رواية مأساة حنين الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم أية الفرجاني

رواية مأساة حنين الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم أية الفرجاني
تحب تشيله
 قال وهو بيبص للبيبي:
 "أنا؟…

إيده اتمدت ببطء…
ولما الطفل استقر على دراعه
كان خفيف…
بس تقيل على قلبه أوي

بص في وش الطفل،
وشه مجعلك، صغير قوي، بيبصله كأنه بيقوله:
= أنا منك… غصب عنك

الولد كان بيعيط
بس لما كريم حضنه على صدره…
سكت وكان الدنيا كلها سكتت معاه  …
صوت الممرضة، صوت الدكتور، صوت الحزن نفسه…مش محتاج يأكد انو فعلا منه الاحساس كان كافي انو يثبت ليه ده  

كان حاسس بحاجة بتتحرك بوجع جواه
بس وجعها حلو قوي …
زي ما تكون كتلة حجر كانت على قلبه
ووقعت اتفتفتت

قال لنفسه:

= ده أنا…
أنا اللي عملت كده…
أنا اللي جبت البريء ده للدنيا
وكنت هرميه… من غير حتى ما أشوفه."

الممرضة قالتله وهي بتبص للولد:

= هو شبهك…قوي ماشاء الله ربنا يحميه ليكم

كريم مسح دمعة نزلت من غير ما يحس
وقعد على الكرسي…
والولد على صدره

ابتدى يهزّه بإيده،
يهدهده…
هو مش بيعرف،
بس إيده كانت بتعملها لوحدها…
زي الغريزة…
زي الفطرة الي اتولدت لوحدها 

قال بصوت واطي:

= أنا آسف …
أنا كنت غبي… بس إنت علّمتني درس مش هنساه 
شكلك كده صحى فيا حاجات كتيره

بعد ساعات…
الممرضة خرجت عليه
وقالت:

= هي فاقت دلوقتي …و عايزاك

قام
الطفل معاه
ودخل على أوضتها

حنين كانت نايمة
وشها مجهد…
بس عنيها فتحت ببطيء 

أول ما شافته…
وشافته شايل الطفل
ودموع في عنيه…

اتنهدت وقالت:

=  ولد؟

هز راسه:

= "أيوه… ادهولها  بهدوء 
خدته منه قربته ليا اول ما شفته دمعت نسيت اي حاجه حصلت ابتسمت من بين دموعي 
يمكن ده احلي حاجه حصلتلي لحد الان 
بس مقدرتش اتكلم كنت مرهقه جدا البنج مأثر عليا 
بصيت لكريم وعيوني بتقفل كنت بجاهد نفسي اني افضل صاحيه بس مقدرش ونمت....نمت وانا خايفه اقوم ملقهوش جنبي...

قمت بعدها بكام ساعة
كنت نايمة، بس مش نايمة كنت بحلم احلام غريبه انو كربم اخده مني ومشي....الوجع الوحيد الي مش هقدر استحمله فتحت عيوني وانا خايفه ببص عليه قلبي ارتاح لقته جنبي وكريم قاعد علي الكرسي بيبصلي بنظره مقدرتش افهمها هل حزن ولا حب ولا اي بالظبط زي ما يكون بيفكر في الي جاي 
اتنفست براحه لما شفت ابني جنبي كنت
كل ثانية ببص عليه 
بشمّه… بلمس صوابعه الصغيرة…
وبحاول أصدّق إنه فعلاً ليا
وإنه ماخدوش مني

لكن عينيّ كانت على كريم،
واقف جنب الحيطة ساكت 
بس عنيه علي الطفل

وكل لحظة يبص له…
قلبي يضرب أكتر 
الخوف جوّه بيكبر مش عارفه هيعمل اي 

الممرضه دخلت تشوف المحلول الي في ايدي وخرجت بدون كلام 

أول ما  خرجت
وبقينا لوحدنا تاني 
قمت
ونزلت وقعت علي الارض 
وكنت ببعيط بصوت مكتوم:

= كريم… بالله عليك… متاخدوش مني…
خد أي حاجة… خد عمري، بس… متاخدوش هو
أنا عايشة عشانه…
ولو هتطردني، اطردني…
بس سيبه معايا بالله عليك وانا اوعدك هختفي من حياتك نهائي

كان باصصلي…
ووشه مش باين فيه غضب
ولا سخرية
ولا حتى قسوة زي زمان…
كان باين عليه إنه موجوع

وقاللي وهو بيوطّي عليا:

= "أنا مش هعمل كده يا حنين…
أنا مش هكرر نفس الغلط مرتين 
هو ابنك قبل ما يكون ابني…
وانتِ أمه… ومفيش حد هيقدر ياخد مكانك 

بصتله وانا مش مصدقه الي بيقوله بس صدقت نظرته كانت صادقه وصوته 
قومني وقعدت علي السرير تاني وهو قال:
هروح اجيب اكل واجي اكيد انت جعانه كمان الدكتور قال انو حالتك شبه مستقره عشان كده هنضطر نقعد هنا يومين 
هزت دماغي ليه وانا ببصله بهدوء كاني بقوله انت صادق ولا بتخطط لحاجه تكسرني بيها تاني

بعد يومين
خرجنا من المستشفى،
أنا ماسكة ابني، حضناه كإني خايفة حد يخطفه من إيدي
حتى وهو سايق…
كل ما يبص في المراية، ألاقي عينيه على الطفل.

كنت بحاول أخبي القلق الي حاسه بيه 
بس جسمي بيترعش لوحده من الخوف 
مش عارفة أصدّقه…
هو بجد هيوديني معاه؟
ولا دي خطة؟
ولا ضعف لحظي؟
ولا ندم هيروح بكرة؟

وصلنا البيت

أنا نزلت بسرعة،
واخدت طريق البدروم…
رجلي رايحة لوحدها
المكان اللي اتعودت أستخبى فيه…
مكان الأمان الوحيد في بيت الرعب

بس وأنا داخلة السلم الحديد…
سمعته بينادي عليا:

= "حنين!!"

اتجمدت
قلبي وقع
وضميت ابني أكتر…
مشيت أبطأ…
كنت هقول له "حاضر" وأنا نازلة
بس اتفاجئت…

قال بصوت هادي:

= مش هتنامي تحت تاني…
في أوضة فوق… جنب أوضتي
مفتوحة ليكي، ولابنك

بصيت له…
الدنيا لفّت بيا
قولتله بسرحان وسؤال محتاجه اسمع اجابته 

= ليه؟

ردّ وقال:

= علشان تستاهلي تعيشي زي بني آدمة…
ولإن ده بيتك برضو، غصب عني وعن الدنيا

دخلت الأوضة نفسها الي كنت قاعده فيها من ايام ما مدام سميحه كانت عايشه 
الاؤضه كانت 
واسعة… سرير نضيف…
شمعة خفيفة من نور السما

قعدت
وابني في حضني
وكريم واقف عند الباب
مابيتكلمش
بس عينيه بتقول كتير

وأنا…
كنت لسه خايفة
لسه مش مصدقة
بس جوايا صوت بيهمس:

= يمكن… يمكن لسه فيه أمل....

لقيت هدي جايه تجري عليا بخوف اتخطت كريم الي واقف مكانه مش عارفه هو عاوز اي

=حمدلله علي سلامتك ي بنتي قلقت عليكي خالص بس استاذ كريم طمني انك بخير 
بصيت للبيبي وبصتلي جامد وبعدين بصت علي كريم وقالت:
د....دا شبه دا شبهو ازاي...هو.....كريم ده...هو نفسه الي حكيت عنه قبل كده 

بصتلها وانا متوتره ومش عارفه اتكلم بصت لكريم بخنقه وهو بص في الارض وخرج بدون كلام

مسكت ايدي وقالت:
شايفه انو بدأ يحن بسببه يمكن ربنا شايلك حاجه حلوه وانا متاكده ومدام جابك معاه يبقي نيته خير ان شاءالله 
قامت وهي بيتقول بابتسامة:
هعملك فرخه مسلوقه كده حلوه واجي 

