رواية حياة مهدورة الفصل العشرون20 بقلم رشا عبد العزيز
استيقظت صباحًا تفتح عينيها ببطء، تسمع صوت المنبّه الذي أيقظها يتكرر ،رفعت يدها وهي تفتح عينًا وتغلق الأخرى تنظر للهاتف بعدم وضوح وتغلق زر المنبّه دعكت عينيها وتثاءبت ثم مدت يدها تتمطى وما أنا فتحت عينيها حتى ارتسمت ابتسامة على محياها ،تتذكر الحلم الذي أشعرها بالراحة والسعادة معًا لقد رأت والدها ووالدتها بوجوه منيرة يبتسمان لها نهضت تعتدل جالسة على السرير تحرك يدها على خصلات شعرها تعيد ترتيبها وتمسح على عينيها ووجها نظرت إلى ذلك النائم بجانبها لتبتسم تلقائيًا، وهي تتأمل ملامحه التي تعشقها
تحمد الله على نعمة وجوده في حياتها وتدعو الله أن يحفظه لها فقد أصبح كل ما تملك مدت يدها تمسح على خصلات شعره ثم انتقل لوجهه تحرك يدها عليه وهي تحاول إيقاظه:
-يحيى حبيبي أصحى
-مممم
همهم بها وادار جسده بلا وعي ربتت على ذراعه تكرر إيقاظه:
-يحيى حبيبي انت كده هتتأخر أصحى يلا زمان باسم جاي
فتح عينيه بثقل واستدار ينظر اليها ليحاول استيعاب ما تقوله فلازال النوم يسيطر على أجفانه يثقلها
عادت تمسح على خصلات شعر مبتسمة:
_صباح الخير
_صباح الفل
قالها يحيى وهو يرفع يده يدعك عينيه وضع يده على فمه يتثاءب
-يلا ياحبيبي هتتأخر هعملك الفطار على ماتاخذ دش
أومأ لها برأسه، فنزلت هي من السرير مغادر نحو
المطبخ، لكنها وقبل ان تصل إلى المطبخ داهمها دوار بسيط
ترنحت قليلا لكنها سيطرت على جسدها أمسكت جبهتها تدعكها وتمسح عينها لكي تستعيد وضوح الرؤية
اوعزت ذلك لنهوضها بسرعه من السرير فختل الضغط لديها أكملت طريقها نحو المطبخ
وبدأت با أعداد الفطور حتى وضعت المقلاه على الموقد ووضعت قطعة من الزبدة وما ان ذابت حتى كسرت البيض فوقها لتتصاعد الأبخرة لتي اقتحمت أنفاسها لتشعر بالغثيان حتى كادت ان تهرول إلى الحمام كي تستفرغ مافي معدتها بالكاد استطاعت ان تنتظر حتى نضج البيض لتسرع نحو الحمام وتدخل في نوبة قيء جذب الامر انتباه يحيى الذي خرج لتوّه من غرفة النوم ليقترب من الحمام ويجدها تستند بكلتا يديها على الحوض تلتقط أنفاسها المتعبة اقترب منها وقف خلفها يمسح على ظهرها ويسألها بقلق:
-مالك يا إيمان فيه أيه؟
وبأنفاس متقطعة إجابته:
-مش عارفه الظاهر خدت برد
رفعت كفي يديها تحمل الماء وتلقيه على وجهها تغسله ليساعدها يحيى وحمل المنشفة يجفف وجهها بإضطراب
-إيمان خلينا نروح المستشفى
كم يسعدها اهتمامه بها ولهفته عليها لكنها هزت راسها نافية وقالت:
-مفيش داعي يا حبيبي هشرب حاجه دافية وابقى احسن
سندها نحو الخارج واجلسها برفق على احدى الارائك ورحل إلى المطبخ وعاد بكأس من الماء الدفئ
ويعطيها إياه
-امسكي اشربي يا إيمان
رفعت يدها تلتقطه منه ورشفت القليل جلس هو بجانبها ورفع ذراعه يحيط كتفها بقلق بعد ان رأى شحوب وجهها:
-احسن يا حببتي
هزت راسها وقالت:
-احسن ياحبيبي
ثم أكملت مبتسمة:
-ماتخافش يا يحيى دول شوية برد مراتك قوية ميتخافش عليها
ضمها اليه يقبل رأسها قائلًا
