رواية حياة مهدورة الفصل الثالث3بقلم رشا عبد العزيز


رواية حياة مهدورة الفصل الثالث3بقلم رشا عبد العزيز
 

سنه تلت الأخرى وتتابعت سنواتها حتى وجدت نفسها قد بلغت أربعون عاما حدث فيها الكثير وتحملت هي لأكثر لكي تصل بإخوتها إلى بر الأمان فتخرج آسر من كلية العلوم ويعمل الآن في معمل أخصائي تحليلات طبيه وقد تزوج من زميلته منذ عام بعد قصه حب جميلة. وتخرجت حنان من كليه التربية وتعمل الآن مدرسه في أحدى المدارس الثانوية وقد تزوجت من صديق إسلام منذ ثلاثة سنوات ولديها طفله تبلغ عامين من عمرها

وها هي تقف الآن ترتب حقيبة سفر إسلام الذي تخرج من كلية الهندسة المعمارية وحصل على بعثه لإحدى الدول الأوربية ربما يكون سفر إسلام هو أقسى شيء حدث لها بعد فراق حسن الذي سافر مع زوجته ولم تره منذ ذلك الوقت

وقفت بالكاد تتمالك نفسها فلم يكن إسلام مجرد أخ كان سندا بالنسبه لها فرغم صغر سنه كان يقف معها ويشد من أزرها فكان اقرب اخوتها لها صديقها وكاتم اسرارها يشعر بها دون ان تتكلم ويعرف ماتخفي من نظرة من عينيها

لملمت أشياءه ليمر شريط تلك السنين أمام عينيها تتذكر كيف عانت من اجلهم وكيف تخلت عن ملذات الحياه في سبيلهم حرمت نفسها من أبسط الأشياء لإسعادهم وتوفير الراحة لهم 

تتذكر كيف حرمت نفسها من الطعام لإطعامهم ومن الملابس لتلبسهم حتى لا يشعرون  بالنقص امام أقرانهم كم كتمت آلام رقبتها المنحنية ليلا ونهارا من أجل العمل ولم تشكو لهم يوماً ألم ذلك القلب الذي غلفته الهموم 
وأرهقته نظرات الناس وكلامهم حتى أصبح مرهف كطفل وليد سريع البكاء
 
كم تمنت لو تستطيع الصراخ  أن تخبرهم انها لم تعد تستطيع التحمل لقد تعبت لكن حتى الصراخ كان محرم عليها لتكتم صرخاتها داخل صدرها صبرا
لتجد يد تربت على كتفها تخرجها من شرودها التفت لتجد إسلام يقف أمامها مبتسما
 
-أي يا منمن سرحانه في ايه  ياحبيبتي

-لا ياحبيبي مش سرحانه بس بفتكر ناقص أي كمان عشان ما تحتجش لحاجه ياحبيبي

امسك كف يدها يرفعه مقبلا إياه وقال ممتنا

-ربنا يحفظك لينا يا حبيبتي هتتفضلي شايله همنا كده خلاص يا إيمان ارتاحي أحنا خلاص بقينا رجاله

رفعت يديها تحتوي وجهه وتنظر له تخبره

-حتى لو بقيتو رجاله هتفضلو ولادي الصغار الي بحبهم وأخاف عليهم

قبل جبهتها  وقال لها:      (بقلم رشا عبد العزيز) 

-وأنتي  ها تتفضلي أمنا وتاج راسنا ياغاليا

-الله الله يعني على الغزل شوفت اهو سيبنا بره وعاملين يتغزلو في بعض

قالتها حنان الواقفه عند باب  الغرفه بجانب أسر الذي رد عليها مازحنا هو الآخر:

-ايوه يا حنون شفت مهو حبيب القلب والغالي مش احنا الغلابه
ضحكت أيمان على كلامهم ومشاكستهم لها فهم كانو دائما يلومونها بأنها تفضل إسلام  عليهم

-والله كلكم غالين ياولاد

-كلنا غاليين طب عيني في عينك كده يا ست إيمان

قالتها حنان وهي تقترب منها ليقترب أسر أيضا منها وما أن اقتربو حتى احتوى أسلام كتفها بيدها وقال لهم ينهرهم مازحا

-ولد انت وهي مالكمش دخل في حبيبتي محدش يضايقها

-نعم مهي حبيبتي أنا كمان أوعى كده

قال اسر ذلك وهو يزيح يده من على كتفها ويحتضنها هو احتضنته  إيمان وقالت وهي تحرك يدها على ظهره.