خرجت وقابلت كريم في وشها بصتله بعصبيه وكانت لسه هتتكلم بس هو قال:
عارف عاوزه تقولي اي متخافيش انا يمكن وحش بس مش ندل لدرجه اني اتخلي عنه 

بصتله بصمت ومشيت

تاني يوم…
كنت لسه نايمة 
وابني في حضني
وبفكر:
هل اللي حصل امبارح حلم؟
ولا الدنيا قررت تصالحني شوية؟
وياتري اي ممكن يحصلي بعدين 
فجأة 
باب الأوضة اتفتح فجأة
كريم دخل…
ومعاه راجل كبير، لابس جلابية، وعمته بيضا
وكان باين عليه إنه شيخ من بتوع ربنا اللي وشه كان منور 

أنا اتفزعت
حضنت ابني أكتر
والراجل دخل بصلي باستغراب

كريم قال بصوت ثابت:

= يا شيخنا… دي مراتي
كنا متجوزين عرفي…
وحصل حمل…
ودلوقتي عايزين نكتب رسمي، علشان نسجل الطفل
......
الشيخ بصله وقال:
......

في ناس كده كومنتاتها في قلبي بشوفها والله 
بس لو هرد عليها كلها مش هلحق لا افكر ولا اكتب عذرا بقي منكم استحملوني
تحياتي للجميع 
اهالي سوريا،وليبيا،والجزائر...
تحيه خاصه لاكتر حد كتب كومنتات شفتها كلها
"ماجدة جميله "

الفصل السادس 
وعينه وسعت
وقال:

= إنت بتقول إيه ي ابني؟
اتجوزتوا عرفي من غير شهود ولا ولي؟
والله دا مش جواز دا لعب في الحرام!
وحملت منك؟!
إزاي؟! تقبل كده واستنيت لحد ما ولدت ولسه بتفكر تعقدوا رسمي اي عقل بشري انتم

كريم بص في الأرض وسكت 
أول مرة أشوفه بيتكسف بالشكل ده
والشيخ فضل يقول:

= اتقِ الله يا ابني...
إنت راجل وعارف الدين كويس 
ورغم كده سبتها لحد ما تولد 
والنهارده جاي تكتب ورق عشان العيل يتسجّل؟
ربنا فاكره غايب عنك دا شايفك كويس؟

أنا كنت ساكتة وانا بسمعه وعيوني علي كريم الي مش قادر حتي يرفع عيونه للشيخ 
كل كلمة من الشيخ كانت بتخبط فيا...
وفيه
بس ماكنتش برد 
كنت ضامة ابني...
وساكتة كأني مش هنا
الشيخ تنهد
وبعدين قال:

= خلاص... هنكتب العقد
وهجيب الشهود
وهنسجله بتاريخ قديم
وربنا غفور رحيم 

كل خلية في جسمي بتترعش...
مش عارفة إيه اللي بيحصل

الشيخ قرب مني سلّم عليا وقال بابتسامة خفيفة:

= أهلاً بيكي يا بنتي...
أنا عرفت إنك متجوزة من كريم عرفي
وإنك حملتي منه
وجايين نكتب الجواز رسمي علشان نثبت النسب
وده شيء محترم... وربنا بيحب الإصلاح ومش هلومك علي حاجه ولا هسال 

بس كنت ساكتة،
ما أدرش أنطق...
لو الشيخ عرف الحقيقة؟
لو عرف إن مفيش جواز، وإن الحمل جه من وجع وخديعة؟
ساعتها كريم هينهار، والشيخ هيمشي، وابني... مش هيكون ليه حتي اسم...

ففضلت ساكته

بس كريم...
كان باين عليه إنه شايل جبل فوق كتافه
ساعتها حسيت إنه بيبص للشيخ زي اللي بيطلب غفران منه.....
مش مجرد عقد

جِه الشهود
والشيخ بدأ في الإجراءات
كله بيتم زي ما بيقول الشرع
وكريم بيرد على الأسئلة
وانا... كل كلمة بتمضي على قلبي مش على الورقة

لما جيه الشيخ سال علي اسم البيبي 
أنا اتكلمت بسرعه:

= اسمه محمد...
على اسم النبي

كريم بصلي بابتسامة وسكت...

