رواية وما معني الحب الفصل الثالث عشر13 والرابع عشر14 بقلم ايه شاكر

رواية وما معني الحب الفصل الثالث عشر13 والرابع عشر14 بقلم ايه السيد شاكر

أرادت أن تضايقها فخطر لها فكرة شيـ ـطانية، نظرت السيدة حولها لتتأكد من عدم وجود أحد، وسارت على أطراف أصابعها كاتمةً أنفاسها ثم دفعت ناهد لداخل المياه وركضت بعيد.
ولسوء حظها وحُسن حظ ناهد رآها سعد وركض بأقصى سرعته لينقذ ناهد، حتى أن حذاءه وقع من إحدى قدميه فخلع الأخر ولم يلتفت، اصطدم برجل من نُزلاء الفندق، فأخذ الرجل يغمغم بضيق، فأكمل سعد الركض ولم يكترث، رأته والدته فنادته:
-فيه ايه يا سعد بتجري ليه؟ 
لم يرد عليها، فأثار قلقها وتبعته.

على جانب أخر شربت ناهد الكثير من المياه التي دخلت عبر فمها وأنفها حتى أذنها لم تسلم، فدائمًا ما كانت تخشى البحر وتصفه بالغدر، وتستعيذ بالله من الموت غرقًا.
في تلك اللحظات ندمت وتمنت لو تعلمت السباحة كأختها، قاومت كثيرًا حتى استسلمت في النهاية وسحبتها المياه لأسفل...
استغفروا♥️
بقلم آيه شاكر 
___________________________
كان «سيف» يقف خارج القاعة مع عوض يتحدثان حول جابر وأعماله الممنوعة، قال عوض بقلق:
-أنا مش خايف على نفسي لكن خايف على بناتي.
-يعني جابر مراقبك فعلًا! وعارف إنك على تواصل مع الشرطه!

قالها سيف فتنهد عوض وقال:
-أيوه مراقبني، وأنا مش هقدر أساعدك أكتر من كدا سامحني.
-الظاهر إن جابر دا مش سهل وهيتعبنا معاه.
-أكيد ولازم تكون عارف كده وتاخذ حذرك، جابر مفيش شغل ممنوع إلا وعمله، تجارة أعضاء وتجارة سـ ـلاح ومخد.رات وغسـ ـيل أموال كل الي تتخيله ومع ذلك متعرفش تمسك عليه حاجه!

اومأ سيف رأسه بتفهم وقال:
-على العموم أنا مش هجبر حضرتك تساعدني وربنا يقدرنا على جابر وأمثاله.

قال عوض:
-صدقني لو وقع في إيدي دليل واحد هبلغك بيه... لكن بلاش نتقابل كتير لأن العين عليا زي ما إنت عارف.

ابتسم سيف وقال برسمية:
-طيب يا دكتور نسيبنا من جابر وسيرته العكره، إن شاء الله حضرتك تكمل الإسبوع هنا مع الأسرة الكريمه عشان تحضر فرح معاذ أخويا. 

ابتسم عوض، وقال:
-والله لو فيه مجال إن شاء الله هنكمل الإسبوع ربنا يتمملكم على خير.

صافحا بعضهما تزامنًا مع خروج مروى من القاعة، رمقت سيف بنظرة استعادتها سريعًا، ثم سألت والدها:
-بابا مشوفتش ناهد؟ قالتلي هنزل وراكِ ومجتش.

قلَب عوض فمه، وقال:
-لأ يا قلْب بابا مشوفتهاش والله.

ازدردت لعابها ونظرت لسيف، ثم قالت بتلعثم:
-إزيك يا حضرة الظابط؟ 

رد سيف برتابة:
-الحمد لله ازيك يا أنسه مروى؟

بدل عوض نظره بينهما وقال:
- إنتوا تعرفوا بعض؟ 
اضطربت مروى وقالت: 
-لـ... لأ قصدي أيوه...

تدارك سيف الموقف ووضح:
-كنت أخدت أقوالها لما شوفتها في المستشفى لما كانت الأستاذه منى تعبانه.

أومأ عوض رأسه بتفهم وظل يبدل نظره بينهما ثم أطرق وابتسم.

وعلى الصعيد الأخر كانت هناك أعين تراقبهم بتمعن وتركيز، نظر حمدي أمامه وخاطب صاحبه زياد: 
-مروى طلعت بنت الراجل الي بنراقبه، كدا فيه ترتيبات هتتغير.

رد زياد بتهكم:
-أنا حاسس إن مروى دي بقت نقطة ضعفك، فوق لنفسك يا حمدي إنت عامل زي الي عارف إنه بيغرق وفرحان. 

تنهد حمدي وقال بهُيام:
- أعمل ايه يعني! بحبها.

حدجه زياد ببنظرات غاضبة، وبحنقٍ قال: 
-أهو دا اللي كنت خايف منه، إنت كدا هتدمر نفسك وهتدمرني في طريقك!

أجاب حمدي بثقه:
-لأ متقلقش أنا مرتب كل خطوه بعملها.

-والله شكلك هتودينا في داهيه، شيل البنت دي من دماغك يا حمدي.

استدار حمدي يُطالعها بنظرات إعجاب، ثم نظر لزياد وقال:
-صدقني مش هقدر.
_______________________
سُرعان ما أدركها سعد وأخرجها من المياه، وضعها على ظهرها وهو يلهث وقد تحول عقله لصفحةٍ بيضاء فلا يستطيع تذكر الإسعافات الأوليه، للتعامل مع الغريق، حاول أن يُهدأ من روعه، وأخذ يناديها:
-ناهد، ناهد... سمعاني.

لم تستجيب، كانت راقدة بلا حول ولا قوة، فاتجه للخطوة الثانيه وتحسس نبضها وتنفسها ولا تنفس، حاول فتح مجرى التنفس عن طريق وضع يد على جبينها ويد أسفل ذقنها لكن مازالت المشكلة ناشبة ولا تنفس، ازدرد ريقه بتوتر من الخطوة التاليه لكن سرعان ما توجه للخطوة الثالثة فالمسأله أصبحت حياة أو موت، والضرورات تُبيح المحظورات، لكن حين أبصر والدته التي وصلت إليه قال:
-محتاجه تنفس صناعي يا ماما... ساعديني.
-حاضر... 
قالتها والدته، وارتكزت على ركبتيها وأخذ سعد يشرح لها ما يتوجب فعله، ففتحت نبيلة فم ناهد ونفخت مرة تلو الأخرى حتى خمس مرات وسعد يراقب صدر ناهد يعلو ويهبط مع كل نفخة، لكن لا زالت لا تستجيب، سألت والدته بخوف:
-هي ماتت؟! 

اهتز قليلًا وأجفل، ولكن سرعان ما استعاد رباطة جأشه واتجه للخطوه التاليه بدأ يضغط على صدرها لإنعاش قلبها ٣٠ ضغطه وتنفخ والدته في فمها مرتين.

وحين تأخرت الإستجابة ابتعدت والدته عنهما  خطوات، فالفتاه لم تستجب، قالت والدته:
-ماتت يا سعد!

اختلج فؤاده حين قالت والدته تلك الجملة لكنه لم ييأس، أخذ يكرر الخطوات مرة أخرى ٣٠ ضغطة على صدرها ونفخ هو نفسًا في فمها فعاد تنفسها، وأخذت تسعل ثم تقيأت، ومرت لحظات أخرى قبل أن تفتح جفونها.

تنهد سعد بارتياح وجلس جوارها وهو يلهث مرددًا: 
-الحمد لله... 

اقتربت منها نبيله وسألتها:
-ناهد إنتِ كويسه؟

لم تعلق بل كانت تسعل تارة وتسحب الهواء لرئتيها تارة، ونبيلة تربت على ظهرها، حتى استعادت جزء من طبيعتها،  نظر سعد لوالدته، وقال:
-بعد إذنك يا ماما شوفيلنا بشكير أو أي حاجه.

نهضت نبيلة وهي تقول:
-حاضر حالًا.

وأثناء طريقها للداخل رأت عوض يقف مع سيف فأقبلت إليه مهرولة وقالت: 
-يا دكتور عوض! ناهد كان هتغرق في حمام السباحه وسعد طلعها.

دب الرعب بقلب عوض وسأل بهلع: 
-ناهد بنتي!؟

هدئته قائله: 
-متقلقش هي خرجت وبقت كويسه هي قاعده هناك على ال pool.

ركض عوض بفزع وتبعه مروى وسيف...
_________________
على جانب أخر كان سعد يجلس جوارها هتف قائلًا: 
-فيه واحده زقتك في المايه وجريت... أنا شوفتها.

كانت مرهقة لكن قالت بنبرة خافتة:
-أه... أيوه، لو سمحت متقولش لحد.

طرق الأرض بقبضة يده في غضب وقال: 
-تاني متقولش لحد!!

قاطعهما عوض الذي كان يلهث من شدة الركض جثى على ركبتيه أمامها، وقال: 
-إيه الي حصل يا حبيبتي؟ إنتِ كويسه؟

رمقت «ناهد» سعد بطرف عينيها وقالت بتلعثم وإرهاق:
-متقلقش يا بابا أنا بخير، بس رجلي فلتت ووقعت في المايه.

كانت تجاهد لتنطق كلماتها تلك، وحين سمعها سعد تجهم وجهه وأصر على أسنانه بغيظ من فعلتها.
_________________________
وقفت «هدى» بشرفة غرفتها التي تشاركها بها منى بعد أن رفضت أن تمكث مع مصطفى بغرفة واحدة، لحاجةٍ في نفسها.

جذب انتباه «هدى» «هدير» التي تقف مع معاذ وتضحك من قلبها، تحدثت بصوت مرتفع قائلة:
-بقا أنا عماله أغلي من جوايا عشان هدير، والست هانم مقضياها ضحك مع معاذ باشا!

أقبلت إليها منى وهي تسأل بلهفة:
-فين، فين؟

أشارت هدى حيث يقفان وقالت:
-هناك، شوفي بيضحكوا ازاي؟ 

ابتسمت منى، وقالت:
-الله! شكلهم حلو أوي... تصدقي لايقين على بعض.

رمقتها هدى بغيظ وقالت: 
-إنتِ مالك فرحانه كدا ليه؟ أنا لسه متخانقه مع معاذ امبارح... دا إنسان بارد زعقلي ومشي وسابني، منه لله بسببه كلمت أحمد بطريقه وحشه وشكله زعل منى.

نظرت لها منى باستهزاء وقالت:
-أحسن تستاهلي عشان تبطلي عصبيه.

وضعت «هدى» يدها على خصرها وقالت: 
والله لأروح أتخانق معاهم الاتنين وأطلع شحنة الزهق دي كلها فيهم.

حاولت «منى» أن تمنعها من الخروج لكنها لم تتراجع وخرجت من الغرفة ترفل ثوبها في غيظ.

على جانب أخر
 حيث كان معاذ يقف قبالة هدير، قال:
-إنتِ عمرك شوفتِ صاحب ميعرفش رقم صاحبه؟
-وإنت بقا عايز تاخد رقمي عشان تعاكسني! 
غمز لها قائلًا:
-مراتي وأعاكس براحتي.

ابتسمت وأطرقت بحياء فأردف:
-صحيح مش ناويه تعملي اختبار الحمل وتطمنيني؟
-هو إنت كنت جيبته وأنا قولت لأ!!
-لسانك طويل أوي مطلعتيش هاديه!

قالها بضحك، فعقبت بنزق زائف:
-هاديه مين؟ أنا هدير إنت هتلغبط في إسمي من أولها؟

أعلنت ملامحه عن ابتسامة رضا ومن عينيه تُطل نظرات الإعجاب، ولكن للسانه رأي أخر حين نطق:
-د*مك تقيل ما شاء الله عليكِ.