-ربنا يحفظكم ياحبيبي.

-وانا هما حبايبك وأنا لا؟

قالتها حنان هذه المره وهي تخرج أسر من أحضانها عنوه وتحتضنها هي لتبادله إيمان العناق فرحه بتجمعهم حولها وحبهم لها

-هو أنتو مخلصتوش جو الدراما الي انتو عايشين فيه فين الغدا أنا جعت؟

كان هذا صوت أمجد زوج حنان القادم من الخارج لتخرج حنان من أحضانها مستهجنه كلامه

-جرى أي يا أمجد مش أخوات وعايشين الحظه متقدرش تصبر شوية .

-طب يلا مش خلصتو اللحظة عاوزين نتغدا الراجل هيتاخر على طيارته.

سحبت إيمان يد شقيقتها نحو المطبخ لكي يعدو المائده التي التفت حولها يتناولون الطعام وهي تراقبهم

تدور عينها عليهم الواحد تلو الآخر لقد اصبح لكل منهم حياة خاصة به لتسأل نفسها ماذا عنها فهم كانو حياتها ماذا ستفعل بعدهم ؟

حان وقت الوداع كان يودع أخوته وعينه تراقبها تمسح دموعها خلسة حتى لاتقلقه اقترب منها ياخذها بين أحضانه يعلم انه حضن وداع،  الفراق ربما يطول فهو لايعلم متى يعود مرة أخرى احتضنته هي أيضا تشبع نفسها منه.  لتنهار مقاومتها  وتتساقط دموعها بين أحضانه أخرجها من احضانه يحتوي وجهها ويمسح دموعها

-حببتي ليه بتعيطي أنا هبقى اتصل واطمن عليك وأطمنك.

ثم حول نظره نحو اسر
 
-خلي بالك منها يا أسر مش هوصيك على إيمان

اقترب أسر منه يربت على كتفه مطمئنا

-ماتخفش يا إسلام إيمان في عنيا دي الغاليا

-خلى  بالك انت من نفسك أنا اسر وحنان معايا 
قالتها إيمان من بين دموعها مترجيه أيها.

-وابقى طمني عنك .

ابتعد عنها لكن يده لم تفارق يدها حتى وصل إلى الباب لتقول له

-استودعك الله الذي لاتضيع ودائعه .

ليردد هو نفس الدعاء ويقبل جبهتها ويرحل قبل ان ينهار أمامها تبعه اسر وأمجد يحملون حقائبه

عادت تجلس على اول مقعد قابلها بانهيار تشعر باليتم للمره ثانية اشفقت عليها حنان لتقترب منها تمسح على ذراعها

-خلاص يا إيمان خلاص ياحبيبتي   ان شاء الله يكون بخير ويرجع لنا بسلامه.

آومئت برأسها تتمتم

-أن شاء الله
*****************************************
شهر مر على سفر إسلام شعرت بها كأنها دهر من الزمن شعور بالوحده أصبح يخنقها لم يعد للحياه طعم من بعده حتى الطعام لم تعد تشعر بطعمه كمدمن سجائر فقد براعم تذوقه

دارت عينها في الشقة ترى الهدوء القاتل الذي سكن زواياها بعد أن كانت تعج بأصواتهم صراخهم لعبهم 
شجارهم كل هذا انتهى ولم تعد تسمع سوى صوت قلبها الذي ينبض وسط هذا السكون

أخرجها من هذا السكون صوت طرقات الباب لتتجه نحو الباب تفتحه

-مين؟

لكنها لم تجد رد واستمرت الطرق على الباب تملك الخوف منها لتعيد تردد السؤال

-مين؟

لكن لايوجد رد لتقرر ان تفتح الباب بحذر فتحت الباب لتجد من يدفعها ويدخل

-مفاجأه !!

