رواية حين تنطق القلوب
الفصل الثاني2
بقلم الكاتبه المجهوله
مرت ثلاثة أيام منذ سقوط الكتاب ولقاء ليلى بآدم، لكنها لم تتوقف عن التفكير فيه.
لم تكن معتادة على أن يثير أحدهم فضولها بهذا الشكل.
فآدم لم يكن كمن يمر مرورًا عاديًا... كان يشبه فصلاً ناقصًا في كتاب، تقرأه مرارًا في رأسك دون أن تعرف ما الذي سيحدث بعده.
في صباح اليوم الثالث، كانت ليلى تجلس خلف مكتبها الخشبي في المكتبة، تنظر من بين الكتب المصفوفة نحو الباب الزجاجي، كأنها تنتظر دخول شخص ما، أو ربما أن لا يدخل.
حتى هي لم تكن تفهم ما تنتظره بالضبط.
وفجأة، فتح الباب...
دخلت نسمة هواء عليلة، وتبعها هو.
آدم.
نفس القميص الأبيض، لكن عينيه كانتا أكثر صفاءً هذه المرة، كأن شيئًا داخله بدأ يهدأ.
اقترب بهدوء، وألقى نظرة سريعة على المكان، ثم قال:
— "المكتبة أهدأ مما توقعت... والهدوء نادر."
ابتسمت ليلى:
— "الناس لم تعد تقرأ كثيرًا... الكتب الآن فقط للزينة."
قال وهو يقلب رواية بين يديه:
— "ربما لأن الكتب تُجبرنا على سماع أنفسنا، وهذا ما لا يتحمله أغلب الناس."
نظرت إليه مطولًا، ثم قالت:
— "هل جربت أن تكتب؟ يبدو أنك تفهم الكتب أكثر مما تقرأها."
ضحك للمرة الأولى، وكانت ضحكته هادئة، قصيرة، لكنها صادقة.
— "كتبت يومًا، ثم توقفت... الكلمات تُحاكم أصحابها أحيانًا."
سألته وهي تراقب ملامحه:
"وهل هربت من محكمة الكلمات؟"
صمت قليلًا، ثم نظر من نافذة المكتبة نحو البحر البعيد:
— "هربت من شيء، ولا أعرف إن كنت وصلت."
ثم أضاف بصوت أهدأ:
— "أنا فقط أريد أن أختفي قليلًا."
هنا، شعرت ليلى بشيء غير مألوف...
آدم لا يبدو هاربًا من الناس فقط، بل من نفسه أيضًا.
وهذا ما جعل ظله مختلفًا... ظلٌ لا يتبع خطواته، بل يسبقه.
ناولته كتابًا كان أمامها على الطاولة:
— "اقرأ هذا... ربما تجد فيه بعض إجاباتك. اسمه الذين عادوا إلى الحياة بعد موتهم الأول."
أخذ الكتاب، نظر إلى الغلاف، ثم إلى عينيها:
— "هل تعتقدين أن الإنسان يمكنه أن يعود بعد موته الأول؟"
أجابت دون تردد:
— "أنا أؤمن أن القلوب تموت أكثر من مرة... لكن بعضها يعود حين تلمسه يد صادقة."
ساد الصمت لحظة.
ثم غادر آدم دون أن يقول كلمة أخرى، والكتاب بين يديه.
وهي... بقيت تحدّق في الباب الذي أغلقه، وتشعر أن هذا الرجل ليس زائرًا عاديًا.
بل بداية حكاية... لم يُكتب عنوانها بعد.