رفعت إحدى حاجبيها ونطقت:
-طيب بمناسبة الد**م التقيل ممكن أقولك نكته؟

أردفت هدير قبل أن ينطق:
-قولتلي قولي اسمع بقا...

قاطعها معاذ بغلظة مصطنعه:
-والله ما قولت حاجه مش عايز أسمع.

-اسمع وأنصت بس، مره... مره مهندس كومبيوتر زيك كدا يعني جاع فأكل ويندوز.

قالتها وانفـ ـجرت ضاحكة، فنظر لها وقد ارتسمت الإستهانة على ملامح وهو يقول:
-ويا ترى بقا ويندوز كام؟
-واضح إنها عجبتك، هقولك واحده كمان... مره كوسه وقعت على الأرض فقالت ااااه أنا اتأورت.

انفـ ـجرت بالضحك وشاركها، ثم قال: 
-أقولك أنا بقا نكته.

انتبهت له بكل حواسها فأضاف:
-مره واحد حب واحده اسمها هدير غنالها وهديـــر وأرفرف في الفضاء.

ضحك لكنها نظرت له بتهكم وقالت:
-مبتضحكش ورخمه.
-طيب خلاص فكك من فقرة النكت البايخه دي وتعالي نتمشى شويه وأعزمك على أيس كريم.

هزت رأسها نافية وقالت: 
-لأ أنا هطلع أوضتي مش عايزه حد يشوفنا ماشين مع بعض. 
-ليه إن شاء الله! دا أنا متجوزك على سنة الله ورسوله وفرحنا كمان كام يوم.
أردف بمرح: يا بت إنتِ مراتي!

قاطعتها هدى التي صفقت بيدها وقالت ساخرة:
-الله الله! يا بت إنتِ مراته... قاعدين انتوا هنا تضحكوا وسايبني نفسيتي تعبانه ومش طايقه نفسي.

اقتربت من أختها ولكزتها في ذراعها وقالت:
-أومال يختي مطلعه عيني ليه وقرفاني ليه؟!

قلدت هدى طريقة أختها وهي تقول:
-وعمري ما هسامحه يا هدي، دا دبـ.ـحني يا هدى!

نظرت هدى لمعاذ قائلة:
-وإنت يا أستاذ تزعقلي امبارح وتسيبني وتمشي مش مقدر حتى فرق السن الي بينا!

قال معاذ:
-سن إيه الي بينا؟ احنا من سن بعض أصلًا!

رمقته هدى بغلظة وقالت هدى:
-ويرإيڤر، المهم يا أستاذ متزعلش أختي تاني طول حياتك فاهم! 
نظر معاذ لهدير وقال بابتسامة:
-أوعدك مش هزعلها أبدًا، وهعوضها عن كل اللي حصل.

نظرت هدى لأختها قائلة:
-وإنتِ كمان متزعلهوش عشان هو شكله طيب على فكره!

ابتسم الجميع، وقال معاذ:
-طيب بمناسبة التصالح ده، أنا عازمكم على أيس كريم.
ردت هدى بمداعبة:
-الأيس كريم دا بتاع العيال التوتو أنا عايزه شاورما... نص فرخه... ساندوتش هامبورجر...

ضحكوا فأضافت هدى:
-الحاجات دي هتاخد كل الشوائب والرواسب الي في قلبي وتنزلها معاها... لأنها بتنزل قلبي مش معدتي.

ضحك معاذ وهدير، وعلق معاذ قائلًا:
-حاضر من عنيا أحلى ساندوتش شاورما...

ابتسمت هدى قائله:
-طيب نأجل الشاورما لبكره وأسيبكم تأكلوا أيس كريم دلوقتي.

لوحت لهما ثم غمزت لهدير وقالت: 
-أتمنى لكِ وقتًا ممتعًا.

وفي دقائق اختفت من أمامهما، وهدير تنظر لأثرها بابتسامة واسعة، انتبهت حين قال معاذ: 
-بتخاف عليكِ أوي... ما شاء الله أختك دمها خفيف وروحها حلوه تشبهك.

قالت هدير بإعجاب:
- أنا الي أشبهها، أختي دي أصلًا مفيش زيها!
__________________________
وبعد يومان.
كان الجو مليء بالحيوية والمناظر البديعة تظهر من شرفة غرفة عوض حيث يجتمع مع أسرته، يُطالعون المكان الجميل مبتسمين وكأنهم يُطالعون لوحة فنية عُلقت على إحدة الجدران.

قرر عوض السفر إلى صعيد مصر لحضور زفاف ابن أخيه كما اتفق مع زوجته أن يذهب معها لحضور حفل زفاف ابن أخيها وترافقه مع بناتهما، لحضور حفل زفاف ابن أخيه.

-لأ يا بابا مش عايزه أروح الصعيد.
قالتها ناهد برجاء فيكفيها ما عانته مع فهد وتخشى أن يتكرر مع إحدى أولاد عمها الغلاظ، قال والدها:
-لازم نروح كلنا، أكيد مش هسيبكم ترجعوا اسكندريه لوحدكم! 

ردت مروى في سرعه: 
-ومين قال إننا هنرجع دلوقتي! احنا هنكمل الأسبوع هنا هنحضر فرح هدى وهدير ونرجع معاهم.

التفت والدها قائلًا بحزم:
-لا طبعًا! هسيبكم هنا ازاي؟

نهضت مروى وانحنت ثم حاوطت كتفي والدها وقالت:
-يا بابا يا حبيبي مش إنت قولت إن الظابط دا قالك نكمل الاسبوع مجاني عشان فرح أخوه، يبقا تروح إنت ومتقلقش علينا المكان هنا آمن.

تنهد عوض، فهو لا يود اصطحابهما معه وفي ذات الوقت في نفسه شيءٌ من هذا المكان، صمت لبرهة بينما ظلت مروى تُحاول إقناعه، ووافقت والدتها بعد أن قالت أنها ستوصي نبيلة ورقيه عليهما، أما ناهد فكانت تتابعهم بابتسامة، حتى نطق عوض:
-خلاص خليكم وأنا هسافر مع مامتكم الصعيد، وهوصي سيف يرجعكم معاه، بس تاخدوا بالكم من نفسكم وتكلمونا كل شويه.

صفقت مروى بيدها ووثبت في بهجة وهي تردد:
-يحيا بابا، شكرًا يا أحلى بابا.

قبلته من إحدى وجنتيه، فابتسمت ناهد هي الأخرى ستطول مدة بقائها في نفس المكان الذي يوجد به سعد.
لا تدري لمَ يراودها هذا الشعور يبدو أنها تحس بمشاعر لم يعهدها قلبها، واطمئنت لأن خالها وزوجته وابنه غادروا الفندق البارحة، ولن ترى هذا الفهد مجددًا، قامت ناهد من جوارهم ومطت ذراعيها قائله: 
-أنا هقوم أنام بقا.

ردت مروى بسخريه: 
-هو إنت مبتبطليش نوم! احنا لسه صاحين! تعالي نروح البحر.
-لأ مش عايزه أروح سيبيني أنام منمتش طول الليل، وبعدين بحر ايه كفايه الي حصلي اول امبارح! الحمد لله إني عايشه.

شرعت والدتهما بتجهز ملابسها وملابس عوض للسفر وهي توصي ناهد بنفسها وبأختها خيرًا قبل أن يغادرا الفندق.

عادت ناهد غرفتها واحتضنت فراشها، بينما جلست مروى على طرف الفراش الأخر وخاطبتها: 
-أنا عايزه أعرف وقعتِ في المايه ازاي؟ 

سحبت ناهد الغطاء لتغطي وجهها وهي تقول:
-اتكعبلت ورجلي فلتت يلا تعالي نامي جنبي أحسن بلا بحر بلا وجع دماغ.
-إنتِ نكديه يا بت مبتشجعيش على حاجه، خليكِ نايمه وأنا هروح أشوف منى وهدى أروح معاهم.

أدارت ناهد وجهها للأتجاه الأخر وقالت:
-أحسن برده عشان أرتاح من زنك شويه.

ارتدت مروى المايوه الاسلامي الخاص بها وحملت حقيبة الظهر، وأخذت هاتفها ثم خرجت من الغرفه، وتركت ناهد تهيم في أفكارها، ابتسمت حين تذكرت كيف أنقذها سعد البارحة وقررت أن تهرب من كل ما يجول برأسها بالنوم فهو السبيل الوحيد لتتخلص من عناءها، ولكن عقلها الباطن يحضر لها المزيد من الأحلام التي سينسجها في منامها.
_________________________
استيقظ «سعد» من نومه وظل رابضًا في فراشه فكلما تذكر حالة ناهد استشاط غضبًا.
ابتسم عندما تذكر ما فعله وكيف طردها هي وزوجها وابنها من الفندق عل غضبه يخمد ويرتاح قليلًا.

دق مصطفى باب غرفته ومعه أحمد فأذن لهما بالدخول جلسا على الأريكه، ابتسم مصطفى بخبث قائلًا:
-مبروك يا شيخ سعد طلعت ترند.

اعتدل سعد في جلسته وقال:
-يعني إيه؟ 
وضع مصطفى الهاتف نصب عيني سعد فكان عنوان الفيديو:
«شاهد قبل الحذف قُبلة الحياة»

ضحك أحمد وقال: 
-الفندق كله بيتكلم عليك بقيت مشهور يا مولانا، وعملت اعلانات للفندق.

انتفض سعد وشخُص بصره وهو يُحدق بشاشة الهاتف، قال بصدمة:  
-يا نهار أبيض! مين اللي صور الفيديو دا؟ مكنش فيه حد موجود إلا أنا وماما!

ضحك مصطفى قائلًا:
-لازم تصلح غلطتك يا معلم.

سعد بتجهم: 
-إنت بتضحك يا عم! إيه الناس دي مابيصدقوا يلاقوا حاجه يطلعوها ترند!
-متقلقش معاذ أخوك قام بالواجب وحذف اللي قدر عليه.
-بس برده بقيت مشهور، مش بعيد الناس يوقفوك يتصوروا معاك.
قالها مصطفى بسخرية، فرد سعد بثقه: 
-على العموم أنا معملتش حاجه غلط... أنا أنقذت حياتها!

ظل أحمد ومصطفى يتبادلان النظرات للحظات قبل أن ينظرا لسعد ويضحكان في آن واحد، فهب سعد واقفًا وقال بتبرم:
-قوموا اطلعوا بره.

لم يتوقفا عن الضحك، فدفعهما سعد وهو يقول: 
-بــــــره.
قال مصطفى:
-طيب خلاص طالعين، بس يلا عشان هنروح البحر.
-مش جاي.
قالها سعد ودفعهما لخارج الغرفه ثم أغلق الباب ونفخ بضجر وهو يقول:
-إيه الأخبار اللي الورد دي على الصبح!

فقد ظل الفديو ترند لمدة ١٢ ساعة متواصلة وشاهده الكثير حتى أنه وصل لأهل «عوض» في صعيد مصر، لكن لم يراه عوض ولا زوجته ولا حتى بناته.
صلوا على خير الأنام ♥️ 
بقلم آيه شاكر 
____________________________
على جانب أخر
وقفت مروى تبحث بعينيها عن منى أو هدى لترافقهما للبحر، وقد عقدت النية أن تُعالج قلبها من مصطفى علها تغسل مشاعرها وتُنقيها، فلابد أن تراه برفقة زوجته «منى» لتختبر حالة قلبها.

