رواية حياة مهدورة الفصل الرابع عشر14 بقلم رشا عبد العزيز


رواية حياة مهدورة الفصل الرابع عشر14 بقلم رشا عبد العزيز


-إيمان أنا مش همشي غير لما تطلعي وتاخذيني فى حضنك... أنا يتيم من بعدك

لتكمل حنان  أستعطافها وتقول:

-إيمان أحنا غلطنا وندمانين ،والله عاقبينا وأحنا جوه حضنك. بلاش تبعدي... الحياة  من غيرك ملهاش طعم يا أمي.

سندت ظهرها على الباب ،و 
أغمضت عينيها، وو ضعت يدها على  قلبها الذي يصرخ مثلهم، كأنها تحاول إسكات صراخه والهروب من مشاعرها.

- اسند آسر جبهته على الباب، وتساقطت دموعه بندم، وأخبرها:

-فاكره زمان لما قولتيلى:  خلي بالك، أنت لما بتغضب بتفقد أعصابك ومبتقدرش تسيطر على لسانك 
عصبيتك هتخسرك
 
ليختنق صوته، كأن المه الممزوج بالندم يخنقه ، ليقول بصوت متحشرج:

-مكنتش عارف انها هتخليني أخسرك انتِ ياغالية ...

-إيمان بلاش نكون أحنا سبب كسرة فرحتك الليلة.

قالتها حنان تساند أخاها المنهار

لتقول إيمان بعدها وهي تحاور نفسها:.

عن أي فرح يتحدثون ؟هي لم تتذوق طعمه وكأن حلاوته 
أصبحت غصة مرّة في روحها لتبدأ بضرب مؤخرة  رأسها بالباب كأنها تحاول ان تخلص نفسها من هذا الصراع الذي يحرقها ،ومن عنادها الذي يسيطر عليها.

أمسكت حنان ذراع اسر تحثه على النظر اليها، فلم ينتبه لها كأنه غرق في دموعه،  فهزّت  يده بعنف ليلتفت نحوها،لكن صورتها كانت غير واضحة بسبب الدموع التي ملأت عينيه. مسح دموعه محاولًا ان يفهم ماتشير اليه.
أومأت له حتى يتبعا حيلتها القديمة التى كانت تنفع  دومًا ليجعلوها تسامحهم فهزّ  رأسه موافقًا.
لتصرخ حنان فجأة:

-آسر مالك يا  آسر؟ رد عليّا !حصلك أيه؟!

إلحقني يا أمجد آسر قاطع النفس آسر مش بيرد عليّا! اسر.... اسر.  إلحقيني يا إيمان اسر مش بيرد

أنتفض قلبها ثأئرًا عليها ،بعد ان تملكها الرعب عليه فتحت عينيها واستدارت بسرعة،  تردد اسمه بقلق وفتحت الباب مسرعة ، تردد اسمه بهلع و  أنفاسها تتلاحق .

-آسر …آسر

لتجده يقف أمامها، لتنقض عليه تضرب صدره بكلتا يديها وتصرخ:
-اه يا  حيوان … يا بارد  …ليه تعمل كده فيّا

تركها تفرغ  غضبها ،لتستمر هي تكيل له الضربات وهو يتراجع إلى الخلف حتى خارت قوها، فأنهارات باكية  بين أحضانه،  فضمّها  بقوة فقالت له معاتبة:

-جرحتوني وكسرتوني ماكنتش أتخيل في يوم تشكوا فيّا
 
قبّل رأسها عدة مرات، وهو يشاركها دموعها ويقول:

-حقك عليّا ..كنت غبي ومش واعي أنا بقول أيه ،سامحيني ياحبيبتي  أنا عيل ياريتني كنت مت قبل ما أقول الكلام ده عنك.

لتخرج بسرعة من أحضانه تصفعه بخفه:

-اخرس بعد الشر عنك ما تقولش كده.

