رواية وما معني الحب الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ايه شاكر

رواية وما معني الحب الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ايه السيد شاكر

إنتِ إزاي تكلمي مراتي كدا

طالعته هدير بصدمة وترقب، وما أن تلاقت أعينهما طمئنها بإماءة حفيفة، فأشاحت وجهها بعيدًا وصمتت على مضض.

ارتبكت السكرتيره وتجهم وجه فاتن، حين أردف معاذ بنبرة غاضبة:
-فين المدرس المسؤول عن السنتر دا؟ 

ردت السكرتيره بتوتر: 
-مـ... مش موجود!

انحنى يُلملم الصورة المبعثرة أرضًا ثم رفع رأسه بثقه وهو يبدل نظراته بين للطلبه وأخذ يشرح لهم قائلًا: 
-الصور دي مفبركه... إنتوا عارفين إنه مع الذكاء الإصطناعي بقا سهل جدًا يتركب صور لأي حد بطريقه احترافيه!

ارتفعت أصوات الهمهمات، يتهامسون مؤيدين لقوله، نظر معاذ لهدير وأضاف 
-أنا وهدير قرايب... واتكتب كتابنا من فتره... وإن شاء الله الفرح بعد امتحاناتها...طبعًا كلكم معزومين...

قال أخرجمله وقبض على يد هدير ثم رمق السكرتيرة شزرًا وقال:
-يلا يا هدير إحنا ميشرفناش تاخدي درس هنا.

كادت فاتن تنفـ ـجر من شدة غيظها، فقد باءت خطتها بالفشل الزريع، بل أنا هدير أحرزت هدفًا لصالحها حين تزوجت من هذا الوسيم معاذ.

كاد يخرجان من الدرس فتناهي لسمعهما صوت السكرتيره الغاضب وهي تخاطب الطلبة:
-انتوا واقفين تتفرجوا على إيه؟ يلا كل واحد يركز في ورقته...

تلى قولها ضـ ـربة مدوية بقبضة يدها على المكتب في غيظ.

ابتسم معاذ فقد نجح في إثارة غضبها، وتلاشت ابتسامته حين سحبت هدير يدها منه والجمود يرتسم على ملامحها الرقيقة، فوقف قبالتها يتأملها لبرهة ثم قال بفخر:
-حرقتلك دم أمها.

أطلقت هدير ضحكة كالزفرة وقالت بتهكم:
-إيه الي جابك هنا؟ 

عدل نظارته الطبيه ونظر بعينيها قائلًا:
-بصراحه كنت ماشي وراكِ!

أدمعت عيناها، لكنها حاولت تمالك حالها حين قالت وهي تُصر على أسنانها:
-إنت السبب في الي أنا فيه!

ارتشفت دموعها فمد يده ليلحق بدمعة أخرى فرت من عينيها، فأجفلت وعادت خطوتين للوراء ثم جففت دموعها وقالت بحده وانفعال:
-إنت إيدك طولت شويه! يعني تمسك ايدي ودلوقتي بتمد إيدك تاني!! إوعى تكون صدقت إننا متجوزين!

عقد جبهته ورد لهدوء:
-أيوه إحنا متجوزين... إنتِ بقا مش مصدقه دي حاجه ترجعلك! 

نفخت بحنق وقالت بانفعال:
-لو سمحت ابعد عن طريقي خليني أمشي.

نظر معاذ يمينًا ويسارًا وقال ببرود استفزها: 
-على فكره الطريق واسع قدامك اتفضلي امشي.

قالها وهو يشير حوله وهمت أن تغادر، فأمسك يدها لتقف، سحبت يدها بعصبية، فرفع كلتا يديه وتنهد قائلًا بجديه: 
-هدير إحنا محتاجين نتكلم... عشان أقدر أجيب حقنا من المؤامره الي اتعملت علينا!
-أنا مش عايزه أتكلم ومش عايزه أي حاجه... سيبني في حالي لو سمحت... وابعد عن طريقي.

قالتها بانفعال، وهمت أن تغادر فأوقفها صوته المضطرب الحزين:
-هدير والله أنا اتظلمت زيك ويمكن أكتر.

رشقته بنظرات حادة، ودون اكتراث لحزنه قالت:
-ياريت متحاولش تظهر قدامي تاني... مش طايقه أشوف خلقتك.

استنشق الهواء بعمق وقال:
-موعدكيش.

هزت عنقها باستهانه، فلا تريد أن تسمع منه حرف فكلما تذكرت هيئتها في ذلك اليوم لعنته وازداد مقتها له، كم تمنت لو تخنقه بيدها كما لف حباله حول رقبتها.

وقف معاذ يائسًا، تنهد بقلة حيله قبل أن يتجه صوب بيته، فهو يلتمس لها العذر! فما حدث ليس بالهين على أي فتاة وبالأحرى لفتاة بمثل سنها فمازالت في طور المراهقة كم كانت تشبه كتكوت لم يخرج من بيضته!
________________________________ 
بحثت «ناهد» عن مطحون القهوة الخاص بها فوجدت العلبه فارغة، فغرت فاها في دهشه وجُن جنونها فقد اشترتها قبل يومين، لم تشك للحظة أن مروى من فعلت، فليست بأول مرة تفعلها، زمت شفتيها بحنق والتقطت العلبه مهرولة لغرفة مروى.

على جانب أخر كانت مروى تحدق بشاشة الابتوب أمامها تشاهد مسلسل شديد الرومانسية حرك غرائزها ومشاعرها حتى فاضت، كانت تتخيل حالها البطلة بينما سيف البطل وتأكل حباب اللب بشرود وهُيام، تزامنًا مع فتح ناهد باب الغرفة بغضب، فأجفلت وأغلقت الابتوب في سرعة ونهضت واقفة وكأنها خشيت أن ترى ناهد ما في عقلها، أشارت ناهد للعلبة بيدها وقالت: 
-ممكن أفهم ايه دا يا مروى؟!

أخرجت مروى قشر اللب من فمها وهي تنظر لما بيد أختها وقالت بقلق:
-علبة القهوه!
-هو أنا بسألك عشان مش عارفه! 

مضغت مروى ما بفمها وتنفست بهدوء فقد أجفلت دون سبب! فتحت جهاز اللابتوب مرة أخرى بلا اكتراث لشرارة الغضب التي تتطاير من عيني أختها، فأردفت ناهد بغضب:
-بصيلي أنا بكلمك... إنتِ خلصتِ العلبه الي أنا لسه شاريها امبارح!

وضعت حبة من اللب على طرف أسنانها وبررت:
-أنا مشربتش إلا كوبايه... أو كوبايتين تلاته يعني هتبصيلي فيهم ولا ايه؟ 

دبدبت ناهد بقدميها في الأرض وهي تقول:
-إنتِ مفيش فايده فيكِ كل مره أحذرك متقربيش من حاجتي وبرده بتاخديها.

هملجت ناهد لخارج الغرفة وهي تغمغم بامتعاض،  وتركت مروى تنظر لأثرها لبرهة، ثم عادت تفتح ما كانت تشاهده، لكنها عادت تغلقه وهي تنكر ما تفعله، كيف تفعل! تُراها تعود لما كانت عليه مجددًا.

رددت الإستغفار وهي تطرد سيف من مُخيلتها وتُعاهد نفسها ألا تفكر به مجددًا...

تناهى لسمعها صوت ناهد وهي تشكوها لوالدتها، فنظرت نحو الباب وقالت بنبرة مرتفعه: 
-انا عمري ما شوفت أخت بتبص لأختها في الأكل... دا إنتِ أخت غريبه جدًا! أنا عمري ما هاخد منك حاجه طلما إنتِ وحشه كدا.

أطرقت مروى وهمست لنفسها:
-غير كيس الاندومي إلي إنتِ مخبياه في الدولاب... وكيسين الشيبسي الي في درج المكتب.

رفعت مروى نبرة صوتها مجددًا قائلة:
-لكن عمري ما هاخد منك حاجه تاني أبدًا.

صمتت هنيهه ثم نظرت للباب وهدرت: 
- دا إنتِ غريبه جدًا... أنا عمري ما شوفت كدا.

دخلت ناهد وضـ ـربتها بذراعها وكتفها بحنق وقالت:
-غلطانه وبتزعقي كمان!!

ضحكت مروى ببرود، فانهالت عليها ناهد باللكمات كي تُفرغ شحنة الغضب التي تأج بداخلها، ومروى تضحك بشدة ويكأنها تدغدغها، حتى استفزتها فابتعدت ناهد وهي تقول:
- إنتِ بارده أوي بتضحكي على إيه؟

اعتدلت مروى في جلستها ورفعت حاجبيها وهي تُطالع أختها بابتسامة وتقول: 
-بحبك وإنتِ متعصبه... بتضحكيني.

نفخت ناهد وخرجت من الغرفه، وقفت بمنتصف ردهة البيت وصاحت:
-أخر مره تمدي إيدك على حاجتي يا مروى وإلا والله هضربك...

زمت شفتيها وأردفت:
-أشرب أنا إيه دلوقتي عشان يفوقني!!

أطلت مروى برأسها من باب الغرفه وقالت ببرود: 
-اشربي شاي بيفوق.

التقطت ناهد وساده من فوق الأريكة وقذفتها صوبها، فضحكت مروى وقالت: 
-بطلي عصبيه شويه... يابت أعصابك هتتعب.

هرولت ناهد تجاهها وهي تنوي جذبها من شعرها، فشهقت وصكت الباب بوجهها وأوصدته من الداخل، وقفت ناهد خلف الباب وهي تقول بوعيد:
-ماشي يا مروى! 
______________________________
تطايرت الأيام تطاير الدخان وانشغل الغالبية بالدراسة والإختبارات.

كانت هدير تذاكر بالبيت اعتزلت جميع الدروس حتى لا ترى نظرات الطلبه وتسمع همهماتهم.

أوشك شهر رمضان أن يولي وتبقى أقل من إسبوع على حلول عيد الفطر المبارك، وقبل المغرب بساعه دخلت أم مصطفى المطبخ لتُعد الإفطار، جلس مصطفى على مكتبه يحدق بجهاز الحاسوب وهو يرمي جُل تركيزه بعمله.

