رواية لهيب العشق الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم سيليا البحيري


 رواية لهيب العشق الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم سيليا البحيري
في صباح اليوم التالي ،  شقة أدهم في نيويورك، يجلس على شرفته يحتسي قهوته ويتأمل المنظر الهادئ، قبل أن يقرر الاتصال بشقيقته تارا في مصر. يضغط على اسمها في الهاتف وتبدأ الرنة. بعد لحظات، تُجيب تارا بصوت متحمس
أدهم (بهدوء وحنان):
صباح الخير يا حبيبتي عاملة ايه 
تارا (بضحكة متحمسة):
صباحك سكر يا دودي!
تخيل، شوفت إياد العطار النهارده... وابتديت أول خطوة في انتقامي
(أدهم يتجهم فورًا، ملامحه تتبدل من الابتسامة إلى الغضب الصامت)
أدهم (بصوت منخفض لكنه حاد):
تارا… أنتي بتقولي إيه؟ انتقام؟ من مين؟ من إياد؟ ليه؟  اياد عملك ايه 
تارا (بثقة):
معملش حاجة، بس هو ابنهم! ابن العيلة اللي سببت موت بابا وسرقت حياة ماما! وأنا مش هسكت 
أدهم (يرفع صوته لأول مرة):
تارا! لا!
أنا برضه بعتقد إنهم غلطوا بحق بابا وماما… بس الانتقام مش طريقنا
بابا لو كان عايش مكنش رضي  بتصرفاتك دي 
وماما؟ بتحبيها صح؟ طيب اسألي نفسك… هي كانت هتفرح  لو عرفت إنك  بتلعبي بقلب شاب بريء؟
تارا (تحاول التهرب):
بس أدهم… إياد عطار! ابن مهاب العطار! ما بيستحقش الشفقة
أدهم (بغضب عميق):
إياد  ذنبه إيه؟ لأنه ابن خالك؟ لأنه انولد  بالعيلة دي ؟!
مش إحنا اللي بنختار اهلنا، وي  ما إنتِ ما اخترتي تنولدي بنص العاصفة دي …
بس عارف  ممكن تختاري ايه؟ إنك توقفي السلسلة هاي!
الانتقام بيخليكي زيهم… ويمكن أسوأ.
(تارا تصمت للحظة، منزعجة من نبرة شقيقها، لكنها لا تُظهر التراجع)
تارا (ببرود):
أنا ما جبرتكش تمشي معايا… بس مش هتراجع
أدهم (بتنهيدة، وصوته مليء بخيبة الأمل):
كنت فاكرك أقوى من كده، تارا…
بس الظاهر إنك اخترتي الغضب بدل السلام.
بس تذكري… النار اللي ب تولعيها دلوقتي؟ أول حد هيحترق فيها هو إنتِ!
تارا (بهمس):
أنا… مش بعد كل اللي صار… مش بعد كل السنين دي .
أدهم (بياخد نفس عميق وبيقول بهدوء لكنه واضح):
خلاص يا تارا… أنا خلصت كلام.
وأقولك إيه؟ جه الوقت إني أرجع مصر
تارا (مصدومة):
إيه؟! إنت هترجع؟
أدهم (بحسم): آه، هرجع وهاخد ماما معايا كمان.
تارا (بقلق):
ماما؟! وهي ينفع تسافر؟!
أدهم (بحنان):
ماما محتاجة تبقى في وسط ناسها… في بلدها…
وأنا تعبت من الغربة. مش قادر أسيبها لوحدها هنا وهي مش قادرة تتحرك ولا تتكلم.
جه الوقت نرجع بلدنا ونواجه كل حاجة وشّنا في وشّها.
تارا (بصوت واطي):
بس يا أدهم… أنا بدأت اللي مشيت فيه… مش هينفع أوقف دلوقتي.
أدهم (بحزم):
خلي بالك من نفسك يا تارا… اللي بتلعبيه ده نار.
ومافيش نار بتمسك في الناس بس… دي بتولع في اللي ولّعها كمان.
أنا راجع… وعايزك تعقلي قبل ما يحصل اللي مش هيتصلّح
يغلق ادهم المكالمة و تارا تنظر للهاتف بشرود لكن سرعان ما تعود لغرورها  و تلتفت إلى المرآة، ترتب شعرها، وتلبس قناع الثقة مجددًا… ضاربة بكلام ادهم عرض الحائط 
*********************
فيلا عائلة العطار – صباح هادي، الشمس داخلة من الشباك، وإياد واقف قدام المراية بيعدّل شعره بعد ما صحى من النوم، لابس تيشيرت رمادي وبنطلون رياضي، ووشه فيه حيرة
يدخل أوضة الملابس، وياخد جاكت خفيف، ويرجع يبص لنفسه في المراية، ويكلم نفسه بصوت واطي
إياد (بنبرة حيرة):
هي البنت دي… تارا…
فيها حاجة مش مفهومة.
كلامها… ضحكتها… النظرة اللي في عينيها، كأنها بتتفرج علينا... مش بتتكلم معانا.
يسكت لحظة ويمشي شوية في الأوضة وهو بيحك شعره بيده
إياد (بكلام داخلي):
أنا إيه اللي عجبني فيها أصلاً؟!
ولا هو أحمد اللي خضني لما فضّل يرميلها كلام؟
هو كان بيهزر، آه… بس أنا اتضايقت… ليه؟!
يرجع يقعد على طرف السرير ويمد إيده ياخد موبايله، يقلب فيه بس مش مركز، يفكر تاني
إياد (بنغمة شك):
ما قالتش عن نفسها غير كلمتين، ولا عرفنا هي بنت مين ولا جت منين…
بس كانت عارفة إننا "العطار"!
