
رواية فرح فهيمه الفصل السابع7 بقلم ايه شاكر
فرح مين هو حضرتك ناوي تتجوز؟!
حضرتي ناوي أفرح بيكِ
أردف وهو يسند بمرفقيه على الطاوله:
- يوسف عاوز يعمل فرحه مع أخته؟!
الحلقة السابعة
#رواية_فرح_فهيمه
بقلم آيه شاكر
شهقت فرح بصدمه وقالت:
-لأ طبعًا يا جدو بابا عمره ما هيوافق.
سند الجد ظهره للخلف قائلًا:
-باباكِ موافق.
فتحت فاها بصدمه وقال:
-يبقا ماما مش هتوافق.
قطب جبينه وعقب:
-أمك موافقه!
شهقت بقـ وة وهبت واقفه وهي تقول:
-يبقا أنا إلي مش هوافق أنا مستحيل أتجوز دلوقتي أنا هبدا امتحانات الميد ترم بعد بكره وهقعد أمتحن لشهر قدام...
-امتحانات ايه هو إنتِ فالحه في حاچه أنا نفسي ألاقيلك حاچه كدا متميزه فيها مش لاقي دا إنتِ أفشل خلق الله.
ابتسمت ابتسامة صفراء قائلة:
-دا كتير عليا والله... كل المدح دا عشاني!
ضحك الجد وقال:
-يلا يا أم لسان طويل إلبسي وروحي مع جوزك واعملي حسابك الفرح الإسبوع الجاي.
ابتلعت ريقها وقالت:
-بس أنا فعلًا مش جاهزه تقدر تقولي فين جهازي و... وفين فستان الفرح؟
-جهازك كله جاهز في الأوضه إلي فوق أنا مجهزه بنفسي من زمان.
أردف وهو ينهض منهيًا الحوار:
-وفستان الفرح أمك اختارته امبارح والكوافير يوسف حجزه يعني كل حاجه جاهزه..
صفقت بيدها وقالت:
-الله الله دا انتوا رتبتوا كل حاجه من غير حتى رأيي!
حملقت أمامها لبرهة وقالت بوعيد:
- ماشي يا شهناز.
هرولت لأعلى وأخذت تنادي والدتها ، دخلت للمطبخ تبحث عن والدتها وعندما لم تجدها أفرغت غضبها في إخراج الأواني من المطبخ وقذفها بالأرض لتصدر ضجيج مرتفع...
سمعت والدتها الضجيج وهي تدخل من باب الشقه فهرولت نحو المطبخ وهي تصيح:
-يا بت حرام عليكِ أنا لسه مخلصه ترتيب الحلل!
-عاوزاني أتجوز يا شهناز زهقتي مني خلاص..
حاولت شاهيناز سحبها لتتراجع عما تفعل وهي تقول:
-إنتِ هـ ـبله يا بت مالك ومال الحلل!
وقفت فرح بعد أن أخرجت أخر وعاء بالمطبخ ورجعت بجزئها العلوي للخلف ثم صفقت بيديها كأنها تردح:
-مهي الحلل ده أكتر حاجه توجعك يا شهناز يا مرات أبويا...
اتجهت فرح لمكان الأطباق ودفعتها بالأرض بعنف فأصدرت ضجيجًا مرتفعًا وأخيرًا تنفست بعمق وهي تقول بارتياح:
-بس كدا مطبخك كله أهوه بقا على الأرض...
صرخت شاهيناز بقـ وة، فركضت فرح بأرجاء الشقه وهي تقول:
-اعقلي يا ماما...
-هو إنتِ خليتِ فيا عقل يا بنت هشام.
قذفت شاهيناز الحذاء صوب فرح ففتحت فرح يدها والتقطته ببراعة وقفت فرح بشموخ قائله بابتسامة سمجه:
-فعلًا لما تنشن لازم تنشن صح... براڤو يا شوشو...