-وان ماخفتش على حبيبة روحي أخاف على مين ؟
دفنت نفسها داخل احضانه وكأن احضانه صارت دواءها وملاذها من المجهول
وبصعوبه استطاعت إقناعه بالذهاب إلى المركز وتركها بعد ان أصر على البقاء معها حتى يطمئن عليها
وقفت في المطبخ وبدأت في ترتيبه، لكنها لاتزال تشعر انها ليست بخير حتى سمعت هاتفها يرن حملته لتجد حنان تتصل بها لتضغط على زر الإجابة:
-الو حنون ازيك ياحبيبتي
-ازيك انتي يا منمن وحشاني مش قلتلك أبيه يحيى هيخطفك مننا فين إيمان الي كانت بتتصل تطمن عليا كل يوم؟
-وهو أنا يعني بطلت مش أنا بتصل عليكِ كل يوم يابنتي
-ايوه بس ما اتصلتيش النهارده في معادك نسيتني ولا أيه ؟
ابتسمت ايمان على معاتبة شقيقتها وقالت:
-اه في دي عندك حق بس معلش يا حبيبتي بس أنا تعبانة شوية النهارده عشان كده انشغلت عنك
أصاب حنان القلق لتسألها بسرعة:
-تعبانة من أيه ياحبيبتي؟ أي اللي بيوجعك
-متخافيش ياحببتي أنا بس شوية دوخة ونفسي غامه عليا الظاهر خدت برد
صمتت حنان قليلا وقالت:
-ايمان مش يمكن تكوني حامل؟
وكان الصدمة من الكلمة صفعتها لتقول نافية بسرعة:
-لا حامل أيه! دا برد يابنتي
-بس أنا حسيت بالأعراض دي يا منمن لما حملت بكنزي
لتقول ايمان مستنكره
-حمل أي يا بنتي، وانا في السن دا؟
-سن أيه يا إيمان أنتي مش كبيرة على الحمل
-لا ياحنان دا برد ،انا متأكدة
-طب هاتي تيست حمل من الصيدلية وشوفي
-خلاص ياحنان انتِ أحلامك كبيرة
-طب جربي بس مش هتخسري حاجة
-خلاص ياحنان بقلك أنا اتأخرت على الغدا مع السلامة
كانت تهرب من تلك الأفكار وليس من حنان نفسها فهي لاتريد ان تعيش على أمل ممكن ان يكون مجرد وهم
جلست بجانبه على مائدة الطعام، كما جلس باسم أمامهم يتناول بنهم طبق من المعكرونة التي أعجب به ويثني على ايمان قائلًا:
-تسلم أيدك يا إيمان المكرونة بالبشاميل تحفة
ابتسمت له ايمان وقالت:
-بالهنا والشفا. (بقلم رشا عبد العزيز)
ليقول له يحيى محذرا:
-كده بسمة هتزعل لوسمعتك
ليلوح باسم بيده ويقول باللامبالاة:
-يعم ماتزعل أنا بقول الحقيقة فعلا ايمان نفسها في الأكل حلو
-متشكرة يا باسم شهادة اعتز بيها
ضحك باسم وقال:
-اعتزي بيها بروزيها وعلقيها في الصالة
ضحكت ايمان على تعقيبه، ومدت يدها لتبدأ تناول الطعام حملت قطع المكرونة تقربها من فمها لتفجأة بعدم قدرتها على تناولها وبصعوبة وضعتها في فمها ومضغتها
ولم تستطع إكمال طعامها ظلت تقلب محتويات طبقها تدعي تناولها الطعام حتى لاتلفت انتباه يحيى لها
وفي خضم شرودها ،وجدته يميل عليها ويهمس
-أيه حبيبي سرحان فين وسايباني من غير دلع هوانتِ بطلتي تدلعيني ولا يكون الواد باسم حسدني؟
انتبهت له ثم التفتت اليه وقالت:
-أسفه ياحبيبي ما سمعتش
غمز لها بعينه وقال مبتسمًا:
-بقولك فين الدلع اللي اتعودت عليه أنا مخلص طبقي ومشفتش حد أداني الزيادة بتاعت كل يوم
ابتسمت له وقالت:
-بس كده عنيا ليك
-تسلم عيونك ياروحي
-احم احم الظاهر اني لازم امشي شكلي بقيت عزول وسط الفلم الرومانسي دا مش تراعوا مشاعرالسنجل الي قاعد معاكم؟
