رواية حياة مهدورة الفصل السابع عشر17 بقلم رشا عبد العزيز


رواية حياة مهدورة الفصل السابع عشر17 بقلم رشا عبد العزيز
 
-اهلا بمرات أبويا البريئة

تحاشت إيمان النظر نحوها وتجنبت التعقيب على كلامها لكن بسمة اتخذت من وجودها معها بمفردها فرصة 
كي تخرج كل مايجول بخاطرها وتحرر ذلك الكلام المكبوت داخلها منذ ان علمت بنية والدها الزواج منها

-تعرفي أول مرة اعرف حد يمثل الطيبة والبراءة زيك  بس حتى لو الكل صدقك  مش هتقدري تخدعيني
صمت عم المكان بعد حديثها تصاعدت أنفاسها بدهشة ماذا تقصد...بكلامها هذا؟
 أتتهمها بالخداع.ماذا فعلت لتتهمها هكذا
 
_أنتِ تقصدي أي يابسمة ؟

ضاقت عيني بسمة تواجهها  باستنكار

_بلاش تمثلي دور البريئة بتكلم عن بابا الي قدرتي تلفي عليه ولا نسيتي الفستان  الي عملتيه

ليا وقاصدة بيه تتقربيله. دا جابوا هدية بنفسه قال إيمان هي اللي عملته أنا ست وأعرف حركات الستات دي
اتسعت عينها بتعجب وأشارت نحو نفسها وقالت مستهجنة :

_أبوكي هو الي طلب مني أعمل الفستان مش أنا
ضحكت بسمة بأستهزاء وقالت:

_وانتِ ماصدقتي ولفيتي دماغه وخليته يخطبك
 
أختنقت أنفاسها وكأن الهواء أنحسر من حولها هل كان ينقصها هذه المشاكل، لكنها هذا المرة لن تسكت مهما حدث ستدافع عن نفسها وحتى اذا كلفها هذا الدفاع خسارته

-بلاش تظلميني يابسمة أنا عمري مافكرت كده ولا الأسلوب دا أسلوبي،  ابوكي هو الي خطبني أنا لا جريت وراه ولا لفيت عليه
 
-انتِ كدابة.         (بقلم رشا عبد العزيز) 

لتصرخ إيمان بوجهها غاضبة

-أنا مش كدابة بلاش تتجاوزي حدودك معايا أنا
 محتراماكي عشان خاطر ابوكي متخليش غيرتك على أبوكي تصورلك حاجات  ماحصلتش أنا مش محتاجه اكذب ولا يهمني انك تصدقيني

أستشاطت بسمة غضبًا

-انتِ مجنونة أنا أغير منك انتي..انتِ فاكرة ان ممكن يفضلك عليا او تاخديه مني فوقي أنا بنته 
ومش هسمحلك بكده

زفرت إيمان أنفاسها بشدة تحاول ان تخرج تلك النيران التي اجتاحت جسدها وتحبس تلك الدموع التي تجمعت في محجرها هل هربت من حياة الوحدة لتدخل في حياة مليئة بالمشاكل هل هربت من حفره لتغرق في بحر أمواجه عاتيه

-وانا مش جايه آخد حد من حد ده ابوكى برضو، مهما كنت انا بالنسبة ايه

لتقول بسمه بأستهزاء

-شاطره اعرفي حدودك ومتتعدهاش انتِ في حياته مش اكثر من خدامه  و…

ثم ضحكت ضحكه صفراء

-وواحده ترضي احتياجته متفكريش انك تكوني اكتر من كده

-بسمه

صراخه بأسمها أرعبها،  كما أرعب بسمه لتجده يقف أمامها وجهه يشع غضبًا عروقه البارزة تكاد تنفر من مكانها

وأنفاسه اشبه بلهيب النيران لوطلقها لأحرق بسمه في مكانها

-بابا!

