رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الخمسون50 بقلم نجمه براقه

رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الخمسون50 بقلم نجمه براقه
 
زيدان
من وقت ما نقلني لبيت جيهان، وهو بييجي يوقف جنبي، يبصلي من غير ما ينطق ولا كلمة.
ومع إني كنت مغمض، لكن كنت قادر أتخيل شكله وهو بيراقبني وبيترقب مني أي حركة، وكأنه واثق إني صاحي وبمثل.
واستمريت أنا في تمثيلي، حتى بعد ما الدكتور جه للمرة التانية وقاله إن الأشعة أثبتت إن مفيش حاجة، وإن الطبيعي أكون فوقت دلوقتي.. 
زهق ياسين من مرقبته ليا ومشي بعد نص ساعة من المراقبة زي عادته مؤخراً. 
وانا رغم كرهي للقعدة في البيت او الاوضة بس لشهور قدرت اتغلب على الزهق والملل اللي بيملاني علشان هدف واحد وهو حرق قلب كاميليا وبس 

#حسن

مكنش بيسيبني لحظة، قاعد معايا في البيت ومتفرغ لمراقبة خالي زيدان، لانه متوقع إنه يكون فايق وبيمثل علينا علشان يقدر يقتل حمزة وكلام كبير مكنتش قادر اصدقه 

بس ده ماكانش فارق معايا، وكل اللي شاغلني هو قعدته معايا ومنعي من الكلام مع رحمة دقيقتين على بعض. 
مكنتش بلحق أكلمها غير دقيقة في الحمام، وأقفل قبل ما ألحق أعرف عنها حاجة.

وبعد تلات ايام كاملين  الملل بيعدي على كل خلية في جسمي. أخيراً التلاجة فضيت وكان لازم تتملي.. 

طلعت من المطبخ لقيته فاتح الاب توب وبيتابع شغله من عليه. 
حتى مشوار الشغل مش بيروحوا،  وقتها حسيت بشعور الستات وحمدت ربنا اني مش ست زيهم ومش هضطر اعيش مع راجل باقي حياتي.. 

خدت نفس وقربت منه وقلت : 

_ محتاج حاجة من السوبر ماركت.. 

التفتلي وقال؛ 

_ رايح السوبر ماركت؟ 

_ اه، التلاجة فضيت، هروح اجيب طلبات.. 

_ لا خليك انت، اكتب اللي عايزه نقول للؤي يجيبه... 

قلت محدث نفسي: 

_ يا نهار اغبر، صدق اللي قال جنازة بالتار ولا قعدت الراجل في الدار، هتقلب عليا هرموناتي، لؤي ايه دلوقتي.. 

قلت موجه كلامي ليه: 

_ لا، لؤي اية،  انا هتمشى شوية في السوبر ماركت، في حاجات بحتاجها بتستجد في دماغي، صابونة، مسحوق،  مرقة،  مزيل بوقع.. هروح انا ومش هتأخر.... اه وانا لسة ماسح الارضية خليك مكانك لغاية ما تنشف.. 

رفع حاجبه وقال: 

_ قعدت البيت مأثرة عليك، على شوية وهتقولي هطفش ومش هتعرفلي طريق جرة... ما تظبط واسترجل شوية.. 

ضحكت وقلت: 

_ والله انت عسل يا خالي،  يلا هلحق اجيب الطلبات وارجع بسرعة يكون الفرخة فكت... 

وخرجت من البيت واستنشقت الهوا بعمق وقلت: 

_ استغفر الله العظيم يارب، هو في كدة، امتى يرجع بيته، لو الوضع ده طولت انا هروح لامي.. 

نزلت وبعد ما بعدت بالعربية شوية، وقفت على جنب، وبعت لرحمة وأنا كلي شوق ليها:

_ أقسم بالله وووووحشاني.."

جاني ردها بعد شوية، قالتلي:

_ آه ما هو باين.."

_ قولتلك إني مشغول وبخطف أي دقيقة علشان نتكلم، طمنيني عليكي، عاملة إيه؟"

_ متزفتة.."

_ ومين يقدر يزفت حبيبتي وانا على وش الدنيا "

_ حبيبك إيه بقى، أنا هطق وأنت سايبني!"

_ ويعني أنا عايز أسيبك؟ طيب والله العظيم وحشاني، وهتجنن عشان نتقابل. بس أنا فضيتلك شوية أهو، ها طمنيني، عملتي إيه اليومين اللي فاتوا؟"

_ ولا حاجة.."

_ صدام كلمك في حاجة؟"

_ أنا اللي كلمته.."

_ وكلمتيه في إيه بقى؟"

_ كان سمعني وأنا بكلمك، أنا متأكدة. فقولتله إن ده سيكا، وإحنا متعودين نقول لبعض وحشني ووحشتيني، وقلتله كمان ميقولش لياسين .."

دمي غلي من الغيظ، وقلت:

_ وكده سكتيه؟ يا حبيبتي ده انتي كده أكدتيله إن في حاجة، ومش هيسكت غير لما يعرفها."

_ ولو عرفها مش هيقول، أنت فاهمه غلط."

_ انتي اللي فاهماه غلط، ومش هترتاحي غير لما تتلسعي منه وتعرفي حقيقته بنفسك."

_ وأنا بقى متأكدة إنه حتى لو عرف اللي بيني وبينك، مش هيتكلم."

كتبت وانا هطق من الغيظ بسبب غبائها وبسبب ثقتها في صدام تحديدًا

_  رحمة، متعصبنيش، أنا على آخري."

_  خلاص، سكت، ومش هتكلم معاك تاني في حاجة تجرا معايا."

_ يستحسن، ومن دلوقتي، لو جبتي سيرة الزفت ده، هننهي المكالمة."

