رواية عشقت فتاة المصنع الفصل السابع7بقلم صفاء حسني


رواية عشقت فتاة المصنع الفصل السابع7بقلم صفاء حسني

زياد ماسك إيد زينب، يحاول يلهيها عن الألم:
"هو إنتِ… حبيتي قبل كده؟"

زينب تضحك بسخرية مُرّة، وعينيها فيها غصة:
"إحنا اللي زينا ملهوش في الحب يا باشا… حياتنا كلها شقى وتعب، وجري ورا لقمة العيش والكرامة.
مش فاضيين للحب."

الدكتور يخلص تركيب الجهاز في ودنها.
زينب تتنفس بعمق، تعدل هدومها، تنزل كُم القميص وتشد بقايا كُم البادي، من إيد زياد، وتحطه في جيب البنطلون.

تقول وهي واقفة:
"أنا خلصت أول خطوة… أخرج بقى."

تتحرك ناحية الباب، لكن زياد يقفها بإشارة إيده.
"استني. البنات مستنيينك برا… بلغناهم إننا بنحقق معاكي. كده المفروض."

زينب تبتسم ابتسامة هادئة، فيها تحدي:
"عيب يا باشا… أنا مش صغيرة.
محدش هيعرف اللي حصل هنا غيري وغيركم.
ولو حصل ونزلنا القاهرة؟ ساعتها أقولهم ببساطة: جالي شغل هناك.
يارب بس نخلص الموضوع بسرعة… عشان أركز في أكل عيشي."

زياد يثبت نظره عليها، معجب بدهاءها وثباتها.
أما هي، ترفع شنطتها، وتفتح الباب بخطوة ثابتة، كأنها بتقول: "أنا مش لقمة سهلة."
فتحت زينب الباب، أول ما خرجت اتلمّوا عليها البنات بقلق:
"خير يا زينب… في مشكلة؟"

زينب هزت راسها بابتسامة مطمئنة:
"لا يا بنات… كله تمام. كانوا بس بيسألوني عن اللي حصل في القاهرة… وطلبوا مني أنزل هناك أحكي اللي شفته.
بس اطمنوا… كل واحد هيتحاسب على اللي عمله. المهم دلوقتي نركز في المصنع."

اتبدلت ملامح البنات من القلق للفرحة، واحده منهم قالت:
"الحمد لله يا زينب، قلبنا كان هيقف من الخوف."

زينب بصوت فيه حزم وحنان:
"خلّوا بالكم… مفيش حاجة أهم من شغلكم وكرامتكم. المصنع لازم يفضل شغال وإحنا واقفين على رجلينا."

ضحكوا البنات وانبسطوا، وخرجوا سوا بخطوات مليانة أمل.

لكن… زينب فجأة لفت نفسها بخفة، عينيها وقعت على زياد.
كان واقف بعيد، بيتابع المشهد كله من غير ما يقول كلمة.
نظراتهم اتقابلت للحظة… نظرة فيها تحدي من ناحيتها، وشيء غامض من ناحيته، مزيج بين الإعجاب والقلق.

اللقطة تتجمد على عيونهم الاتنين… كأنها بداية لعبة شد وجذب.

---
وصلوا المصنع 
البنات دخلوا سوا فرحانين، ضحكهم يملأ المكان.
زينب كانت ماشية وراهم، فجأة رن موبايلها.
وقفت خطوتين قبل ما تدخل، بصت للشاشة  وبعدين ردّت.

من جوه المصنع، صوت البنات بيضحكوا:
"أهو خلاص بقينا أحرار، هنشتغل ونثبت نفسنا."

خطت زينب خطوة  بعيد عن المصنع، لان مفيش شبكة 
وأثناء حديث البنات …اتفتح الباب الكبير، ودخل شاب طويل، عيونه سود بيلمعوا، لحيته خفيفة وصوته واثق:
"أنا صاحب المصنع الحقيقي."

