رواية وما معني الحب الفصل الاول1والثاني2 بقلم ايه شاكر


رواية وما معني الحب الفصل الاول1والثاني2 بقلم ايه السيد شاكر 
هتجوزها يعني هتجوزها يا ماما.

-ماشي يا مصطفى اعمل اللي تشوفه أنا تعبت من الكلام معاك... بس صدقني هتندم بعدين ياريت تفكر بعقلك قبل ما تاخد الخطوه دي!

-كفايه بقا يا ماما! أنا بحب مروى وقررت أكمل حياتي معاها ياريت حضرتك متقفيش في طريق سعادتي! 

-ربنا يرزقك بالزوجه الصالحه يابني ويرجعك لعقلك.

-برده يا ماما!!
رمقته والدته بنظرةٍ يائسة ثم غادرت وتركته يُحملق بالفراغ ويفكر في اعتراض والدته على زواجه من الفتاة التي طلما أحبها وتعلق بها...

وقفت والدته في غرفتها تُطالع صورة زوجها المتوفى بحزن، لأن ابنها الوحيد يعارضها بكل قوته 
فهي لا تقبل بزواجه من «مروى» لأنها رأت رسائلها لمصطفى، فهي تخاطبه بكلامٍ لا يجوز بين الخاطب ومخطوبته فكيف بإثنين لا تربطهم أي علاقة رسميًا!
                        *****

في إحدى الأبراج بمحافظة الأسكندريه وبالتحديد في شقة مصطفى، ذلك الشاب صاحب السبعة وعشرين عام والذي تخرج من كلية التجارة قبل عدة أعوام ويعمل محاسبًا بإحدى الشركات الخاصة.

وقف في غرفته متجهم الوجه ويغطي الحزن قسمات وجهه فهو يحب والدته كثيرًا ولا يريد معصيتها ومن ناحية أخرى لا يريد التخلي عن وعوده الكثيرة لمحبوبته «مروى»

أطلق تنهيدة طويلة عله يُهدئ ما يجيش به صدرة من حيرة وقلق ثم شرع في إرتداء ملابسه للذهاب لعمله.
                   ********
وفي شقة مجاورة أزاحت الفتاه ستائر الغرفة، ثم توجهت لمخدع ملابسها كي تختار ثيابًا تناسبها للجامعة...
وقفت تفكر لبرهة حتى استقرت على اختيار، ارتدت فستانها اللبني وطرحتها البيضاء التي لا تُغيرها لأنها تناسب زي العملي وأخرجت حذائها الأبيض لانتعاله، وأخيرًا وضعت الحقيبة على ظهرها  وخرجت من شقتها تزامنًا مع فتح باب الشقه المقابلة لخاصتها وخروج جارتها «أم مصطفى» التي بادرت بالإبتسام فور رؤيتها فافتر ثغر «منى» بابتسامة واسعه وهي تقول:
-صباح الخير يا طنط... 
-صباح النور يا منى... رايحه فين يا حبيبتي؟ 
-عندي محاضرات طول اليوم ربنا يتوب عليا بقا... 

هرولت تنزل الدرج وهي تردد:
-عايزه حاجه يا طنط؟
-سلامتك يا حببتي ربنا يوفقك يارب... طيب استني مصطفى يوصلك...

استدارت أم مصطفى خلفها تنادي:
-يــــا مـــصـــطفى! إنت مش كنت نازل؟

ارتبكت منى وقالت بتلعثم:
-أ... لا يا طنط شكرًا آ... أنا همشي عشان هُدى مستنياني تحت. 

وهرولت قبل أن يخرج مصطفى من وكره فتضطر لرؤيته! فلا تريد رؤيته، هي تقاوم مشاعرها وتحاول جاهدةً ألا تفكر به...

وقفت أم مصطفى «رقية»  تُطالع أثرها مرددة بشفقة:
-ربنا يكون في عونك يا بنتي... من ساعة ما والدتك مـاتت وإنتِ عايشه لوحدك... ربنا يقويكِ يارب.

دلفت لشقتها وأغلقت الباب وهي تقول:
-يا مصطفى! مش كنت بنادي عليك؟ يابني إنت مش كنت خارج!!
استغفروا♥️
_________________
              «مروى»
في مكان أخر كانت تمسك بيدها قطعة من الخبز وتُطالع مائدة الطعام بنفور شديد مخاطبة والدتها: 
-ايه دا!! الأكل ده أنا مش بحبه وقلت مية مره الكلام ده!
-إنتِ ازاي تكلمي ماما كدا... إيه متعلمتيش الاحترام!
قالتها أختها بحدة فعقبت ساخرة:
-سيبتلك إنتِ الاحترام يا محترمه.

ردت الأم بنزق:
-عيب بقا إنتِ وهي مش معقوله كدا كل شويه خناقة شكل!! واللي مش عاجبه مياكلش أنا مش فاضيه لوجع الدماغ ده وعندي شغل!

نفخت الأم بضجر ونهضت وتركت الطعام متحهة لمطبخها وتركتهما تكملان مشـ ـاحنة كل يوم!

قالت إحداهن:
-أيوه أنا محترمه غصب عنك وبلاش أقول بقا على الرسايل الي شوفتها على موبايلك من سي مصطفى... أنا نصحتك كذا مره وبنصحك للمره الأخيره وبقولك كدا غلط فوقي لنفسك!

ردت مروى بسخريه: 
-ريحي نفسك عشان خلاص هيجي يتقدملي يا ناهد!

