رواية حياة مهدورة الفصل السادس عشر16 بقلم رشا عبد العزيز
-يحيى أنا محتاجه وقت
ابتعد عنها يحدق بها وبطلبها، هي أخبرته أنها تحتاج للوقت كي تتعود ،لكن لم يتوقع أن ترفضه ظل صامت فترة
يطالعها لتسبل أهدابها بتوتر تنتظر قراره ورغم أنه كان ينتظر هذه اليله بشوق يتوق لتذوق الحياة معها وبها، لكنه تحلى بأقصى درجات الصبر وقرر أن يمنحها الوقت الذي تحتاجه لتتقبله، كان يعلم بقرارة نفسهُ أنه لن ينتظر طويلاً فإيمان تحتاجه، كما يحتاجها أخفى حنقه وتستر بقناع القبول
كان قلبها يقرع فى صدرها قرع الطبول وكل خليه بجسدها تنتفض، لتتسارع أنفاسها وهي تراه يقترب منها
كانت تظن أنه رفض طلبها، لكنها وجدته يقبل جبينها قبلة طويلة هزت تماسكها وكادت ان تبتعد وهي تشعر بأنفاسه الساخنه بهذا القرب
-خدي وقتك يإيمان وأنا هستنى بفارغ الصبر اليوم الي تفتحيلي فيه باب جنتك وتقبليني كزوج، لكن لحد ما دا يحصل أحنا صحاب عاوزك تعتبريني أقرب حد ليكي تشاركيني همومك، واحزانك وصدقيني هسمعك وهاكون سعيد كمان
_ها قلتي أي هتوعديني؟
رفعت عينها تنظر اليه باستحياء بعد كلماته التي أثلجت قلبها لتقول :
-متشكره أوي
ابتسم وحرك راسه لها نافيا
-أنا مش عاوز شكرا أنا عاوزك توعديني
ثم نظر لها يحثها على الاجابه لتجيبه بتلعثم:
-أوعدك
اتسعت أبتسامته ومديده لها قائلا:
-طب يلا ياصاحبتي تعالى
مدت يدها بتردد وامسكت يده ليسحبها نحو أحدى الغرف وفتح الباب
-دي اوضة النوم يلا ادخلى استريحي أكيد أنتِ تعبتي النهاردة
دخلت بخطى بطيئه عينها تمشط زوايا هذه الغرفه، وكيف أعُدت لتستقبلها وزينت بالزهور والشموع المعطره
أعتصرها قلبها من أجله يبدو انه كان يحلم بشئ مختلف لتحطم هي تلك الأحلام بطلبها
-إيمان أيه رأيك في الاوضه عجبتك؟
رمشت أهدابها تستمع لسؤالك الذي أعادها من شرودها لتجيب
-أيوه
-أكيد بقت أحلى لما أنتي دخلتيها
تنهدت بحيرة وأسف تتمنى لو يتوقف عن هذا الكلام الذي بات يحسسها بالذنب اتجاهه، كانت تتمنى لوتستطيع ان تعتذر و تطلب منه السماح فهي حقا بحاجه لتلك المهله فقد تملكها الخوف وأحكم قبضته على عقلها وقلبها معًا
-لو أحتاجتي حاجه أنا موجود في الاوضه الي جنبك تصبحي على خير
رغم أن عينيه كانت تلومانها ،لكنه ظل يرسم ابتسامتة على وجهه .جلست على السرير بجسد يثقله
تلاحق الأفكار ،وتشتته الهواجس،ثم مدّت يدها تجمع أوراق الأزهار التي تناثرت على السرير كما تناثرت مخاوفها في أعماق عقلها
حتى رددت بلا وعي
-سامحني يايحيى بس أنا خايفه وهشه وجبانه خايفه أتعلق بيك واتخذل
أما هو فدخل الغرفه الثانية يزفر أنفاسه بشدة علّه يخرج مشاعر الخيبة والحنق التي اجتاحته نزع ربطة عنقه بغضب وألقاها على السرير وهو يتحرك ذهابا وإيابا داخل الغرفه ثم نزع سترته وألقها بعنف يمسح وجه عدت مرات
-خلاص يايحيى أنت وافقت لازم تتحمل
ثم حرك يده على خصلات شعره يجذبها وهو يتمتم
-ربنا يسامحك يا إيمان بوظتى كل تخطيطي
لينظر بتجاه ذالك الجدار الذي يفصل بينهما ويقول:
-يارب أقدر أصبر. (بقلم رشا عبد العزيز)
ثم صمت لحظات وردد
-هتحبيني يا إيمان زي مابحبك أوعدك هتحبيني
أخذت حماما دافئا ثم صلت ودعت الله أن يبعد عنها هذه الهواجس وأن يطمئن قلبها لتستلقي على الفراش ثم استدارت تنظر إلى المكان الذي كان سيكون مكانه حركت يدها على المكان ثم جاء صورته أمامها ماذا لوكان الآن بحانبها لتغلق عينها بقوة تعتصرها لتهرب من هذا الخيال.