قالها باسم بدعابة وهو يسند رأسه على كفه يحدق بهم ليضحك ايمان ويحيى على تصرفه
*********************************.
وقفت تضع الأطباق في الحوض وتغمرها بالماء ،كما غمرت الأفكار رأسها هل يعقل ان يكون كلام حنان حقيقه هل يمكن ان تكون حامل في هذه السن رفرف قلبها من مجرد الخيال وماذا لو تحول هذا الخيال لحقيقه لكنها فجأة نفضت هذه الأفكار من رأسها فلاتريد ان تتعلق بشئ ربما لايتحقق
*****************************
وبعد مرور ثلاثة أيام استسلمت لفكرة حنان بعد ان تكررت تلك الأعراض وبعد إلحاح حنان عليها قررت ان تجلب اختبار حمل وتتأكد بنفسها وتريح نفسها من هذه الهواجس التي أتعبتها
حملت ذلك الاختبار ووضعته على حافة الحوض تنتظر النتيجة خمس دقائق مرت وهي تقف بعيدة عنه تخشى الاقتراب وكأنها تقف على حافة جبل اما تظل على قمة الحلم او تسقط في براثن الخيبة اقتربت بخطى متوجسة ونبضات قلبها تزداد أمسكت الاختبار واغمضت عينيها ثم رفعته وفتحتهما ببطء... شهقة كبيرة افلتت منها ، لتضع يدها على فمها بتعجب خفق قلبها وارتجفت يدها
لتضطرب أنفاسها وانسابت دموعها تلقائيًا وهي ترى النتيجة موجبة وقت تلونت تلك الخطوط بالون الأحمر
هل يعقل ان تتحقق تلك المعجزة وتصبح ام نعم دعت الله بالعوض فزادها الله فضله
لاتعلم هل عادلت تلك اللحظة حياتها بأكملها لتشعر بان قدميها لم تعد تستطيع حملها استندت على الجدران حتى خرجت من الحمام ووصلت غرفتها لتسقط على الأرض وتنهار بالبكاء ولسانها يردد:
-الحمد والشكر ليك يارب أشكرك يارب
ثم خرت ساجده تشكر الله على حلم لم تكن تتوقع حدوثه نعم هي أم إذا كانت هذا فرحتها الآن كيف ستكون فرحتها عندما تحمله
حركت يدها على بطنها تتلمسها كانّها تستشعر جنينها لتحاوره قائله
:
-اهلا بيك ياحبيب ماما اهلا ياعوضي
لكن فجأة رنت في بالها فكرة غيبه ماذا سيكون ردفعل يحيى على خبر حملها هل سيوافق ان يكون له طفل في هذا العمر ام انه اكتفى بأولاده، لكنه لن يحرمها من ان تكون ام نعم أكيد
هكذا كانت الأفكار تتصارع داخلها وكيف ستخبره بهذا الخبر
عاد إلى المنزل وكانت عينيها تهرب من عينيه تخشى ان يكشفها حتى انتبه هو لذلك ليسألها:
-ايمان حبيبتي مالك فيكي حاجه ؟
ترددت ولم تستطيع الإجابة لتقول بتلعثم:
-لا ياحبيبي مافيش حاجه
مسح على وجهها وسألها بخوف
-انتِ لسه تعبانة ؟. ،،،، (بقلم رشا عبد العزيز)
حركت رأسها نافية:
-لا أنا كويسه الحمد الله
ثم حاولت الهروب منه لتقول :
-احضر لك العشا
-لا مليش نفس لو جوعت هاكل فاكهة متحمليش هم
قالها وهو يقرص وجنتها مبتسما ثم سألها:
_أنا هصلي العشا تصلي معايا
_ياريت
وكأنها وجدت طوق نجاتها فقد وجدت اكثر الأوقات التي تشعر فيها بالأمان كي تخبره
