رواية اوجاع الروح الفصل الثالث عشر13بقلم فاطمه فارس


رواية اوجاع الروح الفصل الثالث عشر13بقلم فاطمه فارس

مازن بعد ما خلص امتحانات كان هيرجع مصر يقضي الإجازة هناك، بس الشغل منعه.
كارم سلّمه إدارة الشركة بعد ما مازن أثبت كفاءته وجدارته بالمنصب ده.

كان مازن قاعد مع كارم في المكتب وسرحان، كارم بص له وانتبه إنه مش مركز معاه وقال:

كارم: مازن، يا دكتور، سرحان في إيه كده ومش معايا؟
مازن بتوتر: ها؟ أبدًا، آسف يا دكتور كارم.
كارم بابتسامة جميلة: تعال نخرج نتغدى مع بعض ونتكلم.
مازن: شكرًا يا فندم، أنا مش جعان.
كارم: تعال بس وبلاش "يا فندم" دي، أنت عارف إني بعتبرك زي ابني.

أخده وقعدوا في مطعم وطلبوا الغدا، وقال:

كارم: بص يا مازن، أنا عارف انت سرحان في إيه... وعذرك بصراحة.
مازن بتوتر: مش فاهم قصد حضرتك إيه؟
كارم: باين عليك إنك واقع على الآخر.
مازن بهروب: ماعتقدش...
كارم بضحك: ضحي بتحبك، على فكرة. هي متعلقة بيك من زمان، من أيام المدرسة. أول ما عرفت إنها هتسافر وتبعد عنك، جات وقالتلي: "أنا هقنع مازن يسافر معايا عشان نذاكر مع بعض."
مازن ببسمة: أكيد أنا ممتن ليها ولحضرتك جدًا.
كارم: بلاش هبل يا واد إنت! أنا بس عندي رجاء صغير منك.
مازن: اتفضل، أوامر.
كارم: الأمر لله وحده... ضحي بنت عنيدة، طالعة لأمها. للأسف، أنا نفسي أشوف بنتي محجبة ومتدينة. أنا كلمتها كتير، لكن أمها ربّتها على عادات بره.
أكبر غلطة عملتها في حياتي إني اتجوزت واحدة أجنبية ربت بنتي على إن الجمال في عيون الناس، ونسيت إنها مسلمة هي وبنتها.

ضحي صعب تقتنع بحاجة زي دي إلا من حد هي بتحبه.
أنا محتاج مساعدتك.
أنا ملاحظ إن من يوم ما دخلت حياتها، وهي بتحاول تكون البنت اللي إنت بتتمناها. دايمًا بشوفها قريبة منك، بتحاول تقلدك في طريقة كلامك، معاملتك، حتى ضحكتك!

أنا حاسس إن بنتي بقت نسخة تانية منك يا مازن.
وعشان كده... أنا حابب إنكم تقربوا من بعض أكتر، ويبقى بينكم رابط رسمي.

أنا مش هلاقي لبنتي أحسن منك.
أنا عارف عنك كل حاجة، وعارف إنك جدع، ومحترم، ومجتهد، وإن شاء الله هتبقى حاجة كبيرة في المستقبل.

والمثل بيقول: اخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك.
فكر براحتك، ورد عليا. ومهما كانت إجابتك، هتفضل زي ما أنت المدير التنفيذي للشركة، ومفيش حاجة هتتغير.

مازن بارتباك: بس... أنا مش عندي حاجة أقدمها لحضرتك أو لضحي، أنا لسه في أول الطريق، وقدامي حاجات كتير عشان أفتح بيت وأتجوز.
كارم بضحك: عندك أهم حاجة مش عند حد، تعرف إيه هي؟
روحك الحلوة، وطيبة قلبك، واحترامك، وأخلاقك العالية.
دول عندي يساووا كتير... أحسن من مليون واحد غني وميملكش نص اللي عندك.

وبعدين، أنا ما قلتش تتجوز دلوقتي، ممكن تعملوا خطوبة كام سنة، ولما تحس إنك مستعد... تتجوز.

مازن بهروب: شكرًا لحضرتك على ثقتك فيّ، إن شاء الله هفكر وارد عليك.

بعد ما اتغدوا، كارم إداله بقية اليوم إجازة وسابه ومشي.
مازن قعد مكانه متحركش، مش مستوعب اللي حصل.

هو عارف إن ضحي بنت جميلة، بعنيها الزرقا، وشعرها الأحمر الناري، وبشرتها الناصعة البياض، وخفة دمها.
كل حاجة فيها حلوة...
بس هو بيحب جويرية، ومش مستعد يفكر في بنت غيرها.