وقفت إيمان تنظر له وتضربه على كتفه عده ضربات

-اخص عليك خضتني هي دي عمله تعملها يا أسر.

ليحتضنها رغم رفضها وانزعاجها منه وهو يضحك بشده

-منمن حبيبيتي الي واحشاني

لتولي شفتها بسخط وتقول له معاتبه

-وحشتك    كده برضو يا أسر أسبوع متجيش تسأل على أختك ليه
 
أخرجها من احضانه ورفع يده ينظر لساعته ويقول مازحا

-لا يا منمن الصراحه همه سبع أيام وعشر ساعات وخمس دقايق

لتحرك يدها مستنكره

-ولما أنت عارف مسألتش ليه؟

-حقك عليا يا حبيبتي والله عندي شغل ويدوبك النهاردة اجازه من المعمل جيتلك على طول

-ربنا يعينك ياحبيبي.

قالت إيمان ذلك وهي تهم بأغلاق الباب أوقفها أسر قائلا

-استني يامنمن .

خرج وعاد يحمل بعض الأكياس التي تحتوي على الفواكه والخضار

نظرت إيمان إلى مايحمل لتقول له بنبره لوم

-ليه كلفت نفسك ياحبيبي؟

 
-دي حاجه بسيطه ياحبيبتي.

حملت منه إيمان الأغراض وذهبت بها الى المطبخ وضعت الأغراض على الطاوله تنظر اليهم ولسان حالها يقول

-لو تعرف يا آسر ان مش محتاجه أكل أنا محتاجه وجودكم جنبي وأهتمامكم بيا أنا مش جعانه يا آسر أنا شبعانه وحده

أعدت له القهوه التي يحبها من يدها وخرجت من المطبخ تعلو وجهها ابتسامة وهي تتذكر احدى مواقفه مع أسلام عندما كانا يتسابقان من يصنع قوه تشبه قهوتها لذيذه لكن توقفت قدماها فجاه وتلاشت ابتسامتها ليعتصرها قلبها وهي تنصت لمكالمته مع زوجته

-يا مريم بقلك مع خالد شويه وراجع. يامريم أنا أيه  الي هيوديني عندها  خلاص يامريم كلها نص ساعه وراجع
مع السلامه
 
اغلق الهاتف وشرد قليلا عاد من شروده عندما وحدها تضع القهوه أمامه ليرتبك ويقول متلعثما

-تسلم أيدك يامنمن جات في وقتها

جلست إيمان بجانبه وقالت

-بالهنا والشفا ياحبيبي

رفع الفنجان يرتشف القهوه بتلذذ  حتى أنهى فنجانه ووضعه على الطاولة من دون أن يتكلم رتبت على كتفه تسأله

-مالك يا آسر؟

-ماليش يا إيمان.

-على إيمان يا آسر دا أنا الي مربياك وحافظك أتكلم ياحبيبي

التفت اليها وتنهد بوهن

-تعبان يا منمن.

-من أي ياحبيبي؟

أغمض عينيه بثقل ثم زفر أنفاسه بالم

-مريم يا إيمان مريم اتغيرت اوي وكأنها مش مريم الي حبيتها واتجوزتها  بقت بتقارن حياتنا بحياة صحباتها
فلانه خرجت خلينا نخرج وفلانه اشترت عاوزه اشتري زيها فلانه جوزها جابلها كده فلانه صيفت في المكان الفلاني.  مش مقدره إني إمكانياتي على قد الوظيفه والمعمل دا أنا مش قادر حتى أوفر

رتبت إيمان على ساقه. وقالت

-معلش ياحبيبي هي لسه صغيره وعاوزه تعمل زيهم وتتباها بلي بتعملهولها.

