رواية خسوف القمر الفصل السابع7 بقلم نداء علي


 رواية خسوف القمر الفصل السابع7 بقلم نداء علي
وقد يمل القمر من إدعائه لبث الضوء بالسماء المظلمة وهو يعلم يقيناً انه معتم لا ضوء بداخله بل يتغلل بداخله ظلام دامس

يستمع الى همس البشر فيما بينهم متغزلين بجماله، يستغله العاشق في وصف معشوقته واصفاً إياها بالقمر فيصيبه ألم يجعله يختبأ خلف خسوفه الذي يحميه من تلك العيون الناظرة اليه ويبكي حظه العسر. 

كانت تنتحب في وقفتها وينتحب الكون من حولها فقد طغى الظلم من جديد وها هي بمحكمة يبدو أنها قد اتخذت قرارها قبل التحقيق.

تحدث الضابط بجمود وغلظة قائلاً:

توقفي عن البكاء والعويل أيتها البائسة واخلعي عن وجهك ذاك الغطاء.

 

نظرت اليه في تألم وكأنها ترجوه أن يتركها هكذا فهي لن تحتمل تلك المواجهة

نهرها الضابط بحدة اعتادها في تعامله مع من يتعامل مع إجرامهم يومياً فامتنعت قمر عن خلع نقابها وتشبثت به بقوة

هب واقفاَ متجهاً اليها لحظات وقد نزعه عن وجهها بقوة.

 

نظر اليها باشمئزاز فازداد انهيارها ووجه نظراته اليها متسائلاً بتهكم:

وهل ترتدين النقاب لإخفاء ذاك الجمال الطاغي !

خبأت قمر وجهها بكلتا يديها وحاولت البقاء ساكنه مكانها تتمني ان تفيق الان من ذاك الكابوس المرعب. 

وجه بصره الى الرجل الواقف أمامه قائلاً:

اعدها الى الزنزانة الي ان يأتنا جديد بشأنها، لا اعلم أي حظ عسر أوقعها بين يدي هؤلاء القوم.

 

............................... 

بخارج غرفة التحقيق كاد يامن أن يفقد عقله من صدمته.. مر يومان ولا يرغب أحد في توضيح ما حدث وما سبب القبض على قمر والسيد داوود مالك الصيدلية .

 

تحدث الى محاميه بشئ من الحدة قائلاً:

ما الذي تقصده بأنه لم يظهر أمر جديد.

هل سيبقي السيد داوود وقمر هكذا ؟

اجابه المحامي بجدية : 

سيد يامن لقد أخبرتك بعدما إطلعت على اوراق الدعوى ان السيد داوود تم القبض عليه باعتباره مالكاً للصيدلية وقمر هي من وقعت باستلام تلك الأدوية المحظور تداولها.

 

يامن : لكن ذلك لم يحدث قمر مطلقاً لم توقع أوراقاً كتلك سوى مرة واحدة كنت أنا خارج المحافظة وأوكلت إليها التوقيع بدلاَ مني، تلك جريمة ملفقة.

 

المحامي : للأسف هناك أمر ما غير مفهوم وربما كانت الشكوى المقدمة كيدية من منافس ما..

 

يامن : اذا عليك بإثبات ذلك واخراجهما. 

المحامي : الأمر ليس هيناً سيدي فالأوراق المقدمة لا ثغرات بها وكأن من أعدها مخضرم فيما يخص القانون.

 

شرد يامن وتأكد ان والده خلف تلك التهمة الملفقة، انتبه الي صوت المحامي فاستكمل يامن كلماته قائلاً:

أود رؤية قمر والسيد داوود الأن، عليك بالتصرف مهما تطلب الأمر.

 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

 

كانت والدة قمر تتخبط في خطواتها لا تعلم أين تذهب ولمن تلتجأ، كانت دعواتها لا تتوقف.

 

يومان مرا لم تترك باباً إلا وطرقته ربما تجد ابنتها ولكن دون فائدة.

هاتفها مغلق ولا تدر بأي مكان مقر عملها.

 

هرولت وقدماها لا تقويان على الحركة خوفاً من مجهول لا تعلمه، هل أصاب صغيرتها سوء، اما يكفها ما أصابها من قبل.

 

هل اختطفت ام قتلت، لم تستطع ان تحتمل تلك الهواجس القاتلة فجلست ارضاً بمدخل البناية.

 

من بعيد رآها جاسر الذي اتى راغباً في رؤية قمر.

 

اقترب منها بحذر فهو لم يلتق بها منذ ابتعاده عن قمر.

 

تحدث اليها بإشفاق قائلاً : 

ما بك يا خالة سميحة؟

في بادئ الأمر لم تتعرف اليه وسرعان ما تذكرته بعدما كرر سؤاله مرة أخرى، نظرت اليه بدموع فاضت من قسوة ما تعانيه قائلة:

ابنتي قد ضاعت يا جاسر، مر يومان ولم تعد، مؤكد انه قد أصابها مكروه.

 

ااااه يا بنيتي، لقد اكتفينا من تلك الدنيا ومصائبها التي لا تنتهي، اللهم رحمتك أرجو.