كانت منى تجلس على الأريكة خلفه تذاكر للمادة الأخيرة، أخذت ترمقه عدة مرات قبل أن تغلق كتابها وتنهق مقبلة نحوه، قالت:
-أنا بقيت كويسه ارجع بقا إنت شقتك.
-نعم!! أرجع شقتي!!
نظر لها وقال بحزم: لو رجعت شقتي يبقا هتيجي معايا!
-قولتلك لسه هنعمل فرح! 
-عادي هنعمل فرح وكل حاجه بس إنتِ اتكتبتِ على اسمي... أنا مش ناوي أبعد عنك تاني.

التهى بعمله مجددًا فقاطعته:
-طنط كدا هتزعل إني أخدتك منها.
-لأ الي متعرفيهوش إن طنط طايره من الفرحه عشان خلصت مني.

ابتسمت ووقفت جواره لفتره تفكر في كلامه، سرعان ما أغلق جهاز الابتوب وتنهد وهو ينظر إليها ثم رفع إحدى حاجبيه قائلًا: 
-إوعي تكوني زهقتِ مني!

دنا منها ومسك يدها، فسحبتها منه وقالت بتلعثم: 
-إحنا صايمين!

قال بمكر:
-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل زوجاته وهو صائم... ولأفعلن مثلما كان يفعل رسول الله! 

شهقت ودفعته بقـ ـوه ثم رفعت سبابتها بوجهه هادرةً:
-اطلع بره.

ابتسم قائلًا: إنتِ الي في أوضتي! 

-ماشي يا مصطفى...
وقبل أن تخرج من الغرفه التفتت له قائله: 
-على فكره أنا هحاسبك على قلة الأدب الي إنت بقيت فيها دي!

أطلق عدة ضحكات وقال بلامبالاة:
-هنشوف الموضوع ده ان شاء الله.

 قالت وهي تصر على أسنانها بغيظ:
-إنت، إنت... أنا ماشيه عشان مش عايزه أغلط فيك.

خرجت وأغلقت الباب خلفها فوقف يطالع مكانها الفارغ ويبتسم على حيائها ووجهها الذي اشتعل احمرارًا وهمس راضيًا:
-ربنا يباركلي فيكِ يا منى... ويجعلني زوج صالح ترتضيه وقرة عينٍ لكِ.

تذكر ماضيه حين كان يبحث عن منى بكل فتاة صاحبها، ووقع في صدرة نغزة ندم، فقال:
-سامحني يارب.
_______________________________
وصل «أحمد» ووالده لبيت هدى ليتفقوا على موعد الخطبه أو بالأحرى الزواج، ويتناولا معهم الإفطار لهذا اليوم.
في الأيام الماضية توطدت العلاقه بين «والد أحمد» و«مجدي» فكانا يتقابلان دائمًا حتى اتخذه مجدي صديقًا مقربًا عله يأنس برفقته ويرتاح من ألم تلك الضغوطات التي حاصرته الفتره الماضيه...

قال والد أحمد بجديه:
-أنا شايف إن طلما هدير فرحها كمان إسبوعين يبقا خير البر عاجله، طلما إحنا جاهزين وانتوا جاهزين هنأجل ليه؟ 

فكر مجدي لوهله وقال:
-والله أنا إن كان عليا موافق بس محتاجين ناخد رأي العروسه.

حمحم أحمد وقال بثقه:
-سيبوا العروسه عليا اعتبروها وافقت.

استأذنهم مجدي ودخل لزوجته وبناته المطبخ طالع زوجته قائلًا:
-الجماعه عاوزين يحددوا الجواز مع فرح هدير.
جحظت عيني هدى وقالت بصدمة:
-إحنا لسه معملناش خطوبه! لا أنا مش موافقه 
نظر لزوجته يأخذ رأيها فردت بلامبالاه زائفة:
-اعمل الي تعمله.... أنا مبقاش ليا رأي.

هز رأسه يمينًا ويسارًا باستنكار وقلب كفيه وهو يقول بحزم:
-طيب اسمعوا بقا فرح هدى مع هدير في نفس اليوم ودا أخر كلام.

قالت هدى بصدمة: 
-بابا لا... آآ... أنا لسه مش مستعده!

كاد يرد ولكن دوى صوت جرس الباب معلنًا عن قدوم أحدهم فقالت زوجته بسخريه: 
-أكيد عريس الغفلة وأمه وصلوا.
أردفت بغضب: 
-ودا برده من ضمن الإستهبال... لما تعزم الي كان السبب في كسرة قلوبنا على الفطار يبقا استهبال... دا أنا لو أطول أحطله سم في الأكل كنت عملت كدا.

قالتها الأم وهي تُصر على أسنانها بغيظ، فرشقها مجدي بنظرات حادة وقال:
-استهبال! ماشي يا مديحه... 

خرج ليفتح الباب، فضربت مديحه قبضة يدها على رخام المطبخ بغضب...

أجفلت هدير التي  كانت ترمقها بإشفاق، وتتمنى الموت على أن ترى تلك الكسرة في أعين أسرتها، شعرت برغبة في التقيؤ، كعادتها منذ فتره وضعت يدها على فمها وهرولت للمرحاض، نظرت والدتها لأثرها بريب، خشية أن يكون ما طرأ برأسها حقيقة!
_______________________________
 بعد أن قامت هي بتجريب معظم الملابس في المحل خرجت برفقة ناهد دون أن تقتني شيئًا، ولم يعجبها أي شيء، قالت ناهد بغضب: 
-بقا كل الهدوم الي في المحل دي مش عجباكِ! 

ردت مروى ببرود:
-لأ مش استايلي... 

أشارت مروى لمحل آخر وأردفت:
-تعالي ندخل المحل الي هناك دا، حاسه كدا إني هلاقي الي بدور عليه هناك...
قبضت ناهد يدها بغضب وقالت وهي تضغط على أسنانها:
-دي سابع مره تقولي الجمله دي النهارده! ارحميني أنا صايمه وبنلف من بدري والمغرب هيأذن وإحنا لسه بنلف!
-طيب ما أنا كمان صايمه.... يلا بس إن شاء الله أخر محل.

سارت مروى أمامها وتبعتها ناهد بقلة حيلة وهي تقول:
-صبرني يارب.

كان جوارهما أعين رمقتهما فأرهفت السمع، هذا سعد الذي جوار أخيه سيف بالسياره، يتفقان على المطعم الذي سيتناولان به طعام الإفطار.

سرعان ما خرجت مروى من المحل قائله:
-لا لا اللبس كله مش حلو أنا مش هشتري حاجه.
 
نظرت ناهد لأختها بغضب ولكزتها بذراعها قائله:
-كل اللبس دا ومش عاجبك... يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم... 

لم تُعقب مروى على كلامها فلكزتها ناهد مجددًا وأضافت: 
-وإنتِ أصلًا لحقتي تشوفي حاجه.
-الله! متضربيش بجد معجبنيش حاجه... مفيش حاجه شدتني وخطفتني فعجبتني.

زفرت ناهد الهواء من فمها بضيق وقالت:
-طيب يلا شوفيلنا مطعم نفطر فيه... باقي ربع ساعه على الفطار.

كان سعد وسيف يسترقان النظر إليهما ويبتسمان على مناكفتهما وكل منهما يتظاهر بكونه لم يرهما، نظرا لبعضهما وابتسما ثم ارتجلا من السيارة تزامنًا مع دلوف الفتاتين للمطعم وجلوسهما قبالة الطاوله، لتستكمل ناهد مناكفة أختها...

دخل سيف وسعد لنفس المطعم واختار سيف طاولة مجاورة لهما دون أن يبوح لسعد بشيء ولكن نظراته كان تشي بالكثير.
_______________________________
جلست «نبيله» جوار معاذ  وقبالة أحمد ووالده، ومجدي، اتفقوا أن يكون الزفاف بالفندق الخاص بنبيله وأختها بشرم الشيخ فوافق مجدي.

طلبت نبيله من مجدى أن تتحدث قليلًا مع زوجته وابنتيه فاصطحبها للداخل.

وفي غرفة مجاورة جلست نبيله معهن ساد الصمت للحظات لكنها قطعته وقالت:
-أنا عارفه إن الي حصل مكنش سهل... لكن والله ابني مظلوم أنا اللي مربياه وعارفه هو يعمل ايه وميعملش ايه.

لم يعقب أي منهن فأردفت:
-إحنا عايزين نبقا عيله يمكن الي حصل دا خير عشان يقربنا من بعض.

انتظرت لوهله عل احداهن ترد عليها ولكن طال السكوت فاسترسلت:
-أنا مش بجوز معاذ لهدير عشان نداري على الموضوع، لأ أنا عاوزاها زوجته العمر كله... معاذ ابني شاب محترم ولا عمره حط في بوقه سيجاره وكمان بيدير سنترال كبير بجانب دراسته، ولسه لما يتخرج هنعمله شركة مراقبة كبيره إن شاء الله.

خيم عليهن صمت ثقيل فاستكملت نبيلة:
-أنا ابني الكبير واعظ واللي بعده ظابط ومعاذ في تالته تكنولوجيا ومعلومات...

مسكت نبيله يد مديحه وربتت عليها قائله:
-احنا محتاجين فرصه نثبت حُسن نيتنا.

تنهدت مديحه باطمئنان فقد أدركت للتو أن ما يفعله زوجها هو الصح بعينه، ابتسمت مديحه لنبيله قائله:
- وإحنا هنديكم الفرصه يا حجه.

تهللت أسارير نبيله وضمت مديحه بفرحه وهي تقول: 
-ربنا يكملك بعقلك يا أصيله يا بنت الأصول.

ابتسمت مديحه وربتت على كتف نبيله قائله:
-نورتينا يا حببتي. 

كانت هدير تراقب ما يحدث وتنصت لكلامهم بعنايه، ازدادت حيرتها فيبدو أن معاذ قد ظُلم مثلها تمامًا كما قال! أما هدى فاطمئنت هي الأخرى على أختها واتسعت ابتسامتها وانقشع طيف الحزن الذي كان يمور بالمنزل...

