رواية جعلني ملتزمةالفصل السادس6بقلم اسراء جمال


رواية جعلني ملتزمةالفصل السادس6بقلم اسراء جمال
رنّ هاتفها فجأة، فرفعت "شذى" رأسها من شرودها، وضغطت على زر الردّ دون تفكير.
"الوو يامنى ازيك"
"تمام ياحببتى، الحمد لله، انتى اخبارك ايه؟و عاملة ايه مع عبد الرحمن؟"
فردت هى تقول بحنق
"مش كويسة خالص يامنى، وزهقت من قاعدة البيت دي، ونفسي أخرج... حياة على طول بتخرج مع ماذن جوزها، والأخ اللي أنا متجوزاه ده على طول بيخرج لوحده، وأنا بقعد في البيت كده لوحدي!"
"طيب ماتخرجي انتي كمان!"
"نفسي جدًا والله، بس مش لاقية حد يشجعني!"
"خلاص ياستي، تعالي نخرج سوا النهارده."
"يااااس، خلاص هجيلك الساعة 11 كده، اشطا!"
"تمام، هستناكي."
"أوك، باي."
 
أنهت المكالمة وابتسامة صغيرة تلوح على شفتيها، ثم وقفت أمام خزانتها تفتش بينها وكأنها تستعد لمهرجان الخلاص.
"أمممم ألبس إيه؟ ألبس إيه؟ أيوه هو ده!"
 
ما إن ارتدت ملابسها حتى غادرت غرفتها قاصدة الباب، لكن صوتًا ناداها قبل أن تمسك بالمقبض.
 
كانت "حياة" تجلس إلى جوار شقيقها "عبد الرحمن"، يتابعان سويًا درسًا دينيًا للشيخ "حازم شومان"، وقد ارتسم على ملامحهما اهتمام حقيقي.
"شذى، تعالي اقعدي معانا، اسمعي... الشيخ حازم شومان بيقول درس حلو أوي النهارده."
"أنا مش فاضية للكلام ده ياحياة، أنا خارجة."
"نعم؟ خارجة؟ إزاي يعني؟ مش فاهم!"
هكذا تحدث هو بغضب وهو ينهض من مكانه يتجه لها
فااجابتة هى بكل وقاحة
"خارجة زي الناس... ولا عاوزني أفضل محبوسة هنا ليل نهار؟ ما شمّش نفسي؟"
جز على اسنانه بغيظ من حديثها وهو يغمض عينة يحاول ان يجلب بعض من الهدوء لنفسة وقال
"بغض النظر عن إنك هتخرجي من غير إذني، وبغض النظر عن إنك خارجة دلوقتي... أنا مش هحاسبك عليهم دلوقتي، لأني ماقلتلكيش قبل كده إنك لازم تستأذني، ولا إني مانع الخروج بعد العشا، لكن إيه بقى اللي انتي لابساه ده؟  والمفروض إنك كنتي هتخرجي بيه؟! أنا منبّه عليكِ مليون مرة إن طول ما إنتي على زمتي، اللبس ده ما أشوفوش عليكي!"
نطقت ببرود وهى تنظر له
"وماله لبسي؟ ما هو حلو أهو!"
نظر لها من اعلاها لااسفل فى كانت ترتدي شورتًا قصيرًا يمتد لما بعد الركبة بقليل، وقميصًا قصيرًا لا يصل حتى منتصف بطنها، وفوقهما جاكيت جينز مفتوح، يكشف أكثر مما يُغطي.
ثم نطق بحنق
"استغفر الله العظيم... أنتي بتسمي المسخرة دي لبس؟ ده ماحصلش لبس رقاصة! اتقي الله ف نفسك... وفى جسمك اللي هتُسألي عنه يوم القيامة، يا شيخة!"
فردت هى بتبجح تقول
"والله ملكش دعوة! أنا اللي هتحاسب مش إنت! وبعدين انت مش قلتلي إنك مش جوزي وإننا هنعيش على الأساس ده؟ وأنا كمان هتصرف على الأساس ده! فماتجيش دلوقتي وتعمل عليا راجل!"
 