دخلت المطعم ووقفت تبحث بنظراتها عنهم، فقاطعها صوته:
-بتدوري على حد؟
قالت بابتسامة:
-ازيك يا حضرة الظابط، كنت بدور على منى أو هدى عشان أروح معاهم البحر.
-ايوه هما طلعوا يجهزوا هنروح كلنا في الباص دلوقتي.

سألت مروى:
-إنت كمان هتيجي؟ 
اومأ وقال:
-ايوه.

أشار على الطاوله:
- تعالي نقعد هنا على ما يجوا.

جلست مروى وجلس قابلتها حاولت أن تُخفي ارتباكها فحملت هاتفها تُلهي نفسها به، وفعل مثلها وخيم عليهما الصمت لدقائق، حتي قال سيف بمكر:
-يا ترى اديتي الرسمه لصاحبها!

تلعثمت قائله:
-أيوه... آآ... لـ... لا قصدي أيوه طبعًا.
ابتسم وقال:
-طيب مش هترسميني بقا يا فنانه؟ 

نظرت إليه فتشابكت نظراتهما لبرهة مما جعلها تنتفض وتهب واقفه، فهذا خطأ وها هي تُلقي حالها بقلب التهلكة مرة أخرى، كشخصٍ يعلم أن هناك حفرة ويجب توخي الحذر من السقوط، لكنه رنى إليها بكامل إرادته حتى هوى! 

ابتلعت ريقها وقالت:
-هما هيتأخروا؟!

نظر أمامه فوجد، خالته مع والدته «نبيلة» تقبلان نحوهما، فقال: 
-ماما وخالتو جاين هناك، هتلاقيهم نازلين وراهم.

تركته وأقبلت تُحي نبيله ورقيه، فتنهد هامسًا لنفسع: 
-والله ما أنا عارف الي بعمله دا صح ولا غلط! 

وبعد تبادل التحيه بينهم قالت مروى بمرح: 
-ممكن أجي معاكم البحر ولا غير مرحب بيا؟

ردت أم مصطفى قائلة:
-دا إنتِ تنوري يا حببتي.
-تسلمي يا طنط.

جذبتها نبيلة من ذراعها وهي تقول: 
-يلا هاتي ايدك عشان متتوهيش مني.

ابتسمت مروى وقالت: 
-أنا حبيت حضرتك يا طنط وهقولك نكته 

رمقتها أم مصطفى بطرف عينها قائله بمرح: 
-اوعي يكون النكت بتاعتك زي منى وهدى؟
-اسمعيها واحكمي.

قالت مروى:
-مره مهندس زراعي رفدوه من الكليه عشان بيعمل مشاتل.

ران عليهما الصمت يفكران بما قالت، وفجأة انفـ ـجرت نبيلة بالضحك وهي تقول: 
-بيعمل مشاتل... مشاكل يعني.

علقت أم مصطفى قائله:
-إنتِ علطول بتضحكي على أي حاجه يا نبيله مضحكتنيش على فكره.
-طيب هقولك واحده تانيه يا طنط.
قالتها مروى مخاطبةً أم مصطفى، وأردفت:
-انتو عارفين عكس نجوم إيه؟... نجعد ههههههههه.

ضحكت أم مصطفى وقالت:
-إنتوا بتجيبوا الكلام دا منين؟!
قالت مروى:
-طيب هقولكم واحده كمان.
-أبوس ايدك كفايه.

قالتها نبيلة فضحكت مروى وقالت:
-ياااه للدرجه دي حبيتوا نكتي!
انفجرت نبيله بالضحك وقالت:
-د**مك خفيف يا مروى.
استغفروا الله ♥️ 
بقلم آيه شاكر 
____________________________
وبعد قرابة الساعتين استيقظت ناهد وطالعت شاشة الهاتف تتفقد الوقت فأثار انتباهها الكثير من الرسائل على تطبيق الواتساب.

فتحت إحداهن وكانت لفديو أرسلته لها إحدى صديقاتها، جحظت عيناها في دهشه وأطبقت يدها على فمها في صدمة، ثم قالت:
-يا نهار أبيض اي دا!! الحيوان استغل الموقف، والله لأوريك.

هبت واقفه وارتدت ثيابها مسرعة كي تهبط لأسفل بحثًا عنه، لم تجده فجلست على الطاولة في المطعم وطلبت طعام وهي تأكل لقمة وتمضغها بغيظٍ شديد، انتبهت للناس الذين يرمقونها بنظراتهم، ويغمغمون، بالطبع يتسألون عنها!
رأت إحدى الفتيات التي تُطالعها تارة وتُطالع شاشة الهاتف تارة، فقالت ناهد:
-لا مش أنا واحده شبهي.
________________________
وأثناء جلوسهم على شاطئ البحر، كانت هدى تُطالع مروى بنظراتٍ حادة، تخشى على زوج رفيقتها «مصطفى» من تلك الفتاة، فأخذت قرارها ستخبر والدة مصطفى لتأخذ حذرها...

همست «هدى» لأم مصطفى:
-تعرفي إن مروى دي مصطفى كان بيكلمها زمان!

اتسعت حدقتي أم مصطفى بدهشه وقالت:
- هي دي مروى!!! يا نهار أبيض، وإيه الي جاب البت دي هنا؟

هدى بريب:
-المفروض إنها اتغيرت بس أنا مقلقه منها برده! 
ظلت هدى تسرد على أم مصطفى ما فعلته مروى بالماضي مع منى، ذكرت السيء وتناست الجيد 
فهذا من طباع البشر، وقد صدق الشافعي حين قال:
(لو أصبت في تسع وتسعين وأخطأت في واحدة لترك الناس ما أصبت وأسرّوها، وأعلنوا ما أخطأت وأظهروها)

تبدلت نظرات أم مصطفى لمروى من إعجاب لإشمئزاز فقد تذكرت رسائلها مع مصطفى، ظنت أنها تحاول التقرب من ابنها مرة أخرى، زعمت أنها تُخفي وراء هذا الوجه البريء أخر خبيث ومؤذي، فنظرت لمصطفى قائله: 
-قوم خد منى واقعدوا هناك.

نهض مصطفى وهو يقول: إحنا أصلًا نازلين المايه.

أخذت أم مصطفى نبيلة ووالدة هدى وابتعدوا عن مروى بعد أن رمتها ىقية بنظرةٍ لم تفهم مروى كُنهها...

جلست مروى بمفردها، ظلت تبدل نظرها بين سيف الذي يسبح في المياه، ونبيله تجلس مع أختها ومديحه، ومنى التي تتمشى مع مصطفى على الشاطئ يستعدون لنزول المياه، وهدير تتحدث مع معاذ وهدى تجلس جوار أحمد، أضناها الندم فليتها نامت كما فعلت ناهد.
نهضت تتمشى على الشاطئ تبلل قدميها بالمياه خشيت أن تهبط لداخل البحر لحالها، وفضلت الوقوف والمشاهدة.
_____________________________
وقفت ناهد مجددًا لتبحث عن سعد، فبداخل قلبها نار مضطرمه تود أن تحرقه بها قبل أن تخمد، وبمجرد أن ظهر أمامها هرولت إليه بأعين غاضبه وقالت بحدة:
-إنت إزاي تعمل فيا كدا! 

عقد بين حاجبيها وسألها:
-عملت إيه؟ 

تلعثمت قائله:
-اللي عملته امبارح! إنت استغليت الموقف و....و...

لم تقوى على التفوه بالمزيد فضحك وقال وهو ينظر ليديه:
-الله يسامحك متخيله إني كنت بـ... أنا كنت بنقذ حياتك... يعني اسيبك تموتي! وبعدين أمي كانت واقفه جنبنا بس اللي عمل الفيديو منه لله بقا مش جايب اللي اللقطه اللي أنا...

قاطعته ناهد بتهكم: 
-كان فيه أي حل تاني غير كدا.
-لا مكنش فيه أي حل غير كدا.
قالها وهو يضغط على كلماته، فقالت بتجهم:
-إنت إزاي بارد كدا! 
-لان خلاص الفديو اتمسح من السوشيال ميديا على ما أظن.

أجابت بغضب:
-الفديو على موبيلات أصحابي كلهم! هما أصلًا إلي بعتهولي على الواتساب.

-وأنا ممكن أصلح غلطتي عادي.
-تصلح غلطة ايه انت إتجننت؟
-لأ أنا بكامل قواها العقليه وهكلم الدكتور عوض وأطلب إيدك منه.

قالت بتلعثم:
-لا... لا طبعًا مش موافقه.
-حتى لو قولتلك إن أنا معجب بيكِ من أول مره شوفتك فيها في الحمام.
-في الحمام!! إنت، إنت مدرك الي بتقوله؟

قال: 
-وأنا أعمل إيه ما هي دي الصدفه الي جمعتنا ببعض.

نفخت بضجر وقالت:
-إنت عدم الكلام معاك أحسن.

ولاه ظهرها لتغادر فقال بنبرة مرتفعة:
-هنتكلم كتير الفتره الجايه.

رشقته بنظرة مغلفة بالإستهزاء، وعندما ولته ظهرها ابتسمت، وانصرفت بخطوات واسعة.
استغفروا❤️
بقلم آيه شاكر 
_______________________________
أقبلت «هدير» وجلست جوار والدتها ونبيله قالت ببهجة:
-أنا مش حامل، عملت الإختبار وطلع سلبي.

قالت والدتها: 
-الحمد لله.... طمنتيني.

اعترضت نبيلة وقالت:
-لأ إحنا لازم نكشف عشان أحيانًا الإختبار دا بيكون غلط!

تجهم وجه والدة هدير وقالت:
-متقلقنيش تاني.
قالت نبيله:
-فيه دكتوره كويسه هكلمها ونروحلها بكره عشان نطمن.

تجهم وجه هدير  هي الأخرى ونهضت من جوارها، واتجهت تجلس جوار معاذ على الشاطئ، وحين شعر بها قال:
-ها قولتيلهم؟ 
-أيوه بس مامتك قلقتني تاني، بتقول أحيانًا بيكون غلط، وهنروح لدكتوره.
-طيب عادي نروح ونطمن.
-أنا مش بحب الكشف أصلًا! 
معاذ: معلش أنا الي هاجي معاكِ.

نظرت لها بتجهم قائله: 
-إنت كدا طمنتني يعني! 

قامت من جواره وسارت على الشاطئ وهي توليه ظهرها فوقف ثم انحنى يملأ كفه بالماء ويرميه عليها، فضحكت وقالت: 
-بس يا معاذ.

كرر فعلته، فانحنت تملأ كفوفها الصغيرة بالماء وترميه به، ركض إليها وحملها ليدخل بها للبحر فهتفت قائله: 
-إنت بتعمل إيه يا مجنون بيتفرجوا علينا!

ضحك قائلًا:
-إيه المشكله يعني!!

كان والدتيهما ينظران إليهما بابتسامة عذبة، وتنهدت مديحه «والدة هدير» بارتياح فقد اطمئنت.
___________________________
وقفت مروى تفكر في ماضيها مع مصطفى فالبتأكيد هناك رواسب من الماضي بقلب منى وهدى فكيف ترافقهما؟! أيعقل أن يفكروا فيها بطريقة خاطئه ويعتقدون بأنها تجذب انتباه مصطفى!

عقدت نيتها أن تجتنبهم قدر المستطاع كي لا تضع حولها علامة استفهام!! سارت لمسافه بعيده عنهم وقفت تنظر للبحر، تنهدت بعمق وقالت:
-كل الأحبه اتنين اتنين وإنت يا قلبي حبيبك فين؟

قاطعها صوته قائلًا: 
-موجود.
هربت الدماء من عروقها وازدردت ريقها بخوف، فكيف تنسى صوته، التفتت له قائله:
- حمدي! إنت!! إيه الي جابك هنا؟ 

أطل الهُيام والشوق من نظراته ونبرته حين قال:
-وحشتيني أوي يا مروى.