أمها في صلاة العشاء وهي تقف خلفه وعندما انتهى جلس يؤدي الأذكار ثم رفع يده بالدعاء
أرشدها عقلها انها اللحظة المناسبة لتحضر اختبار الحمل ثم اقتربت منه تضعه في كفيه المرفوعتين للدعاء كان مغمض العينين يستحضر خشوعه عندما احس بشئ بارد يوضع بين يديه فتح عينيه بسرعة ونظر بدهشة لتلك العصى اتسعت ابتسامته، والتمعت عيناه بالدموع وكأن الله استجاب لدعائه
كانت خلفه يرتعش جسدها بترقب لترى رد فعله استدار نحوها يسألها بلهفه:
-انتِ حامل يا إيمان
أومأت له بخجل ليجذبها نحوه ويحتضنها بقوة ويقول:
-ألف مبروك ياروح الروح ألف مبروك ياحبيبتي
لم تكن تحتاج دليل لغباء خوفها من رد فعله فكلماته أعطتها اعتراف بفرحته بحملها سالت دموعها بين أحضان كما انسابت دموعه فرحا ليخرجها من احضانه يمسك وجهها بين يديه ويمسح دموعها بأبهامه
-ألف مبروك ياحبيبتي مالك ياإيمان انتِ مش فرحانة؟
قالها وهو يرى سكوتها وتحديقها به أجابت من بين دموعها وهي تنظر داخل عينيه
-كنت خايفة من رد فعلك كنت خايفة ترفض يكون لك طفل
قطب حاجبه ليقول بسخط:
-إنتِ مجنونة يا إيمان حد يرفض نعمة ربنا
ثم اقترب منها يقبل جبينها واسترسل
-ثم كفايه انه منك يعني دا حلم ودعوتى استجابة
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهها وترفع يدها تمسح دموعه بأناملها وتسأله وهى تحرك رأسها
-بجد يايحيى انت كنت بتتمنى طفل
سحبها يضمها اليه وهو يطمئنها
-بجد ياروح يحيى أنا بحبك يا إيمان واكيد نفسي ان الحب دا يكون ليه ثمرة و ربنا استجاب لدعواتى
*********************************،
جلست على سريرها تتلمس ملابس الأطفال التي اشترتها البارحة اليوم مر على حملها خمسة اشهر
حملت تلك الملابس الصغيرة بلهفة تستنشق عطرها ليتغلغل ذلك العطر إلى أنفاسها يزلزل كيانها
يثير داخلها مشاعر جميلة لم تجرّبها من قبل قبلت الملابس كأنها تقبل صغيرها ثم شعرت بحركته داخل احشائها لتحرك يدها على انتفاخ بطنها البسيط بفرح وكانها لاتصدق تلك المشاعر لها مذاق مختلف.
ليلوح طيف والدتها أمامها تعلم ان دعواتها لها في ظهر الغيب قد تكون سبب في سعادتها
لاتزال ذكرى هذه الدعوات وصداها يرن في مسامعها
-روحي يا إيمان يابنت بطني ربنا يسعدك ويرزقك من واسع كرمه زي ماانتِ بتتعبي معايا ومع خواتك
مسحت دموعها التي هربت شوقًا لها وقالت بحرقة:
-كان نفسي تكوني موجوده واقولك دعوتك أستجابت يا أمي وربنا كرمني ربنا يرحمك ياحبيبتي
تنهدت بحزن وعادت ترتب ملابس صغيرها لتبتسم وهي ترى احدى القطع التي نقش عليها
It’s a boy
لتتذكر كيف أخبرتهم الطبيبة ان جنس الجنين ذكر لتفرح كثيرًا و ضحكت وهي تتذكر
ماحصل بينها وبين يحيى عندما عادو إلى البيت
كانت جالسه بتعب بعد ان ذهبت للتسوق مع يحيى لتختار بعض الملابس لصغيرها.
عندما وجدته يحضر لها كأس من العصير الطبيعي
-أتفضلي ياقمر هو صح مش هايكون جميل زي العصير الي بتعمليه بس اهو محاولة أولى
قالها وهو يمد لها يده بالعصير لتلتقطه منه مبتسمة
-تسلم أيدك ياحبيبي تعبت نفسك ليه
جلس بجانبها وقال:
-مفيش تعب ولا حاجه لسه تعبانة
-رجلي واجعلني جايز عشان لفينا كتير
نظر لها بانزعاج وقال معاتبا:
-مش انتِ اللى اصريتى تشتري هدوم لابنك
ضحكت على امتعاض وجهه وقالت:
-فرحانه يايحيى مش مصدقة اني هايكون عندي طفل ولما الدكتورة قالت ولد كنت عاوزه اشتريله هدوم رغم انه لسه بدري بس عاوزه احس بوجوده اكثر
أشفق عليها وتأججت مشاعره ليرفق بها وبشوقها ان ترى صغيرها ليشير لها انت تستدير فوضع
قدمها على رجله وبدأ في تدليكها بحنان ظلت تطالعه بحب فكل يوم يثبت لها انه زوج رائع
يده التي كانت تتحرك بتناسق على قدمها عزفت عليها أجمل قصائد الأمان تجعلها تحلق في عالمه
عالم لايوجد فيه سواه وضعت يدهاعلى بطنها تخبر طفلها انه محظوظ بأب مثله
-يحيى
التفت لها بسرعة ظنن منه انه قد اذاها
-وجعتك ياحبيبتي
هزت رأسها نافية وسألته بنبره صوت فرحه
-هو صح لسه بدري بس أنا كنت عاوزه اسألك هنسميه أيه؟
ضيق عينبه وتصنع التفكير ليقول لها مشاكسًا:
-عتريس
اتسعت عينيها بدهشة وسألته وهي تردد الاسم بتعجب:
-عتريس ليه يايحيى فيه أسماء حلوه كتير اشمعنى عتريس
ادعى انزعاجه وقال بمكر:
-وماله عتريس أنا عاوز اسمه يكون على اسم جدي
- ماقلناش حاجه ياحبيبي بس دا اسم قديم
كان يود ان يضحك وهو يرى عينيها الشبه باكية، لكنه قال بصوت مثّل فيه الحدة
-امال انتِ عاوزه تسميه إيه؟
-أنا نفسي بيزن
ثم أكملت محاولة استمالته
-يزن يحيى جميل حتى متناسق
مثل انه مستاء وانزل قدمها عن قدمه واقترب منها يسند جبهته على جبهتا ويقول:
-وانا عاوز عتريس
فهمت هي انه يشاكسها لتضحك وتزعم التحدي قائلة :
-وانا عاوزه يزن
-عتريس
-يزن
-عتريس. (بقلم رشا عبد العزيز)
-يزن
لينفجرا ضاحكين معا ، حتى ضمها اليه وقال:
-احلى ام يزن في الدنيا
ثم امسك ذقنها ورفعه لتواجه عينه عينها وقال مداعبا إيها:
-طب نسمي يزن وندلعه عتريس
عادت من ذكرياتها تضحك على قوله وتعود مندمجة في ترتيب أغراض صغيرها حتى سمعته ينادي عليها
-ايمان. حبيبي فينك يا أم عتريس
مطت شفتها ساخطة وقالت متذمرة على ندائه:
-شكلك بتتكلم جد وهدلعه عتريس ياللهول الاسم هيشبط في الواد كده اما اقوم أشوفه
سندت يدها على السرير واستقامت واقفه وبخطى
مترنحة سارت تخرج من الغرفة وهي تقول :
-ايوه ياحبيبي أنا هنا
وصلت الصالة وهي تردد متذمرة
-يعني انت مصر على عت…
ابتلعت باقي كلماتها وتسمرت في مكانها وهي تنظر للواقف بجانب يحيى انها لاتحلم انه هو صغيرها الغائب عاد تسارعت دقات قلبها والدموع بدأت تتكون في عينيها لتقول بأنفاس متقطعة
همست:
-إسلام
اما هو فلم يكن قي حال افضل منها اشرق وجهه بابتسامة وهو يطالع هيئتها باندهاش حبيبته
بوجه كساه بريق السعادة لم يتصور يومًا ان يرى ايمان بهذا الشكل وبخطوات متسعة قطع المسافة بينهم ووقف امامها مباشرة
رفعت يدها تتلمس وجنته وانحدرت يدها تتلمس كتفه كانّها توكّد لنفسها انه حقيقه لتقول باكية :
-إسلام انت بجد هنا