أطلقت ناهد ضحكة كالزفرة قبل أن تقول ساخرةً:
-لا يا شيخه تصدقي اقتنعت!! يا بنتي اقفلي معاه بقا إنتِ بقالك شهرين بتقولي هيجي وهو شكله بيتسلى... لا دا هو أكيد بيتسلى مش معقوله هيلاقي واحده بتقوله يا حبيبي وكلام بجـ ـح زي الي بتقوليهوله وميتسلاش! طبعًا حد يلاقي دلع ببلاش وميتدلعش! 

أزاحت مروى خصلة شعرها البنية عن عينها وقالت بفظاظة:
-بحبه وبيحبني! ملكيش دعوه اطلعي منها إنتِ...
وأردفت مروى بسخريه: 
-شكلك أصلًا غيرانه عشان محدش بيبصلك! وعشان أنا أحلى منك...

عادت تسحب خصلة شعرها وتعبث بها فهي معجبه بحالها إلى أبعد حد! مروى فتاة حسنة المظهر وتدرس بعامها الثاني بكلية الإعلام، أما عن ناهد فهي الأخت الكبري أقل جمالًا من أختها ومن والدتها لكنها فتاة مميزه باحترامها لذاتها واحترامها للأخرين، وتدرس بعامها الرابع في كلية التجاره...

قالت ناهد:
-أنا غيرانه منك!! بالعكس يا مروى أنا مشفقه عليكِ!

لم تعقب مروى على كلامها وهزت رأسها باستنكار وهي تبتسم بسخريه، قبل أن تدلف لغرفتها لترتدي ملابسها استعدادًا للخروج للجامعه...

وبعد دقائق قالت بصوت مرتفع:
-أنا خارجه يا ماما.

نهضت ناهد عندما رأت مظهرها وملابسها! وقالت بصدمة:
-خدي هنا رايحه فين بالبس ده! مش معقوله الي عملاه في وشك ده وإيه شوية الشعر إلي طالعين من الحجاب دول! وكمان لبسك ضيق أوي! 

نفخت مروى وقالت بضجر:
-ناهد! لو سمحتِ متدخليش في حياتي... يلا باي باي مع السلامه.

حركت ناهد رأسها يمينًا ويسارًا بحسرة على حالة أختها فلم تكن هكذا أبدًا! لا تعلم كيف ومتى وصلت لتلك الحالة! وكيف يتركها والديها هكذا! 

رددت: ربنا يهديكِ يا مروى.
___________________
  
-بكدا تكون المحاضره خلصت... هنطبقها عملي بكره في السكشن... تقدروا تتفضلوا.

قالتها الدكتورة قبل أن تخرج من قاعة التدريس تاركةً الطلبة وقد ارتفعت أصوات حديثهم.

-العيال بتعمل دوشه ازاي! زي ما يكونوا ما صدقوا الدكتوره تخرج؟!

قالتها فتاة خمرية البشرة صافية الملامح بابتسامة عذبه لمنى التي تجلس جوارها، فابتسمت منى وقالت:
-يا بنتي ماسكين لسانهم من بدري المحاضره طويله أوي بقالنا ٣ساعات... بصراحه من حقهم يحركوا لسانهم شويه وإلا هينسوا الكلام!

ضحكتا وقالت هدى:
-طيب يلا عشان نلحق ناكل ونتكلم شويه قبل المحاضره التانيه.

وبعد خروجهما من القاعة قالت هدى: 
-بقولك ايه مش ناويه تيجي تعيشي معانا بقا... أنا ببقا قلقانه عليكِ وإنتِ لوحدك كدا!

-يا بنتي متقلقيش أنا اتعودت خلاص.... بقالي سنتين لوحدي.. إبقي تعالي إنتِ اقعدي معايا كم يوم لو تقدري!

قالت هدى بمرح:
-أكيد إن شاء الله هستأذن من ماما وبابا وأجيلك يا قمر.

وبعد قليل جلستا الفتاتان تتناولان الطعام وتتبادلان أطراف الحديث، حتى موعد المحاضرة التالية.

وبعد انتهاء يومها وصلت شارعها تزامنًا مع وصول مصطفى أمام بوابة البيت فنظر إليها مطولًا وهي تقبل نحو البيت ثم دخل مسرعًا حتى لا يسترجع مشاعره القديمة فهو يظن أنها من اختار البُعد ولم تُكن له أي مشاعر يومًا!

على جانب أخر كانت تراه وتتمنى من داخلها أن ينتظرها أو يسألها عن حالها، شعرت بغصة تتلوى بحلقها فهي تحبه منذ خمسة سنوات ومن الواضح أنه لا يبالي بمشاعرها دخلت شقتها وأغلقت الباب خلفها لتطلق لدموعها العنان علها تستريح، تذكرت ما مضى...

                      "رجوع للماضي" 
في الثامنه مساءًا كانت تخرج من درس الأحياء، وهو يقف في الجهة المقابلة ينتظر ظهورها، ابتسم لها واعتظل في وقفته وأقبلت هي لتسير بجواره كعادتها كل يوم، كانت ستقطع الطريق فحاول مسك يدها ليعبرا معًا، لكنها سحبت يدها وابتعدت عنه بضعة خطوات وقالت:
-أنا كبرت يا مصطفى... معدتش البنت الصغيره الي بتمسك إيديها عشان تعديها الشارع.

