
رواية ارملة اخي
الفصل الثاني والعشرون22
بقلم فاطمه الالفي
وصلا الى وجهته بعد منتصف الليل ، ثم ترجل من سيارته وسار بخطوات متلهفه لرؤياها ،وقف امام الباب ثم طرقه بخفه خوفا من ان يُقظ والديه فى ذلك الوقت المتأخر من الليل .تنهد بضيق ثم اخرج هاتفه لكي يتصل بشقيقه ويخبره بانه امام باب المنزل ، عندما أستمع رحيم لحديثه نهض من فراشه مهرولا ليغادر غرفته ليفتح الباب لشقيقه .
بعدما فتح له الباب استقبله بعناق قوي ثم ربت على ظهرها بحنان ثم ابتعد عنه لينظر له بعتاب : اتجننت يا فارس عشان تيجى سايق عربيتك فى نص الليل
اشار الى قلبه وهو يبتسم بشغف : ده اللى جابني يا ولد ابوي
ابتسم لشقيقه بسعاده ثم دلف به لداخل واغلق الباب بهدوء : ربنا يهنيك يا خوي ، بس طمنى امورك بخير
اؤمى له بالنفي : شايل جبل هموم فوق كتافي يا رحيم ، ومش قادر ابعد قدر عني ولا قادر اقرب
شدد على كتفه بحنو : قلبك دلك خلاص يا ولد ابوي ، بلاش تبعد يا خوي كفيانا بعاد وحزن ، جى الوقت اللى نفرح فيه يا حضرة وكيل النيابه
- طب اطلع بقى اشوف مراتي
- حقك يا خوي ، بس البت دهب بتي نايمه جار مرت عمها ،هستناك تجبهالي انيمها فى فرشتها
- لا ادخل نام انت وأنا هشيلها بنفسي انيمها ماتحملش هم
ابتسم له وهو يرسل اليه غمزه بعينه اليسرى : ماشي يا حبيبي تصبح على خير ، الحاج والحاجه هيفرحو جوى لم يشوفك الصبح
تنحنح باحراج : ماهو أنا مش مطول هنا يا رحيم ، هاخد قدر ونرجع علطول
- لا يا فارس ، ريحلك شويا والصباح رباح ، نفطر سوا وبعدين تعاود لمصالحك كيف ما بدك
تنهد بنفاذ صبر : ربنا يسهل يا رحيم
سار على اطراف اصابعه ودلف لداخل غرفته بهدوء ثم اضاء الانوار الخافته ، وقف مكانه يتطلع إليها بابتسامته الهادئه ،ثم تقدم بخطواته الشغوفه لقربها .
كانت نائمه كالملاك البريء وتحتضن الصغيره بين ذراعيها ، تحاوطها بحنان وكانها صغيرتها تستمد من احضانها الدفئ التى بحاجه اليه ، جلس بخفه اعلى الفراش وحاول نزع ذراعيها بعيدا عن الصغيره ابنة شقيقه .
شعرت بملمس قوي يحاول ابعاد يديها عن محاوطتها لتلك الصغيره التى تعشقها كطفلتها ،فتحت عيناها باتساع ونهضت بفزع تضم الصغيره لصدرها .
همس بصوته الدافئ : بس بس اهدى ده أنا مش حد غريب ، كنت هشيل دهب انيمها فى اوضتها فى مشكله
مازلت تحدق به بصدمه وهزت رأسها نافيه
حمل منها الصغيره برفق ليطبع قبله حانيه اعلى جبين الصغيره وسار بها الى حيث غرفتها ، وضعها برفق داخل فراشها ثم دثرها جيدا بالغطاء ونهض من جانبها عائدا الى محبوبته المشتاق لضمها بين ذراعيه .
اقترب منها بحب ثم جذبها من يديها لتنهض معه ثم احتضنها بقوه ، يريد ادخالها بين اوردته لتسري كالدم الذى يسري بعروقه ، يريد ان يصبحوا كيانا واحدا ، ابتعد عنه مرغما على ذلك ، مدد بجسده اعلى الفراش ثم جذبها لتتوسد صدره ثم اغمض عينيه بتعب وهمس بصوته الحاني ،: ممكن ننام عشان انا تعبان جدا ومش قادر اتكلم ، عايزك فى حضني وبس ،مش محتاج اكتر من كده .