****************************
أستيقظ صباحا بعد أن شاكس عيونه ضوء الشمس دعك عينيه ومسح على وجهه ليتذكر أنها معه في نفس المكان نهض بسرعة، وخرج وعينه تبحث عنها بلهفة ليدله على مكان وجودها عطرها المميز وأصوات حركتها داخل المطبخ اقترب ليرتجف قلبه فمظهرها اليوم مختلف بجامتها الورديه وشعرها الذي انسدل متجاوز نصف ظهرها ابتسم بتلقائيه وتسارعت دقات قلبه هذا المرة الأولى التي يراها من دون حجاب
اقترب منها حتى اصبح خلفها فقال :
-صباح الفل
شهقت فزعه حتى عادت للوراء واختل توزنها حتى كادت تسقط لولا ذراعه التي سندتها ليضحك على منظرها
-مالك يا إيمان هي صباح الخير بتعمل مشاكل معاكي دايما
أضطربت بخجل ونظرت اليه لتقول له وهي تلهث أنفاسها و تضع يدها على صدرها تهدئ من ضربات قلبها:
-معلش أصلي أتخضيت
-أسف لو كنت خضيتك
لمعت عينها وهو يتئملها ويرتب خصلات شعرها التي تبعثرت لتنتبه هي له فتقول بسرعه:
-شاي ولا قهوة؟
عاد من تأملها وابتعد عنها يعطي لها تلك المسافه التي طلبتها
-خليها شاي بحبه مع الفطار
-حاضر
قالتها وكادت تبتعد عنه ليمسك ذراعها ويقول بحب
-شعرك حلو يا إيمان
أسبلت عينيها بحرج وقالت قبل ان تخطو مبتعده:
-متشكره
جلست أمامه بخجل تتحشى نضراتها المحدقة بها ليبتسم هو على خجلها
-تسلم أيدك يا إيمان مع أني باكل البيض المقلي كل يوم، لكن النهاردة طعمه مختلف
زاد مدحه من توترها لتهرب منه بسؤال
-هو باسم فين؟
حرك راسه بقله حيله وقال ضاحكا:
-باسم مش هيعيش معانا باسم هيعيش في شقته اللي قدامنا بضبط أنا اشترتها ليه من سنه عشان يتجوز فيها
-طب وهياكل ازاي؟
سؤال طرحته بحنان ليبتسم مسرورا على اهتمامها بولده
-ماتخافيش باسم آخر حاجه يتكسف منها الأكل لما هيجوع هتلاقي نطلك هنا
ابتسمت على كلامه وقالت مرحبه:
-يأنس وينور دا بيته كمان
توقف عن تناول طعامه وتوقفت تلك الشوكه التي تحمل حبة الزيتون قبل ان تصل لفمه بعد كلماتها التي تُنعش قلبه وتُهدّئه، تجعله كل يوم يسقط في عشقها أكثر ليقول لها بأمتنان
-متشكر يا إيمان
-طب كنا ندهناله يفطر معانا.؟
ليقطب حاجبه ويحاول أن يشاكسها
-يفطر معانا ازاي أنتِ ناسيه أننا عرسان والنهاردة صباحيتنا
قالها ثم غمز لها بعينه لتغزو حمرة الخجل وجنتيها وتزيدها جمالا فوق جمالها فأكمل
-وبعدين باسم سافر أسكندريه هو وبسمه وأهل جوزها من الصبح واحنا كمان هنلحقهم كمان شويه
رفعت يدها تعيد خصلات شعرها خلف أذنها تداري توترها عنه لتقول:
-نلحقهم فين. '. (رشا عبد العزيز)
-هنروح أسكندريه والد فريد عازمنا نقضي يومين معاهم هناك
شعرت بضيق كأن شيء جثى فوق أنفاسها، وارتعشت يدها بتوتر لتضعها تحت الطاوله كي لاينتبه لها
