رواية خسوف القمر الفصل السادس6 بقلم نداء علي


 رواية خسوف القمر الفصل السادس6 بقلم نداء علي
رواية خسوف القمر بقلم نداء علي
وقد يبدو الندم كلمة حروفها بسيطة لكنها من أشد الكلمات فتكاً وتدميراً لصاحبها تجعله هائماً بين عالمين، احدهما يحيا به ويرفضه والاخر قد تولى ويتمني أن يسترجعه. نبقى نتأرجح بين ااااه ولو، ويمضي العمر إلى أن ينتهي فلا نحظى بحاضرنا ولا نمتلك رفاهية العودة الى الماضي واصلاح ما أفسدناه ولا يبقى لنا سوى الندم.
نظر جاسر بتعجب ونفور الى طليقته وهي تساومه بجرأة أجفلته ، ففي بادئ الأمر إعتقد انها قد اشتاقت الى طفلتهما الصغيرة لكنها تحدثت اليه بقوة قائلة:
استمع اليَ جيداً يا جاسر أنا لن أتخلى عن أحلامي ومستقبلي من أجلك انت وطفلتك. 

جاسر : وما شأني أنا وشأنك، هل جننت؟!

تيماء : لم أجن بعد، لقد أتت اليَ والدتك تخيرني بين العودة إليك أو أخذ ماسة فأنت ترغب بالزواج.

لم يصدق جاسر ما يحدث فتحدث مستنكراً 

وهل أصابني العته لكي اسلمك طفلتي.

 

هل امرأة مثلك تؤتمن على تربية طفلة كماسة؟! 

تيماء : هل تدعي إذن أم أن والدتك أتت اليَ دون علمك؟

جاسر : بكل تأكيد فأنا لم ولن أثق بك مرة ثانية واطمئني يا تيماء ابنتي ستظل معي ما حييت.

تيماء بتوتر : أنا لم اقصد ولكن ماسة تحتاج الى رعاية وأنا أقضي يومي بأكمله بالعمل..

قاطعها جاسر قائلاً:

لا داع للتبرير فأنا أحفظك عن ظهر قلب يا تيماء أنت للأسف لا تستحقين لقب أم ولكن شاءت الأقدار أن تبتلي ابنتي بأم مثلك. 

تيماء بغضب : لم يكن هذا رأيك فيما مضى لقد توسلت اليَ طالباً الزواج بي بعدما فسخت خطبتك بتلك الفتاة أم انك نسيت؟

جاسر بندم : ليتني أنسى وليتك ما دخلت الى حياتي. 

تيماء مغادرة المكان دون الالتفات لطفلتها :

حقاً انت انسان لا تحتمل..

أغمض جاسر عيناه محاولاً كبت انفعالاته لكن صوت والدته المتهكم جعله يصرخ بوجهها قائلاً:

ألم أطلب إليكِ ألا تتدخلين بما يخصني، لمَ قد ذهبت الى تيماء؟

والدة جاسر : ألم تخبرنا أنك تود الزواج بأخرى، لقد حاولت إثارة غيرتها ربما ترجع إليك والى طفلتها. 

جاسر بحدة : وانا لا أريدها، أنا أكرهها وأكره ضعفي الذي جعلني انساق وراءك واتزوج بامرأة متحجرة القلب كتلك.

والدة جاسر : أليست أفضل من تلك الدميمة التي تنوي أن ترجع اليها وتقضي جوارها حياتك القادمة.

نظر اليها جاسر بانهيار هامساً

قمر ليست دميمة بل انا الملام فيما حدث.

لقد تأثرت بكِ، كنت مشتتاً واستغليتِ ضعفي وجعلتِ تلك الجاحدة تتقرب إليَ فلم أدر ما حدث وكيف انتهي بي المطاف زوجاً لها.

لا أعلم كيف تخليت عن قمر. 

حملت والدته ماسة بعدما غلبها النوم ونظرت اليه وكأنها لم تستمع إلى أي من كلماته قائلة:

افعل ما تشاء فمهما حدث أنا على يقين انك لن تتحمل البقاء مع قمر مطولاً.

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

هبطت نسمة الى الأسفل تبحث بعينيها عن زوجة عمها التي اقتربت منها متسائلة بحب 

أين علياء؟

نسمة : لقد أخبرتني أنها لن تأت معنا، 

هي مازالت متعبة وتعاني من ألم حاد برأسها. 