تعالت الضحكات ونبيلة تحكي عن ابنائها الثلاث وخرجن لتجهيز مائدة الإفطار وقلوبهن تتأرجع بين حائره ومطمئنه...
استغفروا ♥️ 
___________________________
جلس «سيف» على الطاوله مقابل «سعد» يرمق مروى بين حين وأخر، قاطع سعد شروده قائلًا:
-تعرف إن معاذ صعبان عليا أوي.

تنهد سيف بأسى وقال:
-وأنا كمان والله، مش عارف ازاي هيقعد كدا ويفطر هناك... ربنا يعينه هو وماما على اليوم دا.

-إنت مش شايف إننا المفروض كنا نروح معاهم!
اجاب سيف بابتسامه ساخره:
-نروح فين يا عم... مش هستحمل نظرات أبوها وأمها.
 
تنهد سعد قائلًا: ربنا يعديها على خير.

أردف:
-بس تعرف إن أسلم حل فعلًا نعمل الفرح في الفندق في شرم.

-الله يرحمه جدك ساب لأمك وخالتك فندق كبير واحنا مهملين فيه!

مال سعد بجزعه العلوي نحوه وقال:
-مهملين ازاي يا عم! ما أنا متابع الشغل أنا ومصطفى.

قال سيف بانفعال:
-إنت بالأخص موقف حال الفندق! رافض يتعمل فيه أفراح زفاف ليه؟!
-أنا مش رافض لكن الأفراح تتعمل بشروط.
-أيوه من غير أغاني وموسيقى!! تحب نشغل قرآن!
-انا مقولتش نشغل قرآن... الحفل يكون على نقرات الدفوف احنا مش ناقصين ذنوب.

رشقه سيف بنظرة متهكمة وهز عنقه في استهانه بكلامه، فقال سعد:
-الموضوع ده مفهوش نقاش.

تناهى لسمعها صوت مروى وناهد وهما يتسامران ويضحكان على طاولة مجاوره فلفا رأسهما معًا ينظران نحوهما، فلاحظ سيف ابتسامة أخيه فسأله:
-تعرفهم؟!
هز سعد عنقه بالإيجاب وبابتسامة تشي بالكثير، وقال:
-هي دي البنت الي حكيتلكم عنها.

أوجس سيف في نفسه خيفف فسأل بتلعثم:
-اي واحده فيهم؟ 

أجاب سعد:
-الي لابسه طرحه زرقا.

رمقهما سيف ثم تنهد بارتياح وقال:
-إلل جنبها بقا أختها مروى.

غمز سعد بعينه وقال:
-إيه الحوار؟ 

ارتعشت شفتي سيف ابتسامه وقال:
-لسه مفيش حوار... ما إنت عارف أخوك مليش في الحوارات دي، بس ممكن أفكر.

على جانب أخر حين أبصرته ناهد، همست لأختها:
-دا إيه الصدفه دي! شايفه الاتنين إلي جنبنا دول.

رفعت مروى عينها عن هاتفها وحين رأته قالت بدهشة:
-دا الظابط سيف! 

غمزت ناهد قائلة بمكر:
-بالظبط دا الظابط إلي إنتِ متعرفهوش.
 
تبسمت مروى ضاحكه وقالت:
-مشكلتك إن إنتِ كشفاني أوي.
-إيه حكايته بقا؟

ابتسمت مروى وعدلت جلستها قائله:
-والله ما فيه حكايه ولا حاجه بس قابلته كم مره صدفه...
-ماشي بس المهم اعملي نفسك مش واخده بالك منهم اتفقنا؟
أومأت مروى وأخفضتا صوتها وضحكاتهما كي لا تثيران انتباه الشابان.

وبعد دقائق أذن المغرب وتناولوا الإفطار وكانوا يسترقون النظرات لبعضهم من حين لأخر.

وبعد فتره خرجتا الفتاتان من المطعم وقفت مروى تتنهد بارتياح قائله:
-الحمد لله مأخدوش بالهم مننا.

ضحكت ناهد قائله:
-أو ممكن عملوا نفسهم مش واخدين بالهم زينا بالظبط.

صكت مروى كفها بكف أختها وضحكتا وباغتهما مرور دراجه نارية جوارهما مسرعة، وحاول أحدهم خطف الحقيبة من يد ناهد فتشبثت بها وصرخت فلكمها الشاب ببطنها لكنة أوقعتها أرضًا تتأوه...

هرولا إليهما سعد وسيف وقفت مروى تصيح بغضب: 
-حرام عليكم دا احنا في رمضان.
 
انحنت مروى تأخذ يد أختها لتطمئن عليها، بينما كانت ناهد تحاوط بطنها بالم.
خاكبتها مروى:
-الشنطه كانت فاضيه أصلًا، موبايلك معاياِ والفلوس معايا... كنتِ ماسكه فيها ليه؟!

ابتسمت ناهد قائله:
-كان فيها قلم روج هموت عليه.
-يعني تموتي نفسك عشان قلم الروج! وبعدين إنتِ مبتحطيش روج أصلًا.
قالتها مروى بضحكة خفيفة، فعلقت ناهد:
-لأ أنا نويت أنحرف 

وصلا سعد وسيف إليهما وبعد تبادل التحيه، نظر سعد لناهد وقال بجديه: 
-مسك في الشنطه سيبيهاله، دول بيبقوا شاربين ومش في وعيهم يعني ممكن كان ضربك بمطواه ولا حاجه!

شهقت مروى بخوف فعلق سيف:
-الحمد لله عدت على خير... اتفضلوا بقا نوصلكم.

قالت مروى بتلعثم:
-لـ... لأ إحنا هنركب تاكسي...

 فتح سيف سيارته وهو يقول بمرح:
-متقلقوش هاخد منكم الحساب. 
نظرت مروى لناهد التي هزت عنقها في رفض أن تصعد للسيارة.

على الصعيد الأخر 
رن هاتف عوض فأجاب، فباغته صوت رجولي بقوله:
-اللي حصل لبناتك النهارده قرصة ودن عشان كلمت الشرطه.

صاح بغضب:
-إنت عملت في بناتي ايه!!

قال:
-أنا مراقبك كويس ولو تواصلت مع الشرطه تاني متزعلش من إللي هعمله

اللي حصل لبناتك النهارده قرصة ودن عشان كلمت الشرطه.

صاح بغضب:
-إنت عملت في بناتي ايه!!

قال:
-أنا مراقبك كويس ولو تواصلت مع الشرطه تاني متزعلش من إللي هعمله.

أغلق الخط وأقبلت زوجته تسأله ما الخطب؟ حمل هاتفه ليطلب رقم ناهد فلم ترد عليه ظل يحاول مرة بعد الأخرى علها تجيب لكن لا رد، طلب رقم مروى كذلك لم تجب، فجلس يفكر للحظة قبل أن يطلب سيف الذي أجاب مسرعًا بعدما ابتعد خطوات ليحدثه: 
-متقلقش يا دكتور... دا حد خطف الشنطه من إيد ناهد وأنا شوفتهم صدفه وواقف معاهم دلوقتي.

-هما كويسين؟ 
-كويسين والله وأنا هوصلهم بنفسي للبيت.

تنهد عوض بارتياح وقال:
-طيب ممكن تديلي ناهد أكلمها؟ 

أقبل سيف إليهم وهتف قائلًا:
-اتفضلي يا أنسه ناهد كلمي والدك.

تعجبت «مروى» من كون سيف يتحدث دومًا مع والدها فاستغلت انشغال ناهد بالمكالمة وسألته بخفوت:
-هو إنت تعرف بابا منين؟ 
-دكتور عوض أشهر من النار على العلم.

ازدردت لعابها ونطقت في تلعثم:
-اوعى تكون قولتله حاجه عني!

تحاشي النظر نحوها وقال:
-هو أنا أعرف حاجه عنك عشان أقولها! 

ابتسمت وقالت بامتنان: 
-شكرًا.

طلب منهما والدهما أن يركبان مع سعد وسيف ليوصلاهما إلى البيت.

وقبل أن يفعلوا نظرت مروى لأحد المحلات وأشارت إليه قائلة:
-المحل دا شكله حلو أوي أنا حاسه كدا إني هلاقي الي بدور عليه فيه... 

قالت ناهد:
-لا أنا مش داخله محلات تاني... دا تقريبًا المحل العاشر النهارده.

قالت مروى:
-لا والله التاسع.

ابتسم سيف وقال:
-إنتوا علطول كدا بتتخانقوا! 

-هي اللي بتعصبني.

قالتها ناهد فعلق سعد:
-طيب معلش يا أنسه ناهد خليها تدخل المحل دا وبعدها هنوصلكم علطول.

ابتسمت مروى بانتصار ونظرت لسعد قائله ببهجة:
-شكرًا.

دخلا للمحل ووقفت مروى تنظر للملابس وكالعاده لم ترسى مركبها على بر! تدخل سيف وأشار إلى فستان أنيق وقال:
-أعتقد دا هيعجبك وهيبقا حلو عليكِ.

طالعت مروى الفستان، ثم حملته وفحصته بإعجاب وقالت:
-خلاص أنا هاخد دا.
نظرت لها ناهد قائله: 
-مش دا نفس الفستان الي شوفناه في أول محل ومعجبكيش! 

قالت مروى:
-لا مش نفسه... أنا هاخد دا 

ابتسم سيف على طريقة مروى، ورمقتها ناهد بطرف عينها وهي على أتم استعداد أن تمطرها بوابل من الكلمات الساخرة عندما تعود لبيتها...

وأخيرًا خرجتا من المحل تابعين أثر سيف الذي انتظرهما أمام السياره جوار سعد الذي لم يرفع بصره عن الأرض.
_______________________________
وفي اليوم التالي

تحدثت هدى مع منى عبر الهاتف لتطمئن عليها، سألت منى:
-يعني خلاص قررتوا تتجوزوا في يوم واحد!
-أحمد مستعجل وبابا شايف إن دا أحسن عشان محدش يتكلم ويقول جوز الصغيره قبل الكبيرة.
-أهم حاجه تكوني إنتِ مستعده! 