طبع قبله رقيقه اعلى خصلاتها ونام قرير العينين بعدما حظى بقربها ، اما عنها فقد
اغمضت عينيها هى الأخرى وذهبت في ثبات بعدما غمرها باحضانه الدافئه واستشعرت نبضات قلبه التى تخفق من جعل الابتسامة تزين ثغرها .
أحياناً تكون مشاعرنا مخفيّة لانستطيع البوح بها إلا عندما نتجرأ، فالدفء الذي نشعر بهِ في كُل جوارحنا وقلوبنا يعكس ما يخفيه القلب من مشاعر حقيقيه ، صادقه
، ف تسير إليك المشاعر كأنك من أوجدتها تُفضل البقاء ب جوار من نُحب ونستمتع ب دفئ كلماته التى يغمرنا بها ، وينتابأ الحزن عندما نخفي بداخلنا تلك المشاعر الجميله التى تضرب ب القلب الذي ينبض بشغف المحبين ..
داخل فيلا " أكمل سلام "
كانت تشعر ببروده الطقس وهى تقف شارده بشرفة غرفته التى شاهدتها بعدما غاب عنها حبيبها ، نامت بفراشه وشاركته احزانها وهى تبكي اعلى وسادته التى كان دائما يريح راسه عليها ، اما هى فقد كانت تشكو لها حزنها بفقدان حبيبها ورحيله عنها دون وداع .
تنهدت بقوه وهى تتطلع امامها بشرود والدموع تنساب بصمت ، الى ان شعرت بملمس انامل رقيقه تمحي لها تلك الدموع ، تطلعت لصاحبة تلك الانامل بحزن لتعانقها الاخيره بقوه وتشاركها تلك اللحظات القاسيه على كلاهما ..
لم تستطيع جودي مواستاها او مواساه نفسها ،فخسارتهما واحده ، فكل منهما فقد قطعه من قلبه بغياب حسام عن تلك الحياه .
همست رنيم من بين دموعها : ماكنتش اعرف ان حتى الفرح مش من حقي يدق بابي ، الدنيا معنداني ومستكتره عليه افرح بعد كل اللى شوفته فى حياتي ، استكترت عليه وجود حسام ، هو أنا وحشه اوي كده مااستهلش ان أفرح زي باقي البنات
هزت رأسها نافيا لحديثها ثم ابتعدت عن احضانها لتنظر لعينيها بحزن : مش ذنبك خالص يا رنيم ،انتي مش وحشه يا حبيبتي ،بس ده قدر ، قدرنا اننا نتوجع على الناس اللى بنحبهم ، قدرهم يبعدو عننا فى اكتر وقت بنكون محتاجين فيه لحضنهم ، لتبطبطتهم وخوفهم علينا ، مش قادره أصدق ان حسام خلاص راح ومش راجع تاني ، مش قادره أصدق ان هعيش في الدنيا دي من غير ايده اللى دايما محوطاني وسنداني ،انا من غيره ولا حاجه .
ازدادت رنيم فى بكاءها وهمست بصوت مبحوح : قلبي مش قادر يصدق ولا عقلي مستوعب ان خلاص دي النهايه ،انا عندي إحساس قوي ان حسام لسه معانا ، موجود حاسه بصوت انفاسه ، كل لم ابص لركن فى الاوضه بشوفه قدامي وبيضحك ليا ، أنا بموت يا جودي من غيره ، أنا عايزة حسام .
ضمتها بقوه وهى تهتف بألم : فراق حسام قتلنا كلنا بس هنقوى ببعض ، مش هنسيب بعض يا رنيم ، هنعيش على آمل أن حسام لسه عايش وموجود وسطينا عشان بس نقدر نتنفس ونعيش ،رغم ان متاكده ان الحياه من بعده اشبه بالمستحيل بس هنحاول عشانه ،لازم نحاول .
