... والله اتغيرت...

تسارعت أنفاسها وتجاهلت كلماته وقالت:
-إمبارح لما حاولت تقولي مشاعرك أنا هربت.... عشان...
قاطعها صوت الممرضه:
-كفايه كلام يا منى يلا...

طالعته منى بخوف، تخشى أن تغلق جفونها فتُقبض روحها، فكم تخاف الموت، ومن منا لا يهاب ظلمة القبر!! غضت بصرها عنه وسحبتها الممرضه لداخل غرفة العمليات...

جلس هو أرضًا يضع يده على رأسه وعينيه تفيض بالدمع يخشى أن يكون فقدانها هو عقاب خطأه، ارتفع نشيجه وهو يردد:
-يارب....

دخلت منى العمليات وبدؤا بتخديرها وقبل أن تغلق جفونها وتغيب عن الوعي نطقت الشهادة...

قال أحد الأطباء:
-ها هنشتغل ولا إيه؟

رد الأخر:
-لا خيط الجرح أي حاجه لحد بالليل لما نشوف الدنيا أمان ولا إيه!

نظر الممرضه وقال:
-شويه كدا واطلعي اعملي دور واطلبي متبرعين بالدم خلينا نستفيد...

جلسوا يتبادلون أطراف الأحاديث ويتمازحون دون اكتراث لحالة تلك المسكينه التي تسكن الفراش بوهن.
بقلم آيه شاكر 
استغفروا ♥️ 
____________________
سُرعان ما انتشرت الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الإجتماعي بإشاعات عن «منى» أن عاشقها من طعنها.

جلست أم مصطفى تتصفح اخر الأخبار بالفيسبوك فوقع أمامها فديو بعنوان شاهد ماذا فعل العاشق بمعشوقته حين رفضت حبه.

فتحت الفديو وهي تقول:
-مش عارفه شباب اليومين دول حصلهم ايه لا حول ولا قوة إلا بالله.

اتسعت حدقتاها فزعًا حين رأت مصطفى يحمل منى ويركض، أمعنت النظر وعندما استوعبت صرخت، وطلبت رقم ابنها الذي أجاب بصوت متحشرج:
-ماما... منى بتموت يا ماما...

صرخت مرددة بهلع:
- يالهوي.... فيه ايه يا مصطفى حصل ايه؟ 

قال بنبرة مهزومة:
-منى في العمليات... 

-وإنت في مستشفى إيه؟ 
أعطاها عنوان المستشفى فأنهت المكالمه ووضعت يدها على قلبها وهي تردد فزعًا:
-يارب استر يارب احميها يارب...
كان مصطفى يقف أمام حجرة العمليات ووالدته تجلس على أحد المقاعد تقرأ القرآن اقتربت منهم طفلة صغيره بالعاشر من عمرها وخاطبت مصطفى قائله ببكاء:
-عمو... هي أبله منى هتروح عند ربنا زي بابا؟
-إنتِ تعرفي أبله منى منين ياحببتي؟ 
بكت الطفله وهي تمسح وجهها بيدها ببراءه:
-كانت بتجيبلي فلوس أنا وماما عشان أروح المدرسه.

انحنى مصطفى لمستواها قائلًا:
-هتبقى كويسه... ادعيلها... هتقوم بالسلامه بدعائنا. 
-أنا هروح أصلي وأدعي ربنا كتير هي قالتلي إن ربنا بيحب الأطفال وأكيد هيسمعلي وهتقوم صح؟

أقبلت سيده أربعينية لتسحب ابنتها واعتذرت منهم ثم قالت: 
-إن شاء الله ربنا هيقومها بالسلامه يا أستاذ.

إستأذنت وجلست على مقعد جوار والدة مصطفى وأخذت تقص عليها مدى حبها لمنى وكيف تساعدهم

وبعد فترة جلس مصطفى على المقعد جوار والدته، ضـ ـرب قبضة يده بالمقعد متضجرًا من نفسه وردد وهو يُطالع والدته:
-غبي... ابنك مبيفهمش... 

