
رواية ليلة القمر الأزرق الفصل السابع7 بقلم دعاء سعيد
صدمت نورين عندما ناداها الملك بالاسم الذى تذكره ...
فانتفضت من مكانها وسألته ع عجل....
-(((مولاي ...انت نادتنى باسم نورين مش ناريز ...؟؟؟!!!
أنا مين بالضبط جلالتك...؟؟؟!!!)))
- أجابها الملك ببرود دون أن يلتفت لها ....
(((طول ما انتى لسة فاكرة انك نورين مش ناريز
هنفضل غرباء يامولاتى الملكة ناريز.......)))
عادت نورين إلى نومها بعدما شعرت بخيبة أمل من كلامه رغم أنه أثار تساؤلات جديدة فى رأسها .......
ظلت نورين تتقلب فى فراشها ...فاذا بالملك يطمئنها قائلاً....
((( نامى واطمنى يا مولاتى الملكة... متخافيش وانا موجود...)))
وبالفعل كانت كلمات الملك مطمئنة لها فماهى إلا دقائق قليلة
حتى غلبها النعاس........
بدأت الاحلام المزعجة تراود نورين ....
فرأت فتاة تجرى من الذئاب فى الحلم والخوف يتملكها حتى بلغت بوابة القلعة وأخذت تصرخ دون جدوى ....
كانت دقات قلب نورين متسارعة طوال الحلم وكأن الفتاة تمثلها
ثم استفاقت من نومها وصوت صرختها يدوى فى أرجاء القلعة ...
فماهى إلا دقائق معدودة ووجدت الوصيفة مياس قد اتت إليها مسرعة وهى تحمل كوبا من الماء ........
ارتشفت منه القليل ، ثم نظرت ع الأريكة فلم تجد الملك فنظرت لمياس قائلة....
(((امال فين جلالة الملك..؟؟؟.)))
ردت عليها مياس برفق.......
(((نزل لمجلسه .....يامولاتى ناريز))).
استفهمت نورين.......
(((مجلسه منتصف الليل ....؟؟!!!)))
إجابتها مياس ...
(((احنا خلاص بقينا الصبح يامولاتى....)))
نظرت نورين حولها لتجد الظلام مازال يحاوط نوافذ القلعة ولا يسمح بعبور اى شعاع من نور الصباح....
بدلت نورين ملابسها امام المرآة.....
وأخذت تتأمل فى ملامحها محاولة أن تتذكر ملامح الفتاة التى رأتها بالحلم.....لكنها كانت ضبابية...
نزلت نورين من غرفتها....وبينما كانت تسير فى طرقات القلعة مع وصيفتها ...رأت آلة عزف موضوعة ومغطاة فى إحدى اركان القلعة وقد ظهر منها جزءا ...فاقتربت منها وحملتها بين يديها وازالت ما عليها من أتربة غير مبالية من أن تتسخ ملابسها كأنما سُحرت عندما رأتها ...
وبدأت العزف عليها والغناء بصوت عزب انتشر فى أرجاء القلعة وجعل الفتايات الثلاث يأتين ع عجل لمعرفة صاحبة هذا الصوت العزب فإذا بها الملكة ناريز تنشد بصوت ساحر جعل كل من فى القلعة يأتى مسرعا لسماعها ، وهى مستمرة فى الغناء وكأنها لا ترى ما يجرى أمامها من التفاف الجميع حولها ....فما إن انتهت حتى اقبلت الفتاتين الصغرى والوسطى لمعانقتها وتقبيلها .....
أما الفتاة الكبرى فقد كانت تحاول أن تخفى ابتسامة ظهرت ع وجهها وهى تستمع لنورين وقد بدأ قلبها يستميل نحوها قليلا.....
وبينما الجميع ملتف حول الملكة ...كان الملك والملكة الأم قد أتيا من المجلس بعد سماع الصوت الساحر.........
وفجأة ....بعدما انتهت نورين من الغناء والعزف ....بدأ قليل من نور الصباح يتسلل من داخل نوافذ القلعة حثيثا حتى أضاء جزءا من القلعة ...فأقبلت الملكة الأم ع نورين وقبلت جبينها واحتضنتها ...
بينما وقف الملك بعيدا ينظر لها دون أن تراه او تعرف أنه ترك مجلسه خصيصا ليستمع لها كما فعل كل من فى القلعة ....
كان ينظر لها وعيناه تلمعان وع وجهه ابتسامة من وجد ضالته أخيرا .....