اشرقت شمس الصباح وعاد الى منزله البسيط الذي يطل على ضفاف البحر ،وهو يحمل على عاتقه شابا لا يعرفه فاقدا لوعيه ، لمحه اعلى صخرة بمنتصف البحر ،وهو على مركبه الصغير ،فهو صياد يبحر بمركبه ويلقى شبكه الصيد خاصته ليتلقط الاسماك ثم يعود الى منزله ويتوجهه الى السوق لبيعه فهو عمله الذي تربى عليه ونشا عليه منذ أن كان طفل صغير يصطحبه والده معه أثناء الصيد ...
طرق باب منزله بقوه لتهرول زوجته وتفتح له الباب وهى تستقبله بوجهها البشوش
- حمدلله على سلامتك يا حسن
دلف لداخل بخطوات سريعه ليضع ذلك الشاب اعلى الاريكه الموضوعه خلف باب المنزل مددته برفق ثم عاد يتطلع لزوجته ثم استرد انفاسه وهو يجيبها : الله يسلمك يا بياضه
جحظت عيناها بصدمه وهى تشير الى هذا الشاب الممدد امامها : مين الجدع ده يا حسن ؟
عاد ينظر له ثم حرك كتفيه وهمس بقلق : بعدين نعرفوة يا بياضه، دلوقتي بس تجيبي أي حاجه نفوقه بيها
اسرعت تحضر زجاجه العطر البسيط الذي يخص زوجها ثم اعطته اياه
نثر حسن القليل منه اعلى انامله ثم قربها من وجه ذلك الشاب فلم تنجح محاولاته ، تذكر جرح ظهره لينظر لزوجته : قوام تجبيلي غياره من هدومي يا " بياضه " وشنطه الاسعافات بتاعت
تسمرت مكانها وهى تهتف بقلق : ليه هو ماله ؟
- يوه يا بياضه اسمعي الكلام الاول ، خلينا نفوق الجدع
زفرت بضيق وهى تهم باحضار ما طلبه زوجها ،وبعد قليل عادت تحمل بيدها حقيبه الاسعافات الاوليه وقميص وبنطال يخص زوجها :
اتفضل
- اتفضل اللى طلبته يا حسن
التقط منها الاغراض ثم همس بحزم : روحي شوفي وراكي ايه العمليه
شبكت ذراعيها امام صدرها : ما وريش حاجه يا حسن ومش همشي من هنا غير لم أعرف ايه حكايه الجدع ده اللى داخل عليه بيه بيتي
زفر بضيق : يا بنت الناس مش وقته ،وبعدين عايز اغير هدوم الجدع واطهر الجرح اللى فى ضهره ، انتي بقي هتفضلي تعملي ايه تتفرجي على راجل غريب ولا ايه
شعرت بالخجل فسارت مبتعده عنهما ثم دلفت لداخل غرفتها هو تشعر بالضجر من تصرفات زوجها ..
اما حسن فحاول نزع ملابس الشاب ليشهق بصدمه عندما وجد أصابه ظهره المتضرر اثر حرقه ، نزع عنه ملابسه برفق وترك ظهره عريانا ، أحضر اناء به ماء بارد وبدء فى تنظيفه قبل ان يضع عليه معقم ومرهم خاص بالحروق وبعدما أنتهى من تعقيم جرحه البسه القميص برفق ثم ابتعد عنه وتركه كما هو ، دلف لزوجته الغرفه ثم أغلق الباب خلفه وتوجه الى الفراش ليلقي جسده بارهاق .