_ طيب... صدام صدام صدام صدام صدام صدام صدام صدام... انهيها، انت هتهددني؟"

#رحمة

مردش تاني، وانا محاولتش أصالحه، في الأساس هو الغلطان وجبان..
بعد ما قفلت معاه خرجت، وزي العادة لقيت البيت فاضي، وزي المهجور.

راحت عيني على أوضة صدام وفيروز، وعقلي كان بيقولي روحي شوفيه، بس ملقتش سبب، فخرجت من الفيلا وقعدت في الجنينة لغاية ما اتفاجأت بيه جاي من بره بعربيته.

وقفت في انتظاره لغاية ما ركن، وخرج منها حزين ومنطفي.

رق قلبي لحاله واشفقت عليه 
قربت منه ومنتبهليش غير لما وصلته.. 
التفتلي وقال 

_ رحمة؟!، "

مقدرتش أخفي التعاطف في نظراتي ليه وقلت:

_ ليه زعلان؟ كل حاجة ليها حل، ومفيش حاجة تستاهل الزعل ده كله.."

ابتسم بخيبة وقال:

_ إلا اللي بيحصل معايا.."

_ وإيه اللي بيحصل معاك؟ شوية مشاكل وكلام اتقال معلهوش دليل، وكله بيعدي وبنقول كان، وبعدين إنت مش قولتلي إن مينفعش ندفن نفسنا في الحزن علشان نعرف نفكر؟ لأن دماغنا مش هتقدر تفكر في حلول، ولا ده كلام بتقوله ومبتنفذوش؟"

_ اه، أوكي.. هحاول أفكر في حلول وأخرج من الحزن، حاضر من عيني.."

قالها باستهزاء، ابتسمت بهدؤء وقلت:

_ ربنا يهون عليك، انت طيب وربنا مش هيرضى بقلبك يحزن.."

ابتسم ابتسامة باهتة وقال:

_ شكراً يا رحمة..انا هدخل قبل ما عمي ييجي ويشوفك واقفة معايا.."

قلت بضيق: 

_ طالما جبت السيرة ممكن أسألك سؤال؟"

سكت شوية وكأنه فهم سؤالي وبعدين حرك دماغه بالموافقة. 

قلت: 

_ هو طبيعي إنه لما يلاقيني بتكلم معاك يزعل ويشك فينا؟"

_ مش طبيعي طبعاً، في أسباب لشك المرضي ده.."

_ إيه هي الأسباب دي؟"

_ معرفش، ممكن تسأليه هو.."

_ أكيد مش هيقولي، بس عادي، اتفضل .."

تناسا حزنه في اللحظة دي والتفتلي بالكامل، وقال برفق:

_ شوفي يا رحمة، إنتي بسؤالك ده بدأتي تفهمي الامور ، ومفيش حاجة اسمها مش هيقولي. 
بذكائك تقدري تخليه يقول. 
اسأليه بهدوء، وبدون خوف: إنت بتشوف إيه يخليك تشك فيا؟ هاتلي حاجة واحدة تخليك تتصرف معايا بالشكل ده.
قوليله وجودي مع صدام في نفس المكان، مش مبرر للشك. وألحي في السؤال برضو بهدوء، لغاية ما يجاوبك أو يخرج من دور الراجل المخدوع اللي عايشه معاكي."

_ اية الكلام الكبير دي، وانا يعني لما اقوله الكلمتين دول هيبطل.."

رد بإصرار إني افهم، اصرار غريبة ولكن ميثيرش الشك:

_ اه يبطل،  وانتي تبطلي قبله حالة الاستسلام اللي متقمساها دي.
دلوقتي أنا شايف فيروز بتتصرف إزاي مع اللي حواليها، سواء هو أو حمزة أو حتى حسن ده، أسلوبها عمره ما يخليني أشك فيها،  ف لو انا جيت  وشكيت يبقى المشكلة فيا مش فيها "

خفضت عيني بحرج وخزي لما تصورت انه بيرمي على اللي سمعه ف قال:

_ افهميني للآخر، انا بتكلم عني انا دلوقتي.. 

بصتله ف تابع: 

_تعاملنا أنا وإنتي مفهوش غلط،
لو مكنتش غلطان، فإنتي ممكن تكوني معتبراني أخ كبير.."

_ آه والله العظيم معتبرك اخ وما في حاجة تانية.."

_ أوكي، وأنا كمان معتبرك أختي الصغيرة، ومفيش حد حوالينا يقدر يقول غير كده،
فإن خالي يشك فينا لإننا قاعدين في نفس المكان، يبقى هو عنده مشكلة مش إنتي.
وعمرك ما تخليه يقنعك إن المشكلة عندك، فإنتي مهمتك انك تخرجي من دور المتهم، وخليكي القاضي."

_ قاضي اية، انت عايزه يقتلني، خالك مفتري... 

عدلت بلخبطة.. 

_ اقصد عمك مفتري، ده عليه بصة بتشلني وأنا واقفة.. "

_ بيبصلك بصة تشلك من غير سبب؟ بصيله إنتي بصة تشله وإنتي عندك سبب.."

ضحكت، فابتسم وقال بهدوء:

_ "خوفنا وضعفنا هما اللي بيصنعوا السجن والسجان يا رحمة، متخافيش تعترضي على أي وضع ميعجبكيش، وإلا هتفضلي طول عمرك مسجونة فيه.."

_ عندك حق.. حاضر، أنا هتكلم ومش هخاف منه.."

_ "مش مصدق إنك هتقدري، بس أوكي.. يلا، أنا داخل قبل ما يجي ويعدمنا"

ضحكت على كلمته الاخيرة وتبعته بعيني وهو ماشي، ومر  في بالي كلام حسن عنه.
معقول حسن يكون كارهه بالشكل ده من غير سبب؟
ومعقول شخص بالحنية دي يكون خبيث وبيقدر يقنع الناس انه شخص كويس ؟

#صدام 

مكنش بإيدي أساعدها مساعدة حقيقية، خصوصًا في ظل الظروف القاسية اللي بتمر عليا، وبتحطم كل الباقي مني سليم.

