رواية اوجاع الروح الفصل التاسع عشر19بقلم فاطمه فارس


رواية اوجاع الروح الفصل التاسع عشر19بقلم فاطمه فارس
عند حمزة..... 

احمد كان قاعد مع حمزه لوحدهم في اوضته  قال بنظرة قلق : بقالك يومين مش عايز تتكلم وقافل علي نفسك يا بتنزل و بتغيب كتير ، ريحي يا بني، ايه اللي وصلكم لكده؟ اتخانقت انت وهي طيب ولا في ايه؟

قلب حمزة كان موجوع من اللي حصل وانه مش عارف يلاقي جوري  ومكنش عنده القدرة انه يبرر لحد او يحكي لحد  وقال وهو قايم : 
-انا مش قادر اتكلم يا بابا، سبني بالله عليك، انا نازل ادور عليها تاني، هقولك كل حاجه بس هي ترجع بس.. سلام.

*****

اما عند مرام وحاتم... 
حاتم كان واقف وساند علي سور البلكونه و مغمض عينه ومهموم من اللي حصل 

مرام قربت منه و هزته براحة من كتفة،  حاتم فتح عينه وبصلها بس متكلمش. 

بصت ليه بندم وقالت : انا اسفة يا حاتم، لو مكنتش سبتها تمشي مكنش حصل كل ده.

حاتم اخدها في حضنة وقال بحزن: خلاص يا مرام اللي حصل حصل، وانتي ملكيش ذنب في حاجه، يارب نلاقيها بس  وتكون بخير.

قاطع كلامهم رنه تليفونه ، رد وقال: اهلا يا مهاب، في جديد؟

مهاب: للأسف مفيش، مختفية، مسبتش قسم في مصر كامله مسألتش عليها فيه، بس متقلقش انا كلمت واحد حبيبي في المرور، ولو عدت علي اي كمين هيعرفني، إن شاء الله خير.

حاتم بيأس: إن شاء الله، شكرا يا مهاب، تعبتك معايا.

مهاب: متقولش كده احنا اهل، أول ما اوصل لحاجة هعرفك.

---

أما عند جوري قبل يومين من اختفائها وبعد ما شافت مشهد سهام مع حمزة  .... 

، فضلت ماشية وهي سرحانة في دنيتها وحالها، وقالت في نفسها: اروح لمين؟ انا مليش حد اروحله، حتى مازن مسافر، مش طايقه اروح واشوفه قدامي، ده حتى مجريش ورايا ومصدق حاتم، وقفه مسحت دموعها وكملت.... بس انا اللي غلطانه اني وافقت اكتب الكتاب، كسرت قلب مازن عشان حبيته وهو خاين، ميستهلش العتاب حتى، يارب مليش غيرك.

راحت المقابر لأهلها  ووقفت باصة بنظرة الم للقبر وفضلت تعيط وتقول: وحشتوني قوي، انا تعبانه من غيركم، انا حاسة اني وحيدة في الدنيا دي، حتى الوحيد اللي حبيته خاني، لو كنت موجود يا بابا كنت هتحاما فيك، انا مش عارفه اعمل ايه، نفسي الاقي مبرر ليه ومش لاقيه، مش قادرة اواجهه حتى، انا مليش نفس لأي حاجة في الدنيا دي، ليه سبتوني لوحدي؟ كنتم خدوني معاكم.

فضلت تعيط كتير وهي حاسة إنها اتكسرت، اخدت بعضها ومشيت، راحت محطة القطر، وحجزت تذكرة للإسكندرية، وركبت وهي حزينه. 

بعد وقت طويل وصلت، وهي مش عارفه هتروح فين أو هتعمل ايه، راحت عند البحر  وسرحت  في حياتها .... 

وقالت في نفسها: انا لازم انساه وابدأ حياتي من أول وجديد، مش عايزه البيت اللي هو قاعد فيه، مش هنام في بيت واحد معاه، حتى لو كل واحد في شقة، انا عارفة إن زمان مرام ومنه وحاتم قلقانين عليا، بس انا مش عايزه اكلم حد منهم ويعرف طريقي، حتى مازن، كفاية اني كسرت قلبه وتعبته معايا كتير، انا لازم اعتمد على نفسي وانسي حياتي اللي فاتت كلها.