وقبل ان تنطق بكلمة أخرى سمعت إيمان صوت تلك الصفعة التي هوت على وجه بسمه حتى اخلت بتوازنها
لتشهق واضعة يدها على فمها، أما بسمه  فوضعت يدها على وجهها لاتصدق ان والدها قد فعل ذلك
ليصرخ عليها بصوت عالي جعل اسر وفريد ووالديه يهرلون نحوهم

-الظاهر ان دلعتك لحد مابقيتي بالقسوة دي ليه أنا قصرت معاكي فى ايه دا أنا بحبك أكتر من نفسي 
ثم أشار نحو إيمان بيده وصرخ

-مراتي الي انتِ بتتهميها انها عاوزه تاخدني منك  أنا سبتها وجريت من النجمة على محل الفطير عشان أجبلك الفطير الي بتحبيه

ليرفع الأكياس التي كان يحملها امامها وعاد يشير نحو إيمان التي اخفضت عينها بألم

-إيمان الي انتي بتتهميها انها عاوزه تسرقني منكم اول حاجه سألتني عنها لما خطبتها انتوا  وموافقتكم عشان كانت خايفه لتكون سبب لمشاكل بنا

افلت الكيس الذي كان يحمله من يده ورفعها يضرب على صدره بقوة كأنه ينعش قلبه الذي كاد ان يتوقف من ثورة غضبه ويقول مستهزئًا

-لكن أنا الغبي قولتلها ولادي مستحيل يقفوا في طريق سعادتي ولادي بيحبوني هيقدروا اللي عملته عشانهم هيقدرو اني عشت أب وأم و اني حرمت نفسي حتى من صحابي عشان مايكونوش لوحدهم وأفضل جنبهم طول الوقت هيحسوا بتعبي وسهري

ثم ضرب يده كف بأخر وقال بحسرة

-ماكنتش اعرف ان ولادي هيستكتروا الفرحة عليا  ماكنتش اعرف ان بنتي اللي بعتبرها أغلى من روحي 
هتكسرني وتقول على مراتي خدامه

اتسعت أعين اسر وفريد عندما نطق يحيى بهذه الكلمة ونظر٠ا نحو بسمة بتعجب هل نطقتها فعلا ،هل نعتت زوجته أبيها بهذا اللقب؟!

امسك ذراعها يهزها بعنف وهو يقول

-مراتي مش خدامة يابسمة هانم    … مراتي ست بيتي وتاج راسي

واستمر يهزها وسط فزعها وآلمها في ذات الوقت

-مراتي مش عاهرة ترضي رغبتي  يابنت قلبي …مراتي حبيبتي الي بعشقها وبموت فيها

افلت يدها ليختل توازنها وتسقط على الأريكة التي خلفها لتلمع عينه بدموع وهو يقول معاتبًا

-متشكر يابنتي ياغالية يامتربيه دلوقتى عرفت قيمتي وقدري عندك ياخسارة تربيتي وحبي ليك

قالها وهو ينحني يحمل الكيس مرة أخرى ويضعه على حجرها

-فطارك اللي بتحبيه يابسمة هانم

نكست رأسها  ولم ترفعها فعينها لن تستطع مواجهة عينه
ليستدير متحركًا  يدفع باسم الذي كان يقف مذهولًا من تلك الكلمات التي نعتت  بسمة بها إيمان ليتجاوزها وهويغادر نحو غرفته وهو يقول :

-يلا يا إيمان احنا هنرجع القاهرة

ركض نحوه فريد ووالده يحاولا جعله يتراجع عن قراره

-يحيى طول بالك مش كده

قالها والد فريد

-عمي ارجوك بسمة مش قصدها  انا هخليها تعتذر لايمان

ربت يحيى  على كتف فريد لائمًا

-مراتك عرفت تكسرني قدام مراتي  وقدام نفسي خلتني احس اني ضيعت سنين عمري في تربية واحدة أنانية وقاسية

-ياعمي ارجوك بسمة بتحبك حبها ليك...

