رواية تشابك ارواح الفصل الخامس والثلاثون35بقلم امينة محمد

رواية تشابك ارواح 

الفصل الخامس والثلاثون35

بقلم امينة محمد

"الخسارة"؛ قيل عنها الكثير والأقاويل، قيل أنها تقتل الروح وتقيد القلب، تجعلك كما مُدمن لا يجد العقاقير السامة التي ستولج لجسده فتجعله كما المنتشي، خسارة المُحب للمحبوب تؤلم القلب وتُبكي العيون دمًا.
كان واقفًا في صدمة لا يقوى على الحركة بسبب ما لمحه الآن، أُخذت أمام عينيه في سيارة سوداء؛ أُختطفت.
يشعر وكأنه ميت، قدماه لم تعد تحملانه، ليس بسبب خنجرٍ قتله، وليس بسبب رصاصة قاتلة، ولا سمٌ قاتل؛ وإنما بسبب ما رأه الآن قيده كما المسجون.
هوى سريعًا ناحية الباب وغادر البناية بأكملها ولكنه لم يلحقهم لسرعة تلك السيارة، ولحظه أن «حمزة» للتو وصل للحارة بسيارته بعدما أوصل «رزان» لمنزلها.
تحرك من السيارة سريعًا ناحية «مروان» يسأله بقلقٍ:
"في إيه؟ أنت واقف كدا ليه؟"
_"سيلين اتخطفت، اركب بسرعة نلحقهم!"
قالها بنبرة سريعة ثم تحرك ناحية السيارة يركبها وأيضًا «حمزة» الذي قاد بسرعة بالغة، وعاد يسأل مجددًا بلهفة:
"خطفوها إزاي يابني؟"
بينما الآخر تألم جسده أثر الحروق التي التهبت من حركته السريعة وارتفاع حرارة جسده، كان يجز على فكه بقوة شديدة أصدرت صوت احتكاكٍ واضح وأجابه:
"كانت نازلة لتسنيم، ووقفتلها في البلكونة لقيت عربية سودا من بتوع وليد جت شالتها ومشيوا!"
كان «حمزة» يقود بسرعة كبيرة جعلتهم يلاحظون تلك السيارة السوداء على الطريق، وقال بضيقٍ شديد:
"هو وليد ده مبيتهدش، أبوه هو واللي جابته"
بينما في السيارة كان الوشاح الاسود، كانت ترتجف وتبكي بحرقة، واستمعت لصوتهم يتحدثون رفقة أحدٍ، وسمعت رجل منهم يقول بصوتٍ حاد خشنٍ:
"يعني الريس عاوزنا نقتلها؟"
عندما سمعته يخبرهم بأن ينهوا وجودها، أي قسوة يمتلك؟
يقال عن الآباء سندًا وحائطًا إن مالت أجسادنا نُسند عليهم، ولكنه لم يكن سوى هاوية سقطت هي من على جرفها وحدها.
_"يامروان، متسبنيش، يارب خليه يعرف مكاني ويرجعني، أنا لقيت الحياة معاه"
قالتها ببكاءٍ مقهور بينها وبين نفسها بحرقة وحسرة كبيرة خرجت من أعماقها وفؤادها المُحطم.
شعرت بالسيارة تقف فجأة فصرخت بخوفٍ شديد، وكان سبب توقفها هو وصول «حمزة» لهم ووقفوه بسيارته أمامهم، غادرها هو و«مروان» وترجل الرجال من السيارة أيضًا يُمسكون المسدسات بأيديهم.
_"طلع البت اللي خدتوها وهي مش من حقكم، البيه اللي باعتكم في السجن، آخرته إعدام يعني وأنتو اللي هتشيلوا الليلة!"
قالها «حمزة» الواقف بكل ثباتٍ يردف بحدة، وطالع «مروان» السيارة يحاول رؤيتها منها ثم أردف بحدة هو الآخر:
"مش عارف أقولك إيه تهدده بيه أصله كدا كدا لابس إعدام، بس قوله يتهد أحسن ما نهده أكتر!"