صفعة مدوية نزلت على خديها اخترقت أرجاء المنزل، سقطت "شذى" على الأريكة وهي تضع يدها على وجهها، تنظر إليه بذهول ودموعها ملأت عينيها.
لتهرول حياة الية تحتضنها بحنو ثم تنظر له وتقول بحدة
"عبد الرحمن! انت عملت إيه؟! انت جرالك حاجة ف دماغك؟ إزاي تمد إيدك عليها وتضربها؟ إيه الحكاية سايبة ولا إيه؟ أنا مسمحلكش تمد إيدك عليها ولا تهينها بالشكل ده أبدا... انت فاهم؟!"
خرجت هى من بين احضانها وقامت تقف قصادة وتقول بقوة زائفة ولاكن داخلها منكسر
"طلقني... لو عندك دم طلقني!"
ثم اندفعت إلى غرفتها ورزعت الباب خلفها، بينما كانت دموعها تنهمر بلا توقف.
لينظر هى لما فعلتة بزهول ثم يستوعب حديثها الذى القتها على مسامعة منذ ثوان
فقال بغضب وهو ينظر تجاه غرفتها
"روحي وانتي طا..."
فى تلك اللحظة هرولت حياة تضع يدها على فمه تمنعة من اكمال حديثة وهى تقول له برجاء باك
"لا لا يا عبد الرحمن، أوعى تنطقها... أوعى بالله عليك! أوعى تصلّح غلط بغلط أكبر منه!"
ليجيبها هو بغضب
"وأنا غلطت في إيه؟! انتي مش شايفة هي قالت إيه؟ وعملت إيه؟ أنا عمري ما تخيلت إني أمد إيدي على ست، بس هي اللي استفزتني! كلامها وتصرفاتها بيخلوني أخرج عن طبعي... البنت دي هتجنني يا حياة!"
لتجيبة هى قائلة بهدوء
"اللي عملته مع شذى أكبر غلط ياخويا... مهما استفزتك أو قالتلك، كنت ممكن تفهمها بالراحة، تخليها تعمل اللي إنت عايزه بهدوء. أنا أصريت إنك تتجوز شذى عشان تغيرها وتخليها تبطل الاستهتار اللي فيها، بس بطريقتك دي هتخليها تعند أكتر... شذى عمرها ما هتتغير بالطريقة دي."
القت حديثها على مسامعة ثم تركتة وذهبت من امامة...
دلفت "حياة" إلى غرفة "شذى"، فوجدتها جالسة على السرير، تخفي وجهها بين كفيها، تنتحب بصوت مكتوم، اقتربت منها واحتضنتها بقوة وقالت بهمس
"حبيبتي، حقك عليا... متعيطيش، عشان خاطري."
لتنظر لها شذى بعيون زابلة من كثرة البكاء وتقول
"انتي شفتي أخوكي عمل فيا إيه؟ ده ضربني يا حياة!"
ربطت حياة على ظهرها بحنو واردفت تقول بعتاب طفيف
"معلش يا شذى، اعذريه... ماانتي برضو عصّبتيه، وأي راجل مكانه كان هيعمل كده، ويمكن أكتر."
 