لم يكد يكمل فريد جملته ليوقفه يحيى بحركة من يده
-بلاش تخلي حبها ليا شماعة لأخطائها

ثم نظر نحو والد فريد وقال:

-متشكر على العزومة بس أنا مش هقدر اقعد  اكثر من كده

ثم نادى بصوت عالي

-إيمان

فزعت من ندائه الذي آفاقها من تجمدها في مكانها وهي تناظر  بسمة ، التي كانت لاتزال منحنية الرأس  تمسك كلتا يديها وتضغط عليهما وتنظر نحوه بندم  شعرت بالذنب لأنها كانت سببًا في مشكلة بينها وبين والدها 
تبعته إلى غرفته لتجده يجلس على السرير ويضع رأسه بين يديه كأنه حملًا كبيرًا سقط  على أكتافه اقتربت منه بتوجس ثم نظرت نحو طاولة السرير الجانبية لتجد قارورة الماء اتجهت نحوها تتلمسها وجدتها ليست باردة ، لكنها تعلم انه بحاجة للماء الآن خشيت الذهاب للمطبخ مع هذا الجو المتوتر حملت القارورة ووضعت يدها على كتفه ونادته بهدوء

_يحيى.  يحيى

رفع رأسه ينظر إليها أفزعها منظره فقد كانت عينيه حمراء وشفته بيضاء كمن كان يسير في صحراء و صام دهرا من الزمن مدت له يدها بالماء ليلتقطها منها بيد مرتعشة من شدة الغضب ثم شربه كله دفعة واحدة

-يحيى أنت كويس؟
 
سالته بقلق لم يجبها، لكنه اكتفى بهز رأسه ثم تمتم يأمرها

-لمي الشنط عشا نمشي

لتقول بخوف وتردد:

-طب ارتاح شويه هو انت هتقدر تسوق وانت بالحالة دي؟

-لمي الشنط

قالها بحدة وهو يعود ويضع رأسه بين يديه أطاعة أوامره رغم انها كانت تشعر بالقلق الشديد، لكنها تعلم ان لا فائدة من النقاش

وما ان انتهت حتى قالت بخفوت:

-يحيى أنا خلصت خلاص

رفع رأسه بوهن ينظر لها وهي تقف ترتدي ملابسها وبجانبها الحقائب  نهض بتعب أمتزج بالغضب الذي لم تطفئ شعلته في عينيه التقطه مفاتيح السيارة من على طاولة الزينة وأشار لها نحو الباب يحثها على الخروج قبله
سبقته تسحب احدى الحقائب وتبعها هو يسحب الحقيبة الأخرى

ليقابلهم باسم وفري ووالده،  والسيده عاليه عند باب المنزل أمسكت  عاليه بذراع إيمان وقالت متوسله:
 
-خليكو يا إيمان بلاش تمشو دلوقت

نظرت إيمان نحوها بقلة  حيله ثم نظرت نحو يحيى ،كأنها تستجدي منه الإجابة قد يعفيها من الحرج امام تلك السيدة الطيبة ليجيب هو بنيابة عنها:

-معلش يا أم فريد مره تانية

-يحيى بلاش عند وخليك

قالها والد فريد محاول جعله يعدل عن قراره ليجيبه بأسي

-خلاص ياصاحبي انتهت لحد هنا

-بابا سيبني أنا أسوق بدالك

قالها  باسم الذي ينظر لوالده بقلق

-ملوش دا داعي أنا اقدر أسوق

ثم تركهم واتجه نحو السيارة التفت هي نحو باسم لتقول:
 
-باسم محتاجه ميه ولو كان فيه عصير  لوسمحت

هز باسم لها راسه وأسرع نحو المطبخ يجلب لها قوارير الماء والعصائر المعلبه
 
-إيمان خلي بالك منه

توسلها باسم بعين دامعة حتى أوصلها إلى السيارة ليفتح الباب  وينحني يتوسل والده الذي سبقها واستقل السيارة