يعني عرفانا، وإحنا ما نعرفهاش…
ده لوحده يقلق.
يقوم ويفتح شباك الأوضة، ياخد نفس عميق
إياد (وهو بيبص للسماء):
أنا مش مرتاح… بس في نفس الوقت، مش قادر أنساها.
نظرة عنيها وهي بتضحك… فيها حاجة…
حاجة بتشدني… وحاجة بتخوّف.
يرن موبايله، بيبص عليه، بيلاقي أحمد بيتصل، بيبتسم بخبث خفيف ويفتح الخط
إياد (مازحًا):
صباح الفل، يا ابن عمّي.
أحمد (من التليفون):
صباح الحُسن يا معشوق القلوب… صحيت؟
ولا لسه بتحلم بالبنت اللي خطفت قلبك في الجيم؟
إياد يضحك بخفة، بس مش قادر يخفي توتره
إياد:
يعني… مش عارف هي خطفت قلبي ولا دماغي!
بس البنت دي فيها حاجة… مش شبه حد.
أحمد (بمرح):
طب ما تيجي نعمل بحث عن أصولها، نعمل شوية مخابرات كده…
يمكن نكتشف إنها حفيدة أم كلثوم
إياد يضحك، لكن ملامحه ترجّع الجدية وهو بيبص بعيد
إياد (بهدوء)أحمد…أنا مش بهزر…أنا حاسس البنت دي جاية لحاجة… ومش جاية صدفة
***********************

إياد لسه واقف قدام الشباك، شارد، وفجأة الباب بيتفتح بسرعة وتدخل علا من غير ما تخبط، لابسة بنطلون جينز واسع وتيشيرت أبيض، وشعرها مربوط ووشها كله حماس وفضول
علا (بصوت منخفض ومتحمس):
إياد! إياد!
عاوزاك في موضوع مهم… جدًا!
إياد (بص لها باستغراب وهو بيقفل الشباك):
صباح الخير الأول يا هانم! إيه الهجمة المفاجئة دي؟!
علا (بتتجه ناحيته وتتكلم بحذر):
بص… فاكر امبارح لما اتكلمت عن الاوضة اللي محدش دخلها من يوم ما اتولدنا؟ اللي في جناح جدو محمود؟
إياد (بيفتكر):
آه… الغرفة اللي أبوكي كان هيأكلك لما جبتي سيرتها؟
وأنتي برضه، ما شاء الله، عندك موهبة فتح مواضيع ممنوعة في توقيتات غريبة.
علا (بتتحايل):
ما هو علشان كده جيتلك إنت!
أنا حاسة إن في سر…
سر كبير مخبيه العيلة…
والغرفة دي ليها علاقة بيه، وإحنا لازم نعرفه.
إياد (بتنهيدة):
علا… إحنا مالنا ومال ده؟
جدو واضح عليه إنه مش عاوز حد يقرب منها…
وأبوكي بصلك امبارح كأنك ضربتيه بالسكينة!
علا (بعناد):
بالضبط! النظرة دي هي اللي خلتني أصر أكتر!
ليه كل الناس بتتجنن أول ما نجيب سيرة الغرفة؟
أنا فضولي قاتل، يا إياد…
ساعدني ندخلها… بس نشوف بس، مش هنكسر حاجة.
إياد (بيبص لها باستغراب):
إنتي بتحضريلي مؤامرة؟
ولا ده عرض مغري عشان أروح أفتح أوضة مهجورة وأتسحب في الظلام؟
علا (بضحكة):
تعالى بس…
إنت أكتر واحد هادي وبتفكر بعقلك، وأنا محتاجاك عشان تمنعني أعمل كارثة… أو تشاركني فيها.
إياد يضحك رغمًا عنه، لكنه يفضل واقف متردد
إياد (بجدية أكتر):
طيب بصي… لو دخلنا ولقينا أي حاجة غريبة… أو صور قديمة… أو حتى اسم حد إحنا ما نعرفهوش…
نبقى نبدأ نسأل. بس لو لقينا الغرفة فاضية أو مقفولة خلاص… بنرجع من غير دوشة.
علا (بحماس)اشطا بس إنت اللي هتفتح الباب… عشان أنا قلبي ضعيف وممكن أصرخ!
يضحك إياد ويهز راسه وهو بيقول وهو خارج معاها من الأوضة
إياد:والله العظيم هتودينا في داهية يا علا… بس يلا، مغامرة الصبح دي محتاجة شاي بعديها
*********************

علا (بهمس conspiratorial):
طيب ماشي… خلينا ندخل الغرفة النهارده بالليل… لما البيت يهدى وجدو يروح ينام، والدنيا تبقى ضلمة وساكتة.
إياد (بيهز راسه):
بالليل أحسن… بس لازم نكون سريعين، وهادين…
وجاهزين للهروب السريع لو سمعنا صوت خطوات
علا (بضحكة):
إنت فاكرنا في فيلم جريمة؟ دي مجرد اوضة يا إياد مش سجن أبو زعبل.
إياد (نص ساخر):آه؟ لحد ما نلاقي فيها جمجمة ولا جواب قديم مكتوب عليه: "لمن يهمه الأمر، الحقيقة هتقتلكم".
علا (تتحمس فجأة):بقولك إيه… لازم نبلغ أحمد،
هو ملوش في التمثيل بس بيعرف يفتح أقفال بسن القلم، فاكر لما فتح درج بابا من غير مفتاح؟!
إياد (يضحك):
ده هيحولها لفيلم أكشن… هيجي لابس سترة سوداء، ونضارة ليلية.