ليقاطعها باستنكار.

-يا إيمان دي طول النهار بتراقب استوريهات صحابها وبص فلانه بتعمل أيه وعلانه عملت أيه

بقت بتزعل من اقل كلمه وبنتخانق معايا عشان بقلها دي حكاياتهم وأحنا لينا حياتنا.

-معلش يا إسر هي كمان حامل وجايز نفسيتها تعبانه هورمونات حمل زي مابيقولوا.

نكس راسه يضعه بين يديه

-لا يا إيمان مش هي دي مريم الرقيقه الي حبتها فين مريم الي بتحب الناس دي حتى بتغير منك وبتخيرني.....

ليبتلع باقي كلامه  بعد ان ادرك خطأه

نظرت اليه وضيقت عينيها مستفهمه

-بتخيرك بيني وبنها؟

ظل أسر صامتا يلعن غبائه وتسرعه كيف يقول ماقاله لتكرر هي عليه السؤل

-أتكلم يا آسر بتخيرك بيني وبنها؟

لم يستطع الكلام ليومئ براسه فقط طبطبت  على كتفه وقالت

-أختارها يا آسر.

ليلتفت نحوها بسرعه ينظر لها  باستهجان ويقول بحده

-أنتي  بتقولي أيه يا أيمان   مش عارفه انتي  أيه  بالنسبالي انتى أمي يا إيمان مش هحطك في مقارنة مع أي حد انت نسيتي عملتي  أيه  لينا  أنا عمري ما هنسى يا حبيبتي.

أحنت راسها وقالت بصوت مهزوز

-اختارها  يا اسر هي أولى بيك هي عيلتك مراتك وأم ابنك.

قطب حاجبه يسألها مستنكرا

-أمال انت ليه ما اختارتيش عم حسن ؟

ابتلعت غصه مره وسؤاله يعيد فتح جراح الماضي التي ظنت ان السنين قد داوتها لو يعلم ان الزمن لوعاد لكانت تريثت في قرارها او  أعطت لنفسها ولحسن وقتا لإيجاد الحل تمنت أن تصرخ بوجهه وتقول لاتفعل مثل ما فعلت ربما تندم في المستقبل لكن لسانها تلعثم ونطق

-أنا حكايتي مختلفه أنتو بينكم طفل لازم تفكرو فيه وتحافظوا على علاقتكم ياحبيبي.

ثم لتحاول المزاح معه مخففه عنه قرصت وجنته وضغطت على أسنانها قائله:

-وبعدين حقها تغير في وحده جوزها قمر كده ومتغيرش ان حد يشاركها فيه.
 
ضحك على تصرفها ورفع يدها يقبلها

-ربنا يحفظك ياحبيبتي دا انت الي قمر وانا طالع لأختي والا انت ناسيه إني اكتر حد شبهك

-لا ياروحي هو أنا أطول أبقى عسل كده

تطلع اليها نادما ثم قال

-متزعليش من كلامي ومتزعليش من مريم هي  بس متاثر بصحابها .

أتسعت ابتسامتها رغم ماتشعر من آلام الذي تحاول اخفائه عنه ورتبت على كتفه

-مش زعلانه منها ياحبيبي ما تخافش هي لسه صغيره وعاوزه قلب جوزها يكون ليها لوحدها.

قبل جبهتها وقال مازحا

-بس هتفضلي يامنمن ساكنه قلبي مهما حصل دا أنتي الحب الأول.

لتلكمه على ذراعه بقبضت يدها بخفه وتقول

-يابكاش أنا الحب الأول برضو الله يرحم أيام التلفونات والدباديب .

ضحك الاثنان معا متذكرين تلك الفتره ليهب واقفا ويقول

-طب يا حبيبتي أنا همشي لو احتاجتي حاجه اتصلي بس
لتوقفه بحركه يدها

-استنى ثواني يا أسر.     (بقلم رشا عبد العزيز) 

-حاضر ياحبيبتي.