"عصّبته؟ مش هو اللي بيتحكم فيا! فاكر نفسه جوزي بجد؟ أنا لولّاكي، ولولا إنك كنتي هتقطعيى علاقتك بيا، ماكنتش قبلت أتجوز البني آدم ده!"
ربطت حياه على ظهرها مرة اخرى واردفت بصدق
"اهدى ياشذى، وبلاش عناد مع عبد الرحمن... صدقيني عبد الرحمن شخص كويس جدًا، وعمره ماكان هيمد إيده عليكي لولا الكلمة اللي قولتيها... انتي أهنتي رجولته يا شذى، كنتي عاوزاه يعمل إيه؟ يقولك برافو ويسقفلك؟"
ردت هى بتبجح
"أها، ويسيبني أخرج؟"
انصدمت حياة من ردها وقالت بخفوت
"تخرجي إيه بس؟ الوقت متأخر! لما تخرجي الساعة 11، هترجعي الساعة كام؟ الفجر؟ اعقلي يا شذى بالله عليكي... عبد الرحمن مش ممكن يستحمل دلعك وعنادك ده كتير، ده كان هيرمي عليكي اليمين يا شذى! أنا عمري ماشوفت عبد الرحمن متسرع في قراراته كده، ولا بيتضايق ويتنرفز كده..."
فى نفس اللحظة
طرق عبد الرحمن باب الغرفة بعدد من الطرقات، حتى جاءه صوت "حياة" يأذن له بالدخول.
دلف ثم نظر لحياة واردف بهدوء
"حياة، ممكن تسيبينا لوحدنا شوية؟"
اومت هى برأسها وقالت
"أكيد طبعًا، ممكن." ثم تركتهم وخرجت
ولاكن قبل أن تخرج، أمسكت "شذى" بيدها فجأة، وهمست بخوف:
"لا لا، ماتخرجيش... ماتسبينيش معاه لوحدي!"
لتجيبها هى بهدوء قائلة
"اهدئي يا شذى، عبد الرحمن مش هيأكلك يعني... وبعدين ده جوزك، مش حد غريب. اقعدوا، اتفاهموا مع بعض، وحلّوا مشاكلكم بهدوء... ومش عاوزاكم تخرجوا من الأوضة دي غير وانتوا متفقين على كل حاجة."
 
خرجت "حياة"، وتقدّم "عبد الرحمن" وجلس إلى جوار "شذى"، ثم تحمحم وقال بصوت خفيض:
"أحم... أنا آسف على اللي حصل بره من شوية، صدقيني ماكنتش أقصد أمد إيدي عليكي، بس إنتي ضايقتيني جدًا... عصّبتيني بجد." ثم اكمل بهدوء وقال
"ممكن تدي لنفسك، وتديني فرصة؟ نصلّح اللي بيحصل بينا؟ ادينا فرصة... وتعالي نتعامل مع بعض زي الأخوات. وأنا أوعدك، هعاملك زي أختي حياة بالضبط، بس ياريت إنتي كمان تعامليني زي ما حياة بتعاملني، وبلاش تعاندي معايا، وتوقفي قصادي على كل كلمة."
 
للمرة الأولى، انتبهت "شذى" لتفاصيل وجهه القريبة منها، ظلت تحدّق فيه بصمت، لم تكن تسمع كلماته بقدر ما كانت تبحر في ملامحه، عيناه، طريقة حديثه، حتى أنفاسه التي تنبعث قريبة منها...
 
"شذى، شذى، شذى!"
"ها؟ قولت حاجة؟" فاقت هى من شرودها به
"إنا قولت حاجات من ساعة ما دخلت الأوضة، شكلك مش معايا خالص... في حاجة؟"
"لا أبدًا، مفيش..." ثم أضافت بهدوء:
"خلاص يا عبد الرحمن، أنا مش زعلانة... حصل خير."
ابتسم ونطق يقول
"يعني هتعامليّني زي أخوكي، وأنا أعملك زي أختي، ونبدأ من جديد؟"
"اختك؟" هكذا تسألت بتهكم
ليجيبها هو على الفور
"أيوه، هنفضل طول الفترة دي مع بعض زي الأخوات، لحد ما حياة تتجوز، وبعدها ننفصل. ووعد مني إني مش هضايقك تاني، بس إنتي كمان توعديني."
"أوعدك ." نطقت بها دون تفكير
ليبتسم لها ويقول "يبقى اتفقنا."
"يلا بقى، غيري هدومك وتعالي نقعد مع حياة بره."

                     الفصل السابع من هنا

تعليقات



<>