وكل اللي قدرت أقدمه ليها كلام وبس... مكنتش واثق انها ممكن تعمل بيه، لكن بعد ما وليتلها ضهري،
اكتشفت سخافتي ولقيت ان حتى الكلام ده بيوصف حالتي، يعني بديها نصيحة من خلال تجربتي أنا بدون التفكير في اللي ينفع معاها هي.. 

طلعت قولتلها اللي تمنيت لو كان فيه حد نصحني بنفس الكلام ده قبل ما أضيع نفسي، وأكون هش وضعيف، عاجز حتى عن التمسك بالحاجات اللي بحبها ومحتاجها... زي ما حصل معايا بعدها بدقايق.

بعد ما سيبتها دخلت جوه أرتاح من التعب واللف، كنت قاصد فيروز.
هي وحدها اللي كنت محتاجها في الوقت ده 

على عكسها هي.
كانت بتهرب مني.
شفتها بتسرع خطوتها ناحية اوضتنا وبتحاول تداري عني إنها شافتني وأنا واقف مع رحمة.
اختارت تخبي، يمكن علشان شايفة إن الوقت مش مناسب لزعل.
ولما دخلت، تصنعت الهدوء وهي بتستقبلني.

قالت:

_ حمد الله على السلامة."

قلت وانا بتفرس ملامحها اللي بتحاول تظهرهم طبيعين:

_ الله يسلمك "

' عرفتي حاجة عن حمزة؟"

اقتربت منها مسكت ايديها وقلت 

_ نزلنا خبر إن اللي يلاقيه يبلغنا."

خدت ايديها مني وقالت وهي بتتهرب من نظراتي 

_ربنا يرجعه بالسلامة... هعملك قهوة؟"

فردت دراعي قدامها، حاجز يمنعها تعدي خبطت فيه، رجعتها قدامي وقلت:

_مالك ؟"

قالت وه:

_سلامتك مفيش... هعملك قهوة شكلك تعبان."

_ مش عايز قهوة... عايز حاجة تانية."

سلمت وقالت بضيق 

_ عايز إيه يا صدام "

حضنتها. 
قفلت عليها ايديا وخبيتها جوه حضني وقلت بتعب:

_ عايزك إنتِ... انا جايلك شايل حمل جبال على ضهري، ومسحة إيدك بس هي اللي ممكن تريحني."

لثواني، كانت إيديها رافضة تضمني، لكن في النهاية، حنيتها غلبتها...وربتت على ضهري بلمسات حانية، وكأنها بتمسح الحزن من قلبي وبتبدله بهدوء وراحة.

وساد الصمت بينّا، من غير عتاب ولا كلام...
لحد ما اكتفيت شوية، بعدت عنها، مسكت وشها بين إيديا، تلامست جباهنا، وقلت :

_ بحبك يا فيروز."

حطت إيديها على إيديا، وقالت وهي مغمضة عينيها:

وأنا اكتر..."

بعدت عنها بالقدر اللي يخليني أشوف عينيها وقلت:

_لو بتحبيني صح... متخلينيش أسألك إيه مزعلك.
زعلانة مني؟ تعالي قولي، وإلا دماغي هتفسر زعلك بأكتر من طريقة."

قطبت حواجبها باستفهام، وقالت:

_ يعني إيه؟"

_ يعني ممكن أقول إنك زعلانة ومش عايزة تكملي مع واحد... أمه طلعت..."

قاطعت كلامي وحطت إيدها على بوقي، وقالت:

_ ماتكملش. وحتى لو طلع الكلام ده حقيقة، أنا ماليش دعوة بأي حاجة غيرك إنت وبس."

_طيب  راعيني شوية."

ابتسمت بود قالت:

_ حاضر."

نزلت إيديها وقالت بعتب:

_ وعلشان دماغك ماتهيألكش حاجات غلط...
فأنا زعلانة بسبب وقفتك مع رحمة.
إيه سر اهتمامك بيها.. "

كنت عايز اطرد الكلام اللي جوايا قبل ما يخنقني، جاوبتها بدون تفكير  :

_علشان اللي رحمة فيه ده... بسببي أنا."

قالت باستفهام:

_ يعني إيه بسببك؟"

_ يعني بسببي.."
لولايا... مكنتش هتتجوز واحد قد أبوها، ومتجوزها بس علشان يعالج جرحه القديم."

قالت بعدم فهم:

_ لا، مش فاهمة... إيه دخلك إنت بجوازها من عمك؟"

#فيروز

مكنتش فاهمة يقصد إيه، وازاي يكون هو السبب وأنا وكل الموجودين عارفين إن ياسين قرر يتجوزها من قبل ما تيجي الفيلا ولا حتى يعرف حد انه لقاها..

سابني صدام وقعد على الكنبة وكأنه بيراجع نفسه قبل ما يتكلم...

قربت منه وقلت: 

_ في إيه يا صدام؟ في حاجة أنا مش عارفاها؟

_ مش انتي وبس اللي مش عارفاها، محدش في العيلة يعرفها غيري أنا وماما.

  قلقت من اللي هيتقال لما ذكر أمه في وسط كلامه، قلبي قالي إن اللي هيتقال خطير، وخوفت حد يسمعه، قعدت جنبه وقلت بصوت خافت حرصًا من إن حد يسمعنا:

_ واية هي الحاجة دي، قول شغلتني؟

بصلي في صمت، كان عايز يقول حاجة ولكن متردد، وبعدين رجع ثبت عينه على الأرض وقال وهو بيفرك صوابعه:

_ هقول...