انحنى يمسك كف يدها يقبلها
 
-سامحيني يا أمي سامحيني ياحبيبتي

ثم اعتدل يمسك رأسها ويقبل جبينها ويمسح دموعها بإبهاميه وقال :

-أنا ما استحقش الدموع دي

لتقترب حنان منهما تبعد يد آسر

وترتمي بين أحضانها باكيه هي ايضاً
   
-سامحيني يا منمن وحياة أغلى حاجه عندك تسامحيني
 
حركت إيمان يدها على ضهرها وقالت :

-انتو أغلى حاجه عندي مسمحاكم ياولادي
 
اقترب آسر يحتويهما الاثنتين، وحمد الله على  انها سامحتهم  كان أمجد يراقب المشهد من بعيد ويمسح دموعه المتجمعه بتأثر ليقترب منهم  و ربّت على كتف اسرويقول:

-بس كفايه بكى خلينا نفرح …ألف مبروك يا إيمان

ابتعد أسر كما ابتعدت حنان ليقول وهو يمسك رأسها يقبله:

-ألف مبروك ياحبيبتي

قبلت حنان وجنتها وقالت :

-ألف مبروك يامنمن

وكأنها لتوها تذكرت ان اليوم خطبتها لتقول بصوت باهت:

-الله يبارك فيكم

أحاط آسر كتفها بذراعه وسحبها ناحية الصالة ليجلسها على الأريكة ،ويجلس هو بجانبها وحنان من الجانب الآخر وقال:

-حبيبتي أنا فرحان أوي النهارده أستاذ يحيى باين عليه أنسان كويس وشاريكي
 
لتهز رأسها من دون كلمة .

-لا وكمان شكله حلو

قالتها حنان مبتسمة

-حنان ماتتلمي احترمي وجودي بتعاكسي الراجل قدامي
 
قالها أمجد مازحا محاولًا تغيير تلك الأجواء المتوترة .

-متأسفة ياحبيبي بس بصراحة  هو حلو أكذب يعني.

قالتها وهي تغمز   لآسر الذي ضحك وقال:

ماخلاص ياحنان عرفنا انه حلو عيب أختك موجودة
 
ابتسمت إيمان بهدوء على مناكفتهم

-آسر أنا محتارة فى حاجة

-وأيه هي يافريدة زمانك ؟

-هو أحنا هنندهله أبيه يحيى ولا أستاذ يحيى؟

حك اسر رأسه مدعي انه يفكر ليقول مبتسما :

-أبيه أحلى ولا أيه رأيك يا منمن؟
 
كانت تشعر بسعادة وجودها بينهم،وقربها منهم وبالحرج منهم وهم يتحدثون عنه

-براحتك ياحبيبي.                   (رشا عبد العزيز) 

رفع اسر يده يحيط كتفها ويضمها اليه

-مالك يا إيمان هو أنتِ مش فرحانه ؟

حركت رأسها  نافيًا وقالت:

-لا ياحبيبي فرحانة بس فرحانة أكتر بوجودكم جنبي.
 
-ياروحي انتِ

قالها اسر وهو يضمها اليه اكتر

-بكره أبيه يحيى يخطفك مننا وتنسينا

ضحكت إيمان على كلام حنان وعقبت عليه وهي تبتعد عن أحضان آسر

-محدش يقدر ينسيني ولادي

ربّتت حنان على كتفها مازحة :

-بلاش الثقه دي في كلامك ياست منمن بكره الحب ينسيكي حتى عنوان بيتكم

لتنظر لها إيمان مدعية  انزعاجها وقالت:

-كده ياحنون طب يا إسمك إيه قومي هاتي لنا عصير خلي أخوكِ يشرب  شكله تعبان

ليمتعض وجه حنان وهي تقول بسخط:

-يوووه رجعنا لدلع أستاذ  آسر

-امشي يابنت واسمعي كلام أختك

-ماشين اهو ياباشا

لترحل بخطوات غاضبه، تاركة الثلاثة يضحكون على مظهرها وامتعاض وجهها 
***************************************

دخل غرفته ينوي الاستعداد للنوم ليلفت انتباهه ذلك المنديل، الذي اعطته إياه بالقرب من اغراضه على طاولة  الزينه ليلتقطه ويتمددعلى السرير ثم قربه من أنفه يستنشق عبير عطرها الهادىء الذي علق فيه ظل يستنشقه كأنه يعبئ رئتيه برائحتها، ثم امسك هاتفه وقرر مهاتفتها

كانت تجلس ممسكة  المصحف تقرأ وردها قبل ان تنام،  كما تعودت لتسمع رنين هاتفها لتتنهد بضيق

وتقول متأففه وهي تغلق المصحف وتضعه جانبا ملتقطه إياه :

-يوووه  يا ليان ما أنا حكيتلك كل حاجه بالتفاصيل 
لكنها ارتبكت عندما علمت بهوية  المتصل ظل الهاتف يرن بيدها حتى شارف الاتصال على الانقطاع لترد بتردد

-صحيتك من النوم؟

-لا أنا  صاحيه كنت لسه هنام

-ما قدرتش أنام قبل ما أقلك الكلام الي كان نفسي أقولهولك

ظلت هي منصته تستمع له، وقلبها يخفق بقوة من شدة الحرج ليكمل هو
 
-كان نفسي أقلك انك طالعه زي القمر النهاردة يابختي بيكى

أغمضت عيناها محاول ان تعقب على كلامه لكن الكلمات هربت منها

-على فكره أنا لسه ماسك منديلك بأديا احلى هديه اخدتها من سنين

-بس دا مجرد…

ليقاطعها بسرعة، وهو يقول بصوت ظهرت فيه سعادته

-عارف انه منديل لكن أجمل حاجه فيه انه لامس إيديكي وبعدين
 
الحركة اللي عملتيها  عرفت إني هتجوز أحن ست في الدنيا أنا فرحان اوي يا إيمان

ظلت صامته تدور في راسها فكره واحده لماذا هي  تشعر بالخوف من كلامه وغزله بدل ان تشعر بالحب ؟
هل شاب قلبها وتوقف عن الشعور بالسعاده لكلامات الغزل كان سابقا يطرب لكلام الغزل الذي كان يغدقه به حسن لماذا إذا كلام يحيى اليوم يخيفها؟!

-إيمان روحتي فين

-هااا معاك

-معايا فين يا إيمان بقالي ساعة بكلمك وانتي ولا  هنا

-أسفه

-لا عادي ولا يهمك بس كنت بقول إني هستناكي بكره في المركز

-بس أنا مش راجعه المركز

ليقو ل وهو يلومها:

-بس انتى وصلتي مرحله كويسه

ثم أكمل مازحا

-ياستي استغلي ان خطيبك مدير المركز اهو حتى واسطه حلوه

-بس ….                 (رشا عبد العزيز) 

-إيمان من غير بس أنا هستناكي بكره وكمان عشان نشوف هتعملي أيه في الدروس الي ضاعت منك

-بس أنا فاتني كتير

ليضحك ويقول:

-ما قولنا عندك واسطه كويسه
 
ظلت تنظر نحو المجهول لاتعلم ماذا تفعل ليأتيها صوته

-إيمان هستناكي بكره متتخليش عن حلمك تاني مهما حصل

ظلت صامته لاتعلم بماذا تجيب كانت تدخل المركز وهي طالبة عادية غدًا ستدخله وهي خطيبة المدير

-خلاص هفكر

-فكري وانا متأكد انك هتقتنعي 
**********************

دخلت المركز بخطى متردد لاتعلم لما تشعر ان الجميع يراقبها لاتعلم هل هذا خيل لها فقد وأنها مجرد هواجس
 
-كانت تسير في أحدى الممرات  بأتجاه القاعة.

