رواية بعينيك اسيرالفصل الثاني2بقلم شهد الشوري

رواية بعينيك اسير
الفصل الثاني2
بقلم شهد الشوري
بعد أن أنهى يزن عمله بالجامعة، توجه إلى المستشفى الكبيرة الخاصة بعائلته "آل مهران" ليُمارس مهنته التي يعشقها و ها هو قد انتهى وعاد إلى الفيلا، منهكًا يشعر بتعب شديد

التقى بوالدته التي كانت تنتظره، فقبل جبينها ثم استأذن منها ليصعد إلى غرفته لشعوره بالإرهاق الشديد، لكنه لم يكن قد قطع خطواته بعد حتى أوقفته قائلة بحدة :
يا بني، حرام عليك اللي بتعمله في نفسك ده لا أنت أول ولا آخر واحد خطيبته تموت..
قاطعها قائلاً بصرامة:
ماما، لو سمحتي، نقفل الموضوع ده، أنا تعبان وعايز أطلع أرتاح، عندي شغل بكرة الصبح
كاد أن يغادر، لكنها صرخت عليه بغضب :
اوقف مكانك! وأنا بكلمك من الاحترام والتربية يا دكتور، تقف وتسمع أمك لحد ما تخلص كلامها
التفت إليها بصمت، فتابعت حديثها بلهجة غاضبة :
بتموت نفسك بالبطيء ليه....مش قادر تستوعب إن الحياة مش بتقف على حد، بسمة ماتت، وانت لازم تتقبل ده حياتك دفنت نفسك في الشغل لدرجة ان احنا اهلك بقينا نشوف صدفة
رد عليها بحزن والالم يعصف بقلبه دون رحمه :
بالنسبة ليكي الحياة مش بتقف على حد، بس بالنسبة ليا وقفت....لأنها كانت حياتي كلها
قالها ثم صعد لغرفته، ملقيًا أغراضه بإهمال على الأريكة، متجهًا إلى تلك الصورة الكبيرة المعلقة على الحائط الذي يواجه فراشه، والتي تخص حبيبته الراحلة "بسمة" مرددًا بحزن والندم ينهش قلبه :
فراقك صعب أوي، والأصعب إني مش قادر أعيش وأنا عارف إني سبب....سبب موتك!!!
ثم تنهد وتابع حديثه بألم :
"محدش كان بيفهمني غيرك. بالنسبة ليهم الحياة مش بتقف على حد، لكن انتي كنتِ حياتي اللي خسرتها بموتك وبعدك عني
ألقى بجسده على الفراش وأغمض عينيه، متمنيًا أن يراها في أحلامه....لكنها لت تأتي، وكأنها تعاقبه لأنه كان السبب في رحيلها، وكأن ذنبه يلاحقه حتى في نومه
في صباح اليوم التالي داخل قاعة المحاضرات بكلية الطب كان الجميع يجلس في انتظار وصول الدكتور يزن الذي ما إن دخل حتى عم الصمت المفاجئ في المكان كانت نظراته تتنقل بين الوجوه يبحث عن هدفه بين الحضور حتى وجده كان في نيته أن يعاقبها وأن يُلقنها درسًا لن تنساه
اقترب منها قائلاً بصوت مليء بالخبث والصرامة وهو يضرب بيده على سطح المدرج أمامها بينما كانت همس تُحدق في الجهة الأخرى باتجاه لينا :
انتي يا آنسة !!
انتفضت همس في مكانها قائلة بفزع :
بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حصل ايه؟
تعالت ضحكات الجميع في البداية لكن سرعان ما عم الصمت مرة أخرى بعدما ألقى عليهم يزن نظراته الحادة ثم التفت إلى همس قائلاً بصرامة :
دي محاضرة يا آنسة إنتي وهي مش كافية تتدردشوا فيه ، أنا نبهت عليكم من قبل أن الفوضى وقلة الاحترام ممنوع في محاضرتي
تراجع خطوة للخلف، ثم أشار بيده إلى الباب:
اتفضلوا بره ولما تتعلموا ازاي تحترموا الدكتور والمكان اللي انتوا قاعدين فيه ابقوا احضروا !!