-بابا حبيبي انت كويس خليني أنا أسوق بدالك وحياتي

التفت اليه وقال بحدة :          (بقلم رشا عبد العزيز) 

-خليك جنب أختك

ابتعد باسم بحزن امتزج بالقلق على حالتُه  افسح المجال لإيمان  التي استقلت السيارة بجانب والده
الذي انطلق بسرعة

***********************'
عاد إلى الداخل ووقف امام شقيقته التي كانت لاتزال تحتضن ذالك الكيس وتبكي بندم وصرخ بغضب :

-لو بابا جراله حاجة مش هاسامحك يابسمة طول عمري

-اهدى يا باسم مش هيحصل حاجة ان شاء الله

قالها فريد الجالس بجانب زوجته يواسيها لكن باسم أكمل يلومها

-عمري ماكنت أتخيل انك بالحقد والأنانية دى انتي بسمة اختي الي عمرها ما اذت حد. تأذي أكتر حد بيحبك
حتى إيمان ذنبها أي تسمعيها الكلام دا وتهنيها

-انتِ غلطانة يابسمة يابنتي ابوكي مايستحقش يسمع الكلام دا ولا حتى الغلبانة إيمان هما تعبوا كتير حرام عليكِ
ليه مستكترة عليهم السعادة في اللي باقي من عمرهم

قالتها والدة فريد تعاتبها :

-طول عمره شايلكم وشايل همكم من ساعة مافاطمة ماتت وانتوا عنده اهم من روحه ياما كنت بقوله أتجوز يايحيى انت محتاج ست تشيل معاك كان يرفض ويقول لا مش عاوز اجبلهم مرات أب تأذيهم او تعاملهم وحش
 
قالها والد فريد حزنًا على صديقه

لتنهار بسمة بالبكاء وتعلو شهقاتها ضمها فريد يحرك يده على ذراعها ويحاول تهدأتها

-غصب عني أنا بحبه خفت يحبها اكتر مني او تغيره علينا وتخليه يبعد عننا

-واهو انتي بعملتك الهباب  وغيرتك الغبية هتخليه يبعد عننا

قالها باسم وهو يجلس بانهيار امتزج بالاضطراب  والخوف  يمسح وجهه عدة مرات عله يهدئ من تلك الأفكار والتخيلات المخيفة التي تدور في رأسه قلقا على والده الذي سوف يقود تلك المسافة الطويلة بحالته تلك

رفعت  بسمة نظرها نحوه وندمها الذي خالطه الرعب تمّكن من جميع حواسها وهي تتخيل والدهما يبتعد عنهم بسبب فعلتها هل ستخسره بسبب غيرتها الغبية

**************************************
مر الوقت والقلق  بات يسيطر عليها فحالته لا تبشر بخير مفاصله التي ابيضت إثر ضغطه بقوة على مقود السيارة عينيه محدقة بالطريق، لكنها تشعر انه في عالم آخر سرعة قيادته وحبات العرق التي بدأت تتكون على جبهته وتنزلق على وجهه ولايشعر بها

تنهدت بحزن ، هي تعرف طعم الخذلان ومرارته ولاتلومه فقد جربت تلك الكسرة والمشاعر القاسية 
الجراح مؤلمة ، لكن عندما تكون ممن نحب تصبح اكثر إيلامًا

نظرت إلى قارورة الماء الباردة القابعة بين يديها و التى باتت تخسر برودتها من حرارة يدها التي تحتضنها
تعلم أنه يحتاج الماء كي يخفف  من ضغط  الدم الذي من المؤكد إنه ارتفع نتيجة غضبه  أمسكت غطاء القارورة وفتحتها ثم مدت يدها نحو وقالت:

-يحيى اشرب مية  الجو حر وانت أكيد عطشان

التقطها منها وتناول القليل ثم أعادها اليها  ليتفاجئ بها تمد يدها بمنديل تمسح جبهته وتزيل عنه حبات العرق المتكونة رغم جو السيارة المكيف

اهتمامها  اطرب قلبه رغم حنقه  من صغيرته المدللة التي لم يتوقع يومًا ان تكون أنانية هكذا ، حركة يدها التي تنقلت مابين جبهته ووجنته،  كانت وكأنها تربت على قلبه دون ان تعلم كان يود لويستطيع ان يرتمي بين أحضانها باكيًا ، نعم ود لو يستطيع الصراخ او البكاء فحزنه اوهن كاهله

-يحيى انت كويس ؟

أومأ لها برأسه ولم ينطق بكلمة فقد ألجمت صدمته لسانه، لم يكن حزينًا لنفسه فقط كان حزينًا لأجلها نعتتها بالخادمة والعاهرة وهي لاتستحق ان تسمع هذه الكلمات ، كانت تشكو له جراح الماضي وها هو أولاده يضيفون لها جراحًا جديدة
ابتسم رغمًا عنه وهو يراها تقرب قطعة بسكوت من فمه وتقول  بخجل

-كل حتة صغيرة عشان خاطري

تبًا يا إمرأة توقفي عشقك ملأ قلبي حتى استفاض وبت أحتاج قلبًا جديدًا بجانب قلبي حتى يستوعب حبي لك

أوقف السيارة على جانب الطريق وأعاد رأسه إلى الوراء يغمض عينيه بقوة 
فزعت من فعلته وقالت بقلق:

-يحيى انت كويس اكلم باسم

أخذ نفسًا عميقًا ثم اطلقه بقوه يخرج معه ذالك الحزن الجاثم على صدره حتى كاد يخنقه  اقتربت منه تضع يديها على كتفه والأخرى على يده وتسأله بهلع

-يحيى انت سامعني ارجوك رد عليا 
 
نبرة القلق التي غلفت صوتها جعلت قلبه يخفق بقوه يصرخ بحبها أدار رأسه نحوها وابتسم قائلا:

-وبعدين هحبك أيه أكتر من كده

وتبدل قلقها لخجل لتسبل أهدابها بإحراج وتبتعد عنه،  لكنه تمسك بيدها ورفعها نحو فمه يقبلها عدة قبُل ويقول من بينها بامتنان وحب:

-بحبك. يا إيمان بحبك.   ولو أطول اخبيكي جوه قلبي عشان يقولك بيحبك قد  أي  بحبك ونفسي اصرخ وأقول لكل العالم اني بحبك.

ثم ابعد يدها عن فمه وقال ضاحكًا

-بس خايف احسن يقولوا الراجل أتجنن

غزت الدماء وجنتيها حتى اصطبغت بشرتها بحمرة الخجل من كلماته وقبلاته لكنها ازدادت خجلًا واتسعت ابتسامتها بذهول عندما وجدته يفتح زجاج السيارة ويصرخ

-بحبك يا إيمان بحبك

حتى دخل في نوبة ضحك على فعلته لتشاركه الضحك هي ايضاً ومشاعر حب تطرق ذلك القلب الخائف 
تآمر بابه بأن يفتح لها ويأذن لحبه باحتلاله

اخفض عينه ينظر إلى يدها التي لازل يمسكها ثم رفع يده الأخرى يمسح عليها بحنان ليقول بأسف :

-آسف يا إيمان على الكلام الي سمعتيه من بسمه آسف لو كلامها جرحك ياحبيبتي

رفعت يدها تضعها فوق يده تشد عليها بقوة

-متتأسفش يايحيى أنا عذراها هي عملت كده عشان حبها ليك وجايز لو كنت مكنها كنت عملت زيها

ثم ابتسمت وقالت بصدق:

-وأنا كفاية عندي أنك دافعت عني ومسمحتش ان حد يمسني بكلمة مهما كان حبك ليه

رمشت بعينيها وقالت تمنع تلك الدموع المتجمعة من الهروب

-متشكرة يايحيى اول مرة احس ان عندي سند

اتسعت عينيه بحب وهو يتطلع لها ولكلامها الذي كان اشبه بالبلسم الذي مسح على جراحه ليقترب منها يطبع قبله على جبهتها ويقول:

-وهفضل طول عمري سند ليك لحد ماموت

-بعد الشر عليك متقولش كده

ابتهجت ملامحه واشرق وجهه بأبتسامة وسألها

-بتخافي عليا يا حبيبتى ؟

هربت هي بعينيها من عينيه واشاحت وجهها بخجل ولم تنبس شفتيها بأي كلمة ليغمز لها ويقول:

-حتى لو ما اتكلمتيش عيونك حكلتي كل حاجه يا إيمان

اعتدلت في جلوسها على استحياء وحاولت ان تسحب يدها من يده لكنه تمسك بها واعتدل يعود للقيادة وهو ممسك بيدها طيلة الطريق

************************************
دخلت خلفه الشقة مطأطأة الرأس خطواتها يملؤها الندم فحتى أهلها استنكروا فعلتها وصفوا بجانبه 
شعرت بسعادة وهو يدخل بيت والدها ويطلب منه ان تعود معه إلى المنزل، لكن سعدتها تلاشت شيئًا فشيئًا 
وهي ترى بروده في التعامل معها يجيب على اسئلتها باقتضاب وكلمات محددة وأكثر ما ألمها حبها الذي اختفى من عينيه كان سابقا تبصره جليا يسطع أمامها كماتستطع الشمس وينير حياتها لكنها اليوم لأتى سوى الظلام في عينيه فعلتها الحمقاء جعلتها تخسره 
نظر لها بجمود وقال:

-متفتكريش أني سامحتك أنتي هنا عشان خاطر بنتى وبس  متحاوليش تكلميني وطلباتك تنكتب فى ورقة وتتعلق على الثلاجة خروج من البيت مافيش طلبات خارج  حدود حاجاتك مافيش  وتعلمي تخدمي نفسك

نظر لها بتهكم وأكمل

-المغفل الي كان خدام ليكى خلاص انسيه

واسترسل بحده

-لولا إيمان اترجتني ماكنيتش واقفة قدامي دلوقت

ثم قال مستهزئًا:         (بقلم رشا عبد العزيز) 

-إيمان أكيد فكراها

ثم سار مبتعد عنها ودخل غرفة  الأطفال يوصل لها رسالة بأنه هجرها

رفعت كفّها على فمها تكتم شهقاتها وسارت تجر اذيال  الندم والخيبة  تدخل غرفتها التي اشتاقت لها ، لكنها 
احست انها غريبة عنها حتى جدران غرفتها تستنكرها غرفتها التي كان يملؤها الحب والحنان اليوم باردة خالية من المشاعر كما خلت من وجوده فتحت دولاب الملابس لتجده نقل اغراضه إلى الغرفه الأخرى يبدو انه يطردها من حياته

جلست على السرير تتحسس مكانه ثم رفعت وسادته تستنشق رائحته باشتياق  مسحت دموعها وقالت بحسره:
 
-سامحني ياحبيبي عندك حق أنا استحقّ العقاب وهستحمل ، وحشتني يا آسر وحشتني أوي

**********************************$$
أنتهت من أعداد العشاء وقررت أن تأخذ حمام دافئ  ريثما يحضر يحيى ،لكنها توقفت فجأة في الصالة عينها تدور في الشقة تشعر بسعادة مملكتها الصغيرة التي لطالما حلمت بها حلم بسيط ان تعيش كمان تعيش قريناتها