علا (وهي بترجع لورا وبتبدأ تتحرك ناحية باب الفيلا):خلاص، إحنا التلاتة، الليلة الساعة 2 بعد نص الليل…
أنا هتظاهر إني راجعة من التصوير متأخر، وإنت قول إنك بتشتغل على مشروع للشركة…
أحمد؟ هنقول له دي مغامرة العمر وهو هيجي جاري.
إياد (بصوت منخفض وهو بيطلع موبايله):
هنعمل جروب على الواتساب نسميه "الغرفة رقم سري"؟
علا (بتضحك):يا سلام! ونحط صورة للباب المقفول!
بيضحكوا هما الاتنين، وفجأة صوت جرس باب الفيلا بيتفتح، وصوت الجد محمود بينادي إياد بصوته الجهوري
الجد محمود (من بعيد):إياد! يالا يا ابني، هنروح الشركة ولا هنقعد نحكي روايات؟!
إياد (بسرعة لعلا وهو بيتحرك)يلا أنا لازم أمشي النهاردة في اجتماع مهم، بس اللّيلة، الساعة 2… ما تنسيش.
علا (بغمزة):
ولا هنسى… ده أنا حاسة إني على أبواب اكتشاف هيغير حياتنا كلها!
*******************

في شقة تارا ، كانت تارا قاعدة على الكنبة، لابسة لبس بيت أنيق، في إيدها فنجان قهوة وعلى الترابيزة قدامها لابتوب مفتوح وورق كتير مبعثر، فيه صور مطبوعة لبعض أفراد عيلة العطار اللي قدرت توصل لهم، مكتوب تحت كل صورة ملاحظات بخط إيدها. على الحيطة خريطة صغيرة لعيلة العطار معلقة عليها خيوط وملاحظات
تارا (بتتكلم مع نفسها وهي بتبص في صورة إياد):
الراجل ده مش سهل…
بس كمان مش صعب السيطرة عليه…
واضح إنه محترم، بس نظرته ليا مش طبيعية…
يبدأ يعجب بيا؟ مفيش مانع…
بس اللي جاي أصعب يا إياد.
*(تبص في صورة أحمد ، وتضحك بخفة وهي بتكتب تحتيها):
"سهل الانقياد – ممكن أستفزه وقت اللزوم."
(تقلب في نوتة صغيرة كتبة فيها ملاحظات عن تعاملها مع كل فرد):إياد: هادي، محترم، لكن بيشك بسرعة.
أحمد: مندفع، شكله بيحب يتمنظر، ده هيكون طُعم سهل.
علا: لسه مش واضحة، بس شكلها دماغها نشيطة، لو قربت منها هتوصلني لمعلومة كبيرة.
تارا (بنبرة متمهلة):أنا معرفش هما مخبيين إيه في الفيلا،
بس أكيد في سر…
سر كبير…
وأنا بحب الأسرار، خصوصًا لما تكون جوه بيوت الناس اللي ظلموا أمي.
تقوم من مكانها وتبدأ تلف في الصالة بخطوات بطيئة، تفكر وتراجع الورق
تارا (تكلم نفسها وهي تبص في صورة قديمة لشيرين):
ماما…
هما نسيوكي…
نسيوا إن ليكي حق…
بس أنا مش نسيته.
أنا هرجعلك حقك، خطوة خطوة…
من غير ما حد يعرف أنا بنتك…
مش دلوقتي…
ترجع تقعد وتكتب على ورقة كبيرة بخط واضح
الخطوة الجاية:
– لقاء تاني مع إياد، بس في ظروف مختلفة.
– تقرّب من علا… يمكن تطلع مفتاح مهم.
– تجنب لفت الانتباه… لسه بدري على المواجهة.
تنهي المشهد بابتسامة خفيفة وهي تكتب آخر سطر في النوتة:
"اللعبة لسه في أولها… وأنا دايمًا بكسب."
*********************
شركة العطار – قاعة الاجتماعات – صباح – طاولة مستطيلة أنيقة، ملفّات مفتوحة، شاشة عرض خلفية
الجد محمود جالس على رأس الطاولة، أنيق كعادته، بنظرة صارمة وهدوء مخيف. بجانبه ادهم ومهاب، وعلى الجانبين أحمد وإياد، كل واحد منهم قدامه لابتوب وورق المشروع الجديد
محمود (بصوت هادي بس حاسم):
المشروع ده... مش مجرد توسّع،
ده هيبقى نقطة تحوّل في اسم "العطار جروب" في السوق.
المنطقة الجديدة محتاجة نوع مختلف من الإدارة… وده دوركم يا شباب
ادهم (وهو بيقلّب في الورق):
أنا شايف إن التصميمات الأولية ممتازة، بس لازم نراجع الميزانية تاني…
فيه بنود مش واضحة في تكلفة العمالة.
مهاب (وهو بيهز رأسه):
فعلاً، وأنا لاحظت إن الموردين لسه ما ردوش على العرض التاني،
ممكن يبقى فيه بديل أسرع وأرخص…
أنا هتابع معاهم النهاردة.
(أحمد يرفع راسه من اللابتوب بحماس شبابي): أنا عندي اقتراح نعمل حملة تسويق مبدئية،
نخلق ضجّة حوالين المشروع حتى قبل ما يبدأ.
الجيل الجديد بيتحمس للحاجة اللي بيحس إنها "تريند".
(إياد يبتسم بخفة لكن بنبرة جدية):وإحنا مش محتاجين بس ضجة، إحنا محتاجين ثقة…
الناس لازم تحس إن المشروع ده معمول عشانهم،
الخدمات، الجودة، كل تفصيلة لازم تكون مدروسة.
