رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السابع والخمسون57 بقلم نجمه براقه

رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل السابع والخمسون57 بقلم نجمه براقه 
الفصل السابع والخمسون  
                        صدام
كنت ماشي وراهم بالعربية مش عارف هيوصلوا بي لفين لحد ما وقفوا عند عمارة قديمة في منطقة بعيدة خدت ساعة ونص مشي بالعربية علشان نوصلها.. 
طلعت من العربية، بصيت للمكان من حوليَّ، كان اشبه بوكر مجرمين.
بصيت لفوق وعيني لمحت خيال واقف ورا الستاير في الدور التاني من العمارة.. 
بيراقبنا من هناك.. عرفتها على طول مع ان مش باين منها غير ظلال من ورا الستاير البيضاء. 
حاوطوني الأربعة من كل اتجاه وكأنهم هما اللي أجبروني أروح معاهم، مش أنا اللي جاي بمزاجي واشرلي زعيمهم علشان نمشي 

طلعنا فوق وانا برتب في دماغي كلام يتقال بعد كل اللي حصل. 
كان لقاء صعب وبيضغط على اعصابي بس كان لازم المواجهة،. 
لازم اعرف هتقول ايه تاني وهتبرر موقفها ازاي. وصلنا الشقة في الدور التاني وقبل ما يخبط  الباب اتفتح قدامنا...
ولقيتها قدامي عينيها غرقانة بالدموع وبتمدلي ايدها 

كان وشها مجهد وشاحب، كبرت عشرين سنة، او ظهر سنها الحقيقي. اندهشت من سرعة التغير اللي حصل لها.
مكنتش هي دي كاميليا هانم القوية اللي أعرفها طول عمري.  كانت مسخ وشكلها بشع.
يمكن كرهي ليها هو اللي خلاني أشوفها وحشة بالشكل ده، وأحس إيديها زي حبل مشنقة بيتلف حوالين رقبتي ويخنقني لما حضنتني...
مكنتش قادر أتنفس.

فكيت إيديها عني بجفا. وابتعدت عنها، طالعتها بجفا وجمود حطموا عشمها فيَّ وفي رجوعي ليها زي الكلب الوفي.
قالت بكسرة وهي بتبص لايديها اللي بعدتهم عني وكأن لمستهم هتصيبني بمرض:

_ ياه، مش حامل لمستي... 

قلت بجمود: 

_ بعتالي ليه..

_ طيب مش هتسألني اخبارك ايه يا ماما، ده انا كنت فاكرة إنك هتفرح لما تشوفني وتقولي تعالي أحميكي من اللي عايزين يأذوكي...

ضحكت مستهزء من كلمتها وقلت باحتقار:

_ احميكي؟، وانتي بكل جبروتك عاوزة حماية؟ دانتي وقعتي راجل من فوق وما بانش عليكي! ومين؟ أبو ولادك، أقصد أبو ابنك، ده لو كنتي جبتيني منه مش جايباني من حد تاني أنا كمان...

سقطت دموعها، وقالت باختناق:

_ اغلط براحتك، بس عارف؟! أنا مش هزعل منك. هستنى لما أثبت براءتي وأعرف الدنيا كلها إني شريفة، وبعدين هنتكلم... وهفكرك بكلامك ده.

_ لا، خلي عنك. الطب الشرعي نفسه هو اللي هيثبت براءتك دي. الطب الشرعي يا ماما يعني لا تزوير ولا رشاوي. وفضيحتك هتتأكد أكتر، مش هتتنفي."

هزت راسها بسى. خاب أملها إن ابنها ينسى كل اللي عملته، وينسى إنها حاولت تقتل أبوه، ويقف معاها ويحميها.
قالت بهوان:

_أنا بلجأ لمين؟ بقى إنت ابني اللي ربيتك وعلمتك إزاي تكون راجل؟
ده أنا طلعت ربيت التعبان في حجري، أول ما كبر لدغني أنا
يا خسارة تعبي، يا خسارة الحمل اللي تحملته علشانك. ده أنا قلت ارجعي يا بت للراجل اللي بتكرهيه، واللي عنده مشاكل علشان ابنك ما يترباش بعيد عنك..."

مقدرتش اخفي اشمئزازي منها وانا برد مستهزء بكلامها: 

_ وهو الراجل اللي عنده مشاكل ده خلفني إزاي؟ ولا لقيتي عنده مشاكل فقلتي تجيبيله عيال من بره؟! اعرفي بتقولي إيه، علشان كلامك ده هيدينك قدامي ، مش هيستعطفني.. متبقيش تبعتيلي تاني، ابنك اللي كان زي الخاتم في صباعك اتغير ومش هيفيدك"

قولتلها الكلام ده ووليت لها ظهري منصرف عنها، وأنا كلي كره ليها.