اخدت نفس و قامت بكل هدوء بعد ما خرجت كل الطاقة السلبية اللي جواها ....  وصلت اقرب فندق حجزت فيه ، وقعدت يومين تدور على شغل في كل حته، لحد ما لقت وظيفة في فندق.

عودة للوقت الحالي... 

بدأت اول يوم ليها  وكانت حاسة انه طويل جدا و في نهاية اليوم بعد ما خرجت قالت لنفسها: اخرتك جرسونه يا جوري؟ الحمد لله، اهو احسن من مفيش، اي نعم المرتب ضعيف، بس شغال لحد ما الاقي وظيفة كويسة. 

مازن وحشني، كنت بحس إنه اخويا بجد، وصعبان عليا اقلقه وهو مسافر، لو كان هنا كنت اول حاجه هعملها إني اروحله، اكلمه اطمن عليه. 

سكتت شوية وبعدين كملت بحيرة.... 

ولا بلاش لحسن يحس بحاجه ويقلق.
بس انا هموت لو مكلمتش حد، كانت حافظة رقمه عن ظهر قلب، رنت عليه مره واتنين، اخيرا رد وقال: السلام عليكم، مين معايا؟

جوري ابتسمت تلقائي اول ما سمعت صوته اللي كان دايما مصدر امان ليها  : وحشتني يا أبو عيون خضره انت.

مازن قلبة دق جامد اول ما سمع صوتها وحس انه ارتاح بس لمجرد انه سامعها قال بلهفة: جوري؟ انتي فين؟
كده توقعي قلبي يا زفته انتي، انا بقالي يومين بدور عليكي في كل حته، مسبتش مكان مدورتش فيه، ايه اللي حصل خلاكي تمشي من بيتك؟ 

للأسف كنت فاكر اني قريب منك، واني اخوكي، ولما توقعي في مشكلة هتيجي ليا أول واحد، بس طلعت غلطان.

جوري بصت للسما وقالت بهدوء : اهدي يا مازن، انت عرفت منين؟

مازن : حاتم كلمني، كان مفكر اني عارف مكانك، هو بيدور عليكي في كل حته. ليه عملتي كده؟ وانتي فين دلوقتي؟

جوري افتكرت اللي حصل وقالت بصوت مخنوق : في الدنيا يا مازن، انا فعلا كنت محتاجة وجودك جنبي، بس قلت بلاش اقلقك وانت مسافر، انا بخير متقلقش عليا.

مازن ملس علي مقدمة  شعرة  بإيدة وقال  بزعيق: انتي يا بنتي، انتي عايزه تشليني؟ انتي في انهي داهيه؟ يا اخرت صبري، انطقي، والا وربنا هيبقي اخر يوم بينا.

جوري دموعها نزلت من الوجع اللي عاشته طول حياتها قالت بهروب : اسفة، انا قررت مش هعرف حد عني اي حاجه، انا اسفة لو قلقتك، بس انا لازم اتعود على الوحدة، لأني فعلا وحيدة، انا لازم اقفل، هكلمك تاني، سافر وانت مطمن، اديني كلمتك اهو.

مازن حدف المج اللي كان ماسكة وقال بصوت كله غضب : لو قفلتي السكة، هولع فيكي بجاز، اتكلمي، لو ليا خاطر عندك.

جوري بدموع: كفاية عليك كده يا مازن، مش هتعبك معايا أكتر من كده، انسى إنك كنت تعرفني، عشان انا تعبت من كل حاجه، ومش عايزه اتعلق بحد تاني.

مازن حاول يهدي عشان مينفعلش عليها تاني و يقدر يخليها تتكلم قال بهدوء: مش عيب تقولي كده؟ انتي مش عارفه انتي غاليه عندي قد ايه يا جوري؟ طيب بالله عليكي، يا شيخة ريحيني، وقولي انتي فين، انا تعبت من كتر خوفي ليكون جرالك حاجه.

جوري كانت قاعدة علي الشط وباصة علي الرملة قالت بهدوء: قاعدة على البحر.

مازن بضيق: انهي بحر؟ في البحور فظورة دي يعني ولا ايه؟

جوري غصب عنها ضحكت وقالت : اوعدني متقولش لحد مكاني وانا اقولك. 

مازن بصدق : اوعدك، قولي بقى، انا صبري بدأ ينفذ.