هدر رجل منهم بحدة هو الآخر يساومهم:
"ما هو السنيورة معانا لحد ما تتنازلوا عن القضية!"
ضحك «حمزة» عاليًا بسخرية، وتابعهم «مروان» بنظراته المستهزئة بهم، وأضاف بغضبٍ:
"نتـ إيه؟ أنتو شكلكم كدا محتاجين تروحوا مصحة، هناخدها وهنمشي دلوقتي ومن غير ما نتنازل كمان!"
رفعوا المسدسات في وجوههم وطالع «حمزة» و«مروان» كلًا منهما بعضهما بابتسامة ساخرة، ثم على غفلة وصل سيارتين عندهم دون إصدار أي صفير منها حتى لا يحدث أي غدر من رجال «وليد»، وما إن توقفت وأحاطت رجال الشرطة المكان تقدم «إياد» منهم وابتسم لهما ثم طالع الرجال بقوله:
"كان نفسي من زمان أمسك شوية من رجالة وليد متلبسين، الحمدلله مبقاش في نفسي حاجة!"
تحركت القوات تُمسك الأسلحة منهم بينما ركض «مروان» للسيارة يُخرجها منها وهو يزيل عن وجهها الوشاح الأسود:
"أهدي، أهدي كل حاجة كويسة والله!"
لم تردف بأي كلمة، فقط ترتجف بقوة وكأن جسدها مُوصل بسلك كهرباء، ضمها له يردف بصوته الهادئ ليطمئنها:
"أهدي يا سيلين، أنا معاكِ أهو!"
ثم حركها معه ناحية السيارة وفتح لها الباب الخلفي يساعدها في الركوب وركب جوارها، بينما «حمزة» شكر «إياد» وودعه وركب هو الآخر يقود متنهدًا من الداخل.
بينما بالخلف كانت تلتصق في «مروان»، فقط عقلها يفكر في أنها كانت ستموت أيديهم من قرار والدها، والآن هي تحتمي بمَن بالأساس خطفها منذ البداية ليأخذ حقه من والدها.
كيف للحياة أن تنقلب هكذا في رمشة عين، تجعلك كما الشريد في حياةٍ كلها مآسي تلدغنا كأفعى سامة.
جسدها وشفتاها ترتجفان بقوة، يحاوطها بذراعه في ينقل لها طاقة إيجابية، ينقل لها الأمان الذي به ليكون في قلبها وروحها المتعبة المتألمة.
_"خلاص أهدي والله كل حاجة كويسة، أوعدك إنه مافيش حاجة تانية هتحصل"
نبس بصوتٍ خافت جوار أذنيها، يستغل هدوء صوته لنقل الدفء لها، ولكنها رجفها أزداد فتنهد بخفة ورفع بصره يطالع «حمزة» الذي كان تركيزه على الطريق يتلاعب بشعره.
وصل عند البناية فشكره «مروان» بابتسامة بسيطة:
"تسلم يا صاحبي، نردهالك في الأفراح"
ضحك «حمزة» مشاكسًا إياه وهو يقول:
"أخلص ياعم أنزل أحسن اخطفكم أنا، أفراح إيه، مافيش أفراح إلا لما وليد يموت"
تنهد «مروان» مؤكدًا عليه حديثه:
"عندك حق فعلًا"
ثم غادر بها السيارة وهو يساندها، وعندما ولج بها للبناية حملها على ذراعيه لتستند برأسها على صدره مغمضة عينيها بتعبٍ شديد.