ثم دخلت غرفتها وعادت اليه تحمل نقود لتمسك يده وتضع النقود فيها ليندهش ويقول مستفهما

-أي دا يا إيمان؟

ضغطت على يده التي تحمل النقود بكلتا يديها وقالت بحزم

-دي فلوس ياحبيبي أنا مش محتاجاها.

حرك راسه رافضا بشده

-لا يا إيمان أنا مش هاخدهم دا تعبك كفايه الي عملتيه لينا.

لتشدد من الضغط على يده تحاول منعه من إعادة النقود وقالت ببعض الحده

-لو ما اخذتهمش هزعل منك وانت عارف زعلي يا اسر

اخفض عينيه مرتبك ثم عاد يرفعها ينظر لهذه الإنسانه

 التي تصرعلى التضحيه من اجلهم ولاتزال تفكر بهم وباحتياجهم أخذ النقود وقبل جبينها وقال:

-ربنا يحفظك لينا يا غاليه بس دي آخر مره تعملي كده والا لو تكررت أنا الي هزعل يا منمن.

اوميت برأسها توافقه ليرن هاتفه رفعه فوجد زوجته المتصله اغلق الخط خوفا من ان تتكلم بشي مزعج وتسمعها شقيقته انتبهت إيمان لفعلته لتعرف مغزاها فنغزها قلبها حزنا  وهي ترى شقيقها مشتت بينها وبين زوجته

-لو احتاجتي حاجه كلميني.

رحل لتغلق إيمان الباب خلفه وتستند بيدها على الباب كأنها تحاول ان تتمالك شتات روحها تنهدت بحزن كانت تعلم انها ستخرج يوما من حياتهم قسرا فسوف تلهيهم الحياه عنها شاءت أم ابت
************************************. 
قررت ان تزور شقيقتها اليوم فهي لم تلتقيها منذ أسبوعين لانشغالها بعملها وبيتها أخذت بعض الأشياء التي تحبها حنان واشترت بعض الحلويات التي تحبها كنزي ابنتها ذات العامين واتجهت نحو منزلهم

كانت حنان تسكن داخل  بيت مكون من ثلاث طوابق تسكن والدة زوجها في الأول وشقيقه في الثاني وحنان وزوجها في الثالث صعدت إيمان إلى بيت شقيقتها طرقت الباب لتفتح لها حنان تستقبلها بحفاوه

-منمن حبيبتي وحشاني.

-اهلاً ياحنون ياروحي انتي  كمان وحشتيني.

خرجت من أحضان شقيقتها لتهرول نحوها ابن شقيقتها كنزي ترتمي بين أحضانها لتحمّلها إيمان تقبلها قبلات متعددة على وجهاها ثم جلست تريها ما أحضرت لها والصغيره تبتسم وتصفق مبتهجه مع كل قطعة حلوى تخرجها إيمان من الكيس

 انشغلت كنزي بالحلوى لتحول إيمان نظرها نحو حنان تسألها

-أزيك ياحنون عامله أيه؟

تنهدت حنان بتعب وبدات تسرد لها كعادتها معاناتها مع حماتها وأخو زوجها وكيف يتدخلون في حياتهم
 
ويفرضون عليها وعلى زوجها الأوامر أنصتت لها إيمان تشعر بالحزن لحال شقيقتها لكنها هونت عليها وقالت

-معلش ياحبيبتي هي ست كبيره أعتبريها زي أمك.

-أمي إيه يا إيمان هي لوكانت أم كانت هتتعامل بنتها كده
ربتت إيمان على كف حنان الذي تمسكه بيدها

-معلش ياحبيبتي أستحملي عشان خاطر أمجد أمجد طيب وأبن حلال وبيحبك
 
امتعض وجهها وقالت بحده

-مهو كله بسبب أمجد هو إلي سامح لهم يدخلوا في حياتنا وكل ما بتكلم بيقول دول أهلي

-مهم أهله ياحنان وبيخاف على زعلهم.