جوري اخدت نفس وقررت انه من حقه يعرف ويطمن عليها لانه اقرب حد ليها حاليا قالت : سافرت الإسكندرية.

مازن: عنوانك فين؟ عايز اشوفك، وافتحي تليفونك ده.

---
جوري: العنوان.....

مازن قلبة هدي نسبيا بعد ما اطمن عليها قال بحب: تمام، انا جيلك، ارجعي الفندق عشان الليل هيليل عليكي وانا مش هتأخر.

جوري: حاضر، سلام.

قفلت معاه وانا فرحانه إن في حد بيخاف عليا، وقلت لازم اكلم حاتم أو حتى ابعتله رسالة عشان يبطل يدور عليا، ولو كلمته مش هخلص من اسألته، اعمل ايه بس؟ آه مرام! هكلم مرام واقفل بسرعة، وبكده محدش هيعرف طريقي.

***** 

مرام كانت قاعدة في شقة مامتها، لقت رقم غريب بيرن، مردتش عليه في الأول لحد ما أمها قالت: ردي يا حبيبتي، وافتحي الصوت، ممكن حد عايزك وغير رقمه.

مرام هزت دماغها و: حاضر يا ماما.

مرام ردت وسكتت، لقت بنت بتتكلم.

جوري: مرمر.

مرام بصت ل امها بفرحة وقالت: جوري! حبيبتي، انتي فين؟ كده تخوفينا عليكي!

جوري: حقك عليا، انا قلت اكلمك عشان مش عايزه اكلم حاتم، لأنه مش هيديني فرصة اهرب منه.

مرام: ايه اللي حصل خلاكي تمشي؟ معيطة! هو مش احنا اخوات؟ كده تخبي عليا؟ فينك؟ وعايشه ازاي؟

جوري اخدت نفس وقالت: انا بخير يا مرام، مش مهم تعرفي مكاني، لولا إني بعزك انتي وحاتم مكنتش كلمتك.

مرام بعتاب: حاتم مش بينام، هو وحمزة، وقالبين عليكي الدنيا.

جوري بصوت مخنوق: مش عايزه اسمع اسمه يا مرام، ارجوكي، بلغي حاتم إني بخير، وإني مش هرجع تاني نهائي، وخليه يقول للبيه اشبع بيها، وإني ندمانة إني وثقت فيه، وياريت لو يطلقني بهدوء.

مرام: اهدي يا جوري، طب انا ذنبي ايه؟ انا عايزه اطمن عليكي، افتحي تليفونك.

جوري مسحت دموعها وقالت : لا، مش طايقه اسمع صوته ولا اشوفه قدامي حتى، انا كرهت الدنيا واللي فيها بسببه، يا مرام، كان نفسي أمي تكون موجوده وأترمي في حضنها، انا مليش حد غير اللي خلقني.

مرام قلبها وجعها عليها جدا قالت : متقوليش كده تاني، وانا روحت فين؟ وحاتم كمان، مش احنا اخواتك؟

جوري  وصلت الفندق و دخلت  اوضتها قعدت علي السرير وغمضت عينها وقالت : خدي بالك من نفسك يا مرام، ومن ابنك، وقولي لحاتم يسامحني عشان قلقته معايا، لولا انه اخوه، انا كنت عرفته، بس خايفه يعرفه طريقي، انا لازم اقفل.

مرام بخوف: طيب اوصلك تاني ازاي بس؟ طمنيني، وقولي فينك.

جوري قلعت طرحتها و قالت بصوت ضعيف من كتر العياط : في الدنيا يا مرام، متخافيش عليا، هكلمك تاني إن شاء الله، بس لما أحس إني هديت، مع السلامة.

مرام  بعد ما قفلت معاها كلمت حاتم وحكت له اللي حصل كله.

حاتم براحة: الحمد لله إنها بخير، بس ليه تمشي وتهرب؟ كانت جت وطلبت مني أجبّلها حقها، وانا مكنتش هتردد ثانية واحده.

مرام بحيرة: هتعمل ايه مع حمزه؟

حاتم بشرود: مش عارف، بس لازم يعرف ويحِل سوء التفاهم ده، اقفلي يا مرام عشان اكلمه.