تنهدت هدى بقلق وقالت:
-من الناحيه دي فأنا ولا جاهزه نفسيًا ولا جسديًا.
تنهدت هدى وأردفت:
-بس عادي يعني، المهم بقا إنتِ ومصطفى مفيش أخبار عن الفرح! 
قالت منى:
-بصراحه أنا اللي بأجل... احنا نعتبر متجوزين وعايشين مع بعض في شقه واحده، لكن أنا بحاول أقنعه يستنى على ما أخلص كليه.
-مش فاهمه يعني ليه التأجيل! طلما انتوا أصلًا عايشين مع بعض.
قالتها هدى فردت منى:
-احنا عايشين في شقه واحده لكن مش في أوضه واحده يا هدي.
-وإيه الفرق!! اخلصي يا منى واعملي فرحك معايا أنا وهدير.
-لأ مش للدرجه دي أنا مش مستعده خالص.
-خلاص خليكِ كدا على الله يبص بره.
-لأ مصطفى بيحبني ومستحيل يفكر في غيري. 
-إنتِ حره أنا عليا حذرتك.
________________________________
مر أسبوع بروتينية، وفي مساء ليلة العيد حملت مروى هاتفها واتجهت لناهد قائله: 
-خالك عامل فرح ابنه في فندق جامد أخر حاجه.

وضعت مروى الهاتف نصب عيني أختها وأردفت:
-شوفي جبت صورته من النت.

قاطعتهما الأم_التي تجلس على الأريكة_خلفهما حين خاطبت ناهد:
-مش كنتِ وافقتِ على ابن خالك كان زمانك إنتِ العروسه وأنا أم العروسه.

-أتجوز الواد ابن أمه دا!!!... وبعدين دا بيشرب سجاير والله أعلم بيشرب ايه كمان.
-ما علينا المهم يلا أجهزوا عشان هنسافر دلوقتي علطول... عشان نلحق صلاة العيد هناك.

قالتها الأم وهي تنهض ثم دخلت غرفتها، نظرت ناهد لأثرها ثم خاطبت أختها بنبرة قلقة: 
-المشوار دا تقيل على قلبي أوووي.

ابتسمت مروى، ودون أن ترفع بصرها عن شاشة الهاتف تحدثت ساخره:
-حد يطول يقضي إسبوع كامل في فندق في شرم الشيخ... دا إنتِ وش فقر!

تركتها مروى ودخلت غرفتها هي الأخرى، وتنهدت ناهد بقلة حيلة ثم دخلت خلفها للغرفة أخرجت حقيبتها وبدأت تضع ما ستحتاجه خلال إسبوع...
________________________________
وفي صباح يوم العيد 
خرج مصطفى لصلاة العيد بينما استيقظت منى متأخره فلم تلحق بالصلاة.
 بدأت تتجهز فستقضي العيد بالفندق الخاص بنبيله ورقيه أختها في شرم الشيخ، حيث سيُقام حفل زفاف هدير على معاذ وهدى على أحمد.

 ارتدت منى فستانها الوردي وطرحتها البيج وحملت حقيبتة الظهر بينما تجر بيدها حقيبة أخرى تضم ملابسها لأسبوع كامل، طرقت باب شقة أم مصطفى وما أنا رأتها، ابتسمت وضمتها قائله:
-كل عام وإنتِ بخير يا مرات ابني يا قمر.
-وإنتِ بألف خير يا.... 

خرجت منى من أحضانها وقبلت رأسها ثم  قالت:
-كل عام وإنتِ بألف خير يا ماما.

ضمتها أم مصطفى مجددًا وقالت:
-يا حببتي طالعه منك ماما زي السكر... والله أنا بعتبرك بنتي، ربنا يبارك فيكِ ويحميكِ.

انحنت منى وكادت تُقبل يدها لكن سحبتها رقية وقالت:
-متعمليش كده يا بت... ربنا ميحرمنيش منك أبدًا.

أدمعت عيني منى حين تذكرت والدتها فضمتها أم مصطفى وربتت على ظهرها بحنان، قاطعهما خروج مصطفى من المصعد بدل نظره بينهما وقال:
-واقفين بره الشقه ليه؟ 

خرجت منى من حضن رقيه وجففت دموعها ثم دلفوا جميعًا للشقه.

قبّل مصطفى والدته وضمها وهو يقول:
-كل عام وإنتِ بألف خير يا أمي.

-وإنت بخير يا قلب أمك، والعيد الجاي أكون شايله عيالكم يارب.

ابتعدت خطوات لتنسحب وتتركهما معًا، بعند أن أشترت لمصطفى بعينها فقرأ نظراتها، قالت بابتسامة: 
-أنا هروح أجهز الحاجه اللي هناخدها.

غادرت المكان، ووقفت منى تبتسم وتفرك يدها بحياء، فدنا منها مصطفى، وقال: 
-القمر دا كان بيعيط ليه؟

خلعت حقيبة الظهر بتوتر وقالت:
-كل عام وإنت بخير.

مدت يدها لتصافحه، فمد يده وسلم عليها ولحركة سريعة، عانقها، سحبت نفسها من بين ذراعيه، ونادت والدته بصوت مرتفع، وكأنه سيخطفها.

جابت بالبيت وهي تسأل بتوتر: 
-هنمشي امته؟
-حالًا... 
قالها مصطفى بين بين ضحكاته.
________________________________
وصلت مروى مع أسرتها للفندق بعد صلاة العيد، استقبلهم الخال مع ابنه وزوجته التي كانت ترمقهم  شزرًا وبعد تبادل التحيه وجهت زوجة الخال كلامها لناهد قائله:
-تعرفي يا ناهد إن فهد إبني هيتجوز بنت رجل أعمال كبير أوي.

أردفت السيده ساخرة:
-الحمد لله إنه عرف يختار واحده تليق بمقامه.

ابتسمت ناهد ببرود وقالت وهي تصر على أسنانها:
-فعلًا!!! كويس والله.

قالت السيده:
-بنت قمر ولبسها على الموضه مش زيك خالص يا ناهد.

ردت ناهد بغيظ:
-أصل فيه مثل يا طنط بيقول الطيور على أشكالها تقع وأكيد هي شبهه بنت مامي وبابي 

لكزتها أمها بذراعها فصمتت، حاولت الام انهاء الجدال بقولها:
-ربنا يسعده يا حببتي ويتممله بخير.

ردت السيده بغطرسه:
-عقبال ما تفرحي بناهد ومروى.
 
كان فهد يُطالع ناهد وهو يمسح ذقنه، وحين انتبهت ناهد لنظراته أرادت أن تُحرجه، فقالت:
-ازيك يا فهد، مبروك يا ابن خالي.
ابتسم ورد بنفس نبرة صوتها:
-عقبالك يا بنت عمتي.

لم تعلق، ونظرت نحو مروى التي كانت في عالم أخر تجول نظراتها في المكان بإعجاب، قاطع شرودها صوت والدتها:
-يلا يا مروى اطلعي مع ناهد، فهد هيوصلكم للأوضه.

حدج فهم ناهد بنظرة وابتسامة قبل أن يسير أمامهما، فسحبت ناهد مروى من يدها وتبعا فهد لغرفتهما.
________________________________
عند عائلة مصطفى

اشتركوا جميعًا في «أوتوبيس» لينقلهم من الأسكندريه لشرم الشيخ.

وأثناء الطريق شعرت هدير برغبة في التقيء مجددًا  فأخرجت كيسًا وفعلت.

 نظرت لها والدتها بريب، فهي على تلك الحاله منذ أيام، بلغ منها الشك مبلغة، وأخذ ينبش قلبها، أيعقل أن تكون ابنتها حامل!
 نظرت لمجدي وقالت:
-البت شكلها حامل.

نظر مجدي قائلًا: 
-ربنا يستر.
 
على جانب أخر نظرت هدى لأختها قائله:
-إنتِ كويسه؟ 

اومأت هدير رأسها بالإيجاب وهي تمسح فمها.

زحفت نظراتها لتُطالع معاذ بطرف عينيها وكان ينظر نحوها بقلق، أشاحت بصرها عنه أكملت الطريق وهي تنظر من النافذه.
أما معاذ فكان يرمقها بنظراته بين حينٍ وأخر في حيرة.

كان أحمد يرسل لهدى رسائل عبر الواتساب ويرمقان بعضهما بابتسامه.

وكانت منى تجلس جوار مصطفى الذي يحاول لمس يدها بين وهلة والثانيه وهي ترمقه بغيظ ووعيد.

 وبعد ما يقرب من منتصف الطريق ركنت منى على النافذه وأغلقت عينيها لتنام، نظر لها مصطفى بشفقة وحاوط كتفيها بذارعه، فجحظت عينيها، وهدرت به: 
-إنت بتعمل إيه؟ 
-عشان تعرفي تنامي... دماغك هيتخبط في الشباك!

زمت شفتيها بحنق فأردف مبتسمًا:
-طيب خلاص اسندي عليا وانا والله هحترم نفسي ومش هعمل حاجه، نامي وارتاحي.

تنهدت بقلة حيلة وسندت رأسها على كتفه وأغلقت عينها ونامت.
________________________________
دخل «فؤاد» على أخته «فاتن» الغرفه ووضع جهاز الابتوب نصب أعينها قائلًا:
-شوفتي معاذ باشا ناشر دعوه لفرحه في أكبر فنادق شرم الشيخ.

اعتدلت فاتن في جلستها وهتفت بترقب:
-ورديني كدا!

اردفت بغيظ وغضب:
-شوفت بقا الخطه كلها جت في صالحهم!

هز رأسه نافيًا وقال: 
-بس فيه خطه بديله... احنا لازم نروح الفرح دا.

قالت بحنق:
-أنا مش رايحه في مكان.
-متبقيش غشيمه، دا أنا جه في بالي خطه أكيد هتكون في الجون المره دي.

أردف متسائلًا:
-مش إنتِ معاكِ الصور؟
-أيوه الصور على الموبايل والابتوب.

ابتسم ساخرًا:
-اتمسحت من الابتوب، معاذ كان حاطط فيرس على الابتوب والموبايل بتاعي وحذف كل حاجه.