همست بياضه بضيق : - انت هتنام يا حسن والبلوي دي بره
اعتدل فى نومته وجلس اعلى الفراش ينظر لها بضيق : فى ايه يا بياضه راجع تعبان بقالي يومين فى البحر ، وبعدين يا ستي الراجل اللى بره ده لا حول بيه ولا قوه ، وأنا لاقيته على صخره فى البحر مش عارف الموج رماه ولا غريق ولا ايه حصله ، قربت منه بالمركب ولاقيت لسه فى روح قولت اجيبه هنا ولا كنتي عاوزاني اسيب الراجل يموت
- لا طبعا مش قصدي بس خايفه يكون وراه حاجه ونروح فى ستين داهيه ، افرض مافقش ومات هندبس احنا فيه
- لا ان شاء يفوق بس هو وضعه صعب شويا ، ضهره كله محروق شكل كده كان فى حريق على مركب ولا حاجه حصلت والموجه سحبته بين الصخور ، الحرق صعب أنا طهرته بس وهنام بس ساعه ولم اصحى هروح اجيب حد من المستشفى ممرضه ولا حاجه تيجي تشوفه ، والله لو معايا فلوس كنت خدته المستشفي بس هعمل ايه ، انتي لو مضايقه من وجوده روحي بيت ابوكي ماعنديش مانع وأنا هفضل جنبه ولم يسترد وعيه ونعرف اصله وفصله اوصله لاهله ، الجدع شكله ابن ناس والله اعلم بحال اهله ايه دلوقتي .
- اه عايزاني اسيبلك البيت عشان تشوف نفسك بقى براحتك ، وممرضه ايه دي يا خويا اللى هتفضل داخله خارجه عليك ، قال اسبلك البيت قال ده بعينك يا حسن
- يا هبله هو أنا بتاع الكلام ده ، هو أنا شايف حد فى الدنيا غيرك يا بياضه ، يابت انتي قلب وروح حسن
وكزته بكتفه : ولم انا كده عايزني اسيب البيت ليه يا ابو علي
- أنا خائف عليكي يابت انتي على وش ولاده وبعدين مش عارف الجدع ده ممكن تعبه يطول وأنا لازم انزل البحر اشوف شغلي احنا داخلين على مصاريف ولاده ، فلو روحتي بيت ابوكي كام يوم كده لحد لم يفوق ونشوف هنعمل ايه
- لا يا ابو علي أنا هفضل على قلبك ووقت لم تنزل البحر ابعتني عند ابويا وانت راجع تعدي تاخدني
- امري لله ، قدري بقي هقول ايه ؟
- ومالو قدرك بقى ان شاء الله
ضمها لصدره بحنان : أحلى قدر طبعا يا روح ابو علي
- ناس تخاف ماتختشيش
- ماتلتمي بقي يا بت وسبيني انام
ابتعدت عنه بضيق : نام يا حبيبي نام ، نوم العواف
اراح جسده اعلى الفراش ثم جذبها اليه لتمدد جسدها جانبه وهو يهمس لها بصدق :
- ربنا ما يحرمني منكم يارب انتي وابننا ولا بنتنا مش هتفرق
ابتسمت له بحب : - ولا منك يا ابوعلي
فرحت والدته عندما اقبل عليها ابنها الحبيب ،لتعانقه بحنان وهى تربت على ظهره بحب :
- اتوحشتك يا ولدي ، حمدلله على سلامتك يا حبيبي بس بلاش تتنيها تاني وتاجي فى العتمه كيده
قبل يدها بحب : حاضر يا ست الناس ،اصلك اتوحشتيني جوي جوي
ابتسمت بخفه وهي تربت على كتفه بحنان : أنا برضك اللى اتوحشتك يا ضناي
نظر لها باحراج عندما فهم مقصدها ، ثم ابتعد عنها بهدوء ليجلس بجوار والده .
- كيفك يا حاج وكيف صحتك
- بخير يا ولدي ، طمني على احوالك انت
تنهد بهدوء وهمس لوالده بجديه : بخير يا بوي ،كنت بعد اذنك حابب اخد معايا قدر ، أنا شايف مكانها جنبي احسن لينا كلنا
همس والده بقلق : هى مرتك يا ولدي وماجولناش حاجه ، بس وجودها اهنيه وسطينا مش امان ليها ولا ايه عاد
- امان طبعا يا حاج ، بس هى مسئوليتي ودوري احميها مش اخبيها وانا قادر احميها يا بوي أنا راجل ومن ضهر راجل ولا حضرتك مش واثق فى تربيتك ولا ايه ؟
ربت على ظهره بقوه : واثق فيك يا ولدي ومتؤكد انك راجل وتجدر تحمي مرتك زين , خلاص يا ولدي اللى شايفه فى الصالح ليكم اعمله واني امعاك ، بس المهم عندي تخلي بالك من نفسك وتطمني عليك وربنا يحفظك ويعينك يا ولدي وينصرك يارب
طبع قبله حانيه أعلى راس والده ثم نهض من مجلسه : لازمن اعواد دلوك يا بوي ،عندي تحقيق مهم ولازمن يخلص الليله ، اشوف وشك على خير
ودعته عائلته بحب إلى أن استقل سيارته وانطلق فى طريق العوده الى القاهره ..