 

مد جاسر يده اليها هامساً بحزن :

لن يصيبها سوء إن شاء الله، هيا معي سوف نبحث عنها. 

لم تستطع سميحة الرفض رغم رفضها لوجود جاسر إلا أنها لا تجد بديلاً امامها.

 

تساءلت سميحة بصوت ضعيف من فرط وجعها :

أين سنذهب الآن، أين ينبغي بنا البحث عنها؟

جاسر : علينا الذهاب الى مقر عملها اولاً. 

سميحة : لكني لا أعلم أين هو.

 

جاسر بحزن : أنا اعلمه، فقد كنت اتبعها منذ فترة.

 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

وعيون العاشقين نوافذ تطل منها أسهم لا يصاب بها إلا من ذاق طعم الهوى وأتقن فهم لغته واشاراته.. لغة تجسد مشاعر يصعب البوح بها، غيرة واشتياق ووجع وندم وصراخ يدعوك للعودة. 

كانت علياء تتنقل هنا وهناك تحاول الاندماج بين فتيات كثر اتين لمباركة زواج ابنة عمها.

 

يتراقصن ويتضاحكن فيما بينهن، توجهت علياء الي غرفتها لترتدي ذاك الثوب الذي انتقته لها زوجة عمها فكان ثوباً مميزاً جماله هادئ وبعدما ارتدته علياء صار صارخ الجمال.

 

تحركت خارجاً بسعادة فهي تبدو الأن كأميرة فاتنة.

تلقاها عثمان بعينيه وليته ما فعل فبداخلهما صراعات مؤلمة.

يناظرها بإعجاب وتعجب من جمالها الذي ضاعفته السنوات ولم تضعفه.

غيرته كانت واضحة لحد مخيف وكأنه يحذرها أن يراها أحد سواه

عتابه كان مستكيناً بين مقلتيه لكنها استطاعت قراءته فبادلته اياه بعتاب أشد وأقوى.

مرت بجانبه فسلب عقله عطرها الهادئ الرقيق كحالها واستوقفها قائلاً:

تبدين نجمة في سماء لا نجوم بها سواك يا علياء

ابتسمت بخجل قائلة:

هل أنت واثق انه لا نجوم سواي فأنا أرى منهن الكثير الليلة.

ابتسم قائلاً: 

بل لم أر بحياتي نجمة سواك وربما كنت أرى بك نجمة وسماء وأرض وكون بأكمله لذا كان غيابك انسحاب لروحي.

 

بادلته هي نظراته وكلماته بهمس أعاده الي سنوات ماضية عندما قالت:

وانت كنت ولازالت ساكن الفؤاد ومليكه يا عثمان.

 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

اقتربت نهال من يامن ونادته باسمه التفت الي والدته وهرول اليها قائلا بيأس : 

أرأيت يا أماه، لقد نفذ تهديده وتسبب في أذية دكتور داوود وقمر. 

لاحظت نهال التعب البادي بوجه ولدها فرق قلبها لضعفه، امسكت بكف يده وخرجا معاً الي ان وصلا الي سيارتها الواقفة بالخارج.

 

جلست نهال وجلس يامن جوارها وظل صامتاً الي أن تحدثت هي قائلة:

هل تأكدت ان جمال وراء تلك الحادثة؟ 

يامن بغضب : ومن سواه، من بإمكانه شراء الذمم والتلاعب بحياة البشر سواه، من لديه القوة ليفعل فعلته.

 أقسم بربي لو لم يكن والدي لكنت قاتلاً له بلا ندم.

 

نهال برفض : يامن لا تدع غضبك يعميك عن كونه والدك. 

يامن : امي! لقد تسبب في إيذاء فتاة لا حول لها ولا قوة ورجل كل ذنبه أنه اتخذني ولداً له وغمرني برعايته. 

نهال : حسناً عليك الهدوء قليلاً والتفكير بترو كي نصل الى حل، هل رأيت قمر وداوود ؟

يامن : لا، لديهم تعليمات بمنعي عن رؤيتهم.

 

نهال بجدية : سأذهب اليه.

 

يامن بتأكيد : بل أنا ذاهب إليه الآن.

 

نهال : انتظر قليلاَ يا بني ربما يتمكن المحامي من الوصول الى مخرج، على الأقل نرى تلك الفتاة المسكينة أولاَ ونطمئن علي حال داوود.

 

أغمض عينيه ولا يعلم ما ينبغي عليه فعله.. استجاب لما قالته والدته فقلبه لن يطمئن الا بعد رؤية قمر وداوود. 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

تسمرت قدمي جاسر أمام الصيدلية بعدما وجدها مغلقة بأمر قضائي وتم تشميعها.

نظرت اليه سميحة ولا تدر ما حدث ولم يجد هو ما يقوله.

 

استوقف جاسر احد المارة الذي قص عليه ما حدث دون تجميل.