ربتت أمه على كتفه قائله:
-إجمد يا مصطفى متعملش في نفسك كدا.... دلوقتي تخرج من العمليات ونطمن... إن شاء الله هتقوم بالسلامه.

زفر مصطفى انفعالات قلبه وقال:
-أنا قلقان أوي بقالها ساعه في العمليات!

قاطع حديثهما الممرضه التي خرجت من العمليات تركض، فركض خلفها قائلًا: 
-فيه إيه؟

-محتاجين د**م... أنا هشوف كيس دم وشوفولنا متبرعين كتير لأنها هتحتاج أكتر من خمس أكياس 
قال في سرعه:
- أنا... أنا فصيلة دمي نفس فصيلتها.

-طيب تعالى ورايا.
نظر لوالدته قائلًا:
-كلمي عيال خالتي نبيله يا ماما عشان يجوا يتبرعوا.

تبع الممرضه وترك والدته تدعو أن يمر الأمر بسلام، وحملت هاتفها تطلب رقم أختها نبيلة.

وبعد ساعه أخرى خرجت منى من العمليات كانت غائبه عن الوعي اقتربت منها أم مصطفى تقبل رأسها بحب، عدل مصطفى حجابها على رأسها وسار جوارها حتى دخلت غرفة العنايه المركزه...
________________________
في المساء 
وقفت «هدى» بالمطبخ نظرت لطبق العصير الذي أعدته والدتها لتقديمه وقالت:
-أنا مش هعرف أشيل ده هيوقع مني.

قالت والدتها: 
-مينفعش تدخلي فاضيه.

-خلاص مش داخله.
قالتها هدى، وفردت يديها اللتان ترتجفان وقالت: 
-شايفه أيده بتترعش ازاي من التوتر!

ابتسمت والدتها قائله:
-طيب هشيلهولك لحد الباب وإنتِ تدخلي بيه!
اضطرت هدى أن توافق وتنفست الصعداء قبل أن تدخل للغرفة وعيناها تجوسان في قلق، رمقت أحمد بطرف عينيها فوجدته ينظر أرضًا مبتسمًا توترت وكادت الصينيه أن تسقط من يديها لولا أن أدركها والدها وحملها، ثم قال:
-تعالي يا هدي اقعدي جنبي.
جلست جوار والدها مطرقة رأسها بحياء.

لاحت على شفتي والد أحمد «سعيد» ابتسامة رضا وقال:
-ما شاء الله تبارك الله، إزيك يا بنتي؟

رفعت رأسها وردت على استحياء:
-الحمد لله إزي حضرتك؟
-الحمد لله...
قالها سعيد، فعلق والدها مجدي:
-حضرتك نورتنا والله يا أستاذ سعيد...

-البنت منور بأصحابه يا أستاذ مجدي.

-طيب إيه رأيك نطلع البلكونه شويه ونسيب الولاد يتكلموا... وبالمره نتعرف على بعض.

نهض الإثنان إلى الشرفه، وتركا هدى تفرك يدها بتوتر...
وحين اطمئن أحمد لمغادرتهما رفع رأسه وطالعها بشوق، قال بابتسامة:
-يابنتي بطلي فرك في إيدك احمرت.
أخرج علكة من جيبه وقال بابتسامة:
-خدي دي تهديكِ شويه.

طالعته وابتسمت فما زال يذكر أنها حين تتوتر تمضغ العلكه، ابتسم لها ونظرا لبعضهما مطولًا ثم قال:
-جبتها معايا عشان عارف إنك هتكوني مرتبكه! 