أخد نفس وقال لنفسه: وبعدين بقى في الورطة دي؟ أعمل إيه؟
أنا دلوقتي خايف أكسر قلب ضحي.
أنا عارف إن الحب من طرف واحد صعب ومؤلم، ومش عايز أكسر قلبها الرقيق.
بس غصب عني، قلبي مع حد تاني غيرها.

أحسن حاجة أروح أكلم بسمة... هي أكتر حد هيفهمني.

طلع التليفون وكلم بسمة:
مازن: أهلا بالناس الواطية اللي مش بتسأل على أخوها! خلاص، جوزك خدك مني يا بت؟
بسمة بضحك: وحشتني لماضتك يا مازن. عامل إيه يا حبيبي؟ مرتاح عندك؟
مازن بضعف: تعبان قوي يا بسمة، ومش لاقي حل للي أنا فيه.
بسمة بخضة: سلامتك يا قلبي! مالك يا قلب أختك؟

مازن حكلها كل حاجة...

بسمة: هون عليك شوية، صلِّي استخارة الأول، وربنا هيدلك على الخير ليك.
مش يمكن ضحي هي البنت اللي ربنا كاتبها لك؟
إنت بتقول إن جوري بتحبك، بس زي أخوها... يعني عمرها ما لمحت إنها بتحبك كخطيب أو زوج.
مازن: عارف كل ده، بس برده بحبها يا بسمة.
بسمة: طيب ما تروح تعترف لها بحبك، وتبقى عملت اللي عليك. ولو هي من نصيبك، ربنا هيرزقك بيها.
مازن: يعني إنتِ شايفة كده؟
بسمة: أنا مش شايفة غير كده أصلًا. اتوكل على الله.

مازن:  تمام في اقرب فرصة هنزل مصر واكلمها. 
---

وبعد أسبوع...

جوري ومنة راحوا مع مرام على البيوتي سنتر عشان فرحها الليلة.

منة: بسم الله ما شاء الله، زي القمر يا مرام.
مرام: بجد يا منة؟ يعني هعجب حاتم؟
جوري بضحك: ده هينبهر من جمالك يا بنتي.
مرام: بس أنا خايفة قوي يا بنات.
منة بضحك: فكرتيني بيوم فرحي، ده أنا جننت مهاب على الآخر، وقعدت تضحك.
جوري ببراءة: هو متجوزك عشان يتجنن، يا مفترية.
منة بضحك: أحسن، يستاهل. هو اللي قليل الأدب!
بصّي يا مرام، ابقي فكّريني أقولك شوية نصايح هينفعوك، هو أخويا آه بس ما يمنعش نهزر معاه شوية.
مرام ببراءة: نصايح إيه يا منة؟ قولي، أنا في عرضك.
منة بضحك: اتكلي على الله يا جوري، ده كلام كبار... يلا يا ماما، خليني أوعي البِنية.
جوري: هو سر يعني؟
منة بضحك: لا يا قلبي، بس لما تتجوزي هقولك، متخافيش... ربنا يقدرني على فعل الخير.
جوري: أنا مش مستريّحالك يا بنت، عمومًا أنا ماشية، هطلع أشوف حاتم اللي واقف على نار.

---

عند حاتم...

كان واقف قدام البيوتي سنتر مستني مرام، معاه مهاب وحمزة.
مهاب كان كل شوية يبصله ويضحك، فحاتم قال بضيق:

حاتم: في إيه يا عم؟ هو أنا مرسوم على وشي بلياتشو؟ كل شوية تبصلي وتضحك!
مهاب بضحك: أصلي بضحك على اللي هيحصلك... يا مسكين.
حاتم بدهشة: قصدك إيه؟ أنا هتجوز، مش هموت!
مهاب انفجر في الضحك: هو محدش قالك؟ يا عيني عليك يا بني.
حاتم جاب آخره: بقولك إيه، متعكننش عليّ يوم فرحي بقى يا عم!
مهاب: لا يا عريس، متستعجلش... العكننة جاية في الطريق، أصل منة حالفة لتوجب معاك يا معلم.
حاتم: حبيبة أخوها طلعت جدعة.
مهاب بضحك: آه، دي بتعزك جدًا، لدرجة إنها ناوية تضربلك الليلة يا برنس!

حمزة: هو في إيه يا مهاب؟ ما تتكلم على طول، سيبت رُكب الواد.
مهاب: معلش يا أبو نسب، أنا هقول لحاتم بس... أصل الموضوع حساس جدًا.
حمزة: عادي يا عم، بس قول وخلصنا، أنا ماشي.