نظرت له همس بسخرية رغم الغضب الشديد الذي كان يعتمل في قلبها بينما كانت لينا وميان تنظران إليها بنظرات مليئة بالغضب لأنها السبب في كل هذه الإهانة التي تعرضتا لها أمام الجميع لم تكترث همس وجمعت أشيائها قائلة ببرود استفزازي :
تمام يا دكتور على العموم كويس إنها جت منك أصل إحنا جعانين أوي وعايزين نفطر
غادرت المكان هي وميان بينما كانت لينا تسير خلفهما غاضبة
بعد لحظات، كانت الفتيات الثلاث يقفن أمام باب الجامعة تنتظرن وصول عمار
كانت همس تحتسي العصير بهدوء تستمع لتوبيخ ميان الحاد لها :
انتي غلطانة وطولة لسانك هي السبب في اللي حصلك النهاردة هيفضل حاططنا في دماغه طول الوقت
رددت لينا هي الأخرى :
طالما غلطانة بتكابري ليها اعتذري من وخلاص
تمتمت همس بتحدي:
يستاهل اللي هيحصل فيه انهاردة
ضربت ميان كفها بالآخر بيأس بينما لينا سألتها بملل وتعب :
فين ابن خالتك ده اتأخر كده ليه!!
في تلك اللحظة توقفت سيارة أمامهم ونزل منها عمار يلقي عليهم السلام بابتسامة مرحة قائلاً :
صباح الخير يا قمرات
ثم نظر لميان قائلاً بمشاكسة :
صباح الفل يا ميمونة
ردت عليه بغضب :
متضايقنيش أنا أصلاً متضايقة ومش ناقصة
سألها عن السبب وحين أخبرته بما حدث ظهرت على ملامحه ابتسامة عفوية قائلاً بنبرة مرحة تظهر طبيعته العفوية وشخصيته الجميلة :
يا بنتي عادي ده انا متعود على كده لدرجة لو فات يوم من غير ما اتطرد احس ان فيه حاجة ناقصة واعمل اي حاجة قصد عشان اسمع كلمة اطلع بره
ضحكت لينا بخفوت تلك الضحكة الرقيقة التي تسللت إلى أذن عمار كنسمة دافئة في صباح شتوي للحظة توقف الزمن من حوله وحين التفت ينظر إليها شعر بشيء ما يهز قلبه بقوة لم يكن هذا الإحساس مألوفًا لديه لكنه كان جارفًا بما يكفي ليجذبه إليها
بقى يتأملها بصمت كأنها لوحة أبدعتها يد فنان شعرها الأشقر الكيرلي انسدل بخفة على كتفيها يحيط بوجه طفولي بريء كأنما الشمس قد تركت بصمتها على ملامحه بشرتها البيضاء الناعمة كانت تشبه الحليب في نقائها تزيدها براءة وجمالًا ملامحها الرقيقة ، تلك العينين العسليتين البريئتين، بدت كأنها ترسم سحرًا خاصًا رغم عدم ارتدائها الحجاب لكن ملابسها المحتشمة تضفي عليها رقيًا وأناقة لا تخطئها العين
شعرت لينا بالخجل من نظراته بينما لاحظت ميان تأمله فيها في الوقت ذاته كانت همس تفكر في كيفية الانتقام من ذلك الطبيب المدعو "يزن" وما ان خطرت لها فكرة رفعت يدها امام وجه عمار الذي كان غارقًا في تأمل لينا للآن قائلة :
انت يا استاذ...طب انت يا شبح !
التفت إليها عمار بذهول ولم ينتبه سوى لكلمة "شبح" التي استنكر خروجها من فم فتاة !!!!