مر شريط الذكريات سريعًا أمام عينها، فابتلعت ريقها باضطراب وقالت:
-إ... إنت عايز مني ايه؟ 

وضع كلتا يديه في جيبه ونظر للبحر قائلًا:
-مش عايز من الدنيا غيرك!

نظرت خلفها فكانت قد ابتعدت عنهم مسافة طويلة، ازدردت ريقها بخوف وقالت: 
-لو سمحت ابعد عن طريقي.

نظر لها بحب قائلًا: 
-مقدرش أبعد عنك!

همت أن تغادر لكن أوقفها صوته قائلًا: 
-أنا حياتي مبقتش حياه إلا لما شوفتك يا مروى.

قالت بغضب:
-وأنا قطعت الصفحه بتاعتك من حياتي، متحاولش تظهر قدامي مره تانيه.
-متحلميش إني أسيبك، أنا حبيتك... وعايز أكمل معاكِ باقي حياتي.

توترت واشتدت نبضاتها لكنها تظاهرت بالقـ ـوة وقالت وهي توقع كلماتها:
-وأنا بكرهك.

أثارت جملتها حنقه، فارتسمت ابتسامة جامدة على زاوية فمه قبل أن ينطق: 
-لاحظي إن أنا معايا سيدهات قديمه ليكِ... يعني لو مديتنيش فرصه برضاكِ هستخدم معاكِ الغصـ ـب.

-اعمل الي تعمله ولا يفرق معايا.

سارت اتجاههم مرة أخرى وهي ترفع رأسها لأعلى بثبات زائف بينما داخلها يختلج، فرت دمعة من عينيها والتقطتها سريعًا بأملها، فيبدو أن هناك حرب جديدة على وشك الإندلاع.

ومع أنها خشيت نزول البحر لحالها لكن هبطت إليه لعل مياهه تطفئ نيران قلبها، ظلت تسبح لحالها شاردة تختلط دموعها مع مياه البحر حين رأها سيف أقبل نحوها، قال:
-اوعي تكوني مبتعرفيش تسبحي!
-بعرف.
قالتها باقتضاب ولاحظ تجهمها فسألها عما بها؟

شهقت باكيه وسألت دموعها، وقررت أن تسرد له تكملة القصه فليس أمامها إلا هو! 
قال:
-تعالي نخرج من المايه.
تبعته وجلست جواره على الشاطئ قالت بصوت متحشرج:
-أنا تعبت والله، كنت قولت خلاص بقا توبت وربنا يسرلي الطريق وقطعت الصفحه القديمه لكن الظاهر إن الماضي هيفضل ملازمني، حمدي! ظهر تاني وبيهددني... يا أحبه زي ما بيحبني يا هيفضحني بصور مش صوري أصلًا!

سألها: 
-دا الشاب الي كان بيضايقك!!

اومأت رأسها بالإيجاب فسال: هو هنا؟
أومأت مرة أخرى، وأكملت بكاء.

فقال:
-اهدي يا مروى أنا هنا.

على نحوٍ أخر طالعت ام مصطفى مروى وهي تجلس جوار سيف، همست أم مصطفى لأختها قائله:
-خلي بالك من سيف... البت دي شكلها بتحاول تلف عليه.

قالت نبيله:
-طيب ياريت أنا أطول المزه دي تبقى مرات إبني!!

اعترضت رقيه قائله: 
-إنتِ مش فاهمه حاجه البت دي شمال!

-ايه الي بتقوليه ده! دا باين عليها محترمه.

-ما إنتِ مش معانا على الكوكب، تعالي أحكيلك من البدايه.
بدأت تسرد لها علاقتها مع مصطفى وما كانت تقوله وترسله له، فتجهمت نبيلة وأخذت ترمق مروى في غيظ.
__________________
خرج أحمد من البحر، جلس جوارها لفتره ثم نظر لها ببرود قائلًا: 
-فيه حاجه إنتِ مسألتنيش عنها بس لازم تعرفيها!
ـحاجة إيه؟!
أكرق وصمت هنيهة، فحدقت به لتتفرس ما يواريه بقلبه فهي تلاحظ تغيره معها فقد أضحت علاقتهما هشه، ومنذ فترة وهي تتجنبه وتخشى أن يدري بما حدث مع أختها، قال:
-أمي! إنتِ مسألتنيش عن أمي خالص؟
-أنا مسألتكش بس مش معنى كدا إني معرفش!

عقد بين حاجبيه وسألها:
-تعرفي ايه بقا؟!
-أعرف إن مامتك بنت راجل ثري جدًا جدًا وبتقضي أغلب الوقت عند باباها عشان مريض 
هز سبابته نافيًا وقال:
-عشان تاخد فلوسه مش عشان مريض، هي بتدير شركاته كلها لوحدها وهي المتحكمه في كل الفلوس.

تنهد بحسره وأردف:
-أمي مبتحبش إلا الفلوس، فاكره إنها كدا بتأمنلي مستقبلي مع إني محتاج لها هي أنا مش محتاج أي فلوس. 
-بس هي أكيد بتحبك... إقعد اتكلم معاها وفهمها الي محتاجه.
قال: 
-بس هي لو مش حاسه باللي أ محتاجه يبقا مينفعش اطلبه.

اعترضت هدى قائله:
-غلط.... تفكيرك غلط الإهتمام بينطلب عادي وساعات بيكون فيه غشاوة على عينينا ومحتاجين حد يساعدنا نشوف الطريق.

نظر لها قائلًا:
- يعني إنتِ مش واخده بالك إن أنا زعلان منك ومتغير؟

ارتبكت وازدردت ريقها بتوتر، تعلم أن أحمد مازال  بقلبه شوائب مما فعلته هدى فقد رفعت صوتها عليه ولم تعتذر حتى الآن، وتتعامل وكأن شيء لم يكن، لا تحب الإعتذار بل أنها لا تعرف طريقه.

قالت بمراوغة:
-زعلان مني أنا! ليه؟ 
-أيوه... اعملي نفسك مش واخده بالك!!
-فيه تفاصيل كتير مش قادره أتكلم معاك فيها يا أحمد ياريت تعذرني. 

التفت لها بكامل جسده وأشار لنفسه قائلًا بدهشه: 
-مش قادره تتكلمي معايا أنا يا هدى؟ مخبيه عني أنا!

تنهدت بألم وقالت:
-الموضوع صعب وميخصنيش عشان أقولهولك.

اعتدل في جلسته ونظر أمامه قائلًا باقتضاب:
- ماشي الي تشوفيه يا هدى.

لاحظت انزعاجه من كلامها لكنها لم تعقب عليه ونظرت أمامها.
_____________________ 
نظرت «فاتن» لرامي الذي يرقد جوارها فقد كتبا ورقتان يثبتان زواجهما! لتطمئن في كل مره تُسلمه نفسها.

طالعته بحب وهو يغط في نومه ونهضت من جواره و دخلت المرحاض لتغتسل، فاستيقظ على صوت المياه.

نظر لآلة التصوير التي خبئها بركن بعيد كي لا تراها، وابتسم بخبث فقد وضع كاميرا بالمرحاض أيضًا.

تظاهر بالنوم حتى تأكد من خروجها من غرفته ثم نهض مسرعًا وفتح جهاز الابتوب ليتأكد من تسجيل ما يريد!

على جانب أخر 
نظر «فؤاد» للصور والفيديو الذي حرره لمعاذ وهدير باحتراف شديد، وابتسم بخبث، ردد بسخرية: 
-وبكدا نقول مبروك يا عريس.

الفصل الرابع عشر14 

-يا ترى الخطوه الجايه أبدأها امته؟

قالها «فؤاد» تزامنًا مع دخول فاتن للغرفة، فوضع ساقًا فوق الأخرى بغرور، وطالعها بنظراتٍ تشع فخر بنفسه مما فعل، ثم قال بعد تنهيدة خفيفة: 
-تعالي اتفرجي بقا على جمال الفيديو.

مط ذراعيه فقد كان قابعًا على ذلك الفيديو منذ فترة طويلة، لكنها لوحت يدها بلامبالاه وقالت: 
-مش عايزه أشوف حاجه، أنا هنام.

سُرعان ما ارتدت منامتها واستلقت على الفراش، وسط نظرات فؤاد الذي كان يتابعها، نهض فؤاد ووقف قبالتها وقال:
-مالك يا تونا؟ فيكِ حاجه غريبه!

ولته ظهرها وأغلقت عينيها وهي تقول بهدوء: 
-مفيش بس محتاجه أنام.

جلس جوارها على الفراش ليتفقدها فهذه ليست أخته التي عهدها دائمًا، سألها بقلق:
-إنتِ كنتِ فين من الصبح؟

زفرت الهواء من فمها وردت ببرود:
- كنت بتمشى يا فؤاد... سيبني بقا أنام.

أخذ فؤاد علبة السجائر من فوق الكمود ونهض وهو يقول: 
-ماشي أنا أصلًا كنت خارج.

خرج وصفع الباب خلفه، فاعتدلت جالسة تفكر فيما فعلته بنفسها وكيف سلمت رقبتها لشاب لا تعرف عنه شيء؟ تذكرت هدير وكيف استقرت حياتها بعد الفخ الذي صنعته لها، وتمنت لو كانت هي بمكان هدير! 

أتريد كل شيء المال والراحة والأنس والهدوء! ألا تعلم أنها أرزاق وزعها الله على عباده؟ فإن رضى العبد بما قسمه الله رأى نفسه من أغنى الناس، لكن إذا سخط ونسى نعم الله عليه كان من أغـ ـبى الناس، فقد قال صل الله عليه وسلم: «ارض بما قسمه الله تكن أغنى الناس.»

أدمعت عينيها لكن سرعان ما مسحت دموعها وهبت واقفه تبحث عن الورقه التي تظن أنها ظفرت بها؛ تلك الورقه التي تُثبت زواجها من رامي، تنهدت بارتياح زاعمةً أن تلك الكلمات التي خطتها هي ورامي على الورقه أثبتت ملكيتها له وملكيته لها، زعادت تقطن فراشها مجددًا لتنام وتهرب من كل هذه الأفكار التي تلفح رأسها.
___________________________
وبعد أن سردت رقيه «أم مصطفى» على «نبيله» كافة التفاصيل حول «مروى»، ردت نبيله بحكمه:
-بس يا رقيه متظلمهاش، ما يمكن رجعت عن اللي كانت بتعمله! 

ارتسمت ابتسامة ساخرة على زاوية فم رقية، قبل أن تُعلق: 
-ليه ياختي هو ديل الكلب بيتعدل! ياحببتي المعوج مبيتعدلش!

اعتدلت نبيله في جلستها وقالت:
-لأ أنا مش معاكِ في اللي بتقوليه دا... كلنا بنغلط وبنرجع وإلا ربنا مكنش فتحلنا أبواب التوبه!

مصمصت رقيه شفتيها وقالت: 
-خليكِ إنتِ مغفله كدا لحد ما تلف على ابنك.

طالعت رقيه مروى التي تجلس جوار سيف، وهزت رأسها باستنكار مردفة:
-البت دي مش سهله.

قلَبت نبيله شفتيها لأسفل، وقالت: 
-مين عارف! محدش عارف إيه اللي في القلوب!
استغفروا ♥️ 
بقلم آيه شاكر 
___________________________
كانت «مروى» تجلس جوار سيف الذي أخذ يهدأ روعها ويطمئنها بأنه سيفعل الازم، اجترت مروى ما سلف من ماضي وذكريات تؤرقها، تنهدت بألم ثم تحدثت:
-تعرف إن أنا أصلًا من ست سنين كنت بنوته هادئه أوي يعني لو كان ولد كلمني في المدرسه أو في الدرس كان وشي بيحمر ومعرفش أقول كلمتين على بعض.