لاذت بالصمت، وكان هو يُطالعها وعلى وجهه ملامح الرضا وبنظراته لمعة الحب، قال:
-أنا تقريبًا عارف كل حاجه عنك..... تحبي تعرفي إيه عني؟

ازردرت لعابها، وحمحمت بخفوت، ثم سألته:
-ليه الأستاذ مصطفى بيناديك عمر؟ 
-دا لأن أنا إسمي في البطاقه عمر... بس مشهور بأحمد.
-إيه الغبطه دي يعني أنا أقولك عمر ولا أحمد؟
قالتها بنبرة مرحه، وحين شعر أن توترها زال قال بابتسامة:
-على راحتك.
ابتسمت بحياء وعادت تنظر أرضًا، فأضاف:
-إحنا هنعمل خطوبه وكتب كتاب مش هستنا أنا ضوابط الخطوبه والكلام دا.

-كتب كتاب مره واحده!! مش لما أوافق عليك الأول.

أطلق ضحكة كالزفرة، وكان سيعلق لولا أن قاطعه رنين هاتفه برقم مصطفى للمرة الرابعة، فقال:
-أنا هرد على مصطفى أصل رن عليا كتير وأنا كنت محرج من باباكي.

أومأت رأسها، وأجاب وعينيه مسلطة عليها:
-ايه يا درش! لا مؤاخذه يا غالي.

ظنته هدى مشغولًا بالحديث فرفعت رأسها تُطابعه بطرف خفي، فتعلقت نظراتها بنظراته، وابتسما لبعضهما...

اعتدل أحمد في جلسته وانتبه أثر نبرة صديقه المهزومة الحزينة، وهو يسأله:
-إنت فصيلة دمك إيه يا عمر؟!
-ليه خير!!!

حكى له مصطفى ما حدث باختصار فصار أحمد يرشق هدى بنظرات مضطربه فهو يعلم أنها صديقة منى! تنحنح وقال:
-طيب أنا جايلك حالًا يا مصطفى...

طالع هدى وهو يحاول انتقاء كلماته قال:
-هدى... هو إنتِ شوفتِ منى النهارده؟ 
-لأ برن عليها من بدري مش بترد... ليه بتسأل؟ 
-أصل منى تعبت شويه ونقلوها المستشفى!
-تعبت!!!
أضافت بانفعال:
-أكيد بسبب قلة الأكل... مبتاكلش كويس!

-طيب أنا هستأذن عشان أروح لمصطفى في المستشفى!

-طيب هي في مستشفى إيه عشان أروحلها؟
سألته هدى وأعطاها العنوان فقالت:
-دي المستشفى إلي بنشتغل فيها! 

نهضت هدى ودخل أحمد للشرفه يحكي لمجدي وسعيد ما حدث، فقال مجدي:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم طيب يلا أنا كمان هاجي معاك...
_____________________
دخلت هدى غرفتها وأخذت تبحث عن هاتفها لتتصل على منى مجددًا علها تجيب فتطمئن عليها، ظنت أنه ربما هبوط عابر كما اعتادت أن يصيبها كل فترة طلبت رقمها لكن لا رد لفت نظرها رساله عبر الواتساب من زميلتها محتواها:
-هي دي منى؟!
ومرفق معها رابط لفيديو، وحين فتحته هدى أجفلت وشهقت بصدمة، وثبت من جلستها وقطعت الدرج مسرعة ووقفت أمام سيارة أحمد وهي تلهث وتقول:
-خدوني معاكم...
_____________________
كانت ناهد تتصفح هاتفها فلفت نظرها ذلك الفديو شاهدته مرة تلو الأخرى ثم ذهبت لوالدتها وقالت بذهول:
-شوفتي يا ماما... شوفتي يا مروى ضـ ـربوا البنت إزاي!

نظرت الأم للفديو قائله:
-دا في اسكندريه عندنا دا؟! 

كانت مروى تأكل الموز واقتربت لترى عمَ يتحدثان، جحظت عيناها وألقت ما بيدها ثم التقطت الهاتف، وقالت:
-يا نهار أبيض... دي منى! والله هي... ودا مصطفى!

سألتها الأم: 
-مين دول يا مروى تعرفيهم؟!
-أيوه منى عارفاها... الممرضه الي أخدتني من الإستقبال وأخدت بالها مني وأنا مغمى عليا... 

بدأت تتحرك بتوتر وتقول:
-أنا لازم أروحلها.