شهقت بقلق:
-ممكن يكون مسحهم من عندي.
 
-لأ ميعرفش يدخل موبايلك إلا لو بعتلك لينك وفتحتيه.

-لأ محدش بعتلي حاجه.

-المهم الصور دي خلي بالك منها واستعدي عشان هنسافر شرم الليله.
_______________________________
دخلت مروى الغرفه وأخذت تجول بها وترمقها بإعجاب، خرجت من الشرفه ووقفت تنظر لحمام السباحة، الذي تطل عليه، ابتسمت محدثة حالها بحـ ـماس: 
-واااو... دا شكله هيبقا أجمل أسبوع في حياتي.

من ناحية أخرى طلب فهد أن يتحدث مع ناهد، قالت بجمود:
- اتفضل يا فهد عايز إيه؟ 

-احلويتي أوي يا ناني.

ابتسمت ببرود وقالت:
-إسمي ناهد.
-أنا بحبك يا ناهد ولسه عايزك... لو وافقتي هوقف كل حاجه وهنعمل فرحي أنا وإنتِ في نفس اليوم

حاول مسك يدها فسحبتها وهدرت به بحده:
-إنت إتجننت ولا إيه! باينلك شارب حاجه!

ولته ظهرها فقال بانفعال:
-ناهد أنا مبشربش حاجه، وأنا فعلًا بحبك مش عارف إنتِ ليه رفضاني! 

قالت بنفاذ صبر:
-اطلع بره يا فهد بعد إذنك وياريت متحاولش تتكلم معايا تاني.
 
رمقها فهد بيأس وقال: 
-ماشي يا ناهد.
خرج من الغرفه وصفع الباب خلف ظهره بغضب، ثم أشغل سيجارته يشربها وينفث الدخان من فمه بضيق، قال:
-مش بسهوله كده! برده مش هسيبك!

خرجت ناهد لأختها التي تقف في الشرفه مبتسمة وقالت بانفعال:
-إنتِ إزاي تسيبيني واقفه لوحدي مع الواد الوقح دا!
تجاهلت  مروى انفعللها وقال وهي تستنشق الهواء:
-بصي المنظر من هنا، شايفه الجمال... عليا الطماطم إحنا ما عايشين.
-شوفتي بكلمك في إيه وبتكلميني في إيه! 
قالتها ناهد وهزت رأسها في استهانة، قبل أن تنطق: أنا داخله أنام.

-أنا كمان هاجي أنام شويه عشان أقوم أستمتع بالجو دا والحياة دي.

دخلت من الشرفه ووثبت بسعادة وحماس وهي تقول:
-دا الحياه بقا لونها بمبي وأنا جنبك وإنت جنبي.

بينما كانت ناهد ترمقها بسخرية وهي تُبدل ملابسها، وبعد فتره كانا قد بدلا ملابسهما وذهبتا في سباتٍ عميق... 
______________________
وقُبيل العصر وصل البقية للفندق، صعد الجميع إلى غرفتهم إلا سيف ومصطفى قررا التجول في الفندق لتفقد أحواله، قال مصطفى:
-عندنا مشكله!
-خير؟!
-فيه فرح في الفندق... وسعد لو عرف هيزعل مننا.
-يبقا مش لازم يعرف... متقلقش أنا هتصرف معاه.

قالها سيف وتفرق كل منهما إلى جهة.
______________________
حاولت «ناهد» أن توقظ مروى لتناول الغداء وحين يأست منها  تركتها ونزلت للأسفل.

 وبعد ربع ساعه استيقظت مروى من نومها أخذت الهاتف من جوارها لتتفقد الوقت فكانت الساعه الثالثة والنصف عصرًا، توضأت وصلت فرضها ثم خرجت الشرفه ومعها قلمها الرصاص وورقتها وقالت:
-الجو هنا يشجع على الرسم أوي، خلي الإنسان يستعيد مواهبه المركونه.

أغلقت عينيها وتذكرت ملامح وجهه ثم بدأت ترسمها ببراعه، كانت ترسم والإبتسامه تعلو محياها وهي تدندن...
 مرت ساعة والثانيه ومازالت عاكفة على رسمتها، وبمجرد انتهائها حملت الصوره لتنظر إليها ثم وضعتها على الطاوله وهي تُحي نفسها وتمدح حالها بابتسامة واسعة...
 سرعان ما تجهم وجهها وقالت:
-هو إيه الي أنا عملته دا! أنا ليه رسمته أصلًا!

قررت أن تمزقها، فهو يعرف ماضيها فقد حكت له كل شيء وبالتأكيد لن يوافق عليها، وقبل أن تلتقطها سافرت مع الريح، حملها الهواء لتسقط من الشرفه، شهقت وقالت:
-يا نهار أبيض!! دي عليها اسمي.

ارتدت ملابسها في اضطراب وخرجت مسرعة لتلحق بها قبل أن تسقط في يد أحدهم...

وصلت للمكان أسفل الشرفة، ووقفت تلتفت يمنة ويسرة وتبحث عن الورقة هنا وهناك حتى يأست أن تجدها، كادت أن تصعد للغرفه لكن باغتها صوته:
-مش عيب ترسمي حد من غير ما تاخدي إذنه يا فنانه

الفصل الثاني عشر12 
-مش عيب ترسمي حد من غير ما تاخدي إذنه يا فنانه!
التفتت لمصدر الصوت كانت تتمنى أن يكون مجرد تشابه أصوات ليس إلا، ولكن كان هو بعينه! ازدردت ريقها بتوتر وارتعشت شفتيها بابتسامة مضطربة وهي تقول:
-إنت إزاي هنا! 

وزادت دهشتها حين وجدته يُطالع الورقة بيديه.

 تسائل لمَ رسمته؟وكيف خطت ملامحه بتلك الدقه! قال:
-ازاي قدرتي ترسميني وأنا مش قدامك؟

سحبت الورقه من يده بغتة، وهي تقول بتوتر: 
-هه، أصل... لأ، مش أنا.

وحين رأت اسمها أسفل الورقة، قالت بنبرة مرتعشة:
-قصدي... آآ... دا واحد شبهك، مش إنت خالص.
-والله! يعني دا مش أنا؟ 
قالها ببعض السخرية، فردت بثقه:
-لا خالص.

أردفت: 
-أنا، أنا يعني هرسمك ليه؟!

قطب جبينه وهو يقول بسخرية لطيفه:
-يعني ممكن تكوني مثلًا يعني معجبه ولا حاجه! 
عدل ياقته بغرور وأردف:
-أصل أنا ليا معجبات كتير لأني وسيم.

اشتدت دقات قلبها وازدردت ريقها بتوتر، وعندما لاحظ توترها تنحنح وغيّر دفة الحوار، قائلًا:
-إنتِ جايه مع مين يا مروى؟
-جايه من بابا وماما وناهد.

تحاشي اصطدام نظراته بنظراتها، فنظر بكل إتجاه إلا نحوها وهو يقول:
-وايه رأيك في الفندق؟ على فكره دا تبعنا.

ارتسم الإستفهام على ملامحها، وسألته:
-تبعكم ازاي؟! 
-يعني دا كان ملك جدي الله يرحمه وبعدين ماما وخالتو ورثوه من بعده.

التفتت يمينًا ويسارًا كأنها تتفحص المكان حولها وقالت بدهشه:
-بجد!! دا جميل أوي... على كدا بقا بتيجوا كل صيف هنا! 
-أكيد.
قالها بابتسامة، فوضحت:
-أنا أصلًا جايه أحضر فرح ابن خالي هنا.
-يبقا إنتوا الفرح الي حاجز الأوتيل ومعطلنا.
-يعني ايه معطلكم، مش فاهمه؟

تنهد ووضع كلتا يديه بجيبي بنطاله بثقة، وقال: 
-بمعنى إن إحنا جاين نعمل فرح أخويا هنا، وفرحكم حاجز الفندق تلت أيام.
-أخوك الكبير هيتجوز؟!
سألته بأعين متسعة، فهي تريده لأختها، ابتسم سيف وهز رأسه نافيًا وقال:
-لأ، دا أخويا الصغير، أما أخويا الكبير... سعد مانع الأفراح الغير اسلاميه في الفندق وأنا ومصطفى قبلنا عرض الفرح بتاعكم... فربنا يستر.
ظل متحاشيًا النظر نحوها وهو يقول كلماته، يغض بصره عنها كما اعتاد أن يفعل، فأومأت رأسها بتفهم وقالت:
-طيب هو أنا معزومه على فرح أخوك؟

-طبعًا... أنا هكلم دكتور عوض وأعزمه.
بسط يده لها وأردف متخابثًا:
-هاتي بقا الرسمه دي.

وضعتها خلف ظهرها، وهي تقول:
-رسمة إيه! لأ، دا... دي بتاعت واحد شبهك.

عادت خطواتين للخلف لتهرب من أمامه وهي تقول: 
-سلام بقا أنا طالعه أوضتي.

كانت تسير بظهرها وهي تنظر إليه، وهو يبتسم فابتسمت واستدارت، تسير بطريقة طبيعيه وهي تتعثر في خطواتها حياءً، حتى اختفت من أمامه.

وصلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها ثم سندت ظهرها عليه.
نظرت لرسمتها وابتسمت قبل أن تطويها بعناية.

وضعت يدها على قلبها وخاطبته:
-وبعدين معاك!!! بتسحب رجلي للغلط تاني!
بقلم آيه شاكر 
___________________________
في مساء اليوم التالي 

كان الفندق شبه فارغ فالأغلبية اجتمعوا بالقاعة لحضور حفلة لأحد مشاهير الغناء، كان ناهد ومروى يستعدان للإلتحاق بعائلتهم لتناول وجبة العشاء وهما يتحدثان قالت مروى ضاحكه: 
-أكيد فهد الفهود في القاعه مع المزه بتاعته!

ابتسمت ناهد:
مش عارفه ليه خالك سماه فهد!

انفجرت مروى بالضحك:
-هو بعينه فهد الفهود اللي قرأت عنه في الروايات، الشاب الغني أخر حاجه الي بيقابل بنت جميله أخر حاجه وفقيره أخر حاجه وبعدين بيعذبها أخر حاجه، وفجأه يحبها أخر حاجه.