التقطت بسبابتها دمعة انفلتت من عينيها وأضافت:
-بس فجاه اتغيرت، اتحولت من مروى الهادئه المحترمه لمروى الضايعه اللي البنات بتخاف تصاحبها أصل تشبههم... تفتكر ربنا بيعاقبني بظهور حمدي تاني؟
 
قالتها وهي تنظر نحوه والإستفهام مرسوم على ملامحها، فقال:
-ربنا أحن علينا من نفسنا يا مروى وإنتِ اتغيرت فلازم الشيطان يحطلك شوك في الطريق ويمكن ربنا بيختبر صبرك واصرارك.

ابتسمت وأمأت بتفهم، فنظر سيف لمكان والدته وخالته وأردف:
-قومي تعالي نقعد معاهم، وبطلي عياط بقا عشان محدش يلاحظ حاجه.

نهض فتبعته وعادت مروى تجلس جوارهم، أقبلت هدير تسأل رقية بابتسامه: 
-مش هتنزلي البحر يا طنط؟

حدجت رقيه مروى بنظرة حادة ثم قالت:
-لأ يا حببتي كفايه منى ومصطفى نزلوا واتبسطوا... أصلهم بيحبوا بعض أوي من لما كانوا أطفال... أصل منى دي بنت متربيه ومحترمه مش زي ناس!

طالعت رقيه مروى بملامح تتأرجح بين سخرية واستهانة وحدة، فمالت هدى على منى وهمست قائلة:
-دا أنا شكلي نيلت الدنيا يا منى! 
-عملتِ إيه؟!

تلعثمت هدى وترددت أن تحكي لأنها تعرف رد فعل منى على هذا التصرف السخيف، استجمعت شجاعتها وقالت: 
-أنا حكيت لطنط كل حاجه عن مروى وماضيها!

جحظت عيني منى وهدرت بها:
-حكيتِ لطنط مين بالظبط؟

عضت هدى لسانها بقلق ثم بنظرات تتذبذب: 
-حماتك!

رمقتها منى بغيظ، وبدأت تنظر لرقيه التي تُسلط بصرها على مروى وترمقها بنفور واشمئزاز، لكزت هدى بذراعها بغيظ وقالت بقلة حيله:
-حرام عليكِ والله.

حاولت هدى تبرير فعلتها فقالت بتلعثم: 
-على فكره أنا مش مرتاحه ليها يعني هي جايه معانا ليه شكلها بتلفت نظر مصطفى فعلًا! 

أثارت كلمات هدى ريب منى فبدلت نظراتها بين مروى ومصطفى، ثم زفرت الهواء من فمها وقد تسلل الشك إليها أيضًا، بينما تركتها هدى ونهضت لتجلس جوار أحمد وتحاول استجلاب رضاه.

*******
اتجهت «هدير» لوالدتها جلست جوارها وقالت:
-ماما! 

التفتت لها مديحه فأردفت هدير:
-قولي لطنط نبيله إن أنا مش هروح أكشف.

ردت مديحه برجاء: 
-ياحببتي هنروح للدكتوره نطمن دا حتى حماتك كانت بتقول هنروح دلوقتي!

اتسعت حدقتي هدير بدهشه وقالت:
-لأ يا ماما مش هروح لدكاتره قولتلكم والله ما فيه حمل.

ردت والدتها بحده:
-وإنت متاكده كدا إزاي؟ خلينا نروح نتأكد.

تذمرت هدير وتجهمت، فأردفت الأم:
-يابنتي الله يهديكِ متوجعيش في قلبي.

قالت هدير بانفعال:
-والله ما أنا رايحه مش هكشف ولا هتكشف على دكاتره.

قالت الأم بنفاذ صبر:
-إنتِ حره متوجعيش قلبي! عنك ما كشفتي روحي بقا قولي لحماتك بنفسك.

نظرت هدير نحو معاذ الذي مازال  يسبح بالماء ثم وثبت واقفة بعدما قالت:
-هخلي معاذ يقولها.
**********
جلست «هدى» جواره تنظر له بين وهلة وأخر وهي مبتسمة، أشاح وجهه بعيد عنها فنظرت له قائله: 
- أنا مبعرفش أعتذر والله ومش بحب أشوفك زعلان وواخد مني جنب كدا!

نظر لها أحمد وقال:
-يعني عارفه إنك غلطانه؟

-لأ لو سمحت أنا مبغلطش أصلًا اتفضل صالحني.
قالتها بجدية زائفة، فتنهد ونظر أمامه بجمود، فأردفت:
-والله أوعدك هحكيلك كل حاجه بس مش وقته خالص هي أصلًا حاجه مش مهمه.

طالعها بنظرات غامضة، فابتسمت قائله بمرح:
-هاااا هتصالحني ولا نلغي الفرح دا؟
-تلغي فرح مين دا أنا ماصدقت!

اتسعت ابتسامتها أكثر وقالت: 
-طيب يلا شوف هتصالحني إزاي؟
-على فكره أنا اللي زعلان!

قالت بحزن مصطنع:
-لا أنا زعلانه إني زعلتك فصالحني بقا.
-لا والله!! إنتِ شكلك كده هتتعبيني باين!

طالعته بابتسامة، فابتسم وقال:
-ماشي يا هدى... هصالحك وأمري لله.
******
وبعد قضاء وقت ممتع للبعض ومقلق للبعض الأخر، جمعوا حاجياتهم لمغادرة الشاطئ.

كان حمدي يقف على مقربة منهم ويطالع مروى بنظراتٍ مدلهمه.

وحين لاحظت مروى نظراته، ازدردت ريقها باضطراب وتلقائي بحثت بنظراتها عن سيف ثم أخذت ترنو إليه واختبأت خلف ظهره، وعندما لاحظ سيف ارتباكها، قال:
-مالك مش على بعضك؟
-حـ... حمدي.

قالتها وهي تشير بعينيها نحو حمدي، حدجه سيف بنظراتٍ تشع غضب حين أبصره يُطالع مروى، واقترب منه، فنادته مروى:
-رايح فين؟!

لم يرد سيف عليها ووقف قبالته، خاطبه سيف:
-حمدى باشا.
مد سيف يده ليصافحه وأضاف: 
-أخيرًا اتقابلنا أنا مستني اليوم دا من زمان.

ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي حمدي وهو يبسط يده ليصافح سيف...

ضغط سيف على يد حمدي بقـ ـوة لبرهة قبل أن يجذبه إليه بعـ ـنف ثم دفعه فطُرح حمدي على الأرض، واحتدم الوضع بعدما لكمه سيف، فصرخ الناس ومنهم من أقبل يفك الشجار، طفق سيف يسدد اللكمات لوجه حمدي حتى نزف فمه فتركه، وضع حمدي يده على وجهه متألمًا، وقال سيف بغضب:
-دي قرصة ودن عشان قربت من مروى، والمره الجايه هيكون فيها موتك إن شاء الله.

ولى سيف ظهره وكان سيغادر لكنه عاد إليه وقال:
-ومتلعبش معايا يا شاطر عشان متتعبش أتمنى تكون فاهم قصدي.

قال حمدي بغضب:
-وهي السنيوره تقربلك ايه ولا ماشيه معاك إنت كمان؟ 
نظر حمدي لسيف وأردف ساخرًا: 
-بكره تزهق منك وتركنك على الرف زي غيرك 

قال كلمته الأخيره وهو ينظر لمصطفى ويبتسم بسخريه، وقبل أن يسدد سيف لكمة أخرى وقف مصطفى أمامه ومنعه، بينما ظل سيف يزمجر وهي يقول:
-متنطقش ولا كلمه زياده وإلا..

رفع حمدي سبابته وقال في هدوء:
-أنا ماشي، وخليك كدا أعمي لحد ما تاخد على دماغك.

أفلت سيف من قبضة مصطفى وجذب حمدي من ياقته وكان سيضـ ـربه مجددًا لكن تدخل مصطفى ومعاذ وهرول حمدي مبتعدًا وهو يبتسم باستفزاز، بينما ظل سيف يزمجر ليتركوه عليه...

وبعدما ابتعد حمدي مسافة واختفى عن مد بصرهم، حمل هاتفه وطلب رقم جابر، قال وهو يتحسس فمه:
-أنا عرفت مين هو الظابط الي بيدور وراك! ومحتاج رجاله عشان أبعده عن طريقنا!
بقلم آيه شاكر 
استغفر ا♥️🌸
___________________________
من ناحية أخرى
 نظرت نبيلة لإبنها وهدرت به:
-فوق لنفسك يا سيف إيه اللي إنت بتعمله ده!!

قال سيف بانفعال:
-بيعاكس مروى، كنت أسيبه يعني!

خاطبت رقيه مروى بنبرة حادة:
-إنتِ خبيثه أنا قرياكِ من جوه، بتلفي على الواد عشان توقعيه صح؟ فعلًا يامه تحت السواهي دواهي!

أشارت مروى لنفسها وقالت بانكـ ـسار: 
-أنا يا طنط حضرتك بتقولي أنا الكلام دا! 

حاولت «منى» تهدئة رقيه، وكذلك فعل ابنها مصطفى لكنها لم تأبه وأكملت حديثها بنبرة مرتفعة وبحده:
-جايه معانا ليه! بتلفتِ نظر مصطفى مثلًا! متخيله إنه هيسيب منى البنت المحترمه ويبصلك إنتِ!
قالت جملتها الأخيرة وهي تشير لها شزرًا، فرت العبرات من أعين مروى وهي توضح: 
-والله أبدًا أنا قفلت الصفحه دي نهائي.

ابتسمت رقية بسخريه وقالت: 
-يا بت! عليا أنا الكلام ده!... الكلام ده تضحكي بيه على منى أو سيف إنما أنا فاهماكِ كويس أوي!

بدلت مروى نظراتها بين أعينهم المسلطه عليها، لكنها لم ترى الشفقة بل ربما هي نظرات اشمئزاز، لم تستطع الصمود أكثر شعرت بدوار يضـ ـرب رأسها، فجلست على الكرسي جوارها ووضعت يده على رأسها ثم أغلقت عينيها فأضافت أم مصطفى: 
-أيوه اتسهوكي ياختي.

شهقت مروى باكية ولم تبس بكلمه وقال مصطفى لوالدته:
-كفايه يا ماما.
وقفت هدى تندم على ما فعلت، وحين خف دوار رأس مروى نهضت واقفة لتغادر، في حين قال مصطفى:
-أنا بعتذرلك يا مروى بالنيابه عن أمي.

لم تعقب مروى وهرولت لتعود لأختها...

قال سيف لخالته:
-ليه يا خالتو؟ يعني إنتِ كنتِ دخلتِ جوه قلبها وشوفتي هي خبيثه ولا طيبه، حرام يا خالتو دا ربنا بيقول: ﴿يآيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم...﴾

ردت رقيه بحده:
-أصل إنت مكنتش بتشوف الكلام الي بتكتبه لمصطفى والي بتقولهوله!

هز رأسه بأسف وقال: 
-يا خساره يا خالتو كنت فاكرك أعقل من كدا.

قالها سيف وانصرف من أمامها ووقفت هي تفكر فيما فعلته، وتنفخ بحنق، فلا ترى ما فعلته إلا صوابًا، جلست نبيلة جوارها وعاتبتها:
-ليه كدا يا رقيه! أحرجتيها!

قالت رقية بحده:
-اسكتي يا نبيله أنا مش طايقه نفسي.