ولج للشقة وأغلق الباب بقدميه ثم تحرك بها ناحية غرفتهما ووضعها على الفراش يزيل حجابها، رفع الغطاء عليها وجلس جوارها يمسد على شعرها بحنانٍ، تنهد بخفة ومال يقبل جبهتها مبتسمًا:
"روّقي بقى، كل حاجة كويسة أهو، الحمدلله إنك دلوقتي كويسة وأنا لحقتك ومكنتش هسيبك، كل حاجة كويسة خلاص"
أغمضت عيناها وبكت بحرقة شديدة، الدموع الساخنة حرقت خديها كما الحرق كبير في قلبها، تبكي كما لم تبكي من قبل، تخرج كل ما في قلبها الآن، الذي حبسته طوال تلك المدة في قلبها وروحها المتألمة، لهيب محترق بداخلها
_"بسم الله الرحمن الرحيم، في إيه يا سيلين أهدي!"
ضمها له بقوة لتنبس بأسفٍ وحسرة:
"عرفت إنه قاتل وحطيت جوايا وسكِت، عرفت إنه نصاب وبينهب فلوس الغلابة وبرضو كنت ساكتة، حاول يقتل تاني وسكت، حاول يقتلني مرة وحاول يقتلك مرة، هو اللي قتل امي، كل ده وكنت بسكت بسكت بسكت، بسكت وبحط في قلبي، قلبي وجعني خلاص مبقتش مستحملة أي حاجة، حاسة من كتر الوجع اللي جوايا هموت، حاسة إني هموت والله يا مروان، هو ليه بيعمل كدا، هو ليه أصلًا عاوز يأذي بنته كدا، طب هو أنا مش بنته يامروان ولا إيه!"
من كثرة القسوة التي يمتلكها شكّت بأنه ليس والدها، من كثرة القهر الذي يحاوط قلبها تشعر وكأنها لا تعرفه، هي بالفعل لا تعرفه، لم تعهده سوى غير مبالٍ بها، ولكن ليس بكل ذلك الجحود.
ضمها بقوة لقلبه، يشعر بالحرقة عليها والأسف، يشعر وكأن قلبه يحترق كما قلبها تمامًا، وكأنه لم يحزن سابقًا كما يتألم قلبه لأجلها، فتاة بسيطة، رقيقة، تمتلك قلبًا هشًا كما عصفور مكسور الجناح، تمتلك بقلبها الحزن كله وصامتة لا تتحدث.
كان الفرق بينها وبين الجميع أنها مختلفة لا تُقارن، تسللت لقلبه بهدوءٍ شديد ودون محاولات عديدة، تسللت وجلست بين ثناياه دون أن يشعر وما إن علم كان بحرقته عليها، يشعر وكأنه يود أن ينهي وجود كل من أوجع قلبها وجعلها هكذا مكسورة متحسرة على حالتها.
ظل يربت على ظهرها بحنانٍ بالغ، وهي مخبئة بداخله لا تود الإبتعاد عنه حتى لا تعيش وسط وحوشٍ بشرية، تود العثور على الحماية به فقط، وتحدث بعد صمتٍ يستمع لصوت بكائها ويشعر بارتجاف جسدها:
"حقك عليا والله هعوضك عن كل ده، هعوضك عن كل لحظة وجع حسيتِ بيها وكل قسوة عشتيها، هعوض قلبك وروحك دي، وهخليكِ كويسة، وربنا هيعوضك عن كل ده زي ما قولتلك وبقولك تاني، ليكِ عند ربنا كتير أنتِ صابرة على البلاء وده كله في ميزان حسناتك، أنا معاكِ ومش هسيبك والله!"
ثم ضمها له بقوة يغمض عينيه متنهدًا بحزنٍ عليها، وعاد يردف بقوله:
"مش هسيبك ومش هخذلك والله، أوعدك ياسيلين، بسم الله على قلبك حتى يهدأ وتستقر أوجاعه، ربنا يجبر قلبك جبرًا كبيرًا، ربنا يهون عليكِ كل صعب، ويجعلني خير زوج يعوضك عن كل اللي فات وكل الوجع اللي شوفتيه، ويجعلني سندًا لكِ ولقلبك ولروحك"
ظل يدعي لها كثيرًا وهي بين أحضانه، يدعي من كل قلبه لله ليفرج همها ويخفف عنها، هكذا هي الحياة التي نود، زوجة حنونة تسند، وزوجًا حنونًا يربت.