الدراسية ،حينما لمحت بسمه في نهاية الممر تسمرت مكانها للحظات عندما واجهت عينها التي احتدت واحتقن وجهها،  لكنها أجبرت قدمها على التحرك رغم  خوفها من المواجهه وكأن عين بسمه تخبرها أنها قد سرقت منها شيء ليس من حقها ،لكنها أكملت المشي بخطوات بطيئة حتى باتت قريبه منها استدارت بسمه تغير اتجاها وتسير في مرر آخر تاركه إيمان تنظر لطيفها وتتنهد بيأس

وكانّها تخبرها انها غير مرحب بها بعد ان كانت تستقبلها بالأحضان اليوم تنفر منها

أنهت دروسها وعادت تجلس تحت تلك الشجرة، لقد اشتاقت لهذا المكان ربما رائحة اوراقها والعشب المحيط بها الذي غمرته مياه السقي وأكسبت تربته رائحة المطر تجعلها تشعر انها في أحضان الطبيعه أخذت نفسا عميقا
ثم زفرته بشدة تنضف رئتها من هواء المركز المختنق عادت تكرر فعلتها عدة مرات، وكأنها تستشعر الحريه
و تتنفس هوائه

كان يراقبها وقلبه يخفق لحراكاتها ،كم شعر بالسعادة عندما رأها كان رؤيتها اعادت لحياته ألوانها

لقد سمعت نصيحته وعادت ،وكل يوم يسقط في عشق هذه المرأه يكتشف فيها صفه أجمل من الأخرى بالأمس 
لمس حنانها واليوم تفهمها وتقبلها لنصيحته تثبت له كل يوم ان اختياره كان في محله ليحاول مشاكستها امسك هاتفه وكتب لها رساله

-وحشتيني

كانت مندمجه تراقب بأبتسامه احدى الفراشات التي تتنقل بين الزهور  حينما رن هاتفها معلنا عن وصول رساله أخرجت الهاتف من حقيبتها وضغطت الأزرار لتتسع عينها وهي تقرأ الرسالة ومن صاحبها

وبلاوعي رفعت رأسها نحو شباكه لتجده يقف ينظر لها بابتسامه كبيره

اخفضت عينيها خجلا وقلبها ينبض بقوة من شدة ارتباكها بغاتها برسالة جديدة

-المركز نور بوجودك

أمسكت الهاتف بقوة تخفي توترها ولم تجرؤ على الرد وكانت تنوي المغادره فجمعت  كتبها ووضعتها على ساقها

وامسكت حقيبتها لتسمع من يقول:

-صباح والورد والياسمين

أفلتت الحقيبه لتسقط على الأرض  بعد ان أجفلها صوته مدّت  يديها تلتقطها لتجد يده تسبقها بحمل الحقيبه ونفضها بيده وقال ضاحكا وهو يعيدها لها :

-مالك يا إيمان دي صباح الخير  أمال لوقولتلك  حاجه تانيه كنتى عملت أيه

قالها وهويغمز لها ،ثم جلس بجانبها لكن هذه المره بدون مسافه حتى خشيت ان يسمع صوت خفقان قلبها
الذي أصبحت تسمعه هي بوضوح شعر هو بجسدها الملاصق لجسده  يرتعش واخفض عينه يرى   اهتزاز قدمها ليبتعد قليلا ويقول هامسًا:

-ازيك ياخطيبتي عامله إيه

همسه زاد خجلها وجعل الدماء تغزو وجنتيها ليزيدها جمالًا تحمحمت وقالت بصوت مرتجف:

-الحمد الله.           (بقلم رشا عبد العزيز) 

ليحاول التخفيف عنها فقال:

-عملتي أيه؟

كان يحدق بها ،لكن عينها هربت من عينيه تجيبه وهي تنظر إلى  كتبها الموجوده بجانبها، ويدها المتشابكه على حجرها