صلوا على خير الأنام ♥️ 
بقلم آيه شاكر 
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاهدت «ناهد» الفيديو للمره العاشرة على التوالي ثم تنهدت بقلة خيلة وألقت الهاتف على الفراش بحنق،  ثم قالت:
-منك لله يا سعد... ياخوفي يكون الفديو دا وقع في ايد أهلنا في الصعيد.

تنهدت بقلق فدائمًا ما يحكي لها والدها عن أعمامها ومدى صلابتهم وبأسهم، قاطع شرودها دخول «مروي» التي صفعت الباب خلفها وجلست جوارها بوجهٍ شاحب ومتجهم...
قالت ناهد:
-يا بت هدومك مبلوله هتبلي المكان.

كانت مروى في عالم أخر، تجتر ما حدث قبل قليل فبكت، اقتربت منها ناهد بقلق وقالت: 
-مالك يا مروى؟

لم تعقب مروى وارتشفت دخوعها، فجثت ناهد على ركبتيها قبالتها وقالت:
-بتعيطي ليه يا بنتي متقلقنيش! 

تعلقت مروى برقبة ناهد كطفلة صغيره تختبئ بين ذراعي والدتها، كانت الدموع تتساقط على وجنتيها، تناست ناهد أمر ملابس أختها المبتله وضمتها بحنان لتشد عضدها...
وبعد فتره هدئت مروى وحكت لها ما حدث بالتفصيل بدون ذكر حمدي وما فعله، هبت ناهد واقفه وقالت بعصبيه: 
-إزاي تسكتِ للست دي وتسيبيها تكلمك كدا! من امته واحنا بنسكت عن حقنا!

أكملت مروى بصوت متحشرج:
-معرفتش أرد يا ناهد أصلها معاها حق أنا إيه اللي وداني معاهم ما أكيد لازم يفهموا غلط ويحسوا إني بلفت نظر مصطفى!

ضمتها ناهد مجددًا قائله: 
-طيب عشان خاطري متعيطيش.

شهقت مروى ببكاء وقالت:
-أنا عايزه أمشي من هنا.

ربتت ناهد على كتف أختها وقالت:
-حاضر هكلم بابا وأقوله بس متعيطيش، قومي اغسلي كدا وغيري هدومك وكلي حاجه.

اومأت مروى برأسها وتوجهت للمرحاض، نظرت ناهد لأثرها بشفقة وحملت هاتفها تطلب رقم والدها حتى رد عليها وبعد التحيه قالت: 
-بابا احنا عايزين نرجع اسكندريه.

تذكر عوض جابر وخططه، وكيف وصى سيف على بناته حتى يعود من سفره، فهما بأمان في الفندق، رد بحده:
-هو لعب عيال ولا ايه! متتحركوش من مكانكم أنا جايلكم تاني.

سالته ناهد:
-حضرتك هتيجي هنا تاني؟ 
-أيوه هاجي، إنتِ شوفتي الفديو الي منتشر ده؟ 

سأل بنبرة حادة، فارتبكت وتلعثمت وحاولت أن تتظاهر بالغباء، سألت:
-فديو ايه؟ 
-فديو ليكِ مع سعد، لما أنقذك من الغرق!
-آآ... أيوه شوفته هو حضرتك شوفته؟

تنهد وقال بسخريه: 
-دا مصر كلها شافته يا ناهد، أنا هقفل دلوقتي وهرجع أكلمك تاني.
_______________________
نظر «حمدي» عبر المرآة على تلك الخدشات والرضوض والكدمات التي باتت تغطي جهه وصرخ بجـ ـنون، ثم ضـ ـرب قبضة يديه بالجدار، ووقف يلهث من شدة غضبه، نظر له زياد بتوجس وقال:
-قولتلك البنت دي مش جاي من وراها إلا وجع الدماغ.

نظر له حمدي بأعين ملتهبة من الغيظ وزفر الهواء من أنفه قائلًا:
-والله لازم أدفعه تمن اللي عمله ده.

قال زياد بغضب:
-هتغرق نفسك!!! حرام عليك فوق لنفسك بقا؟ 

نهض زياد من جلسته وتوجه إليه لينظر بعينه مباشرة وهو يقول:
-زمان برده قولتلي بحب نور وكانت النتيجه إيه؟ 

ارتعد جسد حمدي حين تذكر الماضي و«نور» تلك الفتاه التي عشقها حد الجنون وحين رفضته قـ ـتلها وأخفى جثـ ـتها بمكان لا يعلم به غيره حتى الآن...
وبعد فترة منْ مُضى ما حدث علم بالمصادفة أنها نفسها أخته المفقودة التي بحث عنها لعشر سنوات فظل يتردد على قبرها بين فترة وأخرى ويجلس أمامه يبكي كالطفل الصغير، وفي كل مرة يطلب منها أن تسامحه، كم تمنى لو يعود الزمان ليصلح غلطته...

وحين رأى «مروى» التي تشبه نور كثيرًا، ظن أنها فرصة أخرى لتصليح ما أخطأ به سلفًا، ولكن ها هو يخطئ من جديد ومن الواضح أن هلاكه قد أوشك، أفاق من شروده على صوت زياد:
-فوق يا حمدي مش كل مره هتعدي... فوق لنفسك قبل فوات الأوان.

تركه زياد ودخل للمرحاض بينما صدى جملته يتردد في رأس حمدي وهو يُطالع مكانه الفارغ...

جلس «حمدى» على الأريكة والعرق يتساقط من جبينه فتح الدرج من جواره وأخرج سرنجة ومعها سائل، حضرها في سرعة وشرع بحقنها داخل وريده، تزامنًا مع خروج زياد من المرحاض ونظر له زياد في صدمه، وقال:
-إنت كمان رجعت للزفت دا تاني؟!

دخل حمدي في حالة من الإسترخاء بعد تناول جرعة المخدر واستلقى على الفراش، فهز زياد رأسه في استهانه مرددًا:
-إنت مفيش فايده فيك!

خرج «زياد» من الغرفه وصك الباب خلفه بعنـ ـف وترك حمدي في عالم أخر مع هلاوسه.
_______________________
وفي المساء 

استيقظ «سيف» من نومه ارتدى ثيابه وجلس على طرف الفراش، سأله معاذ:
-إنت كويس؟!

وبإماءة خفيفة رد سيف بالإشارة، تزامنًا مع نقرات متتاليه على الباب ففتحه معاذ، وبعد إشارة من مصطفى لمعاذ خرج بعد ابتسامة خفيفة، ليرك لهما المجال للحديث...

جلس مصطفى قبالة سيف المتجهم والذي لم يرفع عينيه به، فسأله مصطفى:
-بتحبها؟!

وكان سيف على علم بمقصده، لكن راوغه قائلًا:
-هي مين؟
-إنت عارف بتكلم عن مين، مروى!

سأله سيف ساخرًا:
-وإنت كنت بتحبها؟

هز مصطفى رأسه يمينةً ويسرةً، وقال بنفي: 
-لأ، ولا هي حبتني، أنا محبتش غير منى.

لم ينبس سيف بحرف، فأضاف مصطفى:
-ماما ظلمت مروى، إنتوا ليه مش فاكرين ليها هي عملت ايه مع منى؟! دي جريت وأخدتها مستشفى باباها واتبرعت ليها بالد**م وكانت مستعده تديها بدل الكيس اتنين... يعني لو هي بتحبني زي ما انتوا بتقولوا كانت هتعمل كدا ليه مع البنت الي هي عارفه ومتأكده إني بحبها! إلا لو كانت اتغيرت بجد!

اومأ سيف برأسه وقال بتنهيدة: 
-مش عارف، مش قادر أفكر.

ربت مصطفى على كتف سيف وقال: 
-يلا بس ننزل نتعشى وبعدين فكر براحتك... مروى بنت محترمه ولو بتحبها خد خطوه ناحيتها.

اومأ سيف رأسه وابتسم قائلًا:
-ربنا يقدم اللي فيه الخير 
_______________________
وفي الصعيد

رأى «عوض» إشعار برسالة تهـ ـديد جديدة لأنه تواصل مع سيف مجددًا، طلب رقم سيف لكن هاتفه كان خارج التغطيه، كرر مرة بعد الأخرى بلا فائده، باغته رنين هاتفه برقم أخر فرد في سرعة:
-السلام عليكم.

رد «سعد» السلام، وعرفه بنفسه ثم تلعثم قائلًا:
-آآ... أنا طالب إيد الأنسه ناهد بنت حضرتك وكنت عايز أخد ميعاد من حضرتك؟

ابتسم عوض فقد تمناه زوجًا لابنته وتمنى سيف زوجًا للأخرى، تنهد قائلًا: 
-طيب أنا حاليًا في الصعيد... ومبدئيًا أنا مش هلاقي عريس لبنتي أحسن منك.

ابتسم سعد بفرحه وقال:
-يعني نقرأ الفاتحه؟ 

ضحك عوض وقال:
-لأ مش للدرجه دي استنى لما أرجع عندك.

ضحك سعد وقال: 
-طيب ممكن أستأذنك إني أتكلم مع الأنسه ناهد مره أو اتنين وأتعرف عليها؟

ابتسم عوض ورد: 
-تمام! أنا هتفق معاها وهشوف الوقت المناسب وتقدر تتكلم معاها وتتعرف عليها لكن من غير ما تضايقها.

قال جملته الأخيرة بنبرة محذرة، فابتسم سعد فرحًا.

 تردد عوض أن يقول جملته لكنه قال في النهاية:
-هو حضرة الظابط فين؟ أصل برن عليه موبايله مغلق!
-هو في أوضته دلوقتي خير فيه حاجه ولا إيه؟ 

تلعثم عوض وقال: 
-لأ مفيش حاجه بس كنت عايز أوصيه على مروى وناهد لحد ما أرجع. 
-متقلقش يا دكتور الفندق أمان واعتبرهم في حمايتنا لحد ما ترجع بالسلامه.... حضرتك هترجع امته؟ 
-إن شاء الله بعد تلت أو أربع أيام!

قال سعد: 
-فرح معاذ أخويا بعد أربع أيام أتمنى حضرتك تنورنا إن شاء الله.
-إن شاء الله ربنا يتمم بخير.

أغلق عوض الهاتف وابتلع غصة في حلقه، وعاد يجلس جوار زوجته ويحكي لها ما حدث.
_____________________________
التف الجميع حول مائدة العشاء في المطعم...

وبينما كان سيف شارد في عالم أخر يفكر بكل ما يحدث، أخرجه من خضم أفكاره ناهد التي ألقت السلام عليهم بملامح جامدةٍ واجمةٍ، فرد عليها الجميع، وجهت ناهد نظرها لأم مصطفى وقالت: 
-عايزه أقول لحضرتك كلمتين قدام الكل، حضرتك أهنتي مروى أختي واتكلمتي عن علاقتها الي فاتت مع مصطفى.

زفرت أم مصطفى بزهق وقالت بثقه: 
-كلكم شايفني غلطانه لكن أنا الي صح... أنا الي كنت بشوف الرسائل وبسمع الكلام الي بتقوله.

ردت ناهد قائله:
-وأنا كمان كنت متابعه إلي أختي بتقوله وبتعمله، أنا مش جايه أبرر وأقول إنها مش غلطانه، لا هي غلطت لكن والله رجعت عن اللي عملته واعترفت بغلطها.

نظرت نبيله لناهد بإشفاق وقالت:
-طيب تعالي اقعدي يا ناهد ونتكلم بهدوء.

سحبت نبيله المقعد جوارها فجلست ناهد ابتلعت غصة في حلقها حين عادت بذاكرتها ست سنوات، وأكملت قائله بألم:
-إحنا كان لينا أخ أكبر مننا اسمه مصطفى، كان حنين أوي علينا وكنا متعلقين بيه جدًا بس...

