رواية فتاة البار الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم قسمة الشبيني

 رواية فتاة البار الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم قسمة الشبيني

كان يوم امل مختلفا تماما عن أحمد فحين صعدت للمنزل لم تهتم لأمر زميلاتها في السكن بل توجهت بصمت إلى غرفتها واسرعت تبدل ملابسها .

لا تفارقها صورة عينيه الساحرة حتى وضعت رأسها على وسادتها لتنام ابتسمت وهى تتذكر أدبه معها لم يهتم لملابسها التى تكرهها لتفصيلها جسدها ..لم تثيره زينتها الصارخة بل لم يرفع عينيه ليتفحصها من الأساس .كانت عينيه طيلة الوقت خالية من التعبير ورغم أن هذا محبطا لفتاة فى مثل جمالها إلا أنها شعرت بالراحة فقد سئمت نظرات العشق الكاذبة التى تراها بأعين الرجال .

لذا شعرت معه بالراحة فقد سار بجوارها بصمت حتى لم يمد كفه بحجة المصافحة .أنه يشبه ابطال الافلام العربيه القديمة ذلك الشاب الفارس ذو الاخلاق والمبادئ.

ربما اعمتها سعادتها بشعورها بالاحترام والتقدير عن حقيقة ما يحدث،فهذا الفارس  لم يخلق.  إلا لاميرة ..لا لفتاة البار .

ورغم كل شيء غفت بسعادة ونامت نوما هانئا لم يراودها كابوسها اليومى لتستمتع بالنوم منذ فترة طويلة .

***************************

اكمل أحمد يومه اعتياديا، هاتف والديه لتبدى والدته لهفة لرؤيته فيعدها بزيارة قريبة ،توجه للمسجد وعاد يعمل على أبحاثه فهو يقرأ ويسجل أفكاره على جهاز اللابتوب الخاص به صوتيا . تناول اليسير من الطعام بلا شهية ولم ينم مطلقا لكن حين اقترب الليل بدأ الخمول يزحف لجسده ويسيطر عليه فقد بذل مجهودا مضاعفا ببقاءه مستيقظا يومين متتاليين.

ليستسلم اخيرا للنوم الذى ساعده في قضاء تلك الساعات البطيئة .استيقظ قرابة الواحدة صباحا يشعر بآلام شديدة بجسده .توجه للمرحاض وحصل على حمام  دافئ ساعده كثيرا في  الاسترخاء والراحة.ليصلى العشاء وقد شارفت الساعة على الثانية صباحا،ها هو موعد عودتها يقترب وهو لم يحزم أمره بعد .صلى الفجر وقرر اخيرا أن يكتفى بالاستمتاع لخطواتها فهو لا يراها بكل الأحوال.حقا شعر قلبه بالراحة للقرب منها وتبادل بعض الكلمات معها .لكن ما الفائدة .

لذا لزم موقعه خلف باب الشرفة ينتظر مرورها .

*************************

كان يوم امل بالمنزل جيدا فقد تحاشت التعامل مع رفيقاتها اللائى يقتلن ما لديها من امل في الحياة ويصررن على اخبارها يوميا أن الضياع والمستقبل الملوث هو مصيرها مثلهن جميعا.

أما يومها بالعمل فقد أثبت لها ذلك اثباتا عمليا .

توجهت لعملها فى موعدها اليومى قرابة الخامسة عصرا .لتعمل ورفيقاتها على التنظيف وغسل الكؤوس وبعد اعداد المكان تفتح الابواب فى السابعة مساء.ليبدا الرواد المعتادين فى التوافد لكن وقت الذروة يبدأ من العاشرة مساءً حيث يتكدس البار بالسكارى كل له مشروبه الخاص الذى جاء يتجرعه ليذهب بعقله هاربا من الواقع .ايا كانت الأسباب فالنتيجة واحدة كل يهرب من واقعه.

كثيرا ما يعجب بجمالها أحد الرواد ويطلب مشاركتها كؤوسه اللعينة وكانت تقبل ذلك تحت ضغط من مستر غسان صاحب البار .لكن هذه الليلة لم يكتفى هذا السكير بمشاركة الخمر بل طلب بوقاحة مرافقته لمنزله .

