
رواية ارملة اخي
الفصل السادس عشر16
بقلم فاطمه الالفي
نظر له حسام بصدمه وقبل ان يغادر المنزل هتف باصرار واضح :- مش هرجع عن قراري يا فندم حتى لو حضرتك حولتني لتحقيق ، أنا آسف لازم اكمل مشوار بابا حتى لو هتكون حياتي هى التمن فى الخلاص من سامي واللى زيه
ضرب اكمل بقبضه اعلى مكتبه بقوه وهتف بانفعال :
- انت عارف ان اقدر احولك لتحقيق واعفيك من المهمه دي ، بس كمان أنا دوري كأب احميك حتى من نفسك ، انا خايف عليك ، انت ابني يا حسام ومش هسمح لسامي يمس شعرة منك
- أنا مقدر خوف حضرتك بس اوعدك اللى حصل مع بابا زمان مش هسمح ان يتقرر معايا ، هقضي عليه قبل مايفكر يخلص مني
- يا بني أنا شوفت اللى حصل زمان بعنيه ، فخري الله يرحمه اتصل بيه قالي تعالى عايزك ضروري ونسيت احد مسدسي معايا ولاحقتك على آخر لحظه ، خرجنا بالعافيه ، لو سامي كان شافك ولا شافني كان خلص علينا وأنا كنت لازم أمنك وابعدك عن المكان باي طريقه ، وفتحت تحقيق بس سامي كان مأمن نفسه وماكنش في أي دليل ضده فتقفلت القضيه وقتها
- وأنا هكمل المشوار وهثبت لحضرتك ولدنيا كلها ان الظلم مابيدومش ولازم يجي وقت ينتهي وحق والدي هيرجع وهفضل ورا ساميلاخر نفس فى حياتي مش هستسلم ولا هتراجع ، ارجوك خليك قد ثقتك فيه وأنا اوعدك اخلي بالي من نفسي
نهض عن مقعده وهو يفرد ذراعيه ليقترب منه حسام يعانقه بقوة وهو يشدد على ظهره بقوه :
- اللى خلف مامتش ، نفس عزيمه فخري الله يرحمه .
جلس فارس خلف مكتبه وقرر ان يتابع التحقيق بنفسه .
وقف ثروت امامه بتوتر والعرق يتصبب من جبينه ، رمقه فارس بنظرات حاده ثم بدء فى استجوابه والاخير يحاول أن يدافع عن نفسه وينكر كل ما قدم ضده من اتهام .
قرر فارس مواجهته باحدى ضحايا ولم يعد الصمود اكثر من ذلك ، انهارت قوته ولم يعد الانكار فى صالحه ، غلبه الشعور بالندم والخجل على كل ما فعله فى حق نفسه وحق عائلته وحق كل ضحايا أيضا ، انهى فارس التحقيق وتم التحفظ عليه اربعه ايام على ذمه التحقيق ولم يكتفي بذلك أمر بضبط واحضار الممرضه التى تعمل معه والتحقيق مع كل مرضاه لاثبات واقعه التحرش والابتزاز ..
اما عن ورد بعد أن جلست قليلا مع العم صبحي أخبرها الأخير بان الطبيب خاطب وسوف يتزوج عن قريب ، شعرت بالراحة وعلمت بان تلك الفتاه التى راءتها بمنزله تربطه بها صله قويه وانها زوجة المستقبل فقررت العوده الى منزلها من اجل والدها ثم تاتى فى صباح اليوم التالي لتطمىن على قدر كما أنه أخبرها بانها مريضه ولكن وقتها لن يسمح الان برؤيتها فوعدته ان تاتى فى الصباح وسوف تظل جانبها اليوم كاملا ، فقد نمت بينهم الفه وصداقه قويه منذ أن التقت بها
داخل قسم الشرطه اتى العسكري مهرولا الى حيث مكتبه وصرخ مناديا بصوت عال
- الحقنا يا قاسم باشا
نهض قاسم عن مقعده ينظر له بقلق : خير فى ايه يا عسكري
كان يلهث اثر ركضه ، استرد انفاسه بصعوبه وهو يقص عليه ما راء داخل الزنزانه التى يوجد بها " رشدي المنسترلي "
- الحقنا يا باشا الزنزانه اللى فيها المتهم بتاع جريمه القتل واقع على الأرض مابيتحركش ، حاولت افوقة مافيش فايده
سار قاسم بخطوات واسعه وهو يهتف بجديه : بلغ فارس باشا يحصلني على الزنزانه قبل ما يسيب المبنى لأنه مروح
ركضا مسرعا : حاضر يا باشا
اكمل قاسم طريقه الى حيث الزنزانه المنشوده وجسى على ركبتيه يتطلع لذلك الجسد الممدد امامه دون حراك ، رفع معصم يده يتحسس نبضه .
اما عن فارس فكان يهم باستقلال سيارته ، تفاجئ بصوت قوي ياتي من خلفه ، نظر له بثبات ليخبره العسكري بما حدث ، ليعود ادراجه على الفور لداخل القسم وهو يسير بخطوات سريعه اشبه بالركض ، وقف على اعتاب تلك الزنزانه ليجد قاسم ينظر له وهو يهز راسه نافيا :
- مافيش نبض ، تقريبا مات ...
دلف فارس لداخل يتفقد وضعه باهتمام واضح ثم عاد يتطلع الى قاسم بحسم :
- مامتش ده اتقتل
ثم اردف قائلا بصوت عال ارتعد على اثرة احدى العساكر المكلفين بحراسه والوقوف امام زنزانته منعا أي شخص من التقرب اليه :
- مين اللى دخله هنا ، أنا مانع أي حد يقرب منه ومافيش حاجه تدخل ولا تخرج غير باذني
اقترب منه احدي العساكر وهو يهمس باضطراب : مافيش حد دخل يا فندم , هو اللى خرج قعد مع المحامي بتاعه ربع ساعه بس وبعد كده رجعته الحبس تاني
تبادل النظرات بينهم هو وقاسم ثم هتف بجديه ؛ بلغ الاسعاف يحوله المستشفى ومافيش مخلوق يعرف باللى حصل .
- امورك يا فندم
زفر بضيق وهو ينظر لقاسم بجديه : بلغ الطب الشرعي عايز تقرير فى أسرع ومافيش معلومه تتسرب بره
اوما بتفهم واقترب منه يهمس بصوت خافت : الموضوع كل ماده بيكبر ، وصل مراتك البلد ولم ترجع بالسلامه لينا قعدة مع بعض نحل كل الالغاز اللى بتحصل دي واي جديد هبلغك بيه فى الفون ، بس بالطريقة دي مش هيسكتو يا صاحبي خلى بالك من نفسك وقبل ماتتحرك بالعربيه اتاكد من الفرامل كويس وياريت ترتدي ساتر الرصاص ، حياتك أنت كمان فى خطر
ربت على كتفه بخفه : الموضوع يفضل سري يا قاسم وماتخفش عليا مش هتاخر عليك
ودع صديقه بذهن شارد ثم استقل سيارته عائدا الى منزله بعد أن هاتف ايمن وطلب منه الحضور الى المنزل على وجه السرعه فهو بحاجه اليه لكي تستفيق قدر ويصطحبها الى بلدته لكى تظل بأمان بين عائلته فبعد كل ما يحدث حوله الان اصبح الخطر محاوط بها ، يجب عليها الابتعاد عن دائره الخطر التى اصبحت داخلها دون ان تعلم ، فهو يخشي عليها ان تصاب بسببه ، لا يريدها بان تدفع هى ثمن عمله فهو يعلم بان أعدائه تتلهف لاصطياده ، فقد غادرت العقارب جحورها وتريد الفتك به ولكن لن يسمح لمخلوق بان يمس زوجته بسوء ويستغلها من اجل الخلاص منه
بعدما غادر فهد فيلا اكمل سلام ، استقل سيارته متوجها بها الى الفيلا الخاصه بسامي الحديدي ، الذي يعقد بها صفقاته المشبوهه ..
عندما وصل الى هناك ، دلف لداخل الفيلا بعدما اذن له الحرس الذي يقف امام بوابتها الضخمه ، سار بخطوات واثقه الى ان دق الجرس ، وخلال لحظات كانت تفتح له الخادمه .
- الباشا موجود يا ماري
هزت رأسها بالايجاب واشارت له بالدخول : فى مكتبه يا فهد بيه ،اتفضل
سار الى حيث المكتب وقبل ان يطرق بابه أستمع لصوت شجار قوي ياتي من الداخل ، استرق السمع ثم حسم امره وطرق الباب بخفه ، لياتي صوت سامي القوي ياذن بالدخول .
وقف على اعتاب الباب تنحنح بخفه.ثم اردف قائلا :
- آسف يا باشا هنتظر حضرتك بره
اشار اليه بالدخول : تعالى يا فهد اعرفك بطارق المنسترلي ابن رشدي وكان جاي يا سيدي بيطلب مني اخرج والده من جريمه القتل اللى دبس نفسه فيها ،هو أنا اللى قولت لرشدي روح اتجوز على مراتك فى السر ولا روح اخلص منها
، مش يضيع نفسه وبعدين يجيلى الحقه والدك مش صغير وكان عارف مصلحطه فين واللى بينا شغل وبس ، وأنا هعمل باصلي وتعاملي هيكون معاك وانت هتكون بدل ابوك وأنا من رائي تنسي والدك وتسيبه يدفع تمن اخطائه وتكمل انت الشغل
هتف فهد بجديه : كنت جايبلك اخبار القبض على رشدي بس واضح ان طارق بيه سبقني ، بس نصيحه مني يا طارق بيه تسمع كلام الباشا وتنفذة الباشا عايز مصلحطك
ابتلع طارق ريقه بصعوبه ونظر الى سامي بتردد : يعني حضرتك بترفض تدخل ، اسيب والدي يعني فى الظروف دي
ضحك سامي بقوه : شغلنا مافهوش عواطف يا طروق وانا بنفسي بكمل شغلي وابني مرمي فى الحبس ، بس أنا مش هسكت هخرجه منها قريب اوي ، لكن انت بقى والدك بقى كرت محروق وياتفكر فى نفسك وتشوف مصلحطك مع مين يا نفضها بقى الشغل اللى بينا وهتكون انت الخسران عشان مافيش فلوس هترجعلك كله خلاص اتصادر وبقى فى حساب الكبير
- خلاص أنا معاك وهاخد مكان بابا
- ايوه كده تعجبني وانت مطيع وبتسمع الكلام
غادر طارق المكان وجلس فهد فى مقابله سامي : بس عندي اخبار تانيه يا باشا غير القبض على رشدي
ضحك بمكر : وصلك خبر موته مش كده
اوما براسه موكدا : فعلا يا باشا رشدي دلوقتي بين الحيا والموت
جحظت عين سامي بقوه وهتف بصدمه : ايه مامتش ، لسه فيه الروح
- معلوماتي بتاكد ان حالته خطر فى مستشفي السجن وعليه حراسه مشدده
ضرب بقوه اعلى مكتبه وهو يهتف بغضب : غبي قالي الحقنه اللى هيدهالو هتوقف القلب وهيبان موته بسكته قلبيه ومافيش أي شبه جنائيه والطب الشرعي مش هيقدر يثبت غير كده
نظر له باهتمام : مين اللى عمل كده يا باشا ؟ كنت تقولي وأنا أقوم بالمهمه دي بنفسي وماكنتش سبت غلطه واحده
زفر بضيق : المحامي الغبي هو الوحيد كان مسموح بزيارته وعشان كده اصرفت وقبل ما رشدي يفضحنا كلنا ،قولت لازم اخلص منه عشان افض بقى لابني ، عشان الغبي رشدي نفذ جريمته فى الوقت الغلط ، أنا هددته ان يخلص من اي روابط قديمه ممكن تاخد رجلك لكن الغبي فهم ان يقتل ساميه ، الغبي مالوش مكان بينا يا فهد ، وانت عايزك تجهز عشان هتسافر السويس خلاص الشحنه على وصول
همس بحماس : أنا جاهز يا باشا فى أي وقت
- يبقي هتتحرك بالليل واول لم توصل المينا فى اللى هيساعدك ويخلص كل الإجراءات
- تمام يا باشا ، هجهز نفسي أي اوامر تانيه حضرتك
- لا هتستلم الشحنه وهتوديها المخازن الجديدة ، وانا هنا هخلص موضوع رشدي بمعرفتي عشان لو فاق واتكلم هتبقى مصيبه لازم اتاكد من موته
- اللى تشوفه يا باشا ، همشي أنا بقى عشان أجهز نفسي لطريق مع السلامه يا باشا
- مع السلامة ، خليك على اتصال معايا كل جديد تبلغني بيه
غادر فهد الفيلا وعندما استقل بسيارته اجرا اتصالا هاتفيا باللواء اكمل يزف له الخبر الذي ينتظره وهذة هى الخطوة الاولى للايقاع بذلك الوغد ، ثم انهى المكالمه بسعاده وقرر العوده الى منزله ليودع رنيم ويخبرها بانه سوف يتركها عدة ايام وحدها ،وعندما يعود سوف ينهى اجراءات دفن والدتها ..
