رواية اوجاع الروح الفصل الخامس عشر15بقلم فاطمه فارس
مهاب راح ورا مازن عشان يتأكد من إحساسه، وطلع معاه حق في استنتاجه لما لقى مازن قاعد في الأرض وباين عليه الألم، وسمع كلامه مع نفسه. حب يخفف عنه، بس في نفس الوقت خاف يكسفه، عشان عارف إن الرجالة مش بتحب تبان ضعيفة قدام حد. اتنهد ورجع عندهم تاني، وقال لمنه إنه وراه مشوار وسابهم ومشي.
جوري: مال جوزك يا منه؟ شكله زعلان من حاجه.
منه: تلاقي حاجه تبع الشغل، لما يرجع هعرف. المهم قررتي ولا لسه؟
جوري: لسه يا منه، استني عليا شويه… ده جواز ومسؤولية مش لعب عيال.
منه: براحتك يا بنتي، أنا بس عايزه أقولك متستعجليش. أكيد في حد تاني غير حمزه بيحبك… استني، مش يمكن يطلع أحسن منه؟
جوري: انتي كلامك بقى كله ألغاز ليه كده؟ حد مين ده بسلامته؟
منه: الله أعلم… المهم إني حذرتك، أوعي تستعجلي وتاخدي قرار تندمي عليه بعدين.
جوري: غريبة! فكرتك هتضغطي عليا عشان أوافق على دكتور حمزه.
منه: ولا غريبه ولا حاجه، أنا بنصحك عشان إنتِ لسه صغيره وفي حاجات كتير مش واخده بالك منها ومش شيفاها.
جوري: زي إيه طيب؟ هو دكتور حمزه وحش؟
منه: لا طبعًا، ده حبيبي وأنا أتمنى تكوني من نصيبه. أنا قصدي... بصي، اقعدي مع نفسك وفكري وشوفي مين بيحبك ومين بيداري حزنه وحبه عنك.
جوري: طيب ساعديني أفهم.
منه: نفسي أساعدك يا جوري، بس هبقى ظلمت حمزه. أنا فعلًا ساعدتك لما قولتلك متستعجليش، ودوري حواليكي… يمكن تلاقي حد واقف بعيد مستني إشارة منك.
خلصت كلامها وسابتني ومشيت، وأنا حيرانه قصدها إيه. عصرت دماغي يمين وشمال ومش عارفه أفكر. فضلت قاعدة شوية مكاني، لقيت مرام بترن عليا. فتحت عليها وأنا محتاجة لرأيها، وقلت: بنت حلال! جيتي في وقتك.
مرام: القلوب عند بعضها يا قلبي، عامله إيه؟
جوري: الحمد لله، بخير. انتي عامله إيه؟ وحاتم عامل إيه معاكي؟
مرام: الحمد لله، مبسوطة قوي يا جوري. حاتم حد جميل جداً وأنا محظوظة بيه.
جوري بحب: ربنا يباركلكم في بعض ويسعدكم.
مرام: اللهم آمين… بس مال صوتك؟ في حاجه ولا إيه؟
جوري: حكت كل حاجه ليها… إن مازن رجع، وعن جوازه، وكلام منه ليها، حتى الهزار اللي حصل بينهم.
مرام: أنا دايمًا كنت بقولك وانتي مكنتيش بتصدقي… مازن بيحبك يا جوري.
جوري بحزن: إزاي ده؟ عمره ما قال حاجة تبين كده.
مرام: عشان بيحبك، بيداري مشاعره بالضحك والهزار معاكي. وانتي جرحتيه وانتي مش حاسة.
جوري: أنا كنت بهزر والله، مكنش قصدي حاجه.
مرام: عارفه إنك بتهزري، وهو عارف… بس صعب إنه يسمعك وانتي بتقولي إنك هتتجوزي غيره.
جوري: والعمل إيه دلوقتي؟ أنا مش عايزه أزعل حد.
مرام: مين اللي قلبك حبه؟ مازن ولا حمزه؟ مين فيهم مرتاحة ليه؟ مين فيهم بتحسي بالأمان معاه؟ مين قلبك بيدقله؟ مين لما حد يجيب بس سيرته قدامك بتتوترى؟ مين شايفاه جوزك؟ مين مستعدة تكملي معاه بقية حياتك؟ مين حساه ضهرك وسندك بعد ربنا؟
جوري: ضهري وسندي واللي وقف معايا في أصعب أوقاتي مازن. أماني وحمايتي هما الاتنين بحس بالأمان في وجودهم. قلبي بيطير لما بشوف حمزه وبسمع صوته. حزني كله بنساه في وجود مازن جنبي، وطريقة كلامه اللي بتضحكني حتى لو في أشد أوقات حزني بيقدر يرسم البسمة على وشي.
