رواية الحقيقة المرة الفصل الثاني2 بقلم سالي سيلا

رواية الحقيقة المرة الفصل الثاني2 بقلم سالي سيلا

كان لقاؤنا الأخير مع نجوى مشحونًا بالألم والذكريات التي كنت أحاول نسيانها منذ زمن طويل. علاقتي معها كانت مثل جراح قديمة تنفجر من جديد، وأعادت لي كل المشاعر السلبية التي حاولت دفنها بمعاناة. عودتي للحياة الطبيعية لم تكن سهلة، فقد تطلبت دعماً كبيراً من متخصصين في علم النفس والكثير من العمل على إعادة بناء نفسي من الصفر. ولكن الماضي لا يمهل أحدًا، وفجأة وجدت نفسي مجددًا في مواجهة قصة عشتها منذ سنوات، كنت أعتقد أنها انتهت.




"ماذا تقولين يا نجوى؟ ألم يكن ما فعلته سابقًا معي كافيًا؟ لماذا عدتِ الآن لتكملي ما بدأته من تدمير؟ ماذا فعلت لكِ بحق الله حتى تسعين لتحطيمي بهذه الطريقة؟"


"انسِ كل الماضي يا أرين، فأنا اليوم أكثر جدية مما كنت عليه في حياتي. وأحسب أنني الآن لا أقوى على فعل الشر كالعادة."


"أي جدية تتحدثين عنها، وأنت لا تزالين تلعبين لعبتك المقيتة!"


"أرين، أرين... الصبي الذي معنا هو ابنك الحقيقي، عليك أن تفهمي هذا..."


"ابني توفي عند ولادته، وأنت السبب في ذلك بالاشتراك مع ذلك الخائن."


"دعينا نجلس في مكان هادئ وسأشرح لك كل شيء بالتفصيل."


"عن أي شيء ستخبريني يا نجوى؟ أغلقت ملفك منذ زمن طويل. لماذا عدتِ بالظهور في حياتي مجددا؟ أليس بما فعلته من قبل كافياً؟ حتى كتذكيرك بوجودك يؤلمني. تريدين أن تجعليني مجنونة؟ وبعد أربع سنوات تعودين بمجرد لقاءٍ صدفة في الشارع لتخبريني بأن الصبي الذي ترافقينه هو ابني! أي عقل سيصدق هذا؟ تظنين أن خداعك ومكرك سيظل له تأثير طوال الوقت."




دخلت في مواجهة طويلة مع نجوى، حاولت تهدئتي بكل الوسائل لكنها لم تتمكن. أعادت البراكين التي كنت أظنها خامدة إلى الانفجار داخلي. وجهت لها اللوم والعتاب عن كل ما فعلته معي في السابق وأقسمت أنني لن أسامحها أبد الدهر. توقفت فقط حين أتى الصبي الصغير ليطلب من والدته الذهاب إلى المنزل لأنه تعب من اللعب.




رغم أنني كنت غاضبة جدًا، إلا أن بعض كلمات نجوى أصابت عقلي وأنا أنظر للصغير. كانت ملامحه مشابهة لبعض خصائصي: نفس البشرة البيضاء، العيون الواسعة البنية، والشعر الأسود الأملس. ولا أعلم لماذا كان قلبي ينبض بسرعة عند رؤيته. كنت أنجذب إليه رغم أنني كنت أحاول تجنب ذلك.




في تلك اللحظات، أخرجت نجوى ورقة وقلماً من حقيبتها وكتبت عنوانها ورقم هاتفها، وطلبت مني زيارتها في اليوم التالي كي أهدأ وتسرد لي الحقيقة كاملة. وضعت الورقة بنفسها في حقيبة يدي الجانبية، وقبل أن تذهب، نظرت في عيني بعمق وقالت لي ألا أشعر بالغضب أو الانكسار بعد الآن. أخبرتني أن الله انتقم لي وأن حتى مازن أخذ نصيبه، وأوصت بأن أترحم عليه كلما تذكرته.




ثم استدارت ببطء بكرسيها المتحرك، وغادرت مع الصبي وهي تداعبه بلطف، تخيره بين البوظة أو بعض الفطائر.




حينها، لم أستوعب ما قالته نجوى لي، فماذا تعني أن مازن قد..........؟ بدأت الدنيا تدور من حولي، وكأنني دخلت دوامة مظلمة لا أستطيع الهروب منها. لم أتمكن من التحرك أبداً، كنت مشلولة بين الماضي المؤلم والحاضر الغامض.




من بعيد، رأيت نجوى تغيب عن الأفق وراودني الفضول أكثر حول تحولها من فتاة مدللة ومرحة ومتسلطة الى ماعليه الان. ما الذي حدث لها؟ وما الذي جرى لمازن؟ وكيف تحول مسار حياتهم جميعاً؟  والاهم من كل هذا وذاك. من يكون ذلك الصبي؟ 




أخرجت الورقة من حقيبتي وتمعنت في العنوان جيداً، وقررت في نفسي أنه يجب إكمال القصة والذهاب لزيارة نجوى كي أستوعب وقائع الحقيقة الجديدة 

                   الفصل الثالث من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات