رواية وصمة قلب الفصل الثاني بقلم هاجر السيد
جرح قديم"
كان الصباح يتسلل ببطء على نوافذ الفيلا، والشمس تخترق الستائر الخفيفة دون رحمة، لكنه لم يكن كافياً ليبدد عتمة داخلها. جلست حلا على طرف السرير، عيناها متورمتان، ووجهها يفضح ليلًا ثقيلاً من البكاء.
رن هاتفها، ترددت، ثم مدت يدها المرتجفة لتلتقطه. كانت المتصلة صديقتها المقربة "رنا "
رنا:
"صباح الخير يا حلا، سمعتي اللي حصل؟"
حلا (بصوت مبحوح):
"سمعت إيه؟"
رنا:
"سيف… رجع. شوفتيه؟ الحي كله بيتكلم عنه."
صمتت ثواني
حلا(بارتباك):
"شوفته."
ارتفعت نبرة رنا بدهشة مغلفة بالخبث:
"حسيتي بإيه لما شوفتيه؟"
لكن حلا لم تجب. أغلقت الهاتف بهدوء، واحتضنت الوسادة بشدة كأنها تحاول خنق مشاعر تتدفق داخلها بقوة… ثم انفجرت في بكاء صامت، موجع.
---
في مكتب يملؤه التوتر، ضرب مالك الترابيزه بيده بعنف.
"إزاي خرج؟! إزاي؟!"
الرجل (حاول تهدئته):
"حصل خطأ في الإجراءات… ما كانش فيه دليل كفاية."
ارتجفت ملامح مالك بين الغضب والاستهانة، ثم ضغط بيده على الترابيزه حتى برزت عروقه:
مالك ( بعصبية):
"هو فاكر إنه هيعيش كتير؟"
الرجل (بتردد):
"تحب نتصرف؟"
مالك( ابتسم ببرود، وهو يشعل سيجارته):
"لا… سيبه. أنا عايز أشوفه وهو بينداس برجلي، دي حرب… ومين يلعبها غيري؟"
--------
[في صالون الفيلا]
جلست أم مالك، رغدة، تحدق في شاشة مطفأة، وفي يدها صورة قديمة تجمع بين مالك وسيف وهما طفلان.
همست بشيء بين الذكرى والخذلان:
"كنت فاكراك هتفضل تحت جناحي… بس انت رجعت وحش، اللي يهدد ابني… نهايته عندي."
دخل خال مالك، حسين، وابتسامة خبيثة تملأ وجهه:
"ما تخافيش… هيرجع السجن، ولو ما رجعش… هيرجع تراب."
-------
(عند سيف)
كان يسير بخطوات ثقيلة نحو ورشة قديمة في الحي الشعبي، لم تتغير كثيراً ، لكن هو… تغير كلياً.
وكانت ورشه صديق طفولته" فارس"
فارس (بصدمه)
"سيف! يا نهار أبيض… انت؟!"
سيف:
"ايوه أنا، لسه عايش… ولسه قلبي بيدق، غريب مش كده؟"
احتضنه فارس بلهفة، لكن سيف لم يبادله نفس اللهفة، وكان خالياً من أي رد فعل،
فارس:
"يا بني ظلموك… مالكش ذنب!"
سيف( بجفاف):
"لسه الحساب مجاش… وأنا جاي أخد كل حاجة، حتى اللي انت ناسيها."
أخرج من جيبه ورقة قديمة، عليها أسماء. ضغط عليها بأصابعه… واسم فارس بينهم.
ارتبك فارس، وتراجع خطوة.
-------
[[في المساء]]
جلست حلا على طاولة العشاء أمام مالك. الجو ثقيل، حتى صوت الملاعق بدا مشوشًا.
مالك(دون أن ينظر إليها):
"شوفتيه… مش كده؟"
لم ترد حلا، تحاول إخفاء ارتباكها
مالك:
"مش محتاج ردك. شوفتيه، وارتجفتي… كأنك لسه بتحبيه."
حلا (بتمثل الشجاعه في الرد):
"الحب ميت من زمان."
ضحك مالك بسخريه، ثم رمى السكين على الترابيزه بقوة:
"حب مين اللي مات؟ الحب الحقيقي لما يتحول لذل… ما بيموتش، بيفضل وصمة في القلب."
نظرت له حلا، نظرة صامتة موجوعة… لكنها لم تنطق.
--------
[في بيت أهل حلا]
فتحت والدتها جهاد درج قديم، لتجد ظرف، وكان بداخله رسالة بخط يد سيف.
بدأت تقرأ، ويدها ترتعش:
"كنت واثق إنك هتستنيني… كنت واثق إنك مش هتشهدي ضدي."
دمعت عيناها، ثم مزقت الورقة، وهمست بوجع:
"حرام اللي عملناه في الولد ده… بس فات الأوان."
-------
[في أحد أركان قهوة شعبية]
جلس سيف وفارس، وكان سيف عيناه تراقب مجموعة من رجال مالك. على الطرف الآخر،
فارس(بعدم ارتياح):
"سيف… ما تلعبش بالنار. مالك مش سهل."
سيف( بهدوء مريب)
"كلهم هيقعوا… واحد ورا التاني."
فارس:
"وحلا؟ مالها باللي بيحصل؟"
رفع سيف نظره نحو بيت مالك،( عينيه تشع غضباً):
"اللي خان، لازم يدفع… حتى لو كان بدمه."
--------
[في منتصف الليل]
جلس مالك في مكتبه ، وفتح درج سري، أخرج ملف عليه صورة سيف، وداخله قائمة بأسماء… نفس الورقة التي يملكها سيف، باستثناء اسم واحد!
مالك (ببرود):
"أنا ببدأ اللعبة… بس هو مش عارف النهاية شكلها ايه."
---
[في منتصف الليل]
دخل سيف غرفته القديمة. كل شيء كما تركه… إلا قلبه.
فتح صندوق خشبي، أخرج منه صور قديمة، رسائل… ودبلة خطوبة.
أمسك بالدبلة، قربها من عينيه، ثم رماها بعنف نحو الحائط.
سيف(وعيناه لا تشبهان أي شيء عرفه يوماً):
"كنت بحبك… لحد ما الحب بقى لعنة. دلوقتي كل حاجة بقت مباحة."