قالت كلامها بهدوء، فرد بنفس نبرة صوتها:
-يعني إيه؟ 
-يعني خلاص بقا عندي ١٥ سنه! 
لم يفهم مقصدها نظر إليها بتفرس ملامحها ثم نظر أمامه ولم يعقب كان ينتظرها أن تُكمل ما تريد، فأردفت هي تنادي عليه:
-مصطفى! 
-نعم يا منى! 
-الناس بقت بتتكلم علينا... مينفعش تيجي تاخدني من الدرس كل يوم! 
-مين دا الي بيتكلم وأنا أقطـ ـع لسانه؟ 
-الفكره مش في كدا... الفكره إن مينفعش الي بتعمله معايا... إنت لا أخويا ولا وصي عليا... لو سمحت يا مصطفى طلع نفسك من دايرة الوصايه عليا... 

قاطعها:
-يا منى أنا بخاف عليكِ... باباكِ الله يرحمه وصاني عليكِ قبل ما يمـ.وت وأنا بنفذ وصيته! ومامتك مبتطمنش عليكِ إلا معايا! 
هدرت به
-مينفعش... مينفعش يا مصطفى!
رفع حاجبيه عاقدًا جبهته وقال باستهزاء:
-هو إيه دا الي مينفعش هو إحنا بنعمل حاجه غلط؟ 

أرادت أن تخبره بأنها تخطئ، فقلبها تعلق به أصبحت تفكر به كثيرًا، تلبس ليراها جميله، تضحك للفت نظره، أي شيء تفعله بحياتها له ولأجله! أصبح قلبها لا يدق إلا له، وقفت مكانها وأخذت نفسًا عميقًا ثم زفرت الهواء من فمها وقالت:
-أنا مش عايزه أشوفك تاني... لو سمحت بطل تطلعي في كل مكان... 
وقف أمامها ونظر بعينيها قائلًا:
-إنتِ عارفه كلامك دا معناه إيه؟ 
تحاشت النظر إليه وقالت:
-أيوه عارفه.... إحنا جيران مفيش بينا أي صلة قرابه... ياريت متشيلش نفسك هم الوصايه عليا! 

أردفت بثقة: أنا كبرت وهعرف أخد بالي من نفسي! 

قالت ذلك لكنها لم تكن تريده أن يبتعد، بل تريده جوارها وتريد أن تعيش تحت وصايته وفي كنفه لكن تخشى على مشاعرها وعلى قلبها من الإحتـ ـراق، وتخاف مما قد يحدث ويتطور في علاقتهما أكثر من ذلك، أرادت أن تتنقذ نفسها قبل أن تغرس بوحلٍ يسمونه الحب!

فمنذ أن وعيت على الدنيا وهو ظلها الظليل فإذا جُرح إصبعها كان هو من يداويه لها، لكنها ستهشم تلك المشاعر وتدهس عاطفتها التي نمت تجاهه ولن تسمح بالمزيد من التطور، وستنتظر فإن كان يُكن لها المشاعر حتمًا سيتقدم للزواج بها رسميًا ووقتها ستكون زوجته وهو حلالها تعيش في كنفه وتحت ظله كيفما شاءت...

فكر مصكفى قليلًا قبل أن يقول:
-طيب يا منى هعملك الي إنتِ عاوزاه بس اسمحيلي أوصلك لأخر مره! 

أومأت رأسها وسارت جواره دون أن تنبس ببنت شفه حتي وصلت بيتها...

"عوده للوقت الحاضر"

تنهدت بعمق فقد فعلت صوابًا حين ابتعدت عنه، عزمت أن تطرده من قلبها ستحاول جاهدةً على ذلك، ستحارب لأجل كرامتها وكبريائها، فهو لا يحبها، ولو كان يريدها لتقدم للزواج منها منذ زمن بعيد! فقد مر خمسة سنوات ولم يفعل أي شيء سوى أنه يتهرب من رؤيتها في طريقه!
سبحان الله وبحمده ❤️ 
________________
وفي بيت مصطفى، جلس بوجه مكفهر يفكر فيما مضى، تذكر كم كان معجب بمنى منذ الصغر لكنها وبكل بساطة طردته خارج حياتها، تنفس بعمق وأخرج الهواء من رئتيه...

-مالك يابني؟

تنهد بألم وقال:
- مفيش يا ماما افتكرت طنط آمنه الله يرحمها كنت بحبها أوي...
-الله يرحمها ويصبر منى مكنش ليها في الدنيا غيرها. 
- هي منى عامله إيه؟ وبتصرف على نفسها منين؟ 

سألها مصطفى فقالت:
-منى بنت بمية راجل... بتشتغل في مستشفى خاصه بجانب الكليه... بنت محترمه راضيه بكل الي مكتوبلها وصابره على قضاء الله... أكيد ربنا هيكرمها. 

طالع والدته لبرهة في صمت فقالت:
-هقوم أحضر الغدا... أكيد زمانك جعان شكلي...

قامت والدته وتركته يفكر في حاله، فهو يشبه منى لا يمتلك من الدنيا غير والدته، جلس يفكر هل ما يفعله صحيح! هل يليق به فتاة كمروى! أم أنه يحتاج لأخرى تشبه منى في إحترامها وحيائها! ولم لا تكون منى بذاتها! علها ترضخ وترضى به زوجًا لها وإن لم تكن له أي مشاعر فليحاول زرع حبه بقلبها!

