رواية اوجاع الروح الفصل الاول1بقلم فاطمه فارس


رواية اوجاع الروح الفصل الاول1بقلم فاطمه فارس

💌 إهداء إلى اليتيم...
ما أصعب أن تعيش وحيدًا،
تمضي في دروب الحياة بلا سند،
دون يدٍ حانية تربت على كتفك،
أو صدرٍ يحتويك من غدر البشر ومرارة الأيام...

إنه ألم الفقد يا أحبّتي...
ذاك الوجع الصامت الذي لا يُشفى،
يدمي القلب، ويعصر الفؤاد...
فإلى كل يتيم...
لكم هذه الرواية...
فربما تجدون بين سطورها صدىً لقلوبكم.  

الفصل الاول 

كانت تجلس في فناء المدرسة، شاردة الذهن، باكية العين، تفيض دموعها كالأنهار، غير عابئة بأحد، فإن بها من الهموم ما يكفيها عن العالم بأسره.
وحيدة هي، لا أحد يسأل عنها، ولا يهتم لأمرها.

****** 
كنت قاعد مع زمايلي في مدخل المدرسة بنراجع الامتحان،
لفت نظري بنت جميلة بحجابها الطويل ولبسها الواسع الفضفاض.
كانت قاعدة حزينة ودموعها نازلة زي الشلال، ومفيش حد راح يشوف مالها.
ماكنتش مركز مع أي كلمة من اللي بتتقال، وبالي كله معاها...
غريبة، أول مرة أشوفها!

قررت أروح أكلمها وأهون عليها شوية.
استأذنت من زمايلي، وقمت، بس وقفني زميلي كان بيسأل على نقطة في الامتحان،
وأول ما خلصت وبصيت لها... ملقتهاش!
قررت أمشي، كنت تعبان خالص.

رجعت البيت وأنا بفكر في البنت دي...
يا ترى مين؟ وكانت بتعيط ليه بالشكل ده؟
فوني رن، رديت، وكانت أختي بسمة.

بسمة: السلام عليكم، أخبارك إيه يا مازن؟ طمّني عليك، عملت إيه في الامتحان؟
مازن: وعليكم السلام يا ستي، براحة عليا، كل دي أسئلة؟
بسمة (ضاحكة): ماشي يا بكّاش، قولي بقى عملت إيه في أول امتحان؟ عايزاك تشرفني، انت ثانوية عامة ولازم تجيب مجموع الطب اللي بتحلم بيه!

قلت في سري: "أنا مش هخلص منك يا بسمة."
وبعدين رديت: الحمد لله، كان حلو، متقلقيش عليا.
انتي عاملة إيه؟ وجوزك عامل إيه معاكي؟ مش ناوية تنزلي مصر؟ وحشتيني يا بت.

بسمة: والله يا مازن، انت كمان وحشتني جداً، بس غصب عني.
انت عارف إن حازم شغال هنا من قبل ما نتجوز، وصعب أنزل الفترة دي...
صاحب الشغل حاطط الحمل كله عليه.
حقك عليا يا حبيبي.

مازن: ولا يهمك يا سمسم، أنا اتعودت على الوحدة خلاص.
معلش هقفل أنا بقى، لأني هموت وأنام.

في مكان تاني، في بيت كبير نسبيًا مكوّن من 3 طوابق،
كانت قاعدة "جويريّة" ماسكة ألبوم صور... بتتفرّج على صور باباها ومامتها ودموعها بتنزل.

Flashback

ماما بزعيق :  جويرية يا زفتة، اصحي! أبوكي زمانه جاي من صلاة الجمعة، قومي يا بت بدل ما إنتي نايمة كده.

جويرية: صباح الخير يا ماما، والله أنا سهرانة طول الليل بذاكر، وتعبانة جدًا، سبيني بس شوية صغيرين.

الأم: طيب خلاص، صعبتي عليا. خمس دقايق بس، وحصليني، عشان تعرفي إن قلبي حنين وبحبك.