-أستاذ مصطفى قال لازم أعيد الكورس واكيد كده فيها فايده ليا

لكنها التفت له فجأة وسألته بحيرة:

-يعني كده لازم ادفع فلوس الكورس ده من جديد صح؟
لتجده يقهقه ضاحكا وهو يقول:

-لا ياستي ماتخافيش  اعتبري هديه مني

ليتجهم وجهها وتقول معترضه

-لا طبعا  ما ينفعش أنا هسأل بكره مس عبير بتاعة الحسابات

لتجد معالم وجهه تتغير والابتسامه تهرب من وجهه ليقول بحده

-إيمان أنا قولتلك الكورس هديه منى ليكى  أنتي خطيبتي،  وملزومه مني من دلوقتى ومش عاوز نقاش في الموضوع دا تاني

استغربت تحوله السريع واصراره لكنّها قررت ان لاتجادله فتحولت معاملته لها إلى  صورته الأولى   ومازاد استغرابها عندما وقف يغلق زر بدلتها ويقول لها:

-يلا بينا

رفعت عينها تطالعه بدهشه وتسأله

-يلا على فين ؟!

-هنروح أنا وانتِ مشوار

زادت دهشتها تنظر له تبصر جدية  حديثه لتقول بتوجس:

-أنا وانت يعني أيه  وفين أنا مش فأهمه!

ليبتسم على تعلثمها ، وتخبط كلماتها ليتقدم منها خطوتين ويقول:

-مالك يا إيمان خايفه ليه ماتخافيش مش هخطفك
ثم حرك يديه يشير لها

-هو مشوار هنروحو سوى وارجعك بعدها للبيت مش هنتأخر

-بس …أنا…

زفر أنفاسه حانقًا وقال يتوسلها:

-يلا  يإيمان ارجوكي. أنا خطيبك دلوقت

ثم أكمل مازحايغمز لها

-وهقعد عاقل ومؤدب

ابتسمت بحرج ،وترددت ثواني لكنها لملمت أغراضها وحملت حقيبتها واستقامت، واقفه سار وانتظرها حتى سارت بجانبه حتى وصلو إلى سيارته فتح لها الباب. جلست في السيارة على أستحياء  تتشبث بتكتبها وحقيبتها لتخفي توترها

جلس هوو بدأ بالقياده كان الصمت يسود لايسمع سوى هدير انفسها المضطربه يعلم انها خجله من وجودها معه
قطع هو هذا الصمت وسألها:

-كنت عاوز أخد ك أنتي وحنان تشوفو الشقه لأني هبتدي أوضب فيها عشان لوفيه لون معين حاجه معينه عاوزه تضفيها؟

-لا ملوش داعي أعمل الي تشوفو مناسب

-ليه يا إيمان دي هتكون شقتك لازم تكون على ذوقك

لم تعلم بماذا تجيبه أتخبره انها لاتزال تائه لاتعلم لماذا تشعر بضياع وماهي هذه المشاعر التي باتت تسيطر عليها ولماذا هذا الخوف هل هو بسبب عدم معرفتها به او ربما موقف بسمه أم عمرها الذي اصبح لايتحمل الفشل

-إيمان قولتي أيه؟ اختاري يوم وأنا أخدك تشوفيها

-صدقني ملوش لزوم انت ذوقك حلو واكيد أختياراتك حلوه

ليضحك على جوابها ويقول:

-وانتِ عرفتي ازاي ان ذوقي حلو؟

-أصل  باين من لبسك اختياراتك للألوان جميله وكمان شكل…

توقفت فجأة عندما أطاحت بنفسها ،وهي تخبره بجمال اختياراتها لملابسه فنظراته الغريبه لها كانت تجبرها باختلاس النظر نحوه

ابتسم ثم قال مشاكسا لها:

-وأيه كمان كملي؟

تلعثمت  وقالت محرجه:

-ومكتبك في المركز تنظيمه جميل

-بس أنا كان نفسي أنتِ اللي تختاري

ثم مال نحوها وقال مازحا :

-بعد كلامك أعتبرك بتقولي أن أنا وانت واحد ؟

التفت اليه لتجدهه يوزع نظراته بينها وبين الطريق وكأنه ينتظر أجابتها لكنهاوكعادتها اليوم لم تتكلم

وأشاحت وجهها نحو الجهة الآخري تطالع الطريق
 عبر النافذة حتى توقفت سيارته أمام احد محال المجوهرات

-احنا وقفنا هنا ليه؟!

قالتها إيمان متعجبه

ليجيب يحيى وهو يزيل حزام الأمان عن جسده

-جاين نشتري الشبكه

لتردد كلمته بدهشه.           (بقلم رشا عبد العزيز) 

-الشبكه!

ليلتف بجسدها نحوها ويقول:

-ايوه شبكتك ياعروسه هو أحنا مش قرينا  فاتحتنا
 امبارح يبقى خلاص لازم نشتري الشبكه
نقلت نظرها  من المحل اليه وقالت:

-بس أنا مطلبتش

قطب حاجبه وقال مستهجن كلامها

-دا حقك يا إيمان

ثم استرسل يلومها

-أوعي يا إيمان تستهوني بحقك دافعي عن حقك دايما واوعي تفرطي فيه

ظلت تحدق به عن أي حق يتكلم لقد فقدت جميع حقوقها حقها في التعليم و  الحب
حتى في عمرها خسرتهم دون ارادتها حتى أصبحت تظن ان لاحق لها في أي شي

-يلا بينا يا إيمان أنزلي

ترجلت من السيارة وانتظرت يترجل هو الآخر وأشار لها بتقدم فتح باب المحل لتدخل هي ويدخل هو بعدها
لتجد أصحاب المحل يرحبون به يبدو انه يعرفهم

-اهلا يا قاسم  ازيك

-أهلا يايحيى انت ازيك عامل أيه وازي  الأولاد

-بخير الحمد الله

ثم أشار إلى إيمان لتقترب منه

-إيمان يا قاسم خطيبتي 

اتسعت عيني قاسم وأصبح يوزع نظره بين إيمان ويحيى ويقول مستغربا وهويبتسم وربت على  كتف يحيى

-يا أخيرا يا يحيى أقتنعت وهتجوز

ثم نظر نحو إيمان وقال:

-ألف مبروك يافندم معلش اعذريني اصل صاحبي ده ياما اتحايلت عليه عشان يتجوز وهو كان محكم رأيه ورافض

ابتسمت إيمان أبتسامه هادئه وقالت بصوت خافت:

-الله يبارك فيك

-أنا وعدتك ان يوم ما أفكر أتجوز شبكت العروسه هتكون من عندك واديني وفيت بالوعد وريني ، عندك ايه؟

-بس كده من عنيا دا يوم المنى ياصاحبي استريح انت وانا هجبلك احلى تشكيله

جلس يحيى وأشار اليها لتجلس على استحياء بالقرب منه
ثم اتجه الرجل إلى داخل وأخرج مجموعة من الخواتم والحلي، يضعها امامه أدار يحيى تلك العلب نحوها وقال:

-أختاري يا إيمان الي يعجبك

مررت نظرها نحو خواتم الزواج باهظة الثمن ولاتعلم لماذا عادت بها الذكريات نحو الماضي، والى ذلك اليوم الذي اشترت فيه هي وحسن خاتم الزواج وكم كانت سعيده في ذلك اليوم ليعقد عقلها مقارنه بين مشاعرها اليوم وأمس ويعود عقلها يسألها لماذا مشاعرها اليوم بارده رغم انها حذفت حسن من حياتها وقلبها معا ،لكن هذا البرود الذي يغلفه الخوف يقلقها نفضت تلك الأفكار عنها لتعود إلى الواقع