وبالطبع لم يجد مستر غسان مشكلة في ذلك .ليتوجه لها ويخبرها ببرود وكأنه أمرا طبيعيا فبينما تدور بين الطاولات بإبتسامة مشرقة اقبل عليها بهدوء : لولا تعالى عاوزك .

اقبلت عليه وهى تتوجس خيفة من طلباته التى تكرهها ليفاجأها قائلا : شايفة الجست اللى قاعد على ترابيزة اتنين ؟

نظرت بإتجاه الطاولة وهى تقول: ايوة مستر غسان.ماله؟

ابتسم لها بخبث وهو يقول: النهاردة ليلة حظك لولا .الشاب ده مليونير وهيديكى كل اللى تطلبيه .

قطبت جبينها بعدم فهم أو عدم رغبة في الفهم وعادت تتساءل : وهو هيدينى بمناسبة ايه؟؟

تحسس غسان ذراعها بإصبعه وهو يقول: علشان تقضى الليلة معاه طبعا يا لولا .ما هو مش معقول الجمال ده كله يفضل يخدم على التربيزات .

عادت خطوة للخلف بفزع وهى تقول: ده مستحيل يحصل .

قبض غسان على ذراعها بقوة وهو يقول بغضب مكتوم : شوفى بقا علشان انا استحملتك كتير .بقا لك خمس شهور شغالة هنا وعاملة فيها شريفة .ماشى وانا مصدقك لكن انا بقا يا حلوة ما بشغلش شرفاء هنا.

نظرت له بخوف ليكمل قائلا: انا هكون طيب معاكى على الاخر وهصبر الراجل لبكرة بس يا تيجى بكرة جاهزة ليه يا ماتجيش خالص وانسى انك تشتغلى فى اى بار فى وسط البلد تانى 

دفعها للخلف بقسوة وهو يقول: اوكيه يا حلوة .

وتركها ليتجه لذلك الشاب الجالس بترقب على الطاولة تاركها مختنقة القلب لتقضى ما بقى لها من ساعات العمل ترسم ابتسامة زائفة وما إن اذن لها غسان بالمغادرة حتى خرجت من المكان لتترك لدموعها العنان .

********************** 

بمجرد أن وصلته خطواتها الغاضبة والتى تنبأه أن أمورها ليست على ما يرام مطلقا .ارهف السمع ليستمع لشهقة مكتومة طعنت قلبه مباشرة ليسرع ملتقطا مفاتيحه فى طريقه للخارج .

هرول نزولا على غير عادته فهو دائما حريصا فى خطواته لكنه هذه المرة يهرول رغبة في اللحاق بها ، شقته بالدور الاول علوى لذا لم يستغرق وقتا طويلا ليصل أمام البناية لكنه كان كافيا لتتجاوزه بمسافة لا بأس بها، عاد يحث خطاه للإسراع متناسيا قواعد السلامة لحالته الخاصة وما أن شعر بإقترابه حتى لفظ اسمها بكل ما يحمل قلبه من قلق: امل !!!!

توقفت خطواتها لكن اللعنة على ذلك العجز إنه حتى لا يعلم إن كانت تنظر إليه. مرات قليلة اشعرته بالعجز هذه منها ،يعلم انها تقف أمامه لكن لا يعلم إن كانت تنظر له ليقول : بتعيطى ليه؟؟

اقتربت منه بخطوات سريعة ليتأكد انها تنظر له وهي تقول: انت تعرف عنى ايه ؟؟ 

هز رأسه لتقول: ماتعرفش حاجة اكيد .انا بشتغل في بار ....عارف يعنى ايه بار ؟؟؟

هز رأسه إيجابيا لتقول : لا ماتعرفش ولا عمرك هتعرف غير لما تشوف بعينك .

ابتلع ريقه بصعوبة وهو يقول: حد اذاكى ؟؟!! 