حاتم  كان قاعد علي مكتبة في الشركة اللي فتحها ليه جديد قام من علي المكتب ووقف قصاد الشباك وطلع تليفونه و  رن على حمزة وقال بهدوء: انت فين! جوري اتصلت بمرام وقالت إنها عايزه تطلق منك، وإنها مش هترجع هنا تاني.

حمزة كان بيكشف علي مريض لما سمع كلام حاتم اتخنق و قال  بجنون: يعني ايه! هي فين؟ وقافله تليفونها ليه؟ وطلاق ايه ده كمان؟ دي اتجننت رسمي!
خلص كلامة وبص للمريض وقال بصوت مخنوق لو سمحت يا استاذ معلش معايا مكالمة مهمة هخلصها ونكمل كشف...  المريض هزلة راسه بادب وبصلة بنظرة تعاطف  وخرج. 

حاتم اتنهد وقال : أي واحدة مكانها هتعمل كده، وأكتر كمان.

حمزة خلع  الروب بتاعة ورماه علي الكرسي بكل عصبية وشد علي شعرة بإيدة وقال : طلاق؟ مش هطلق يا حاتم، وانا هعرف ارجع مراتي كويس، يظهر إنها عايزه تشوف الوش التاني عشان تعقل.

حاتم بزعيق: انت عبيط يا لا؟ وش تاني ايه وهبل ايه ده؟ بدل ما تحاول ترتضيها يا متخلف انت! هي مجروحه منك يا بني آدم، افهم بقى!

حمزة حس بنار في قلبة عشان هي مش واثقة فيه قال بزعيق : أعمل ايه يعني؟ مش هي اللي هربت من أول مشكلة؟ وحتى مدتنيش فرصه أدافع عن نفسي حتى!

حاتم حاول يهدي الوضع قال بهدوء: خلّص شغل وتعال نتكلم، وإن شاء الله خير.

بعد ما قفل مع حاتم حس انه مخنوق ومش قادر يشتغل خالص مسك تليفونه و اخد حاجته من علي المكتب و سحب الجاكت بتاعة وحطة علي كتفة ب اهمال وخرج... كلم الممرضة وطلب منها تلغي حجز التذاكر لباقي المرضي و تعتذر منهم و سابها ومشي 

بعد ما مشي شوية شاف سهام واقفة مع دكتور زميلهم عينيهم اتقابلت لحظة بس هو مهتمش وهي مشيت بسرعة من قدامة  كان هيمشي و يطنش بس وقف لما الدكتور ده نده عليه 

كريم: دكتور حمزة ممكن كلمة لو سمحت. 
حمزة: خير يا دكتور كريم...  انا بجد مش قادر اتكلم ياريت لو في حاجه مش مهمه عايزني فيها اجلها لبعدين 

كريم بصلة بتعاطف وقال:  معلش مش هاخد من وقتك كتير صدقني. 

حمزة: تمام اتفضل. 
كريم: مش هينفع كلام علي الواقف كده تعال مكتبي نتكلم براحتنا 

خلص كلامه واخد حمزة لمكتبه فتح الباب ودخل وقال بعد ما قعدوا... 

بص مبدأيا كده انا اسف علي اللي حصل من دكتورة سهام هي حكتلي اللي عملته وانا مش عارف اقولك ايه و اتمني تسامحها بعد ما تعرف قصتها. 

حمزة بصلة باهتمام لكن متكلمش و هو كمل كلامه 

كريم: سهام من اول يوم ليها هنا في المستشفي حبتك يا حمزة لانك دكتور وسيم و محترم والناس كلها بتحبك و حاولت تقرب منك بكل الطرق الممكنه بس انت مش بتدي فرصة لأي بنت انها تتكلم معاك غير في حدود الشغل وبس وده اللي خلاها تاخد الخطوة دي...  انها تخترع قصة وهمية عشان تقربك منها وتوافق تتجوزها بسرعة حتي لو انت متجوز 
متستغربش...  هي عندها حب التملك...  بنسمية عندنا في علم النفس... 
"الحب الاستحوازي "

(obsessive love) 

المريض في الحالة دي بيبقي عنده هوس بحب الشخص ده مع عدم القدرة علي تقبل الرفض او الفشل من قبل الشخص اللي بيحبة 
المريض في الحالة دي مش بيبقي قارد يتحكم في سلوكياته وممكن تطور معاه ل سلوك عدواني او عنف شديد اهم حاجه انه يوصل ل مبتغاة. 