بصيت له بإنصات...

تابع وقال:

_ عمي ياسين كان مسافر يكمل دراسته بره، ولما رجع كانت داليا كبرت وبقت عروسة.
داليا كانت متحفظة شوية معاه ومكنش ليها اختلاط بيه قوي، بس هو أعجب بيها وحبها وطلب يتجوزها، وعمي نبيل وافق.

وبعدها كنت شايف داليا زعلانة على طول،
وفي نفس الوقت عمي نبيل طرد سليمان البواب وولاده من البيت،ومرضيش يقول طردهم ليه.. لكن فهمت بعدين انه طردهم علشان شاكر ابن البواب وداليا بيحبوا بعض ورفضت عمي عشانه، عمي نبيل بقا ضربها هي واجبرها على عمي ياسين وطرد شاكر 

وجه يوم الفرح.
يومها كان عمي مزعقلي وطردني من أوضته.
ف انا سيبت الفيلا كلها وقعدت عند الباب الوراني

وشوفت ماما بعد شوية ماسكة إيد داليا وبتجري بيها من الباب...كانت بتهرب من حاجة، تتخفى من حد المهم انهم مشافونيش.

ولما روحت وراهم أشوف في إيه.
لقيت شاكر مستنيهم،
وداليا مصدومة، كان باين إنها متعرفش إنه جاي...
وعمالة تقول لأ، مش ممكن أعمل كده،
بس ماما بقت تقنعها إنه تهرب،
قالتلها إنها هتعيش تعيسة مع ياسين وهتفضل متعذبة،
لأن قلبها مع واحد تاني.

سكت شوية، والدموع بتنهمر من عينه، وبعدين كمل:

_ قالتلها إنها لو جالها الفرصة، ممكن تخون عمي مع شاكر... 

كنت مذهولة من اللي بسمعه،
لكن فضلت ساكتة علشان أعرف هو السبب في إيه.

بصلي وقال وكأنه بيبرئ داليا:

_ داليا لآخر لحظة مكنتش موافقة تهرب يا فيروز،
أنا سمعتها بودني بتقول لأ، مش ههرب
بس ماما ضغطت عليها،
ولأن شاكر بيحبها فمهتمش لرفضها ده،
ولما ماما مسكتله إيدها وقالتله ياخدها ويهربوا قبل فوات الأوان،
خدها وجري بيها.
داليا كانت بتحاول تمنعه... لغاية ما وصل بيها العربية،
وهناك اتكلم معاها شوية بكلام أنا مسمعتوش،
بس كنت عارف إنه بيقنعها تروح معاه.

وفي النهاية، طلعت معاه وهي مغلوبة على أمرها.
عارفة لما يكون حواليكي ناس بيزنوا على دماغك علشان توافقي على الحاجة؟
كانت داليا كده...

وهي كانت صغيرة، ١٩ سنة، أصغر من رحمة بشوية. 
كانت غلبانة ومش عارفة اللي ممكن يحصلها،
ولا عارفة إن اللي بتهربها دي مش عاوزة غير إنها تخلّص منها،
وتمنع جوازها هي وعمي ياسين علشان ميخلفوش وياخدوا الفلوس.

ابتلعت غصتي ومعبرتش عن غضبي،
كنت مستنيّة أسمع باقي القصة وأعرف ذنبه هو،
علشان لما أمشي مفيش حاجة تشفعله عندي...

سكت شوية، يقراء تعابير وشي،
كان شايف وفاهم اللي أنا حاساه،
لكنه تابع... ومحاولش يداري اللي هو عمله.

ولما ماما رجعت، اتخضت لما شافتني...
قولتلها ليه خليتي شاكر ياخدها؟"

وكنت هدخل أقول لعمي يلحقها، بس هي منعتني.
قالت كلام كتير عن إن المال مالنا، ولو اتجوزوا هياخدوا نصه، وإن عمي ياسين هياخد كل حاجة مننا.
قالتلي إنهم مش بيحبونا...

قالت كلام كتير قوي علشان تمنعني أقول إنها هربتها،
مع إنها كانت قادرة تبرقلي بعنيها بس، وأنا مكنتش هتجرّأ أقول بس كانت قاصدة تشيلني الذنب معاها علشان اخاف زيها ان حد يعرف 

وقدرت تقنعني،
مش بكلامها عن الفلوس اللي هتتسحب مننا،
ولا إنهم بيكرهونا،
ولا حتى إنهم لو عرفوا هيبعدوها عني ومش هشوفها تاني...

من بين كل كلامها
مهمنيش غير حاجة واحدة بس،
وهي إنها قالتلي إن عمي بيحب حسن أكتر مني،
وإنه بيزعقلي عشانه.

قدرت تحط ملح على جرحي. 
يومها كنت زعلان قوي منه،
لإنه أحرجني وكسر نفسي وأنا واقف جنبه وهو بيلبس البدلة.
طردني أنا، وخلى حسن.
كنت عايز اوجعه زي ما وجعني، فعملت زي ما قالتلي...

دخلت عنده وهو قاعد مع حسن وبيلاعبه
وقولتله شوفت داليا هربت مع شاكر..."

عمي اتصدم،
وطلع يجري يدور عليها في أوضتها الأول،
مكنش مصدق إنها عملت كده،
مكنش أصلًا عارف إنها مش عايزاه...

ولسنين وهو بيدور عليها،
أبوها نفسه بطل بعد شهرين تلاتة،
وهو فضل لغاية ما لقى رحمة بنتها وعرف انها ماتت خلاص 

محدش كان يعرف إن ماما كانت على تواصل مع داليا بعد هروبها،
ولما كانت تحس إنه قرب يوصلها،
كانت بتكلمها وتقولها تهرب...