انتابتهما نوبة من الضحك، وقالت ناهد: 
-وعملاق يابت... بيحافظ على جسمه أخر حاجه.

أدمعت عيني مروى من شدة الضحك وقالت:
-أيوه بيحافظ على كرشه أخر حاجه!

وبعد أن انتهت نوبة الضحك، قالت مروى:
-لو مرات خالك عرفت إحنا بنتريق عليه ازاي هتاكلنا... ابن أمه بقا!
-بس بقا إحنا مبنحبش نتكلم على حد ولا نتريق على  حد.
قالتها ناهد، فردت مروى بجدية:
-عندك حق... ملناش دعوه... هناخد ذنوب عشان إيه يعني!!

وبعد فتره كانوا يلتفون حول مائدة العشاء بجوار والديهم وخالهم وزوجته همست مروى لأختها قائله: 
-مش قولتلك تلاقي فهد الفهود في الحفله.

حاولا كبح ضحكاتهما، وأثناء تناول ناهد للعشاء كانت زوجة خالها تنظر إليها بتهكم بين وهلة وأخرى ولم تعرها ناهد أي اهتمام رغم أنها أدركت نظراتها.

جذب انتباه ناهد سعد الذي كان يجلس مع عائلته حول طاولة عائلية كبيره يلتف حولها منى ومصطفى ووالدته وسيف وسعد ووالدتهما، وأرهفت السمع حين لاحظت ملامح سعد الغاضبه.

خاطب سعد سيف بتهكم:
-مجبتش رقاصه ليه يا سيف؟ مينفعش يابني لازم رقاصه.

أطرق سيف في صمت فأردف سعد مخاطبًا مصطفى:
-مغني يا مصطفى!! جايب مغني! هتاخدوا ذنب كل واحد دخل الحفله دي.
-بس بقا يا سعد متكبرش الموضوع... كل الحكايه إن الفندق بيقع مننا والحفله دي جابتلنا زباين وفلوس كتير أوي.

قالها مصطفى، فنهض سعد واقفًا وبدل نظراته بين الجميع، ثم قال وهو يصر على أسنانه:
-فلوس حرام! 

قالها وانصرف يهملج في عصبية، وبعد رحيله نظر سيف لمصطفى وهدر به:
-إنت مقولتليش ليه عن الحفله دي! أنا اتفاجئت، لو أخدت رأيي كنت هرفض! دا كمان سعد لسه معرفش بموضوع الفرح اللي هيتعمل!

نفخ سيف بضيق، ونهض وهو يقول:
-أنا هروح أشوفه... 

مالت منى على مصطفى وقالت:
-بصراحه إنت غلطان...

نظر مصطفى لوالدته ثم خالته وقال بسخرية:
-هما اللي اقترحوا عليا كده! ودلوقتي البراءه مرسومه على وشهم وساكتين...

نظر نبيله ورقيه لبعضهما وأطرقتا دون كلمة وابتسمتا، ثم ضحكتا.
وفور وصول هدى مع عائلتها تظاهر الجميع بالجديه ورحبوا بهم.

من ناحية أخرى، همست ناهد لأختها:
-شوفتي مين هناك! 

رمقتهم مروى وقالت:
-نسيت أقولك إني امبارح قابلت الظابط سيف اللي. معرفهوش دا وقالي أنهم هنا.

عقدت ناهد بين حاجبيها وقالت بريب:
-اوعي تكوني متفقه معاه يا بت! 

-والله أبدًا... أصلا قالي إن الفندق دا تبعهم وجاين يعملوا فرح أخوه هنا، وهيعزم بابا على الفرح... يارب بابا يوافق عشان نطول في القاعده شويه كمان.
-نطول ايه؟ لا أنا عايزه أرجع اسكندريه
-ليه يا فقريه!! خليكِ في صفي يا بت.

قالتها مروى فوضعت ناهد يدها على قلبها وقالت بقلق:
-مش عارفه ليه قلبي مقبوض كدا. 
-عشان نكديه وهتنكدي عليا أنا عارفاكِ.

قالتها مروى بوجوم، فلكزتها ناهد في كتفها وقالت بخفوت:
-احترمي نفسك يا بت أنا أختك الكبيره!

كانت زوجة خالهما تتابعهما، قالت باستفزاز:
-هو انتوا علطول كدا مبتبطلوش كلام، أنا دماغي صدعت.

نظرت لها ناهد وقالت بسخريه:
-حضرتك متركزيش معانا يا طنط وإنتِ دماغك مش هتصدع.

تدخلت الأم بقولها:
-عيب يا ناهد.

صمتت ناهد وردت مروى:
-ما احنا مش في حصة عربي يعني هنقعد ساكتين ومربعين أيدينا!

علقت زوجة خلالهما بغطرسة:
-المفروض من الإتكيت مفيش كلام أثناء تناول الطعام.

أنهت ناهد الكلام قائله:
-حاضر يا طنط حضرتك على دماغنا إنتِ والإتكيت، طبعًا منقدرش نزعل الإتكيت مننا.

قهقهت مروى على كلامها، وحين رشقتها والدتها بحدة، ضغطت شفتيها معًا وكبحت ضحكتها.

وبعد لحظات شرع الجميع في تناول الطعام في صمت ثقيل، وحين تذكرت مروى حوار ناهد وزوجة خالها انفـ ـجرت بالضحك مجددًا، فطالعها الجميع في استهانة، بررت مروى من خلف ضحكاتها:
-معلش أصل افتكرت حاجه.

شاركتها ناهد الضحك، وشاركهما والدهما أيضًا بينما رشقتهم والدتهم بنظرات حادة فصمتوا لبرهة وحين نظروا لبعضهم انتابهم الضحك مرة أخرى.

هبت زوجة خالهما واقفه فسألها الخال:
-رايحه فين يا حبيبتي؟

نظرت لهم شزرًا وقالت وهي تضغط على أخرف كلمتها بغيظ:
-شبعت.

هرولت للخارج واستأذن الخال وتبعها كي يستجلب رضاها كما يفعل دائمًا، نظر لهن والدهما «عوض» قائلًا بحدة زائفة:
-تؤ تؤ... ينفع كدا! الست زعلت.

ضحكوا جميعًا حتى الأم شاركتهم تلك المرة، فقالت مروى: 
-ربنا يهديها.

وبعد دقيقتين، بحثت ناهد عن هاتفها فاكتشفت أنها تناسته بالغرفه فنهضت واستأذنتهم لإحضاره.
بقلم آيه شاكر 
_______________________
على جانب أخر
كانت نبيله تتابع ضحكاتهم، تُحاول تذكر أين رأتهم؟ سألت أختها:
-شايفه البنتين الي هناك دول، مش قادره أفتكر شوفتهم فين قبل كدا! 

حدقت أم مصطفى بهم لبرهة، وقالت:
-دا دكتور عوض وبناته.

أضافت موضحة:
-الدكتور اللي عالج منى ومرضاش ياخد أي فلوس، وبنته دي كانت اتبرعتلها بالد**م، بنت جدعه أوي.

قالتها وهي تشير نحو مروى، فقالت نبيله:
-أيوه افتكرت، ناس محترمه، إحنا كمان لازم نكرمهم زي ما أكرمونا قبل كدا.

ابتسمت أم مصطفى وقالت: 
-عندك حق، إحنا لازم نخلي إقامتهم في الفندق مجانيه وكمان نعزمهم على فرح الولاد.

سألتها نبيله:
-ايه رأيك مصطفى ياخد منى ويروح يكلمهم.

خاطبت مصطفى ومنى ولفتت انتباههما، فقام مصطفى مع منى ليتحدث معهم.

وحين رأتهم «مروى» يقبلان نحوهم، وثبت مسرعة متظاهرة أنها تتحدث عبر الهاتف وابتعدت، أرادت أن تهرب، فلازال مصطفى يذكرها بالماضي، ويبعث في نفسها حنينًا وشعورًا لم تحبذه.
_________________________________
دخلت «ناهد» غرفتها ووقفت تبحث عن هاتفها وكان الباب مفتوح، سمعت صوت إنغلاقه، فأجفلت والتفتت في ذعر، ازدردت ريقها بتوتر حين أبصرته، وقالت: 
-إنت إزاي تدخل أوضتي من غير استئذان!

أشارت نحو الباب وأضافت بثباتٍ زائف:
-وازاي تقفل الباب! 

ابتسم بخبث وأدار المفتاح في الباب يوصده جيدًا ثم التفت لها وقال:
-الظاهر إن مفيش طريقه تانيه تخليكِ تحبيني زي ما بحبك غير كدا!

قالت بارتباك:
-تـ... تقصد ايه؟ 

كانتا عيناها تجوسان في قلق، بينما قال:
-أنا مجنـ ـون بيكِ.

أشارت للباب وصاحت بغضب:
-افتح الباب دا حالًا يا فهد وإلا والله هصوت.

أطلق ضحكات ساخرة وقال:
-هو دا المطلوب أنا عايزك تصوتي.
-إنت مش طبيعي... إنت أكيد شارب حاجه! 
قالتها وهي تُطالع عيناه اللتان ترتجفان، اقترب منها خطوتين فرجعت للخلف، وظل يقترب منها وهي تبتعد، حتى تعرقلت بالاريكه خلفها ووقعت عليها.

كانت ستصرخ لكنه أسرع بالهجوم عليها ووضع يده على فمها ليكتم صوتها، وقال بجنون: 
-بحبك.
عضت يده وضـ ـربته بقدمها، ثم اتجهت للباب تحاول فتحه فوقف وفتح يده بالمفتاح قائلًا بخبث:
-المفتاح أهوه تعالي خديه.

طرقت الباب بهلع وهي تهتف بصوت مرتفع: 
-حد يلحقني.

لم تلق رد فنظرت إليه وقالت:
-حرام عليك يا فهد، إنت زي أخويا.
-نفسي تحسي بيا!