صرخت شاهينار وركضت خلفها تريد إفراغ شحنة غضبها بأي وسيلة، ركضت فرح لتدخل غرفتها وأغلقت الباب ثم أخرجت رأسها من الباب قائلة:
-أسيبك بقا ترتبي موعينك وألبس عشان أروح مع قرة عيني عزال أخته..
انحنت شاهيناز لتحمل حذائها مجددًا وقذفه نحوها فأغلقت فرح باب الغرفه قائله:
-يا خساره معرفتيش تنشني يا شوشو...
ارتدت فرح فستانها لتخرج مع يوسف، نظرت لنفسها بالمرآه وخاطبت حالها بنبرة مسموعة:
-طيب بزمتك مش بتحبيه؟
تنهدت بعمق وردت على نفسها:
-حتى لو بحبه مش لدرجة أتجوزه يعني!
زفرت بحنق قبل أن تفتح باب غرفتها وتخرج وما أن أغلقته خلفها حتى أبصرت والدتها تقف على بابها حاملةً بيدها سلك طويل وواضح انها تنوي على كل خير، ابتسمت فرح ابتسامة صفراء قائله:
-مالك يا ماما يا حبيبتي واقفه كدا ليه؟!
رفعت شاهيناز السلك وضـ ـربتها على ظهرها فتأوهت فرح وهي تتحسس ظهرها قائله بألم:
-آه... بيلسوع يا ماما.
عقبت شهناز بغضب عارم:
-ما أنا عارفه يا روح أمك.
ركضت فرح أمام والدتها صارخةً، ولم تتركها شاهيناز بل أخذت تضـ ربها مرة بعد الأخرى وفرح تصرخ أمامها، ليقاطهما دوي جرس الباب ودخول نوح، ركضت فرح مسرعه نحوه وتتبعها والدتها التي تقول:
-دا أنا هجوزك الصبح عشان أرتاح منك.
فرح لاهثة:
-نوح أبوس إيدك وديني على بيت حبيبي نعيش مع بعض فيه...
ضحك نوح وتنحنح وهو ينظر ليوسف الذي يقف جواره ثم قال:
-إتفضل أدخل يا يوسف.
نظرت شاهيناز ليوسف قائله:
-تعالى يا يوسف إنت مش غريب يا حبيبي.... لازم تشوف إلي هي عملته..
أصرت شاهيناز على يوسف أن يتبعها للمطبخ وأخذت تشير للأواني المبعثرة قائلة:
-كل ما الأستاذه تلاقي نفسها متوتره تدخل تقلبلي المطبخ بالشكل ده!
ابتسم يوسف ثم رمق فرح في سرعه وهي منكسة الرأس بخجل وقال:
-ربنا يطمنك يا طنط.
__________________________________
-صحيح إلي أنا سمعته ده يا حنان يوسف هيجوز البت دي الأسبوع الجاي؟
قالتها حبيبه بكثير من الحزن والأسى بعد أن فتحت لها أختها باب الشقه ودخلت كاللثور الهائج، فقالت حنان بنبرة هادئه لتطمئنها:
-يابت كام يوم وهيطلقها وهيخلالك الجو.
زمت حبيبه شفتيها بحنق وقالت:
- أنا مش مرتاحه للبت دي شكلها مكاره وهتاخده مني! خطافة الرجاله دي!
عقبت حنان بتهكم قائله:
-يعني هو مـ ـيت عليكِ يا حزينه دا ما بيبصش في وشك... ما إنتِ إلي حاسبه مش عارفه تلفتِ نظره ليكِ!
حين شعرت حنان بحزن أختها أردفت:
-متقلقيش أنا هتصرف اصبري واتفرجي...
عقبت حبيبه بسرعه:
-هتعمليلها عمل؟!
نظرت للفراغ بحقد قائله:
-لأ أنا مش عاوزه أروح السكه دي دلوقتي أنا هعملها الأصعب من العمل لحد ما تطلب الطلاق بنفسها!
-طيب قوليلي ناويه على ايه وأنا أساعدك..
-هقولك أنا ناويه على..............