الشيخ ابتسم وقال:

= اللهم صلّ وسلم عليه...
اسم جميل، وإن شاء الله يكون من الصالحين 

وبعد ما كتبنا وكله خلص ...
الشيخ لف لنا وقال وهو خارج:

= ربنا جمعكم بالحلال...
ابدأوا صفحة جديدة
وخلوا ابنكم يكون شاهد على حياة فيها طهارة وسُترة

أنا كنت باصّة في الأرض
ومفيش صوت طالع مني
أما كريم...
كان باصصلي
بس نظرته مش نظرة راجل كسب 
كانت نظرة حد خسر كتير... وبيحاول يرجّع اللي يقدر عليه

لما الشيخ مشي
وإحنا بقينا لوحدنا حتي هدي مشيت 
كريم مقربش
قعد بعيد، بس مش بعيد قوي...

= أنا عارف إنك ساكتة...
بس سكاتك ده أعلى من أي صوت
وعارف إنك بتفكرّي أنا ليه عملت كده؟
الشيخ ميعرفش...او انا ليه كذبت 
بس أنا...
أنا مقدرش أكدب على نفسي
أنا بكتب دلوقتي لأني كنت جبان
ويمكن مش عايزك تسامحيني
بس عايز ابني يعرف إن أمه ستّ عظيمة...
اتظلمت واتكسر قلبها... بس ما رضيتش ترجع للغلط 

أنا ما سألتوش قدّام الشيخ...
بس وأنا قاعدة،
وابني نايم،
ببص عليه،
وفجأة سألت وأنا عيني ليه:

= هو انت عملت كده عشان تبقى أب؟
ولا عشان تخلّيني مراتك؟
ولا عشان تلمّ الجرح... وتلمّ صورتك قدام الناس وقدام نفسك؟

سكت
وما ردش...
بس لأول مرة
شفت عينه بتحمر من الدموع

قعد على الكرسي اللي جنب السرير
وأنا كنت على طرف السرير
وابني نايم في حضني...
كنت سامعة كل نفس بيطلع منه

وفجأة قال بصوت واطي...
صوت غريب، مش متعوده عليه منه:

= أنا عمري ما كنت بني آدم طبيعي...

سكت
حسيت فيه كلمة كبيرة جاية
وهو كمل:

= أبويا مات وأنا صغير...
وأمي اتجوزت راجل تاني... وسابتني
قالتلي هتعيش مع عمتك
وعشت فعلاً
بس طول عمري كنت ضيف تقيل...
مش ابن البيت

كان صوته فيه وجع
مش صوت راجل... صوت ولد صغير تايه

= كبرت...
ودخلت جامعة، واتخرجت،
واشتغلت في شغل أي كلام...
بس مكنتش بشوف بكرة...
مفيش هدف، مفيش حب،
كنت ماشي وخلاص
والحرام كان دايمًا أسهل طريق قدامي
كنت بغلط... وأضحك... وأنام
وعشان عمتي مكنش عجبها حالي فسبتها رغم انها كانت في اشد الحاجه ليا بنتها ماتت وملهاش حد 
وانا كنت شايف نفسي وبس وعاوز اعيش بالطريقه الي انا شيفها صح...

سكت تاني
وأنا ما قطعتوش...
ولا بصيت له...
بس قلبي كان بيسمع

= أول مرة شفتك...
كنتي بتعيّطي قدام المستشفى
كنتي متبهدلة
بصراحة؟
أنا ما كنتش بفكر أساعدك...
بس حاجة فيكِ شدتني
مكنتش عارف وقتها دي شفقة؟
ولا فضول؟
ولا يمكن ضعف مني؟
بس قربت...
وكنت باين عليّا إني بعمل خير
بس الحقيقة... الشيطان كان سابقني بخطوة