قالها بحزن ثم اقترب منها غسقط المفتاح من يده، وحين أبصرت ناهد مكان المفتاح ركضت وانحنت لتأخذه، دفعها فهد فسقطت أرضًا بدأت تزحف على الأرض بظهرها وهو يقترب منها مبتسمًا، صاحت قائله: 
-حرام عليك يا فهد فوق بقا.
هجم عليها مرة أخرى، كانت تمسك المفتاح بيد وتحاول مقاومته بالأخرى وهي تبكي، نزع حجابها لكنها وضعته على رأسها مجددًا، صفعها فصرخت، وارتفع نشيجها بقلة حيلة، دفعته مرة أخرى عن طريقها لتفتح الباب وتخرج، وهي تصرخ به:
-حرام عليك فوق بقا إنت عايز إيه! 

ارتطم فهد بالأرض وفجأة انهارت قوته، وارتخت عضلاته، وهو طريح الأرض، وآخر ما قاله قبل أن يغلق جفونه:
-بحبك يا ناني.

ظنته مات، تفحصت تنفسه فلاحظت انتظام أنفاسه فقد غرق في سُباتٍ عميق، هرولت تفتح الباب بأيدٍ مرتعشه من شدة خوفها وأعين باكيه كانت تلهث بقـ ـوه.
وبمجرد أن فتحت الباب وجدت سعد خلفه، فمنذ سمع صوت استغاثه وهو يمر بين الغرف حتى وقف قبالة بابها وأرهف السمع.

وعندما رأى هيئتها قال: 
-فيه ايه؟ مين عمل فيكِ كدا؟! 

أشارت إلى فهد أرضًا، بأنامل مرتعشة، ولم تنطق، بل ازداد نحيبها، فدلف سعد للغرفه وأخذ يفحص فهد، وناهد تحكي له ما حدث بنبرة مرتجفة، فقال:
-هو كان شارب! يعني كمان الفندق بقا يُدخلهُ خمره!!! 

تنهد بحسرة وأضاف:
-على العموم متخافيش هو نايم، البسي أنا هاخده أوضتي لحد ما يفوق وهتصرف معاه.

قالت بقلق:
-لو سمحت مش عايزه حد يعرف الي حصل ده.

اومأ رأسه بتفهم وقال:
-متقلقيش.

وبعدما أخذه سعد وخرج دلفت هي للمرحاض وطفقت تبكي، كان جسدها يختلج من شدة الفرق.

وبعد فترة دق الباب فسارت بخطوات ثقيله وهي تسأل بتوجس:
-مين؟ 
-أنا سعد.
فتحت الباب، رمق سعد وجهها الشاحب وغض بصره وهو يقول:
-أنا بعتذرلك عن اللي حصل، إنتِ كويسه؟!
-الحمد لله أنا بس مخضوضه من اللي حصل.
-طيب محتاجه أي حاجه أعملهالك؟
-لأ شكرًا لحضرتك، ياريت الموضوع يفضل سر بينا... لأن ده ابن خالي وفرحه بكره ومش عايزه أعمل مشاكل وهو مكنش في وعيه.

أومأ رأسه بتفهم وقال:
-اللي تشوفيه.

استأذنها وغادر وعادت تجلس فوق فراشها تحاول تهدئة حالها.
بقلم آيه شاكر 
استغفروا❤️
___________________________
كانت «هدير» تجلس جوار نبيله من إتجاه ووالدتها من الإتجاه الثاني، شعرت ببعض الدوار فوضعت رأسها على الطاوله، سألتها والدتها: 
-مالك يا هدير!
-دايخه شويه.
-إنتِ شكلك حامل.
قالتها والدتها فسمعتها نبيله التفت تنظر لها وهي  وقالت: 
-ارفعي راسك يا حببتي كدا هتدوخي أكتر.

ساعدتها لترفع رأسها وقالت:
-اشربي العصير دا. 
وبمجرد أن ارتشفت منه شعرت بالغثيان، فوضعت يدها على فمها وقالت:
-مش قادره.

نظرت مديحه ونبيله لبعضهما بريب من حالتها تلك، فكل الأعراض تركد أنها حامل، قالت هدير: 
-أنا عايزه أطلع الأوضه.

طلبت نبيله من هدى أن ترافقها وبمجرد أن دخلت هدير غرفتها ركضت للمرحاض للتقيء.
-افتحي يا بنتي إنتِ قفلتِ على نفسك ليه؟ 
قالتها هدى ففتحت هدير الباب وخرجت تستند على الحائط وتتأوه، ساعدتها لتستلقي على فراشها.

 وضعت هدير يدها على بطنها وأجهشت بالبكاء وهي تقول:
-بيقولوا أن أنا حامل!
ربتت هدى على يدها بحنان وقالت:  
-الأطفال دول رزق من ربنا، طيب إيه المشكله لما تجيبي بنوته قمر شبهك كدا!

ارتشفت هدير دموعها وهي تقول بانفعال:
-المشكله في أبوه! أنا عمري ما هسامحه أبدًا.

ظلت هدى جوارها تحاول تهدئتها، حتي طلبت منها تركها لتنام.

وخرجت هدى من الغرفة لتبحث عن معاذ، كان واقفًا لحاله، مادته بنبرة غاضبة:
-معاذ.

التفت لمصدر الصوت وتنهد قائلًا: 
-ازيك يا هدى؟

-مش كويسه، ولا أختي كويسه... حسبي الله ونعم الوكيل فيك، كسرت أختي وكسرتنا كلنا... لو أطول أقتلك كنت عملت كدا منك لله. 
سألها ببرود:
-خلصتِ؟
هم أن ينصرف من أمامها لكن أوقفه صوتها المرتفع:
-إنت شخص بارد، معندكش إحساس ولا أخلاق
ابتسم بسخرية وقال ببرود:
-شكرًا... عايزه تقولي حاجه تانيه؟

-أختي حامل منك، كل الأعراض بتأكد كدا، أختي منهارة بسببك... وإنت بقا فاكر نفسك صلحت كل حاجه لما اتجوزتها.... ربنا ينتقم منك 

فاض الكيل، فهدر بها معاذ غاضبًا:
-انتوا ليه مش حاسين بيا مش شايفين إن أنا اتظلمت زيها! أنا مكنتش عايز أعمل كدا أنا تعبت من نظراتكم ليا تعبت من كل حاجه... ارحموني بقا.
 
تركها وابتعد بخطوات واسعة، ووقفت هدى تنفخ بضجر.
********
على جانب أخر
 كان هناك عيون تتابعهما وتبتسم بخبث بعدما سجلت كلامهما بالصوت والصورة، وقفت تفكر ماذا ستفعل بالفيديو لكن قاطع شرودها صوت: 
-معقول فاتن؟ ازيك يا فاتن؟

عندما التفتت إليه، اتسعت ابتسمتها، فهو نفس الشاب الذي تمنت دومًا لو يراها «الكراش»، مد يده ليصافحها، فاحتضنت يده بغيرها الصغيرة، وهي تحية ببهجة:
-ازيك يا رامي عامل ايه؟ 
-كويس وبقيت كويس أكتر لما شوفتك، إنتِ جايه تقضي الأجازه هنا؟ 

ابتسمت قائلة: 
-أيوه.
قال:
-طيب طلما إنتِ هنا إيه رأيك تيجي معايا في رحلة على اليخت بكره؟

-ياريت أصل أنا هنا لوحدي يعني مش معايا غير أخويا.
اتسعت ابتسامته أكثر وقال:
-تمام نتقابل بكره الصبح... هاتي رقمك بقا عشان أصحيكِ.

تبادلا الأرقام وغادرت فاتن وهي مبتهجة، فقد أزهرت دنياها!

وقف رامي يحدق بأثرها بمكر، قال:
-دي شكلها هتبقى أجازة طريه خالص.
___________________________
كان فؤاد يشاهد إحدى الأفلام، عبر جهاز الابتوب الخاص به حين طرقت أخته الباب فأغلق الجهاز مرتبكًا، وقال: 
-ادخلي.

ابتسمت بسعاده أخرجت الفديو الذي صورته لهدى ومعاذ وقامت بتشغيله، قالت:
-شوف واسمع بنفسك.

ارتسمت الإبتسامه على محياه وقال: 
-يا بنت اللعيبه... عملتيه ازاي دا!
 
قالت بخبث:
-عشان تعرف إن أنا دماغي شغاله.

ضحك بسخريه وقال: 
-لأ دا إنت مبتخافش عليكِ، إنتِ كدا سهلتي مهمتنا، استني بقا عليا يوم ولا اتنين وأنا هظبطهملك...
____________________________
وفي اليوم التالي

نظرت «منى» من الشرفه فوجدت مصطفى يقف مع فتاة متبرجة، شعرها ينسدل خلف ظهرها وترتدي تنورة قصيره لا تصل حد ركبتها.

عادت تجلس على الأريكه تطرق قدميها الأرض في توتر وتنتظره، وبمجرد دخوله الغرفه سألته: 
-مين الي كنت واقف معاها دي؟ 
-واقف فين؟ 
-تحت مع البنت اللي لابسه ومش لابسه دي!
-أيوه دي زميلتي من أيام الجامعه.

قالها بمكر فقالت باقتضاب:
-تمام.

صمتت لوهله ثم أردفت بجمود:
-وكانت عايزه إيه بقا؟

قال بخبث:
-مفيش كانت بتطمن عليا.
-بتطمن عليك؟!
قالتها بصدمة، فأجاب ببرود:
-أيوه زملاء عادي.
 
تذكرت كلام هدى، أيعقل! تُرى هل فُتن بتلك الفتاة وأعجبته! فرغم أنها زوجته وقد عُقد قرانهما لكنها لا تجلس أمامه إلا بحجابها وبملابس فضفاضة، ولا يظهر من جسدها سوى الوجه والكفين وكأنه رجل أجنبي عنها، ولمَ لا ولازالت تنتظر أن يحدد حفل زفافها.

 ظلت تطرق قدميها بالأرض في سرعه واضطراب، والأفكار تجول وتدول برأسها بينما كان يعبث بهاتفه لكنه يتابعها بطرف عينه وقد شرعت في قضم أظافرها، فاستمتع بإثارة، قال:
-اسمها مايان كانت أجمد مزه في الجامعه ومازالت بصراحه.