 

نفت سمحيه ما قاله ذاك الشاب بقوة ورفض

 

محال، ابنتي لم تكمل بالعمل هنا ستة أشهر، بالله عليكم دعونا وشأننا، هي أضعف من أن تؤذى أحداً فلمَ يصيبها كل ذاك الأذى. 

جاسر بجدية : هيا بنا يا خالة، علينا التوجه الى قسم الشرطة لمعرفة ابعاد القضية.

نظرت اليه سميحة بريبة وداهمتها ذكريات ذاك اليوم الذي تخلي فيه جاسر عن ابنتها فابتعدت عنه قائلة:

وانت لمَ عدت الآن وماذا تريد، ابنتي لن تحتمل غدراً منك ولا تخلى عنها.

 

جاسر بندم : اخطأت فيما مضي ولن اكرر الخطأ، ثقي بي وهيا بنا الآن فالوقت يداهمنا.

 

تحدث جاسر الى احد اصدقائه الذين يعملون بالمحاماة وسبقه الى قسم الشرطة للوقوف على ملابسات ما حدث.

 

ضمت قدميها الى صدرها واحكمت احتضانها لجسدها علها تختبئ بداخل ذاتها، اقتربت منها احدى السجينات فتراجعت قمر بفزع الي الخلف.

 

تحدثت اليها المرأة قائلة: 

ما بك يا فتاة.. لمَ تبكين هكذا، لا داع للخوف سوف تعتادين الأمر فكلنا في البداية كنا خائفات.

 

تعالت الضحكات الساخرة من حولها فاستطردت المرأة قائلة :

لقد أتيت الى السجن مرات لم أعد أعلم عددها، صرت اعتبره بيتي الثاني، وانت كذلك سوف تألفين العيش بين جدرانه فلا تبكين هكذا وعليك بالصمود.

 

نظرت اليها قمر بعدما رفعت وجهها اليها فتألمت المرأة لحالها، مسدت فوق رأسها قائلة:

انا بجانبك ان أردتي النوم فافعلي، لا تخافي فأنا لدي ابنتان يقربناك بالعمر.

 

أغمضت قمر عينيها على الفور وانهكها الخوف فتاهت في بحور النوم الغارقة.

 

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

 

نظر جمال الي راشد وقد استحسن صنيعه كثيراً تحدث اليه بتساؤل:

كيف استطعت الحصول على امضاء تلك الفتاة يا راشد ولمَ هي؟

اجابه راشد بثقة : عندما ذهبت في المرة الأولي الى هناك وادعيت انها سيئة الخلق صدق حدسي وساندها يامن بيك بقوة فأدركت حينها أنه لن يدعها تسجن في قضية خاصة عندما يعلم أنها قضية ملفقة. 

جمال : وان لم يهتم وتركها؟

راشد : ان لم يهتم لأمرها سيهتم لأمر داوود العدلي فمكانته كبيرة لدي يامن بيك ومحال أن يتخلى عنه ويتركه يتعفن وراء القضبان.

قهقه جمال قائلاً: 

ليته يفعل ويتركه فداوود هذا هو من قوى قلب يامن وسانده عندما تركني وذهب للعيش مع والدته. 

راشد : لا تقلق سيادتك، لقد اتفقت مع الجميع وسوف تسير الأمور كما تريد.

جمال : لا أريد ليامن ان يتأذي بأي شكل، هل تفهمني؟

راشد بطاعة : مؤكد سيادتك، يامن بيك لا شأن له مطلقاً بما حدث، فالذنب كله يقع على عاتق تلك الحمقاء التي أدخلت نفسها في دائرة مغلقة لا خروج منها الا بعودة يامن بيك الى هنا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

بالرواق المؤدي لغرفة التحقيق عاد يامن الي الوقوف عله يجد حلاً وبالجانب المقابل كان جاسر واقفاً والقلق يعتريه بعدما أخبره المحامي ان القضية ملفقة بحرفية واتقان وان يداً عليا وراء الامر بأكمله.
تساءل جاسر في غضب 

وقمر ما شأنها واي يد عليا تلك التي قد تنالها بأذى وهي علاقتها بالعالم الخارجي تقتصر علي والدتها وصديقتها.

انتبه يامن كلياً الى حديث جاسر بعدما اخترق سمعه اسم قمر...ة
تعجب يامن بشدة من ذاك الجاسر واقترب منه متسائلا بترقب:
هل تتحدث عن قمر القادري
جاسر بجدية : أجل، هل تعرفها ؟ 

يامن : أنا يامن، الطبيب الذي اعمل معها بالصيدلية .

أمسكه جاسر من تلابيبه جاذباً إياه بكره وغضب قائلاً :

أين قمر.. وما شأنها وشأن عملك الملوث؟!
دفعه يامن بحدة قائلاً:

ان مددت يدك ثانية، كسرتها لك .

باغته جاسر بلكمة قوية فردها يامن مضاعفة له.
يامن : أيها الحقير كيف تجرؤ على ضربي؟

جاسر : واقتلك يا أحمق ان لم تقل لي أين قمر.
يامن بغضب : ومن أنت ؟

جاسر : أنا خطيبها.

تعليقات



<>