أخذت نفسًا من أنفها وزفرته بألم وهي تضيف:
-بس توفى بالسرطان من ست سنوات بعد صراع مع المرض... أنا عرفت أتجاوز موته وقربت من ربنا كنت بدعيله ليل ونهار وبدعي ربنا يجمعني بيه في الجنه، لكن مروى معرفتش تتجاوز. 

ربتت نبيله على ظهر ناهد وقالت:
-البقاء لله يحببتي.

ردت ناهد برضى:
-ونعم بالله.

أضافت ناهد:
-مروى مقدرتش تتجاوز، كانت بتكلم ولاد كتير وفي كل واحد بتدور على حنان مصطفى أخويا الله يرحمه... 

نظر لها الجميع بشفقه وقالت منى: 
-أنا متاكده إن مروى إتغيرت للأحسن، وسعيده جدًا إني إتعرفت على بنات محترمه زيكم.

ابتسمت لها ناهد وبدلت نظرها لأم مصطفى قائله: 
-مروى كانت بنت محترمه جدًا لكن الي حصل دا أثر في نفسيتها والحمد لله رجعت تاني مروى الي أعرفها، أنا أختها وأعرفها أكتر من أي حد مروى إتغيرت والله.

أطرقت رقيه هنيهه، ثم نطقت: 
-بصي أنا مقدره اللي بتقوليه ومع إنه مش مبرر لكن أنا آسفه ربنا يهدينا جميعًا.
-لأ يا طنط أنا مش بقول كدا عشان تعتذري حضرتك مقامك أكبر من كدا.

قالتها ناهد فافتر ثغر رقيه بابتسامة وقالت:
-ربنا يحميكم ياحببتي، سامحوني لو غلطت في حقكم.

كان «سعد» ينصت لناهد في صمت، ثم نهض مع والدته ليسألها عن رأيها بناهد بعدما عرض عليها فكرة الزواج وطلبت منه أن يتحدث مع عوض قبل أن تقرر هي، فأخبرته بأنها موافقة وكان الإعجاب يُطل من نظراتها.

عادا للطاولة تزامنًا مع نهوض ناهد بعد إستأذانها للمغادرة.

أخذت تتمشى قليلًا لا تريد العودة لغرفتها حتى لا تُقلق أختها النائمة، وبعد أن ابتعدت عنهم مسافة مد البصر أوقفها سعد قائلًا: 
-أنسه ناهد... ممكن أتكلم معاكِ شويه؟ 

التفتت، وقالت بنفاذ صبر:
-اتفضل... خير.
-أنا طلبت إيدك من الدكتور عوض وهو وافق.

جحظت عينيها في دهشه وقالت بصوت مرتفع:
-إنت إزاي تعمل كدا؟ وازاي بابا يوافق أصلًا!؟

نبرتها المرتفعة جذبت انتباه بعض المارة، فاشار سعد بسبابته على فمه قائلًا:
-وطي صوتك الناس هتفهمني غلط... مهما كان أنا شيخ وليا سمعتي.

أشار لمقعد قريب وقال: 
-تعالي نقعد هناك عشان لازم نتكلم.

قالت بكبرياء:
-مقدرش أتكلم معاك من غير إذن بابا! 

-لسه مكلمه حالًا يا ستي وأخدت إذنه، وهو بيرن عليكِ مش بتردي!

صمتت فقد نسيت هاتفها بالغرفة، أطرقت لبرهة فقال سعد:
-اعتبري دي رؤيه شرعيه عايز أعرفك عن نفسي.
-مش عايزه اعرف حاجه أنا أصلًا مش موافقه.

لم ينتظر رأيها وجلس على أقرب مقعد ثم أشار إليها لتأتي، زفرت والهواء من فمها بنفاذ صبر ثم اتجهت وجلست مقابله.

كانت تنظر يمينًا ويسارًا وأعلى وأسفل لكنها لم تنظر نحوه، على عكسه تمامًا فقد سلط بصره عليها لبضع لحظات، قطع الصمت قائلًا:
-على فكره عادي تبصيلي إحنا في رؤيه شرعيه!

نظرت ناهد للأتجاه الآخر قائلة: 
-ابصلك ليه طلما أنا مش موافقه!

قال سعد بابتسامه:
-مش مهم توافقي، المهم إن عمي وافق.

عدل ياقته وأضاف بغرور:
-طبعًا لازم يوافق، ما أنا برده عريس لقطه، شاب وسيم ومتدين وحافظ القرآن... والأهم من كل دا إني بعرف أغسل الأطباق وكمان الحلل الي بيلزق فيها الرز دي بغسلها كويس جدًا وبعرف أطبخ... يعني زوج مثالي.

رمقته بنظرة استعادتها سريعًا وابتسمت وأخذت تفرك يدها بحياء.

فأكمل:
-هااا هتوافقي ولا أتجوزك غصـ ـب؟

صمتت فأضاف:
-على فكره إنتِ لازم تصلحي غلطتك وتوافقي عليا!

عقدت بين حاجبيها وسألت دون أن تنظر إليه:
-غلطتي أنا؟
-أيوه غلطتك لما دخلتي حمام الرجاله! لأن الحكايه بدأت من هناك، تخيلي إن احنا قصتنا بدأت من الحمام.
قالها وضحك، ثم أضاف:
-بعد الجواز لازم قصتنا تتسجل في التاريخ... هسميها قابلت زوجتي في الحمام.
-الحمام!! حرام عليك والله لو حد سمعنا هيفهمنا غلط.
-على فكره محدش ليه حاجه عندنا.
-مش ملاحظ إنك بتقول على فكره كتير؟
-لأ مش ملاحظ... بس بما إنك لاحظتي تبقي مركزه معايا!
قالها بمكر، فارتبكت أكثر وقالت:
-أنا مقدرش أقولك أي حاجه إلا لما أتكلم مع بابا الرأي رأي بابا.

تنهد بارتياح وقال: 
-إن شاء الله ربنا يقدر لنا الخير.

رمقته بطرف عينيها ثم أزاحت عينها عنه وابتسمت فابتسم ونهض وافقًا وهو يقول:
-قومي بقا كفايه كده أخدت الإجابه اللي أنا محتاجها.

لم تعلق ناهد وقامت مسرعة لتعود إلى الغرفة وهي تتعثر في سيرها من شدة الإرتباك، دخلت غرفتها ثم  أغلقت الباب ووضعت يدها على قلبها وهي تردد:
-مكنش المفروض أقعد معاه! إجابة إيه اللي أخدها؟! منك لله يا شيخ سعد.

قالت جملتها ثزامنًا مع خروج مروى من المرحاض، نظرت لوجه أختها المتجهم وسألتها بسخرية:
-دا إيه السعاده اللي على وشك دي؟!
-سعد طلبني من بابا!!

اتسعت حدقتي مروى بذهول وسألت:
-سعد أخو الظابط؟

اومأت ناهد رأسها مبتسمه، فتهللت أسارير مروى وتناست حزنها وابتسمت، غمزت بعينيها قائله:
-أيوه بقا عندنا عروسه.

تنهدت مروى بارتياح وأضافت:
-أخيرًا حاجه تفرح النهارده.

فقالت ناهد بغلظة:
-بس أنا موافقتش.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ♥️🌸
بقلم آيه شاكر 
_______________________________
وفي صعيد مصر 

كان عوض جالسًا برفقة أخوته، فقال أخوه الأكبر:
-إزاي راچل غريب يبوس بتك وإنت متعملهوش حاچه!

رد عوض بغضب:
-يبوس مين! الراجل أنقذ حياتها!

هدر الأخ الأوسط وهو ينظر لعوض مخاطبًا الأخ الأكبر:
-بص يا خويا إحنا هنچوز ناهد لابني حامد، ونچوز مروى لإبني التاني رياض ونچيب البنات إهنه نربيهم على عاداتنا وتجاليدنا.

ارتبك «عوض» فلا يريد لبناته أن يتزوجان من حامد ورياض فهذا حامد حاد الطباع، ورياض الأخر غليظ الملامح جاف المعامله، فضلًا عن تجارة أخوته المشبوهة، قال عوض:
-والله ياخويا إحنا نتمنى، بس انت اتأخرت فيه عريسين اتقدموا للبنات وأنا وافقت، دا أنا عامل حسابي أعزمكم على خطوبتهم قبل ما أمشي.

هب الأخ الأمبر واقفًا وقال بنبرة حادة:
-ولاد عمهم أولى بيهم.

قال عوض بحزم: 
-ياخويا أنا إديت للناس كلمه وأكيد مترضاليش أرجع في كلمتي!

سأل الاخ الأوسط:
-وهيتچوزوا مين إن شاء الله؟ 

اضطرب عوض وتجلى ذلك على وجهه المرتبك، فما الذي قاله؟! فقد أقحم حاله بمشكلة، تردد كثيرًا أن ينطق ولكن تذكر مكالمة سعد بينما هدر الأخ الأكبر: 
-ماتنطج مين العرسان؟

رد عوض:
-سيف وسعد واحد ظابط وواحد واعظ والاتنين إخوات.

تجهم وجه الأخان وقال الأكبر بسخريه:
-ويا ترى بجا العريس شاف الفديو؟ 

اجاب عوض بثقة:
-ما هو العريس هو إلي أنفذ حياة ناهد في الفديو أصلًا!

تجهم وجه الأخ الأكبر وقال بحنق:
- عايز تچوز بتك ظابط وتدخله وسطينا، لا يا عوض هترچع في كلمتك وإلا تبچا چنيت على نفسك.

هب عوض واقفًا وقال بحزم: 
-بناتي خط أحمر يا رأفت، من زمان وأنا مليش في تجارتكم الممنوعه ولولا صلة الرحم مكنتوش هتشوفوا وشي!

تركهما وخرج من الغرفة يهلمج في عصبية حتى دخل غرفته.

لم يود اقلاق زوجته فحاول التبسم، حمل هاتفه وطلب رقم ناهد ليطمئن عليهما وبعد أن سألها عن أحوالهما وأجابته، سألها باقتضاب:
-سعد كلمك؟

تلعثمت:
-آآ... أيوه كلمني وقالي...

ازدردت ريقها وصمتت، فقال:
-وإنتِ إيه رأيك فيه؟ موافقه؟

-أنا لسه هصلي استخاره.

-طيب مبدأيًا أنا مرتاح وموافق عليه... شاب محترم هيصونك ويحافظ عليكِ.

خطـ ـفت والدتها الهاتف وقالت بمرح: 
-ووسيم يابت وافقي.

ضحكت ناهد وقالت: 
-طلما إنتوا موافقين خلاص.

قال عوض ببهجة:
-على بركة الله... تبقي مرتاحه ربنا يسعدك يا حببتي... إن شاء الله هنرجع كمان أربع أيام بالكتير خلوا بالكم من نفسكم يا حببتي.

-ماشي يا حبيبي تيجوا بالسلامه.
قالتها ناهد، وأعطت الهاتف لأختها لتتحدث مع والديها قبل أن تنهي المكالمة.

وبعدها ضمتها مروى بسعادة وهي تقول:
-أنا بجد هطير من الفرحه.

اتسعت ابتسامة ناهد التي تنم عن مدى رضاها بسعد، فأضافت مروى:
-أصلًا أنا من أول ما شوفته وأنا حاسه إنه من نصيبك يابنتي... قلب الأخت بقا.
قالتها مروى وضحكتا.... 
_____________________________
مرت الأربعة أيام دون جديد سوى أن مروى لزمت غرفتها كي لا تسبب إزعاج لنفسها أو لأي أحد.