رمقته بغيظ فأردف:
- طلبت رقمي واتحرجت أرفض فاديتهولها.

هبت واقفه وطالعته بأعين ملتهبة بشرارة الغضب وهي تقول:
-خدت رقمها؟!

وقفت أمامه وحاولت أخذ الهاتف من يده فرفعه بعيد عنها وهو يضحك فاستفزها، قالت بغيظ: 
-هات كدا الموبايل ده؟
-لأ.
قالها وهو يضعه في جيبه وبعد أن يأست أن تنال الهاتف، وقفت تنظر إليه بتجهم واضعة كلتا يدها على خصرها وقالت بوعيد:
- ماشي يا مصطفى!! والله ما أنا قعدالك في الأوضه.
 
هملجت بخطوات غاضبة نحو الباب، وقد شعرت بحرارة الدموع الدافئه التي طفقت تفر من عينيها وقبل أن تخرج، التفتت له قائله بحشرجة:
-يا أبو عين زايغه.

حين رأى دموعها رنى إليها وجذبها من ذراعها وهو يقول: 
-والله بهزر والله ما أعرفها دي واحده شغاله في الفندق هنا وكنت بسألها عن حاجه.

إغرورقت عينيها بالدموع وقالت بتجهم:
-ماشي وبتضحك معاها ليه؟ 

-والله ما ضحكت! يا منى أنا محبتش ولا هحب غيرك.

انبسطت ملامحها وهو يعبر لها عن  مدى حبه،ثم أضاف:
-رأيك نعمل الفرح هنا؟

مسحت دموعها وأنفها بالتيشرت الذي يرتديه وقالت: -موافقه...

اتسعت ابتسامة فقد نجحت خطته لتوافق دون جدال.
___________________________
ارتدت «فاتن» ثياب تكشف من جسدها أكثر مما تستر وفوقها ملابس أخرى، ثم خرجت من غرفتها متجهة لحيث ينتظرها رامي في المُرنحة الخاصة به.

ابتعد مسافه عن الشاطئ حتى اختفى عن ناظرهما، نظر لها رامي قائلًا:
- يلا جهزي نفسك هنغطس هنا.

وفي لمح البصر خلعت ملابسها دون حياء، وكانت نظراته المتفحصة تخترقها وهي تستمع بما رأت فيها من إعحاب.

قال:
- أنا كنت معجب بيكِ من زمان أوي، ويوم ما طلبت رقم هدير كان عشان أتكلم معاكِ كنت خايف ترفضيني، أنا كنت معجب بيكِ لكن دلوقتي بحبك.

ابتسمت فاتن بسعاده واندفعت قائلة:.
-أنا كمان بحبك من زمان وبكراش عليك، وزعلت أوي لما طلبت مني رقم هدير. 

ابتسم وتجرأ على الإقتراب منها ولم تعترض.

بعد فتره فتحت عينيها كأنها كانت مغيبه واستيقظت! 
لكن كيف وقد فات الآوان، قامت من جواره تغطي جسدها، ارتدت ملابسها في سرعة كان ينظر لها بانتصار فقد أخذ منها ما أراد، قالت بقلق: 
-طبعًا إنت فاكر إني مش محترمه!

أدمعت عيناها وأضافت بندم:
- بس والله أنا بحبك عشان كدا...

اقترب منها ومسح دموعها بيديه وقال: 
-أنا كمان بحبك بس متعيطيش عشان خاطري، أنا عارف إنك بنت محترمه.

ضمها لتهدأ فخرجت من بين ذراعيه وسألته: 
-هتتجوزني؟

ارتبك قائلًا:
-إيه!! آآ... أيوه طبعًا هتجوزك.

ضمها مجددًا وهو يبتسم ساخرًا وقرر أن يراوغها حتى يقضي معها أطول فترة ممكنه.
____________________
حين رآها «معاذ» تسري لحالها أقبل نحوها بخطى واسعة، وحين لاحظت اقترابه، حاولت الفرار قبل أن ينبس ببنت شفه فأسرعت خطاها لكنه تجاوزها ووقف أمامها، قال:
-هدير لو سمحتِ لازم نتكلم.

حاول مسك يدها لتتوقف، فسحبت يدها وهدرت:
-قولتلك متقربش مني، ومتمسكش إيدي.

رفع كلتا يديه وقال:
-طيب مش هقرب ولا هلمسك، بس اديني فرصه واسمعيني.

طالعته بتهكم، وأرادت الهرب ولكن كان هناك صوت يدوي  داخلها يحثها تسمعه هذه المره، أن تنظر إليه ولو لمرة، طالعته فالتقط بصىها عيناه المليئة بالشجن، ونظراته المنكسرة، وملامحه الشاحبة فضلًا عن تلك العبرات الحبيسة خلف زجاج نظارته الطبية، قررت أن تسمعه ولو لمرة واحدة، تنهدت بعمق وقالت:
-اتكلم عايز تقول ايه؟ 

-عايز أقولك إن أنا اتظلمت! 
أشاح بصره عنها ورفع يده يمسح رأسه بتوتر وارتباك، فكلما تذكر حالته في ذلك اليوم شعر بنغزه في قلبه، واشتدت نبضاته، واختلجت أعصابه، أردف:
-إنت متخيله يعني ايه أفتح عيني ألاقي نفسي في سرير مع بنت معرفهاش...طيب متخيله الكسره الي أنا كنت فيها لما باباكِ دخل وبعديه أمي واخواتي.

ازداد معدل تنفسه، وبدأت دمعته السجينة تشق طريقها وتفر من مقلته فخلع نظارته ومسح تلك الدمعه بطرف إصبعه قائلًا بألم:
 أنا اتكسرت.

ولى ظهره لها لتسيل دموع عينيه، وحاول كبح نشيجه فأشفقت عليه، فمن الواضح أنه قد عانى مثلما عانت تمامًا.

فتحت علبة المناديل التي تحملها بيدها ووقفت مقابله، بسطت يدها بالمنديل الورقي وقالت بنبرة هادئة: 
-اتفضل.

أخذه من يدها ليمسح وجهه، ثم أشار للعلبة بيدها وأخذ أخر ليمسح زجاج نظارته، تنفست بعمق وأطلقت العنان لدموع كانت تذرفها لحالها قبل مجيئة وكبحتها في حضوره، قالت بحشرجة:
-بيقولوا إن أنا حامل! أنا خايفه أوي.

-ممكن متعيطيش، إي المشكله يعني إحنا متجوزين ومحدش ليه عندنا حاجه.
-بس أنا لسه صغيره! 
قالتها وحمحمت بخفوت تجلي غصة حلقها، فابتسم وقال:
-بنات كتير بيتجوزوا ويخلفوا في سنك... أنا عمري ما هغدر بيكِ يا هدير اطمني، يا ستي دا أنا أتمنى أكون أب  لطفل منك... دا لو كنتِ حامل يعني!
قالها بشك، فنظرت للفراغ وشردت تفكر بكلامه، أفاقت من شرودها ونظرت إليه فوجدته يحدق بها كاد يخترقها بنظراته، تفحص كل إنش بوجهها ولم لا وهي زوجته وحلاله فلينظر كيفما شاء، أشاحت بصرها بتوتر ونظرت أرضًا بحياء، فقال:
-إيه رأيك نجيب جهاز اختبار الحمل من الصيدليه عشان نتأكد؟ 

ازدردت ريقها بتوتر وأومأت رأسها بالإيجاب، تنهدت بارتياح وابتسمت وهي تنظر إليه، فابتسم لها، ازدادت حمرة وجهها حياء منه ومن نظراته المسلطة عليها، وها قد طرقت السعادة باب قلبها تريد الولوج، فهل ستدخل الألوان حياتها بعد أن خيم عليها الأسود لفترة عصيبة، داهمها بسؤال:
-مسمحاني؟
-هحاول.

قالتها رافعة ذقنها، فقال معاذ ببهجة:
-طيب ممكن نبقا أصحاب على ما المحاوله تنجح وتسامحيني ان شاء الله 

-ومالو نجرب نبقا أصحاب.
ارتسمت الإبتسامه على شفتيه بسعاده وقال بزهو: 
-صدقيني مش هتندمي.
_________________
وفي المساء
ارتدت مروى ثوبها طالعت حالها في المرآة باعجاب، ثم نظرت لناهد التي ارتدت فستانها لكنها كانت تجلس على طرف الفراش شاردة فيما فعله فهد معها ولا تريد حضور حفل زفافه، جذبها من شرودها صوت مروى:
-يلا يا نوده هنتأخر. 
-لأ أنا لسه، لسه هلبس الطرحه اسبقيني إنتِ.

جلست ناهد على الأريكه قائلة: 
-أوكِ هستناكِ.

-لأ روحي إنتِ أنا هبقا أجي في نص الفرح كدا، أصلًا مش قابله أروح.

حفل زفاف فهد في تلك الليلة، وهي لا تريد حضوره.

نظرت لها مروى شزرًا وقالت:
-هتفضلي نكديه وكئيبه طول عمرك.

قالتها مروى وغادرت بينما جلست ناهد تفكر للحظات ثم حملت حقيبة اليد ونزلت للأسفل.

أخذت تتمشى بجوار حمام السباحه وسعد من شرفة غرفته، فلم يخرج منها منذ علمه بحفل الزفاف بالفندق، سن قوانين صارمة بشأن الفندق ولكن بعد الليلة لتمر فقط وغدًا يوم جديد.

كانت ناهد شاردة، لم تخبر أسرتها بما فعله فهد حتى الآن وخاصةّ بعدما توسلها فهد حين أفاق مما كان فيه، فابتلعت كلامها ولم تبح...

تتخيل لو علمت مروى ما حدث فستقلب حفل الزفاف رأسًا على عقب.

رأتها زوجة خالها، تتمشى فابتسمت بخبث، أرادت أن تضايقها فخطر لها فكرة شيطانيه، نظرت السيدة  حولها لتتأكد من عدم وجود أحد، وسارت على أطراف أصابعها كاتمةً أنفاسها ثم دفعت ناهد لداخل المياه وركضت بعيد. 

تعليقات