لم تتوقع ان يحقق لها هذا الحلم لتتنهد بارتياح وهي تتمتم بالحمد لله

أخذت حمامها وجلست تمشط شعرها وتنثر العطر على جسدها تنظر لانعكاس صورتها في المرآه رفعت كف يدها تمررها على شعرها تمسح على خصلاته ثم تمسح على وجهها  تدير رأسها يمينًا ويسارًا  وكانها ترى إمرأة أخرى  مختلفه وجهها مشرق عينها لامعة وبشرتها المتوردة وكأنها عادت إلى الماضي تبصر إيمان القديمة التي كانت تشع شبابا   هل أسبوع من السعادة كان كفيل في ان يعيدها إلى سن الشباب  .  
  
  استدارت لتجد ملابسه الموضوعة على السرير، فجلست عليه و

أمسكت بجامته تقربها من أنفها وتاخذ نفسا عميقًا مستنشقة عطره الذي تعشقه 
أسبوع مر على زواجهم احترم هو قرارها وترك لها تلك المسافة التي طلبتها، لكنه لم يبخل عليها

 بأهتمامه ،ولاتعبيره عن حبه لها يرضي أنوثتها بغزله الجميل ويشعرها أنها ملكه متوجه على عرش قلبه
حتى باتت تسقط في حبه رغما عنها  فقد روى حبه جفاف قلبها الذي أضناه الحزن والألم

قربت منامته من صدرها  واحتضنتها بقوة كانت تتمنى لو تخبره انها تحبه وقلبها أصبح أسيرا له لعنت حياءها الذي فطرت به وتربت عليه،  فكلما وجدت نفسها تقترب من قول هذه الكلمة حتى يتلعثم لسانها ووجدت نفسها تهرب بعيدًا عنه رفعت المنامة مرة ثانية تغمض عينيها و تستنشق عطره

-نفسي أقولك اني بحبك بس اعمل أي انا جبانة

ابتسمت وبدأت ترتب ملابسه وتعيدها إلى الخزانة التي يشاركها معها رغم انه ينام في غرفه ثانيه

لتتذكر ماحدث بينهم الليلة الماضية عندما وجدته يصرخ بغضب على احدهم وهو يتحدث عبر الهاتف
اقتربت منه ووضعت القهوة امامه وظلت تطالعه مبتسمة وقسمات وجهه تتغير بين الحين والآخر تذكرها
بذلك الشخص الذي كانت دوما تخشاه وتصبح كألفأر المذعور عندما تقف امامه كتمت ضحكاتها وهي لاتصدق
ان هذا الشخص اصبح اليوم زوجها تشاطره حياته وتجلس معه على نفس الأريكة لم تنتبه هي انه أنهى حديثه

و ظل يحدق بها باستفهام وهو يجدها تكتم ضحكاتها   التفت نحوها يطرقع أصابعه امام وجهها لتنتبه له

-ممكن اعرف حضرتك بتضحكي على أيه؟

تحمحمت بخجل وقالت ولازالت ضحكتها تخنقها

-تعرف اني كنت بخاف منك لما بشوفك بتزعق لحد

-عارف 

تحولت ضحكتها إلى دهشه فعقدت حاجبها تسأله

-وعرفت ازاي؟

 نظر لها بطرف عينه وقال مدعي الانزعاج:

-باسم قالى على اللقب الي حضرتك كنتِ مطلعاه عليا

أشاحت وجهها عنه بحرج تدعو بداخلها على باسم
 
-بس يا إيمان أنا مش دايما كده كونك مسؤولة بيحتم عليكِ تكوني شديدة لما بيحصل غلط

ضيق عينه وقال لها مشاكسًا:

-عرفتي ليه أنا غضبو

كادت ان تهرب من امامه من شدة حرجها لكنه امسك يدها يمنعها

-استني عاوز أقولك سر أنا كمان

استرخت في جلستها تنصت له بانتباه

-انتِ عارفة اني بقيت بتخانق مع الناس أكتر من ساعة ما شوفتك

رفعت حاجبها بدهشة.         (بقلم رشا عبد العزيز) 

-طب ليه؟!