جزء من قلبي امتلكه مازن بخفة دمه وجدعنته واهتمامه بيا، وجزء تاني امتلكه حمزه بهدوءه ورزانته وكلامه اللي لمس قلبي.
أخدت نفس وكملت كلامها: صعب أختار بينهم يا مرام... لو مازن مكنش في الاختيار، كنت هوافق على حمزه عشان حاسه إني بحبه.
مرام: خلاص، طالما بتحبيه وافقي عليه.
جوري: أنا بحب مازن جدًا، هو الوحيد اللي وقف معايا لما كنت وحيده. كان معايا خطوة بخطوة لحد ما تخطيت ألم فراق أهلي. كنا بنذاكر مع بعض، مبخلش عليا بوقته، ولا بحنيته، ولا بفلوسه. لما كنت قربت أفلس، هو اللي ساعدني في تأجير البيت. دايمًا بيرسم الابتسامة على وشي، كل ما بقع بلاقيه واقف في ضهري زي الحيطة، بيمنع سقوطي.
مازن عندي أكتر من أخ، معزته في قلبي أكتر من أي حد في الدنيا دي كلها. مش عايزه أكسر قلبه، نفسي أفرحه، نفسي أردله ولو شوية صغيرين من جمايله اللي مغرقاني.
مرام: بس الجواز مفيهوش رد جميل يا جوري.
جوري: أنا واثقة إن لو اتجوزت مازن، عمري ما هندم، لأنه هيعرف يحتويني ويهتم بيا ويحبني.
مرام: طب وانتي إزاي بتحبي حمزه، وعايزه تتجوزي مازن عشان تفرحيه؟ ده كلام برضه!
جوري: ياريته جه وقال من بدري إنه بيحبني… مكنتش حبيت حمزه، وكنت هوافق عليه في يومها.
---
مرام: للأسف مش هيفيد الندم… ده قدر ونصيب، قدرك إنهم هما الاتنين بيحبوكي.
جوري بتعب: أنا جيت هنا عشان أقرر على رواق، بس تعبت أكتر يا مرام.
مرام: اهدي وصلي على النبي كده، وإن شاء الله خير.
---
مازن كلم كارم أبو ضحي، وقاله إنه موافق يتجوز بنته، وإنه هيرجع بعد يومين عشان يحددوا معاد الخطوبة.
كارم فرح جدًا، وقاله إنه هيستنى رجوعه عشان يقول لضحي.
بعد ما مرام قفلت مع جوري، دخلت الأوضة، كان حاتم نايم، صحّته وقالت: قوم يا حبيبي اقعد معايا شوية.
حاتم فتح عينه وابتسم وقال: يا صباح الورد يا قلبي.
مرام بحب: كل ده نوم؟ مين فينا اللي كسول دلوقتي؟
حاتم قام أخدها في حضنه وقال بضحك: أعمل إيه؟ انتي تعبّتيني معاكي.
مرام بخجل: وسّع يا قليل الأدب إنت! أنا غلطانة إني صحيتك.
حاتم بضحك: انتي اللي بتجرجريني معاكي للرذيلة بحلاوتك دي.
مرام بضحك: وأنا مالي يا لمبي، ده أنا غلبانة.
حاتم بحب: ربنا يباركلي فيكي يا قلبي، مليتي عليا حياتي وحليتي أيامي بابتسامتك الجميلة دي.
مرام بحب: طب أعمل إيه؟ مش لاقية كلام أقوله غير إني بحبك وبموت فيك.
حاتم بشغب: انتي اللي جبتيه لنفسك يا مرمر.
مرام جريت بعيد عنه وقالت: أنا عايزه أخرج، مليش دعوه، بقالك أسبوعين حابسنا هنا، خرجني.
حاتم: طب تعالي، عايزك في كلمة سر، وبعدين هخرجك.
مرام بضحك وهي بتجري منه: أبدًا! ابعد يا عم انت، أنا عايزه أخرج دلوقتي.
حاتم بحب: طب اديني بوسة واحدة لحد ما نرجع.
مرام قربت وباسته في خده، وبعدت وهي مكسوفة.
حاتم بضحك: انتي بتبوسي ابن أختك؟
مرام بخجل: هو ده اللي عندي، وبطل قلة أدب على الصبح.
حاتم بشغب: هو في أحسن من قلة الأدب يا مرمر؟
مرام: وحياتي عندك خرجني، عايزه أشوف البحر وأزور كل شبر في إسكندرية.