تذكر كيف كان معها منذ خمس سنوات يراعها ويدعمها، حمل هاتفه ليفتح الفيسبوك كان يشعر بحيرة وبغصة في حلقه، لمَ أصبح لا يطيق التحدث مع مروى كما كان يتلهف للكلام معها! أغلق هاتفه وقام يتوضئ ليصلي وأخذ لسانه يردد ويقول: 
-يارب رتبها من عندك.
_________________
-ايه ده أول مره يكون أون لاين وميكلمنيش دا حتى مفكرش يرن عليا يطمني عنه النهارده... ماشي يا مصطفى!
قالتها مروى فرمقتها ناهد وقالت:
- إنتِ بتكلمي نفسك يا مروى؟!

ردت مروى بضجر:
-ملكيش دعوه يا ناهد سيبيني دلوقت مش طايقه نفسي. 

نهضت ناهد وهزت عنقها مستنكرة وهي تردد:
-ماشي أنا خارجه... لو حبيتي تتكلمي معايا أنا دايمًا موجوده.

مروى بسخريه: 
-متشكرين لجمايل حضرتك.

غادرت ناهد الغرفه وجلست مروى تفكر ماذا تفعل؟ كتبت رساله لمصطفى محتواها: 
-إيه يا حبيبي انت فين أنا قلقانه عليك وكمان مش بترد علي رناتي... ممكن تطمني عليك يا حبيبي؟!

سرعان ما رد على رسالتها:
-معلش يا مروى كنت مضغوط شويه النهارده... مترنيش عليا تاني وأنا هبقا أكلمك... سلام.

جن جنونها فلم يتحدث معها بتلك الطريقه من قبل! فليست عادته أن تكتب له «حبيبي» وهو يكتب إسمها تسائلت أيعقل أن يكون كلام ناهد صحيح وأنه يتسلى معها لا أكثر؟! وربما قد يكون يُحادث أخرى الآن! أغلقت هاتفها وألقته جانبًا متضجرة، وجلست تفكر في حالتها!
________________ 
                  «منى»
وفي المساء 
انتهت من المذاكره ودخلت غرفتها استلقت على سريرها وحاولت النوم، مرت ساعة تلو الأخرى وقد جافاها! فنهضت من فراشها وأخذت دفترها لتفرغ ما بجعبتها علها تستطيع النوم كتبت:
-أنا مش عارفه مالي كل لما أغمض عيني أشوف مصطفى قدام عيني ومش بيروح من تفكيري يارب نفسي أنساه بقا! خمس سنين مروا وأنا بحاول وبدعي أنساه وبرده مش عارفه!

تنهدت بعمق، وأغلقت دفترها، استلقت مرة أخرى وأغلقت عينها لتنام...

استيقظت عند انبلاج الفجر حين طرق أحدهم بابها ارتدت حجابها مسرعه وهي تردد بنبرة مرتعشة من خلف بابها:
مـ.... ميــــن؟ 

لم يجب الطارق، فأجفلت ووقفت خلف الباب وقلبها يختلج! فمن قد يأتي لها بمثل هذا الوقت


الفصل الثاني 

لم يجب الطارق فأجفلت ووقفت خلف الباب وقلبها يختلج فمن قد يأتي لها بهذا الوقت الباكر! فتحت الباب ببطئ فوجدته مصطفى الذي طالعها بأعين باكيةٍ، قائلًا: 
-ساعديني يا منى! أنا محتاجلك أوي.

وفي تلك اللحظة فتحت عينها واستيقظت من نومها على صوت طرقات باب شقتها، فقد كان حُلمًا فمنذ فتره وهي تراه في منامها يستغيث بها...

كانت الشمس قد أشرقت معلنة عن يوم جديد، ارتدت حجابها وهمت لتفتح الباب لكنها كانت تخشى أن يكون هو من يقف خلف بابها، قالت بتوتر:
-مـ... مين؟ 
-أنا هدى!

تنفست بارتياح ثم فتحت لتدخل هدى وتغلق الباب خلف ظهرها قائلة: 
-صباح الخير يا قمر...
-صباح النور يا دودو...
-إيه ده! إنتِ لسه نايمه يلا البسي بسرعه هنتأخر.

تنهدت منى ومطت ذراعيها تزيح أثر النوم عنها وقالت:
-عندنا يوم طويـــــــل النهارده... كليه وشيفت بالليل!

ابتسمت هدى بحماس قائله:
-وعندي مفاجأه... أنا هبات معاكِ أسبوع نروح ونيجي سوا.

ابتسمت منى وقالت ببهجة: 
-دا أحلى مفاجأه الحمد لله إن باباكِ وافق...

ربتت هدى على كتف منى قائله:
-أي حاجه تخص منى بابا بيوافق عليها وهو مغمض أصلًا...

-حببتي ربنا يطول عمره وميحرمكيش منه أبدًا.

قالتها منى، فصفقت هدى بيدها بحماس قائله:
-طيب يلا البسي بسرعه عندنا عملي النهارده مش عاوزين ننطرد...

بدأت تجهز ثيابها وتُعد أدواتها، وبعد ما يقرب من ربع ساعه كانت تقف أمام بناية مسكنها، تضع حقيبة ظهرها وتهندم من ثيابها قبل أن تمشي، أوقفتها هدى قائله: 
"-شوفتِ نسيت أربط الجزمة!

ابتسمت هدى وهي تنحني بطريقة تعلمتها، وقالت:
-لازم أحافظ على body mechanics  (وضعية الجسم للمحافظه على العمود الفقري مستقيم) 

ابتسمت منى وقالت: 
-براڤو عليكِ يا مس هدى...

أردفت منى: 
-صحيح كنت عايزه أخد رأيك في حاجه...

انتهت هدى من ربط حذائها ووقفت قائله: إيه! 