كانت تود أن تخبره انها لاتريد الذهاب لاتريد أن تجتمع معهم لاتريد أن تواجه بسمه، لكنها فضلت ان تخفي مخاوفها عنه حتى شعرت به يقرب لقمه الخبز الممزوج بالعسل من فمها ويقول :
-كُلي يا إيمان أنتي ماكلتيش حاجه
فتحت فمها على استحياء تلتقط تلك اللقمه بشفتيها وترفع يدها تدسها اكثر في فمها تمضغها بإضطراب تحت نظراته وابتسامتة لايعلم أنها لم تشعر بطعم العسل مع زوبعة الأفكار والمخاوف التي ضربت رأسها
جاورته في سيارته متجهين إلى الاسكندريه مد يده يوجّه التكيف نحوها
-واصلك الهوى كويس
ابتلعت ريقها بصعوبة من شدة التوتر وهي تجد اقترابه منها يربط لها حزام الأمان ليبتسم قائلا :
-معلش يا إيمان أنا موسس شويه
ثم وجدته يقف عند أحد المحلات ويجلب العديد من العصائر والفواكة
-خدي يا إيمان
قالها وهو يمد لها يده بالأكياس ويجلس يربط حزاما الأمان
تعجبت من الكميه وقالت:
-بس دا كتير أنا مش جعانه
نقل نظره بينها وبين الطريق ليقول:
-احنا قدمنا سكة طويلة هتجوعي أكيد وبعدين أنا بحب أدلع نفسي وأنا بسوق ياستي
مضت ربع ساعة من الوقت والصمت كان رفيقمها حتى حاول أن يقطعه هوليقول:
-انتِ سافرتي فين قبل كده يا إيمان؟
اخفضت عينها وتنهدت بحزن
-أنا مسافرتش أبدا بره القاهره
رفع حاجبه بدهشه ليلتفت نحوها ليسألها
-معقوله يعني أنتِ ما صيفتيش أبدا
مسحت الدموع في عينها وقالت بصوت ملئه الحزن :
-أخر مره صيفت لما بابا كان عايش وكنت صغيره كان عندى عشر سنين بعد كده ماما ولدت اخواتي واتلخمنه معاهم
ثم اختنق صوتها وقالت وبعد ها بابا مات وماما تعبت وانشغلنا بتعبها
ثم صمتت وابتسمت رغم الحزن الذي تنطق به عينيها
-بس اخواتي الولاد كانو بيروحو مع أصحابهم
وضحكت تكمل
-وحنان امجد جوزها رحمها وأخذها مصيف مرتين تلاته
-وانتِ؟
سؤال سألها أيها لتنظر له ثم للطريق وقالت بحسره:
-أنا ماكانش عندي وقت أصيف كان لازم أشتغل عشانهم لان وقت المصيف كان هيخسرني ويكلفني فلوس
ثم مسحت دمعه هربت منها بسرعه قبل ان يرها وقالت:
-هما شباب و أولى مني
أعتصره قلبه حزنا عليها وصوتها الذي امتزج بالحزن والحسره مزق نياط قلبه كاد ان يوقف السيارة
ويحتضنها يخفف عن كاهلها هذا الألم ويخبرها انه سيعوضها لكنه قرر أن يسمعها
-إيمان ممكن تحكيلي عنك
نظرت اليه في ريبه وتردد حتى شعر هو بتردّدها ليقول هو يشير بيده منبها لها
انتى وعدتيني أنك تحكيلي وبعدين اهو أحنا بنسلي نفسنا لغاية مانوصل
قاومت ترددها بدأت تسرد له كل ماحدث معها ، وكانت كلما تحدثت زاد ألمه لاجلها
وكبر أعجابه بها وبتضحيتها وصبرها حتى انتهت
