
رواية ارملة اخي
الفصل الثامن عشر18
بقلم فاطمه الالفي
ابتعدت عنه بخجل واخفت وجهه عنه ، بعدما انسابت دمعتها وشعر هو بها ، زفر بضيق عندما علم بما يدور داخلها الان .وقف خلفها ثم حاوطها بذراعيه لكي تنظر له وتصبح بين احضانه ثم همس بكلماته العذبه التى تذيب الجليد :
- قدر أنا مش هعتذر عن قربي منك ،لانك مراتي أنا ومرتبطه باسمي وبكياني ، ومشاعري هى اللى حركتني وافتكر ده حقي ، مافيش داعي تبعدي عني بالشكل ده ولا تخجلي عشان قربنا من بعض .
لامت نفسها عندما بادلته تلك القبله التى عصفت بكيانها وجعلتها تشعر بمشاعر مختلفه لأول مره تنساق بعواطفها ، هبطت دموعها ورفعت مقلتيها لتصبح فى مواجهته وهى تهمس باضطراب : اللى حصل ده غلط وماسمهاش مشاعر اسمها حياته
جحظت عيناه بصدمه وهو يردد : خيانه. ...! خيانه لمين بالظبط ؟
- خيانه لسند ، اخوك ولا نسيته كمان ؟
اغمض عيناه بقوه وهو يهز راسه باسي يرفض كلماتها القاسيه التى طعنته بخنجر مسموم اصاب قلبه ومزق روحه ..
ترك الغرفه بخطوات واسعه ثم ودع عائلته ليستقل سيارته عائدا الى القاهرة ومازل عقله شارده بتلك الصغيره التى لم تدرك حتى الان بانها اصبحت زوجته وعلاقتها بسند انتهت منذ أن فارقت روحه الحياه ، فهو لم يعد سوا ماضي عاشته ومضى وعليها ان تتخطاه لتكمل حياتها القادمه معه ...
" لازم اتحملك يا قدر واصبر عليكي لحد لم تتجاوزي الماضي وتعيشي معايا الواقع ،هفضل فى ضهرك وسندك العمر كله مهما حصل هكون داعم ليكي فى أي قرار تاخديه واي صعوبات بتوجهيه هنواجها سوا ،عشان مابقتيش لوحدك وده وعدي ليكي يا قدري ، وقدر هتفضل مرتبطه بفارس العمر كله "
همس داخله بتلك الكلمات ثم قاد سيارته بسرعه فائقه وكانه يسابق الزمن لكي يصل الى وجهته قبل بزوغ الفجر ،من اجل اخذ قسطا من الراحه قبل صباح الغد ومتابعه سير التحقيقات لإنهاء القضايا المعقده ورد الحقوق الى اصحابها كي ينعم بحياته بعد ان يطوي تلك الصفحات من حياته
اما عن حسام فبعد ان وصل لوجهته ، مكث داخل فندق بالقرب من ميناء السويس ،ثم اجرا عده اتصالات ، هاتف رنيم اولا ليطمئنها على وصوله ثم انهى مكالمته وعاد يهاتف اكمل يخبره بما ينوي عليه فعله فى صباح الغد عندما يتوجه الى الميناء وبعد ذلك أغلق هاتفه الخاص واخرج الهاتف الاخر الذي يستخدمه كفهد وحاول الاتصال بسامي الحديدي ولكن تفاجئ بغلق هاتف الاخر ،زفر بضيق ثم القى بهاتفه جانبا ونهض ليبدل ثيابه قبل ان يخلد لنوم
انقضت ساعات الليل ببطئ رغم قيادته السريعه ولكن ظل باله شاردا بما حدث معه ،وعندما وصل الى القاهره صفا سيارته امام البنايه وترجلا بارهاق ليجد صديقه ينتظره .
تقدم بخطوات سريعه : قاسم ... انت هنا من امته ؟ في حاجه حصلت ولا ايه ؟
- لا ياسيدي مافيش جديد ، كل الحكايه لسه مروح البيت كده من نصايه لاقيت دودي بتقولي روح اقعد مع فارس وخليك جنبه ، بس كده جيت
لاحت ابتسامه خفيفه اعلى ثغره ثم ربت على كتف صديقه ودلفوا سويا لداخل البنايه ثم استقلو المصعد حيث الطابق السابع ليظل بجانب صديقه هذة الايام ، فهو يعلم بانه بحاجته الان ..