-فيه حفله في الكليه وعاوزيني أقرأ فيها قرآن وأنا محتاره أوافق ولا أرفض!
ردت هدى بحمـ ـاس:
+توافقي طبعًا... دا إنتِ لو قرأتي هتتشهري وهتفشخر بيك في كل مكانِ، وأصلًا صوتك مميز جدًا.... لازم توافقي...
هزت منى رأسها باقتناع زائف وهي تقول:
-بعد ما أخدت رأيك قدرت أعرف إيه الصح وقررت هعمل ايه.

ابتسمت هدى وقالت بزهو:
-طبعًا لأني دايمًا رأيي صح فهتاخدي بيه...

لوت منى شفتيها قائله بسخرية:
-ليه هو أنا هبله؟ أنا باخد رأيك عشان عارفه إنه غلط فأتجنبه وأعمل الصح...عايزاني أمشي وراكِ عشان ألبس في حيط ولا إيه!

شهقت هدى وقالت بصدمة مصطنعة:
-أنا رأيي غلط!

ضحكت منى وهي تردد:
-يا بنتي أرائك كلها بتجيبلنا مشاكل أصلًا...
_____________ 
على جانب أخر كان مصطفى يقف في شرفته يتوارى خلف الستار كي يتسنى له رؤية ابتسامتها وحديثها مع صديقتها، ابتسم مرددًا بشرود: 
-قمر.

رأته والدته فتسللت على أطراف أصابعها تريد أن ترى ما الذي يرسم الإبتسامة على وجهه، فوجدته يسترق النظر لـ «منى»...

ابتسمت والدته فكم تتمنت لإبنها زوجة مثل منى! ربتت على كتفه فأجفل ونظر لها قائلًا بنبرة مرتبكة:
-اي يا ماما خضتيني...

رفعت الأم إحدى حاجبيها قائله بخبث:
-بتبص على إيه يا واد؟

ازدرد ريقه بتوتر وسار ناحية الكمود يأخذ ساعته ليرتديها وهو يقول بنبرة مرتعشة:
-مـ... مببصش على حاجه واقف عادي! 

ابتسمت الأم بسخرية وأطلقت تنهيدة ثم قالت:
-طيب يلا الفطار جاهز.

تلعثم قائلًا:
-لـ... لا أنا مليش نفس دلوقتي... افطري إنتِ أنا هفطر في الشغل... سلام.
-سلام.
وبعد أن غادر وقفت تُطالع مكانه الفارغ ثم تنفست بارتياح ونظرت لأعلى داعية: 
-يارب اجعلها من حظه ونصيبه.
_________________
مر أسبوع 
ابتعد مصطفى خلاله عن مروى أصبح كلامهما قليلًا فلم يُحدثها سوى مرتين ولا تتجاوز مدة المكالمه دقيقتين، وهي الأخرى شعرت بتغيره المفاجئ فظنته يتهرب من الزواج منها لذا ركنته جانبًا وتعرفت على شابٍ أخر من نفس كليتها أصبحت تحدثه يوميًا تحكي له تفاصيل يومها وتخرج معه لتسلية وقتها ولتملئ به فراغها العاطفي...

أما مصطفى فقد أخذ بيد مشاعره التي طفت على سطح قلبه وأنعشها؛ لتحيا من جديد، شعر بأنه قد وجد طريقه واستعاد ضالته، طفق يراقب منى عند خروجها وولوجها للمنزل، يتواري كي يرى ضحكتها أو كلامها الذي يؤثر في نفسه...

وأما عن منى فمازالت تقاوم مشاعرها تجاهه وتحاول طعـ.نها بخنـ.جر النسيان علها تقتـ.لها وترتاح من عذابها لكنها لم تستطع!
__________________
في مساء اليوم

في بيت هدى وبالتحديد في غرفتها كانت تجلس لحالها بعدما أوصدت باب الغرفة من الداخل لتتوارى عن الأعين كي تُحدث ذلك الشاب الذي تعرفت عليه من خلال تطبيق الفيس بوك قبل عدة أشهر وتوطدت العلاقه بينهما وتطورت إلى أن أخذت مسمى صداقه وتبادلا أرقام الهواتف المحموله!

حدثته عبر الهاتف بهمس:
-أيوه يا أحمد... مش هعرف أكلمك دلوقتي الجماعه صاحين!

ليأتيها صوته الرجولي: 
-طيب كلميني رسايل على الواتس... عايز أطمن عليكِ.

قالت بهمس وهي تُطالع الباب بتوجس كاللص:
-طيب ماشي.... سلام مؤقت.

أغلقت المكالمه وهي تبتسم، دخلت على تطبيق الواتساب لتبحث عن رقمه الذي سجلته «منى2» ولكن قبل أن تبحث عنه بادر هو بإرسال:
"طمنيني عليكِ يا حبيبتي؟"
ردت:
"الحمد لله بخير... مش قولنا بلاش حبيبتي والكلام دا!"
أرسلت رمز تعبيري غاضب فأرسل أخر يضحك، ثم أرسل: 
"دا حب بريء... حب أصدقاء طاهر نقي خالص"

أرسل رسالة أخرى:
"مش هنتقابل بقا!" 

"لا مش هينفع الموضوع دا إنساه... إحنا هنفضل أصحاب سوشيال وأخرنا كلام الفون"

كتب متخابثًا:
"أيوه يبقا إنتِ مش حلوه بقا! عشان كدا خايفه!"

