رواية اوجاع الروح الفصل الواحد والعشرون21بقلم فاطمه فارس
عند جوري في الشقة....
جوري دخلت شقتها ونسيت تقفل الباب من شدّة التوتر. رجّعته بس، ودخلت الحمّام تاخد شور تهدي بيه أعصابها.
حمزة كان جاي يطمن عليها، ولما وصل لقى الباب متوارب. خبط بلطف ودخل، ونادى:
– "جوري؟"
لكنها ما سمعتهوش. دخل بهدوء، وقفل الباب وراه، وخبط على أوضتها، ما فيش رد. قلق وفتح الباب، لقى الأوضة فاضية. وهو بيهمّ يخرج، سمع صوتها من الحمام:
– "يا ماماااا، حد يلحقني!!"
خاف يكون حصلها حاجة، وفتح الباب بسرعة... اتفاجئ بيها واقفة، لافّة نفسها بفوطة، وشعرها المبلول نازل على ضهرها، وظهرها ليه.
قرب بسرعة وسأل بقلق:
– "انتي كويسة؟"
جوري اتفاجئت، ولفّت بسرعة، رجليها اتزحلقت، لكنه لحقها وسندها.
اتقابلت عيونهم للحظة، وقلوبهم كانت بتدق جامد .
قالت بخجل:
– إنت دخلت هنا إزاي؟ غمّض عينك يا حمزة!
ضحك وقال:
– اهدي بس، شيلي إيدك من على عيني عشان أعرف أخرج.
جوري بتوتر وصوت غاصب:
– لا، مش هشيلها! ده أنا هولع فيك دلوقتي.
ضحك وقال:
– أنا مش هرد... بس وافقي تتجوزيني وهنبقى تمام.
شدّته وهي لسه حاطة إيديها على عينه، وطلّعته برا الحمام، وقفلت الباب في وشه وهي بتقول:
– مجنون... بس بحبه.
حمزة من برّه:
– سمعتك على فكرة! كنتي بتصوتي ليه أصلاً؟"
جوري بتوتر:
– كان فيه صرصار كبير قوي.
حمزة بمشاكسة:
– طب افتحيلي أدخل أنقذك.
جوري:
– لا شكرًا، خلّيه يخرج لوحده!
سكتت لحظة وقالت:
– "حمزة؟"
حمزة بصوت كلة حب وحنان:
– يا عيون حمزة.
جوري:
– ناولني اللبس اللي على السرير... عشان انا نسيته.
حمزة بهزار:
– ما تطلعي تاخديه انتي؟
جوري بصوت حاسم و متوتر:
– حمزة بقى! بالله عليك.... .
حمزة ابتسم وقال:
– حاضر، بس هستناكي في الصالة، وعايز أكلمك في موضوع مهم.
***
ناولها اللبس، وقعد في الصالة مستني.
بعد شوية، خرجت جوري لابسة فستان بسيط وطرحة، ريحتها كانت هادية وحلوة. قربت منه، وسألته:
– سرحان في إيه؟
حمزة بصلها بحب. كانت جميلة جدًا، وريحتها تجنن. قام وقف، قرب منها، وهمس عند ودنها:
– بتداري خصل الحرير دي مني ليه؟ مش أنا جوزك برضه؟ من حقي أشوفك بيها.
وفكّ الطرحة، وشال التوكة، وبدأ يلعب في شعرها.
جوري اتكسفت جدا منه وقالت:
– حمزة... كده مش صح.
حمزة بصلها بنظرات حب وقال:
عملتي فيا إيه يا جوري؟ خلتيني مش قادر أشيل عيني من عليكي.
جوري بتوتر:
– احم... طيب سيبني... عشان... هو... بص يعني.
حمزة بضحك:
– "مالك بتتهتّي كده ليه؟"
---
جريت على المطبخ تحضّر عصير، بس إيديها كانت بتترعش. ساعدها، وقعدها بلطف وقال:
– اشربي العصير واهدي.
بعد ما شربت، قال:
– انتي خايفة مني كده ليه؟ مش ناوي أضغط عليكي، بس نفسي أعيش معاكي بجد. نكمل اللي بدأناه، تحت سقف واحد، بحب واحترام.
قالت بخجل:
– أنا لسه قدامي تعليم... مش جاهزة أوي.
– وأنا معاكِ، هسندك في كل خطوة. بس فكّري، لو جينا نعيش سوا دلوقتي، هنرتاح أكتر.
من حقي أشوف مراتي كل يوم.
وقبل ما يخرج، قال :
– تاني مرة خلي بالك من الباب... الحمد لله أنا اللي دخلت مش حد تاني...