هرولت لغرفتها وأخذت ترتدي ملابسها في عجلة فدخلت ناهد وقالت:
-أنا جايه معاكِ.

قالت مروى:
-دي بنت طيبه أوي بجد... ساعات بحس إن الطيبين بيموتوا بدري...

-يا بنتي تفائلي إن شاء الله هتقوم بالسلامه.... إنتِ عارفه هنروح مستشفى إيه؟

-مكتوب على الفيس... 

وقبل أن يغادرا أوقفهما والدهما الذي فتح الباب ليدلف للبيت وقال:
-الله! لابسين ورايحين على فين؟ 
-واحده صاحبتي يا بابا حد ضربها بالسكين هروحلها المستشفى أتطمن عليها!

-لا حول ولا قوه الا بالله وهي في مستشفى إيه؟ 

وبمجرد أن نطقت مروى إسم المستشفى ارتبك، وران عليه القلق قال:
-طيب يلا هاجي معاكم.

ردت ناهد:
-بس حضرتك لسه جاي من الشغل! أكيد محتاج ترتاح شويه.
-طلما صاحبة مروى هنقلها المستشفى بتاعتي وان شاء الله اتابعها بنفسي.

رأتهم الأم فأقبلت قائله: 
-طيب إتغدوا الأول.
-هبقا أكل أي حاجه بره.... يلا يا بنات.

خرج مهرولًا، يريد إنقاذ منى من بين أيديهم، فهو طيب له مستشفى خاصة، ويعلم ما يجول خلف جدران تلك المستشفى، لكنه لم يتمكن من إثبات أي شيء عليهم...
_________________________
على الصعيد الأخر أخرجوها من العنايه المركزه متصله على الأجهزه، كانت بين يقظة ونوم، هرول مصطفى يغطي خصلات شعرها المكشوفة وسار يمينها بينما والدته على يسارها، حتى وصلت لغرفة أخرى، أغلقت الممرضه الباب بوجهه بعد أن قالت:
-ممنوع الدخول دلوقتي.

فوقف أمام الباب يضع يده على رأسه بتوتر من مظهرها الذي لا يُطمئن، بحث عن طبيب يسأله عن حالتها ولماذا أخرجوها من غرفة العناية المركزة لغرفة عاديه وهي بتلك الحاله؟!

فرد الطبيب:
-مش أنا الدكتور المسؤل والله!

غادر وتركه يقلب كفيه فاقترب منه عوض قائلًا:
-السلام عليكم.. أنا الدكتور عوض.
-عليكم السلام... طيب هي حالتها إيه يا دكتور؟
-المستشفى دي مش تبعي أنا جايلها عشان هي صاحبة بنتي وبحاول أنقلها من هنا وعايزك تساعدني.

وحين أبصرت مروى التي أشار عوض أنها ابنته وصاحبة منى! أطرق قليلًا ليفكر،في حين تركه عوض وغادر ليحاول نقلها وكانت جميع السُبل موصدة، يمنعون عوض بكافة الحيل أن يرى منى، مما أثار الريب في نفس مصطف...

وبعد محاولات عدة لرؤيتها صاح مصطفى وهو يضـ ـرب بقبضة يده على مكتب التمريض:
-أنا عايز صاحب المستشفي دي حالًا وإلا هطربق المستشفى فوق دماغكم.

عاد عوض لمصطفى وربت على كتفه هادرًا:
-متقلقش.... مش هسكت إلا لما أنقلها من هنا ايه الإهمال ده! البنت دي لو حصلها حاجه هوديكوا في داهيه.

انتاب الجميع حالة من الذعر وأخذوا يركضون هنا وهناك في قلق ومنهم من يلعن منار وخطتها تلك التي ستدمـ ـرهم تدمـ ـيرًا.
______________________________

وبعد دقائق وصلت هدى ومن معها دخلت لصديقتها مسرعة كانت المستشفى تعج بالناس منهم رجل بالخامس والستين من عمره يبكي ويقول:
-مكنتش قادر على مصاريف علاجي وكانت كل شهر تجيلي بالعلاج يارب عافيها بحق ما كانت بتعمل معايا.