داخل شقه فارس ..
كان يتحدث مع ايمن بقلق : ايمن أتصرف لازم تفوق عشان اعرف اتكلم معاها واشرح لها اللى حصل قبل ما اخدها البلد .
هتف بضجر : يابني افهمني هى مش هتصحى غير بالليل ، مافيش حل غير انك تملى البانيو مايه دافيه وتنزلها فيه بقى مدام مُصر انها تفوق دلوقتي
نظر له بصدمه : نعم بانيو ايه ، لا طبعا أتصرف انت مش دكتور شوفلك حل تاني
ضحك بخفه : ماعنديش حلول ، أنا اه دكتور مش حاوي
زفر بضيق وقرر ان يجعلها تستيقظ بطريقته ، دلف لداخل الغرفه ووضع ملابسها داخل الحقيبه لتقع عيناه على البوم صور جمع بينها وبين سند ،جلس اعلى الاريكه وبدء يتطلع لكل صوره بتمعن ليجد ضحكتها الصافيه التى تنير وجهها ويد شقيقه تحاوطها بحنان ، زفر انفاسه بضيق ثم اغلقه كما كان ووضعه ثانيا داخل الدولاب ، ثم اقترب منها برفق الى ان اصبح انفاسه تلفح بوجهها النضر يتأمل ملامحها الساكنه ، رفع انامله يتحسس وجنتيها برقه ليرا ابتسامه جانبيه لاحت على ثغرها الرقيق ، ابتسم هو الاخر وهمس بصوت خافت
- قدر انتي حاسه بيه ؟
مازالت مغمضه العينين ولكن تسمع صوت همساته البعيده وكأنها داخل حلمها ، لم يصدر عنها الا ابتسامة ثغرها .
زفر انفاسه بقوه ثم اردف قائلا : أكيد الابتسامة دي مش ليه ، لسند ..
عقدت مابين حاجبيها وجاهدت فى فتح عينيها الناعستين عدة مرات الى ان نجحت فى فتحهم باتساع لتتفاجئ بقربه ، دارت وجهة مبتعدة عنه
زفر بضيق ثم ابتعد عنها ومازال يتطلع إليها ثم هتف بصوت جاد :
- عامله ايه دلوقتي ؟
لم تجيبه فقط هزت كتفيها بلامبالاه ،ابتسم على فعلتها تلك ووقف امامها مباشرًا وهو يردف قائلا : أنا آسف عشان تعرضي لموقف زى ده بسببي ، دي غلطتي أنا ،حقك تزعلي مني بجد لان انا اللى اصريت تروحي لدكتور نفسي وتبدئي معاه ، بس والله ماكنت اعرف ان بالحقاره دي وانا بنفسي اللى وديتك ليه ، كان لازم أسأل عنه ألف مره الأول قبل مااخدك عنده ، بس بردو يا قدر انتي غلطتي
رفعت انظارها لتلتقى بسودويته الغاضبه وهى تهمس بحزن : أنا غلطت فى ايه ؟
اما هو فنجح فى جذب انتباهه لتبادله الحديث :
سحب شهيقا قويا ثم زفرة بهدوء : غلطتي يا قدر لم فضلتي ساكته , أنا كنت معاكي وجنبك وقولتلك مش هسيبك لوحدك وانك عمرك ماهتبقي لوحدك تاني ، انتي بقي عملتي ايه لم اتعرضتي للموقف ده ، ليه ماصىختيش وناديتيلي وانتي عارفه ان قريب منك مجرد بس لم تنطقي باسمي هتلاقيني قدامك وكنت جبتلك حقك وقتها وكمان خليتك بنفسك تاخدي حقك منه ،مش تسكتي وتترعبي بالشكل ده ، خرجتي من عنده خايفه ومرعوبه حاولت اقرب منك افهم حصل ايه ، لكن