رواية حين تنطق القلوب
الفصل العاشر10
بقلم الكاتبه المجهوله
مرت الأيام، وأصبح لقاؤهما شيئًا من الروتين الجميل، كأنهما يشكلان عالمًا صغيرًا خاصًا بهما وسط صخب الحياة.
في المكتبة، وعلى سطح العمارة، وحتى في المقهى الصغير، حيث يعزف آدم ألحانه بصمتٍ يعانق صدى نبض قلبيهما.
لكن مع كل ابتسامة ومحادثة، كانت الحقيقة تقترب ببطء، تلوح كظل لا يستطيعان تجاهله.
كانت ليلى تشعر بحجم المشاعر التي بدأت تملأ صدرها، لكنها ما زالت تخشى أن تبوح، تخشى أن تُكسَر على صخور ماضي آدم... أو على خيبات قلبها
في مساء شتوي بارد، دعاه آدم لزيارتها في شقتها للمرة الأولى.
كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت من مصباح طاولة، والكتب تصطف على الرفوف كأنها شهود على قصص كثيرة، وبعضها كان شاهداً على بداية قصة جديدة.
جلسا مقابل بعضهما، يشربان الشاي ببطء، وكأنهما يحاولان سحب كل لحظة من الزمن إلى أبدية.
نظر إليها آدم بعمق، وقال:
— "ليلى... أريد أن أكون صريحًا معك."
ابتلعت ريقها، وتشابكت أصابعها، تتابع كلماته بخشوع.
— "لم أخبرك بكل شيء عن الماضي، ليس لأنني أردت إخفاء شيء... لكن لأن الألم كان ثقيلاً جدًا."
أسرّ ليلى: "أنا هنا لأسمعك، مهما كان الماضي."
تنهد آدم، وأخذ نفسًا عميقًا، ثم بدأ يروي قصته التي لم ينتهِ منها بعد.
— "بعد موت لينا، تحولت حياتي إلى دوامة لا نهاية لها. فقدت الثقة في نفسي وفي الناس، وكلما حاولت أن أبدأ من جديد، كان الماضي يعود ليطاردني... يذكرني بفشلاتي، بخيباتي، بجروح لم تلتئم."
أضاف:
— "كنت أظن أنني لو تخلصت من كل علاقة، سأشفى... لكنني كنت أهرب من نفسي، من الألم الحقيقي."
توقف قليلاً، ونظر إليها:
— "كنت أخشى أن أحب مرة أخرى، أن أُجرح من جديد. لكنكِ... جعلتني أجرؤ على النظر في المرآة، أجرؤ على مواجهة نفسي."
شعرت ليلى بدموع تخالج عينيها، لكنها ابتسمت بثبات:
— "آدم، الحب ليس حلاً لكل شيء، لكنه يمكن أن يكون بداية لكل شيء. لا تتوقف عن المحاولة."
تلك الكلمات كانت نقطة تحوّل
في الأيام التالية، بدأ آدم يفتح قلبه أكثر فأكثر، يتحدث عن أصدقائه، عن أحلامه التي لم تتحقق، عن خوفه من أن يُحب بلا حماية.
أما ليلى، فكانت تضيف قطعة من دفئها، تمنحه الأمان الذي فقده طويلاً.
في أحد الأمسيات، جلسا على شرفة شقتها، وكان القمر ينير السماء بنوره الفضّي.
همس آدم:
— "هل تعلمين؟ كل مرة أنظر إلى القمر، أتذكر كم أن الحياة قصيرة، وكم أن القلب بحاجة إلى صدق أكثر من أي شيء آخر."
قالت ليلى:
— "وأنا أريد أن أكون صدقك في هذه الحياة."
اقترب آدم، وأمسك يدها برقة:
— "أنا لا أعدك بالكمال، لكني أعدك أن أكون هنا... حاضرًا، حقيقيًا."
شعرت بدفء ينتشر في قلبها، وكأنها أخيرًا عثرت على موطنها.
لكن كما في كل قصة حب، تأتي التحديات.
في اليوم التالي، تلقى آدم رسالة غير متوقعة، من شخص من ماضيه، تحمل أخبارًا قد تهزّ عالمه من جديد.
قرأها وهو يتصبب عرقًا، ووجهه شاحب، لكنه أخفى الأمر عن ليلى.
تلك الرسالة، كانت بداية فصل جديد...
فصل سيختبر صدق حبهما، وقوتهما في مواجهة ماضي لا يزال يرفض أن ينام.