جويرية بضحك: آه، ما هو واضح إنك حنينة، خمس دقايق بس يا مكة؟! حرام عليكي والله... أنا قايمة أهو. 😂

بعد ساعة، رجع بابا من الصلاة، وأنا كالعادة مش بسيبه يقعد مع ماما نهائي، لأنه لازم يذاكرلي طبعًا!

جوري: بابا حبيبي، مين هيذاكر لجوري إنجلش؟

طه : عيون بابا لأحلى جوري في الدنيا، بس كده! أمك هتنفخك، عشان كل جمعة بتخديني طول اليوم.

جوري: بقى كده يا بابي؟! أهون عليك يعني أفشل في تعليمي، عشان ماما عايزة تستفرد بيك لوحدها؟ 😪
طبعًا أنا بمثل عليه إني بعيط عشان أصعب عليه 😂

طه: طيب خلاص، متزعليش يا قلبي. ادخلي حضّري حاجتك، وأنا جاي وراكي على طول.

جوري: تمام يا فندم 🫡
ومشيت وأنا عارفة إن ماما أصلاً فقسانية من نظراتها، بس مش مهم، يعني بابا يبقى دكتور جامعي قد الدنيا وماستفدش بيه؟ 😂 ده حتى تبقى عيبة في حقي!  . 

بعد وقت كبير من المذاكرة، حسيت إن بابا تعب جدًا...

جوري:  بابا حبيبي، أنا بحبك أوي، ربنا يخليك ليا، مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه.

طه بابتسامة جميلة: قلب بابا إنتي، يعني لو متعبتش علشانك هتعب لمين؟

جوري بفرحة: ربنا يديمك في حياتي نعمة يا أحلى أب في العالم كله. 😍

طه: ويديمك ليا إنتي وأمك، إنتوا أغلى اتنين في حياتي كلها.
عايزك ترفعي راسي يا جوري، السنة الجاية هتبقي ثانوية عامة، وأنا واثق فيكي... وربنا خير يا حبيبتي.

جوري: إن شاء الله هشرفك يا بابتي. وبعدين، طالما إنت بتذاكرلي، فأنا أكيد هجيب طب إن شاء الله.

طه: إن شاء الله يا بنتي... بس عايز أقولك إني بحبك، ولو في يوم بعدت عنك إنتي أو أمك، أكيد هيبقى غصب عني.
عايزك تكوني قوية لو جرالي حاجة، وتخلي بالك من أمك، وتذاكري كويس يا بنتي.

قلبي كان بينبض بسرعة من الخوف... فكرة إن بابا ممكن يموت – بعد الشر – وتسيبني لوحدي كانت مرعبة جدًا

جوري  بدموع في عنيها:  بعد الشر عليك يا حبيبي، ربنا يديك طولة العمر... ليه بتقول كده وتخوفني عليك؟

رد وقال: الموت علينا حق، أنا مش بخوفك أبدًا، أنا بوعيكي يا بنتي.. أنا ربنا مرزقنيش بأولاد غيرك، عشان كده خايف عليكي لو مت.

حضنته من غير ولا كلمة، وكنت بعيط وبس.
طبطب على ضهري وقال علشان يخرجني من المود:
زمان أمك عملت لنا المحشي، تعالي نهجم عليها وعلى حلة المحشي ونخلصها كلها أنا وإنتي. 😂

ابتسمت وقلت:  يلا يا ريس، بينا على المطبخ.

End flashback

رجعت من ذكرياتي على خبط الباب.
قمت، لبست الإسدال، وفتحت... لقيت محصل الكهرباء.

قلت له:  اتفضل.

رد وقال:. عليكي شهرين يا آنسة، كل ما أجي وأخبط محدش بيفتح.

قلت:. تمام، عايز كام يعني؟

بصلي نظرات غريبة، وطوّل في سكوته، وبعدين قال: 450 جنيه... لو مش معاكي يا قمر، أجيلك بعدين.

خفت منه، وقلت في سري:. آه لو كان بابا عايش... مكنش حد قدر يبصلي أبدًا. يا رب، مليش غيرك، ساعدني.

قلت له: ثانية واحدة وراجعة.