قالها...
وبص في الأرض

= أنا غلطت
وكنت عارف إني بغلط،
بس عملتها...
ولما عرفت إنك حامل
اتجننت
مش عشان الولد
لأ...
عشان اتحطيت قدام حاجة عمري ما واجهتها:
المسؤولية"

= كنت عايز أهرب
زي كل مرة بهرب فيها من كل حاجة...
بس يوم ما سمعِت صوتك من تحت...
وأنتي بتصرّخي في البدروم،
قلبي اتحرك
لأول مرة من سنين...
مشيت ناحيتك
ولقيت نفسي بشيلك
وبجري بيكي...
كنت خايف...
بس في نفس الوقت، حسيت إن ربنا بيديني فرصة
العيّل اللي في حضنك ده؟
هو الباب اللي رجّعني للحياة...
رجّعني لبُني آدم كنت ناسيه جواي

أول ماشلته حسيت باحساس غريب عليا أول مره احس بيه احساس قوي جدا علي قلبي كاني كنت تايه ولقيت نفسي في لمسته كانت كأنها دار امان 
دموعي نزلت من غير ما احس لدرجه اني استغربت نفسي ازاي...ازاي ممكن طفل يعمل كده فيا لحدما ايقنت انو فعلا ده شعور الابوه يمكن كنت محتاجه من زمان ولاني اتحرمت منه وانا صغير
حسيت قد ايه الشخص بيبقي محتاج الشعور ده...

سكت ودموعه نزلت وبعدين رفع راسه
بصلي
وقالها...
من غير ما يرفع صوته:

= أنا آسف يا حنين...
آسف على كل ثانية ظلمتك فيها
وكل لحظة كنت فيها جبان
آسف إني سبتك تولدي لوحدك
وتتعبي
وتخافي
وتنهاري...
وانا شايف وساكت

أنا ما رديتش،
كنت ببص على ابني
بس دموعي كانت بتنزل...
من غير صوت

هو سألني:

= "هتقدري تسامحيني؟"

سكت...
بس كنت بقول جوايا:

= لسه...
بس يمكن يوم ما...
بس مش دلوقتي 

بعدها الايام كانت بتمر 
كنا عايشين...
زي اتنين غُرب
في بيت واحد
لكن كل واحد فينا في عالم تاني
الورق مكتوب، والاسم اتسجّل
بس القلب لسه زي ما هو 

كريم كان بيحب محمد
وأنا كنت شايفة ده
شايفة نظراته
والخوف في عينه عليه
والندم في كل حركة منه ناحيتي

بس عمره ما حاول يلمسني
ولا حتى يقرّب
وكأنه بيقولّي:
"أنا هنا... بس مش هدوس على وجعك تاني

في يوم...
كنت في الحمام...
وبستحمي
ومحمد فجأة عيّط
كان صوته عالي...
وأنا قلبي وقع
لكن قبل حتى ما ألف فوطة وأخرج
سمعت صوت كريم بيفتح الباب
وبيدخل جري

هو كان لسه راجع من الشغل
وما استناش
دخل على طول يشوف في إيه.

خرجت بسرعة
ملفوفة...
وبحاول أغطي نفسي،
لكن اتفاجئت بيه واقف في الأوضة
شايل محمد
وعينيه عليا

أنا اتجمدت
حاولت أخبي نفسي...
لكن معرفتش

كان باصصلي...
نظرة غريبة
فيها استغراب، وكسوف، وشيء تاني...
مش مفهوم

محمد كان هادي...
ساكت في حضنه
وكأنه حاسس إن أبوه هو اللي طمّنه

كريم لف وشه
حط محمد على السرير
وساب الأوضة...
من غير كلمة

أنا فضلت واقفة...
مكتفة نفسي بالفوطة
وراسي مليانة اسأله

ليه بصلي كده؟
ليه مشي؟
هو خايف؟
ولا بيحاول يحترمني؟
ولا بيهرب من إحساس لسه مش مستوعبه؟

وفي اللحظة دي...
حسيت بحاجة غريبة جوايا

أنا اللي بقالها شهور بترجف من اسمه
النهاردة قلبي دق...
بس مش من خوف
من حاجة تانية...
حاجة أخطر:
الاحتياج.....الاحتواء...الامان....الحب
وعند اخر نقطه وقفت هل انا ممكن احبه فعلا ولا دا مجرد سؤال.....