"أيوه مش حلوه... يهمك شكلي في إيه أصلًا... إحنا أصحاب وبس مفهوم؟"

أرسل:
"طيب خلاص متزعليش أوي كدا... إنتِ عارفه غلاوتك عندي مقدرش على زعلك."

ابتسمت لشاشة الهاتف ولكن أخذ الشك يتوغل داخل قلبها تخشى ما هو آت، تخاف أن تكون خطأ وستندم عليه فيما بعد، وها قد بدأ تأنيب الضمير اليومي! 
________
على جانب أخر جلس أحمد في غرفته يستند على مكتبه، يمعن النظر لشاشة الابتوب ليحدثها كعادته اليوميه فقد أضحت جزءًا أساسيًا من يومه ولا يمكنه الإستغناء عنه...

وضع جهاز الابتوب جانبًا حين ارتفعت رنات هاتفه من صديقه المقرب، فأجاب قائلًا:
"عامل ايه يا درش؟"
"الحمد لله يا هندسه اي فاضي شويه؟"

قال بضحك:
"ليه هنشرب قهوه في حته بعيده؟"
غنى مصطفى: 
"تعزمني على نكته جديده؟"

ابتسم أحمد وقال بجدية: 
"خلي الخروجه لبكره وهعزمك على نكته وأحلى غدا يا سيدي."

"طيب يا عمر... خلينا نتعشى بره بقا بالليل أحسن."

قال أحمد بنفاذ صبر:
"عمر! يابني إنت الوحيد الي بتناديني عمر كلهم بيقولي أحمد..."

"بحب أكون مختلف عن الناس.. وبعدين أنا ماشي رسمي مع البطاقه!"

قال:
"ماشي يا عم مصطفى مش هخلص منك... ونتقابل بكره"

أحمد مدير الشركة التجارية التي يعمل بها مصطفى محاسبًا، ورث الشركه عن والده، فهو صديق مصطفى منذ الصغر وكانا جيران قبل أن ينتقل والد أحمد من شقته إلى ڤيلا خاصه به في منطقه مجاوره.

انتهى مع حديثه مع مصطفى وظل يتحدث مع هدى حتى الثالثه فجرًا يتطرقا لموضوع ثم أخر، وأثناء حديثه معها كانت هدى تفتح صورة الواتساب الخاصه به من حين لأخر وتدقق النظر في ملامحه إعجابًا به وبجسده الرياضي، ألا تعلم ما هي ما لعنة تلك النظرات!؟ 
_________________
في اليوم التالي

استيقظت منى من نومها على صوت المنبه، أغلقته وجلست على طرف السرير مسحت على وجهها بيديها من أثر النوم مرددة:
" بسم الله الحمد لله الذي أحياني..."

وبعد فترة وجيزة ارتدت ثيابها لتخرج من البيت وحملت هاتفها لتتصل بهدى...

أغلقت باب الشقه خلفها وخرجت وهي تتحدثت عبر الهاتف:
-ايه دا إنتِ لسه نايمه! هنتاخر؟

ليأتيها صوت هدى الخامل:
-لا مش هعرف أجي النهارده... عايزه أنام.

-قومي يا هدى بطلي كسل.

قالت هدى:
-لا بجد مش قادره منمتش طول الليل.

منى بخوف: 
-ليه مالك؟ إنتِ كويسه؟
-متقلقيش أنا كويسه وهاجي بكره... بس محتاجه أريح النهارده.
-ماشي يا حببتي خلي بالك من نفسك... وأنا هخلص جامعه وأعدي أتغدى عندكم النهارده.
-ماشي يا منون هستناكِ بقا متتأخريش.

أغلقت منى الهاتف وسارت وحدها متوجهة لجامعتها...
___________

على جانب أخر كان يقف خلف الستار يرتدي ثيابه استعدادًا للخروج، بعدما تابع خروجها فمن خلال مراقبته لها إسبوعًا كاملًا، كان يعلم جيدًا أنه قد حان ميعاد جامعتها...

وفور رأها تخرج من البيت تسير بهدوء، خرج من غرفته مهرولًا أوقفه صوت والدته عند باب الشقه:
-ايه يا مصطفى رايح فين؟ مش النهارده أجازتك!

-أيوه أجازتي... ساعه بس وراجع مش هتأخر عشان عندي ميعاد بالليل...

سألته:
-رايح فين بالليل؟

فتح باب الشقه وهو يلقي لها قبلة في الهواء قائلًا: 
-هبقا أرن عليكِ يا قمر عشان مستعجل 

صفع الباب خلفه كانت والدته في ريب من حالته تتعجب من تقلب أحواله، خافت أن يقابل مروى كعادته، ابتسمت بسخريه وهي تقول: 
-والله يبني أنا ماعدت فهماك... طالع عنيد لأبوك الله يرحمه!  
_________________
-منى!

توقفت مكانها لبرهه حين سمعت صوته يناديها، التفتت ببطئ لمصدر الصوت الذي أذاب كل الحواجز بل حطم الحصون التي حصنت بها قلبها فمن غيره يملك المفتاح لباب قلبها! 

نظرت له في صمت، نظرات تشي بالكثير وبها الكثير من العتاب على الغياب...

تسائلت أمازال يتذكر إسمها؟ كان يركب سيارته التي اشتراها مؤخرًا، وتليق به تلك النظارة السوداء، ظلت تحدق به وطال سكونها فقطع الصمت بابتسامته ثم سؤاله:
-إزيك يا منى؟ 

ازدردت ريقها بتوتر وقالت:
-الحمد لله... إزيك؟ 

رد بصوت رخيم:
-بخير طول ما إنتِ بخير.