بعد قرابه الساعتين اوقف السياره أمام إحدى الاستراحات ، ترجلا من السياره وفتح لها بابها لكي تترجل هي الأخرى ، مد كفه لتضع كفها به ، ترددت لحظات ثم وضعت أناملها برفق أعلى كفه المدوده لها بالحب ، اطبق كفيه عليها بقوه ثم سار بها إلى حيث الطاوله ، اجلسها برفق ثم جلس مقابلا لها ، لم ينزل عينيه من عليها ،همس بصوته الهادئ وهو مازال يتطلع إليها بكل الحب الساكن بقلبه لها : ماحبتش نتكلم فى البيت عشان محدش يسمعنا ، لكن احنا هنا لوحدنا ونقدر نتكلم براحتنا ونسمع بعض كويس ، ها تبدئي انتي ولا ابدء أنا ؟
همست بتوتر : هنتكلم هنا ؟
نظر حوله والابتسامه لا تفارق ثغره ثم عاد يتطلع إليها : ماله هنا ؟ مكان هادي ومافهوش حد غيرنا ، فى الشقه عندي اول لم أوصل محتاج انزل الشغل عشان عندي تحقيق مهم وأنا محتاج اتكلم معاكي .
- تحقيق فى قضيه الرأي العام بتاعت موت الشاب
- ايه ده انتي متابعه القضيه ؟
- أكيد طبعا السوشيل ميديا بتتكلم عنها ، وبصراحه حاجه توجع القلب ، بس أكيد المجرمين دول هيتعاقبو صح ؟
- ان شاء الله هياخدو العقاب اللى يستحقوة
- أنا اسفه
- ليه بتتأسفي ؟
- عشان ماكنتش فاهمه طبيعه شغلك ، شغلك صعب جدا ومليان ضغوط وماكنش ينفع يعني اقولك اللى أنا قولته لم جبتني هنا
- ليه هو انتي قولتي ايه ؟ أنا اصلا اعتبرت نفسي مايمعتش حاجه ، وانا هنا قدامك عشان اوضحلك حاحات كتير ، أولا وده الاهم عندي ، أنا ماقدرش ابعدك عني لاي سبب من الاسباب عشان بحبك بجد واللى بيحب حد بيخاف عليه حتى من نفسه ، خوفي عليكي لتتأذي بسبب شغلي هو سبب ان جبتك هنا ،ثانيا بحقق فى قضيه معقده جدا وكمان جرت وراها قضايا كتير وكل ده حمل فوق كتافي ، قبل لم اتجوز ماكنش عندي نقطه ضعف حد ممكن يستخدمها ضدي ، كنت فاتح صدري ومابخفش من مخلوق اسمي فى النيابه معروف (بالصقر الجرئ ) عشان الصقر عنده قوه نظره حاده ومابيستهانش بعدوه مهما كان اقوي منه ، عندي كمان مخالب حاده اعرف التهم فريستي كويس وصعب حد يغلبني الحمد لله بفضل ربنا مافيش مجرم واثق من اجرامه وقوه نفوذه جي تحت ايدي وتم محاسبته بدون استغلال لسلطته عشان مافيش حد فوق القانون ومعايا أنا بالذات ، والقضيه دي هزت مصر كلها وهزتني من جوايا انا شخصيا واقسمت اجيب حق اسلام الله يرحمه ، عشان اسلام مالوش اهل واتربى وعاش فى ملجأ ، عاش حياه صعبه وقاسيه ولم حاول يطور من نفسه وبدء يشتغل ويعمل لنفسه حياه ، ريان واللى زيه استكترو عليه الحياه دي وكانت نهايته قاسيه جدا ، وبكره اول جلسه لمحاكمه المجرمين ولازم أحضر مرافعه قويه تزلزل المحكمه وبدعي ربنا ياخدو حكم مش تأجيل .