-ها يا إيمان أختارتي حاجه

نظرت نحوه في حيره وقالت:

-لا لسه مش عارفه اختار أيه محتاره؟

-طب خلينا نختار سوى

ليبدا يحيى يختار لها ويتناقش معها في اختياراته لتتسلل لها بعض الطمئنينه وهي تراه يختار لها بلهفه واهتمام وما اسعدها اكثر ماكان يقوله لصاحبه عندما يعرض عليه أشياء لاتعجبه:

-لا إيمان تستأهل أغلى وأحسن من ده

وبعد ان انتهو من اختيار كل شي عاد بها إلى المنزل  وقبل ان تنزل أعطاها العلبه التي كادت ان تنساها وقال لها

-مبروك يا إيمان

أسبلت أهدابها بخجل وقالت:

-متشكره

وفتحت الباب وكادت ان تنزل من السيارة ليستوقفها صوته مرة ثانيه

-إيمان.                 (بقلم رشا عبد العزيز) 

-نعم

-خلي بالك من نفسك

لتهز رأسها له مبتسمه

-حاضر

دغدغ مشاعرها بإهتمامه  ونظرات الاحتواء التي يشملها بها لتتنهد بحيرة وتسأل نفسها متى يتوقف قلبها عن هواجسه ؟

دخلت المنزل لتجد حنان وأمجد ويبدو ان هناك نقاش محتدم بينهم

-السلام عليكم ازيك يا أمجد

-وعليكم السلام  أهلا يا إيمان كويس انك جيتي تعالي أحضرينا

اقترب إيمان تنظر لعين شقيقتها، تود ان تفهم مايحدث لكن حنان تبدو مشتته جلست بقلق بقرب منها

-مالكم فيه أي قلقتوني

ليتحدث أمجد قائلاً:

-أنا عاوز حنان ترجع  البيت  يا إيمان تعبت من بعدها هي وبنتي عني

-بس انت عارف شرطي

-وانا فهمتك أسبابي ياحنان ،ما كل حاجه  على يدك،  وعارفه أننا كنا يدوب بنحوش مبلغ صغير امال لونقلنا شقه إيجار هنعمل أيه واحنا لسه في بدايه حياتنا
نظرت له حنان بإ صرار وقالت:

-وانا مش هقدر ارجع على نفس الوضع

-ومين قال نفس الوضع ياحنون

نظرت له مستفسره

-يعني أيه مش فأهمه؟!

ليقول امجد محاولاً اقناعها :

-يعني انتِ هتقعدي في شقتك وملكيش دعوه باي حاجه حياتك هي حدود شقتك

ثم وضع يده على صده وقال:       (بقلم رشا عبد العزيز) 

-وانا أوعدك أن محدش يمسك بكلمه

لتقول هي بحسرة وألم:

-طب لو نفرض أن حد مسني بكلمه هدافع عني؟

ابتلع غصة مرّة فزوجته تؤكد له أنها فقدت الأمان معه، ليقول بصوت متأثر:

-ماتخافيش يا حنان أنا تعلمت الدرس واوعدك أني هاكون أمانك وسندك بس خلينا نرجع لبتنا البيت من غيرك انتي وبسبوسة وحش اوي ارجوكي يا حنان آدي لحياتنا فرصه

-نظرت إيمان نحو شقيقتها ترى ملامح التيه والحيرة مرسومة على وجهها  كانت تود لوتستطيع ان تطلب من شقيقتها الصفح والعوده مع زوجها لكنها خشيت ان تدخلها في حياة شقيقتها قد يسبب لها الأذى فلتدعها هي تتخذ القرار

أما حنان فكانت توزع نظراتها بين صغيرتها التي تلهو بقربها وبين زوجها، الذي ينظر لها بتوسل  والأفكار تتضارب في راسها  بين قلب يحثها للرضوخ ،وعقل يأمرها بالعصيان