كانت مفهماها إنهم هيقتلوها أول ما يلاقوها.
داليا خافت، وعاشت هربانة هي وجوزها وبنتها.
وبعد كام سنة، اتقطعت أخبارها. 
مبقتش أسمع إن ماما بتكلمها...
ودلوقتي عرفت من رحمة إن أمها اتقتلت بوحشية...

بصلي وقال:

_ لو مكنتش خبيت على ماما وكدبت، مكنش كل ده حصل... فهمتي ليه مهتم برحمة؟"

قمت من جنبه،
تراجعت للخلف وأنا مش قادرة أصدق إني كنت غبية قوي كده في حكمي عليه،
مكنتش متخيلة إني حبيت واتجوزت مجرم عايش في دور الضحية وبيبرر أي غلط يعمله بتبريرات تافهة.

تابع بعدي عنه في صمت من غير كلام،
فقلت:

_ آه فهمت،
فهمت إنك لا يمكن تكون إنسان طبيعي...
وإنك مجرم...وكدبت، وساعدت أمك في عملتها،
وسايب عمك يتعذب بحجة إنه زعقلك...
ومش عمك بس،
إنت شايف الكل بيدفع تمن كدبتك دي...

في الأول بابا الله يرحمه، ومراته،
وأمي اللي اطردت واتهانت،
ودلوقتي رحمة!

ده مش بعيد تكون أمك هي اللي قتلت داليا،
وإنت عارف وبرضو ساكت...

تابعت بسخرية ممزوجة بالغضب

وقال إيه... متعاطف مع رحمة؟
وإنت مبتعملش حاجة غير إنك تشكك عمك فيها،
ما هي بنت داليا اللي خانته،
فأكيد بنتها زيها...

لا، والألعن إنك بتقولي كده وناسي إن داليا أختي!

أنا كان عندي حق لما مشيت،
ولما خوفت منك،
إنت خطر على كل اللي حواليك..."

ازدرد لعابه وقال باختناق:

_ انا ساكت علشان خايف أخسر اللي باقي،
وعلشان خلاص... امي اتفضحت في الأبشع من هروب داليا أو موتها..."

قربت منه زقيت كتفه، افوقه لنفسه وقلت بانفعال 

_ هي اتفضحت؟ بس إنت لأ؟
إنت بتكدب، وبتخون أقرب الناس ليك،
وبتضرب، وبتخطط، وبتعدي...

روحت كدبت على خالك وفهمته إن داليا هربت بمزاجها وعدت...
سرقت يسرا من حسن وعدت من غير ما حد يلومك!
ولو حسن كان اتكلم، كان هو اللي هيبقى غلطان،
وحاطط عينه على مرات ابن خاله،
ويمكن لو قتلته زي ما حاولت قبل كده، كانت هتعدي بردو...

عيشت يسرا مذلولة ومتهانة معاك،
واتجوزت عليها،
وآخرها سقطتها... وعدت من غير حبس،
ولا حتى حساب!

ودلوقتي، حاسس ويمكن متأكد إن أمك هي اللي قتلت داليا،
ده غير إنها هددتها سنين علشان ما ترجعش،
وبرضو ساكت!

ايوة طبق، ماهو إنت ملكش دخل، لا إنت كلمت داليا تخوفها، ولا قتلت، وكنت طفل مش فاهم...
لأ، والمصيبة إن بعد ده كله،
عايش دور الضحية ومصدق نفسك...

الكل ضحيتك إنت يا صدام...
أوعى تصدق إنك مظلوم أو اتضحك عليك...
إنت السبب في كل اللي بيحصل...

وأنا ماشية قبل ما ييجي علي الدور...
والمرة دي، إنت انتهيت بالنسبالي...

اتحركت من مكاني،
لميت حاجاتي المهمة... زي الدفاتر، والأقلام، والمصحف... ومشيت.

كل ده قدامه، ومحاولش يوقفني،
سلت إيده اللي مكنتش عايزاه يمدها من الأساس...
محستش بوجع من عدم تمسكه لتاني مرة
بالعكس،
لو كان حاول يمنعني، كنت فضحته وسط عيلته كلها...

طلعت من الأوضة، وقابلت رحمة ومرات بابا،
ولما شافوني، قلقوا من شكلي،
وسألتني مرات بابا في إيه؟"
مردّتش عليها،
خدت الشنطة ومشيت، متجاهلة مناداتها عليّ.

لحقتني رحمة قبل ما أوصل البوابة،
وقفتني وقالت:

_ استني يابنتي رايحة فين وسايبة بيتك؟"

قولت بعصبية:

_ راجعة عند أمي... وسعي!"

وقفت في طريقي وقالت:

_ اعقلي... أمك إيه دلوقتي؟ تعالي..."

شديت إيدي منها، وهتفت بانفعال:

_ مش راجعة! وسعي... وسعي!!"

بعدتها عن طريقي ومشيت،
استقبلني السواق، وقال:

_ اتفضلي، صدام باشا أمرني أوصلك..."

مرفضتش،
طلعت معاه ورجعت دمنهور من تاني،
من غير أي رغبة في الرجوع ليه...إلا لو... راجع نفسه، وخرج من الوحل اللي عايش فيه.

#رحمة

بعد ما مشيت، رجعت الفيلا وتيتا سبقتني ودخلت أوضة صدام.
تقدمت ووقفت عند الباب علشان أعرف في إيه وليه مشيت، ولما تيتا سألته عن السبب مردش وطلع من الأوضة ومن البيت كله.
روحت وراه وأنا بناديه علشان يوقف. ولكن مردش عليّ نهائي.
وصل لعربيته، خبطت على الباب. وطلبت منه ميمشيش. 
كنت عاوزه أوقفه وأمنعه يسوق وهو في الحالة دي، بس مسمعنيش وتحرك بالعربية.