وبلاش البرفيوم وانتي طالع فوق، عشان انا بغير ها.
جوري بتوتر:
– حطيته عشانك بس..."
حمزة بضحك:
يسلملي العاقل.
جوري بصتلة بتردد و قالت:
– حمزة... انت زعلت مني؟
قرب منها وقال:
– لا يا جوري، بس عايزك تحسي بيا زي ما أنا دايمًا حاسس بيكي.
جوري بهروب:
-هفكر و هرد عليك.
حمزة خرج من الشقة، بس صوته لسه بيرن في ودانها... وهي لسه محتارة، بين قلبها اللي عايز يطيرله، وعقلها اللي بيقولها استني.
*****
طلع السلم وهو بيدندن بصوت واطي:
– "أموت أموت في الضحكة دي... أموت أموت في الرقة دي."
منه قفشته وهو داخل بيغني، وقالت وهي بتضحك:
– "الله يسهلك يا عم... استفردت بالمزة تحت يا ض."
حمزة بضحكة خفيفة:
– "اسكتي يا بت، هتفضحينا، الله يخرب بيتك... انتي إيه اللي جابك عندنا؟ مش اتجوزتي وارتاحنا من غلاستك؟"
منه وهي بتحط إيدها على صدرها بتمثيل درامي:
– "آه يا بوبي، بتطردني من بيتي؟! وأنا اللي كنت ناوية أكلم جوري، وأحنّن قلبها عليك، وأخليها توافق على الفرح! وانت عارف منوش لما تحط حاجة في دماغها بتعملها... بس خسارة فيك."
حمزة وهو بيبتسم ويمسك خدودها بلُطف:
– "منوشة قلبي يا ناس! أحنّ أخت وأجدع واحدة!"
وكمل:
– "هتعملي الصح مع أخوكي حبيبك، مش كده؟"
منه بضحكة خبيثة:
– "تدفع كام وأقنعهالك؟"
حمزة وهو بيهزر:
– "مادية حقيرة."
منه بهزار :
– "سمّعني كده... قلت إيه؟ مسمعتش!"
حمزة وهو بيضحك وبيحاول يفلت منها:
– "قلت اللي انتي عايزاه... يا أختي يا حبيبتي."
منه بفخر وغرور مصطنع:
– "أيوه كده... خلاص، سبها على الله وعليا، وأنا مش هروح النهاردة غير وجوري مقتنعة."
---
بعد ما اتغدوا سوا في جو أسري دافي، البنات طلعوا فوق عند مرام،
وكانت كريمة قاعدة مبسوطة وفرحانة إنها شافت عيالها مبسوطين، بس جواها أمنية تانية لسه ما اتحققتش.
بصّت لأحمد وقالت له بابتسامة هادية:
– "بقولك يا أحمد، ما تكلم ابنك، وتشوف ناوي يدخل إمتى؟ نفسي أفرح بعياله هو كمان."
أحمد رد وهو بيهديها:
– "سيبي العيال يحددوا فرحهم من غير ضغط يا حبيبتي.
ده جواز، ولازم كل واحد يبقى مستعد للخطوة دي كويس، قبل ما ياخد أي قرار.
وهما قريب إن شاء الله هنفرح بيهم."
كريمة خدت نفس عميق، ولسه الدعوة في قلبها:
" يا رب، فرّحني بولادي كلهم."
*****
في الوقت ده، حمزة وحاتم ومهاب نزلوا يتمشوا شوية على رجليهم.
مهاب قال وهو بيضحك:
– "أنا مروان مجنني، مش عارف أتلم على مراتي بسببه... تقولش متسلط عليا!"
حاتم دخل في الخط وهو بيضحك:
– "مين سمعك! ده أنا كل ما أجي أقرب من مرام، زين يعيّط، وأنا كمان بعيّط والله!"
حمزة ضحك وقال:
– "ربنا يعينكم... الحمد لله إنّي لسه متجوزتش، كنت هقعد أندب حظي زيكم."
مهاب ضحك وقال:
– "طب على الأقل كل واحد فينا بينام في حضن مراته، مش زيك لسه حاضن الوسادة الخالية."
حاتم بهزار:
– "بس يا مهاب، الواد على آخره... متسخنهوش عليها!"
حمزة ضحك وقال بتحدي:
– "عارف إنكم غيرانين مني... بس كلها أيام، وأنام في حضن حبيبتي، وأغيظكم يا جزم!"
عند البنات، مروان وزين كانوا نايمين خلاص، والجو بقى هادي.