عندما دلفوا لداخل الشقه توجها فارس الى غرفه الصالون والقى بجسده اعلى الاريكه بتعب ثم مدد ارجله وثني ذراعيه خلف راسه يتنهد بضيق ، شعر به قاسم وجلس بالمقعد المقابل له وهمس بتسأل :
- مالك يا وكيل ؟ مخنوق من ايه يا صاحبي ؟
زفر بقوه ومازال يتطلع لسقف الغرفه : قول مش مخنوق من ايه يا قاسم ، كل حاجه حواليا بتخنق .
- يا ستار يا رب ، احكيلي يابني حصل حاجه ماعرفهاش ؟
اعتدل فى نومته وجلس يتطلع لصديقه وهمس بحزن : تصدق ان مافيش حاجه حصلت بينا تستدعي اتهامها ليه ، دي مجرد
لم يستطيع اكمال جملته ،هتف بضيق : ايه اللى أنا بقوله ده ، لا ماينفعش ماتشغلش بالك يا قاسم ، مافيش حاجه
رفع انظاره بدهشه وهتف بجديه : هو ايه اصله ده ، فى ايه يابني فهمني ، ازاى مااشغلش بالي ، انت كده باقلقني عليك
تأفف بضجر : ماهو ماينفعش احكي حاجه خاصه يا قاسم ، انت فاهمني ؟
هز راسه بتفهم : فاهم بس مش مطلوب منك تفسير ولا توضيح للي عملته ، بس قولي الموضوع كمجمل ، اتهام بايه
- بالخيانه ...
جحظت عيناه بصدمه وردد باستنكار : خيانه مين معلش مش فاهم ؟
اردف قائلا : لم قربت منها قالتلي دي اسمها خيانه لاخوك ولا نسيته ، حسيت وقتها بوجع الكلمه اوى يا قاسم ،كنت حابب اوصلها مشاعري بس لسه سند حاجز بينا ، قدر مش شايفه قدامها غير سند وبس , أنا لأول مره يا قاسم احس بالوجع ده ، أنا مانستش سند ولا لحظه فى حياتي ودايما فاكره ومعايا علطول ، وكنت عارف لم مشاعري اتحركت ناحية قدر ان دي حاجه مش سهله ولا هينه عليه
- عارف يا فارس لم بدءت احس بانجذابك لقدر ، فهمت وقتها ان الجاي صعب عليك جدا ، أكيد هيفضل سند موجود بينكم والعلاقه بينكم هتفضل متوتره ، عشانك يا صاحبي عارف انك صعيدي غيور ودمك حامي ، وصعب اوي ترتبط بانسانه كانت لغيرك قبلك ، حتى لو كان الحد ده اخوك الله يرحمه
- أنا نفسي ماكنتش متخيل ان فى مشاعر ممكن تتولد بينا
ابتسم بخفه ثم اردف قائلا : عارف كمان كنت واثق إن علاقتك بجودي ماهتكملش عشان شايفها غيرك جدا ،يعني جودي متحرر شويا وعايزة تبقى هى الطرف الأقوى فى العلاقه مش الضعيف ، يعني ندها بندك ، ماكنتش هتسمح لك باي قرار ، بصراحه متسلطه ومغروره ، وعشان كده كنت متاكد ان علاقتكم لا يمكن تستمر ، مافيش توافق ولا تكملو بعض دي ، أي اتنين بيحبو بعض بحس ان بينهم كمياء وكل طرف بيكمل التاني
أومي بالايجاب: ده صحيح لازم يكون فى اختلاف ونكمل بعض ، بس انت عارف ان علاقة قدر بسند الله يرحمه كانت علاقه اب ببنته ، عارف يعني ايه
نظر له بدهشه ليأكد له فارس الذي فهمه :
- ايوة يا قاسم اللى وصلك ، سند ماكنش شايف قدر زوجه ، والمشكله بقى ان قدر ماتعرفش لحد دلوقتي ليه سند اتجوزها وليه كان بيعاملها كبنته ، قدر لو عرفت بالحقيقة اللى سند خباها عنها ممكن تنهار وتدخل فى صدمه كمان
_ ليه ماتحاولش اتواصل مع حد متخصص زي ماايمن عرض عليك ، قالك لو اختارت تكمل حياتك مع قدر تروح لدكتور علاقات زوجيه واسريه عشان تتخطوة وجود سند بينكم , ليه انت ماتاخدش الخطوة دي بنفسك دلوقتي وبعدين لم قدر اعصابها تهدى تقدر تاخدها معاك
- لم اخلص الحمل اللى فوق كتافي وكل مجرم ياخد عقابه. , بالي مشغول جدا الفتره الجايه وانت عارف احنا بنصارع مين
- فعلا احنا فى صراع قوي بين الحق والظلم ،بس بعون الله الحق دايما بينتصر واملنا فى ربنا كبير , قوم ريحلك ساعتين قبل ما ننزل الشغل
- لا قوم نصلي الفجر جماعه الاول وبعدين نحاول ننام عشان عندنا بكره يوم طويل
نهض من مجلسه ومد يده لينهض صديقه هو الاخر لكي يصلو فريضتهم قبل ان يخلدان للنوم .