كما العادة وكما يفعل معها دومًا في جلستهم، يقرأ لها القرآن ليواسيها ويواسي قلبه معها:
"يارب، يارب ألقِ السكينة على قلب سيلين، وروحها المتعبة، حكمك وقضائك يارب وصابرون نحتسبه أجر عظيم إن شاء الله"
قبل رأسها بحنانٍ واقترح عليها بابتسامة هادئة:
"تعالي نقوم نصلي القيام سوا، هتهدي بعده ونقعد نقرأ قرآن"
هكذا يعبر هو عن الحب بطريقته، بأسلوبه الخاص الذي يجعلها خفيفة الروح والقلب، بطريقة ستجعل كل مستاءٍ راضي، وكل حزينٍ سعيد.
وافقت على اقتراحه وتحركت رفقته يساعدها في الحركة والوضوء بسبب تعب جسدها من الخوف الذي أصابها، وتحركا سويًا ناحية المكان المخصص للصلاة وصلى بها بكل خشوعٍ، حتى انتهيا وجلس مكانه بينما هي قلبت تلك الأدوار واستلقت تضع رأسها على قدميه ومدت يدها تمسك يده بقوة، بينما هو بالثانية كان سلل أصابعه بشعرها وبدأ يقرأ القرآن الكريم الذي جعل السكينة تدخل لقلبها وثناياها.
في صباحٍ يوم جديد، شمس ساطعة أشرقت تعلن بداية اليوم الجديد الذي سيبدأ كل مكافح المثابرة، والتي سيتداوى كل مجروحٍ بقلبه فيطيب خاطره.
كان يجلس جوارها ومعه الطعام يحاول أن يجعلها تأكل، ولكنها صامتة لا تقبل بأي طعامٍ يدخل لفمها ومعدتها، صامتة بشكلٍ غير طبيعي وقلبها متعب ومُلقى عليه الوجع.
_"برضو مش عاوزة تاكلي؟ هتتعبي كدا وتفرفري مني"
قالها بتنهيدة يحاول المزاح معها ولكنها صامتة بملامحها الباردة المصدومة، لم تجيبه فعاود يسألها بتنهيدة:
"طب عاوزة إيه اعملهولك؟ قوليلي وأنا هعملك كل اللي أنتِ عاوزاه يا مرام!"
_"عايزة أروح لأمي وأبويا"
قالتها ونظراتها مثبتة بعيدًا ثم تحركت عليه بلمعة متألمة في تلك العينين الخضراء، فاحتل الأسف ملامحه لأجلها وتألم قلبه عليها، لذلك أردف بنبرة آسفة عليها:
"ليه بتقولي كدا بعد الشر عنك، لسه قدامك عمر طويل ان شاء الله تحققي فيه اللي نفسك فيه، وأنا يامرام، أنا محتاجك ومحتاج أعوضك، أنا طلقتها على فكرة"
هبطت دموعها بغزارة على خديها من شدة الكبت الذي وضعته بداخلها دون أن تخرجه لأحدٍ، أبعد الطعام من جوارها وأقترب يضمها له مُربتًا على ظهرها بحنوٍ:
"خلاص أهدي، عشان خاطري أهدي والله هعملك كل اللي نفسك فيه لو عايزة أقوم ارميلك نفسي من التالت هما هقوم، بس متعيطيش كدا"
أجابته من بين بكائها ونحيبها بخذلانٍ كبير من شدة الألم:
"وابننا يا آسر اللي راح ضحية بسببها، ليه عملت كدا، ده أنا كنت بعتبرها أخت ليا، عمري ما حاولت أفرق بينك وبينها ولا أكون واحدة وحشة، بالعكس كنت بسكت وبحط جوايا مع إني كنت بشوف منها نظرات توجع!"