__________________________________
ركبت فرح خلف يوسف الدراجه الناريه وهي تتمتم بكلمات كأنها توبخه ظل صامتًا فقطعت فرح الصمت قائله:
-أنا عايزه أعرف إنت عاوز مني ايه؟
-عاوز منك ايه؟!
-حد قالك إني عايزه أروح العزال... وكمان تطلب الجواز يبقا الأسبوع الجاي من غير ما تاخد رأيي حد قالك إني عايزه أتجوز دلوقتي؟
لم يرد عليها وأكمل طريقه إلى أن لاحظ خلو الطريق من الماره فأوقف الدراجه والتفت لينظر بعينيها مباشرة قائلًا:
-فرح إنتِ معندكيش أي مشاعر ناحيتي يعني مش متقبله وجودي في حياتك!
أشاحت بصرها عنه وتلعثمت قائلة:
-حضرتك شخص محترم واي واحده تتمنى شريك حياه زيك بس...
قاطعها قائلًا بنبرة هادئة:
-بس أنا مش عايز أي واحده يا فرح أنا عايزك إنتِ..
كان يحدق بملامحها ليتفرس رد فعلها، وحين طال صمتها استطرد:
-تقبلي تتجوزيني يا فرح؟
ازدردت ريقها بتوتر وعدلت من وضعية نظارتها كعادتها عندما ترتبك ثم اومأت رأسها وهي تقول:
-طلما جدي قرر وبابا وافق أنا مليش إني أعترض!
-يعني إنتِ موافقه تتجوزيني عشان جدك وباباكِ بس!!
عدلت من طرف حجابها بتوتر وأخفضت بصرها قائله بجديه:
-بص يا دكتور أنا معرفش حضرتك بس الي أقدر أقولهولك إني ممكن أ...
وقفت الكلمة على طرف لسانها حين رفعت عينيها عن الأرض فوجدته يحدق بها مبتسمًا فقال من بين ابتسامته:
-أنا عايز منك إجابه بكلمه واحده أيوه أو لأ!... موافقه نتجوز؟
أومأت رأسها بإحراج قائله:
-أيوه
استدار وهو يقول:
-ماشي يا فرح يعني مبدأيًا موافقه على الجواز والحب كدا كدا هيجي...
كان يتحدث بثقة كبيرة تنهدت فرح بارتياح حين قام بتشغيل محرك الدراجه وانطلق نحو شقة أخته على الأقل ستهرب من نظراته الآن!
مر اليوم هادئ بدون أحداث كثيره سوى أنها جلست قليلًا معهم وأخذها نوح للبيت مرة أخرى...
____________________________
وفي اليوم التالي
كان حفل كتب كتاب نوح ومريم بعد أن اتفقوا على تقديم كتب كتابهم حتى يستطيعون التجهيز لزفاف فرح المفاجئ...
ارتفعت أصوات الزغاريد واقترب العريس يضم العروس ويدور بها بحب مع كثير من التصفيق...
ابتسمت فقد كُتب كتابها بطريقة عجيبه فكانت تمضي الأوراق بينما تلتهم ثمرة الجزر بدون أي مشاعر، تنهدت بحيره وخرجت من المكان، كان يتابعها بعينيه فتتبعها...
-مبروك لنوح.
انتفض قلبها عند سماع صوته نظرت خلفها وعقبت بنبرة هادئه:
-الله يبارك فيك...
مسح شعره وهو يقول بابتسامة:
-إحنا محتاجين نعيد كتب الكتاب بتاعنا تاني
-تصدق فعلًا
قالتها بابتسامة.