صدع رنين هاتفه بارجاء غرفته ، جعله ينهض من فراشه ،تحسس بيده اعلى الكومود الى ان التقط الهاتف ، نظر له بعين ناعسه ليتفاجئ بان الساعه السادسة صباحا ، عاد رنين الهاتف يصدغ بإلحاح ، دقق النظر فى ذلك الرقم الغير مسجل بهاتفه ثم اجاب بهدوء ليستمع الى صوت فتاه تتحدث بقلق ، أستمع إليها بانصات الى ان اغلقت الهاتف ، لينهض من فراشه بهلع ، دلف لداخل المرحاض أولا ثم ابدل ثيابه على وجه السرعه وقبل ان يغادر غرفته وهو يلقي بنظره اخيرة على زوجته التى مازالت نائمه ولم تشعر بما يحدث ، أغلق الباب بهدوء ومن ثم هبط الدرج ليسرع فى خطواته ويغادر فيلته ليقود سيارته بسرعته العالية لكى يصل الى عمله باسرع وقت واثناء قيادته وضع سماعه البلتوث وبدء فى اجراء اتصالا يليه الاخر الى ان وصل الى حيث قسم الشرطه ،ليترجل من سيارته بخطوات واسعه ولم يكترث لمن حوله , الى ان دلف الى مكتبه وامر احدى العساكر بصرامه :
- اول لم المقدم قاسم الفقي ووكيل النيابه فارس الصواف يوصلو عايزهم فى مكتبي وماحدش يدخل علينا مفهوم يا عسكري
ادى تحيته العسكريه ': تمام يا فندم
أغلق الباب خلفه بقوه وظل يجوب بالغرفه ذهابا وايابا والقلق ينهش قلبه الى ان أستمع لطرقات اعلى باب مكتبه ، تعلقت عيناه بذلك الباب المغلق لينفتح خلال ثواني ويدلف لداخل قاسم يتبعه فارس يقدمون التحيه العسكرية معا :
- تمام يا فندم
نظر لهم بعينين قلقه وهتف بصوت مضطرب : حسام فخري اتكشف فى مهمته وسامي الحديدي عايز يصفيه
تبادلون النظرات بينهما بصدمه ثم هتفوا بدهشه : وفخري ايه علاقته بسامي
جلس خلف مكتبه واشار اليهم بالجلوس لينصاغو الى اوامره ، ثم بدء يقص عليهما ما فعله حسام من اجل التقرب لسامي وان يصبح رجلا من رجاله لكى ينتقم منه بالنهاية ويتم القبض عليه والخلاص منه ، كل ذلك تحت نظراتهم الصادمه .
ثار غضب فارس بعدما قص عليهم اللواء اكمل بما فعله حسام بتخفيه بدور فهد وتنفيذ ما امرة سامي بخطف زوجته الى هذا الحد لم يستطيع تمالك نفسه لينهض عن مقعده ويهتف بانفعال : يعني حضرتك كنت موافق على جنون حسام ؟ ازاي يعمل كده هي وصلت ان يخطف مراتي وحضرتك كنت على علم بكل اللى بيحصل ؟ ماحولتش تمنعه ، تعرفني طيب اللى بيحصل من اقرب الناس ،حسام يعمل معايا أنا كده ، انا مش قادر اصدق ولا استوعب اللى حسام عمله ..