التفت ليه وهو ماشي ناحية البوابة، وقلبي انتفض بقوة لما لقيت ياسين داخل من البوابة وشافني.
تجمدت مكاني وتابعت حركة عربيته بعيني لغاية ما وقف وفتح الباب بعنف.
لمست رجله الأرض وتحرك ناحيتي وعلى وشه نظرات نارية بثت الرعب جوا قلبي.
وقف بالقرب، نظراته بتحرقني، وقال:

"بتجري وراه ليه؟"

قلت بتلعثم بعد ما تراجعت خطوة للخلف للابتعاد عنه وتفادي لاي ضربة ممكن تجيني منه:

"هو وفيروز زعلوا، وهما الاتنين مشيوا زعلانين، وأنا... وأنا كنت بوقفه علشان هو..."

وقف الكلام بين حنجرتي، ودموعي احتشدت في عيني، وطيت راسي أهرب من نظراته لي.
فقال:

"علشان إيه؟ ما تكملي... خوفتي عليه يعمل حادثة وهو ماشي زعلان؟ خايفة يموت ومتشوفيهوش تاني؟"

امتزج خوفي منه بالغضب بسبب اتهامه لي مع صدام بدون سبب.
استجمعت شوية جرأة، بصتله وقلت:

"أيوة خوفت عليه يعمل حادثة ويموت... وكنت هخاف على أي حد تاني لو كان مكانه، حتى إنت اللي مبتبطلش تضايقني وتخوفني."

طالع عيوني وقال بنبرة أهدى ولكن مليانة مكر وتشكيك:

"وأنا خوفتك دلوقتي؟ أنا بسألك بتجري وراه ليه، فيها إيه دي؟ ولا انتي مخبية عني حاجة فخايفة؟"

استفزني واجهت نظراته بدون خوف وقلت مرددة كلام صدام اللي بدأ يتردد في ودني في اللحظة دي:

"أنا بخاف من بصاتك وكلامك اللي بتقصد تخوفني بيهم، مش علشان على راسي بطحة، 
المشكلة عندك إنت، لما ميكونش بينا حاجة وإنت متأكد إن مفيش، وتشك فيا وتكلمني بالأسلوب ده، يبقى إنت اللي عندك مشكلة مش أنا.
وأنا اللي من حقي أشك فيك، وأحاسبك" 

تبدلت ملامحه في ثواني واتملت نظراته لي بالغضب، غرز صوابعه في دراعه وقال:

"شكي... وتعالي حاسبيني واسأليني ليه بعمل كده، وأنا جوابي جاهز،
وهو إن أمك هربت وخانت ثقتنا كلنا، وإنتي بنتها ممكن تعملي زيها... رضتك الإجابة دي ولا أقول كمان؟"

"أمي مهربتش منك علشان تعاملني كده، وهي حرة تهرب، تقعد إنت يدوب ابن عمها اية يزعلك..."

هتف في وشي بغضب:

" علشان هي هربت مـ..."

توقف فجأة وتصاعدت أنفاسه بقوة...
دفع إيدي ولفلي ضهره وقال:

"زعلان علشان هروبها وسخ سمعتنا كلنا، ومش لازم تخصني علشان أحرص من إن بنتها اللي اسمها مراتي أو خطيبتي تعمل زيها وتتعلق بأي حد، حتى لو كان بواب زي اللي أمك هربت معاه، أو حتى عيل شوارع زي اللي كنتي جايباه معاكي..."

قلت والدموع بتتجمع في عيني:

"ولما هو كده، عايز تتجوزني ليه؟ ما تسيبني، وكل واحد يروح لحاله..."

بصلي وقال باستهزاء:

"عايزاني أسيبك فتعملي اللي على مزاجك؟
أو ست رجالة يغتصبوكي زي ما كان هيحصل معاكي في أول مرة شوفتك فيها؟
متحلميش... أنا قدرك...
مفيش حاجة هتخلصك مني غير الموت لما ياخد حد فينا، يا انا يا انتي..."

#حازم

صحيت تاني يوم لقيت أكتر من سبع رسايل بنفس اللينك من الشلة لمنشور بيتكلم عن اختفاء حمزة المفاجئ.

كان الكل مشغول وبيسأل راح فين، وحصله إيه، وهل هو بخير ولا لأ.
واللي كان شاغلني أنا، هل مات، هل ممكن أوصله قبل أي حد وأقتله أو أعمل فيه زي ما عمل فيا وأبشع.
واللي كان شاغلني أكتر، إزاي هدخل عند مراته وأعمل فيها اللي أنا عاوزه وهي فايقة وأصورها ومحدش يسمعني ولا يلحق يمنعني.

بيت حمزة كان بعيد وفي حتة لوحده مفيش جيران قريبين، ودي ميزة، ولكن مكنتش كافية علشان أطمن إن محدش يسمعها في سكان المنطقة، فخرجت من الشقة بعد ما شحنت التليفون بالكامل تحسب لاي موقف، وروحت على هناك أعيد نظر واستكشف المكان من تاني وأشوف لو الوضع يسمح ولا لأ.

ولما وصولت لاحظت وجود عربية واقفة قدام مدخل بيتها.
مكنتش عربية حمزة، ولكن كان باين إن صاحبها موجود في بيته.
مشيت على هناك بحذر ودخلت من بوابة المدخل.
كان الباب مفتوح، وصوت راجل جاي من جوه بيتكلم معاها.
قربت أكتر واستنطت لكلامهم بكل تركيزي، وقدرت أفسر صوت الراجل.
كان صدام، بيقول:

"مكلمتنيش ليه وقولتيلي إنه جه؟"

ردت عليه وقالت:

"ماهو كمان طلع ميعرفش عنه حاجة زينا... بقاله سنين بيراقبه وماشي وراه، ولما نحتاجه ونقول يارب يكون عارف هو فين، يطلع كان نايم حضرته."