هز رأسها دون أن يراها وهى تقول: انا اذيت نفسى 

واجهشت بالبكاء وهى تسير مبتعدة ليسرع فيوقفها مرة أخرى: امل استنى .

رنة الرجاء بصوته أوقفتها مرغمة لتستمع إليه فيقول بنفس الرجاء : ممكن نتمشى شوية ..ماتخافيش مش هأخرك 

هزت رأسها وهو بالطبع لم يراها ليقول بلهفة : مش سامع 

ظنت أنه يمازحها لتبتسم من بين دموعها وهي تقول: ممكن 

تنهد براحة و إقترب بإتجاهها سار لتحاذى خطواته بينما تنهمر دموعها ليتساءل بقلق بالغ: طيب ممكن تحكى لى حصل ايه ؟

أسرعت بلا تفكير : لا طبعا صحيح انا معرفش عنك حاجة بس شكلك طيب وابن ناس ولا يمكن ادخلك فى مشاكل زى دى 

ابتسم ابتسامة باهتة واعتبر هذا اطراء ليقول وهو يتنهد : طيب هو انتى مالكيش حد خالص ،اخوات ،قرايب اى حد 

عادت تتحدث بلا تفكير : لا طبعا ليا اخويا محمود هو اصغر مني بس طول عمره راجل البيت .

حانت منه إلتفاته بإتجاهها وهو يشعر بنبرة الألم ليقول : طيي ووالدك ووالدتك فين؟

تنهدت وهى تقول: ماما الله يرحمها .

اسرع يقول بأسف : الله يرحمها.انا اسف . طيب والدك عايش؟

كان حديثه الودود قد خفف من حدة بكاءها فلم يعد يستمع لشهقاتها بل استمع للحزن المسيطر على صوتها : اه عايش بس مش عايش ..زيه زى الناس اللى بيجو البار مش فى الدنيا 

حاول أن يكون الحوار اكثر ودا وهو يقول: انا قلت لك قبل كدة انى صعيدى صح ؟

هزت رأسها إيجابيا وبالطبع لم يراها ليكمل حديثه : احنا من سوهاج من بلد اسمها طهطا .هو انتى من هنا ؟من القاهرة يعنى ؟

لم تفكر لوهلة واحدة وهي تجيبه بصدق: لا انا من دمنهور

رسم علامات التعجب على وجهه ليبدو اكثر اقناعا : يااه بعيد بردو وعايشة هنا لوحدك ؟

بدأ القلق يتسلل لقلبها لتقول : لا مع بنات زيى .

فى محاولة لبث الطمأنينة لها غير مجرى الحديث عائدا لشقيقها : واخوكى بقا شغال ايه؟

يقسم أنه رأى ابتسامتها واستمع للفخر بصوتها وهى تقول: محمود ؟ ده احسن سباك فى ؟دمنهور مفيش حد مايعرفش محمود السنوسى فى البلد كلها 

ابتسم بسعادة حقيقة لهذه المعلومة الهامة التى وفرت عليه العديد من الأسئلة ليردد براحة : ربنا يبارك فيه .

بدأ هو يشعر بالقلق لابتعادهما عن المنطقة التى يعرفها جيدا .هو يكره أن يتواجد في مكان لا يعرفه .خاصة أنها لا تعلم حتى الآن أنه كفيف ليتوقف عن السير ويقول : احنا بعدنا اوى يلا نرجع علشان ماتتاخريش .

واستدار بالفعل لتسير جانبه بصمت فكان فى طريق العودة مطرق الرأس يستمع لخطواتها ليحدد اتجاهه حتى توقفت هى : البيت اهوه انا هطلع بقا .

تحركت خطوتين ليوقفها متسائلا: امل انتى بتصلى ؟

هزت رأسها نفيا هو لم يراها بالطبع لكن شعر بخجلها من الإجابة فقال بثقة : انتى خوفتى عليا وماردتيش تحكى لى حصلك ايه .لكن لو حكيتى لربنا اكيد هيساعدك .ربنا ما بيرجعش محتاج ابدا .