من بعدها
بقينا بنشوف بعض أكتر،
بس من بعيد بردو.
أنا بقيت أحس إنه بيبصلي...
مش زي زمان
مش نظرة امتلاك، ولا نظرة ذنب

نظرة حد شايفني...
شايف ستّ اتغيرت، واتكسرت، وقاومت ولسه عايشه

وأنا؟
بقيت لما أسمع مفتاحه في الباب
قلبي يتحرك

مش علشان بحبه
ولا علشان نسيت الي عمله
بس علشان...
ماعدتش حاسّة إني لوحدي تمامًا
الخدم كانوا مبسوطين...
شافوا في عنينا حاجة اتغيّرت
أنا مش عارفة هي إيه بالظبط
بس كانت شبه الراحة

كريم بقى بيضحك...
وبقى بيشيل محمد من نفسه
وبيسألني لو عاوزة حاجة...
مش أمر...
سؤال حقيقي

وفي يوم قاللي واحنا قاعدين علي السفره:

= أنا قررت أبيع الشقة القديمة بتاعتي
والمحل بتاع عمتي...
هفتح شركة صغيرة
أنا خريج بزنس...
وآن الأوان أشتغل على حلمي

وأنا سكتة...
بس جوايا صوت بيقول:
يعني ناوي تعيش بجد؟
مش تهرب؟
وفعلا كريم 

فتح شركته صغيره ليه 
وبدأ يشتغل جد
وفلوس بقت تدخل
وحياتنا بقت أهدى 

الأوضة بقت أنضف
اللبس بقى جديد
الأكل بقى من بره
وحتى محمد بقى عنده عربية أطفال شيك...
بس كل ده؟
ماكسرش المسافة بيني وبينه

بقينا زوجين قدام الناس
بس أنا عارفة...
و متأكدة
إننا جُوّه البيت... غرباء

هو مش بيقرب
ولا بيطلب،
ولا بينادي بـ"مراتي"...

وأنا؟
مش قادرة أقوله "جوزي"...
حتى وانا متجوزاه

كل يوم بيرجع من الشغل
يحضن محمد،
ويبصلي ويقول:

= عايزة حاجة؟

وأنا أقول له:

= "لأ... شكراً

وأسكت

بس جوايا سؤال بيصرّخ:

= هو لسه خايف يقرّب؟
ولا هو شايفني لسه موجوعة؟
ولا هو... مش قادر يحبني؟"

وكل يوم
بننام في أوضتين...
وبنعيش كأننا في فيلم صامت
نفس المشهد... بيتكرر
بس ولا كلمة بتتغير

بس الحياة مش دايما حلوه عشان كده لازم ترجع تدبحني لان الي حصل بعد كده كان قساوة جديده من البشر....وكان الحياة بتقولي متفرحيش قوي...

في  يوم كريم كان راجع  من  الشغل وزي  العاده دخل لعب مع محمد  شويه وبصلي بابتسامه ونظره غريبه ومشي 
استغربت اول مره يبصلي كده 
هل دي نظرة الحب الي بيقولوا عليها،هو كريم  ممكن فعلاً يحبني 
قطع تفكيري صوت  جرس  الباب 

= هدي  لو سمحت  ممكن  تفتحي  الباب  
خرجت هدي من المطب بابتسامه

= حاضر يا ست البنات… جاية أهو

راحت تفتح الباب وهي لسه مبتسمة
لكن أول ما الباب اتفتح، وشها اتبدّل في لحظة
الابتسامة اختفت… عينيها وسعت… 

بصّت قدامها وقالت بصوت واطي:

= إنتِ؟!

الست اللي واقفة كانت لابسة شيك، واقفة بثقة…
بصتلها وقالت بهدوء مميت:

= إيه يا هدي؟ مش فكراني ولا إيه؟

هدي اتلخبطت…

= لأ… يعني… مش معقول… 

تعليقات



<>