وقف قاسم امام صديقه وجذبه من كتفه يحاول أن يهدئه من نوبه غضبه : اهدى بس يا فارس واقعد خلينا نتكلم بهدوء عشان نشوف هنعمل ايه
- هنعمل ايه فى ايه ؟ هو انت مش سامع سياده اللواء قال ايه ؟
هتف اكمل بحده : اقعدو خليني ابلغكم أنتم هنا ليه ومش عايز انفعال تاني يا سياده الوكيل ،بعدين نتحاسب حسام عمل ايه ؟ المهم حياة حسام دلوقتي فى خطر ولازم نتصرف
جلس فارس رغما عنه ونظر له بجديه : مطلوب مني ايه سعادتك وأنا انفذة .
هتف اكمل وهو ينظر لكليهما : قاسم دلوقتي لازم يتحرك على السويس ويكون فى المينا فى اقل من ساعتين وأنا تواصلت مع شرطه المينا وهتكون فى انتظاره ،مافيش خبر عن حسام لدلوقتي وموبايله الخاص بشغله مقفول وكمان التاني ،وعشان كده لازم نلحقه ، قاسم هيحمي ضهرة هناك وهيكمل معاه مهمته وهتبلغه ان سامي كشفه ولازم ياخد حذره من اللى جاي ، ولو لقدر الله ماقبلتوش هتكمل انت المهمه بنفسك واللى هناك هيسعدوك فى تفتيش أي عباره داخله الميناء وتفتيش دقيق مش عايز أي غلطه ، لازم نخلص من سامي واللى ورا باسرع وقت ،ماعنديش استعداد لخساره ابن من ولادي ، خلى بالك من نفسك يا قاسم واول لم توصل تكلمني تطمني على حسام وربنا معاكم , مافيش وقت لازم تلحقه وهناك هتكون فى قوه من شرطه السويس بانتظارك .
نهض قاسم من مجلسه ثم ادى التحيه العسكري وودعهم لاكمال مهمته ،اما عن اكمل فاستطرد قائلا وهو ينظر الى فارس بجديه : اما سيادتك فمحتاج منك اذن نيابه بخروج كاميرات مراقبه ومايك لفيلا سامي الحديدي ، وكمان اذن بتفريغ الكاميرات دي واثباتها فى محضر عشان دي نقطه مهمه لازم نكون عاملين حسابها لم يتم القبض عليه ،عشان كل حاجه دلوقتي مع حسام فى اللاب الخاص بيه ، ممكن تعلن عن وفاة رشدي مابقاش فى داعي نخفي خبر موته وكمان هتفتح قضيه وهتحقق مع عيلته واي حد تعامل معاه فى الفتره الاخيره ، وتجهز كمان أمر ضبط واحضار سامي الحديدي عشان لم حسام وقاسم يرجعو ان شاء الله بالسلامه حسام هو اللى هيقوم بالمهه دي بنفسه ، أنا بطلب منك ده طلب شخصي خارج حدود الوظيفه .
أومي له بتفهم ثم اردف : تمام يا فندم اعتبر كل ده اتنفذ ، أي اوامر معاليك
تنهد بحزن ثم هتف بحزن : حسام عمل كده عشان يحمي مراتك يا فارس من سامي ورجلته وكان لازم ينفذ العمليه دي بنفسه ، لو حد غيره كان نفذها ماكتتش شوفت مراتك لحد دلوقتي ، حسام حافظ عليها وكمان رجعهالك قبل ما يعدي يوم واحد على خطفها ، الاول اظهر ولائه لسامي وبعد كده بلغك بمكانها ، بطلب منك رجاء خاص تسامحه على اللى عمله ، وفى حاجه اخيرة لازم يكون عندك علم بيها
نظر له باهتمام ليردف اكمل قائلا :
- حسام اتجوز رنيم قبل ما يسافر السويس .