_____________________________
وفي يوم الزفاف فتحت فرح عينها ونظرت لساعة الحائط التي كانت العاشرة صباحًا، ستنهي امتحانها وتذهب لصالون التجميل ثم بعدها لبيته أو بيتها الجديد، هبت واقفه فجأة لكن انتابتها تلك الحاله والدوخه مجددًا، وضعت يدها على رأسها وسندت يدها على الحائط تلك الحاله التي بدأت تشعر بها مؤخرًا كلما قامت من مكانها، وقفت لدقيقتين حتى عاد لها توازنها فلا بد من الوصول للجامعة في خلال نصف ساعه لإمتحان الميدترم، ارتدت ثيابها مسرعة وخرجت من غرفتها فوجدت والدتها في المطبخ مع خالتيها، هتفت قائله وهي ترتدي حذائها:
-أنا ماشيه يا ماما عشان عندي امتحان
خرجت والدتها من المطبخ قائله:
-طيب استني افطري
عقبت فرح وهي تفتح الباب:
-لأ مليش نفس همتحن وأجي علطول عشان أفطر قبل ما أروح الكوافير
خرجت خالتها من المطبخ مع زرغوده ثم قالت:
-دي زغرودة الإمتحان يا بت يا فرح إن شاء الله هيكون سهل
ابتسمت فرح قائله:
-يارب يا خالتو
خرج نوح من غرفته وناداها قائلًا:
-استني يا فروحه أنا رايح عند الجامعه اركبي معايا
عقبت بتوتر:
-طيب يلا بسرعه عشان الامتحان كمان نص ساعه
خرج معها مسرعًا وأثناء الطريق نظر لها وهي منشغلة بالمذاكره وهتف:
-فرح...
ردت بدون أن ترفع عينها عن الكتاب
-نعم
رمقها في سرعه ثم نظر أمامه قائلًا:
-إنتِ مبسوطه؟! موافقه على الجوازه دي؟
ابتسمت قائله:
-حتى لو موافقتش خلاص كل حاجه اتحددت وأنا لا يمكن أكسر كلمة بابا وجدو
سألها نوح:
-يعني إنتِ مش موافقه على يوسف؟! علفكره يوسف شاب محترم ومتربي وصدقيني هيحافظ عليكِ
ابتسمت وقالت ساخره:
-الكلام دا متأخر أوي يا نوح لأنه أصلًا بقا زوجي
-كبرتِ يا فرح بجد مش مصدق إن النهارده فرحك
نظرت له فرح قائله بقلق:
-ولا أنا والله مصدقه أنا قلقانه ومتوتره أوي
نظر لها مطمئنًا وقال:
-متقلقيش يا قلبي هتبقي اجمل عروسه
_____________________________________
انتهت من امتحانها وخرجت من المدرج، جلست على الدرج أمام الكليه، حتى سمعت اسمها من بين شفتي أحدهم:
"أنسه فرح... لو سمحتِ"
استدارت تنظر لذالك الشاب الذي يهتف بإسمها، فقد كانت تجلس على الدرج لتتأكد من إجابتها بالإختبار والتي كان معظمها خطأ زفرت بحنق من هذا الشاب الذي يتابعها منذ وصولها للجامعه وهتفت ببعض الحده:
-نعم!
عقب بابتسامه:
-ممكن أراجع معاكِ الإمتحان؟
زمت شفتيها بحنق قائله:
-لأ لأني مش فاضيه!
قامت من مكانها لتعود لبيتها لكن تلك الدوخه انتابتها مجددًا، فسندت يدها على الجدار جوارها تنتظر ليعود اتزانها ككل مره لكن قد طالت تلك الحاله وظلت واقفه مكانها لفتره، وعندما لاحظ الشاب حالتها هتف:
-إنتِ كويسه يا أنسه فرح؟!
اومات رأسها لأسفل بدون أن تنبث بكلمه، فرأها يوسف الذي حدق بها زامًا جفونه بتركيز عله يعرف ما أصابها! ومن هذا الشاب الذي يقف قبالتها؟ اتجه صوبها مسرعًا ليصل لمسمعه حديث ذلك الشاب الذي قال:
-أنسه فرح مالك؟!
حدجه يوسف بنظرات غاضبه وضغط على أسنانه قائلًا:
-مدام فرح مش أنسه.
تلعثم الشاب قائلًا:
-متأسف مكنتش أعرف... هو حضرتك قريبها يا دكتور؟
اومأ يوسف رأسه لأسفل متحدثًا بجديه:
-أيوه أنا زوجها.
تلعثم الشاب من صدمته وهتف قائلًا:
-ا...طيب بعد إذن حضرتك..