-طب وأنا مبيفكرش بيا ليه ويخاف على زعلي زي مابيخاف على زعلهم؟

تنهدت إيمان باستياء وقالت

-ياحبيبتي انت مراته  يعني أكيد من حبه  ليكي بقيتي الأقرب فبيجي عليكي من عشمه يعني

ازداد حنق حنان من كلام إيمان لتقول ساخطه:

-يوووه يا إيمان أنت هتفضلي تدافعي عنهم أنا عرفاكي بتخافي من المشاكل أهو المشي جنب الحيطه والعيب وحسن الخلق الي ربيتينا عليهم هما الي خلو الناس تدوس علينا ومتعملناش حساب على رأي ملك اهو حسن الخلق بتاع إيمان هو الي خلاكي ضعيفه ومتعرفيش تجيبي حقك

اتسعت عيني إيمان غضبا وقالت مستنكره

-عمر الأخلاق ماضيعت حق حد ولا أنا لأزم أكون قليلة الأدب ولساني طويل عشان اجيب حقي اعقلي يا بنت ابويا واتصرفي بعقل حافظي على بيتك وبلاش تسمعي كلام صاحبتك الي مورها ش غير الزن وخراب البيوت

استمرّ نقاشهم مابين مد وجذب وغضب تاره وضحك تاره أخرى حتى سمعو طرقات على الباب.  لتذهب حنان تفتح الباب فتجد والدة زوجها تنظر لها بوجه عابس وهي تدخل إلى الداخل وتقول:

-اتاخرتي بالنزول ليه ياحنان انتي  مش عارفه أن النهارده اخوات جوزك متجمعين عندنا

خطت داخل الشقه لتقف فجاه عندما رأت إيمان لتلوي شفتها بسخط وتقول:

-اه هي إيمان هنا عشان كده منزلتيش ؟

لتقف إيمان ترحب بها

-اهلا يا أم أخالد أزي حاضرتك عامله إيه؟

-اهلاً معلش أصل عندنا عزومه النهارده وحنان كانت هتساعدني فيها

فهمت إيمان ماترمي له حماه شقيقتها لتهب واقفه وتهم بالرحيل

-لا أنا كمان كنت لسه هروح.

لتقف بجانب شقيقتها تحتضنها وتودعها

-على فين يا إيمان متخليكى  شويه؟

-معلش أصلي لازم اروح لمدام روز استلم الطلبات
لتقول والدة أمجد بسخرية.

-وأيه لازمته الشغل هتشتغلي  ليه ولمين انتى الي في سنك لازملهم راحه مترتاحي

حاولت حنان الرد لكن أمسكت إيمان بيدها تمنعها وتقول:

-أهو بشغل وقتي وبتسلى.

لتقول والدة أمجد

-اه ياعيني عليكِ الوحده صعبه.

اعتصرقلبها ألم وهي تسمع كلمات الساخره من تلك المراه لكنها احتسبت واجابت 

-الحمد الله
 
قالتها إيمان وهي تستدير تنوي المغادره  تبعتها حنان مودعه أياها  لتقف عن الباب تهمس لها

-ها يا منمن شفتي اهو دا نموذج من الي بسمعه منها طول الوقت

ابتسمت إيمان وقالت:

-معلش ياحبيبتي استحملي عشان خاطر جوزك وبيتك يلا مع السلامه

-مع السلامه يا حبيبتي

رحلت إيمان ظلت حنان شارده تتذكر كيف تعرفت على أمجد الذي كان صديق شقيقها ورغم أن زواجهم كان تقليدي إلا أن فتره الخطبه التي دامت سنتان كانت كافيه ليولد بينهم حب كبير فبراعم قلبها قد تفتحت على يده
وكان نعم الزوج والحبيب فقد كان يحبها ويحترمها ويهتم بها

