رواية حين تنطق القلوب الفصل الخامس5بقلم الكاتبه المجهوله

رواية حين تنطق القلوب
 الفصل الخامس5
بقلم الكاتبه المجهوله 
كانت ليلى تجلس أمام مكتبها الخشبي في آخر المكتبة، والشمس تتسلل من النوافذ الطويلة لترسم ظلالًا هادئة على الأرض.
صوت المروحة القديمة في السقف يدور ببطء، وصفحات دفترها تتحرك بخفة، كما لو كانت تُشير لها أن تكتب.
لكنها لم تكن تحتاج إشارة.
كانت تفعلها كل ليلة.
تكتب إليه… دون أن تنوي يومًا أن تعطيه أيًّا من تلك الرسائل.
رفعت القلم وبدأت:
"آدم...
أكتب إليك لأن الكلام معك وجهًا لوجه يُربكني.
لست معتادة على أن أرتب مشاعري أمام أحد، ولا أن أُعلن قلقي على شخص بالكاد أعرفه.
لكني أعرف ما يكفي… أعرف كيف تتغير ملامحك عندما تصمت، وكيف تهرب عيناك حين يسألك أحد عن ماضيك.
وأعرف أيضًا أنك طيب... بطريقة مؤلمة.
لا تقلق، هذه الرسالة لن تصل إليك.
مثل كل ما أكتبه، سيبقى بيني وبين الورق… هذا الورق الذي لا يخاف صدقي.
تنهّدت، وأغلقت الدفتر ببطء.
كان مليئًا برسائل كثيرة، كتبتها كلها له، ولم تسلّمه أيًّا منها.
رسائل كتبتها بعدما يرحل، بعدما تنطفئ خطواته عن باب المكتبة، بعدما تغلق الأنوار ويبقى هو في ذهنها… ظلًا يتحرك بهدوء داخل قلبها.
في كل رسالة، كانت تضع قطعة صغيرة من مشاعرها، وكأنها تبني بها جسرًا سريًا يصل إليه دون أن يدري.
في اليوم التالي، دخل آدم كعادته.
عيناه أقل تعبًا هذه المرة، يحمل كتابًا بيده، ويبدو وكأنه جاء ليبقى أطول.
جلس أمامها، ثم سأل فجأة:
— "هل تكتبين شيئًا؟"
ارتبكت، وكأنها أمسكت بالجرم المشهود، لكنها تمالكت نفسها وقالت:
— "أكتب ملاحظات فقط… عن الكتب."
ابتسم وهو يتأملها، ثم قال:
— "أنتِ لا تبدين من النوع الذي يكتب عن الكتب… بل من النوع الذي يكتب عن الناس."
قالت وهي تُشيح بنظرها:
— "وهل هذا عيب؟"
— "أبدًا… بل موهبة نادرة."
صمتا للحظات، ثم همس:
— "أحيانًا أشعر أن لديك شيئًا لا تقولينه... وكأنك تخافين أن يُفهم بطريقة خاطئة."
نظرت إليه طويلًا… وكادت تقول "بل أكتب إليك كل ليلة"، لكنها ابتلعت الكلام، وبدلًا من ذلك قالت:
— "كلنا نخفي شيئًا يا آدم... بعضنا يخفي ألمًا، وبعضنا يخفي أمنية."
أومأ برأسه وقال:
— "وأنتِ؟ ماذا تُخفين؟"
ضحكت بخفة، وأجابت:
— "أخبّئ رسائل لا تُرسل… هذا كل شيء."
لم يكن يعلم أن تلك الكلمات تحمل صدقًا أكثر مما تخيّل.
لم يكن يعلم أن بين صفحات دفترها، يعيش هو... دون أن يدري
                  الفصل السادس من هنا
تعليقات



<>