لم يستمع إلى اجابتها بل استمع لخطواتها تبتعد ،انتظر قليلا حتى تأكد من دخولها البناية ليتجه عائدا لمنزله وهو يتمنى أن تسير الاحداث كما يخطط برأسه.

الفصل الرابع 

صعدت امل إلى شقتها ليقابلها صمت تام تنهدت براحة فهن إما نائمات أو غائبات و لتكن صادقة هى لم تعد تهتم لأى شخص سوى هذا الغريب الذى تعرفت إليه منذ ساعات لكن شعورها بالراحة فى قربه اقوى ممن عرفتهم لشهور .

توجهت لغرفتها بصمت لتجلس بمقدمة الفراش ترى هل يمكنها فعلا أن تصلى !!! هل لديها الشجاعة لتقف بين يدى الله!!!! وهل يقبلها الله بعد كل ما فعلت !!!!! 

تذكرت فى لحظات بداية تواجدها بالقاهرة فبعد هروبها لم تعرف لمن تلجأ ! وما تفعل ! باعت ذلك القرط الذهبى بمدينة دمنهور لتحصل على المال ..بداية بدأت تبحث عن عمل فى المتاجر ثم المطاعم ثم المقاهى لتصل فى النهاية لهذا البار بعد أن فشلت في الحصول على عمل آخر  .بالطبع قبلها مستر غسان فهو يقبل بأى فتاة يعجبه جمالها تبحث عن عمل .

لتمر الشهور وهى تقدم تنازلات مرة تلو الأخرى حتى وصلت للامس لكنها لا تستطيع أن تقدم ذلك ،لقد قتلت حتى لا تفعل ذلك .فهل تفعله الآن برغبتها ؟؟

لا لن تفعل .قررت أن تعمل بنصيحة هذا الغريب ستصلى .وقفت تائهة هى لا تملك حتى ما يمكنها أن ترتديه لتصلى ولا تعرف اتجاه القبلة.

كاد اليأس أن يتملك منها كالعادة لكنها نفضته فى اللحظة الأخيرة ستغطى نفسها بأى شكل وستصلى هى تعلم جيدا كيف تتوضأ وتصلى فقد كانت امها الحبيبة تصلى أمامها دائما وطالما نصحتها بالصلاة وتوجهت بالدعاء لها بالهداية 

******************************

عاد احمد لشقته لينتظر حامد سائقه الأمين والذى لم يتأخر كعادته ،ليطلب منه سرعة التوجه لمدينة دمنهور باحثا عن هذا السباك المدعو محمود السنوسى..عليه أن يبحث اولا فى المناطق

الاكثر فقرا وعليه أن يعود إليه بهذا الفتى قبل الليل بأى شكل كان.

لم يكن من طبع حامد مناقشة احمد فى اى طلب او أمر لذا اسرع بالتنفيذ رغم علمه بصعوبة المطلوب منه . إلا أنه سيبذل قصارى جهده لتنفيذه 

وصل حامد لدمنهور ولم يكن من الصعب عليه رسم خريطة لتحركاته ...سيبدأ بالمتاجر حيث يشترى أولئك الحرفيون مستلزمات حرفتهم . وعليه أن يبحث فى المتاجر متوسطة المستوى اولا .وكم كان محظوظا ليجد صاحب المتجر الرابع الذى توجه إليه يعرف شخصا بإسم محمود السنوسى .وبالطبع حصل على رقمه ليهاتفه فورا ويطلب لقاءه .

قبل محمود اللقاء ظنا منه أنه يطلبه فى عمل ما بينما انتظر حامد أن يرى الفتى ليتأكد أنه هو رغم أن احمد لم يخبره سوى أنه فتى حديث السن .

حضر محمود امام المتجر ليقابل حامد الذى ما أن رآه حتى تعجب لحداثة سنه فعلا فهو فتى قد يكون أتم بالكاد عامه الثامن عشر.