وسيدة أخرى: 
-مكنتش قادره على جهاز بنتي ووقفت جنبي وكانت بتلملي من الناس عشان تساعدني.
وأخرى:
-كانوا هيطردوني من المستشفى عشان مدفعتش مصاريف علاج ابني وهي وقفت واتكفلت بكل المصاريف.

وغيرهم يدعون لها بقلوب راجية...

كانتا مروى وناهد يستمعان لحديثهم قالت ناهد: 
-أنا حبيتها من قبل ما أشوفها.... معقوله لسه فيه حد بالجمال والطيبه دي:

-ربنا يقومها بالسلامه يارب! تستحق إننا نساعدها...

أشارت مروى لمصطفى قائله: 
-شايفه الي واقف هناك دا؟ 
-ماله! 
-دا مصطفى إلي كنت بكلمه... شوفتِ خايف عليها ازاي! شكله بيحبها؟

طالعها ناهد بتعجب، متى تغيرت لتلك الدرجة؟! قالت في ذهول:
-مروى هو إنتِ كويسه؟!

أطلقت مروى ضحكة كالزفرة وقالت ببعض السخرية:
-في أحسن حالاتي... وبدعي كمان ربنا يسعدهم مع بعض.

فغرت ناهد فاها في ذهول وهي تُطالع أختها التي تُقبل نحو مصطفى لتواسيه، وازدادت دهشتها حين تناهى لسمعها قول مروى لمصطفى:
-متقلقش هتبقا كويسه، بابا قالي إنه هيتصرف وهينقلها...

سألها:
-وإنتِ بتعملي كدا ليه؟ بتساعديها ليه!!!

-يمكن أكون اتغيرت وبعدين منى عملت معايا معروف وجايه أرده...

أطرق مصطفى وقال بندم:
-مروى أنا آسف لو جرحتك أو ظلمتك معايا.... أتمنى تسامحيني.

ابتسمت مروى قائله: مسمحاك... مسمحاك يا مصطفى ربنا يسامحها كلنا.

سكتت لوهله وأردفت:
-بس باين عليك بتحب منى أوي!

قال دون أن يرفع عينه:
-من جارتي من زمان وهي أول حب في حياتي...

انصرف من أمامها حين أشار له عوض وتركها واقفه تفكر في ماضيها وتسخر مما كانت تفعله، لا تدري كيف ومتى أصبحت لا تُكن له أي مشاعر، حمدت ربها أنها استيقظت من وهم كان سيدمـ ـرها ولعل الله رحمها ونكزها لتعود كسابق عهدها قبل فوات الآوان.
__________________________
كان مدير هذا المستشفى «جابر» يجلس على مكتبه بغروره المعتاد، وقبالته عوض، قال جابر:
-عشان تاخد الحاله يبقا تدفع... إحنا كدا هنخسر فلوس كانت هتدخلنا... إيه الي يخليني أحولها عندك وأنا عندي كل الإمكانيات!

-أولًا أهلها مصممين ينقلوها ثانيًا لو مأخدتش الحاله بهدوء هعملك دوشه إنت في غِنى عنها... 

نهض جابر واقفًا وقال:
-ماشي يا عوض... بس صدقني في يوم من الأيام هتقع تحت إيدي... وساعتها مش هرحمك!

ارتسمت السخريه على ملامح عوض وضحك قبل أن يقول: 
-مش عارف المفروض مين فينا إلي يقلق ويخاف.... أنا الحمد لله ماشي في السليم... الدور والباقي عليك!

قالها عوض ونهض واقفًا، وحدج جابر بنظرات ساخرة قبل أنا يخرج من المكتب، وحين أبصر مصطفى الذي ينتظره أمام الغرفة مترقبًا، ربت على كتفه وقال:
-هنقلها من هنا حالًا...
ــــــــــــــــــــــــــــــ

في اليوم التالي في مستشفى الدكتور عوض...