وده نتيجة ل احساسة بعدم الثقة...  الغيرة والحسد 
... المطاردة والمراقبة المستمرة ...  الرغبة في السيطرة والهيمنه...  الشعور بعدم اليقين والخوف المستمر..  كل الصفات دي للاسف موجودة في سهام عشان كده انا شخصتها  انها مريضة نفسية بحب التملك...  واهم خطوة صح عملتها انها اعترفت بغلطها وقررت تتعالج. 
هي كانت عايزة تكلمك بنفسها بس مقدرتش تشوف نظرات الكرة منك ليها عشان كده طلبت مني اعتزر ليك بالنيابه عنها. 

حمزة باهتمام: ربنا يشفيها...  بس تقدر تقولي انا ذنبي ايه مراتي تهرب وتشك فيا وتفكر اني راجل خاين...  انا بقالي يومين هتجنن ومش لاقيها نهائي قولي لو انت مكاني هتسامحها بسهولة كده...  انا اسف بس هي دمرت علاقتي بمراتي اللي كانت لسة بتتبني، ياريت تبلغها انها تبعد عني نهائي احسن لها، وتطلعني من دماغها خالص...  انا مش هسامحها نهائي لو مراتي جرالها حاجة بسبب اللي عملتة..  انا اسف بجد.. بس ده قراري النهائي لما اطمن علي مراتي الاول هبقي اشوف ممكن اسامحها ولا لا...  و دلوقتي ممكن استاذن لو سمحت. 

كريم بتفهم :  اه اتفضل...  انا مقدر موقفك...  وان شاء الله هتلاقيها و تطمن عليها. 

***** 
عند مازن وجوري..... 

مازن  وصل الفندق كان فندق مش كبير قوي ولكن كويس دخل  وكلم جوري يعرفها انه وصل وانه مستنيها تحت... شويه وجوري نزلت وقربت عليه وقالت: السلام عليكم.

مازن كان  ماسك التليفون و مركز   فيه ومش واخد باله، أول ما سمع صوتها قام وقف وقرب منها، وللحظة كان هياخدها في حضنه، بس لحق نفسه، وبعد بسرعة وقال: ينفع كده؟ ملكيش أخ تيجي تشتكِيله؟ أعمل فيكي ايه بس؟

جوري ابتسمت وقالت: اهدي شوية يا عم انت، انا قدامك اهو، وكويسة جدا.

مازن بصلها بتحذير وقال  بضيق: انا عايز أعرف كل اللي حصل معاكي، ولو فكرتي تكذبي عليا، هولع فيكي يا جويرية، انا على آخري منك.

جوري فرحت إن مازن خايف عليها، وقالت في نفسها: الحمد لله إن ربنا رزقني بأخ زيك.

---
مازن أخدها ومشي قدامها، وهي مشيت وراه وخرجوا من الفندق اللي كان مطل على البحر، وسابها وقعد قدام البحر.

جوري سابت مسافة بينهم وقعدت جنبه وقالت: كل اللي أقدر أقوله إني تعبانه فوق ما تتصور، قلبي مش قادر يصدق إن حمزه خاين، بس عقلي بيقول العكس.

مازن بص على البحر بشرود وقال: اللي بيحب بجد عمره ما يخون يا جوري، ولو قدامه بنات العالم كله مش هيبص ليهم حتى... اللي بيحب بجد بيبقى مش شايف بنت تانيه غير حبيبته.

جوري ابتسمت بحزن: معاك حق، بس أديك قولت اللي بيحب بجد.

مازن: احكي كل اللي حصل، وانا هحكم في الآخر.

جوري حكت له كل حاجه حصلت، وكمان قالت إن حماتها مش متقبلاها، ومقالتش إنها بتتخانق معاها لما بتكلم مازن عشان ميتضايقش.

مازن أخد نفس وقال: بصي أولًا كده انتي غلطانه يا جوري.

كانت لسه هتتكلم، سبقها وقال: لو سمحتي متقاطعنيش واسمعي مني للآخر.