حاتم بحب: انتي تؤمري يا عسل انت يا جامد، حضريلي طقم وأنا هدخل آخد شور.
بعد ساعة خرجوا مع بعض وقضوا يوم جميل، وهما قاعدين على البحر، مرام سرحت في مشكلة جوري.
حاتم: مرام… انتي يا بنتي سرحانة في إيه؟
مرام: بصراحة يا حاتم، جوري صعبانة عليا.
حاتم باستغراب: ليه؟ مالها جوري؟
مرام حكت له كل حاجة جوري قالتها.
حاتم بهدوء: أنا كنت عارف إن مازن بيحبها من زمان، بس جوري كده هتظلم نفسها وتظلم مازن معاها.
مرام: حاول تكلمها يا حاتم، هي بتسمع منك.
حاتم طلع فونه وكلم مازن الأول.
حاتم: أخبارك يا دكتور؟ وحشني ياض، كده برده؟ أعرف إنك جيت مصر وماتسألش عن أخوك؟
مازن: معلش يا بشمهندس، ألف مبروك يا عريس.
حاتم: الله يبارك فيك يا مازن، أنا عايز أشوفك ياض.
مازن: أنا آخري بكرة وراجع تاني، أصلي نويت أتجوز وأودّع حياة العزوبية.
حاتم بدهشة: هتتجوز مرة واحدة؟! لا، أنا لازم أشوفك ضروري.
مازن بضحك: وفيها إيه؟ ما أنت كمان اتجوزت، إشمعنا أنا؟ دي حتى جوري هتتجوز.
حاتم: أنا هجيب مرام وأجيلك مسافة السكة.
مازن: تمام، وأنا مستنيك.
بعد ما مازن قفل معاه، لقى جوري بترن عليه، مكنش قادر يتكلم، فمردش عليها.
جوري بعد ما كنسل عليها، قامت طلعت من الأوضة وراحت عنده وخبطت عليه، مازن فتح لقاها واقفة وباين عليها معيطة، اتخض وقال:
مازن: مالك يا جوري؟ انتي كويسة؟ حد عملك حاجة؟
جوري بدموع: مش بترد ليه على تليفونك؟ خضتني عليك! من ساعه ما سبتنا ومشيت، وانت مش باين! ينفع كده؟ أنا خوفت يكون جرالك حاجة.
مازن ببسمة: اهدي يا جوري، حقك عليا… أنا كويس، حبيت بس أرتاح شوية، انتي عارفة إني لسه واصل من سفر، وجيت على هنا على طول، فكنت مرهق شوية بس.
جوري ببسمة: خلاص، مسمحاك يا رخم.
مازن بحب: انتي بجد خوفتي عليا؟
جوري: وأنا ليا مين غيرك أخاف عليه يا مازن؟ انت لسه لحد دلوقتي مش عارف معزتك عندي قد إيه؟
---
مازن بحب: ربنا يخليكي ليا يا أحلى أخت في الدنيا.
جوري: تعال بقى اسهر معانا شوية.
مازن بهروب: معلش يا جوري، بكرة إن شاء الله… أصلها كلها بكرة وهسافر تاني.
جوري بحزن: مش انت قلت هتقعد أسبوع معايا؟
مازن بتماسك وهزار: معلش بقى، أصل ضحي كلمتني ومش قادرة على بعدي يا ستي… عايزاني أسافر عشان أحدد معاد الخطوبة مع باباها، وانتي عارفة إنها مجنونة، لو أنا مسافرتش هتيجي ورايا هنا.
جوري بضعف: خليك معايا، أنا محتاجة وجودك جنبي.
مازن بهزار: لا، لازم تتعودي على غيابي، بعدين جوزك يزعل منك لو فضلتِ قريبة مني كده ويغير.
جوري بهزار: بس أنا لسه متجوزتش يا مازن، ولو الجواز هيبعدني عنك مش هتجوز أبدًا… أو أتجوزك انت وامري لله، خليها عليا.
مازن بضحك: إيه؟ غيرتي رأيك في ثانية كده؟ مش كنتِ رافضة الصبح؟
جوري: ده كان هزار يا مازن، أما أنا دلوقتي بتكلم بجد.
مازن برق جامد وقال: انتي أكيد سخنة صح؟ ولا شاربة إيه يا بت انتي؟
جوري بضحك: أخدت برشامة شجاعة زي اللي كان بياخدها فؤاد المهندس.
مازن بضحك: لا ياختي… ده انتي ضاربة مخدرات على المسا، اتكلي على الله بدل ما توديني في داهية يا بت.