- يااااا يا إيمان أنت تحملتي كل دا وفي سنك الصغير انتِ فعلا قويه
ضحكت مستهزئة وقالت:
بيتهيألك أنا عمري ما كنت قويه أنا يمكن أكون قوية من بره لكن من جوه أناهشه وضعيفه
قالت هذا وهي تشير بيدها نحو قلبها لتسترسل:
-أصعب حاجه أنك تبين للناس أنك بخير وانت بتنهار من جوه نفسك تصرخ وتقول كفايه أنا تعبت
-وماصرختيش ليه ياإيمان؟
امسكت كفا يدها ببعضها تضغط عليها بقوه تسكت صراخ قلبها الذي عادت له تلك الذكريات
-ما كانش عندي رفاهية الانهيار ولا الاختيار طريقي كان واحد ومرسوم ماكانتش اقدر اخرج عنه أنا ألزمت نفسي بوعد وكان لازم انفذه
تفاجئت عندما وجدته يقف فجأه ويركن سيارته على جانب الطريق ثم فك حزام الأمان واستدار نحوها
وزادت دهشتها عندما وجدته يمسك رأسها ويمسح دموعها التي انسابت رغما عنها وهي تحكي له
ليجذبها ويحتضنها بقوة يحرك يده على ظهرها ويقول:
-انتِ عملتي الصح يا إيمان واللي حصل دا اختبار من ربنا وانتى نجحتي فيه وماشاء الله الولاد اتخرجو واتجوزو
وربنا اختارك للاختبار دا لأنه عارف أنك قده
اماً هي فرغم تعجبها، لكنها كانت تحتاج هذا الحضن لتنهار مقاومتها وتجهش بالبكاء داخل احضانه
أعطها وقت تخرج هذه الشحنه المكبوته داخلها علّها تستطيع ان تصالح نفسها رغم انه شعر بالذنب فهو من طلب منها الحديث ليحاول ان يخفف عنها فقال مازحا:
-خلاص يا منمن كفايه عياط الناس هتقول أيه لما يشوفو عيونك وارمه هيقولو جوزها ضربها عاوزه تلبسيني تهمه يا إيمان
خرجت من ا حضانه تضحك وتجفف دموعها وساعدها هو عندما حمل منديل وجفّف دموعها وقال:
-ايوه كده يا شيخه خلى الدنيا تنور
ثم نظر لها وقال:
-خلينا نمشي لحسن الناس تشك بوقفتنا دي ويفتكرونا بنعمل فعل فاضح في الطريق العام
لتزداد ضحكاتها المختنقه من البكاء وتمسح انفها وعيونها ليعتدل هو بجلسته ويعود للقياده
-إيمان لوسمحتي فيه بسكوت مملح هتلاقيه في الأكياس عندك طلعيلي واحده
كان يحاول ان يلهيها ويبعد الأفكار الحزينه عنها امتثلت هي لطلبه لتفتح الغلاف وتخرج واحده تمد يدها له كي ياخذها لكنه باغتها بان امسك يدها وقرب كفّها من فمه يقضم البسكوت من يدها كانّها تطعمه
شعرت بالخجل وتوردت وجنتاها ،لكنها لم تستطع الاعتراض ليستمر بطلب المزيد وتأكله بنفس الطريقه
نجح في تشتيت تفكيرها وابعادها عن الماضي عندما كان يرى ابتسامتها الخجله وتجاوبها معه فى الكلام
*************************************
كانت تضطرب اكثر كلما اقتربو من بوابة منزل والد فريد امسك يحيى يدها بتملك
فا أسعدتها هذه الحركة وهي تشعر انها ستستمد قوتها منه طرق الباب ليفتح له باسم يحتضنه ويقول:
-باشا الحمد الله على السلامة ياعريس
-الله يسلمك
ثم نظر نحو إيمان وقال مبتسما:
-مرات أبويا الحمد الله على السلامه ياقمر
-ولد احترم نفسك بتعاكسها قدامي
-متأسفين ياباشا تعدينا الحدود
ثم أنحنى نحو إيمان وقال هامسا:
-شكله بيغير عليكِ ليقول مازحا بعد ان رفع صوته
-وحشتينا ياعسل
-ولد اتلم. (بقلم رشا عبد العزيز)
لتضحك إيمان على مناكفاتهم وتقول:
-الله يسلمك ياباسم
ثم حضر من بعده الجميع يرحبون بهم بحفاوة وخصوصا السيدة عاليا التي رحبت باإيمان اشد الترحيب
لتجد إيمان بسمه تقترب من والدها وتحتضنه بقوه وتقبل وجنتيه وتقول:
-وحشتني ياحبيبي
ليبادلها هو أيضا العناق والقبل ويقول:
-انتِ كمان وحشتيني يابوسي ،لكنه فجآها عندما سالها الظاهربقيتي كويسه فريد قال انك عيانه
لتلعثم وتقول:
-هااا اه دا كان دور برد بسيط
ليردد ماقالت مستهزئ ،لكنه لم يعقب
-دور برد بسيط طيب ربنا يشفيكي يابنتي
اقتربت إيمان منها وقالت:
- ازيك يابسمه
لترد باقتضاب ووجه عابس
-اهلا
عاد يحيى يمسك يد زوجته تحت نظرات ابنته المترقبه التي تحولت لحنق وهي تبصر تمسكه بها
جلست معهم على مائدة الطعام تشعر بالغربه وهي تطالع اندماجهم في الحديث والضحك عن مواقف وأشخاص.
لاتعرفهم حتى التقت عينها بعين بسمه التي كانت تسلط نظرها عليها باشمئزاز وكره وتعجبت كيف يمكن ان تتغير معملها معها هكذا، كانت دوما تعاملها بلطف وتشجعها، لكنها اليوم تعاملها كأنها لصه سرقت شى ليس من حقها تنهدت بألم لتشعر بيده التي تسللت من تحت الطاوله واحتضنت يدها لتبتسم. بتلقائيه
ثم مال عليها يسألها بهمس:
-مابتاكليش ليه؟
-لا أبدا باكل اهو أنا بس كنت سرحانه شويه
ثم مال عليها أكثر وقال مازحا
-هتاكلي والا أكلك أنا بأيدي
اتسعت عيناها وقالت بسرعه تفلت يدها من يده وتمسك ملعقه الطعام
-أهو هاكل
ابتسم وهويرى ارتباكها ليبدا بتفصيص السمك لها مشيرا بسبابته عليه لتاكل وما كان منها إلا ان امتثلت لأمره
خشيت ان يصدق في كلامه ويطعمها بنفسه
**********************************
كان تجلس على شاطئ البحر تراقب الأمواج بسعادة لم ترى هذا المنظر منذ ثلاثون عامًا لتلوح أطياف الذكريات مع والدها رغم عدم وضوحها، لكنها كانت كرصيد حب وحنان تنتهل منه كلما اشتاقت اليه
عادت على صوت صراخه وضحكاته مع ابنه وهم يتسابقون في السباحة ظلت تراقبهم حتى رأته يسبح متجاوز باسم لتجد نفسها تقف بقلق تود ان تصرخ عليه ان لايبتعد، لكن عدلت عن ذلك عندما رأته يعود بتجاه الشاطئ
لتعود هي مكانها انتفض قلبه فرحا وهو يجدها تطالعه بقلق
كان باسم يقف بالقرب منها يحمل منشفته ويقول:
مشاكسا والده عندما رأه يقترب منهم:
-شوفتي الباشا طلع مش سهل وسبقني إلا وأنا إلى كنت متاكد من خسارته
ضحك يحيى وقال:
-عشان انت خايب
ليغمز له باسم ويقول بمشاكسة
-أنا الي خايب ولا أنت عندك نشاط مضاعف النهاردة
ركض باسم بسرعه من امامه ضاحكا بعد ان رأى نظرة الوعيد في عينيه ونظرة الخجل في عين إيمان
عاد ينظر إليها ليرقص قلبه بين أضلعه عندما رأها تناوله المنشفه قبل ان يطلبها ثم التقطها منه وناولته قميصه
رغم خجلها وهروب عينها التي لم تنظر نحوه
-متشكر يا إيمان
أكتفت بأبتسامة ولم تعلق ليجلس على الكرسي بجانبها ويحاول ان يتبادل معها الحديث
-الميه حلوه النهاردة
-ايوه فعلا الجو جميل
التفت نحوها وسألها
-انتِ عومتي قبل كده في البحر؟
حركت راسها يمينا ويسارا بنفي وقالت:
-لا ..كان نفسي بس انا بخاف
لتجده يقف ويمد لها يده
-يلا يا إيمان. خلينا نعوم
حركت راسها با استنكار رافضة
-لا مش هقدر
-يلا يا إيمان أنا هاكون معاكي
لكنها ظلت رافضة
-يلا يا إيمان الأولاد بيبوصلنا
حركت راسها لتجد ان باسم وفريد وحتى بسمه يحدقون بهم تعلم انه سيظل مصرا على قراره
مدت يدها له بتردد ليسحبها نحو البحر رغم ثقل خطواتها التي امتزجت بالخوف
وما أن اقتربو من الماء زاد خوفها، لكنه ظل يسحبها حتى غمرت الماء أجسادهم
لتتشبث به بقوه وهو يطابق جسدها بكلتا يديه بأحكام لتقول بهلع والمياه تقترب من رأسها
-يحيى أنا خايفه رجلي مش لامسه الأرض
ليضحك ويقول:
-متخافيش أنا ماسكك كويس
تشبثت به بقوة وقدمها تتحرك في الماء كمجذاف
-متخافيش يا إيمان واستمتعي بالميه
لكنها ظلت مرتعبه حتى بدأت شفتها ترتعش وأسنانها تصطك ببعضها ،لكن كل شي تبدل
كان خوفها تلاشى عندما وجدت ينحني يهمس بقرب من أذنها
-بحبك يا إيمان بحبك يلي نورتي وغيرتي حياتي
تخشّب جسدها بين يديه وحمدت الله ان صوت الأمواج كان عالي حتى لاتفضحها نبضات قلبها الذي يتخبط بين أضلعها، كماتتخبط الأمواج من حولها توقفت قدمها عن الحركة حتى شفتها وكأن الدماء تجمدت وتوقفت عن السريان بين شريانها
احس هو بذالك ليبتسم ويعزم على ان ينهي أعترافه كاملا
-بحبك من قبل ما أخطبك من ساعة ماشُفتك وانتى خطفتي قلبي وملكتيه وبستنى اليوم الي اسمع منك كلمة بحبك
اتسعت عينها التي اثقلت أهدابها مياه البحر وربما خالطت ملوحته ملوحةُ دموعها التي تجمعت بعد اعترافه
تسارعت هذه المره أنفاسها وهي تدير اعترافه في رأسها يحبها نعم قالها لم يكن إعجاب عابرا
ضحك بتسليه عندما افلت جسدها بعد ان شعر بحالة التيه التي تعيشها ليحاول التخفيف عنها وما ان احسنت بأنها تطفو لوحدها أسرعت تتشبث بملابسه وتردد:
-متسبنيش هغرق