حمزة سابهم ومشي، ومهاب قرّب من حاتم وهمس في ودنه...
فجأة، حاتم عيونه برقت، وسابه وجري!

حمزة رجع وقال: انت قلت له إيه خليه يجري كده؟
مهاب: أبدًا، كنت بوجب معاه، مش أكتر.

جوري طلعت من البيوتي سنتر، لقت حاتم جاي يجري.

حاتم وهو بينهج: منة فين يا جوري؟ وانتي سبتي مرام ليه وخرجتي؟
جوري ببراءة: منة طردتني، يا حاتم، أصلها كانت عايزة مرام في كلمة.

حاتم أول ما سمع الكلام، طار على جوه بسرعة ووقف قدام الباب يخبط جامد.
منة فتحت الباب، لقته وشه في وشها، مسكها من قفاها وقال:

حاتم: بقى كده يا خاينة؟ عايزة تبوظي فرحي؟ أخص! يا خسارة الشوكولاتة اللي كنت بجبها لك يا بت!
وربنا يا منة، لو كنتي وزيتي مرام على حاجة... لفرمك!

منة بضحك: أنا مالي يا لمبي! البت صعبت عليا، وبتقول خايفة... قلت أساعد بشيء.
حاتم بجنون: انتي كده بتساعدي؟ يا بنت المفتريّة! وربنا... لولا الناس، لكنت علقتك قدام السنتر!
يا جزمة!
منة بضحك: وِلَد! عيب، أنا عمتك على فكرة!

مهاب جري يلحق مراته، شاف حاتم ماسكها من قفاها، قرب وهو بيضحك وقال:

مهاب: خلاص يا حاتم، سيب مراتي. هي هتصلح غلطها، مش كده يا منة؟
منة برعب: آه، صح! أنا هروح أقولها إني بهزر.

حاتم سابها، ولسه هيتكلم، قامت جريت من قدامه وهي بتضحك وقالت:

منة: البس بقى يا معلم! مش أنا اللي أرجع في كلامي أبدًا!

حاتم: شايف مراتك يا مهاب؟ أروح أولع فيها دلوقتي يعني؟
مهاب بجدية: لا، ادخل هات مراتك، واعمل نفسك مش عارف حاجة.
عدي الفرح بخير، ولما تروح شقتك، كلّمها بهدوء، وحاول تهديها... إن شاء الله خير.

حاتم خبط ودخل لمرام اللي كانت مرعوبة فعلاً، وقرب منها، وخدها في حضنه وقال:

حاتم: تبارك الرحمن! إيه الحلاوة دي يا مرمر؟
مرام بخوف: شكرًا يا حاتم...

حاتم شتم منة في سره وقال:
"وربنا يا منة يا جزمة، إنتي لعلّقك بس لما أشوفك!"
وبصلها بحب عشان يطمن مرام، وقال:
– مش يلا يا حبيبتي ولا إيه؟
مرام برعب: يلا إيه؟
حاتم بتماسك: قصدي نطلع من هنا، الناس زمانها خلّلت في القاعة... يلا يا مرمر، ربنا يهديكي يا حبيبتي.

أخد مرام وطلّع من السنتر وهو فرحان، وركبها العربية وركب جنبها، وحمزة كان سايق بيهم.
حاتم قال لجوري تركب جنب حمزة عشان مفيش وقت لأوبر، وبعد إصرارهم وافقت وركبت معاهم، وهي متوترة من قرب حمزة.

...

وصلوا القاعة، عملوا السيشن الأول، وبعدها دخلوا على موسيقى
"طلي بالأبيض يا زهرة نيسان..."

حمزة قرب من منة وقال:
– عملتي إيه يا قادرة؟ خليتي حاتم يطلع يجري في الشارع!
منة بضحك: أبدًا، هكون عملت إيه يعني؟ ده أنا طيوبة خالص.
حمزة: أكيد عملتي مصيبة... أنا قلبي حاسس!
منة بشر: إنوي إنت بس الجواز على خير، وأنا هعمل معاك الواجب.
حمزة: هو أنا عبيط ولا إيه؟ ساعتها مش هعزمك أصلاً يا مفتريّة... أموت وأعرف عملتي إيه، البت مرام شكلها يخوّف، وحاتم مش على بعضه.
منة بضحك: كل خير يا حبيبي.

جوري قعدت مع منة ومهاب، ورفضت تقعد مع أحمد وكريمة وحمزة.
أما حاتم، فبخفة دمه قدر يهدي مرام ويضحكها، وقال:
– خلاص يا مرمر، دخلتي العِشّة برجلك.