رمقه يوسف بابتسامة سمجه فقد رأى سهام تلك النظرات التي يرمي بها نحو فرح، عاد الشاب لصديقه وهو يزفر بغضب قائلًا:
-يا عم دا طلعت متجوزه ومش متجوزه أي حد دا متجوزه الدكتور!
ضحك الشاب الأخر قائلًا:
-طلعها من دماغك بقا يا حلو!
-مش قادر البت دي عجباني أوي يا أحمد!
تنفس يوسف بعمق ونظر لفرح التي أغمضت عينيها وسندت بكل جسدها على الحائط وهتف قائلًا بلهفه:
-مالك يا فرح؟!
ردت بتعب:
-مش عارفه دايخه ليه!
سندها يوسف فرميت جسدها عليه بعدم اتزان ليبدأ الطلاب يرمقونهم مصدرين همهمات وضحات خافتة، لم يأبه لكل النظرات حولهما وسندها لفتره حتى استعادت اتزانها وابتعدت عنه قائله:
-تقريبًا الدوخه دي عشان خرجت من غير فطار!
دقق النظر لها بقلق وقال:
-ليه كدا يا فرح أخر مره تخرجي من غير فطار وبعد كدا أنا إلي هفطرك بنفسي.
ابتسمت ولم تعقب فأردف هو:
-يلا عشان أوصلك..
-متقوليش إن إنت معاك المكنه "الدراجه الناريه"
ابتسم قائلًا:
-للأسف هتضطري تركبي ورايا
ابتسمت قائله:
- أنا أصلًا متوتره لوحدي ومش حمل أي توتر تاني.
-متوتره ليه بس متقلقيش إن شاء الله كله خير
_____________________________________
لماذا يمضي الوقت بتلك السرعة؟! كانت تنظر لإنعكاس صورتها بالمرآه بعدما تزينت بالمكياج الخفيف واتدت فستانها الأبيض الرقيق، لا تعلم لم تشعر بغصة تتلوى بحلقها فهي الآن عروس!! لم تخطط يومًا لمثل هذا اليوم وكأنها تعتقد أنها لن تتزوج أبدًا لكنه تقدير الله وترتيب القدر.
كم كانت تتمنى حضور حفل زفاف بالريف لكن لم تتخيل أن أول حفل ستحضره هو حفل زفافها! حسنًا فلا تريد البكاء الآن؛ حتى لا ينتزع مكياجها تنفست بعمق وزفرت الهواء من رأتيها حتى قاطعها قول يُسر:
-العريس وصل.
اقترب كل عريس ليأخذ عروسه...
-ايدك بترتعش يا فرح إنتِ كويسه؟
ازدردت ريقها بتوتر وأجابته:
-مفيش بردانه شويه.
وبعد زفة سيارت كبيرة وصلت فرح لبيتها الجديد، عانقتها والدتها وقالت:
-هتوحشيني يا شقيه...
نظرت ليوسف والدموع تفيض من بين أهدابها وأردفت:
-دي أمانه عندك يا يوسف خلي بالك منه.
-في عنيا يا طنط.
لم تستطع فرح كبح دموعها ولا السيطره على شهقاتها التي خرجت من فمها وهي تتشبث بيد والدتها وتقول:
-لا يا ماما مش عايزه أتجوز خدوني معاكم بالله عليكِ.
نظرت فرح ليوسف:
-أرجوك سيبني أرجع معاهم انا مش عايزه أتجوز خلاص.
كبح والدها دموعه وضمها ليربت على ظهرها قائلًا:
-اطلعي يا فرح مع جوزك الله يهديكِ..
نظر لزوجته قائلًا بنبرة مهزومة:
-يلا يا شاهيناز.
-لا يا بابا متسيبنيش هنا أنا خايفه.... يا بابا أنا خايفه أوي.
ضغطت جملتها ذر حزنه فتدفقت الدموع على وجنتيه،لم يستطع والدها كبح دموعه لم يلتفت لها فلو نظر حدقتيها الدامعه مرة أخرى سيضعف ويأخذها معه لبيته غير آبه لأي شيء.