انتي بعدتي وهربتي مني أنا وفضلتي الصمت ودخلتي فى نوبه هلع ، يمكن لو كنتي وثقتي فيه وحكتيلي ماكنش حصل كل ده ، أنا مش بلومك ولا بعاتبك ، لكن عايز اوضحلك ان السكوت فى المواقف اللى زي دي مش صح ، الصح انك تواجهي مش تهربي بالصمت وعايز اطمنك ان خلاص هياخد جزاءه وأنا بنفسي قبضت عليه وخلاص بيتحقق معاه ومش بس كده هستجوب كل مريضه تابعت معاه ولو ثبت ان تعدى عليهم وتطاول عليهم باي طريقه مش هتكون قضيه واحده ولا بلاغ واحد وهيتحاكم على كل اخطائه ومش عايزك تخافي وراكي رجاله وبردو هقولك انتي مش لوحدك يا قدر ، انا معاكي وجنبك لاخر نفس فى حياتي .
شعرت بصدق كلامه وانها حقا اخطئت عندما اخفت عنه مافعله الطبيب , همست بصوت مضطرب: أنا كنت حاسه ان حياتي بتنتهي ، كنت زى المشلوله مش عارفه أعمل ايه ، الموقف كان صعب جدا , ماكنتش عارفه افكر عقلي كان ملغي ، كل اللى وصلت ليه ان أبعد عن المكان وابعد عن الدنيا كلها
انسابت دموعها اعلى وجنتيها بغزاره ،رفع انامله يمحي تلك الدموع المتساقطه ثم جذبها لصدره ، دفنت وجهها باحضانه وتشبثت به بقوه .
ظل يربت على ظهرها بحنان وهو يهمس لها بجانب اذنها : ماتخفيش تاني انتي مش لوحدك فى الدنيا دي أنا شريك معاكي فى كل حاجه ، انسي اللى حصل وكانه ماحصلش انتي اقوي من كده بكتير يا قدر ، مش عايز اشوف دموعك دي تاني ، قومي بقى غسلي وشك وفوقي كده عشان هوديكي البلد تقعدي هناك لحد لم اعصابك تهدى كده ونفسيتك تتحسن وهرجع اخدك وان شاء الله مش هتاخر عليكي .
ابتعدت عنه وهى تكفكف دموعها وتنظر له بحزن : مش عايزني هنا معاك
نظر لها بحب : مين قال مش عايزك معايا ، رجوعك البلد فى الوقت ده عشانك انتي ، محتاجه تهدي شويا من كل الضغوط اللى حواليكي ، أنا مقدر حالتك النفسيه وكل حاجه جت ورا بعضها وانتي لسه صغيره على استيعاب كل اللى بيحصل ده ، وبعدين خلاص مافيش علاج نفسي انتي تقدري تكوني طبيبه نفسك وهتلاقي العلاج المناسب ليكي ، تاخدي فتره راحه كده من كل حاجه ، اقعدي مع نفسك ، رتبي افكارك ، عايزة تعملي ايه فى مستقبلك ، شايفه حياتك ازاى ، خططي لكل هدف نفسك تحققيه ، انسي الحزن وارمي كل حاجه وحشه حصلت فى حياتك أرميها ورا ضهرك ، بصي لقدام وبس ، ولم ترجعي ان شاء الله هنا هتلتزمي بجامعتك عشان خلاص قدمت ورقك كله هنا وهتلتزمي بحضورك ومافيش حاجه هتعطلك تاني عن مستقبلك ولا ايه يا دكتوره
لاحت شبه ابتسامة اعلى ثغرها ثم أومت براسها بخفه ونهضت من اعلى الفراش ثم توجهت الى المرحاض وعندما اغلقت الباب انسابت دموعها بقوه وكانها ترفض ذلك البعد ..