محمود يطرق بأصابعه على الطاولة وبيبص بإعجاب لإياد:
كلامك موزون يا إياد…
وده اللي دايمًا بيسعدني…
إنكم مش بس شباب طموح، لأ، أنتم كمان بتفكروا صح.
(ادهم يبص لابنه أحمد بابتسامة صغيرة):بس التريند بتاع أحمد ده مايتنسيش،
إنت متأكد إننا هنستفيد من التسويق المبدئي ده؟
أحمد (بثقة):100%
أنا عندي اتنين إنفلونسر جاهزين يشتغلوا على الحملة،
ونقدر نستخدم لوكيشن الموقع الجديد كخلفية تصوير تجذب الناس.
(مهاب ينظر لإياد):وانت يا إياد…
فيه حاجة شاغلاك؟ شكلك مش مركز قوي.
(إياد يهز راسه بسرعة وهو بيعدّل جلسته): لا لا… مركز تمام…
بس بفكر في تفاصيل اللوجستيات،
عايز أراجع جدول التسليم مع الفريق بعد الاجتماع.
الجد محمود ينهض ببطء من كرسيه، ممسكًا بعصاه الخشبية الأنيقة
محمود (بصوت واثق):عجبني إن كل واحد فيكم ماسك زاوية من المشروع،
بس فكروا كوحدة وحدة…
العطار ماكبرتش من فراغ،
كبرت بالعيلة… وبالعقل.
(يبتسم وهو بيبص عليهم واحد واحد):
دلوقتي كل واحد يرجع لمكتبه،
والمساء عايز تقرير مفصّل منكم كلكم.
(الجميع يقوم، أحمد يغمز لإياد وهما طالعين من القاعة):
أحمد (بضحكة):
يا عم إياد، هو انت بتفكر في المشروع ولا في تارا؟
مش مركز خالص النهاردة.
(إياد يرد وهو بيخبطه بكوعه بخفة):فوق بقى يا أحمد…
ركز في شغلك، إنما الباقي… مالكش دعوة
********************
بعد فترة قصيرة 
ادهم (وهو بيقلب في الأوراق):
طيب بالنسبة للحملة التسويقية…
لو هنبدأ من دلوقتي نخلق buzz،
لازم يبقى فيه وجه معروف أو حتى لافت يمثل المشروع.
مهاب:عارضات الأزياء أو المشاهير بقوا سلاح مهم دلوقتي…
خصوصًا لما يكون المنتج مرتبط بالحياة الراقية، زي المشروع ده.
الجد محمود (بصوت حاسم):إحنا عمرنا ما استخدمنا وشوش عشوائية،
لو هنختار حد، يبقى واثقين فيه تمامًا.
أحمد بيرمي نظرة سريعة على إياد اللي سرحان تمامًا، وابتسامة خفيفة خبث تطلع على وشه، وبعدين يتكلم بنبرة فيها حماس مقصود:أنا عندي اقتراح…
ليه منخلّيش البنت اللي قابلناها امبارح في الجيم… تارا؟
(إياد يلف بسرعة ويبص له بنظرة استغراب وتهديد صامت، وأحمد يكمل باستخفاف):
أحمد:يعني بصراحة… شكلها ملفت، واثقة من نفسها، وعندها كاريزما…
كلها صفات تنفع تكون وجه دعائي قوي.
إياد (يحاول يتدارك):هي فعلاً مختلفة…
بس احنا نعرف عنها إيه؟
إحنا لسه قابلينها امبارح.
مهاب (وهو بيرفع حاجبه)تارا؟ مين دي بقى؟ أول مرة أسمع الاسم.
أحمد:دي بنت قابلناها في النادي، شكلها كده new face،
بس حضورها يشد جدًا…
وأنا شايف نديها فرصة نختبرها… ولو مش مناسبة، مفيش حاجة خسرناها.
ادهم (بيفكر):الموضوع محتاج دراسة فعلاً،
بس ممكن نعمل كاستينج مفتوح، ونخليها من ضمنهم… نشوف مستواها.
الجد محمود (بحزم):أنا ماليش في الحركات دي،
بس لو شايفين إنها هتفيد الحملة…
اتصرفوا، بس من غير تهريج…
كل خطوة محسوبة.
(أحمد يبص لإياد ويغمز له بهزار وهو بيقول بصوت واطي):
مش يمكن تبقى العروسة يا إياد قبل ما تبقى وجه إعلاني؟
(إياد يرده بكوعه بخفة ويتكلم بنبرة متوترة):
يلا يا عم… خليك في شغلك، متقلبهاش مسلسل تركي
**********************

أحمد (بضحكة مستفزة وهو بيبص لإياد):بس بقولك إيه يا إياد…
إنت شكلك كنت هتقولها "هاي" وقلتلها "هاتي رقمك" على طول!
ده من أول نظرة وقعت يا نجم.
(إياد بيبص له بنظرة مريبة وبيقول ببرود):ركز في شغلك يا أحمد،
أنا مش زيّك… ببص للبنت بعين واحترمها بالتانية.
(أحمد يضحك بصوت أعلى شوية، ويكمل بصوته اللي دايمًا فيه نبرة مزاح مريبة):يا عم إحنا بس بنسلّم…
مش معقول كل بنت حلوة هتعدي قدامي ومش أقولها "إزايك يا قمر؟"
بس تارا… تارا دي حاجة تانية…
أنا بصراحة ممكن آخدها تمشّي معايا في البهو كل يوم، تبقى دعاية ممتازة!
(فجأة، صوت  ادهم، يدخل بقوة وحزم، ونبرته فيها غضب مكتوم):أحمد!
احترم نفسك وحدودك،
دي شركة مش قهوة بلدي،
والبنت اللي بتتكلم عنها، مهما كانت، ما تتكلمش عنها بالطريقة دي.