ابتسمت بحياء فأردف: ممكن أوصلك؟

-لا شكرًا أنا هتمشى... لسه بدري.

- عارف إن لسه بدري بس محتاج أتكلم معاكِ.

أومأت رأسها وركبت جواره، لم تدرك ما فعلت إلا عندما وجدت نفسها بداخل سيارته! أين كبريائها وكرامتها؟ وأين تلك الوعود التي قطعتها على حالها وعزمت على تنفيذها؟ فوق كل ذلك أين دينها وحيائها!

انتشالها من شرودها بسؤال:
-طمنيني عليكِ؟

- أنا كويسه الحمد لله.
خطـ ـفت الكلمة في سرعة وهي تطرق بصرها، لكنه فهمها.

تنهد بقـ.وة وقال:
-ماما قالتلي إنك شغاله في مستشفى خاصه! 

اومأت رأسها قائله دون النظر إليه:
-أيوه باخد شيفتات بالليل.

رمقها سريعًا وهو يقول:
-بس كدا إرهاق عليكِ! 

ردت باقتضاب:
-اتعودت.

صمتا للحظات وقطع هو الصمت قائلًا:
- أنا عارف إني قصرت معاكِ... بس دا كان اختيارك.

لم تجد ما تقوله أبعد خمس سنوات يحاول معاتبتها عما فعلته عمدًا! ألم يفهم ما قصدته آنذاك؟
طال صمتها فأردف:
-إنتِ الي بعدتي، واختارتِ نبقا أغراب!

نظرت من نافذة السيارة لا تريد أن ترد عليه، بل تريد أن تختفي الآن من أمامه كما أنها لا تريد رؤيته.

حمدت الله أن الطريق ليس بالطويل وأن المسافة قصيره وها قد وصلت جامعتها وسترتجل من سيارته، قالت:
-وصلت... شكرًا هنزل هنا.

أوقف السياره وأغلق الباب من ناحيتها، حاولت أن تفتح الباب وكان أوصده قبل لحظات ولم تدرِ...

قال:
-مردتيش على كلامي؟!

عقبت وهي تنظر للباب: 
-كلام إيه؟... أنا اتأخرت... لو سمحت افتح الباب!

فتح الباب دون جدال، وهمت بالإرتجال ولكن أوقفها صوته: 
-وحشتيني أوي يا منى.

نظرت إليه بصدمه، وقلبها يختلج، توترت من كلمته وهي تتسائل أهذا حُلم كسابقه أم ماذا يحدث معها الآن!
ازدردت ريقها بتوتر وارتجلت من السيارة، انحني بجسده ناحيتها قليلًا لتسمعه وقال:
" هنتقابل كتير الفتره الجايه..."
ابتسم وأردف: خلي بالك من نفسك.

واتسعت ابتسامته قبل أن ينطلق بسيارته ويتركها بصدمتها لا تدري ماذا حدث وما معنى ما قاله!
_____________________
وفي المساء
وقفت مروى تتحدث عبر هاتفها تهندم ثيابها أمام المرآه، ذلك الفستان القصير يُظهر مؤخرة ساقيها وضيق يُظهر مفاتن جسدها ويعلو رأسها نصف حجاب يغطي نصف شعرها، والكم قصير يبين ساعديها... وهذا الخلخال الذي ترتديه فوق كعبها ليزين عرقوبها.

-الو أيوه يا حبيبي... أنا جاهزه هتقابلني فين؟... إنت تحت البيت! طيب يلا نازلالك حالًا بس ابعد شويه عشان محدش يشوفك...

خرجت من غرفتها وقالت:
-ماما أنا خارجه هزاكر مع أميره صاحبتي متقلقيش عليا.

-ماشي يحببتي خلي بالك من نفسك ومتتأخريش.

همت أن تخرج من البيت فأوقفتها ناهد التى كان تشرب المياه وما أن رأتها قالت بصدمة: 
-خدي هنا رايحه فين بالشكل دا!

ردت مروى بضجر:
-ناهد فكك مني متركزيش معايا.

قالت ناهد بانفعال:
-مروى! للأسف بابا وماما واثقين فيكِ فاكرين بنتهم مبتغلطش ميعرفوش هيا بتعمل ايه من ورا ضهرهم...

صاحت مروى بغضب:
- بعمل ايه! قولتلك ملكيش دعوه بيا وبحياتي يا ناهد... انا حره.

قالتها وهي توقع كلماتها فردت ناهد في حنو:
-يا بنتي أنا خايفه عليكِ... إفهمي بقا.

أطلقت مروى ضحكة ساخرة ثم قالت بغضب:
-أنا فاهمه كل حاجه فكك مني... بطلي غل بقا... دا الغيره هتحـ.رقك.

أطرقت ناهد رأسها وقالت:
- غل وغيره! ماشي يا مروى أنا معدتش هنصحك... واعملي الي تعمليه.

ثم رفعت رأسها ودخلت غرفتها فابتسمت مروى بسخريه قبل أن تخرج من البيت لتقابل صديقها...
_____________________
جلس مصطفى مقابل صديقه في إحدى المطاعم المغلقة، قال أحمد:
-والله يا مصطفى مش عارف أنا كدا بغلط في حق نفسي وحقها ولا إيه! أنا محبتهاش لكن اتعودت على وجودها في حياتي.... إحنا مجرد أصحاب لكن حاسس إن رجلينا بتتسحب لتحت.

-طيب طلما بتقول محترمه اتقدملها.