زوجة العم بحزن : لو أنها وافقت على الذهاب معنا الى الطبيب أما كان أفضل لها. 

نسمة : لا تقلقي يا خالة سوف نطمأن عليها بعدما نرجع الي القاهرة. 

زوجة عمها برفض : لقد أخبرني عمك أنكما لن تذهبا يا نسمة، هو فقط يجاري علياء في حديثها كي تهدأ قليلاً لكنه قد عزم أمره على بقاءكما معنا يا بنيتي فعقب زواج حورية سوف يسعى عمك الى استكمال دراستك هنا.

 

نسمة بسعادة : حقا يا خالة ؟

احتضنتها زوجة عمها قائلة:

بل قولي أمي كما كنت تقولين في صغرك.

 

نسمة : حسناً يا أمي، أنا سعيدة للغاية وأتمنى أن توافق علياء.

 

زوجة عمها : دعك من علياء وعنادها فأنا أعلم ما يؤرقها وهيا بنا نشتري ما يلزمنا قبل أن يرجع عمك وعثمان من الخارج.

 

ظلت علياء بغرفتها تود النوم ولو قليلاً لكنها لم تستطع، تحركت متوجهه الى أسفل لكن صورته الموضوعة بالرواق استوقفتها.

 

كم اشتاقت اليه والى قربه لكنها قد حرمت منه مرغمة، كم تود الاقتراب منه والنظر اليه ملياً لكن نظراته تبعدها. 

أخذت تتأمله وكأنها تائهة بين ملامحه.

 

تنهدت بضيق فتحدث هو بحزن بعدما أتى الى البيت ولاحظ شرودها أمام صورته قائلاً:

هل أعجبتك صورتي الى ذاك الحد ؟

علياء دون الالتفات اليه:

ربما أبحث بها عن شئ لا أجده عندما انظر اليك!

عثمان : لم يتغير شئ، بل انت من تغيرتِ

علياء : مؤكد انني تغيرت كثيراً فعندما يخذلك أمانك ومصدر قوتك تغدو روحاً حائرة لا تحب ولا تثق بأحد تنتظر دوماً الغدر والخذلان. 

عثمان بغضب : وهل أنا من خذلتك أم انت من خان العهد ؟

علياء : لا يهم من منا قد فعل، الأهم أننا تغيرنا يا عثمان.

صمتت مطولاً لتسأله بترقب: 

لمَ لم تتزوج الى الآن ؟؟

عثمان باندفاع : لقد تقدمت الى خطبة فتاة بالخارج لكنها لم تشأ الرجوع معي الى مصر.

 

اغمضت علياء عينيها بضعف وتحدثت بصدق قائلة: 

ارجو لك السعادة يا عثمان، لطالما تمنيتها لك.

 

سعادتي كانت معك وبك وبعدما افترقنا لم أذق للسعادة طعماً، ليتنا ما كبرنا يا علياء ليتك بقيت طفلتي التي اعشقها في صمت.

 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

تطلع يامن الي وجه الطبيب الواقف أمامه بتعجب فلاحظ نظراته المتأملة لقمر.

تساءل يامن دون تردد قائلاَ:

هل انت على سابق معرفة بقمر؟! 

تنحنح الطبيب بحرج قائلاً:

 

لا، ولكن تلك العيون تجذبك الى النظر اليها مراراً

يامن بتحذير : دكتور أشرف أنا اعتبرك صديق عزيز فلا داع لما تقول وليتك تتعامل مع قمر كما تتعامل معي. 

أشرف ممازحاً : هل تغار أم ماذا؟

يامن بجدية : لا انا لا أغار فهي ليست امرأتي ولكنها مسؤولة مني وينبغي عليَ حمايتها كما أنها فتاة مهذبة ولا يجوز النظر اليها بتلك الطريقة. 

أشرف : وان قلت أنني معجب بها؟

يامن : اذاً تحدث اليها وان كنت ترغب في الارتباط بها فلتفعل.

 

أشرف : حسناً، سوف أفكر في الأمر، 

واعتذر ان كان تصرفي قد اغضبك. 

غادر أشرف وتوجه يامن الى قمر قائلاً بحدة غير مبررة: 

هل تضعين عدسات لاصقة؟

نظرت اليه قمر بدهشة قائلة:

بالطبع لا، لمَ تسأل؟!

يامن بتوتر : لا شئ ولكن الأفضل أن تنتقبي كلياً بدلاً من اظهار عينيك هكذا، فهي فتنة. 