(أحمد يسكت فورًا، ونظرة ارتباك خفيفة تظهر على وشه، ثم يبتسم بخجل):حاضر يا بابا… بهزر بس، مش  كده قدّام الناس.
الجد محمود (وهو بيعدل نظارته ويقول ببرود):الهزار ليه وقت ومكان يا أحمد،
وإحنا دلوقتي في مكان شُغل…
عاوزين مشروعنا ينجح، مش نفتح ديوان غزل.
(يسود الجو لحظة صمت، قبل ما إياد يقاطع الحديث بنبرة جدية علشان يغيّر الموضوع):المهم… نبدأ نتواصل مع تارا النهاردة؟
أشوف لو حابة تيجي الشركة ونتكلم بشكل رسمي.
مهاب (بيهز رأسه موافق):ماشي، خلينا نبدأ بخطوة بسيطة ونشوف…
***********************
في  مطار نيويورك – صالة المغادرة – الصبح بدري – أصوات الطيارات في الخلفية – أدهم واقف جنب الكرسي المتحرك اللي قاعدة عليه شيرين، وبتدفعه الممرضة ماريا. شنط السفر محطوطة جنبهم. أدهم باين عليه التوتر والحزن.
أدهم (وهو بيبص لشيرين بحنية وبيمسك إيدها):
ماما… خلاص، راجعين مصر.
يمكن ده القرار الصح… لازم أكون جنب تارا قبل ما تعمل مصيبة وتضيع حياتها.
شيرين بتحرك عينها ببطء ناحيته، كأنها بتحاول تقوله إنها خايفة، بس ما بتقدرش.
ماريا (وهي بتعدل وضع الشال على كتف شيرين):
هي شايفة فيك الأمان يا أستاذ أدهم…
وأنا واثقة إن رجوعكم مصر هيكون خطوة كويسة. يمكن اللي اتكسر يتصلح.
أدهم (بصوت منخفض فيه مرارة):مش عارف يا ماريا…
تارا قلبها مليان وجع… وكل ما أقول لها كفاية، ترد تقول لي "اللي حصل مايتنسيش".
أنا مش ناسي… بس الانتقام مش هو الحل.
ماريا (بهدوء وابتسامة بسيطة):وإنت أحنّ من إنك تسيبها تمشي في السكة دي لوحدها…
هي محتاجة حد يحبها ويوقفها… حد زيك.
أدهم (وهو بياخد نفس عميق وبيبص للبوابة):
أنا هرجع عشانكم… عشان أمي اللي ظلموها، وعشان أختي اللي ماشية على طريق الضياع…
ولو أقدر أخليها ترجع عن اللي بتفكر فيه، هعمل ده…
حتى لو ده معناه أواجه الناس اللي كانوا سبب في موت أبوي.
ماريا بتحرك الكرسي بلطف، وأدهم بيساعدها، وهم بيتجهوا ناحية بوابة السفر.
أدهم (بهمس وهو بيبص على أمه):استحملي معايا شوية، يا أمي…
يمكن المرة دي نرجع حقك… من غير دم
********************
في بار ليلي فاخر في أحد أحياء القاهرة الراقية – إضاءة خافتة، موسيقى جاز ناعمة، دخان كثيف في الجو – كريم قاعد على البار، القميص مفتوح من فوق، ملامحه فيها تعب وضياع، ومعاه فتاة ليل جميلة، بتضحك وبتشرب، وهو باين عليه ثمل تمامًا.
الفتاة (وهي بتقرب منه وتلمس كتفه):إيه يا وسيم… شكلك شايل هموم الدنيا!
مش المفروض اللي زيه بيضحك على البنات وبيتهنى؟
كريم (بيرشف من الكأس بتاعه وبصوته تقيل):أنا بضحك؟
أنا ابن جحيم يا روحي…
لو تعرفي أنا طالع منين، كنتي خفتي تقعدي جنبي.
الفتاة (بتضحك بس بخوف خفيف):إنت بتخوفني كده ليه؟
ده مجرد بار… خمرة… سهرة حلوة.
كريم (وهو بيقلب الكاس في إيده وبصوت متقطع):
شايفة الست العجوز اللي اسمها سعاد؟
دي جدتي… بس كان المفروض تبقى شيطانة مش ست.
خطفت بنت عيلتها، شيرين… غرست فيها جنين مش ابنها، ودمرتها.
وكلهم صدقوا… طردوها زي الكلاب…
والبنت اللي اتولدت؟ تارا؟
بتفكر تنتقم… وأنا…
أنا اللي شايف كل حاجة و ساكت.
الفتاة (مندهشة وبتقرب أكتر):يعني إنت تعرف اللي حصل؟ ليه ما بتتكلمش؟
كريم (بضحكة مرة):وأقول إيه؟
أقول إن جدتي هي اللي زرعت الخراب؟
أقول إن اللي اتقتل مش مات في حادثة، دي هي اللي صفّته بإيدها؟
كلهم بيجروا ورا الانتقام…
بس أنا؟
أنا بعدت… بشرب… بنام مع أي واحدة…
يمكن أنسى إني حفيدها.
الفتاة بتحس بالخطر شوية وبتبعد عنه ببطء، لكن كريم بيكمّل بهمس فيه غضب:بس لو تارا عرفت كل الحقيقة…
لو فهمت إن مافيش غير شيطانة واحدة ورا كل ده…
يمكن توقف… يمكن…
(يسكت ويضحك ضحكة حزينة)
… ويمكن تقتلنا كلنا

الفصل السادس 
في  مطار القاهرة الدولي – صالة الوصول – النهار
الزحام عادي لكن الوقت واقف بالنسبة لتارا. واقفة لابسة بالطو أسود شيك، شعرها مربوط، عيونها مليانة توتر وفرحة في نفس الوقت. عمالة تبص يمين وشمال، تمسك تليفونها، وبعدين ترجع تبص للبوابة. فجأة يظهر أدهم وهو بيدفع الكرسي المتحرك اللي عليه شيرين، والدتهم.