قفلت الباب، ودخلت جبت الفلوس.... وأنا مدياله الفلوس، لقيته اتعمد يلمس إيدي!
اتنفضت في مكاني، وسحبت كفي بسرعة، وقفلت الباب في وشه... جريت على أوضتي، وارتميت على السرير، ودموعي نازلة...
قلت بصوت مكسور: إنت فين يا بابا؟ أنا محتاجة وجودك جنبي، وحشتني أوي.
فضلت ساعة على حالي ده، وبعدين نمت.

عدّى اليوم بسلام....  وتاني يوم صحيت، صليت الفجر، وقعدت مكاني أقرأ قرآن لحد شروق الشمس.
صليت الضحى، وقعدت على مكتبي، فضلت أذاكر لحد أذان الظهر.
قفلت الكتاب، وصليت، ولبست، وقَفلت الباب بالمفتاح، ونزلت.
كان ورايا مراجعة   فيزياء.وصلت المركز، ودخلت، قعدت لوحدي كالعادة، أصلّي مش اجتماعية قوي ومليش أصحاب.

دخل المستر، وابتدى يشرح.
كان في سؤال مش فاهماه، فرفعت إيدي وقلت: مستر، أنا مش فاهمة الجزء ده، ممكن تشرح أكتر؟

رد عليا: إنتي اللي مش مركزة معايا وأنا بشرح. زمايلك من حقهم مضيعش وقت على الفاضي.

رديت بعصبية وقلت:  حضرتك اللي مش عارف توصل المعلومة صح!
أنا مركزة كويس جدًا، ولو سألت أي حد فيهم، هيقولك إنك مستر على ما تفرج، ومش بتفهم حاجة أصلاً!  . 

كنت متضايقة جدًا، أول مرة صوتي يعلى على حد كبير... بس هو استفزني.

رد، وعينيه مليانة شر، وقال: إنتي بت مش متربية، وأهلك معرفوش يربوكي!
بس ملحوقة... أنا اللي هربيكي من أول وجديد.

قرب عليا، ورفع إيده علشان يضربني...  غمضت عيني وأنا خايفة...  سمعت صوت ولد بيقول:  مش عيب ترفع إيدك على بنت قد ولادك يا مستر؟!

فتحت عيني بسرعة، وحمدت ربنا إن في حد اتدخل.

المستر زعق وقال: وإنت بقى المحامي بتاع السنيورة ولا إيه؟!

الشاب رد عليه وقال:   بظبط كده... وهي أصلًا مغلطتش فيك إلا لما انت غلطت فيها وفي أهلها.... وهي معاها حق...إنت مش بتشرح كويس، وبتكروت... 
ولولا إن مستر سعد اللي كنا بناخد معاه مات، مكنش حد جالك أصلاً عشان المراجعة.

المستر برقلي جامد، وكان نفسه يضربني... بس معرفش، عشان الشاب ده كان واقف جنبي. 
قلت بصوت عالي:
يا جماعة، حد فاهم منه حاجة؟ ولا أنا لوحدي اللي مش فاهمة؟. 
أصل دي فيزياء، مش حصة ألعاب! وبكرة في امتحان هيحدد مصيرنا!
سكت...  كنت مستنية رد فعلهم...  بقوا يبصوا لبعض، وبعدين قاموا كلهم وقالوا:

معاكي حق، إحنا مش هنكمل المحاضرة دي، وهنشوف مستر شاطر غيره... وابتدوا يخرجوا واحد ورا التاني.
خرجت أنا كمان، وكنت مخنوقة جدًا من اللي حصل، طلعت من باب المركز، ومشيت...  لقيت محل عصير قريب، قلت:
الواحد دمه اتحرق، أشرب حاجة تروقني   ، دخلت، طلبت عصير ليمون بالنعناع.
افتكرت ماما لما كانت بتعمله لي لما أكون مضايقة... دمعة نزلت من عيني، مسحتها بسرعة... بس كان فات الأوان، لقيت نفس الشاب واقف مع أصحابه، بيبص عليّا.
دورت وشي الناحية التانية بسرعة، وعملت نفسي مأخدتش بالي.