تنفس بارتياح وعندما غادر الغرفه التقى بدلال تنظر له بحب : عملت ايه يا بني فاقت
- ايوة يا ست الكل وبتحضر نفسها عشان مافيش وقت ، هوصلها وارجع علطول عشان وقتي ضيق جدا
- بات هناك يابني وتعالى الصبح ، بلاش سواقه بالليل
ابتسم بهدوء : ماينفعش يا دودي ، ورايا قضايا كل يوم بتتعقد ، ادعيلي انتي بس ربنا معايا ويعدي الايام الجايه على خير
ربتت على كتفه بحنان : ربنا معاك يارب وينورلك طريقك وينصرك على كل من يعاديك يا فارس يابن راجيه يارب
ضحك بخفه : ادعي الدعوه كويس يا دودي أنا فارس ابن يونس الصواف
ضحكت بحنان : يابني هى الدعوه بتدعي كده بالام امال ايه
ضحك ايمن بقوه وهو يقترب منهما ويضع يده على كتف والدته : طب ماتدعي لابنك الغلبان ده يا دودي ، نفسي دعوة من دعواتك الرهيبه دي ترشق فى السما وقلب ابنك حبيبك يدق ويطب بقى ، نفسي قوي اجرب الحب وحلاوة الحب وليله وسهرة
ابتسمت والدته ورفعت كفيها للسماء : يارب يا ايمن ياابن بطني تلاقي الحب اللى يدوخك كده ويلففك حوالين نفسك عشان لم تستقر تحس بقيمته الغاليه ، مش لعب العيال اللى كنت بتعمله ايام الجامعه
نظر لفارس بصدمه : شاهد انت على الكلام ده ، دي دعوه بذمتك تريح قلبي ولا تشحتفه ده هو قلب واحد يا جدعان والله اللى املكه لم يحب ويلفلف كده مستقبلي هيضيع ،لا ارجعي عن دعوتك يا دودي ايام الجامعه كانت ايام وراحت لحالها ده كله كان لعب عيال مش كده ولا ايه يا فارس
هو راسه بالايجاب : فعلا لعب عيال وعلى يدي يا دكتور ، انت وقاسم كنتو حاله غير طبيعية ، كنتو داخل سباق مين يحب ويصاحب الاول ، ربنا يهديكم بجد وتلاقى البنت اللى تستاهلك وتستاهلها .
غادرت قدر الغرفه لتسرع دلال فى خطواتها تعانقها بقوه وتشدد على ضمتها وهى تهمس بصوت حاني : حمدلله على سلامتك يا قلبي
همست بصوت مخنوق اثر البكاء : الله يسلمك
تبادل فارس النظرات بينهم ثم تقدم بحمل حقيبه قدر وهو ينظر لساعه يده : جاهزة عشان يادوب نتحرك عشان الطريق
هزت رأسها بالايجاب .
همس ايمن بتسأل : عامله ايه دلوقتي ؟ حاسه بتعب أو أي حاجه ؟
هزت رأسها نافية رغم الذي تشعر به ليس بخير على الاطلاق
غادر الجميع المنزل ، استقل ايمن سيارته وبحانبه والدته لكي يعود بها الى حيث منزلها ، اما فارس فقد أنطلق فى طريقه الى المنيا لكي يترك قدر بأمان وسط عائلته التى اصبحت قدر جزء متجزء من تلك العائله ...
عاد فهد الى منزله ليجد رنيم تغفو مكانها اعلى الاريكه ، اقترب منها بهدوء مناديا اياها بهمس ، لتفتح عينيها بقوه وتنتفض من مكانها بزعر
- اهدي ده أنا ، فى ايه مالك ؟
همست بحزن ؛ كل لم اغمض اشوف ماما وهي
ازدادت فى البكاء فلم تقدر على اكمال جملتها ، جلس جانبها بهدوء وهو يربت على كتفها برفق محاولا لتخفيف عنها ، فهو يشعر بها لأنه ذاق هذا الوجع من قبل والى الان لم ينسي ذلك المشهد الاليم الذي مزق روحه الى نصفين .