_"راحت لحالها، وأنا لسه كدا محوشلها حاجة حلوة تليق بيها كدا بس أصبري عليا، وابننا هنجيب غيره والله، أنا ناوي أجيب دستة"
نطق بكلماته تلك في محاولة لتخفيف أحزانها التي تؤلمه، ولكنها لم تجد سوى التنهيد بحسرة، والارتماء بأحضانه، ظل يربت على ظهرها:
"متزعليش والله حقك عليا، متزعليش"
يقال عن الإنسان الذي دون أهل يتيم، ولكن هناك يتيم يأتيه أشخاص يسندونه ويخففون عنه، فلا يحمل الحزن وحده ولا يتألم قلبه بمفرده، يتشاركونا الأحزان والآلام، يتشاركون كل المشاعر، سواءً كانت سعيدة أو حزينة!
أمسك بيدها وتحرك بها لشقتهما التي سيعيشان بها سويًا للأبد، حيث لا بُعد ولا فراق، حيث هما فقط سويًا، هو وهي.
_"عرفيني عاوزة تعملي إيه عشان نعمله على طول"
قالها «عبدالله» وهو يستند يطالعها في كل حركاتها وهي تسير في أرجاء الشقة تتفحصها:
"أنا عاجبني ألوانها زي ما أنت عاملها، بس أنت عارف إني عاوزة أعمل كوفي كورنر صح؟"
قالتها وهي تطالعه ووقفت بالمكان الذي تود أن تجعله مخصصًا للقهوة:
"عايزة الحيطة بتاعتها تكون بيضا، عشان نجيب الحاجات كلها بني وأنا هشوف سيلين بس لما تروق كدا وتكون كويسة ونروح نجيب مجات سوا"
أومأ لها وأقترب ناحيتها بابتسامة واسعة:
"حلو موافق، لو معرفتش تنزل معاكِ قوليلي وأنا هاجي"
ابتسمت ووجدته يقترب فأبتعدت سريعًا، نواياه خبيثة وتعرفها جيدًا، عاد يلحقها حيث ذهبت للغرف تراها:
"أنت ماشي ورايا كدا ليه؟"
_"بشوف معاكِ الأوض الله"
قالها بمكرٍ شديد فضحكت عليه قائلة بتحذيرٍ:
"عبــدالله"
أقترب ناحيتها أكثر يمازحها بضحكاته:
"إيه طيب عاوز حقي اللي قولتلك عليه، يرضيكِ تسيبي حقوق ليكِ عند الناس"
_"آه يرضيني، أقعد ياعم بقى خلينا نشوف الشقة"
تحركت من أمامه مجددًا بعدما ألقت بكلماتها ليضحك هو بخفة عليها وتركها بالفعل تكمل تفحص الشقة ورؤيتها، ثم تحركا سويًا وغادرا نحو مطعم ليأكلا سويًا وجبة الغداء.
ها هي الآن زوجته، له فقط، تمتلك قلبه ويمتلك قلبها.
تقودنا أقدامنا نحو نصيب كُتب لنا ولن نبعد عنه، لن نسير بغيره لأنه هو قدرنا، لأنه هو نصيبنا.
عاد من محله الذي يشرف عليه في هذين اليومين ليعيد فتحه من جديد، رزقه ولن يتخلى عنه، ونصيبه ولن يتركه هكذا، سيظل ساعيًا في الحياة طالما هو يتنفس.
_"عاملة إيه النهاردة؟"
جلس جوارها يسألها بابتسامة خافتة دافئة، لتومئ برأسها مع تنهيدة قوية قائلة:
"الحمدلله أحسن، متقلقش!"