وأنا بشرب العصير وسرحانة... قرب مني ولد، وقال:
"ممكن كلمة يا آنسة؟. 
انتبهت، وقلت:  اتفضل، نعم؟

رد وقال:  "إنتي شجاعة جدًا على فكرة... تعرفي إن المستر اللي هزّأتيه ده يبقى المدير؟

رديت:  وإيه يعني؟ مدير على نفسه!  ، بابا علّمني أقول الحق ولو على رقبتي.

الشاب ده كان متابعني بعينيه، واضح إنه سمعني... ابتسم لما خلصت كلامي.. 
قرب مني، وحط إيده على كتف الولد اللي كان بيكلمني، وقال: إيه يا حسن؟ قلت هتجيب عصير، واقف يعني؟!  . 

حسن: أبدًا يا عم... حبيت أتعرف على الأنسة مش أكتر.

الشاب: طيب روح يا حسن، هات اتنين عصير، وتعالى نقعد شوية.

مشي حسن من قدامنا...  بصلي الشاب ده وقال: أنا مازن... وإنتي اسمك إيه؟. 

رديت وأنا مكسوفة:  شكرًا يا أستاذ مازن على موقفك معايا... أنا جويرية.

ابتسم وقال: العفو، متشكرنيش تاني!  ... وبعدين مستر رمضان ده مش نازللي من زور أصلًا." 😂

قلت له وانا حيرانة: متعرفش حد كويس يراجع معانا؟

رد: تعالي معانا مركز العلم النافع، في مدرس هناك صاحبي بيشكر فيه جدًا.
أنا هاخد الشباب ونروح، لو تحبي تيجي معانا تمام.

رديت بكسوف: لا، شكرًا، متتعبش نفسك... قولي بس العنوان والمعاد، وأنا هروح لوحدي.

اداني العنوان ورقم السنتر، وقال: بعد ساعتين هتبتدي المحاضرة.

شكرته، وقمت دفعت الحساب، ومشيت... أخدت تاكسي ورُحت السنتر.

حسن: إي يا برنس؟! هي الصنارة غمزت ولا إيه؟. 😏

ضحك وقال: والله إنت فايق ورايق يا حسن! دي زي أختي يا ضاااض 😂.

حسن: آه أختك... عشان كده وزعتني ياض!

مازن: مش بقولك فايق ورايق... تعال نطلع على المركز نلحق مكان قدام قبل ما يتزحم. 

وصلوا المركز، وشوية وجي المستر، وبدأ يشرح بأسلوب بسيط وسلس، وكان كل شوية يسأل لو حد مش فاهم حاجة...  وبعد شوية خلصنا، وكل واحد خرج من القاعة.

الدنيا ليلت، وأنا كنت خايفة أركب تاكسي في وقت زي ده، فقررت أتمشى للبيت.
بعد مسافة مش كبيرة، لقيت حد بينادي عليّا... وقفت وبصيت... لقيت مازن جاي بيجري، وقف ياخد نفسه وقال:

أنا آسف لو خضيتك، نسيتي تاخدي الملزمة، فقلت أجبها لك بدل ما ترجعي تاني.

قلت له: شكرًا لحضرتك جدًا، أنا فعلًا كنت مستعجلة عشان الليل ليل.

قال: طيب ليه ماشية على رجلك؟ اركبي تاكسي أحسن، هتوصلي بسرعة... وبعدين زمان أهلك قلقانين عليكي.

قلبي وجعني بعد كلامه ده، رديت وأنا بجاهد أبان طبيعية، وقلت:
معتقدش إن في حد ممكن يستنى رجوعي ويقلق عليّا.

بصلي باستغراب وقال:  إزاي؟ أكيد باباكي ومامتك وإخواتك قلقانين عليكي! 
ما تقوليش كده، حتى لو في بينكم خلافات، ده ميمنعش خوفهم عليكي أبدًا.

دموعي نزلت غصب عني وقلت: مفيش خلافات ولا حاجة... دول بيحبوني جدًا، وأنا كمان بحبهم.