"بس أنا مش عايز أشوفه علشان يقولي حمزة فين، أنا عايزه في حاجة تانية."

"حاجة إيه؟"

"عاوز أعرف سابه ليه كل السنين دي، وإيه فكره بيه دلوقتي علشان يجي يقول عايز ابني."

"ده حيوان، فاكر نفسه في فيلم، لما ييجي يقوله أنا أبوك، هيجري عليه ويترمي في حضنه!"

تابعت ببكاء:

"حسبي الله ونعم الوكيل فيه، هو السبب في ضياعه مننا... يارب يكون ارتاح دلوقتي."

 سقط فكي بصدمة لما سمعت الكلام ده...
وبعد ما دورته في دماغي واستوعبته، لاحت ابتسامة على وشي.
يعني كده، حقي هيرجعلي تالت ومتلت، مش بس من مراته... ده منه هو كمان.

مشيت من هناك بنفس الطريقة اللي دخلت بيها، ولكن كنت هرجع تاني لما الجو يروق.
وفي طريقي كلمت مروان وطلبت منه يقابلني في الكافيه.
واتقابلنا هناك، شديته وقعدته قدامي قال:

"إيه يا بني، الله؟"

ميلت عليه وقلت:

"عندي ليك خبر بمليون جنيه."

"استر يا رب، مش وش ملايين انت."

"وحيات أمك، طيب مش قايل."

"لا خلاص، قول."

"هقولك مع إنك ****."

"ما تخلص، تقول في اية، مش كفاية ملحقتش اجيب الكيف بسببك."

" عليك وعلى اللي جابو الكيف يا شيخ...،  اسمع! عارف الراجل اللي خلى الناس تضربنا واللي بيمشي ورا حمزة بقاله سنتين؟"

" اه ماله؟"

" مش هتصدق،  طلع أبو حمزة."

"نعم ياخويا؟!"

"والمصحف زي ما بقولك، طلع أبو حمزة."

"يا بني بتقول إيه؟ إزاي يعني أبوه؟"

"معرفش، بس طلع أبوه... أقولك..."

"إيه؟"

"كلم ياسر."

"ليه؟"

"كلمه بس."

"أكلمه إيه، مش افهم الحوار الاول،  إزاي يعني الراجل ده أبو حمزة؟ مين قالك الكلام الفارغ ده؟"

صكيت على أسناني وقلت بغيظ:

"سمعت مراته وأخوه بيقولوا، ولما تكلم ياسر هنتأكد، كلمه،  خلص"

"استنى بس، إنت ناوي على إيه؟"

شديت منه التليفون وقلت وأنا بجمع رقم ياسر:

"كلم الزفت، وبعدين هفهمك."

خد التليفون مني، قفل الخط وقال:

"***** مش افهم أقوله إيه؟"

"قوله قابلت حمزة، وكان زعلان، وقال إنه مطلعش ابن زيدان، وهو بقى هيأكدلنا لو كان ده صح ولا أنا فهمت غلط."

شرد وبدأ الضيق على وشه، وبعدين بصلي وقال:

"لا لا يا حازم... طب افترض طلع صح، إنت عايز إيه؟"

"عايز إيه في إيه؟ إنت طبيعي يااض؟ إخلص كلمه."

"يا بني ما..."

شديت منه التليفون، واتصلت، ورزعته على ودنه وقلت:

"كلمه، وبعدين نشوف حكايتك ."

وافق وهو كاره وكأن ضميره بيوجعه، ونسي اللي هو عمله فينا.
ولما رد ياسر، قربت ودني من التليفون أسمع اللي هيتقال.

"أيوه يا مروان؟"

حاول يبعد التليفون عني، فمسكت فيه وهمست:

"إخلص."

تنهد بزهق، وقال موجه كلامه لياسر:

"إيه اللي حمزة بيقوله ده؟"

جاني صوته ملهوف وهو بيقول:

"إنت شوفت حمزة؟"

"آه، قابلته من شوية، وكان زعلان قوي، بسأله مالك، لخبط في الكلام..."

"قابلته فين؟"

همست له:

"خليه يقولك الكلام صح ولا لأ الأول."

قال بعبس:

"افهم بس الأول... إيه حكاية إن الراجل اللي بيمشي وراه طلع هو أبوه؟ الواد تعبان، ونفسيته زفت."

"هو قالك كده؟"

"أيوه، قال كلام كتير، بس أنا قلت إنه تعبان وبيقول أي كلام وخلاص."

سكت وبعدين قال:

"اللي قاله صح، حمزة طلع ابن الراجل اللي بيمشي وراه."

شديت منه التليفون وقفلت، فقال بعصبية:

"يخربيتك، بتقفل ليه؟"

"كفاية عليه كده... يعني دلوقتي حمممزة ابن أمه، طلع ابن أمه بجد، وابن حرام كمان."

"ومين قالك إنه ابن حرام؟ ما يمكن في قصة تانية."

"لا لا لا... مفيش قصص تانية، وحتى لو فيه مش مهم. اللي يخلي واحد يتربى ويتكتب باسم راجل تاني يبقى ابن حرام، ملناش دعوة بقى بقصة ولادته."

"وناوي تعمل إيه؟"

ميلت بضهري على الكرسي، وحسيت أخيرًا إني قادر أتنفس بسهولة، وإن الحياة بقت أجمل...
بصيت لمروان بصة سريعة، وقلت بتوعد:

"إلا أعمل إيه... ده أنا هعمل عمايل، وحياة أمه، لا أخليه يموت نفسه علشان يترحم مني ومن اللي هعمله فيه."

#ياسر

لما مردش عليّ تاني، شكيت إنه يكون عارف وبيشتغلني علشان أقوله.