مرام بصّت عليهم وضحكت وهي بتقول:
– "حبيب ماما نام أخيرًا... من يوم ما اتولد وحاتم غيران منه، ونفسه يوزّعه بأي طريقة!"
منه دخلت في الكلام وهي بتضحك:
– "أمال أنا أعمل إيه؟ مروان مطلّع عين مهاب، وأول ما نيجي ننام ونطفي النور نلاقيه بيعيّط ويقول: عايز أنام معاكم.
ومهاب بقى عايز يرميني أنا وهو من الشباك!"
البنات انفجروا ضحك، والدنيا كانت خفيفة ودمها خفيف، لحد ما منه بصّت على جوري وقالت لها بحنية:
– "وانتي بقى يا خايبة... مش ناوية تتجوزي في سنتك دي؟ الواد هيطير منك يا بت!"
جوري ردت بخجل:
– "آه آه... إن شاء الله."
مرام قالت بضحك مستفز:
– "ياختااااي، انتي لسه بتتكسفي؟! وبقالك سنتين مكتوب كتابك؟!
الله يكون في عونك يا حمزة."
منه ضحكت وقالت:
– "بس يا مرام... سيبيها تتدلع شوية قبل ما تشيل الهم زينا.
بس متندميش بقى... لو واحدة لفّت على جوزك وعلّقته بيها وانتي مش واخدة بالك!"
جوري قالت بخوف:
– "انتوا بتهزروا، صح؟ مستحيل حمزة يعمل كده!"
مرام كانت جد المرة دي، وبصّت لها بتركيز وقالت:
– "إحنا فعلًا بنهزر يا جوري...
بس ده ميمنعش إن حمزة راجل، وكل يوم بيشوف الدنيا بعينيه...
اللي لابسة ديق، واللي لابسة قصير، واللي ماشية كأنها طالعة من إعلان...
وأكيد بيجيله في المستشفى بلاوي!
وهو لو غض بصره مرة واتنين، التالتة ممكن تكسره يا جوري.
الراجل طول ما هو شبعان، عمره ما يبص للحم رخيص.
فهمتي؟ ولا أوضح أكتر؟"
منه قالت بتأكيد:
– "ربنا اللي يعلم إننا بنحبك وبنتكلم معاكي كأخت صغيرة.
حمزة مش بيتكلم، بس أكيد بيلمح لك من بعيد. صح؟"
جوري سكتت، وافتكرت لما قالها:
– "حسي بيا وبمشاعري، زي ما أنا مقدر خوفك وبحترم قرارك."
وساعتها قلبها اتخض، وقالت في نفسها:
"معقول؟ معقول حمزة يشوف بنات مش كويسة ويتكلم معاهم؟
لا، مستحيل...
بس هم خوفوني...
أعمل إيه بس يا ربي؟"
*****
مرام قامت تشوف زين لما عيّط، ومنه قربت من جوري، وكانت عارفة هي بتفكر في إيه، وقالت لها بهدوء:
– "بُصي يا جوري... أنا كنت زيك كده، خايفة ومتوترة من مهاب، ومش عارفة آخد القرار.
لحد ما قلت لنفسي: إزاي هو بيحبني وبيعمل المستحيل عشان يرضيني، وأنا مش قادرة أفرّحه؟"
سكتت شوية، وبعدين ابتسمت بحنية وكملت:
– "تعرفي؟ كنت هبلة وعبيطة... آه والله.
دلوقتي لو الزمن رجع بيا لورا، مكنتش ضيّعت لحظة من غيره.
مهاب بقى كل حاجة حلوة في حياتي... لا، ده بقى نفسي وروحي وعشقي وكل دنيتي.
صدقيني يا جوري، حمزة هيسعدك، وبُكرة تيجي تشكريني."
جوري ردّت بخجل:
– "أيوه بس... أنا لسه عندي دراستي، وخايفة أتهاون فيها بسبب الجواز."
منه قالت بثقة وابتسامة:
– "مستحيل حمزة يسمح إنك تكسّلي أو تتهاوني.
يعني جوزك دكتور! وخايفة؟ ده انتي محظوظة بيه والله... سبيها على الله."
جوري بهدوء وكسوف:
– "ونِعم بالله... خلاص، بعد ما أخلص السنة دي، إن شاء الله."
منه بضَحِك:
– "يا شيخة! انتي في أجازة نص السنة!
يعني فيها إيه لو اتجوزتوا دلوقتي؟"
جوري بإقناع:
– "ده كلها أسبوع وهرجع الجامعة، ومش هعرف أرتب أموري.
إنما لو في الأجازة الكبيرة، هكون مرتاحة أكتر."