بعد ما شاف دموعي زادت حيرته، وقال: طيب ليه بتعيّطي بس!؟ أنا آسف... طيب لو ضايقتك في حاجة؟. 

مسحت دموعي بكم إيدي وقلت: لا أبدًا، مفيش حاجة... أنا لازم أمشي بعد إذنك.
سبتني ومشيت، وأنا واقف مستغرب... ليه الدموع دي؟... ليه دايمًا حزينة؟
وازاي مفيش حد هيستناها زي ما بتقول، وهي بتقول إنهم بيحبوها؟!

فضلت ماشي وراها، وأنا أصلاً أول مرة أمشي ورا بنت.
لقيتها وقفت مكانها شوية وبعدين قعدت على الأرض!...  قلبي وقع لما شفتها كده، وجريت عليها أشوف مالها.

كنت ماشية ودموعي سبقاني، وكأننا في سباق مين يوصل الأول.
كلام مازن فتح جرحي تاني...
اتمنيت لو أموت وأرتاح من الوحدة دي، ومن نظرات الشفقة اللي بشوفها في عيون الناس...  افتكرت محصل الكهربا الحيوان ونظراته ليا، وقلت في نفسي:
وبعدين يا دنيا؟ هتوريني إيه تاني؟ أنا تعبت من غيركم.

حسيت نفسي بيضيق بيا...  وقفت شوية أحاول أتنفس، وبعدين حاسة إني هيغمي عليّا....  قعدت على الأرض بسرعة وبصيت حواليّا يمكن ألاقي حد يلحقني...
بس مفيش حد كان موجود خالص... استسلمت للسواد اللي حاوطني... ومحستش بأي حاجة تانية.

وصلت عندها بسرعة وأنا خايف عليها، وقعدت جنبها.
لقيتها بيغمى عليها!  ...  حاولت أفوقها، معرفتش... طلعت فوني واتصلت بالإسعاف، رد عليا واحد وقال إنهم جايين حالًا.
قفلت معاه، وشلت الفون في جيبي تاني، وكنت بكلمها لعلها تسمعني وتفوق.

قلت: آنسة جويرية، إنتي سمعاني؟ فوقي، الله يخليكي... آنسة جويرية، قومي طيب... اديني أي إشارة لو سمعاني طيب.

ملقتش منها رد...
فضلت أدعي ربنا إنها تكون بخير، ولقيت الإسعاف وصل...  شالوها، ودخلوها العربية، وواحد سألني: يه اللي حصل بالظبط علشان نلحقها قبل ما نوصل المستشفى؟"

رديت: مش عارف... كانت كويسة، وحضرت معايا المحاضرة، وبعدين مشيت وراها لما رفضت تركب تاكسي، لقيتها وقفت، وبعدين أُغمى عليها.

الراجل بصلي بشك وقال:  انت  تقربلها إيه؟

قلت:  زميلها في المدرسة... إحنا في ثانوية عامة.

حسيته بيتهمني بنظراته، كأني عملتلها حاجة!  ..  فقلت أدافع عن نفسي قلت:
بلاش نظرات الاتهام دي، وبعدين لو أنا عايز أأذيها كنت هرن عليكم ليه؟
وكمان أنا واقف قدامك... لو عملت حاجة فيها، كان الأفضل إني أهرب!..  . 

كانت في بنت معاه، شكلي صعبت عليها، فقالت: خلاص يا سامح، هو معاه حق... والبنت لما تفوق تقولنا هو مين.

وصلنا المستشفى، شالوها على الترولي، ودخلوها جوه... بعد شوية طلع دكتور وسأل على حد من أهلها..  رديت عليه وقلت:
انا معرفش أهلها، أنا زميلها... هي مالها يا دكتور؟

رد بعملية: عندها هبوط، وضغط الدم ارتفع جامد... كويس إنك جبتها بسرعة.

قلت: طيب... هي عاملة إيه دلوقتي؟

قال: الحمد لله، بقت بخير. هتخلص المحلول وتقدر تروح... بس تتغذى كويس، واضح إنها بقالها فترة مهملة في صحتها.