مرام بضحك:
– هما بيقولوا القفص برجلك، جبت منين العِشّة دي يا حبيبي؟
حاتم بابتسامة وحب:
– عِشّة حبنا... العِشّة اللي هنبنيها سوا طوبة طوبة يا قلب حاتم، وبعدين  نحن نختلف عن الاخرين .

مرام:
– طبعًا يا حبيبي، إنت غير الكل في نظري... ربنا يخليك ليا.
حاتم بحب:
– بلاش تحبي فيا هنا، إلهي يعمّر بيتك... لحسن أنا ماسك نفسي عنك بالعافية، وانتي قمر كده... ما تجيبي بوسة يا مرمر؟
مرام بخجل:
– بس يا قليل الأدب... كده عيب!
حاتم:
– لا ده كان زمان يا قلبي، دلوقتي مش عايز أسمع كلمة "عيب" دي تاني... امسحيها من قاموسك طول ما انتي معايا، عشان نكون على نور من أولها... قال عيب قال!

...

طول الفرح، حمزة كان محاصر جوري بنظراته، وهي كانت مكسوفة جدًا.
حبت تهرب، خرجت برا القاعة وهي هتموت من الكسوف.
حمزة كان متابعها بعينه، وشافها وهي خارجة، فخرج وراها...
لقاها واقفة في ركن، مغمضة عينيها، ومبتسمة.

قرب منها وقال بحب:
– القمر بتاعي... سرحان في إيه وواقف لوحده؟
جوري فتحت عينها بسرعة وقالت بتوتر:
– كده عيب يا دكتور... إنت بتعاكسني ولا إيه؟

حمزة ببسمة:

"أغار عليكِ من نظرات الرجال إليكِ...
أغار من بسمتكِ للقمر...
أغار من الهواء لأنه يلمس بشرتكِ وينعشها...

أرجو وصالكِ وقربكِ...
أرجو أن تطلقي سراح قلبي الأسير لديكِ...
أرجو أن تسمحي لي بمعانقتكِ واستنشاق رائحة الورد الجوري التي تملكينها أنتِ وحدكِ دون سواكِ...

ائذني لي أن آخذكِ في رحلة إلى عالم الحب والعشق والهوى...
اسمحي لي يا صغيرتي أن أكون معلمكِ ومرشدكِ لطريق الحب والنجوى...

ارحمي قلبًا أرهقه حبكِ وعشقكِ...
ارحمي نفسًا صارت أسيرة لضحكتكِ...

متى يكون أوان الوصال والود بيننا؟
فأنا لم أعد قادرًا على التحمل يا حبيبتي...
أخشى أن أموت قبل أن أتنعم بجنتكِ، وقبل أن أذوق طعم الحب بين يديكِ..."

جوري كانت طايرة من الفرحة وهي بتسمعه، وبصّت في الأرض وقالت بخجل:
– إنت كده بتثبتني يعني؟ عشان أوافق عليك ولا إيه؟
حمزة بضحك:
– أبدًا والله... أنا بس مش قادر أمسك لساني عن حبك، ولا عن البوح اللي في قلبي ليكي.

جوري بتوتر:
– طب امشي بقى يا عم روميو، عشان ما أندهش أخويا يقطعك.
حمزة ببسمة:
– قصدك حاتم؟ ده في دنيا تانية خالص دلوقتي!
جوري بارتباك:
– طب اتكل على الله وامشي... الله يسهلك يا عم.
حمزة بضحك:
– مقبولة منك يا ستي، بس المهم إني مش هملّ أبدًا من إنك توافقي... أصل مفيش قدامك غير اختيارين: يا توافقي... يا توافقي برده!

جوري ضحكت غصب عنها، واتكسفت، وسبته ومشيت.
دخلت القاعة تاني، راحت عند حاتم تبارك له وقالت:
– ألف مبروك يا عريس!
حاتم:
– الله يبارك فيكي يا جوري، كنتي فين؟ أنا عمال أدور عليكي.
جوري بخجل وهمس:
– الهي يسترك يا شيخ... قول لروميو بتاعك يخف عليا شوية، أنا بضيع يا وديع!
حاتم بضحك:
– جننتي الواد يا شيخة! حرام عليكي... حاضر، هكلمه، بس إنتي كمان لازم تفكّري في عرضه وتعرفيني.
جوري بهزار:
– ربنا يسهل... بس ابعده عني بالله عليك، أنا مش قد كلامه ده... ومش عايزة أنحرف بسببه!

قاطعها حاتم بضحك:
– حاضر يا قلب أخوكي.

وهكذا، اكتملت فرحة حاتم ومرام… لكن في الزوايا، كانت نظرات حمزة تحمل وعدًا لجوري… ووعد العاشق لا يُكسر.

تعليقات



<>