- ربنا معاك وهينصرك ان شاء الله عشان انت بتنصر الحق ومش راضي بالظلم , أنا فخورة بيك اوي
غمز لها بمشاكسه : فخوره بيه بس ؟ يعني مافيش حاجه كده ولا كده طيب
دارت وجهها عنه بخجل ،نهض من مكانه ثم اقترب منها لياتي شابا اخر ويعطيه صندوق كبير الحجم مغلف
النقطه فارس من الشاب وهو يتمتم له بالشكر وبعدها ابتعد الشاب وقف فارس امام قدر ونزع الغلاف الخارجي المحاط بالصندوق ليظهر امامها قفص به عصفورين ، شهقت قدر بدهشه ثم نظرت لهم بابتسامتها الرقيقه وهمست بفرحه :
- الله ايه الجمال ده
التقط فارس يدها وفتح لها باب القفص الصغير وقربها من العصفور الذي يحمل بعنقه قلاده منقوش عليها خروف اسمه ويتدله منها دبله ذهبيه خاصه بها
- شيلي السلسه حرام كفايه عليه كده
نزعت القلاده المحاطه بعنق العصفور وتطلعت إليها بدهشه ، همس فارس بالقرب من اذنها ؛
- تقدري تقولي دي شبكتك ، البسهالك ولا لسه محتاجه وقت تفكري
شمرت عن ساعدها لتظهر معصم يدها الذي تزينها بالاسوار التى هداها اياها من قبل وهى تحمل اسمهما معا ( قدر فارس )
قولتلي ان اسمنا هيفضل مرتبط ببعض وقدرنا واحد مش هنتفرق
جحظت عيناه بصدمه ولمعت بفرحه :بجد يا قدر عايزة نفضل مرتبطين بعض
هزت رأسها بالايجاب : اسمي مربوط باسمك لاخر العمر يا فارس
ضمها لصدره بسعاده ، ليسمع همسها وهى تهتف : مش هتلبسني شبكتي
ابتعد عنها بهدوء ليلبسها القلاده ثم الدبله ونظر الى عينيها الصافيه : بحبك يا قدر فارس
دفنت وجهها بصدره ليقبل رأسها بحب ثم حاوطها من كتفها ليغادر هذة الاستراحه ويستقلوا السياره سويا ليعود بها الى عشهم الخاص .
احتضنت قفص العصافير وهى تبتسم بسعاده ، كان يتابعها خلسه ويتنهد داخله بارتياح فقد بدءت علاقتهم تخطو باول خطواتها وهذه هي نقطه التحول بحياة كل منهما .
عندما علم بموعد المحاكمه قرر العوده من مدينه السويس على الفور ولكن تفاجئ بقرار التحقيق معه ، ثار ف
غضبه وتوجه لمكتب فارس ، الذي اقترب منه بلهفه ليعانقه
- حمدلله على سلامتك يا صاحبي , كده تقلقني عليك وماتردش عليا
زفر انفاسه بضيق : غصب عني يا فارس ، اللى أنا شوفته كان صعب اوي
ربت على كتفه وجعلها يجلس اعلى الاريكه وجلس جانبه : ربنا يرحمه ،ماحدش هيجيب حق حسام غيرنا
نظر له بحزن : أنا موقفون عن العمل لحد لم يتحقق معايا يا فارس
- ازاي موقوف ، أنا كمان هيتحقق معايا بس ماحدش اصدر قرار بمنعي
- ازاي اتوقف دلوقتي وانهارده اول جلسات فى محاكمه الولاد ،دي مقصوده بقي ،انا مش هسكت على اللى بيحصل ده
هم بمغادره المكتب بانفعال ليستوقفه صوت قوي ياتي من خلفه .