اقترب منها نوح عاتقها وربت على ظهرها بحنان قائلًا بابتسامة مرحة:
-متعيطيش يا بت أنا مش ماشي أنا هبات معاكم النهارده...
اقترب يوسف ليمسك يدها فسحبتها في سرعه كأنها تعاقبه لأنه أخذها من أهلها! حملها نوح بخفه قائلًا بمرح:
-إيه رأيك بقا أنا إلي هشيلك وأطلعك الشقه بنفسي...
حملها نوح حتى فراشها قبض على يدها الباردة كالثلج، ومسح دموعها بأصابعها وقال:
-إهدي يا فرح إنتِ مش طفله صغيره دا بقا بيتك والي بره ده جوزك..
هتفت من خلف دموعها بصوت متحشرج:
-متقوليش بيتي ومتقولش جوزي... بالله عليك خدني معاك يا نوح...
تنهد نوح بألم من حالة أخته تلك ووقف قائلًا:
-مينفعش يا فرح... مينفعش اهدي بقا بالله عليكِ متوجعيش قلبي.
أردف بعد زفرة:
-أنا همشي يا فرح وهجيلك الصبح... خلي بالك من نفسك.
هبت واقفه ومسكت يد نوح قائله برعب:
-متسيبنيش معاه لوحدي بالله عليك.
أفلت نوح يده من بين يديها وهتف قائلًا:
-يوسف راجل يا فرح وأنا عارف إني سايب أختي مع راجل محترم هيحافظ عليها.
قبلها من مقدمة رأسها وقال:
-تصبحي على خير يا فروحه...
تركها تبكي وخرج من الغرفه وهو يرمقها بإشفاق، سالت الدموع من عينيه ونظر ليوسف قائلًا:
-بالله عليك تاخد بالك منها يا يوسف.
ضمه يوسف قائلًا:
-والله في عنيا يا نوح.
وبعد أن خرج الجميع وقفت فرح بهلع تنتظر دخوله لغرفتها، نظر لها يوسف قائلًا:
-ممكن تهدي بقا يا فرح عشان لازم نتكلم.
كانت تتنفس بعـ ـنف وتشهق بالبكاء وهي تقول:
-أرجوك سيبني دلوقتي... أخرج وسيبني شويه لو سمحت...
قالت أخر كلمتين وهي تضغط عليهما، فاقترب منها فزجرته وعادت خطوتين للخلف هادرةً:
-قولتلك سيبني لوحدي.
-يا بنتي اهدي إنتِ خايفه من إيه والله ما هعملك حاجه.
اقترب مجددًا فعادت للخلف بخوف وهي تمسح دموعها وتقول:
-لو سمحت متقربش واطلع بره...
تركها وخرج من الغرفه متمتمًا:
-هي ليله باينه من أولها!
__________________________________
خرج ليجلس بالغرفة الأخرى ليتركها تهدأ، فمسحت فرح دموعها ونظرت لنفسها بالمرآة قائله:
-أنا جعانه أوي
خرجت من الغرفه وبحثت عن المطبخ حتى وصلت إليه ودخلت تبحث عن طعام ليقاطعها فجأة صوته:
-بتعملي ايه يا فرح؟
وضعت يدها على صدرها قائله:
-حرام عليك خضتني..
تلعثمت قائله:
-أنا باكل مأكلتش من الصبح.
سند يده على جدار المطبخ ورفع إحدى حاجبيها لأعلى قائلًا:
-إلي يشوفك بتعيطي من شويه يقول هتدخلي في نوبة اكتئاب حاد
مضغت الطعام وهي تقول:
-يعني أكتئب على معده فاضيه!
حرك يديه قائلًا بسخرية:
-لا طبعًا ميصحش
تركها تأكل وخرج متمتمًا:
-دا انفصام في الشخصيه رسمي.