اقبل محمود ليتساءل حامد بتعجب : انت محمود السنوسى؟؟؟

اجاب محمود ببساطة : ايوة انا يلزم خدمة .عندك شقة من بابها ولا مرمة ؟؟

زاد تعجب حامد فهذا الفتى عملى للغاية ربما هذا سبب سمعته الطيبة بهذا السن الصغير.نظر له حامد نظرات ثاقبة وهو يتساءل: خيتك اسمها أمل؟؟

ليحصل على كل انتباه محمود ويشعر بلهفته تحتل كل قسماته : أمل؟؟؟انت تعرف أمل فين ؟؟

تأكد حامد أنه وصل للشخص المطلوب ليتجه نحو السيارة وهو يقول: اتفضل معايا وهتعرف كل حاچة ؟

لم يتردد محمود وتوجه للسيارة فورا .

***************************

لم يحصل احمد على لحظات فقط ليستريح ظل متئهبا يتمنى أن يعود حامد سريعا ولم يخيب حامد ظنه وفى الثانية ظهرا كان يفتح الباب وهو يقول: اتفضل .احمد بيه چوه 

خطوات متسارعة اقبلت عليه لتتوقف أمامه لتلتقط أذنيه تلك الأنفاس اللاهثة ليستشف منها لهفة صاحبها ليقف ويمد كفه مرحبا : اهلا يا محمود 

نظر محمود بتردد لكفه ثم صافحه بتوتر وهو يتساءل : أمل فين؟؟

ابتسم احمد وهو يشير له ليجلس ويقول: اكيد مش هنا 

جلس محمود بترقب ليقول احمد : روح انت يا حامد وتعالى بكرة فى معادك 

ليتساءل حامد وكأنه يرفض الذهاب خوفا على احمد : مايلزمكش حاچة واصل ؟؟

فهم احمد فورا ما يرمى إليه ليطمانه : ماتخافش يا حامد روح لمراتك .

اضطر حامد للانصراف ليتجه احمد برأسه بإتجاه محمود: انا عاوزك  تسمع منى للآخر لان اختك محتجاك كل اللى أعرفه إن عندها مشكلة لكن ايه هى معرفش 

قاطعه محمود بلهفة : انت تعرفها منين ؟؟

بدأ احمد يقص على محمود ما يعرفه عن أمل وكم تمنى أن يرى رد فعل كلماته لكن لا مفر من الواقع .

مسح محمود وجهه بأسف وهو يقول: هى استعجلت وهربت فكرت الراجل مات 

قطب أحمد جبينه بجدية واضحة: راجل مين ؟؟

ليأتى دور محمود فى الحديث ليخبره عن رغبة والده فى تزويج امل من تاجر مخدرات في مثل عمره وما لاقاه هو على أيدى مساعديه حين فكر فى الاعتراض على هذا الزواج وفى النهاية أخبره عن عودته من عمله يوما ما ليجد هذا الرجل بغرفة شقيقته يسبح في دماءه القذرة ولم يعثر إلا على ملابسها التى تحمل دماء هذا الشخص.

**********************

دق الباب فتوجهت إحدى الفتيات تفتحه ليتفاجأ محمود من هيئتها ويقول بإضطراب : من فضلك امل موجودة 

أطلقت الفتاة ضحكة رنانة وهى تقول بغنج : امل .ادخل يا عنيا جوة فى اوضتها .

شعر بالخوف لمجرد تواجد شقيقته مع مثل هذه الفتاة ولم يتقدم خطوة واحدة وقال : معلش هستناها هنا 

لتطلق الفتاة ضحكة أخرى تتوجه للداخل تاركة محمود خلفها بأعين متسعة 

كانت امل نائمة منذ الصباح لقد صلت ركعتين فقط ونامت ليكون هذا يومها الثاني الذى لم يراودها فيه ذلك الكابوس المرعب 

لتستيقظ على دقات الباب وصوت الضحكات الرنانة اتجهت للخارج لتصطدم برفيقتها التى رفعت أحد حاجبيها وهى تنظر لها من أعلى لاسفل وتقول بلهجة ساخرة : انت صحيتى يا روحى ...فى واحد عاوزك برة 

تاملت ملامحها المندهشة لتضحك وتقول: بس ماكنتش اعرف إن كيفك فى الاندرايدچ 

واطلقت ضحكة أخرى وهى تتوجه لغرفتها تاركة أمل تتعجب ممن قد يأتى لزيارتها !! 