قومت من مكاني وأنا بلعنه.
خرجت من المحل وروحت له البيت، سألت عنه قالولي مش موجود.
خرجت من هناك ومشيت وأنا بعيد الاتصال بيه.
قفل، وجاني صوته بيقولي:

_ هنا."

التفت لمصدر الصوت، لقيته جاي ناحيتي.
رجعت التليفون لجيبي ومشيتله، قبضت على ياقة قميصه وقلت بغضب:

_ بتوقعني يا مروان؟"

زق إيدي عنه وقال :

_مش أنا."

_ إنت هتصيع عليا؟ مين اللي مكلمني وبيحور عليا؟"

_ قولتلك مش انا،  حازم، سمع وجه يتأكد..."

كسا الصمت الأجواء حوالينا...
لحظات مرت عليّ وأنا بتخيل اللي ممكن يقوله ويعمله علشان ينتقم من حمزة بعد ما عرف، وعرف من مين؟ مني أنا.
رجع دمي يفور، فمسكت في مروان وقلت بغضب:

"يا ولاد الكلب انت وهو، بتوقعوني في الكلام.." 

دفع إيدي عنه وقال:

_محدش وقعك، هو كان عارف بس بيتأكد منك، ومش ناوي على خير... حلف ما هيسيبه... بس أنا ماليش دعوة ومش معاه في أي حاجة..."

_ آه، علشان كده خلاك إنت اللي تجر مني الكلام؟! إنت وهو أوسخ من بعض... وهشوف ال *** التاني ناوي على اية،  وعلي الطلاق يا مروان اما بعدتوا عنه وعني لا هقتلك انت وهو.. "

دفعت كتفه وأنا بمر من جنبه ومشيت من عنده، وروحت لشقة حازم علشان أحذره، وأضربه إن لزم الأمر.
كانت أكتر حاجة وجعاني إني أنا أكدت لهم الكلام، وسلّمته بإيدي سكينة يدبح بيها حمزة .

وصلت ورنيت الجرس، وخبطت كتير بس مردش، وكأنه هرب علشان محدش يمنعه من اللي ناوي عليه...

رجعت تاني للشارع واتصلت بيه، جاني رده سريع وهو بيقولي بذهول مصطنع:

_يااااسر بيتصل بيّ؟! طيب والله خبر عايز خروف يتدبح ويتوزع على الغلابة..."

_ عايز إيه من حمزة؟"

ضحك وقال:

_ يبقى الفتنة مروان حكالك؟ عايز سلامته يا غالي، هعوز منه إيه؟ لا هضربه، ولا هقلعه مَلْط، ولا هصوره، أصل أنا مش ابن حرام زيه وبصون العشرة..."

قلت بغضب:

"إنت ابن ****،  بحذرك يا حازم، أي كلام هتقوله، عيلة فياض، وبذات أخوه، ممكن يودوك ورا الشمس عليه، علشان انت كده تعتبر بتشهر بيهم."

"وأنا اتكلمت يابني؟ اطمن، سره في بير، مش هقول لحد إنه ابن حرام، ولا إن أمه ست مش كويسة... مش هقول حاجة خالص... سلملي عليه، ده لو قدر يوريلكم وشه تاني..."

قلت بغضب:

"حازم!! وديني هـ..."

قفل السكة في وشي، وعمل بلوك، وسابني ألف حوالين نفسي زي المجنون...
هو مستحيل يفوت فرصة زي دي.

#كاميليا

مكنتش عارفة ممكن يكون ياسين ودى زيدان فين، ولا ناوي على إيه،
لكن كنت متأكدة إنه مخبيه عني أنا تحديدًا،
وأصبح ياسين الوحيد اللي بيشكل خطر عليا،
الباقيين من عيلة فياض ولادي، ومهما زعلوا، مسيرهم هيرجعولي...
وبقيت بدل ما بدور على واحد وهو حمزة،
بدور على اتنين.

وأنا قاعدة لوحدي في شقة عز، هروب من كشف الحقيقة في أي لحظة،
رجع بالليل مرهق وتعبان، رمى جسمه على الكنبة ومال للخلف بتعب.
قعدت على الكرسي القريب منه، وقلت بشك:

"بتروح فين كل يوم، نفسي أفهم."

اعتدل في قعدته، وقال بنبرة باردة ساخرة:

"بدور على الولد اللي اختفى ده، ولا مش هامك؟"

"لا هاممني، ودافعة لخمسة يقلبوا الدنيا عليه... اقعد إنت بقى، علشان مفيش حد جابلي المصيبة دي غيرك."

"أنا؟! وأنا مالي؟ هو أنا اللي عرفته؟"

"أمال عرف منين؟! ماهو من لفك طول اليوم وراه، وكلامك معاه عن ابنك اللي بتدور عليه..."

سمع كلامي، ومدلوش أي اهتمام، وبعدين اتنهد وقال:

"هو إنتي سيبتي البيت نهائي؟ مش راجعة تاني؟"

رفعت حاجبي وقلت:

"نعم يا حبيبي؟! إنت عايز إيه بسؤالك ده؟"

"هعوز إيه؟ بطمن إنك مش هتمشي وتسبيني..."

"لا، مش هسيبك، وقاعدة لغاية ما أخلص من المصايب اللي حطيتها على دماغي..."

تابعت بضيق:

"وبذات ياسين، شكل المركب مش هتستحملنا إحنا الاتنين... لازم واحد فينا يرمي التاني في البحر."

قال ببرود:

"اقتليه."

"من غير تريقة يا ابن زنوبة، مكنتش مستنية رأيك... لو موصلتش لزيدان، هقتله، وارتاح منه..."

تابعت بنرفزة:

_ "وهقتلك معاه، لو ما عقلتش وبطلت اللي بتعمله ده...

تعليقات



<>