البنات اتجمدوا مكانهم،. 
بتقول إيه..... 
الشاب صاحب المصنع أكمل  ووشه جدي:
"أنا صاحب المصنع… وصلي إشعار إن إلا ال توكيل إلا كنت عمله   للمدير العام،  اتنقل النهاردة لقيته  متنقلة باسم كذا بنت… ممكن أفهم إيه اللي بيحصل؟"

قامت بنت من الصفوف وقالت بعصبية:
"حضرتك بقي رئيس العصابة؟"

اتسعت عيونه بصدمة:
"عصابة إيه؟! أنتم اقتحمتوا مصنعي ونقلتوا التوكيل باسمكم!"

البنت تمالكت نفسها وبدأت تشرح:
"شوف حضرتك… محمد كان مشترك مع عصابة في القاهرة، وكانوا بيخدروا البنات ويبعوهم… وبعد كده انت فاهم الباقي. فلو انت مش منهم… اختار بنفسك مين مننا يدير المصنع ويتواصل معاك."

انصدم الشاب، شهق وحط إيده على جبينه:
"إيه… إيه اللي بتقوليه؟! أنا كنت مسافر أجيب ماكينة حديثة عشان نطور في الشغل… مكنتش اعرف حاجة 
انا استفسر عن الموضوع لكن 
أهم حاجة دلوقتي ،المصنع يشتغل. رشحوا لي مين؟"

ابتسمت بنت ثانية وقالت:
"زينب… شاطرة جدًا."
.......... 
فى الخارج 
عند زينب رفعت الموبايل عن ودنها:
"ألو… ألو… مين؟"
مفيش صوت، بس الشبكة ضعيفة.

مشيت خطوتين زيادة لورا، لقت المكان أوسع وفيه هواء خفيف.
فجأة، صرخة ست كبيرة رجّت المكان.

زينب شافتها مرمية على الأرض، شعرها أبيض ووشها مجهد، بتتلوى من الوجع.
اتجمدت ثواني، وبعدين اندفعت عليها:
"يا ساتر… إنتِ كويسة يا حجة؟!"

في اللحظة دي، كان زياد بيتابع كل حركة من خلال شاشة الكمبيوتر، قلبه دق بسرعة.
ضغط على المايك:
"زينب! اقفي مكانك، إوعى تقربي!"

زمت شفايفها ولفت بعصبية:
"إنت بتقول إيه؟ الست واقعة ومش قادرة تقوم… وانت تقولي إوعى تقرب؟"

صوته جه حاد وواضح:
"الموضوع مش طبيعي، ممكن يكون فخ!"

زينب هزت راسها بعناد، 
"انت شخص غريب يا باشا… أنا مش هسيب بني آدم يتوجع قدام عيني، حتى لو كان فخ زي ما بتقول."
وركعت جنب الست وهي بتحاول تساعدها تقف:
الست الكبيرة مدت إيدها ترتعش ناحية زينب… وعينيها فيها حاجة غامضة، كأنها بتخفي سر.

.
فجأة، الست طلعت بخاخة ورشت في وش زينب مادة غريبة.
صرخت زينب وحاولت تستنشق، لكن رجليها واهنة.
في اللحظة دي، ظهر شابين من الخلف، مسكوها بقوة.

فى المصنع 
كان الشاب صاحب المصنع وقف لسه مستني رد،
فجأة صوت صرخة مدوي برا.
جرى هو والبنات بره…

شافوا المنظر:
العربية السوداء الكبيرة والشباب بيزقوا زينب ويدخلوها جوه.
البنات بدأوا يصوتوا ويجروا ناحيتهم:
"زينب! زينب!"

الشاب اتنفض، عينه ولعت غضب:
"إيه اللي بيحصل هنا؟!"

العربية اندفعت بسرعة وسط صرخات البنات اللي بيحاولوا يلحقوها.
البنات واقفين مصدومين، أصواتهم متقطعة وعيونهم مليانة رعب.
واحدة منهم قالت بصوت مرتعش:
"أكيد واحدة فينا… تبع العصابة! عارفين مكانها وخطفوها بسرعة كده إزاي؟"

الشاب صاحب المصنع تنهد، وجهه متحجر بس عينيه مولعة غضب:
"كفاية! كل واحدة ترجع المصنع فورًا… وأنا هتصرف."