تعلقت نظراتها به وتوقف عقله عن استيعاب ما تفوه به.

أرادات قمر نهره لكنها ارادت الاستمتاع بتلك اللحظة وان كانت لحظة وقتيه ستنتهي لا محالة الا أن احتياجها الى كلمات تشعرها بكونها انثى جعلها تؤثر الصمت.

تكرار رنين هاتفه جعل كليهما ينتبه الى الواقع، فيامن لن يسمح لقلبه بالتعلق بأحد وقمر عليها ان ترجع الي شرنقتها كي لا تقابلها صدمة اخرى فتكن القاضية.

اجاب الاتصال فابتسم تلقائياً عندما استمع الي صوت والدته تحادثه قائلة:

كيف حالك يا صغيري؟

قهقه يامن قائلاً:

بخير يا حبيبتي

نهال : أنا بالقرب منك هل أتى إليك وأتناول قهوتي معك

يامن بترحاب : وهل لي أن أرفض شرفاً كهذا، أنا بانتظارك. 

ادار يامن وجهه الي قمر قائلاً:

والدتي في طريقها الى هنا.

قمر بهدوء : حسناً.

يامن : لقد نفذت القهوة لدينا سأذهب مسرعاً واحضر البعض منها، هل ترغبين بشئ؟! 

قمر : شكراً لك.

 

بعد قليل عاد يامن وفي اعقابه والدته.

 كانت تبدو سيدة في منتصف عقدها الخامس، أنيقة دون اسفاف وجمالها ذو رونق مميز.

 

تبادلت التحية مع قمر وتحدثتا الى بعضهما بينما يامن قد اعد القهوة كما تهواها والدته.

 

ارتشفت نهال قهوتها بهدوء وعيناها تتابعان قمر التي كانت تدعي الانشغال بعملها بينما قلبها ينبض بعنف فهي لم تعتد بعد التعامل المباشر مع أناس جدد.

تحدثت نهال بود قائلة:

لقد حدثني يامن عنك كثيراً

قمر بترقب  : حقاَ، وهل ما قاله مدحاً أم ذم؟

ابتسمت نهال قائلة: 

يامن عندما يغضب من شخص لا يذكره مطلقاً

قمر : حسناً، هذا يعني انني محظوظة للغاية فهو ليس غاضباً مني. 

نهال : وكيف له أن يغضب من فراشة رقيقة مثلك ما شاء الله تبدين جميلة يا قمر هل لي برؤية وجهك؟ 

الهلع البادي بعيني قمر جعل نهال تتراجع قائلة :

لا تفزعي هكذا، لقد كنت أمازحك.

 

امتلئت عيني قمر بدموع نجحت في إخفاءها لكن يامن الواقف جوار والدته قد لاحظها وبدأت شكوكه في الازدياد حيال قمر.

كم أن الحياة متقلبة، تارة هادئة وتارة أخرى يعلو صخبها فيصم الأذان.

 

تعجبت قمر في نفسها مما يحدث فرؤيتها الآن لوالدة يامن كان أشبه بالصفعة القاسية التي ايقظتها من حلمها الواهي في حب محال ووصال لن تنله مطلقاً.

 وكيف تناله وهي ترتعب من رؤية نهال لوجهها المشوه.

 

بينما كان عقل يامن حائراً يتخيل أسباب عدة لتوتر قمر وهداه تفكيره الى أن بحياتها سر ما وربما شخص ما جعلها تخشى التعامل والاقتراب ممن حولها. 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

 

اقترب موعد العرس المنتظر ببيت عثمان واستغلت علياء التجهيزات في شغل وقتها بأكمله وفعل عثمان المثل كي يبتعد عن دربها قليلاً ربما تهدأ ويهدأ معها نيرانه التي تندلع كلما تذكر اقترانها بسواه 

محال أن يتركها ثانية لكنه لا يعرف السبيل الى استعادتها واستعادة  روحه التي ضلَ السبيل اليها

استعادت قمر بعضاً من ثباتها ونجحت في كبح جماح نفسها التواقة في فرصة ثانية للعيش.
هب يامن واقفاً بقلق عندما اقتحم الصيدلية بعضاً من رجال المباحث تقدم احدهم قائلاً:

هل أنت المالك لتلك الصيدلية؟

اجابه يامن : أنا المسؤول هنا
الضابط : معي أمر من النيابة العامة بالقبض على المالك، وصاحبة ذاك التوقيع، قمر القادري.

تعليقات



<>