هل تصر على رائيها ام توافق وتعود وهي هنا لاتعلم هل سيصدق امجد في ان يمنحها الأمان ام لا

نظرت نحو شقيقتها وكأنها تستنجد بها،  لكن إيمان لم تبدي ردة فعل 

تنهدت بشدة  ثم نظرت مرة  أخرى نحو ابنتها التي اتجهت نحو والدها واستوطنت احضانه كأنها تخبره والدتها  برغبتها فى العودة، أمجد الذي كان يقبل طفلته عاد يحدق بها

-ها ياحبيبتي قولتي أيه ؟

-موافقه 

ابتسم ابتسامه كبيره وهب واقفا يدنو منها وانحنى يقبل رأسها بامتنان ويقول:

-متشكر ياحنان 

واحتضن صغيرته فرحًا يقبل وجهها عدة قبُل يعبر عن سعادته لعودتهم لحضنه 

-طب يلا بينا على بتنا

رفعت حنان نظرها نحوه وقالت بدهشه:

-دلوقتٍ؟

-ايوه ياحنان 
ده أنا ماصدقت أنك وافقتي

-بس أنا مش مستعده أنا لسه لازم ألم حاجتي

ربتت إيمان على فخذ شقيقتها وقالت:

-قومي ياحنان وأنا هساعدك

جمعت حنان أغراضها تحت سعادة ذلك الذي يراقبها ليهرول نحوها ما ان وجدها تحمل حقيبتها ليلتقطها منها
متجه نحو باب المنزل 

تبعته حنان لكنها وقفت واستدارت نحو شقيقتها تحتضنها بقوة 

-هتوحشيني أوي يا إيمان

-وأنتِ كمان ياحنون بس مش عاوزه أشوفك غضبانه كده تاني .ربنا  يديم السعادة والمحبة بينكم

ثم خرجت من أحضان شقيقتها والتقطت الطفلة تحتضنها وتقبلها

-هتوحشيني يا بسبوسه

حملت حنان صغيرتها وغادرت خلف أمجد الذي كان فرح بعودتهم كفرحة طفل بملابس العيد

أغلقت إيمان الباب ثم استدارت تنظر إلى الشقه التي عادت إلى هدوئها الموحش وهاهي تعود لوحدتها

مرة أخرى 

وصل حنان وأمجد إلى منزلهم صعدت إيمان السلم نحو شقتها بارتياب وتبعها أمجد وما ان تجاوز باب شقة والدته شعر أمجد أن الباب يفتح ببطئ وكأن والدته تراقبهم لكنه لم يلتفت خشيت أن تسمعّه هو و  زوجته كلمة تجرحهم

ليستمر بالصعود متجاهل وقوف والدته عند الباب لم يكن هو يوما ولدا عاقا فهو ورغم انها لا تكلمه ينزل إليها ويسلم عليها ويسأل عن أحوالها ويقبل رأسها ويديها رغم امتناعها

وكما شعر امجد بوجود والدته شعرت حنان، لكنها فعلت كما فعل فهي لاتريد مايعكر صفو هذه اللحظة 

دخلت شقتها التي اشتاقت لأركانها تدور عينها في كل شبر فيها بلهفه لتنتبه ان الشقه نظيفة وكأنها تركتها البارحة

-الشقه نضيفه يا أمجد بصراحة كنت متوقعه ارجع ألاقيها فوضى

اقترب منها وقال وهو يبتسم بفخر:

-جوزك حبيبك هو الي عمل كل حاجه نضفت الشقه ووضبتها عشان تكون مناسبه لاستقبالك

لترفع حاجبها وتقول بتعجب

-وانت أيش عرفك أني هوافق ارجع؟

اقترب منها يحيط خصرها بيديه

-قلبي قالي انك هتحني عليا

ثم احتضنها يهمس لها

-وحشتيني

تعليقات



<>