انتي فعلًا غلطانه، لأنك هربتي من أول خلاف بجد بينكم، كان لازم تواجهي وتعرفي الحقيقة فين، مش يمكن حمزه مظلوم؟ ثانيًا بقى، انتي عارفه إن حماتك غيرانه منك يا جوري، كان الصح إنك تتكلمي مع جوزك وتعرفيه إيه اللي مضايقك من أمه عشان يصلح ما بينكم، وانا أبصملك بالعشرة إن حمزه مظلوم، ومستحيل يخونك.

جوري بصتلة بنظرات استغراب وقالت : ازاي بعد كل اللي سمعته بتقول مظلوم يا مازن؟ ده انا شايفاه بعيني!

مازن بابتسامة حزينة: لولا إني شفت نظرات حمزه ليكي من قبل حتى ما يتقدم ليكي، كنت صدقتك. انا راجل وأقدر أفرق بين اللي بيحب واللي بيتسلى، وحمزه بيحبك بجد يا جويرية، المفروض يبقى عندك ثقة فيه أكتر من كده.

جوري: يعني طلعت انا اللي غلطانه في الآخر، مش كده؟

مازن: لا، انا مقولتش كده، بس انتي معندكيش خبرة كافيه في الدنيا، عشان كده مش عارفه تتصرفي صح في المواقف دي. انا لو منك كنت روحت مسكتها من شعرها وضربتها قلمين حكومة وطردتها من المكتب، وبعدين تحاسبي جوزك بينك وبينه. الهروب مش حل. انا معاكي إنه غلطان، بس لازم تسمعي منه قبل ما تحكمي عليه بالخيانة. الراجل مننا بيبقى مستني من اللي بيحبه إنه يبقى واثق فيه.

جوري بصلت الناحية التانية وقالت بهدوء: معرفش بقى، انا كنت مخنوقة ومش طايقاه ولا عايزه أشوفه، عشان كده جيت هنا.

مازن ابتسم وقال: حقك تغيري جو زي ما انتي عايزه، بس مش من حقك إنك تقلقينا كلنا عليكي كده. انا كنت بموت لما عرفت إنك مختفية.

جوري بصت له باستغراب،  وهو لحق نفسه وقال: قصدي إنك عارفه غلاوتك عندي، انتي أكتر من أخت يا جوري.

غير الموضوع وكمل كلامه: لازم أكلم حاتم ونحل الموضوع ده.

جوري: بس انا مش مستعده أواجه حد دلوقتي.

مازن بضحك: انتي مش عارفه حمزه كان خايف عليكي ازاي يا مفتريه.

***** 

حاتم كان قاعد مع حمزة  في كافيه، وحمزة قاعد سرحان وباصص على النيل.

حاتم اتنهد وقال : اتفضل احكي، ايه اللي حصل يومها؟

حمزة قام وقف وقال بضيق: انت شايف إن أخوك خاين يا حاتم؟ طب لو حبيت أعمل حاجه غلط، هعمل كده في مكان شغلي؟ وكمان هسيب الباب مفتوح؟

حاتم: انا عارف إنك مش خاين، وواثق فيك، بس عايز أعرف اللي شفناه ده ايه.

حمزة أخد نفس وسند على سور النيل وقال: كانت جاية ليا عشان عايزاني اتجوزها، بتقول إن أبوها جايب لها عريس هي مش عايزاه...... 

حكي ليه اللي حصل وكمل كلامه: 

وبعدين انا  أصريت على رفضي، لما حسيت انها مخبية حاجة، ونظراتها مريحتنيش خالص وطردتها بره المكتب، ودخلت تاني، قعدت على الكرسي وغمضت عيني، وهي استغلت ده ودخلت، وشكلها شافتكم وانتوا جايين، ودخلت وقعدت على رجلي، انا اتفزعت وكنت هقوم أزعق لها، لقيتكم داخلين عليا، ومن الصدمة معرفتش أتحرك، بس ده كل اللي حصل.

ولسه عارف من دكتور كريم انها مريضة نفسية بمرض حب التملك.....  حكي ليه كل الكلام اللي دار بينه و بين كريم. 

حاتم قام ووقف جنبه وقال: اهدي يا حمزة، وكل حاجه هتتحل بإذن الله.

حمزة بص له بحزن وقال: كنت فاكر إنها واثقه فيا، متخيلتش إنها ممكن تصدق إني واحد خاين يا حاتم.