نظر له بصدمه وهو يردد : رنيم ... الشاهده الوحيده فى قضيه ابن الحديدي وبنت المجني عليها
- ايوة هي رنيم ، وجواز بجد ،ظروفهم متشابهة وفى وقت قصير اكتشف ان مشاعرهم واحده وتم الزواج
،ممكن تنهي اجراءات استخراج جثه والدتها بعد تقرير الطب الشرعي
نهض عن مقعده : حاضر يا فندم ، كل حاجه هتكون جاهزة على مكتب حضرتك بعد دقايق ، بعد اذن سعادتك .
- اتفضل ..
غادر فارس المكتب بذهول ومازل تحت تأثير صدمته بسبب كل ما فعله حسام ، الى ان جلس امام مكتبه وبدء باخراج عدة اوارق من داخل درج مكتبه ليخط بعض الكلمات بخط يده ...
لم تشعر بالراحة بتلك الفتره الأخيرة ، دائما يهاجمها الصداع يكاد يفتك براسها ويقسمها الى شطرين ، لم تعد قادره على تحمل ذلك الألم فقررت التوجه الى طبيب مختص .
نهضت من فراشها بارهاق ،دلفت لداخل المرحاض لتنعش جسدها ثم تبدا ثيابها لتغادر المنزل والتوجه الى المشفى الذي يعمل بها الطبيب ، فقد جلبنت عنوانه بعدما اجرت سيرش على الأطباء اللذين يعملون فى مجال المخ والاعصاب ، الى ان استقرت على اسم أحدهما وقررت التوجه اليه الان فلم تعد لديها قدره على التحمل ، فاخفت ما تشعر به عن عائلتها فلا اريد اقلاقهم بهذا الامر ، تريد أن تتاكد من سلامتها اولا ، فلديها شعور خفي بانه مصابه بذلك المرض الذي نادرا مايحدث الشفاء منه ، مرض الموت كما قالت عنه لنفسها، لذلك قررت عدم الافصاح عن ما تشعر به من ألم لكي لا تحزن عائلتها ...
انتهت من ارتداء ملابسها ثم غادرت الفيلا على الفور بعدما تأكدت من الهاء والدتها بالمطبخ ، قررت الفرار دون ان تمسك بها وتبدء فى استجوابها المتكرر كعاده كل يوم ، ثم استقلت سيارتها متوجه الى المشفى .
استيقظت من نومها على رنين هاتفها المتواصل لتجيب بنعاس بعد أن نهضت من فراشها ، لتهتف فرحا بعد أن اجابها الطرف الآخر بتحديد موعد لعمليه والدها وهذا ما اسعدها ، بعدما انهت الاتصال قفزت من اعلى الفراش وهى تصرخ بسعاده تنادي والدها الحبيب ، الى ان دلفت غرفته وهى تقترب منه تعانقه بحب
- صباح الخير عليك يا حوده قلبي أنا
ابتسم والدها بحب وهو يحتضنها : صباح النور والسعاده على قلبك يارب
ابتعدت عنه بعد أن قبلت وجنته بحب وهتفت بصوتها المرح : عندي ليك خبر ماحصلش
- خير يا بنتي ؟
ضحكت بخفه وهى تشاكسه : لا اتحايل عليا شويا ، عشان ده خبر بكنوز الدنيا كلها
بادلها الضحك ليستمع الى صوتها الحنون تهمس له بحب : مايهنش عليه بردو انت بابا حبيبي وهقولك عشان تفرح معايا ، كلموني من المستشفي وحجزو اوضه لحضرتك عشان العمليه بعد يومين
كف عن الضحك وحل الصمت والخوف والقلق داخله ، شعرت به ورد ، اقتربت منه بقلق وهى تتسأل :
- مالك يا بابا حضرتك مش مبسوط ان خلاص هتعمل العمليه وان شاء الله تنجح وتشوف الدنيا من جديد
ربت على ظهرها بحنان : أنا مبسوط عشان انتي مبسوطه يا حبيبتي ،بس أنا غصب عني يابنتي قلقان عليكي ، لو جرالي حاجه وأنا بعمل العمليه انتي هتعملي ايه فى الدنيا دي من غيري ، خايف عليكي انتي يا قلب ابوكي ،مش كفايه اللى انتي فيه ده كله بسبب عجزي