تارا تتجمد مكانها للحظة، وبعدين تمشي بخطوات سريعة. عيونها تدمع من غير ما تحس.
تارا (بصوت مخنوق بالدموع وهي بتقرب منهم):أدهم ....ماما…
أدهم بيوقف الكرسي، وبص لها بابتسامة دافية، وشايل همها في عينيه. شيرين على الكرسي، عينيها بتدمع بس مش قادرة تتكلم، ملامحها بتحاول تقول "وحشتيني".
أدهم (بهدوء وهو بيقرب منها):إحنا وصلنا، يا تارا.
رجعنالك… زي ما وعدتك.
بس يا ريت تكوني لسه بنتي الطيبة اللي عرفتها.
تارا تنزل على رُكبها قدام أمها، تاخد إيدها وتبوسها وهي بتعيط بصمت.
تارا (بهمس وهي تبص لوش أمها):وحشتيني…
وحشتيني موت يا ماما…
كل ليلة كنت بصحى وأنا حاسة بإيدك على راسي…
وكل مرة كنت بنام وأنا شايلة صورتك في قلبي.
أدهم:تارا…
بلاش السكة اللي ناوية تمشي فيها…
أنا جيت مخصوص علشان أرجّعك لطريق تاني…
طريق مافيهوش دم ولا حقد…
إحنا مش شبههم.
تارا تقف، تمسح دموعها بسرعة، وتحاول تلبس قناع القوة من تاني. تبص لأخوها بنظرة فيها حُب… بس فيها نار:
تارا (ببرود ظاهر يخبي وجعها):أنا مبسوطة إنكم وصلتوا بالسلامة.
بس خلينا نوصل البيت الأول…
عندنا حكايات كتير لازم تتحكي.
أدهم يتنهد، ويدفع الكرسي بهدوء، وتارا تمشي جنبهم… تلمس كتف أمها بحنان وهي ماشية، عيونها للكاميرا كأنها بتقول: "اللعبة بدأت بجد دلوقتي."
***********************
بعد فترة قصيرة ، 
الباب بيتفتح، تارا تدخل أول واحدة، تفتح الأنوار، وتبتسم بخفة وهي بتلف وراها تبص لأخوها ووالدتها.
تارا (وهي بتشاور):اتفضلوا… ده بيتكم من دلوقتي.
أنا عارفة إنه مش بيت كبير، بس أهو دافي… وفيه ريحتنا.
أدهم بيزق الكرسي بهدوء للداخل، يبص حواليه بإعجاب:جميل جدًا يا تارا… مرتب وهادي زيك.
تارا تبتسم ابتسامة خفيفة، تحاول تخبي توترها، وتمسك بإيد أمها وتحطها على خدها بحنية.
تارا (بصوت ناعم):هنا هنبدأ من جديد، ماما…
كل اللي راح خلاص، وإحنا دلوقتي مع بعض…
وأنا مش هسيبك تاني أبدًا.
الممرضة ماريا تدخل وراهم، شايلة شنطة صغيرة، وتبص لتارا بابتسامة لطيفة.
ماريا:
Everything is fine, Ms. Tara. The wheelchair ramp worked perfectly.
I’ll help you settle her in the room.
تارا (بهدوء):شكراً يا ماريا… خديها على الأوضة اللي على الشمال.
هتبقى أهدى ليها.
ماريا بتاخد الكرسي بهدوء وتدخل شيرين للأوضة. أدهم يفضل واقف مع تارا، وبعدين يقعد على الكنبة وهو بيبص لها بتفكير عميق.
أدهم:تارا… إحنا لازم نتكلم.
أنا مش جاي بس عشان أعيش هنا…
أنا جاي أوقفك قبل ما تغرقي أكتر.
تارا تتنهد وتقعد قدامه، تمسك فنجان قهوة كانت محضراه من قبل ما يوصلوا، وتبص له بنظرة فيها صراع:
تارا:أنا مش غرقانة يا أدهم…
أنا ماشية في طريقي… الطريق اللي اتفرض عليا.
أدهم (بحزم):اتفرض؟ ولا انتي اللي اخترتيه؟
عارف يا تارا… أنا كمان بكرههم، كل يوم كنت بقول لو كنت أنا اللي قتلتهم.
بس الفرق بيني وبينك إني مش ناوي أخلي الكره يتحكم فيا.
تارا تقوم، تمشي ناحيه الشباك، تبص على ضوء القاهرة بالليل، ثم تهمس:أنا مش جاية علشان انتقام وبس، يا أدهم…
أنا جاية علشان حق…
علشان أرجّع كرامة ماما…
وعلشان اللي ضاع مننا مايضيعش تاني.
أدهم يقف، يقرب منها، ويحط إيده على كتفها بلطف:بس ما ينفعش نرجّع الحق بالغلط.
إحنا أحسن من كده يا تارا…
تارا تسكت لحظة، وبعدين تهمس:خلينا نرتاح النهارده يا أدهم…
كل واحد ينام، وبكرة…
نكمل الكلام
أدهم يومئ برأسه، يدخل أوضته، وتارا تفضل واقفة عند الشباك… عينيها مش ثابتة، وفي قلبها نار نايمة بتستنى تنفجر
*********************
فأوضة شيرين – منتصف الليل – نور خافت من الأباجورة
الغرفة هادئة جداً… صوت أنفاس شيرين المنتظمة يكسر الصمت. وجهها هادي لكنها باين عليه الحزن حتى وهي نائمة. تارا تدخل بهدوء، لابسة روب خفيف، شعرها مفرود وعينيها مجهدة. تقف عند باب الغرفة للحظات، تتأمل ملامح أمها، ثم تقترب وتجلس على الكرسي بجانب السرير.