البنات، رغم خوفهم، رجعوا ببطء جوه.

---

في مكان آخر – العربية السوداء

زياد كان بيراقب من بعيد، ملامحه مش مريحة.
قال للظباط اللي معاه:
"اعملوا تحريات فورية عن الشاب ده… إيه علاقته بالمصنع وزينب. وأنا هتابع ورا العربية دي بنفسي."

هز ظابط راسه:
"تمام يا فندم."

فتح السواق الباب الخلفي، نزل واحد من الظباط بسرعة، اتقفلت العربية، وبدأوا يتتبعوا الإشارة اللي طالعة من الكبسولة المزروعة في ذراع زينب.

---

داخل المصنع

الشاب واقف متوتر، ماسك تليفونه بإيد بتترعش،
"لازم ألحقهم بسرعة… وأبلغ الشرطة. بس الأول… الشغل مايتوقفش."

بص للبنات وسأل بصرامة:
"مين هنا الأقدر تدير وتتابع الشغل لحد ما أرجع؟ شحن المكنة… شحن القماش… والطلبات كلها لازم تخرج في معادها."

واحدة من البنات أشارت بتردد:
"مدام شيماء… أكبرنا وبتفهم كويس."

مد الشاب رقم تليفونه لشيماء:
"خدي… ده رقمي. أنا هبعتلك شرح مفصل بكل حاجة. أي مشكلة تكلميني فورا."

سلمها المسؤولية وخرج يجري، ركب عربيته، دق الدركسيون بعصبية وصرخ:
"ولاد الحرام! مش كفاية محمد؟ لازم يجروا على زينب كمان؟"

رفع الموبايل بسرعة، اتصل بحد:
"الو… رجالة جاسر مالهم بزينب؟"

المتصل رد ببرود:
"مين زينب؟"

اتغير صوت الشاب لزئير غضب:
"إنت بتهزر معايا؟ احكيلي كل اللي حصل بين محمد وجاسر من الأول للآخر… دلوقتي حالًا!"

المتصل اتلخبط وبدأ يحكي:
"بعد ما جاسر خرج من السجن… وعرف إن محمد اترفد واتسجن بسببها… بعت رجالة ياخدوها. دي أوامر."

الشاب شد نفسه من الكرسي ونفخ بغضب مكبوت:
"يا ولاد الحرام… أنا أغيب يومين تمشوا بمزاجكم؟! لا… المرة دي هربيكم بنفسي!"
.......   ..... 
داخل المستشفى عند مومن وايمان 
الدكتور بيخيط الجرح بهدوء، عرقه نازل من التركيز. بعد لحظة رفع راسه، وابتسامة صغيرة ظهرت على وشه:
– الحمد لله… العملية نجحت. الأم بخير… والتوأم زي القمر.

مومن واقف قدام السرير، عينيه مثبتة على إيد الدكتور، بيتابع كل غرزة كأنه بيحسبها بنفسه. قلبه بيدق بسرعة، لكن أول ما شاف الدكتور وهو بيقفل الجرح على خير، قال في سره:
– الحمد لله… ربنا ستر. ويتذكر 

فلاش باك
مومن بيتصل بوالدته قبل الولادة:
– أمي… إيمان دخلت تولد، وطنط سعاد وطنط منى معاها. ابعتلك حياة ومراد يقعدوا معاك.

الأم ابتسمت رغم قلقها:
– أكيد طبعًا يا حبيبي.

وقبل ما يدخل غرفة العمليات، اتصل بيها تاني:
– أمي بالله عليكي، خدي مراد وحياة وتعالي على طول. أنا داخل مع إيمان الولادة… بخاف يحصلها حاجة زي ما حصل لرهف.

الأم بصوت واثق:
– حاضر يا ابني… إحنا مسافة السكة عندك.

الواقع
بعد وقت، وصلت الأم والأب المستشفى، قلوبهم مشغولة. أول ما دخلوا سألوا عند الاستقبال:
– هو فين مومن؟ فين إيمان؟

الممرضة بابتسامة مطمئنة:
– هما جوه في العمليات، ومومن واقف معاها.