جوري بضحك: يعني مش هتجي معايا بالذوق؟ أجيبك أنا بمعرفتي.
مازن بضحك: هتعملي إيه يا مجنونة انتي؟
جوري ببسمة شر: هصوّت ولم عليك الفندق كله وأقول حرامي.
مازن انفجر في الضحك وقال: الله يخرب بيت الأفلام اللي لحست مخك… ويا ترى سرقت إيه بقى؟
جوري بضحك: سرقت قلبي بحلاوتك يا واد يا مز انت.
مازن بصدمة: لا انتي أكيد مش طبيعية! انتي واعية لكلامك ده؟ بقى جوري اللي بتتكسف من خيالها بتعاكسني دلوقتي؟
جوري بضحك: يلا يابني، قبل ما سحر البرشامة يروح وأرجع تاني جوري الضعيفة.
مازن مسكها من قفاها وقال: تعالي يا آخرة صبري، وريني الهباب اللي شربتيه وعملك الدماغ الفل دي.
جوري ببسمة: طب سيب الشميز… هيتكرمش.
مازن سابها ومشي قدامها وقال وهو بيضرب كف على كف: البت هربت منها على الآخر وربنا.
كنت ماشية وراه بضحك عليه وعليا، أصل أنا عملت كل ده عشان أطلعه من المود اللي هو فيه، وكنت حابة أفتح مجال ليه إنه ينطق ويقول اللي في قلبه.
مازن وصل قدام أوضتها، وقف وقال: يلا يا بت، وريني الهباب اللي خدتيه ده، انتي وقعتك سودا… اصبري بس عليا.
جوري فتحت الباب ودخلت، وهو دخل وساب الباب مفتوح، لقاها معلقة لوحة مكتوب فيها "Sorry"، ومعلقة قلب مكتوب عليه "انت أغلى حاجة عندي".
مازن بذهول: إيه ده يا جوري؟ انتي عاملة حفلة ولا إيه؟
جوري: لا، أنا حبيت أعتذر منك وأقولك سامحني.
مازن برق وقال: أسامحك على إيه؟ فين الزفت البرشام اللي خدتيه؟
جوري بخجل: مفيش برشام، أنا كنت بهزر معاك… وحبيت أجيبك هنا.
مازن بهدوء: وعرفتي منين إني هاجي معاكي يا أم العريف انتي؟
جوري بخجل: عشان الكلام اللي قلته هيخليك تيجي ورايا… عشان خايف عليا.
مازن أخد نفس وقال: وليه كل ده يا جوري؟ أنا مش فاهمك بصراحة.
جوري بخجل: أنا آسفة عشان محسّتش بيك يا مازن… بس انت كمان غلطان، لو كنت جيت وقلت "أنا بحبك وعايز أتجوزك" كنت هوافق عليك من زمان.
تعرف ليه؟ عشان انت عندي غير أي حد يا مازن، وأنا عارفة إنك هتسعدني.
مازن بصدمة: انتي بتقولي إيه؟ أنا بحبك زي أختي وبس! إيه الهبل اللي بتقوليه ده؟
جوري بغضب: لحد إمتى هتخبي مشاعرك؟ ليه مش قادر تواجهني؟ بلاش غباء… وحارب عشان تفوز بحبك، ليه بتستسهل البُعد؟
مازن غمض عينه وحاول يهدي وقال: انتي جبتي الكلام ده منين يا جوري؟ أنا عمري لمّحتلك حتى إني بحبك.
جوري: لا… عشان عبيط، وعايز تسبني لغيرك.
مازن مقدرش يمسك أعصابه أكتر من كده، انفعل وقال بزعيق: أيوه بحبك! خلاص، ارتحتي؟
أنا مش عبيط يا جوري، أنا عارف إنك بتعتبريني مجرد أخ وبس، مش ذنبك إني غصب عني حبيتك، ماطلبتش منك تبادليني نفس المشاعر، مشاعري خاصة بيا أنا وبس، ملكيش دعوة بيها.
جوري بدموع: كل ده في قلبك مخبّيه عليا يا مازن؟ ليه خبيت؟ ليه بتداري حزنك عني؟
مازن بضعف: عشان سعادتك تهمني أكتر من نفسي… كنتي عايزاني أقولك إيه بعد ما سمعت منك إنك خلاص هتتجوزي واحد تاني؟
أنا كنت جي مخصوص عشان أقولك بحبك واطلب إيدك ليا… بس اتأخرت قوي، ومبقاش ينفع خلاص… قلبك بقى ملك راجل تاني.