شكرته، ومشي....  فضلت قاعد بكلم نفسي: أكلم حد من أهلها طيب؟
مسكت شنطتها، وفتحتها... طلعت الفون، ومكنش عليه رمز! حمدت ربنا.
دورت على رقم باباها أو مامتها أو إخوتها.... لقيت رقم باباها... رنيت عليه، اداني غير موجود بالخدمة... جربت رقم مامتها... نفس الحكاية.

دورت على رقم إخواتها... ملقتش خالص!...  قلت في نفسي:
"معقول ملهاش إخوات؟ طيب أكلم مين أنا دلوقتي بس يا ربي؟!"

بعد كذا محاولة، لقيت رقم متسجل باسم "عم محمد – صاحب بابا".
أخدت نفس، ورنيت عليه... مرة واتنين، ومفيش رد... كنت هاقفل بيأس، لكنه رد وقال:
اهلا يا جوري! وحشاني يا بنتي... بقالك فترة مش بتمري عليّا في المحل."

قلت له: السلام عليكم...    . 

رد بصوت خايف:. وعليكم السلام... مش ده رقم جوري؟! إنت مين يا بني؟

قلت: أيوه هو، يا حاج... جوري تعبت، وهي في المستشفى.
رنيت على حد من أهلها، كلهم مشغولين أو مقفولين، ملقتش غير رقمك أكلمه.

قال: أنهي مستشفى يا بني؟ أنا جاي حالًا.

بعد شوية، لقيت راجل كبير جي، بينهج، وبيسأل على جوري:
"إنت اللي كلمتني يا بني؟ جوري فين؟!"

قلت له: ايوه أنا... إهدا يا حاج، جوري في الأوضة دي.
الدكتور قال ضغطها عالي وجالها هبوط... وأنا اللي جبتها هنا.

رد عليا بحزن وقال: تشكر يا بني... أنا داخل أطمن عليها... 
سابني ودخل....  كنت همشي، لكن استغربت لما ملقتش حد من أهلها جي.
فكرت إن عم محمد هيكلم باباها، وقلت أستناه وأعرف منه قبل ما أمشي.

بعد شوية، طلع وقال:
تقدر تروح يا ابني، تعبناك معانا... أنا هروّحها لما تفوق.

رديت عليه وقلت:
مفيش تعب ولا حاجة، يا راجل يا طيب... بس ممكن سؤال؟

قال: اسأل.

قلت:  فين أهلها؟ إزاي باباها ومامتها يسيبوها كده، ومايتصلوش حتى يطمنوا على بنتهم؟! للدرجة دي في مشاكل بينهم؟!

ابتسم وقال: ما تظلمهمش يا بني... دي كانت نور عينهم والله... بس النصيب.

قلت: مش فاهم... يعني إيه؟

رد بحزن:  أبوها مات من ست شهور، ومامتها ماتت من شهرين... وملهاش إخوات ولا قرايب....  ملهاش إلا ربنا.

وقفت مذهول... دموعي نزلت... مش عارف أقول غير: أنا آسف.

قرب مني، وطبطب على كتفي، وقال: حصل خير يا بني... كتر خيرها، بتحاول تعيش، لكن مهملة في صحتها جدًا للأسف... ربنا يرحمهم.

قلت:  اللهم آمين، يا رب العالمين. 

فضلت قاعد معاه، وكان بيحكيلي قد إيه باباها كان راجل متواضع وطيب، مات في عز شبابه، كان عنده ٣٩ سنة.
ومامتها مستحملتش تعيش من غير جوزها، كانت بتحبه جدًا، وهو كمان بيحبها، ماتت وراه بـ٤ شهور...وسابوا جويرية لوحدها.

افتكرت لما زعقت لمستر رمضان لما غلط في أهلها...وعرفت دلوقتي ليه كلمته بالشكل ده.

بعد شوية، جوري فاقت...
وراحت مع عم محمد، وأصر إن مازن يركب معاهم ويوصلهم.

                      الفصل الثاني من هنا
تعليقات



<>