كانت تقف بفستانها تلتهم الأكل باستمتاع، دخل يوسف غرفته ليأخذ شاور ويبدل ملابسه ثم عاد إليها ليتفاجأ أنها مازالت تأكل فقال متعجبًا:
-إنتِ هتقضي الليل كله بتاكلي ولا إيه؟
كان فمها ممتلئًا بالطعام فردت قائله بصوت مكتوم:
-بصلي بقا في الأكل بقا!
ضحك قائلًا:
-طيب ممكن أكل معاكي؟
سحبت الأكل نحوها وهي تقول:
-أنا بحب الحمام عشان كدا هاكله كله.
زم شفتيه بغضب مصطنع:
-طيب هاكل أنا من البط وأمري لله.
سحبت وعاء الطعام الاخر قائله:
-أنا بحب البط برده وهاكله.
وضع يده حول خصره قائلًا:
-طيب وأنا أكل ايه؟
بلعت ما بفمها من طعام وهتفت:
-شوف أمك عملتلك أكل ايه وكله إنما الأكل دا كله أمي الي عملهولي.
ضحك قائلًا:
-أنا امي معملتش غير عصير.
هزت رأسها قائله:
-خلاص اشرب عصير.
ضحك وهو يسحب الاكل من أمامها ويأكل وهو يقول:
-لذيذ فعلًا بصي احنا هنقسمه بالنص.
هزت عنقها باستنكار وقالت وهي تمضغ الطعام:
-قال الاكل من عند أبونا والغرب بيقاسمونا.
انفـ ـجر يوسف بالضحك قائلًا:
-بصي متحاوليش لأني هاكل يعني هاكل.
تركته فرح مبتسمه واتجهت للحوض لتغسل يديها قائله بجديه:
-أنا بهزر معاك يا دكتور الأكل كله تحت أمرك أنا شبعت.
تركته يأكل ودخلت غرفة النوم، وعندما يأست أن تنزع الفستان لحاله اتجهت للمطبخ تبحث عنه فوجدته يشرب عصير، قالت:
-حضرتك سمعت كلامي وشربت عصير ولا إيه؟!
-لا متقلقيش أنا قومت بالواجب وأكلت وقولت أحلى..
ابتسمت ولم تعقب وظلت واقفه تنظر إليه للحظات ثم تنحنحت بإحراج قائله:
- دكتور هو أنا ممكن أطلب من حضرتك طلب؟
زفر بقوه قائلًا بامتعاض:
-ياريت تشيلي الألقاب يا فرح اسمي يوسف وبدلي حضرتك بإنت وكدا يبقا زي الفل...
-اعذرني أنا مش عارفه اشوفك غير الدكتور بتاعي بس أكيد هتعود يعني.
-طيب اتفضلي اطلبي
تنحنحت وحكت أنفها وهي تنظر أرضًا قائله:
-ممكن تخلعني الفستان عشان اتخنقت منه ومش عارفه أخلعه!
-أنا مبعملش حاجه ببلاش شوفي هتديني ايه بالمقابل؟
-بس أنا معيش فلوس خالص حتى موبايلي نسيته في البيت!
ابتسم وأخذ يساعدها بفك فستانها وحجابها فهتفت قائله:
-بس يا دكتور شكرًا لحد كدا وأنا هكمل...
أومأ وانتبه لهاتفه الذي أضاء برقم عمه، نفخ بحنق وخرج من الغرفه ليرد عليه وبعد السلام قال سليمان:
-أنا نقلت الشقتين باسمك زي ما اتفقنا ولما تطلقها الأراضي كلها هترجعلك...
-ماشي يا عمي.
-مبروك يا عريس.
قالها عمه بسخرية، وأطلق يوسف ضحكة كالزفرة قبل أن يرد:
-الله يبارك فيك.
أغلق الهاتف ثم قذفه جانبًا، سرعان ما تبدل تهكمه لفرحه وتنهد بارتياح قائلًا:
-على الأقل بقا عندي بيت.... ماشي يا عمي...
استلقى على الفراش ليرتاح قليلًا لحين انتهاء فرح مما تفعل وجذبه النوم..