-يا عم لا أنا مش جاهز أخد الخطوه دي... وبعدين أنا لو هتجوز هاخد واحده بكلمها!!

قال مصطفى:
-على الأقل إنت متأكد إن إنت بس الي بتكلمها... بدل ما تاخد واحده بتكلم غيرك.

-ما أنا مش متأكد... اللي تكلم واحد تكلم عشره!... المهم سيبك مني احكيلي إنت كنت عاوزني في إيه؟

حكى له عن مروى ومنى، فقال أحمد:
-إنت محتار بين إيه! منى طبعًا هي دي الزوجه الي تأمنها على بيتك وعيالك.

-بس حاسس إني كدا هكون بظلم مروى!
-يعني عشان مش عايز تظلم مروى تقوم تظلم نفسك وتتدبس التدبيسه دي! يبني البت دي شمال واضح من كلامها!

فكر مصطفى لبرهة وقال:
-إنت شايف كدا؟

اومأ أحمد بتأييد وعقب:
-طيب عارف دى هدى بنت محترمه جدًا... دا أنا مره قولتلها يا حبيبتي كانت هتعملي بلوك... ومع ذلك خايف من علاقتنا... عاوز تورط إنت نفسك!

-عندك حق! أنا هحاول أصلح كل حاجه... بس إدعيلي.

عقب أحمد وهو يرفع يده داعيًا بابتسامه:
-روح يا شيخ إلهي تتجوز منى قادر يا كريم.

ابتسم مصطفى وقال: 
-روح إلهي يجعل هدى من حظك ونصيبك يا أحمد يابن عمي صلاح.

ابتسم الإثنان وظلا يتحدثان حول أحول الشركه والعمل...
_____________________
أنهت «منى» محاضرتها وعرجت على بيت هدى لتقضي معها باقي اليوم...
كان هذا من أسعد أيام حياتها فكلما تذكرت كلام مصطفى اندفع الأدرينالين داخل شراينها واختلج قلبها ودق بقـ ـوة ليدفع الدم المحمل بالسعاده لكل خليه بجسدها.
-حقيقي يا منى إنتِ زي أختي وأكتر
قالتها هظى، فابتسمت منى وقالت:
- لا إنتِ مش زي أختي... إنتِ أختي فعلًا إنتِ وهدير ربنا يخليكو ليا.

تدخلت هدير:
-ربنا ميحرمنيش منك يا منون أنا بحبك أوي أصلًا أكتر من البت هدى كمان! 

"هدير في الصف الثاني الثانوي تشبه هدى كثير لكنها طويله عنها بضعة سنتمترات"

قالت هدى:
-بقولكم إيه تعالو نلعب شويه بدل الملل ده ط.

ردت والدتهم(مديحه):
- تلعبي يا هدى... يا بت إنتِ الي زيك اتجوزوا وفتحوا بيوت و....

قاطعتها هدى: 
-وخلفوا وعيالهم دخلوا مدارس.... خلاص يا ماما حفظت الإسطوانه دي وقولتلك مية مره لسه بدري قدامي سنتين أخلص كليه وسنتين ماجستير وبعديهم الدكتوراه وسنه أكون فيها نفسي و....

قاطعتها منى: 
-دي على ما تيجي تتجوز هتكون سنانها وقعت يا طنط.

هدى بابتسامه بارده: يا خفه.

قالت هدير بحـ ـماس:
-بصي يا ماما أنا بقا مش ناويه أضيع عمري في التعليم.. وعايزه أفرحك بيا أنا هخلص ثانوي وأتجوز علطول... هي البنت ليها ايه غير بيتها وجوزها وشوية حاجات كدا فوق بعض. 

ضحكن وقالت الأم وهي تشير لبنتيها: شايفه عيالي يا منى! 

ضحكت منى وقالت: 
-ربنا يعينك يا طنط.

نظرت منى للساعه بيدها وقالت: 
-أنا هقوم أمشي بقا.

هدى: إيه يا بنتي احنا لسه هنلعب! 

قالت منى بابتسامة:
-العبي إنتِ وهدير وطنط.

الأم بحنان: اقعدي يا منى باتي مع إخواتك!

-معلش يا طنط مبعرفش أنام إلا في سريري.

الأم: طيب ابقي تعالي علطول والله أنا بحبك زي بناتي.

سلمت عليها منى وقبلتها من خديها قائله:
-وأنا بحبكم أوي... أكيد هاجي لحد ما تزهقوا وتقولولي معدتيش تيجي.

هدير بحب: عمرنا ما نزهق منك طبعًا... دا بيتك أصلًا.

أصر هدى وهدير أن توصلاها...

وفي منتصف الطريق وقفت منى قائلة:
-خلاص بقا والله لترجعوا... أنا مش هتوه يعني دا كلها شارع! 

سلمت منى عليهما ولوحت لهما بيدها وهي تقطع الطريق فرأها مصطفى وهو يسير مع صديقه أحمد أشار لأحمد عليها ووقف يتحدث معه قائلًا:
-اللي جايه هناك دي منى.

-ما شاء الله، شكلها محترمه ورقيقه أوي ربنا يجعلها من نصيبك والله.

من ناحية أخرى كادت مني أن تقطع الطريق حين أتت سياره مسرعه توقفت فجأة فدوى صوت مكابح السيارة بعد أن صدمت منى...
ركضتا إليها هدى وهدير، وارتجل الشاب مسرعًا من سيارته وتبعته مروى التي كانت تجلس بجواره وهي تهتف بغضب:
-منك لله يا حمدي خبطت البنت... 

تعليقات