هتف اكمل بصوت عال : قاسم استني عندك
وقف قاسم فى مواجهته ليهتف الأخير بحزن : نفذ الاوامر وبلاش تهور ، عشان أي حركه تهور هتتاخد ضدك فى التحقيق
- حضرتك اللى بتقولي كده ؟
ربت على كتفه بحنان : أنتو هنا كلكم ولادي والاب بيفضل داعم لولاده لكن كمان مطلوب من الاولاد تسمع الكلام وتنفذه ، انت راجع تعبان روح ارتاح عشان التحقيق معاك هيتم بكره ،ومن هنا لانتهاء التحقيق مافيش أي قضيه هتتكلف بيها ، معلش دي كلها مجرد ادعأت والتحقيق فى صالحك انت وفارس ماتقلقش
زفر بضيق ثم هز راسه موافقا اياه ولكن لن ييأس فقرر مرافقه صديقه وحضور المحاكمه كأي شخص
داخل جلسه المحاكمه التابعه لمحكمه القاهره ...
كانت الجلسه تعم بالحضور داخل القاعه وبعد لحظات قليله كان يدلف الساده المستشارين ووكيل النيابه وكل منهما يتاخذ مقعده ، وقف حاحب المحكمه ينادي على القضيه التى هزت الرأي العام باكمله ، والجميع فى حاله ترقب ..
دلف المتهمين داخل القاعه تحت حراسه مشدده الى ان وقف كل منهما خلف القضبان ..
تحدث القاضي بعد أن طرق بقوه اعلى مكتبه ليلزم الجميع الصمت وتبدء النيابه فى مرافعتها .
وقف فارس وهو ينظر لهيئه المحكمه " بسم الله الرحمن الرحيم ، ولكم فى القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون " صدق الله العظيم .
سيدي القاضي ، حضرات المستشارين ، اعضاء هيئه المحكمه الموقره ، نحن اليوم امام قضيه اهتز لها المجتمع باكمله ، ليست كأي قضيه من نوعها ، وانما هى قضيه قتل شاب فى ريعان شبابه ، قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد ، فقد سولت لهم انفسهم باستدراج ضحيتهم للملهي الليلي لكي يتم بهم جريمتهم الشنعاء ، المتهم الاول أعطى عقار مخدر للمتهم الثاني شريكه بالجريمه لكي يجعل المجنى عليه يرتشفه فى المشروب ويفقد اتزانه منما يجعل المتهم الاول ينقض عليه بالضرب المبرح ثم طعنه عده طعنات استقرت بقلب الضحيه واودت بحياته ولم يكتفي بذلك فقد مثل بجثته ، فلم تاخذه بها شفقا ولا رحمه ، وكانه ليس كبشر فقد تجرد من كونه بشرا واصبح حيوانا مفترسا يريد الخلاص من ذلك الشاب البري الذي كان يخطو باول خطوات له فى شق مستقبله الذي طالما حلم به ، هؤلاء من هدمو حلمه وانهو حياته بدافع الانتقام , فقد غدرو به عن عند وهذا بدافع الغيره وحب التملك من المتهم الاول فهو المدلل لعائلته ويفعل ما يحلو له لا يهم على حساب من وعلى أي روح يهزق فكل ما يهمه اشباع نفسه المريضه بغرائزه الدنيه ، اطلب من المحكمه الموقره باقصى العقوبه على هؤلاء المجرمين ليصبحو عبرة لكل من سولت له نفسه بقتل الأبرياء ، فلا تاخذكم بهما شفقا او رحمه وهذا عدل الله فى الأرض ، وتوجد شاهدة اثبات للواقعه ، ارجو من حضراتكم استجوابها واثبات اقوالها كما هو مدون بالتحقيق وكل الاوراق التى امامكم ما هى اللى مجرد ادعأت لكي يفلت الجاني من العقاب وأقول قولي هذا والله الموفق والمستعان وانهى كلامي بقول الله تعالي ، بسم الله الرحمن الرحيم ،
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾
صدق الله العظيم ..
نظر القاضي للاوارق التى امامه ثم هتف بصوت قوي : نادي على الشاهده " رنيم خالد خاطر "
وقف الحاجب امام قاعه المحكمه وظل يهتف مناديا باسمها عده مرات ، منما جعل القلق ينتاب بعضهم داخل قاعه المحكمه والبعض الآخر يبتسم بلامبالاه وكانه يعلم بالنهاية المحتومه