على جانب أخر ارتدت منامتها الشتويه وفردت شعرها الكيرلي البني الفاتح والمشذب بعنايه ليدفئ عنقها كما تقول دائمًا!
بحثت عنه فوجدته مستلقي على السرير بحجرة أخرى تحتوي على سريرين ومكتب صغير ودولاب صغير، دخلت الغرفه تتسلل على أطراف قدميها ولوحت بيدها أمام وجهه لتتأكد أنه نائم، جلست جواره على طرف الفراش الأخر بهدوء شديد واستلقت في محاولة فاشلة للنوم سرعان ما نهضت مجددًا بهدوء وجلست أمام التلفاز تقلب بين قنواته بملل شديد وبعد ما يقرب من ساعه همست لحالها:
-مفيش حاجه هتضيع الملل ده إلا الأكل!
دخلت المطبخ وبحثت عن مسحوق القهوه التي أوصت والدتها بإحضاره فجذب انتباهها ذرة الفشار ابتسمت بسعاده وهي تأخذه، بحثت بين الأواني ثم أشعلت الموقد لصنع القهوة والفشار...
وبعد فتره كانت تجلس أرضًا وبجوارها وعاء الفشار وعلى الطاولة أمامها كوبين من القهوة...
-قفشتك بتعملي ايه؟
أجفلت أثر صوته، وضعت يدها على صدرها قائله:
-للمره التانيه بتخضني ابقى كح أصل أنا كدا هقطع الخلف...
-حاضر المره الجايه هكح عشان عاوزك تمليلي البيت ده كتاكيت...
ابتسمت بحرج ولم تعقب فسألها:
-بتعملي إيه بقا؟!
قالت بحمـ اس:
-بسمع فيلم تعالى اتفضل بيتك ومطرحك
أردفت:
-علفكره عملتلك قهوه معايا وعملت حسابك في الفشار.
-كدا خبط لزق من غير ما تاخدي رايي؟!
-وإنت يعني إنت كنت أخدت رأيي في حاجه دا حتى الفستان جايبه على ذوقك.
ابتسم ورفع إحدى حاجبيه وهو ينظر لها:
-بتردهالي يعني!
أومات رأسها لأسفل قائله بسخريه لطيفه:
-اه بردهالك يعني...
جلس جوارها أمام التلفاز وكان الصمت هو سيد الموقف لكنهما يسترقان النظر لبعضهما من حين لأخر فقطع يوسف الصمت قائلًا:
-ممكن أسالك سؤال؟
-لأ مش ممكن؟
ابتسم وسألها بكل هدوء وكأنها سمحت له:
-هو إنتِ ليه ملبستيش طرحه؟!
لمست شعرها وهي تقول بقلق:
-شعري مش عاجبك!
-لا مش قصدي كدا... يعني أنا بصراحه توقعت إنك هتلبسي عبايه وطرحه وفوقيهم إسدال إحراجًا مني يعني!
ضحكت قائله:
-جدع متتوقعش تاني بقا...
ضحك هو الأخر قائلًا:
-لسانك طويل أوي يا فرح.
وضعت يدها على فمها لتكتم ضحكتها قائله:
-هي دي مشكلتي فعلًا!
خيم الصمت عليهما مجددًا لدقيقه فقطعته هي قائله:
-صحيح يا دكتور بما إنك متعود على القاهره حاسس نفسك غريب هنا؟! أصل أنا بحس بالغربه هنا أوي!
هز رأسه بالنفي وقال بمكر:
-أنا الغريب بأرضٍ لا أراكِ بها.
ارتبكت وعادت تأكل بصمت وهي تتظاهر بإنشغالها بالفيلم، فابتسم بمكر وشاركها الأكل وبعدما فرغ وعاء البوشار قررت أن تنتهز الفرصه وتهرب من نظراته بأخذ الوعاء للمطبخ، حاولت رفعه عن الأرض فلم تستطع، وهنا أدركت حجم الكارثه وضحكت ببلاهه وهي تبدل نظرها بينه وبين الوعاء قائله:
-الحله لزقت في السجاده!