اقترب منها وانحنى اكثر حتى أصبحت عينه تواجه عينها ثم اخفض صوته يقول:

-لان من ساعة ماشوفتك وانا قلت تبارك الرحمن فيما خلق هو فيه جمال بشكل دا

ابتلعت ريقها وتوردت وجنتاها ولولا انه كان ممسك بيدها لكانت فرت من امامه ابتسم هو على خجلها الفطري

 وأكمل وهو يرفع صوته ضاحكا

-عشان كده كنت بفضل استناكي لغاية ماتوصلي

 واشوفك بس على  حظي كانت بتحصل مشاكل وانشغل فيها واشوفك جاية من بعيد أقول في نفسي يخرب بيتك هو دا وقته

عادت من ذكراها على صوت وصوله خرجت من الغرفه تستقبله ،لكنها تفاجأت به يمسك كتفه ويضغط عليه بقوة 
فزعت من مظهره واتجهت نحو تسأله بهلع

-يحيى مالك كتفك ماله ؟

أجابها وهو يعتصر عينه بألم ويدلكه

-كنت في الجيم والظاهر حصلي شد عضلي

أمسكت ذراعه برفق وقالت وهي تقوده نحو الغرفة :

-طب تعالى غير هدومك وأنا عندي مرهم كويس هعملك مساج عليه يخفف الوجع ان شاء الله

جلس على السرير وهو لايزال يمسك كتفه

-هتقدر تحركه ؟

سألته وهي تحاول مساعدته في نزع التشيرت الذي يرتديه

-هاحاول .   

بحركة بطيئة وحذر خلعت عنه التيشيرت وهرولت نحو الغرفة تحضر المرهم ثم جلست خلفه بخجل وبدأت بوضع المرهم   عليه وتدلكه برفق ثم شدد عليه رغم انه كان يشعر بالألم لكنه كان مستمتع بحركة يدها على كتفه
كانّها تعزف على أوتار قلبه المشتاق أناملها كانت كتعويذة سحرية ازالت ألمه بعد مدة من الزمن ليقول

تسلم أيدك يا حبيبتي فعلاً  الشد فك والألم خف 
نزلت من السرير ووقفت امامه

-تحب أحضرلك الحمام

-ياريت يا إيمان بس طلعيلي هدوم  لوسمحتي

-حاضر
فتحت الخزانة وبدأت تختار ثم سألته

-البجامة السودة ولا البيج

-السودة يا إيمان

أخرجت واحده وقالت وهي ترفعها امامه:

-دي يا يحيى؟

التفت اليها وقال وهو يهز رأسه نافيًا

-لا مش دي استني

ثم نهض واتجه إلى خزانة  الملابس وقف خلفها ومد يده يحاول ان يدلها على اختياره حتى انعدمت المسافة بينهما
 قربه منها ورائحة عطرها التي غزت أنفاسه ضرب ثباته المزعوم،  وألغت تعقله ليهمس لها

بهيام واشتياق:

-بحبك يا إيمان

شعرت بأنفاسه خلفها ليخفق قلبها بجنون واصابت قشعريرة سائر جسدها واستدارت محاولة الهروب لتجده خلفها مباشرة

-يحيى أنا…

لكن إيمان ضاعت مع طوفان المشاعر الذي اجتاحها يكسر سلاسل ترددها يحطم حصون مقاومتها ويؤد الخوف داخل قلبها
ويسحبها لعالمه الجميل

وكانت  هذه الليلة كالبَلسم الذي مسح على جراحها، ومحا ندوب الحياة التي أتعبتها، وسقى براعم الحب التي نمت في قلبها، ليجعله يزهر من جديد، كزهور تتفتح في فصل الربيع.


تعليقات



<>