أمسك يدها بين يديه وربت عليها بحنانٍ مبتسمًا:
"الحمدلله، مش عاوزك تزعلي خالص، ولا عاوز حاجة تأثر على نفسيتك، عيشي حياتك واتأقلمي، وخضيني ياستي براحتك"
قالها مُمازحًا بابتسامة واسعة بينما هي ضحكت بخفة على حديثه قائلة:
"أنا كويسة والله خلاص متقلقش، ولا مش هخضك خلاص عشان ميحصلكش حاجة، أنا لسه عاوزة أعيش معاك!"
_"كتر خيرك ياستي"
قالها بضحكة خفيفة وأقترب يقبلها على خدها برقة، لتتوسع ابتسامتها وهي تبادله بنظراتٍ متلألأة بسعادة وابتسامة خجولة، ثم تحرك بعدها ناحية غرفته يبدل ملابسه لأخرى بيتية وجلست هي تتابع القطط والزرع حتى لمحت «مشمشة» تنازع الألم وهي تلد.
شهقت بصدمة وتحركت سريعًا نحو غرفته تصرخ بوجهه:
"مــروان، مشمشة بتولـد"
وجه بصره لها بصدمة بفزعٍ، لماذا ترغب في إخباره كل شيء بذلك الشكل الذي يجعل قلبه يقفز في مكانه.
تحرك سريعًا وهو يستغفر ربه ناحية «مشمشة» فوجد التعب باديًا عليها، جلس جوارها يربت عليها وجلست «سيلين» جوارهما وسألته:
"هي كويسة؟"
_"آه بس مش هتولد، ده تعب بس في الحمل، لسه شوية أصلًا"
قالها بتنهيدة، لتهمهم بتفهمٍ ثم شهقت مجددًا وسألته وهي توجه بصرها له:
"هو أنت اتخضيت؟"
نظر لها بحنقٍ بطرف عينه، ثم أبعد بصره «لمشمشة» مجددًا ليقول بسخطٍ:
"لا اتخضيت إيه، أنا هقطع الخلف بس"
ضحكت عاليًا وربتت على ظهره بخفة قائلة:
"لا بعد الشر ياحبيبي، سلامتك!"
ابتسم بتوسعٍ لتأثره بكلمة "حبيبي" تلك، ثم طالعها غامزًا إياها:
"لا كدا أنا تمام، مش مخضوض ولا زعلان"
ثم جذبها نحوه أكثر يضمها بحنانٍ من بين ضحكاتهم التي علت في الإرجاء!
_"متقتلوش، لازم يتعدم ويتقهر، بس عاوزك تعلملي عليه"
هكذا وصله تلك الكلمات من شخصٍ ما عبر الهاتف، ليجيبه صاحب الملامح المخيفة، كان مسجونًا هو الآخر ولكنه معه هاتف في الخفاء يتحدث مع كل من يريد، وها هو وصله أمرًا يفعله من شخصٍ ما، وفي مقابله وضع نقودٍ كثيرة في حسابه البنكي لينفق منهم عندما يخرج.
_"أوامرك ياباشا"
ثم أغلق الهاتف وخبئه وتحرك لداخل الزنزانة يُخرج من جيبه سكينًا صغيرًا، وجلس جوار «وليد» الذي يفكر بملامح الشر التي تعتلي وجهه.
_"مش أنت الباشا وليد الأنصاري!"
نبس ذلك بصوته المزعج ليومئ له «وليد» قائلًا بسخطٍ:
"آه أنا، خير؟"
_"أبدًا كنت بس عاوز أعرفك إني هنا الباشا، يعني محدش تاني ها!"
قالها بسخرية كبيرة ليستفزه؛ نجح في ذلك ليقول «وليد» بسخرية هو الآخر:
"على نفسك، أخفي من وشي احسنلك"
_"أخفي، أنت بتقول للمعلم كُبرة أخفي!"
ثم حرك السكين ليصنع علامة بفنٍ بارع في وجهه الذي نزف الدماء مع صوته الذي على بوجعٍ:
"وشــي!"
تعليقات



<>