عانقته بقوه واخفت دموعها المتساقطه وهى تهز رأسها رافضه لذلك الحديث :
- ماتقولش كده يا بابا ، ان شاء الله هتقوم بالسلامه وتنور بيتك وحياتك وتنور قلبي يا روح قلبي ، بلاش تجيب سيره الموت ، خلينا نتكلم عن الامل والتفائل وبس ، بابا حبيبي احنا املنا فى ربنا كبير ، وبعدين أنا زعلانه منك ، يعني ايه بقى يا عم انت تقولي اللى انا فيه ،هو انا فيه ايه بس ؟ عشان ماكملتش تعليم عادي جدا بس اتعلمت وبعرف اكتب واقرا احسن من اجدعها حد متعلم ومعاه شهادات من اكبر جامعات وكله بالغش وبالفلوس هم بيوصلو بكده ، لكن بنتك بميت راجل ، قادره تشتغل وتقف على رجلها وكمان أنا عايشه حياتي على هوايا وماحدش بيغصب عليا حاجه أنا مش حباها ، فبلاش بقى يا قلبي جو النكد ، احنا لازم نفرح وننبسط وبس وتكون نفسيتا كويسه عشان العمليه يا حبيبي ،انا هقوم أحضر احسن فطار وبعد كده نتوكل على الله ونطلع على المستشفي
قبل رأسها ودع ربه داخله بان يحمي له إبنته الحبيبه الذي لا يملك من الدنيا سواها ، فهي نور عيناه وعصاه التى يكتئ عليها ، هى نبض حياته .
ضحك طارق بمكر وهو ينظر الى سامي ويفرد ذراعيا دليلا على حريته
- خلاص تم اللى احنا عاوزينه وزمان حسام اتفحم يا حرام
ضحك هو الاخر بصوت جلي ثم هتف بشر : خساره كان نفسي اودعه هههه
عادت ضحكته الخبيثه تصدع بالمكان .
ليهتف طارق قائلا : لا ومش بس كده مافيش أي حاجه ورانا والعباره ماوصلتش السويس ، اصدرت اوامر افضل فى بيروت لكام يوم لم الجو يهدي والبوليس ينشغل بموت صاحبنا والبحث عن جثته هههه
ضحكو باعلى طبقات صوتهم ،ثم اقترب سامي الى ان اصبح فى مواجهته :
- مبروك عليك مكانتك الجديده وسطنا ، رشدي خلاص تقدر تروح تستلم جثته وتدفنه وتاخد العزا فيه وتعمله عزاء يليق بيه عشان كل اللى هيحضر ناس مهمه ، وماتنساش تقدم ضد فارس وقاسم بلاغ بانهم السبب فى موت والدك ،وان القضيه متلفقه وفضلو يعذبوة لحد لم قلبه وقف ومات ، خلينا نخلص منهم هم كمان ونشوف شغلنا بدون وجع دماغ .
لم يكترث لوفاة والده وكل ما يشغل تفكيره الان منصبه وأخذ مكانة والده وسط عالم رجال الأعمال " عالم المافيا " الذي خطى بقدميه على دم والده للوصول اليهم والتربع على عرشهم .
اوقدت النيران بسيارته داخل الميناء ،منما جعل الجميع فى حاله من الهرج ، وتكادث الجميع يحاولون فعل شئ لتلك السياره لاخماد النيران المشتعله به .
فى ذلك الوقت وصل قاسم الى الميناء وبعد ان تحدث لشرطه الميناء ،سار بجانب أحدهما يرشده بمكان حسام الذي ينتظر بسيارته داخل الميناء .
ليتفاجئو بالنيران المشتعله وازدحام الناس ، حاولو فض ذلك الإزدحام لكي يصلون الى تلك السياره المشتعله لتحجظ عين الأخير وهو ينظر لقاسم بهلع :
- دي عربيه المقدم حسام
صرخ باعلى طبقات صوته مناديا باسمه وهو يركض باتجاه السياره ، ليحاول الاخر منعه من التقدم ، جذبه بقوه ليبتعد رغما عنه ، ليحدث صوت إنفجار قوي جعل الجميع ينظرون لذلك المشهد بذهول .+
خارت قواه وهوى جسده ارضا وعيناه تذرف الدمع دون توقف ، لم يصدق ما حدث امام اعينه وهو عاجزا عن التدخل لانقاذ حياة صديقه