تارا تهمس، صوتها مكسور لكنه ثابت:لسه بتعيشي الحزن حتى في نومك يا ماما؟
13 سنة وانتي ساكتة…
13 سنة وانتي سجينة في جسدك، وأنا…
أنا كنت سجينة الغضب والحيرة…
تمد إيدها بهدوء وتلمس يد أمها بحنية:أنا كنت صغيرة، بس كنت فاهمة…
كل الناس كذبوا، كلهم كرهونا…
حتى العيلة اللي كان المفروض تحضنك طردتك…
من غير ما يسمعوك، من غير ما يفهموا…
من غير ما يرحموك.
تدمع عيناها، لكنها تبتسم ابتسامة حزينة:بس أنا موجودة…
أنا كبرت، وبقيت قوية…
وأنا… مش هسكت.
مش هخليهم يعيشوا في سلام وهم اللي دفنوك بالحياة.
مش هسكت يا ماما… مش بعد اللي عملوه فيك، وفي بابا، وفينا.
تنحني تارا تقبّل يد أمها، وتهمس:أنا هخليهم يدفعوا الثمن…
بس مش زي ما هما عملوا…
أنا هخلي الحقيقة هي اللي تقتلهم…
بكل خطوة، بكل سر…
أنا هفجرهم من جوه.
شيرين ترتعش فجأة وهي نايمة، دمعة تنزلق من عينها المغلقة، كأنها بتسمع… أو بتحس بكلام بنتها. تارا تتفاجأ، تمسك إيدها بقوة وتهمس بارتباك:ماما؟… انتي سامعة؟
أنا آسفة…
أنا مش هأذي حد لو ما استحقش…
بس مش هسامحهم أبداً…
أبداً.
تارا تنهض بهدوء، تبص لأمها للمرة الأخيرة قبل ما تطفي الأباجورة وتخرج من الغرفة… في الظلام، وجه شيرين يختفي… لكن دمعتها تلمع
**********************
شقة فاخرة في مانهاتن – مساء – إضاءة خافتة
طارق واقف أمام نافذة زجاجية ضخمة، يدخن سيجاراً، ووجهه غارق في التفكير. الباب يُفتح وتدخل جاكلين، امرأة جميلة ترتدي فستاناً أسود ضيقاً، تحمل حقيبة صغيرة، وتخطو بخفة.
طارق يلتفت إليها بنظرة باردة، ويقول ببرود:اتأخرتِ، جاكلين.
جاكلين تبتسم ابتسامة مثيرة، وتقترب منه، تحاول أن تخفف التوتر:كان عندي شغل…
بس جبتلك أخبار حتفرّحك.
طارق يضيق عينيه ويدخن بعمق:مافيش حاجة بتفرّحني غير لما شيرين تبقى في بيتي… وتارا وادهم في القبر.
اتكلمي.
جاكلين تميل على الكنبة، تفتح حقيبتها، تطلع مرآة صغيرة وتضبط أحمر الشفاه، وتتكلم بنبرة خفيفة:ادهم سافر لمصر…
النهاردة الصبح… مع شيرين.
طارق يجمُد، يسقط السيجار من يده، يتقدم نحوها بخطوات بطيئة لكنه غاضبة:إيه؟
سافر؟… ومين اللي مفروض يبلغني أول بأول؟
مش إنتِ؟!
جاكلين تنهض بسرعة، تضع يديها على صدره برقة تحاول تهدئته:ماكنتش أعرف!…
أنا لسه عرفت من مصدر في المطار.
كان طالع مستعجل، ومعاه أمه…
واضح إنه قرر يسيب أمريكا نهائي.
طارق يدفع يدها بعيداً، يمشي في الغرفة مثل وحش محبوس:ابن الـ…
يعني هيبدأوا يتحركوا من غير ما أحس؟
وتارا… أكيد هي المحرّكة للعبة!
كنت عارف إنها مش هتسكت.
جاكلين (بتحاول تراضيه):
بس لسه عندنا وقت…
ادهم كان متعلّق بيا… صدق كل حاجة، و… لسه هيفكر فيّ هناك، خصوصاً لو شاف الدنيا صعبة.
طارق ينظر إليها بازدراء، يقرب وجهه من وجهها:اسمعي يا جاكلين…
أنا مش بدفعلك علشان تقوليلي “كان”…
أنا بدفعلك علشان تسيطري على دماغه،
ترجعيه هنا أو تخليكي ورقته جوه مصر.
فاهمة؟
جاكلين تبتسم ابتسامة مصطنعة، لكنها تهز رأسها:فاهمة…
اعتبره حصل.
طارق يرجع لمقعده، يأخذ سيجاراً جديداً ويشعله:لو معرفتشِ تسيطري عليه…
هخليكي تندمي إنك وافقتِ تدخلي اللعبة دي
*********************
غرفة نوم عادل وصفاء – فيلا عائلة الشرقاوي – الليل
الغرفة واسعة ودافئة، فيها طابع الزمن الجميل، جدران مكسوة بصور العائلة، وسرير خشبي قديم يبدو أنه شهد كل حكايات العمر. يجلس عادل على طرف السرير، يرتدي منامته، ممسكاً بصورة قديمة تجمع ابنه الراحل سليم مع زوجته شيرين وطفليهما. صفاء تخرج من الحمام تمسح وجهها بمنشفة صغيرة، تلاحظ نظرات الحزن في عيني زوجها، فتتوقف عند باب الغرفة وتنظر إليه بصمت.
