رواية عزبة الدموع الفصل الثالث3بقلم داليا السيد

رواية عزبة الدموع بقلم داليا السيد
حادث
عندما أفاقت عرفت غرفتها وفراشها ولكنها رأت رجلا غريبا يميل عليها وهو يقول "آنسة رنين هل أنتِ بخير؟" 
شعرت بصداع وألم في ذراعها اليسرى، اتضحت الرؤيا أمامها فقالت "ماذا حدث؟ من أنت؟" 
قال الرجل "أنا دكتور محمود طبيب المزرعة لقد انقلبت بكِ العربة وعندك جرح شديد برأسك وكدمة بذراعك ولقد أنقذك آدم بيه وهو الذي طلبني بعد أن أعادك إلى هنا" 
تأملت نفسها بملابس النوم ولا اأد بالبيت هل هو!؟ يا الله كيف يجرؤ؟ دق الباب فالتفت الطبيب وهي فرأته يدخل فقال الطبيب "لقد أفاقت" 
كان ما زال بملابسه التي رأته بها في الصباح وعليها آثار الدماء وقد أزال الكاب وبدا شعره الأسود الناعم وبعض الخصلات تتمايل على جبينه، أزاحها بقوة فبدا أكثر وسامة ..
تقدم وقال "حسنا وما هي حالتها الآن؟" 
أجاب محمود "كما أخبرتك؛ جرح رأسها كبير ولكن أنا وضعت بعض الغرز، وذراعها به تمزق فقط، أنا كتبت لها بعض الأدوية والراحة لازمة لها جيدا الفترة القادمة" 
هز رأسه وقال "هل أخبرتها بذلك؟" 
نظر الطبيب إليها وقال "أعتقد أنها تسمعني الآن" 
لم ترد بينما شكر آدم الطبيب وتبعه للخارج ثم عاد وجلس أمام فراشها ووضع قدم فوق الأخرى وقال "أعتقد أنكِ مدينة لي بالاعتذار" 
أبعدت عينيها عنه وهي تهتف من داخلها لن يكون أبدا، لذا قالت "لا، ليس خطئي، لقد رأى الحصان أفعى ففزع و.." 
قاطعها بهدوء "أخبرتك أن المنطقة خطر ولكن أنتِ لا تنصتين،  تختلفين كثيرا عن والدك" 
نظرت إليه بحدة وقالت "وماذا تعرف أنت عنه أو عني؟"
لاح شبح ابتسامة ساخرة على فمه أغاظتها وهو يقول "عنكِ ربما لا أعرف الكثير، أما عن والدك فأنا أعرف الكثير عنه فهو أمضى هنا عدة أيام عندما تعاقدنا على العزبة ولكنه لم يخبرني أن له ابنة مثلك" 
غضبت إكثر وقالت "ماذا تعني بمثلي؟أانت بالكاد تعرفني"
ظل يواجه عيونها وقال "أنا لم إعرف إلا عنادك وغرورك وتهورك الذي لا حدود له" 
قالت بنفس العنا.  دون تراجع "وأنا لم أعرف عنك منذ رأيتك سوى قلة الذوق والغرور هل تتركنى وتذهب لأنني لن أمنحك الشكر الذي تنتظره مني بعد كلامك هذا"
ضاقت عيونه فاعتدل ونظر بعيونها وقال "وأنا لم أنتظر شكرك فهو لن يزيدني بشيء ولكن ربما يعلمك أن تسمعي لنصيحة غيرك ممن يعرف ما لا تعريفه" 
قالت ببرود "عندما أحتاج النصيحة ربما أسمعها ولكن ليس منك طبعا"
نفخ من عنادها ونهض وهو يقول "أنتِ عنيدة حقا وأنا لا أعلم ماذا تفعلين هنا يا آنسة؟ مكانك هناك بالمدينة بين وسائل المتعة والراحة أما هنا فلم يكن لأمثالك"
لم تتراجع وهي تقول "لست بحاجة لمن يقرر مصيرى وأسلوب حياتى خاصة لو كان أنت"
لم ينظر إليها وهو يقول "على راحتك يا آنسة ولو أني أعلم أنكِ ستندمين وقريبا" 
ثم توقف والتفت إليها وقال "على فكرة أنا أحضرتك بالفعل لهنا ولكن منى هي التي غيرت لكِ ملابسك لأن الدماء لوثتها وتقطعت وهي ستقيم معكِ الأيام القادمة كي ترحلي بسرعة فوجودك غير مرحب به" 
وخرج دون أن يمنحها الفرصة للرد وإنما شعرت انه يخترقها ويقرأ أفكارها وربما يهينها بأدب والآن يطردها من عزبتها كيف يجرؤ؟
إنها لن تفعل لن ينال مراده أبدا وتلك الكراهية التي ارتسمت على ملامحه من أول لقاء انتقلت إليها وجعلتها لا تتحمل وجوده ومع ذلك من داخلها كانت شاكرة له لأنه رغم عندها إلا أنه أنقذها 
ساعدتها منى في الأيام التالية على تناول الطعام أو تغيير الملابس ولم يتوقف الطبيب عن زيارتها كل يوم وعرفت أن آدم هو الذي كلفه بذلك ورغم أنها كانت تتوقع عدم زيارته إلا أنها أحيانا كانت تفكر في عيونه السوداء وملامحه القوية الجامدة وكلما اتصل بها آسر كانت تجد نفسها تقارن بينهما ولكنها كانت تجد خلاف كبير بينهما في كل شيء خاصة حنان آسر وكلمات الحب التي يقولها لها كل ذلك جعلها تدرك الاختلاف بين الرجلين 
بعد عدة أيام علي الحادث أخبرتها منى أن آدم موجود ويريد رؤيتها،  لا تعلم لماذا شعرت بارتجافه تتملكها فطريقته معها تثير داخلها شعور بالخوف، نزلت لتراه 
كان يقف أمام النافذة مرتديا بنطلونا جينز وقميصا أبيض، التفت إليها وقد كانت أزرار قميصه مفتوحا مظهرا صدره من خلفه وفتحة الصدر محددة بلون اكتسبه من الشمس،  رفعت عيونها إليه ولم تنكر أنه بعيدا عن سلوكه الجامد معها إلا أنه جذاب ووسيم
تحركت تجاهه وقالت "أهلا أستاذ آدم تفضل" 
سلم عليها فشعرت بأصابعها ضئيلة جدا بين يده القوية والكبيرة والخشنة بالتأكيد من العمل اليدوي بالأرض، لا تعلم لماذا طالت نظرتهم ويدها بيده إلى أن أبعد عيونه وترك يدها فاحمر وجهها وتداركت نفسها 
"تفضل"
جلس وجلست أمامه فقالت "هل أطلب لك شاي أم .." 
قاطعها بجدية "لقد طلبت من منى أن تعد لي قهوة، أنا لن أضيع وقتك كنت أريد أن أتناقش معكِ في شيء ما" 
توالت دقات قلبها وحاولت ألا تشعره بحالتها التي لا تعلم سببها، هل أتى ليعيد قوله بأن وجودها غير مرغوب فيه؟  نظرت إليه بشدة وهي تقول
"خيرا" 
أشعل سيجارة ثم قال "وجودك هنا وحدك لا يعجبني، البيت منعزل عن الجميع وهدوء العزبة لا يعني خلوها من الأشرار" 
نظرت إليه وقالت "لا أعتقد أنني يمكن أن أكون محل اهتمام أحدهم فلا تقلق ثم أنا يمكنني حماية نفسي يكفي وجود جيمي معي" 
حدق في عيونها وقال "عنادك أكبر من عقلك" 
غضبت وقالت "لا أحب كلامك هذا، لا علاقة للعناد بالعقل أنا أعقل أمورى جيدا ولا أتدخل في أمور الآخرين"
قام وابتعد ثم نظر إليها وقال"أنا لا أتدخل في أمورك يا آنسة ولكن لابد أن تعلمي أنني المسؤل عن هذه العزبة وعن كل من فيها بما فيهم أنتِ"
ابتعدت وقالت "وأنا أحلك من هذه المسؤولية،  لست بحاجة إليها وأستطيع تدبر شؤني بنفسي"
قال وقد ضايقه كلامها "وهل بقاؤك وحدك شيء مطمئن ولا يدعو للقلق؟"
قامت وتحركت مبتعدة عن عيونه وقالت "أستاذ آدم أنا لا أعتقد أن فتاة مثلي يمكنها أن تحظى باهتمام أحد خاصة حضرتك، للمرة الثانية أنا يمكنني تدبر شؤوني بنفسي وإن كان على الحادث فقد كان سوء حظ ولن يتكرر وها أنا الآن أصبحت بخير ويمكن لمنى أن تعود لبيتها لم أعد بحاجة إليها وعلى فكرة أنا بالفعل أخبرتها بذلك" 
دخلت مني بالقهوة بنفس الوقت ثم ابتعدت خارجة، اتجه آدم إليها ووقف أمامها وقال "هل يمكن أن تخبريني عن سبب وجودك هنا؟" 
نظرت بعيونه وهو كان أطول وأعرض منها بكثير مما أثار رجفة داخلها ولكنها لم تبدِ ضعفها وإنما عقدت ذراعيها وقالت "أردت أن أرى المكان الذي اشتراه دادي وأراده، أردت أن أعلم سر تمسكه به ووجدتني أحببت المكان"
ابتعد من أمامها وقال وهو يدخن سيجارته "والدك أراد المزرعة من أجل أشياء كثيرة" 
قالت وهي لا تفهم "أنا لا أفهم، هل توضح لي من فضلك" 
نظر إليها وقال "أخبرني أنه يحب الأرض الزراعية ويتمنى أن يمضي كل حياته بها وربما أيضا كان يفك ضائقة مادية لصاحب العزبة فتشارك معي لفك أزمته المادية لم يكن أحدنا بحاجة لها ومع ذلك كلفني برعايتها بجانب أرضي ولا أنكر أني أحببتها وأحببت أهلها"
قالت وقد لانت نبرة صوتها "بصراحة أنا أيضا أحببت العزبة وأحببت أهلها" 
لم يترك عيونها وهو يتأملها وقال "ولكن بالتأكيد سترحلين فهنا ليس المكان الملائم لفتاة مثلك" 
تأملته بغضب مكتوم ثم قالت "هذا قراري أنا ولن يخبرني أحد ماذا أفعل من عدمه، تفضل القهوة"
وانحنت لتجذب القهوة ومنحتها له فتناول القهوة من يدها وقال "عدتَ إلى العناد مرة أخرى، على العموم إنه أمر يخصك لقد تعبت من عنادك، هل تفضلين مناقشة أمور العزبة بما أنكِ المالكة الآن" 
هزت رأسها بالنفي وقالت "لا عمو سالم يتولى الأمر ليس لي في أمور الإدارة على الأقل ليس في الوقت الحالي"
عادت ابتسامته الساخرة إليه وهو يقول "لكِ في ماذا إذن؟" 
قالت بتحدي "الهندسة، أنا مهندسة معمارية إذا لم يضايقك هذا" 
ضاقت عيونه وهو يتناول بعض القهوة ثم وضع الفنجان وتحرك وهو يقول "لا، لا يضايقني، إلى اللقاء يا باش مهندسة سعدت بلقائك عن إذنك" 
تنفست بقوة بعد خروجه وقد شعرت أنها بحاجة إلى الهواء، لم تجد صعوبة في لقاء أحد من قبل مثل ذلك الرجل الذي لم تفهم أبدا نظراته ولا سخريته وإنما فقط شعور بالكراهية متبادل بينهما بدون أي سبب...
غير لها الطبيب على جرحها وأخبرها أنها أصبحت بخير فقررت الاكتفاء من هذا المكان الذي تمنت لو لاقت ترحيب فيه أكثر من ذلك ولكن.. 
عادت إلى غرفتها وبدأت تعد حقيبتها لقد ضاقت ذرعا من ذلك الرجل الذي يظن أنه الآمر والناهي فما الذي يجعلها تتحمل؟  لقد أمضت وقتا طيبا واكتفت وحان موعد العودة ..
نامت مبكرا لأنها قررت أن ترحل مع أول شعاع للشمس ولكن بعد وهلة سمعت ضوضاء، حاولت أن تستمع جيدا ولكنها سمعت نباح جيمي ونباح ليس بطبيعي 
كادت تخرج لولا أن سمعت صوت الكلب وكأنه يتألم، دق قلبها من الخوف هل هناك شيء يحدث؟ فتحت الباب وأسرعت إلى السلم ولكنها رأت رجلا يحمل سكينا يصعد في اتجاهها 
تملكها الرعب وأسرعت عائدة إلى غرفتها ولكنه كان أسرع منها وجذبها من ذراعها وهو يقول "إلى أين يا حلوة؟"
صرخت وهي تحاول أن تقاومه "من أنت؟ ابتعد عني أيها المجرم"
جذبها الرجل بقوة إلى غرفتها ولكنها صدت ذراعيها في أطراف الباب وهو يدفعها ويقول "ادخلي ودعينا نستمتع، أنا انتظر هذا اليوم منذ رأيتك"
ولكنها قاومته إلى أن جذب ذراعيها فسقطت على الأرض وكاد يسقط فوقها لولا أن تدحرجت بعيدا عنه وأسرعت تنهض وتسرع إلى الأسفل 
سبقته للأسفل ورأت جيمي ملقى على الأرض غارقا في الدماء فصرخت بقوة وهي تندفع إليه بسرعة "جيمي!؟ جيمي!؟" 
ولكن نزعها الرجل بقوة للخلف من شعرها فسقطت مرة أخرى على الأرض وهو فوقها، ابتسم وهي لا تتبين ملامحه من الضوء الخافت وهو يقترب منها بوجهه ورائحة أنفاسه الكريهة
أبعدت وجهها وحاولت إبعاده ولكنه كان أقوى إلى أن رأت أذنه بجانب فمها فأطبقت عليها بأسنانها بكل قوة فصرخ بألم وابتعد فدفعته عنها بكل قوتها 
أسرعت للباب ولكنها وجدته مغلق لاحظت أنه استعاد نفسه فأسرعت إلى المطبخ وعثرت على سكين واختبأت وراء الباب، أسرع الرجل ورائها ولم يرى في الظلام فأشعل ولاعته وهو يهمس
"لن تهربي يا حلوة مني، لن اأركك بسهولة ولكني أعترف أنكِ شرسة وقوية وهو ما يزيدني رغبة بكِ"
اقترب من الباب وفجأة جذبه فرآها أمامه ولكنها لم تمنحه الفرصة للتفكير وهي تدفع السكين بلا وعي تجاهه فصرخ متألما وهي لم تتوقف ولم تلاحظ أن الولاعة سقطت من يده لتمسك النار في مفرش المائدة دون أن ينتبه أيهم 
أسرعت هي مرة أخرى إلى الخارج وهي تطلب المساعدة ولكنه أيضا لم يستسلم وهو يسرع إليها وجذبها وهو يقول "والآن أنتِ أثرتِ غضبي ولابد أن تدفعي الثمن"
دفعها إلى الحائط وعاد بكل قوته إليها ومزق ملابسها فعادت تصرخ بقوة وهي تغمض عيونها وتحاول أن تبعده عنها بقبضتيها وبدأت تشتم رائحة الحريق دون أن تعي أنها من المطبخ، تملكها الرعب والرجل يزداد ضغطا عليها وشعرت أنه قد أوشك أن يتمكن منها 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>