وفي يوم الزفاف كانت «ناهد» قلقة على والديها فهاتفهما خارج نطاق الخدمة من الصباح، لكنها لم تفعل شيئًا سوى الإنتظار فاليوم هو موعد عودتهما من الصعيد علهما يصلان بأي وقت.

طُرق باب الغرفه ففتحت مروى لتجدها رقيه، فابتسمت مروى وعاملتها بمودة، قالت:
-اتفضلي يا طنط.

ابتسمت رقيه وقالت:
-شكرًا يا حببتي النهارده فرح مصطفى ومنى أوعوا ماتجوش!
-لأ طبعًا هنيجي 
قالتها ناهد التي ظهرت خلف أختها، فصمتت أم مصطفى لوهله ثم قالت:
-انا جايه اعتذرلك عن سوء الفهم والكلام اللي قولتهولك يا مروى.

نظرت لها مروى قائله:
-حضرتك في مقام والدتي حصل خير يعني مش زعلانه.

ضمتها أم مصطفى قائله:
-تسلمي ياحببتي... وإنتِ زي بنتي.

نظرت لهما ناهد قائله: 
-طيب ادخلي يا طنط هتفضلي واقفه على الباب!
-لأ دا أنا مشغوله أوي يلا إنتوا اجهزوا كدا وتعالوا اقعدوا مع إخواتكم.

ابتسمت ناهد قائله: 
-حاضر هنلبس ونيجي.

وبعد مغادرتها نظرت مروى لناهد وسألتها بشك: 
-هو ايه اللي حصل خلاها تتغير كده؟

رفعت ناهد كتفيها وقالت مراوغة:
-وأنا أعرف منين!

لوت مروى شفتيها لأسفل بتعجب ثم تنهدت ونظرت لأختها قائلة:
-ماما وبابا موبايلاتهم مقفوله لسه؟

قالت ناهد بقلق:
-أيوه، حتى عمامك أرقامهم مش معانا أنا قلقانه أوي.

قالت مروى:
-إن شاء الله يرجعوا النهارده يارب... يلا نطلع نعمل أي حاجه عشان اليوم يمر بسرعه ونلاقيهم داخلين علينا.

-يلا عشان أنا لو قعدت مع عقلي هتجنن.
قالتها ناهد وهي تُجهز ثيابها.
__________________________
وفي المساء في قاعة الزفاف

جلست منى جوار مصطفى متوتره ومرتبكه، فمن الآن وصاعدًا لن تتهرب منه وستضطر أن تمكث معه بنفس الغرفة.
كان صوت الاناشيد الإسلامية ونقرات الدفوف الهادئة تملأ القاعة...
وكانت هي ترتدي فستانها الأبيض الهادئ المُرصع بالفضة من الأكمام والأطراف، ولم تقبل أن تضع أي لمسات تجميل على وجهها على عكس هدير وهدى اللتان تزينتا بالكامل.
كانت منكرة للوضع حيث كانت للقاعه مختلطة بالنساء والرجال، لكنها مضطره فهذا الفرح ليس لها بمفردها، نظرت لهدير التي تجلس جوار معاذ وابتسمت فالفرحه تُطل من أعين الجميع والسرور المرسوم على الملامح، والسعاده التي تتطاير في سماء القاعة، اقتربت منها ناهد وضمتها قائلة:
-مبارك يا حببتي بجد إنتِ زي القمر.

تلعثمت منى وقالت:
-وإنتِ من أهله يارب.

حمدت ربها أن الأناشيد غطت صوتها فلم تسمع ناهد ما قالته، ضمتها مروى وهي تثني عليها واصول: 
-ربنا يسعدك يارب... بجد قمر.

-وإنتِ طيبه يارب.
اقتربت منها رقيه وضمتها قائله:
-ألف مليون مبروك يا أحلى عروسه.

حمحمت منى بخفوت وردت: 
-عقبالك يارب.

وبعد أن قالت هذا أدركت ما قالته فضحكت لحالها، سرعان ما كبحت ضحكتها كي لا يلاحظ أحد، حمدت الله فلا أحد يسمع صوتها، وسيبقى ما قالته سر بينها وبين حالها تضحك عليه كلما تذكرته.

ظل الحفل على وتيرة واحدة حتى خرج سعد من القاعة فاستغل الشباب غيابه وارتفعت أصوات الأغاني والمهرجانات وامتلأت القاعه بالرقص والغناء.

خرجت ناهد من القاعه فهي غير معتادة على مثل تلك الحفلات ولم تسمع الأغاني يومًا لكنها حفظت بعضضها من أختها مروى التي كانت تُدمن سماع الأغاني، ظهر أمامها سعد فجأة فأجفلت، ابتسم وقال:
-يرضيكِ كده أخواتي استغلوا خروجب من القاعه عشان يشغلوا الأغاني!

أضاف:
-أخواتي حافظين كل انواع الأغاني ودائما بيرددوها في البيت عشان كدا تلاقيني حافظ كلمات أغاني كتير 
ضحك مردفًا:
-عندنا معاذ صوته كروان بيلم علينا العصافير... أما سيف صوته بيلم علينا الذباب.

ابتسمت وسألته:
-وإنت بقا صوتك بيلم عليكم إيه؟ 

ابتسم قائلًا: 
-مش عارف إيه رأيك تسمعيه وتحكمي.

تحاشت النظر نحوه وهي تقول:
-سمعني.

فكر لبرهة ثم قال: 
-تعالي كدا هنقطع عليهم الأغاني والرقص دا ونكسب فيهم ثواب. 

دخل سعد للقاعة وانتظرت ناهد دقيقة ثم تبعته...
حمل سعد الميكرفون وطفق ينشد ما حفظ من أناشيد للأفرح وامتلئت القاعه بالتصفيق الحار والبهجة...
وكانت مروى تغمز لناهد بمكر كلما رمقها سعد، فخرجت ناهد من القاعة، وحين لاحظ سعد غيابها، سلم سعد الميكرڤون لمعاذ قائلًا: 
-غني إنت شويه بلاش تشغلوا أغاني.

أومأ معاذ رأسه وحمل المايك، أما سعد فقد هرول ليلحق بناهد، نادها قائلًا:
-ناهد، استني رايحه فين؟

كان الروع والقلق يطغى على مشاعرها، فقررت أن تخبره عن غياب والديها، قالت:
-انا قلقانه أوي على ماما وبابا، برن عليهم من الصبح موبايلهم مغلق.

عقد بين حاجبيه وقال:
-أنا اخر مره مكلم والدك من حوالي يومين وقالي إنه جاي النهارده، متقلقيش زمانه في الطريق ولا حاجه.

تنهدت قائلة:
-يارب، لأني هموت من القلق.

-بعد الشر عليكِ، تسمحيلي أتمشى معاكِ شويه.

قالت بارتباك:
-مـ... مينفعش عشان مقولتش لبابا.
-متقلقيش المكان عام! هنتكلم خمس دقائق بعد إذنك.

أومأت رأسها وسارت جواره فأراد أن يخضعها لإختبار مباغت، فقال بمرح:
-بينما هم يمرحون دعينا نصنع الحب...

نظرت أمامها بحياء وسارت جواره خطوتين، كانت مندهشه من هذا الجرئ الذي اقتحم حياتها على حين غرة، وقفت فلم يعجبها الجمله التي قالها للتو، لذا حذرته:
-لو كلامك خد منحنى معجبنيش هسيبك وأمشي.

ابتسم وتنهد بارتياح قبل أن يقول:
-أنا آسف على اللي قولته ولعلمك أنا عارف حدودي يا ناهد! كل الحكايه إني بحاول أتعرف عليكِ.

وهنا أدركت ناهد مدى دهاءه فأخذت حذرها أكثر...
*******
وفي ركن من القاعه وقف حمدي مع رجاله، وقال بأمر:
-استغلوا انشغال الناس في الفرح وعايز اللي إسمه سيف دا مفهوش حته سليمه.

رد أحد رجاله:
-متقلقش هنظبطه، ولو عاوزنا نخفيه من الوجود هنخفيه. 

قال حمدي:
-لأ مش مستاهله انا برده لسه محتاجه.

حملق حمدي في نقطة وهمية بالفراغ في خبث، فهو يرتب لخطة كبيرة وسيستغل سيف كأداه للتخلص من جابر...
أما الآن فمروى هي المقصودة، يريد الحصول عليها بأي ثمن لذا يجي أن يُلهي سيف عنها ويأخذها بعيدًا، فقد أعد خطة جديدة لأجلها.

من ناحية أخرى
كانت مروى تدور في أرجاء القاعه تبحث عن أختها فأثار انتباهها حمدي الذي ينظر لسيف بتوعد ويشير عليه كأنه يخطط لشيء مع رجاله...
هرولت مروى نحو سيف وهو يرقص مع الشباب، وتحذره فيبدو أن نظرات حمدي لا تُبشر بخير، أشارت مروى لسيف ورفعت صوتها:
-عاوزاك.
سألها بإشارة من يديه عما تريد، فقالت:
-الموضوع مهم تعالى نتكلم بره.

أومأ تبعها لخارج القاعه.
_____________________
في مستشفى صغيرة في ضواحي مدينة ريفية...

كان الطبيب يتحدث مع الأخر قائلًا:
-هو الراجل دا محدش سأل عليه برده؟

هز الأخر رأسه بأسف قائلًا:
-للأسف لأ.

سأل الطبيب مجددًا: 
-طيب الست الي كانت معاه حالتها إيه دلوقتي؟

رد الطبيب: 
-هما الإتنين أصعب من بعض والأدوات هنا محدودة... ربنا يلطف بيهم.

فكر الطبيب قليلًا ثم قال:
-احنا ممكن نصوره وننزله على النت يمكن نوصل لأهله.

وبالفعل صوره الطبيب ونشر صورته على الفيسبوك في كثير من المجموعات والصفحات.
بقلم آيه شاكر 
استغفروا
                      ــــــــــــــــ
رأت فاتن رامي يجلس مع فتاة أخرى ويضحك معها فاقتربت منه وقلبها يشتعل بالغيرة، نظرت له بغضب وسألته:
-مين دي؟ 

رد بتهكم:
-ميخصكيش.

اشتعل غضبها وقالت:
- يعني إيه ميخصنيش؟... أنا مراتك!

ضحك بسخريه:
- إنت هبله يابت هو أنا هتجوزك إنتِ؟!

رمقته بغضب وقالت:
- والله لأوديك في داهيه!

همت أن تغادر لكنه جذبها من يدها وقال في هدوء:
-افتحي موبايلك عشان تشوفي الصور والفيديوهات الي هبعتهالك وبعدين قرري هتعملي إيه؟

-صـ... صور إيه؟ 
-شوفيها بنفسك!

قالها وانشغل مع هاتفه ليرسل لها بعض المقاطع القصيرة، وهي تطالعه في ذهول وترقب، وحين أبصرت المقطع الذي أرسله لها وهي تغتسل في المرحاض، وتلك الفيديوهات الفاضـ ـحة، همى الدمع من عينيها وهي تقول:
-يا حيوان! 

هجمت عليه لتضـ ـربه فسبقها بكفٍ على وجهها وقال بغضب: 
-مش عايز أشوف خلقتك تاني.

قالها رامي وسحب الفتاه التي ترافقه من يدها وغادر المكان تاركًا فاتن تطالع أثرهما وتندب حظها!

على الصعيد الأخر 
تنهد «فؤاد» بارتياح وابتسم بخبث بعد أن أنهى عمله الذي سيقلب الزفاف رأسًا على عقب فهل سيفعل، أم أن هناك ما سيمنعه؟ 

تعليقات