نظرت له بعينين تفيض من الدمع : أكيد حاسس بيه
اؤمى بالايجاب وحاول اخفاء دمعته الخائنه ولكن فشل فى ذلك فقد انسابت اعلى وجنته ،نهض من مكانه وهو يتطلع إليها بثبات ليخفى ما يشعر به الان من ألم :
- أنا حكيتلك كل اللى مريت بيه عشان حسيتك شبهي وبتعاني من نفس اللى عنيت فيه طول عمري ، بس خلاص أنا وصلت لهدفي وانتقامي بيتحقق على ايدي وقربت افوق من الكابوس اللى بيهاجمني طول حياتي
نظرت له بعدم فهم وهمست بقلق : هتعمل ايه ؟
زفر انفاسه بهدوء وهمس بحده : هموت فهد وارجع " المقدم حسام فخري " اللى عاش على آمل الانتقام من سامي الحديدي واللى زيه ، كل المافيا دي لازم تنتهي ، الحق لازم يتاخد ، دم ابويا اللى دفع تمن حياته فى الحفاظ على اسمه وشرفه وهو كان مقدم شرطه ، وقف قصاد الظلم ودفع حياته وحياة عيلته السبب ، جي اليوم اللى هرجع حقه واسمه وسمعته اللى حيوان زى سامي شوهه وقال عن ابويا ظابط مرتشي عشان ابويا رفض رشوته ، كان عايز يدفعه تمن سكوته وان لازم يتغاضي عن شغله المشبوه ، حسام فخري هيكمل مسيرة ابوه ومش هيستسلم ، خلى بالك من نفسك ، لازم أسافر السويس وكلها يومين ونخلص من كابوس سامي للأبد واطمني حق والدتك جاي وفى حاجه تانيه لازم تعرفيها
نظرت له باهتمام ليستطرد قائلا :
- سامي بعت لرشدي اللى خلص عليه ورشدي مات فعلا بس عملنا خطه عشان نوقع سامي واللى وراه وكلها ايام والحقايق كلها هتبان
جحظت عيناها بصدمه وهمست بهلع : رشدي اتقتل هو كمان
امسكت بذراعه بقوه : بلاش تسافر يا حسام ارجوك ،ممكن سامي يخلص منك أنت كمان
تطلع لها بحنان : ماتخفيش عليا هخلص عليه قبل ما يخلص عليا
عانقته بقوه تخشى فراقه هو الاخر فلم يعد لديها أحدا سواه
شعر هو الاخر بتخبط فى مشاعره ولكن نفض تلك الفكره وهم بالرحيل لانهاء لعبته فى القضاء على كل من كان له يد بقتل عائلته .
استقل سيارته ولكن شعر بانه يترك قلبه خلفه ، لا يعلم من اين اتى بتلك المشاعر الخاصه برنيم وجد نفسه يترجل من سيارته ويدلف لداخل البنايه ثانيا ويصعد الى حيث شقته ، وقف امام بابها قليلا ثم حسم امره ودق الجرس ، يريد ان تفتح هى الباب لا يريد ان يقتحم خصوصيتها الان .
كانت تبكي بضياع بعد أن تركها ، قلبها يتمزق ألما من اجله ، لا تعلم متى نمت العلاقه بينهم وأصبحت بهذا التطور ، كل ما تعلمه الان انها تخشي ان يصيبه مكروه وانها بحاجته ولا تريد الحياه بدونه ، كفكفت دموعها بعدما استمعت لرنين جرس المنزل ، انتابها الخوف وسارت بخطوات مضطربه الى ان وقفت خلف باب الشقه ثم وضعت اذنها اعلى الباب وهى تهمس بصوت مضطرب : مين ...؟+
همس بابتسامه : أنا حسام يا رنيم
فتحت الباب على الفور عندما استمعت لصوته لتلتقي العيون بلهفه ، همس بصوته الحاني
- تتجوزيني ..؟
ارتمت داخل احضانه وتشبثت بعنقه بقوه ، ليرفعها عن الارض ويعانقها بقوه تكاد ان تخترق ضلوعه ثم دلف بها لداخل الشقه واغلق الباب خلفه بقدمه وهى مازالت متعلقه به كالفراشه الناعمه التي تعانق الازهار لتستنشق عبقها الفواح ..