منه ضحكت وقالت:
– "خلاص، على راحتك يا عروسة... يعني أبلّغ الواد إنك وافقتِ؟"
جوري بتهوّر لطيف:
– "لأ، أنا اللي هقوله في الوقت المناسب."
منه غمزت وقالت:
– "ماشي يا ستي... جو رومانسي بقى وكده؟"
جوري ضحكت وقالت:
– "أنا أعمل كده؟"
منه ردّت بسرعة:
– "آه عادي! مش جوزك؟ حلالك!"
جوري اتكسفت وقالت:
– "بس لسه الفرح... إزاي جوزي يعني؟"
منه بضَحِك:
– "لا، انتي محتاجة قعدة لوحدينا.
تعالي ننزل عندك، وأنا هفهمك كل حاجة."
*****
استأذنت من مرام، وخدت جوري ونزلت معاها.
دخلوا الأوضة، ومنه فتحت الدولاب وقالت:
– "بُصي... عادي جدًا تقعدي قدامه ببيچامة، سيبي شعرك، ماتخافيش تظهري أنوثتك قدامه.
بالعكس، هو بيحب يشوفك على طبيعتك.
اضحكي، وهزّري، وخدي وادي معاه في الكلام...
البسي حاجة شيك، تبيّن جمالك من غير ما تحسي إنك مكسوفة منه... هو جوزك يا بنتي!"
بصّت لها بحنان وكملت:
– "ادلّعي عليه... ناديه باسم خاص بيه، مفيش حد غيرك بيقوله.
اطلبي منه تخرجوا تتعشّوا سوا، روحي له الشغل وخدي له الغدا بنفسك.
شغّلي أغنية رومانسية وارقصوا سلو...
قوليله: كلّمني عن يومك؟
وانتي كمان احكيله عن يومك...
قوليله: وحشتني، نفسي أشوفك.
هتلاقيه سايب كل اللي في إيده وجاي يجري!"
جوري قالت بخجل:
– "آه... بس أعمل إيه بقى قبل ما نتجوز؟"
منه بصّت لها بنظرة مليانة ثقة وقالت:
– "جربي تلبسي كده، وبصي لنفسك في المراية قبل ما تقابليه."
جوري دخلت لبست، وخرجت.
منه عملت لها تسريحة حلوة، ونزلت لها قُصّة، وحطّت لها ميكاپ خفيف، وبعدين قالت:
– "لما ييجي، قوليله قرارك.
اقعدوا مع بعض، اتفرجوا على فيلم، وقضّوا وقت لطيف."
جوري قالت بخجل:
"حاسّة إن الدريس ده ضيق سنة، صح يا منه؟"
منه ضحكت وقالت:
– "يا بنتي، وربنا ما عيب ولا حرام!
ده جوزك!"
---
منه سابتها ودخلت البلكونة، وكلمت حمزة وقالت له:
– "أهلاً يا بوص... العملية تمت بنجاح.
تعال بقى اسمع الأخبار بنفسك، مستنياك في شقة جوري."
حمزة بفرحة:
– "احلفي كده!"
منه وهي بتضحك:
– "طب وحياة أبو زَحلف اللي عمره ما بيحلف!"
حمزة ضحك وقال:
– "يعني الدنيا هتحلّو!"
منه:
– "آه."
حمزة قال بطريقته، وهو بيضحك زي محمد رمضان:
– "وهناكل سوشي في الجو."
منه فطست من الضحك:
– "آه يا واد... تعال قبل ما البت تغيّر رأيها."
حمزة بحب:
– "فوريرة... متتحركيش من عندك، وخليكي متحفّظة عليها لحد ما أوصل."
قفل معاها وهو طاير من الفرحة، وبصّ ليهم وقال:
– "أنا هخلع يا رجالة، سلام!"
حاتم سأله بفضول:
– "كنت بتكلم مين يا ض؟"
حمزة ضحك:
– "ميوشة قلبي يا عم... هكون بكلم مين يعني؟"
مهاب بصّ له بمكر وقال:
– "لااا... يظهر إن حبيبتي عملت معاك واجب، عشان كده بتدلّعها."
حمزة ابتسم وهز راسه:
– "آه... أحلى واجب."
حاتم قال وهو بيقوم وبيضحك:
– "طيب يا عم، خدنا معاك نروق على نفسنا احنا كمان."
راحوا مع بعض، ولما وصلوا عند شقة جوري،
منه فتحت الباب، وبصّت لهم بابتسامة شقية وقالت:
– "حمزة بس اللي يدخل... والباقي كله برا يا شباب، اتفضلوا اتبخّروا!"