إيد الأم كانت بترتعش من القلق، مسكت الموبايل واتصلت بمومن.

📞 رد بسرعة بصوت متوتر لكنه هادي:
– أنا مع إيمان يا أمي… ما تقلقيش. أهم حاجة تبقوا قريبين من باب العمليات. أول ما تولد وتبقى بخير، هبعتلكوا الأطفال مع الممرضة.

الأم بصت لوالده والدموع مالية عينيها:
– ربنا يقومها بالسلامة… إحنا في انتظاره.

باك 
الممرضة قربت من باب العمليات شايلة التوأم، لكن مومن رفع إيده وقال لها بهدوء وحزم:
– استني شوية لحد ما أطمن.

سحب الموبايل بسرعة، وبعت الرسالة:
📩 "الحمد لله ربنا رزقنا بتوأم، الممرضة طالعة بيهم استلموهم وخالوا عيونكم عليهم كويس."

وقف يتابع الشاشة بلهفة، قلبه بيخبط من القلق. ثواني معدودة وجاله الرد:

👩‍🦳 أمه: "يا روحي الحمد لله 🙏… عيوننا عليهم من قبل ما يوصلوا. ربنا يحفظهم ويحفظك يا بني."
👩‍🦰 سعاد: "مبروك يا مومن 😭❤️ التوأم في عيوننا… إنت بس اطمن على إيمان وإحنا هنا."

ابتسم مومن لأول مرة من ساعة ما بدأت العملية، وغمز للممرضة:
– اتفضلي… خرجيهم دلوقتي.
خارج غرفة العمليات
وفتحت الممرضة الباب بخطوات هادية، وخرجت وهي شايلة التوأم، عيون أم مومن وسعاد مليانة دموع فرح وهما بيستلموهم بحنان.

الممرضة طالعة شايلة التوأم… مراد وحياة.
صرخة فرحة سعاد قطعت الصمت:
"يااااه… نوروا حياتنا بجد!"

إيمان بدأت تفوق بهدوء، تتنفس ببطء وابتسامة ضعيفة على شفايفها.
شافت مومن واقف قصادها، عيونه كلها قلق وحب، مد إيده بسرعة ومسح على جبينها.

"إيمان… الحمد لله قمتي بالسلامة. التوأم زي القمر… نور حياتنا."

ابتسمت وهي بتغمض عينيها تاني:
"أنا حاسة إني ولدت دنيا جديدة… مراد وحياة."

مومن انحنى وقبل إيدها:
"وأنا وعدت… مش هسيبك أتحمل حاجة لوحدك تاني."

---

خرجت الممرضة من غرفة العمليات شايلة التوأم، وقبل ما تنطق بكلمة جريت عليها أم مومن وهي عيونها مليانة دموع، مدت إيديها بسرعة وخدت الطفل الأول فى حضنها، قلبها كان بيرتعش من الفرحة والخوف سوا.

أما سعاد، إيدها كانت مهزوزة لكن خدت الطفل التاني وضمتها كأنها بترد على سنين وجع وخوف، كأن البنت دي ولادتها ليها شخصيًا.

في اللحظة دي، جريت حياة ومراد (الكبار) لحد ما وصلوا، عيونهم متعلقة بالبيبهات الصغيرين. وقفوا متحيرين، مش فاهمين بالظبط إيه اللي بيحصل.

سألت حياة ببراءة وهي مشيلة راسها لفوق:
– دول مين يا تيتة؟

انحنت سعاد وقالت بابتسامة ودموع بتنزل من غير ما تسيطر:
– دول إخواتكم يا حبايبي… ربنا رزقكم بيهم.

اتسعت عيون مراد بدهشة وقال وهو مش مصدق:
– يعني دول هييجوا يلعبوا معانا؟

ضحكت أم مومن من قلبها، وهزت راسها وهي تبص على أحفادها الأربعة، والدموع ماليه عينيها:
– أيوه يا روحي… دول عيلتكم كبرت، ومبقوتيش اتنين بس.

الكل كان باصص على التوأم، مفيش ثانية عايزين يرمشوا عشان ميضيعش منهم المشهد ده.

تعليقات



<>