صفاء (برقة):لسه ماسك صورتهم، عادل؟
كل ليلة نفس الحكاية...
عادل (بصوت مبحوح):مش قادر يا صفاء…
سليم مات من 13 سنة، بس قلبي لسه مش مصدّق.
كان حلمي أشوفه شيخ كبير، ماسك إيد حفيده، وبيضحك… مش يتدفن بدري كده.
صفاء تقترب منه، تجلس بجانبه على السرير، تمسك يده بحنان:سليم كان أحنّ أولادنا… لما جاب شيرين، رغم صغر سنها وغموضها، حبها من قلبه.
فاكر لما كنا رافضين؟
وإزاي أقنعنا بحنيّته؟
عادل (بحزن):عارف يا صفاء…
أنا وشيرين كان بينا لغة صامتة…
كانت بتبصلي بعيونها تقول كل حاجة من غير كلام.
ولما حصلها اللي حصل، واتشلت…
أنا اللي اتشل معاها.
صفاء (بألم):وما نساش تارا وادهم…
كبروا بعيد عنّا، في الغربة…
وكان المفروض نكون سند ليهم.
بس شيرين كانت بتخاف ترجع، كانت دايمًا ترفض، رغم حالتها…
عادل:أنا مش زعلان منها…
يمكن كانت حاسة إن في خطر، أو إن فيه حاجة مش مفهومة…
بس قلبي بيقول إنهم محتاجينّا دلوقتي أكتر من أي وقت.
يصمت لحظة، ثم يضيف بنبرة يملؤها الأمل الخافت:نفسي أشوفهم…
ولو حتى لحظة…
أحضنهم، أطمن إنهم بخير،
إنهم مش تايهين…
صفاء تبتسم بحزن وتلمس خده بحنان: يمكن ربنا يسمع منك…
ويكونوا أقرب مما نتخيل
***********************
في فيلا العطار – منتصف الليل
الممر المؤدي لغرفة شيرين مظلم، لا يُسمع سوى صوت خطوات خفيفة وحذر الأحفاد الثلاثة، علا وأحمد وإياد، وهم يتسللون نحو الغرفة المغلقة التي أثارت فضولهم لسنوات
علا تحمل كشافًا صغيرًا في يدها، بينما أحمد يضع أذنه على الباب وكأنه يحاول سماع شيء من الداخل، وإياد يقف خلفهما متحفزًا، وكأن مغامرة اقتحام هذه الغرفة تشعل حماسه أكثر من خوفه
أحمد (بهمس):
"إنتوا متأكدين من اللي بنعمله؟ لو حد شافنا، جدي هيطردنا برة البيت."
علا (بهمس، وهي تتأكد أن الممر خالٍ):
"بطل جبن يا أحمد، إحنا لازم نعرف السر اللي مستخبي جوه الغرفة دي، ليه جدي منع أي حد يدخلها طول السنين دي؟"
إياد (يضع يده على مقبض الباب، يحاول فتحه لكنه يجده مغلقًا بالمفتاح):
"مقفولة… طبعًا! بس لحسن حظكم، أنا دايمًا عندي حل."
يبتسم إياد بمكر، يخرج دبوسًا معدنيًا من جيبه، وينحني ليحاول فتح القفل كما رأى في بعض الأفلام. علا تراقبه بترقب، وأحمد يهز رأسه بعدم تصديق
أحمد (متذمرًا):
"طب والله أنا مش مصدق إني واقف هنا أتفرج عليك وإنت بتفتح قفل غرفة مقفولة بقالها 25 سنة!"
علا (بنبرة ساخرة):
"لو خايف، ممكن ترجع تنام في سريرك يا أحمد!"
يغمض أحمد عينيه بضيق قبل أن يزفر، مستسلمًا للمغامرة التي لم يكن يريدها من الأساس
وبعد ثوانٍ قليلة، يُسمع صوت "تكة" خفيفة، لينفتح القفل. إياد يبتسم بانتصار، ويدفع الباب ببطء، فتتسلل رائحة قديمة إلى أنوفهم، مزيج من العتق والغبار وشيء آخر… كأنه زمن متوقف
تتقدم علا أولًا، ترفع الكشاف لتضيء المكان، ثم يدخل أحمد وإياد خلفها، تتسع أعينهم وهم ينظرون حولهم… الغرفة لم تُمسّ منذ عقود، كأن الزمن تجمد عند لحظة معينة
على الجدران، صور لفتاة شابة، تشبههم بشكل غريب… ملامحها قريبة من ملامح أحمد وعلا… لكن من هي؟ ولماذا كل هذه الصور؟
أحمد (بدهشة وهو يرفع صورة موضوعة على طاولة خشبية قديمة):
"غريبة… البنت دي شبه علا!"
علا (تحدق في الصورة بذهول):
"مستحيل… مين دي؟"
إياد (يتجول في الغرفة، يلمس مكتبًا قديمًا عليه دفتر مغبر، يفتحه بحذر):
"فيه حاجات مكتوبة هنا… شكلها يوميات أو حاجة زي كده."
لكن قبل أن يكملوا استكشافهم، فجأة… صوت خطوات ثقيلة في الممر، الظلام يبتلعهم للحظة، وأصوات أنفاسهم تصبح مسموعة بوضوح
(علا تهمس بفزع):
"حد جاي!"
تتجمد أجسادهم، أعينهم تتجه نحو الباب… هل انكشف أمرهم؟ ومن الذي أتى؟! 

تعليقات



<>