ليقهقه عاليا وهو يرى ذعرها واستمتاعه بقربها وتشبثها به
-مش هسيبك ياجبانه
-ايوه أنا بعترف أنا جبانه بس متسبنيش
قالتها وهي تبصُق مياه البحر من فمها
-مش هسيبك طول ما فيا نفس هفضل سندك يا إيمان طول العمر
كلماته كانت كسهام أمان أصابت قلبها الخائف تطمئنه
وبعد ان اعتادت على الماء بدأت تندمج وتضحك معه
كان هذا المنظر تحت أنظار باسم وبسمه ليميل باسم نحو شقيقته ويقول:
-شايفه بابا فرحان ازاي كنتِ عاوزانا نحرمه من السعادة دي
-وأيه الي جد ماهو دايما بيفرح لما بنجي اسكندريه
قالتها بسمه بغضب
-بلاش نضحك على بعض شوفي ضحكته طالعه من القلب ازاي
-باسم بتكلم صح ياحبيبتي
قالتها والده فريد السيده عاليا وهي تربت على كتفها بحنان
-بسمه ياحبيبتي بابا تعب في تربيتكم محتاج يعيش حياته وإيمان كمان أتظلمت كتير يابنتي خلي الاتنين يعوضو بعض هما محتاجين بعض في حياتهم
رغم انها تعلم صدق كلامها، لكنه لم يروق لها أبدا وظلت تنظر نحو والدها بضيق
*************************************
سارت بجانبه على رمال البحرليلا وتحت ضوء القمر حلم آخر تمنته فحققه لها مد يده أمامها لتمديدها تستريح بيده فتتعانق أصابعهم متشابكه
-يحيى هو أنا ممكن اسألك سؤال؟
-أيوه ياحبيبتي اتفضلي
منذ ان اعترف لها بحبه استبدا اسمها بحبيبتي لايعلم ماتفعله هذه الكلمه بها تزلزل كيانها وتبعثر ثباتها المزعوم،
لكن خوفها وعنادها لازال يكبلها وتلك الهواجس كالسلاسل تقيد قلبها تمنعه من الفرار اليه
-انت مجوزتش ليه بعد ما مامة باسم اتوفت الله يرحمها؟
أجابها مبتسما
-الله يرحمها …كنت خايف على الأولاد خايف تجي مرات أب تعاملهم وحش
كانوا أمانه ووصية المرحومة مامتهم
-كنت بتحبها ؟
- أوي كنت بحبها اوي فاطمه كانت بنت عمي وكنا بنحب بعض من واحنا صغيرين
وقفت معايا وساندتني لحد ماوقفت على رجليا لأعمرها طلبت طلب ولا اشتكت وكنت اهم حد في حياتها
حتى وقت مرضها
شعر بارتخاء أصابعها بين أصابعه ابتسم بأمل هل يمكن ان يكون حديثه عن زوجته آثار غيرتها
ليشدد هو على أصابعها ويركز في عينها عله يستشعر الغيره في نظراتها، لكنها فاجئته عندما قالت:
-حلو أوي الحب والوفاء الي حستهم بكلامك
لايعلم انها عقدت مقارنة بينه وبين حسن الذي أراد التخلى عن زوجته و الزواج با أخرى،
لكنها ايضاً شعرت بشي غريب وهي تراه يتحدث عن زوجته الأولى لاتعلم ماهو
-أتضايقتي أنا اسف لو كلامي …
لتوقفه بسرعة وبابتسامة زينت وجهها
-بالعكس الوفاء والحب حاجه حلوه بتميز الإنسان وتزيد احترامه.
لكنها التفتت له و قطبت حاجبها وسالته
-طب ماتجوزتش بعد ماكبرو وتخرجو ليه؟.
وقف وجعلها تقف امامه ممسك يديها بيديه وقال:.