حاتم طبطب على كتفه وقال بحنان : اعذرها يا أخي، البنت اتصدمت من اللي شافته، وأي حد مكانها كان هيعمل كده وأكتر كمان، ده كويس إنها مزعقتش معاكم وفرجت المستشفى عليكم، دي لو مرام كانت عملتها والله.

حمزة بضيق: ياريت كانت زعقت يا حاتم، مش أحسن ما تهرب.

تليفون حاتم رن برقم مازن و قطع كلامهم  ...
رد  عليه بسرعه ولهفة .

مازن: السلام عليكم.

حاتم بلهفة : وعليكم السلام، أخبارك ايه يا مازن؟ عرفت حاجه عن جوري؟

مازن بص لجوري وقال: أيوه، انا قاعد معاها دلوقتي، وقلت أطمنك عليها.

حاتم بص لأخوه: طيب الحمد لله، هي عامله ايه دلوقتي؟ طمني عليها، ومكانها فين؟

حمزة عينه برقت جامد وقال بغيره: والهانم سايبه جوزها يلف الدنيا عليها، وهي مقضياها سرمحة!

حاتم كتم صوت المكالمة بسرعه عشان محدش يسمع حمزة، وقال: اسكت يا زفت! انت، مسمعش صوتك خالص، فاهم؟ مش وقت غيره، خلينا نطمن عليها يا أخي.

---
مازن أخد نفس وقال: هي كويسة يا حاتم، بس للأسف رافضة تعرف حد طريقها، ولولا إني أصريت عليها مكنتش عرفتني أنا كمان.

حاتم: تمام، ادهاني أكلمها لو سمحت.

مازن بص لجوري بمعنى "عايز يكلمك"، وجوري كانت متوترة جدًا بس هزت راسها بالموافقة، ومازن اداها التليفون وهو بيتمني ليها انها تحل مع جوزها سوء الفهم ده. 

جوري بصت للتليفون بتوتر وبعدين حطته علي ودنها وقالت  : عامل ايه يا حاتم.

حاتم بهدوء: بقيت أحسن لما سمعت صوتك، كده تخوفيني عليكي يا جوري.

جوري: اطمن، أنا بخير.

حمزة أخد التليفون من حاتم، وفتح السبيكر، كان مشتاق يسمع صوتها... 
           
أول ما سمع صوتها، الدنيا وقفت في مكانها.... صوتها كان واحشه، وغمض عينيه بحنين."
حاتم بصله بتحذير وقال: طيب أنا عايز أشوفك ضروري.

جوري بتهرب: إن شاء الله يا حاتم.

حاتم بتفهم: أنا عارف إنك زعلانه ومش عايزه تشوفي حد مننا، بس...

جوري قاطعته وقالت: متكملش ،  أنا مستحيل أزعل منك يا حاتم ، انت مش عارف معزتك عندي قد إيه، انت ومازن اللي طلعت بيكم من الدنيا. يمكن أنا يتيمه الأب والأم، لكن ربنا رزقني بأحن وأطيب أخين في الدنيا.

حاتم بابتسامة: وده العشم برضه يا جوري، وربنا اللي يعلم إنك عندي في معزت حمزة ومنه، ويمكن أكتر كمان، بس لو ليا خاطر عندك عرفيني طريقك عشان أجي ونتكلم.

جوري: حاضر، بس الأول ياريت تقفل الصوت، وتوعدني إن اللي واقف معاك مش هيعرف مكاني.

حمزة اتجنن، وكان لسه هيتكلم، حاتم لحقه وحط كف إيده على شفايفه بسرعة عشان يسكت وقال: عرفتي منين إن حمزة معايا يا بت؟

جوري بحنين: حسيت بنفسه، وقلبي حس بوجوده معاك، وانا عمر ما إحساسي طلع غلط أبدًا.

حمزة فرح وابتسم وشد التليفون  من حاتم، وبص له وقال: سيبني يا حاتم، لازم نحل سوء الفهم ده.

جوري ضربات قلبها سرعت لما سمعت صوته وكانت فرحانه، بس افتكرت اللي حصل وقالت بجمود: لو سمحت يا حاتم، لما تبقى لوحدك هبقى أكلمك، أنا لازم أقفل.