وعاشت معه في بداية زواجهم حياة يملؤها الحب إلى ان بهت هذا الحب شيئا فشيئا منذ أن بدأ أهله التدخل في حياتهم

بحجه أن أمجد هو الولد الأصغر ويجب أن يسمع لهم فهم أكثر منه خبره في الحياه  بدأت تشعر بانها تفقد خصوصيتها حتى في بيتها فوالدة  زوجها تتدخل بأدق التفاصيل حياتهم

عادت من شرودها على صوت والدة زوجها  تناديها

-حنان يلا بينا معدش فيه وقت يدوب نلحق نكمل شغلنا
*************************'**********
خرجت من بيت حنان لاتدري إلى أين تذهب هامت تسير في الشوارع على اقدامها بدون وجهه محدده فقط وقت تقضيه لاتريد العوده إلى الوحده التي سئمت منها ظلت تسير في الشوارع وتفكر في أعمدت حياتها التي تسقط الواحد تلو الآخر  فسابقا إسلام والبارحه اسر واليوم حنان. كل له حياته التي أنشغل بها عنها لترن في عقلها
كلمات حسن ستندم وتبقى وحيده فهل صدق حسن هل هدرت حياتها  من اجلهم وضاع عمرها بلافائده
 
لكن مهما حصل هي لم تندم أنها وفت بعدها لوالدتها هكذا كانت تتصارع الأفكار في راسها وهي تسير 
على قدميها في الشوارع حتى شعرت بالارهاق

لتستند على جدران أحد المباني تمسح حبات العرق التي تكونت على جبهتها وتقف تلهث أنفاسها تبتلع ريقها الذي جف من حرارة الجو بدأت ترفرف بيدها امام وجها علها تكتسب نسمات بسيطه من الهواء لتستطيع المواصله
حتى جذب أنتباهها الإعلان المكتوب على أحد جدران المبنى أخذها الفضول لتقف تقرأ  مايحتويه هذا الإعلان
لتجده أعلان لمركز كبير يعلن عن دورات تقويه لتعلم اللغات ومن ضمنها اللغه الانجليزيه تلك اللغه التي طالما ودت تتعلمها لاتعلم ما الذي دفعها لتخرج هاتفها وتلتقط صوره لهذا الإعلان

******************************************

تتابعت أيامها متشابه وشعور الوحده زاد من رتابة هذه الأيام حتى شعرت في بعض الأحيان  أن الوقت يعاندها
فتأبى تلك الساعات أن تمضي

وقفت أمام المرآه تمشط شعرها لتجد تلك الشعرات التي شابت وأكتسبت اللون الأبيض متمرده على لون شعرها الأسود مررت يدها على وجهها تلاحظ  تلك التجاعيد التي بدأت ترتسم قليلا على أطراف عينها بشرتها الذابله لقد مر العمر بسرعة لتسأل نفسها لماذا لم تشعر بشبابها لاتتذكر حتى تلك الفتره كل ماتتذكره صراعها مع الحياه لتصل بأخواتها لبر الأمان

ثم سألها قلبها سؤال أين أنتي من كل ذلك أين أيمان من حياة  إيمان نفسها.    أخذت تفكر هل فات الأوان لتفكر بنفسها تعيش لنفسها هي وليس لغيرها لتلوح في راسها فكره وتتذكر ذلك الإعلان الذي رأته منذ أيام لماذا لاتجرب أن تفعل شيء لنفسها

في اليوم التالى  عزمت على الذهاب إلى ذلك المركز وصلت لتجده مركز كبير بحديقه كبير دخلت متوجسه إلى مكتب صغير بعد أن طرقت الباب لتجد شاب وسيم يبدوفي العشرين من عمره  أمامه جهاز كومبيوتر.   يدون شيئا عليه

-صباح الخير

رفع الشاب رأسه من الجهاز ينظر اليها بابتسامه ويجيبها

-صباح النور اتفضلي

وبخطوات مرتبكه تقدمت وجلست على الكرس امامه بعد أن أشار لها هو بذلك

-أقدر أخدمك أزاي.