ضحكت ميان ولينا لتلمع عيون عمار مجددًا بإعجاب عندما رأى ضحكتها الجميلة مردداً بداخله :
يالهوي هو في جمال كده
ابتسم وسأل ميان دون ان يرفع عيناه عن لينا :
مش تعرفينا على بعض يا ميان
رددت ميان وهي تشير لهمس ولينا:
همس ولينا صحابي من وأنا صغيرة
ثم تابعت وهي تشير لعمار :
عمار ابن خالتي يا بنات، حكيتلكم عنه قبل كده
التفت همس الى عمار وقالت بسرعة :
اه عارفينه المهم سيبكم من كل ده، بص يا برنس، الدكتور اللي بيدرس لينا السنة دي حاططنا في دماغه مش هيخلينا نحضر ليه طول السنة اي محاضرة، وطردنا كمان من المحاضرة وهزقنا قدام كل الطلاب، فاحنا عاوزين نعلم عليه، هتساعدني معاهم اكسرله العربية بتاعته....عايزاه يتقهر عليها
ضحك عمار وقال بحماس:
بغض النظر عن شبح وبرنس والحاجات دي، أنا موافق، اهو نرجع للشقاوة من تاني
توقفت ميان فجأة....قلبها ينبض بشدة حين لمحت سفيان من بعيد، وكأن الزمن توقف لحظة أمام عينيها، كانت نظراتها مليئة بالصدمة والاشتياق، كأنها تسترجع لحظات ضاعت في الزمن : سفيان!!!
سأله عمار بزهول :
بتعمل إيه هنا يا سفيان؟
رد عليه سفيان بغضب وحدة :
انت اللي بتعمل إيه هنا ؟
تمتم عمار بهدوء :
كنت بشوف ميان وبطمن عليها
صرخ عليه سفيان بغضب:
تطمن عليها ولا بتوقع نفسك في مشاكل عشانها، ايه لحقت لفت حبالها حواليك، مش كفاية عليها الغرب قالت الأقربون أولى
جز عمار على اسنانه وقال بتحذير حاد :
سفيان، حاسب على كلامك، دي بنت خالتك
صرخ عليه سفيان بغضب، بينما سفيان تستمع له بقلب مقهور :
قولتلك ألف مرة ملناش دعوة العيلة دي كلها، نسيت اللي حصلنا احنا وابوك منهم
رد عليه عمار بحدة :
اللي حصل زمان غلطة شخص واحد بس، وأنا عمري ما هاخد حد بذنب التاني، ميان بنت خالتي، أشوفها في أي وقت هي وخالتي، والله إنت رافض يبقى ده يرجعلك ويخصك أنت مش أنا
ضرخ عليه سفيان بغضب :
بتعصى كلامي يا عمار، ايه مثلت عليك بكلمتين ودموع تماسيح عشان تخليك تعصي أخوك وتعارض كلامه
تنهد عمار ثم قال بغضب :
أعصي أخويا وأعارضه لما يكون بيفكر ويتصرف غلط، وعايز يسحبني معاه في نفس الغلط
إلى هنا وكفى، لم تعد قادرة على الصمت أكثر من ذلك، نظرت إلى عمار والفتيات، وقالت بهدوء زائف:
سيبوني معاه خمس دقايق
نفذوا ما قالت، ليبادر سفيان بالحديث قائلاً بسخرية:
إيه ناوية تعملي نفس اللي عملتيها على عمار عشان تصعبي عليا..؟.
قاطعته قائلة بقهر :
إنت ظالم وقاسي.... اللي قدامي ده مش سفيان اللي كنت بجري على حضنه أستخبى فيه، مش سفيان اللي عمره ما جرحني بكلمة
أشاح بوجهه بعيدًا عنها باستهزاء لتتابع ميان بحزن:
نسيت وعودك ليا زمان، بتقول إني بمثل، طب إنت تبقى إيه، ما إنت كمان كنت بتمثل وبتقول كلام معملتش بيه، أول ما حصل اللي حصل، كأنك كنت مستني حجة عشان تبعد، وبعدت... أنا مش بمثل يا سفيان، لأني لحد النهارده بعمل بكل وعودي ليك، الدور والباقي على اللي خلف بيها، وراح اتجوز و عاش حياته ولا كأن فيه واحدة خلاها تحبه، وفي نص الطريق سابها ومشي!!