حمزة قال بتسرع وغيرة قبل ما تقفل: استني عندك يا هانم، قبل ما تقفلي في وشي، افتكري إني جوزك قدام ربنا، وليا حقوق عليكي، وأظن أبسط حق ليا إني أعرف انتي فين وبتعملي ايه.

جوري حست إنها لازم تبقى أقوى من كده، أخدت نفس وقالت بثقة: تمام، سبني يومين أهدى وأغير جو، وبعدين أبقى أكلمك تاني. باي يا زوجي العزيز.

وقفلت في وشه السكة.

حمزة اتصدم من رد فعلها وفضل واقف متنح في شاشة التليفون  شوية.. وحاتم فضل يضحك عليه وقال: تعيش وتاخد غيرها يا دوك.

حمزة حس إنها عملت كده عشان تعاقبه، ابتسم وقال: أنا عرفت هي فين.

حاتم بفضول: عرفت ازاي؟

حمزة : كان في واحد بيقول مستنيك قدام فندق...  يظهر ان جوري مخدتش بالها اني ممكن اسمعه. 
حاتم ضحك وقال: طيب ناوي علي ايه...  يعني يوم ما تلاقي  بنت هتوت عليك تطلع مريضة نفسية. 

حمزة بصله بغيظ وقال بإصرار: أنا هاخد اجازه، وبكره بإذن الله هسافر لها، ومش هرجع من غيرها..  اما سهام دي ف انا هتجنبها خالص عشان ارتاح حتي السلام مش هرمية عليها في اي يوم اقابلها حتي لو صدفة. 

خرجوا من الكافيه وركبوا العربية وروحوا البيت.

أول ما دخلوا لقوا كريمة قاعدة مع مرام، وشكلها ميطمنش.

حاتم دخل وقال: مالكم كده؟ في حاجه ولا ايه؟

مرام بصت له بتعب وقالت: حمد لله على السلامة، تحبوا تتغدوا؟

كريمة بصت لها بشر وقالت: إيه تحبوا دي؟ هتعزمي عليهم في بيت أبوهم ولا ايه؟ امشي انجري حطي الأكل.

ولوت بوزها وكملت كلامها وقالت: أدي أخرة الدلع، واحدة مسهوكة، والتانية الله أعلم غارقة في انهي مصيبة، وجابتلنا العار. هما دول اللي هيشيلوا اسمكوا يا ولاد بطني... يا ميّلت بختك في ولادك يا كريمة.

مرام كانت ساكته عشان دي ست كبيرة، بصت لحاتم ودخلت المطبخ بسرعة.

حاتم بعتاب: ليه كده بس يا أمي؟ مالها مرام؟ ليه مش حباها؟ وجوري ليه مش متقبلاها؟

كريمة بكره: سيبك من مراتك دلوقتي، خلينا في الهانم اللي أخوك أصر عليها. تقدر تقولي هي فين ومع مين وبتعمل ايه؟ ولا لقت إن أهلها ماتوا ودارِت على حل شعرها... آه، صح، ما هو ملهاش حد يربيها. بس الغلط على البيه اللي واقف جنبك، لو كان حاكمها وخوفها ما كانتش خرجت عن طوعنا.

حمزة حاول يتكلم بهدوء وميمسكش أعصابه وقال: أنا وجوري في سوء فهم بينا، وهي خدت على خاطرها مني وزعلت شوية، وانا واثق فيها يا أمي، وعارف هي فين، راحت تغير جو شوية بعيد عن البيت ومشاكله.

كريمة  مسكته من دراعة جامد و بصتله بغضب وقالت  : آه، لحقت تاكل عقلك بكلمتين، وانتوا لسه كاتبين الكتاب! أمال لما تتجوزها هتعمل ايه يا حمزة؟

حاتم قرب و سحب اخوة منها عشان يهدي الدنيا  وقال : اهدي يا أمي، حصل ايه بس لكل ده؟ صلي على النبي كده.

كريمة: عليه أفضل الصلاة والسلام... اسمع بقى، منك ليه البت دي؟ أنا مش مستريحة لها خالص، وكويس إنهم لسه على البر، طلقها، وانا هجوزك ست ستها يا حبيبي.

حمزة بضيق: أنا خارج أشم هوا يا حاتم، وقول لماما إني عمري ما هتخلى عن جوري أبدًا.

فتح الباب ورزعه وراه وهو خارج.

تعليقات



<>