اكنئن قلب مصطفى قليلًا حين علم أنها عادت لوعيها، وقف خارج الغرفة مع سيف وسعد فقال سيف:
-أنا عايز أخد أقوالها... لكن قبل أقوالها هروح أشوف حالتها من الدكتور عوض وأخد منه التقرير.
-وأنا هروح الحمام على ما تخلص.
قالها سعد، فابتسم مصطفى وقال ممتنًا:
-معلش يا جماعه تعبتكم معايا.

ربت سيف على كتفه وقال:
-تعب إيه دا شغلي يا مصطفى.

قال سعد:
-ودا مش شغلي بس قولت أجي أشوفكم عشان لو محتاجين متبرعين بالدم... يلا الحمد لله جت سليمه.

تحدثوا قليلًا وانصرف كل منهم باتجاه، سعد للمرحاض وسيف بحثًا عن عوض، ومصطفى لغرفة منى بعدما نادته والدته...
ــــــــــــــــــــ
وفي غرفةٍ أخرى اقتربت مروى من أختها المستلقية على الفراش، تغلق جفونها لكنها مستيقظة منذ دقائق، قالت مروى:
-أنا هموت وأنام... منمتش طول الليل ياريتني سمعت كلامك ومشينا.

اعتدلت ناهد جاسة وقالت:
-تعرفي يا مروى أنا حاسه إني لسه بتعرف عليكِ! 

ابتسمت مروى سائلة بسخرية:
-ليه يعني؟
-يعني مساعدتك لمنى... وتبرعك بالدم من غير تفكير... فاجئتيني!! كنت فاكراكِ مش هترجعي مروى بتاعت زمان... مروى أختى... البنت اللي الكل بيحلف بأخلاقها واحترامها.

ابتسمت مروى بزاوية فمها وقاطعها طرقات على باب الغرفة ثم دخول والدهما وقوله:
-يلا أوصلكم البيت انتوا تعبتوا الليلة دي...

نهضت ناهد واقفة وقالت:
-طيب ثواني هروح أغسل وشي وأعدل الطرحه وأجي.

طالعت ناهد أرجاء الغرفة وأردفت:
-الاوض كلها فيها حمام إلا أوضتنا للحظ السيء مغلق للصيانه...

قالتها وضحكت ثم خرجت من الغرفة تبحث عن مرحاض، فخاطبت مروى والدها:
-هو كدا معدش فيه خطوره على حياة منى يا بابا؟

-إن شاء الله هتبقا كويسه... هنعدي نشوفها قبل ما نمشي.

أردف عوض بإعجاب:
-بس أنا مبسوط منك عشان بتعرفي تختاري أصحابك... البنت دي محترمه أوي..

ابتسمت مروى وتنفست بارتياح، بينما أجاب والدها على رنين هاتفه وشردت تُحدث نفسها أنها أحرزت هدفها الأول وستكون دومًا فخرًا لأبيها...

خرجت مع والدها من الغرفة تتأبط ذراعه فأوقفهما دويّ صوت تعرفه جيدًا ينادي والدها، اشتد اضطرابها حين وقف قبالة والدها وقال:
-السلام عليكم انا ملازم أول سيف عبد الحميد ممكن أخد من وقت حضرتك دقيقه...
_______________________
على جانب أخر دخلت ناهد الحمام وأوصدته من الداخل خلعت حجابها وغسلت وجهها ثم شرعت في تعديل الحجاب لترتديه مرة أخرى تزامنًا مع فتح أحدهم لباب المرحاض الذي خلفها وظهور سعد وهو يُهندم ملابسه، أجفلت ووضعت الحجاب على رأسها لتغطي شعرها وهي تصيح:
-إنت إزاي تدخل حمام السيدات؟!

نظر سعد لأرجاء المرحاض باضطراب ثم قال بلججة:
-لأ حضرتك إللي داخله غلط! مرسوم بره علامة راجل أنا متأكد... 

تعليقات