-أنا قرأت أعلان عن دورات تقويه للغه الانجليزيه وكنت عاوزه سجل فيها

أجابها بعمليه

-أيوه فعلا أقدر أعرف أسم حضرتك

-إيمان منصور

-سن حضرتك؟

أحنت إيمان نظرها بضطراب تنظر ليديها المتشابكه على حجرها ليضحك الشاب ويقول مازحا

-اسف. أنتو الستات ما بتقولوش عمركم بس أنا طلبت أعرف عشان المستوى الي هنبدأ فيه
 
رفعت أيمان تنفي فكرته لتقول

-لا والله يا فندم بس أنا عمري أربعين سنه خفت اقول بعد ماشاب ودوه ألكتاب

ليستهجن هو لحديثها ويقول

-لا بالعكس التعلم ملوش عمر وبرافو عليكي أنك فكرتي تطوري نفسك هو حضرتك بتشتغلي أيه

هزت إيمان راسها نافيه

-أنا بشتغل شغل حرماعنديش وظيفه أصلي خريجه ثانوية عامه وماكملتش جامعة  بس كان نفسي من زمان أتعلم أنجلش

-برافو فكره حلوه يامدام

- أنسه.                              (بقلم رشا عبد العزيز) 
   
ضيق عينيه ودفعه الفضول ليسأل

-امال ليه اتاخرتي في الخطوه دي اسف لو سؤالي فيه تعدي على خصوصيه حضرتك

تنهدت بحزن واسبلت أهدابها متألمه من حواريذكرها بالماضي

-فيه ظروف منعتني أكمل دراستي او أتعلم لغه

علم انه قد ثرثر كثيرا وهي تريد ان تحتفظ بخصوصيّتها

-طيب مافيش مشكله.بس هنعملك اختبار عشان نحدد المستوى  وكمان أحنا عندنا عرض أنت ممكن تدرسي كورس أساسيات استخدام الحاسوب مع كورس اللغه لو حابه اصل فيه خصم كبير للدورات المزدوجه

ثم ناولها ورقه تحتوي كل المعلومات المطلوبه أمسكت الورقه تقراها ثم رفعت نظرها لتجده ينحني نحوها

 مبتسما يضع كف يده بجانب فمه ويهمس مازحا

-أنا هكون مدرب المستوي  الأول للكمبيوتر  عشان كده متحمس اجمع مجموعة كبيره

ضحكت على تصرفه كما ضحك هو عاد لوضعه لتقول له مازحه

-خلاص أنا موافقه عشان خاطرك بس خايفه لكون أنا التلميذه الوحيده

ليقهقه ضاحكا على حديثها

-متشكر يا تلميذتي الوحيد خلاص احنا هنبدأ كمان أربع أيام عاوزك تكوني ملتزمه وترفعي راسي

-حاضر يامستر

قالتها مبتسمه لهذا الشاب الذي يذكرها بشقيقها أسر ومزاحه

-باسم. اسمي باسم

-حاضر يا مستر باسم

************************************

وبدات حياتها تأخذ شي من التغير فقد وجدت هدف تسعى له مر شهر منذ التحاقها بالمركز احست فيها بنشاط كبير فقد كانت مجتهده  تلفت انظار أساتذتها بحماسها وخصوصا مس بسمه تلك المدربه التي تولت تدريبها

في المرحله الأولى من اللغه الانجليزيه ومستر باسم الذي أكتشفت بالصدفه انه شقيقها  الذي كان مسؤول عن تدريبها في المرحله الأولى للكمبيوتر

اليوم اجتازت مستوى المبتدأين في اللغه الانجليزيه وانتقلت لمستوى المتقدمين جلست تكتب بعض الملاحظات مبتسمه على الشي الذي جعل لحياتها لون جديدا ومختلف

حتى جاء ذاك اليوم الذي وجدت فيه من يقف أمامها ويقول

-صباح الخير

                الفصل الرابع من هنا
تعليقات



<>