لتتجه للباب اخيرا تقدم قدم وتؤخر أخرى وكم كانت دهشتها حين وجدت محمود بالباب .

اسرع محمود نحوها بلهفة لترتمى بين ذراعيه تبحث عن شئ من الأمان ليقول معاتبا : كدة يا امل ؟ تعملى فيا كدة ؟ انا قلبت الدنيا عليكى .

عادت إليها الذكريات لترتجف فيشد ذراعيه حولها فتبدأ بالبكاء : والله يا محمود ماكان قصدى اموته 

خرجت سلڤيا لتستمع لآخر كلماتها فتشهق بفزع وتصيح : يا مصيبتى يا امل انتى هربانة من جناية ؟؟

ليزداد خوف امل وهى تبتعد عن محمود الذى قال : انت اتسرعتى لما هربتى هو مامتش انا رجعت لقيته عايش وبلغت البوليس ومن منظر هدومك ماكانش صعب تخيل اللى حصل 

عادت خطوة للخلف بفزع وهى تقول: اوعا تكون جاى تاخدنى علشان اتجوزه .

نظر لها بلوم وشفقة : انا يا امل ؟؟ انا ارميكى كدة ؟؟

ظلت سلڤيا تتابع فى صمت بينما تنهد محمود: علفكرة هو اصلا اتسجن ..كان عليه حكم مؤبد فى اسكندرية وكان مستخبى فى دمنهور واول ما اتنقل المستشفى حطوا عليه حراسة واتحول على السجن بعدها .

أشرق وجهها اخيرا وهى لا تصدق انها لم تنجو فقط من قتله بل نجت ايضا من زواجه فهرولت نحو محمود بلهفة: بجد يا محمود ...يعنى لو رجعت معاك ابويا مش هيغصب عليا اتجوز 

اطرق محمود برأسه أسفا: ابوكى مات من شهر .

تسربت الفرحة التى دخلت لقلبها توا وأصبحت مشاعرها مختلطة ،مرتبكة ،اتسعد لتخلصها من أفعال أبيها !! ام تحزن لفراقه !! ام تأسف لعدم تمكنها من توديعه !! 

شعرت سلڤيا بالاسف لحالها فإقتربت تربت على ظهرها بحنان: معلش يا امل . الله يرحمه..

نظرت ل محمود نظرة فخر وهى تقول: خدها من هنا ...هنا اصلا مش مكانها ..

عادت تربت على ظهر امل : تعالى يا امل ..غيرى هدومك وروحى مع اخوكى يا حبيبتي..واحمدى ربنا أنه نجدك من العيشة دى .

سارت معها امل بلا إرادة ،ساعدتها سلڤيا فى تبديل ملابسها ولم تأخذ أى من متعلقاتها ..تركت كل شئ ل سلڤيا تتصرف فيه كما تشاء لتغادر مع محمود وقلبها يرتجف ارتجافا مؤلما .فقد نجت من كل مخاوفها فى لحظات . لن تعود ل غسان ..لن تعود للبار ...لن ترى أبيها مرة أخرى ولن تأسف لأجله مجددا ..لن تتزوج رغما عنها ولن ...

أصاب قلبها الحزن حين وصلت لذكره فهى لن تراه مرة أخرى .ذلك الفارس ساحر العينين ..سيصبح هو أيضا جزء من الذكريات .لكن يكفى أنه الذكرى السعيدة الوحيدة التى عادت بها من تلك المدينة.

عادت لمدينتها التى ظنت انها لن تعود لها مرة أخرى وأول ما فعلته حين دخلت المنزل بحثت عن سجادة الصلاة الخاصة بوالدتها واسرعت تصلى وتبكى خوفا من عقاب الله وطمعا فى رحمته فهى من اوصلت نفسها لهذه المرحلة بهروبها من المواجهة وهروبها من المنزل

                   الفصل الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>