تظاهر بالبرود على الرغم من تأثره مما تقول، لكن سرعان ما عاد لقسوته متذكرًا ما حدث بالماضي، وسخر منها قائلاً:
أداء حلو وعشرة على عشرة، بس بردو ماصعبتيش علي، وش البراءة ده مش هيأثر فيا لأني أكتر واحد عارف اللي من صنفك
نفت برأسها وقالت بقهر ودموع:
مش بقولك كده عشان أصعب عليك، أنا بقولك كده عشان تعرف مين اللي بيمثل ومين اللي ظالم
ثم غادرت الجامعة وصعدت إلى سيارتها دون أن تنطق بكلمة أخرى، والدموع تنهمر على وجنتيها بقهر، تتساءل في نفسها لماذا لا تستطيع أن تخلص قلبها من هذا الحب، تتمنى لو بإمكانها أن تتجاوز هذه المشاعر وتعيش بسلام مثلما فعل هو وتركها وراءه وواصل حياته
غادر سفيان خلفها وكلما شعر بشفقة تجاهها، يعود بذاكرته إلى الماضي، ويذكر نفسه بما فعلته به، ليغلق قلبه عليها مجددًا بمرارة !
منذ الصباح، كانت سيلين تتنقل بين الأماكن، كأنها تبحث عن شيء ضائع داخلها، لا تجد له أثرًا. كانت تبحث عن عمل يشغل وقتها، يملأ الفراغ الذي أصبح يسكن قلبها، ويبعدها عن جدران المنزل التي صارت سجناً. كان أفضل لها أن تكون في الشوارع، في أي مكان، بعيدًا عن كلمات والدتها القاسية التي أصبحت تقطع قلبها أكثر من أي إهانة من الغرباء. تلك الكلمات التي لا تنتهي، التي تُذكرها بأخطائها الماضية، وكأنها سجينة في لحظة طفولية ارتكبت فيها خطأ عابرًا لا تراه سوى والدتها كالذنب الأبدي.
منذ الطلاق، كانت تتمنى ان تشعرها والدتها بالأمان، تساندها، تحتضنها، لكنها بدلًا من ذلك كانت تُثقل عليها باللوم والعتاب، وكأنها هي السبب في كل شيء، كانت تتمنى لو حصلت على الدعم الذي تستحقه كل فتاة في سنها، بدلاً من أن تصبح ضحية لذكرياتها المؤلمة.....تعيش في ذلك الخطأ الذي لا يغفره الزمن
أغمضت عينيها وهي تجلس على أحد المقاعد الجانبية في الشارع، تتذكر كلمات والدتها القاسية حين علمت بأنها قررت البحث عن عمل:
إنتي ناوية تخلصي عليا بعمايلك دي، مش كفاية اللي راح زمان، عايزة تخليني أحصله، الناس تقول إيه، اتطلقت وراحت تلف على حل شعرها، شغل إيه وهبل إيه....اترزعي في البيت وبلاش بسببك نسمع كلام زيادة عن اللي بنسمعه
توقف الزمن للحظة، وكأن كلماتها تصرخ في أذنيها، تنغرس في قلبها ومع ذلك، كانت هناك لحظة واحدة تملأ قلبها بالألم العميق، تلك اللحظة التي نظرت فيها لوالدتها وقالت بحزن:
ياريت ما جبتيني على الدنيا دي، وياريتك ما كنتي أمي، ولا أنا كنت بنتك....ياريتني كان بأيدي أختار أم ليا، ياريت!!!
قالتها، ثم خرجت من المنزل، لم تعد تطيق أن تكون جزءًا من هذا الجحيم الذي صنعته كلمات والدتها، أخذت موافقة والدها الحنون، الذي كان يراها أكثر من مجرد ابنة، هو الشخص الوحيد الذي يشعر بوجع قلبها
وجدت سيلين أخيرًا عملًا كنادلة في مطعم كبير، وعادت إلى منزلها متعبة....متجاهلة توبيخ والدتها !!!
في مكتب سفيان بشركة العزايزي، كان يقف أمام الزجاج الشفاف الذي يفصل بينه وبين العالم، يشاهد حركة السير في الشوارع، لكن عقله كان بعيدًا، غارقًا في أصداء كلمات والدته "كاميليا"، تلك الكلمات التي كانت تلاحقه كالكابوس، كأنها قيلت بالأمس.