احتضنها إسلام بقوة وهو يشاركها البكاء وقال:
-ايوه ياقلبي أنا هنا يامنمن أنا رجعت وحشتيني
-ياروح وقلب منمن وحشتني ياحبيبي
قالتها وهي تبادله العناق وتحرك يدها على ظهره استمر عناقهم فترة
تحت أنظار يحى الدامعة ليقترب منهم يربّت على كتف إسلام ويقول مازحًا كي يخفف من بكائهما:
-أيه يا عم إسلام مش كفاية أحضان ابعد يابني أنا بغير على مراتي
ابتعد إسلام عنها ضاحكا من بين دموعه ليرفع يحيى يده يحيط كتفها ويضمها اليه مسحت دموعها وقالت:
-رجعت امتى ياحبيبي
-لسه راجع من كم ساعة
-وماقولتش ليه انك راجع ؟
-كنت عاوز أعملك مفاجأة وعلى فكرة انتِ اول وحده أشوفك دا حتى آسر ميعرفش اني رجعت
امسكت يده وقالت:
-ياحبيبي نورت مصر بوجودك ياقب أختك
-أتفضل يا إسلام
قالها يحيى وهو يشير له بالجلوس ثم التفت نحو ايمان
-أيه ياروحي مش هتضيفينا؟
-ملوش داعي أنا ماشي بعد شوية أنا جيت أشوفها بس
لتقول با أعتراض معاتبة
-تروح فين هو أكل أ ختك مش واحشك ولا ايه ؟
-ازاي محوشنيش دا أنا مادقتش زيه
-خلاص يابني خليك واهو ناكل أكله حلوة على حسك
قالها يحيى بأصرار وما كان من إسلام سوى الامتثال وقضاء بعض الوقت معهم استغل تواجد شقيقته ليدنو من يحيى ويقول:
-متشكر يا أبيه أنا ماشفتش ايمان سعيدة زي النهارده
ثم نكس رأسه وقال بنبره منكسرة:
-ايمان ضحت بشبابها وراحتها عشانا يمكن أكون اقرب اخواتي ليها كنت بحس بيها وهي تعبانة ومش راضية تقول وساعات كانت بتكون جعانة وتقول شبعت عشان ناكل لما كبرت شويه كنت بحس انها نفسها تقول كفاية أنا تعبت لكن بدالها كانت بتبتسم وتقول متشلوش همي ياولاد
مسح دموعه الهاربة وقال بصوت مخنوق:
-ايمان شافت كتير واستحملت كتير لأعمرها اشتكت ولاملت
عاد يرفع رأسه ويقول بامتنان:
-لكن الحمد الله ربنا عوضها بحضرتك بجد أنا متشكر
ربت يحيى على فخذه وقال مطمئنا:
-إيمان في قلبي قبل عنيا يا إسلام ماتخافش مش بس هي سعيدة انا كمان سعيد بوجودها في حياتي
******************'*******************
انقضت شهور حملها بسلام وغدا هو موعد ولادتها كما أخبرتها الطبيبة المسؤولة عنها
كانت تستلقي على السرير بجانبه وتستوطن أحضانه عندما قالت له بتردد امتزج بالقلق:
-يحيى
-ايوه ياحبيبتي. (بقلم رشا عبد العزيز)
-أنا خايفة
ضمها اليه اكثر وقال يخفف عنها:
-ليه الخوف ياحبيبتي دي عملية عادية ان شاء الله تقومى بالسلامة وتجبيلنا عتريس الصغير
ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت بتمني:
-نفسي افتح وغمض والاقي في حضني بس أنا بجد خايفة
انزل عينيه نحوها وقال موبخًا إياها:
-إيمان بلاش جبن. بسمة عملت نفس العملية من كم شهر واديكي وشفتيها قامت بالسلامة وفرحت بإبنها
يبقى خايفة ليه؟
تنهدت بخوف وظلت صامته ليحرك يحيى يده على ذراعها لتنتبه ويقول ضاحكًا :
-تعرفي احلى حاجة يا إيمان اني بقيت جد من كم شهر... وبُكره هبقى اب من جديد ابني وحفيدي هيبقوا من نفس العمر وهيكونو أصحاب
-ربنا يطول بعمرك وتجوزهم وتشوف ولاد ولادهم
-يوووه ،يامين يعيش
رفعت نظرها نحوه تنهره
-بعد الشر اوعى تقول كده ربنا يحفظك ليا يانورعنيا
ضمها يحيى بقوة، وقبُل رأسها قائلا:
-ويحفظك ليا ياحبيبة روحي