جلست نورين مع الفتايات بعدما انتهت من الغناء تتجاذب أطراف الحديث معهن ...وقد كن فى غاية السعادة بعدما بدأ نور الصباح يتسلل ولو قليلا من نوافذ القلعة التى ظلت سنوات يخيم عليها الظلام .......
وعندما اقترب العصر ...تسللت نورين من القلعة كما فعلت من قبل من نفس المكان دون أن تتذكر أنها قامت بذلك من قبل ....
انطلقت نورين إلى الغابة القريبة كما فعلت سابقا وهى تضع الشال ع وجهها ...تساعد من يحتاج المساعدة دون أن تدرى ما يدفعها لفعل هذا!!!! .....
وعادت إلى القلعة قبل الغروب متسللة إلا أنها هذه المرة لم ترى مجلس الملك ومايحدث فيه ...فقد تسللت مباشرة إلى غرفتها لتغيير ثيابها دون أن يراها احد ......فما أن دخلت الحجرة حتى سمعت طرقات مياس ع الباب.....
(((مولاتى ناريز....حان وقت العشاء
الملك والملكة الأم فى انتظار جلالتك فى غرفة الطعام كالمعتاد...)))
بدلت نورين ثيابها أمام المرآة كالعادة وهى تنظر لانعكاس صورتها وكأن حديثا يدور فى عقلها محاولة أن تقنع نفسها أن هذه هى صورتها الحقيقية وتطرد الشكوك من رأسها ....
وبينما هى شاردة فى أفكارها ....
إذا بها تسمع طرقات ع بابها مرة ثانية فردت قائلة...
(((خلاص يا مياس أنا بدلت ملابسى ونازلة.......)))
ولكنها رأت الباب يُفتح ويدخل الملك وهو مبتسم لها ع غير عادته ويحدثها بنبرة هادئة لم تعتدها منه سابقا ........
(((أنا جيت علشان اصطحبك يامولاتى للعشاء.....)))
ثم أمسك يدها وقبلها كالمعتاد ....
وسارا معا فى طرقات القلعة التى بدت مختلفة قليلا عن السابق حتى بلغا غرفة الطعام ...
فأجلسها بجواره كالمعتاد بعدما القى التحية ع الملكة الأم والثلاث فتايات....
جلست نورين إلى مائدة الطعام تتناول العشاء فإذا بمذاق بعض الأطعمة قد بدأ يختلف عن بقية الطعام ويبدو أشهى عن ذى قبل.
استمرت نورين بضعة أشهر تنشد وتعزف فى القلعة كل صباح وتتسلل عصرا الى الغابة القريبة لمساعدة اى محتاج وهى تحتفظ بالشال ع وجهها ....
وكان نور الصباح المتسلل من نوافذ القلعة يزداد كل يوم...
ومذاق الطعام فى العشاء يزداد تنوعا عن ذى قبل ...
وتزداد محبة كل من فى القلعة للملكة ناريز التى أعادت الحياة للقلعة من جديد.....
والملك يقيم مجالسه السرية كل فترة ولكن دون أن تراها نورين ..
والأحلام المزعجة تراود نورين كل فترة عن نفس الفتاة الخائفة...
ثم أتى صباح يوم مغيم ......
وكان كل من فى القلعة يبدو عليهم القلق والتوتر دون أن تعرف نورين السبب ....
حتى أنها عندما بدأت بالغناء كالمعتاد لم تشعر بسعادة من حولها كالمعتاد ......
إلا أنها تسللت من القلعة مع اقتراب العصر كما اعتادت كل يوم لمساعدة اى محتاج .....
ولكنها فى هذه الليلة لم تستطيع أن تعود قبل الغروب ....
فقد شعرت بظمأ شديد لم تقوى معه ع السير إلى القلعة دون أن تشرب ولو قليلا من الماء .......
فأخذت تبحث عن بئر قريب ، إلا أنها لم تجد ....
ثم لمحت نهر صغير ع مسافة قريبة فسارت نحوه واقتربت منه ومدت يدها لتشرب منه ...فسقط الشال من فوق وجهها فى النهر ولمعت صورتها ع صفحة الماء فرأت وجه الفتاة التى كانت تراها بالحلم وليس وجه الملكة ناريز .....
ثم نظرت للسماء لتجد القمر الأزرق قد لاح فى الأفق وبدأ عواء الذئاب فى كل الأرجاء.....وهنا تذكرت نورين كل ماحدث لها سابقا فى ليلة القمر الأزرق..............