تذكر آخر مرة رآها فيها، مع والده، تلك اللحظة التي تحولت فيها الحياة إلى كابوس لم ينتهي بعد....كان المشهد محفورًا في ذاكرته، بكل ما فيه من صدمات ومرارة
حين وقفت أمام والده، وقالت بكل برود، وكأنها تقطع آخر خيوط الأمل بينهما:
زي ما سمعت يا شريف، أنا عايزة أطلق
سقطت كلماتها عليه كالصاعقة، فلم يجد ما يقوله، سوى السؤال الذي لم يجد له جوابًا:
تطلقي ليه،انا عملتك حاجة، ده أنا عمري ما ضايقتك بكلمة، طب وولادنا ؟
أجابته بنبرة قاسية صدمته:
ربيهم انت، اللي انا كنت مستحملة العيشة معاك عشانه راح خلاص
ردد شريف بذهول، وعدم استيعاب :
سبب؟!!
أومأت برأسها برودًا، ثم قالت:
تقدر تقولي هتصرف عليا منين، هنعيش إزاي، اللي نفسي فيه هتقدر تشتريه ليا، أنا مقدرش أعيش في مستوى أقل من اللي اتعودت عليه
سألها بحزن ينهش قلبه بلا رحمة:
هتسيبي ولادك عشان خاطر الفلوس... طب وإحنا وحبنا، كل دول مش مهمين عندك
ردت عليه بتأفف، كأنها تزيل عن نفسها عبء لا تحتمله : الحب والعواطف مش هيصرفوا عليا ويخلوني أعيش مرتاحة ومبسوطة
توسلها قائلاً بحزن وهو يحل رابطة عنقه قليلاً:
هقف على رجلي من تاني وهقدر أرجع زي ما كنت، بس خليكي جنبي....أنا بحبك يا كاميليا !!
ردت عليه كاميليا بنفاذ صبر :
كل ده كلام مش مضمون، وبعدين ما تتعبش نفسك معايا، أنا مصممة على كلامي، وياريت ننفصل بهدوء ومن غير شوشرة، وبلاش كلام مالوش لازمة، لأني خلاص مقررة وهتجوز بعد العدة ان شاء الله
ثم تابعت بسخرية وقسوة :
وعشان بس تعرف، إني طيبة، مش هطالبك بحقوقي عشان عارفة انك ماحلتكش حاجة، وبلاش تدخل السجن، على الأقل الولاد يكون معاهم واحد مننا
نظر لها مطولًا بخيبة أمل وصدمة من قسوة قلبها التي يراها لأول مرة....يبدو أن عشقه لها قد اعماه عن رؤية حقيقتها طوال تلك السنوات، ردد بصوت خفيض متألم :
إنتي طالق...طالق بالتلاتة
زفرت بارتياح وغادرت القصر على الفور، غير عابئة بابنائها اللذان استمعا لكل شيء، والصدمة مرتسمة على وجوههما، كان سفيان حينها شابًا في بداية المرحلة الجامعية، وعمار في الإعدادية برفقة ميان، كانا الاثنان حينها مستوعبين لما يقال
كان عمار يبكي بصمت، بينما سفيان كان يناظرها وهي تغادر بجمود، لكنه ينهار من الداخل حرفيًا، فليس من السهل أبدًا أن يستمع لتلك الكلمات من....والدته
لقد كانت تلك الليلة هي نهاية علاقته بوالدته، وبأي شخص يخصها أو يقربها، قاطع خالته وعائلتها بأكملها، حتى أنه نقل شقيقه إلى مدرسة أخرى ليكون بعيدًا عنهم، كل ذلك الكره تمكن منه تجاههم، وبالأخص تجاه والدته، عندما تعرض والده لنوبة قلبية حادة في نفس اليوم الذي تخلت عنهم فيه....وتوفى مقهورًا !!
انتشله من ذكريات ذلك الماضي الأليم صوت باب مكتبه الذي فُتح، ودخل شخص للداخل بدون إذن، التفت ليرى من، سرعان ما توسعت عيناه بصدمة
تعليقات



<>