عشان كنت بستناكي يا إيمان
نظرت اليه بدهشة وفهم هو دهشتها ليكمل مسترسلا
-صدقيني يا إيمان أنا كنت رافض الجواز وشايله من بالي خالص لحد ماشفتك وتبدلت كل قرارتي
ماكنتش فاهم ليه ،لكن لماحكيتي ليا النهاردة عن حياتك لقيت جواب لسؤالي
انتِ ربنا خباكي ليا يأ إيمان كأنه بيعوضني بيكِ وبيجازيني عن كل التعب والألم الي شفته
في حياتي …
لامس حديثه قلبها، وكان كدواء لجراح مزمنه ألمت روحها ،لكن عقلها تجردت منه الكلمات وضاعت حروفها على لسانها وألجمتها صدمه حديثه وكأن حواسها شلت لتظل متصنمه تغلف عينيها الحيرة والشتات حتى رحمها صوت باسم الذي كان يصرخ مناديا لهم لتناول العشاء فوجدت فرصتها في الهروب من امامه
وظل هو ينظر لإثرها بحسره ينعت ابنه باشتائم على قطعه لتلك اللحظة
******************
-احست بالحرج وهي تجد نفسها تشاركه سرير واحد تحت سقف واحد. كانت تحاول ادعاء النوم وسط الهدوء لايسمع فيه سوى صوت أنفاسها المضطربة لتسمع رنين هاتفها لتعتدل محاولة الاجابه لكن الاتصال انقطع ووصلت رسالة فتحتها لتبتسم وهي تجد الرساله من ليان تسألها عن أخبارها لترد عليها هي برسالة وهي مبتسمة جذب نظره هذا المشهد بعد ماكان مندمج مع هاتفه هو ايضاً يعطي بعض التعليمات لمساعديه
في المركز كي يعوضو غيابه
وضعت هاتفها جانبًا وكادت ان توليه ظهرها، لكنه ندائه عليها جعلها تستدير مستلقيه بتجاهه حتى اصبح وجهه يقابل وجهها لايفصلهم سوى تلك المسافة التي صنعتها بابتعادها إلى طرف السرير
-دي ليان؟. (بقلم رشا عبد العزيز)
-ايوه
-أنا هبتدي أغير من البنت دي بتكلمك اكتر مني
ضحكت إيمان على حنقه وملامح وجهه التي تغيرت.
-ليه بس دي ليان طيوبه
لكنها توقفت فجاه كانّها ادركت شي
-يحيى هو أنا علاقتي بليان غلط؟
تعجب من سؤالها وقال:
-ليه بتقولي كده أنتِ قصدك على فرق السن
-لتهز راسها قائله:.
-ايوه
-لاعادي مدام متفاهمين دا شي عادي الصداقه ميحكمهاش عمر محدد بتحكمها الراحه والمواقف
يعني انتي ارتحتي بكلامك مع ليان وهي كمان وأعتقد انا شُفت وقفتها وسعادتها معاكِ يوم كتب الكتاب
ودا موقف يحسب لها …وبعدين ما احنا ياما بنقا بل زملاء اصغر مننا بس بيكون بينا توافق وفهم وساعات صداقه
ابتسمت له بأمتنان على كلامه
-اصل حنان وآسر مستغربين علاقتي بيها بيقولو انها قد ولادي
لتتفاجئ بيه يسألها وهو يمسك بيدها بين يديه
-إيمان أنتِ ندمانه انك سيبتي خطيبك زمان؟
-حسن.
مجرد ذكرها اسمه جعله يتوتر ويضغط على يديه
-لو سألتني السؤال دا قبل كم شهر جايز كنت معرفتش أجاوبك، لكن بعد الي عمله هقولك لا.
مش ندمانه.
-هو عمل أيه؟
لتسرد له إيمان عودته وعرضه للزواج منها وكيف رفضت كانت تتكلم وتعري مشاعرها
امامه واحاسيسها في تلك الفتره وهو كان يستمع لها ويضغط على يديه بقوة كلما ذكرته.
حتى انتهت من حديثها لتجده يبتسم ويقول مازحنا:
-لا أنا كده ادعيله عشان خلاكي تعيدي ترتيب افكارك وتطهّري قلبك من بقايا حب تعبك
وأذاكي
-عندك حق يمكن الي حصل من حسن خلاني أشوف الموضوع بشكل تاني
سرحت في شريط الماضي لفتره من الزمن إلى ان انتبهت لتنظر اليه لتجده نائم وهو يحتضن يدها بيديه
ابتسمت على منظره وتشبثه بيدها وقررت الذهاب في النوم هي ايضاً
*********************
-أستيقضط صباحا لتنظر إلى مكانه فتجده فارغا تلمسته لتجده بارد فعلمت انه غادر منذ وقت طويل
تعجبت من فعلته ،لكنها غيرت ملابسها ونزلت تبحث عنه حتى وصلت إلى الصاله لتجد بسمه جالسه
هناك وما ان رأتها حتى قالت:
-اهلا بمرات أبويا البريئه