صرخت وهي بتلحقني:

_صدام! استنى! مينفعش تعامل أمك ولا تسيبها كده. أنا هاعتبرك عدوي وهحاسبك زيهم لو ما وقفتش معايا!... صدام انا بكلمك.. 

مدتش لزعيقها اي اعتبار، ونزلت درجات السلم بثبات وبدون ما ألتفت ليها.
ولكن في نفس الوقت كنت متوقع ضربة تجيني من الخلف، أو حتى رصاصة تخترق ضهري تقتلني
مكنتش واثق إنها مش هتأذيني زيي زي الباقيين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ
      
                           #رقية 

رجع يختفي من تاني، في الوقت اللي الإنترنت والدنيا كانوا مقلوبين عشانه هو وكاميليا.
وبقت التريندات اللي بنسمع عنها كل يوم هو بقى جزء منها.
كنت بشوف التعليقات ناس متعاطفة معاه. وناس بتستهزأ بيه.
وناس واضح إنهم يعرفوه شخصياً، شمتانين فيه وكأنهم كانوا متمنيين ان حاجة زي دي تحصل معاه.. 
تعليقات كتير كلها تدبح، كنت بدعي ربنا ما يشوفهاش.
ولا حد ينزل صورته فيتعرف من أي حد يشوفه في الشارع.

بعد ساعات من البحث في الانترنت والقلق، اتصل صدام
رديت عليه وأنا كلي لهفة لسماع خبر يطمني:

_ أيوه يا مستر صدام..."

_ حمزة فين دلوقتي؟"

_  هو إنت متعرفش حاجة عنه؟"

امتلأ صوته بالقلق وقال:

_ إنتي قولتي إنه موجود عند صاحبه."

_ ساب المكان اللي هو فيه ومشي. مش عارفين راح فين، كنت متخيلة انك جايبلي خبر عنه.

سكت شوية وبعدين قال:

_ اه انا قابلته من يومين، بس هو مرجعش تاني لصاحبه؟

_ لا.

_ يا الله، هيروح فين تاني.. طيب اقفلي هدور عليه... 

_ لو لقيته طمني.. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ
                            #ياسين

بعد الفضايح بين الناس والتحقيقات والتعب لإثبات إن كاميليا هي اللي  حاولت تقتل زيدان، اتصلوا بيا من القسم وقالولي عاوزني هناك.
روحت على طول، وعلى بالي إنهم لقوها هي أو  حمزة.
ولما وصلت، قابلني الظابط وقال:

_ اتفضل اقعد."

قعدت، وقلت بانشغال:

_ خير يا فندم، في أي جديد؟"

مسك ملف كان قدامه، وقال:

_ ده التقرير الطبي الخاص بأخو حضرتك."

قلت بريبة:

_ ماله يا فندم؟"

حطه قدامي وقال: 

_ بيقول إنه متعافى أخو حضرتك بيدعي إنه في غيبوبة،  بس هو دلوقتي صاحي ومفيش حاجة تمنعه يتكلم.. "
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ

                       #زيدان 

بعد شهور حرمت نفسي فيهم من الحياة في سبيل الوصول لهدف واحد هو اهم هدف سعيت للوصول ليه وبعده معنديش مانع وموت، جه ياسين وضيع عليَّ كل تعبي وفي غمضة عين.
بلغ، والدكاترة فحصوني وعملوا اشعة على المخ، عملوا كل حاجة تأكدلهم إني صاحي بالفعل.. 
وجم عندي وانا لسة مغمض وسمعت صوتهم وهما بيتكلموا بخصوص حالتي. 
كانوا متأكدين اني صاحي. 
قرب واحد منهم، وجاني صوته جنب ودني بيقولي:

_ يا أستاذ زيدان، مفيش داعي للتظاهر بالتعب.
كل الفحوصات والأشعة بتثبت إنك فايق وسامعنا دلوقتي.
افتح عينك وكلمنا علشان في طرق كتير ممكن نستخدمها تجبرك تفتح وتتكلم قدام البوليس..."

لقيت نفسي في مآزق مفيش خروج منه بسببه هو وعصبة الشياطين المحيطين بي، لإثبات جدارتهم في الطب على حسابي.
خربت بيتهم في سري
وفي النهاية مكنش مني إلا إني أستسلم في الوقت الراهن وبعدين أدور على حل. 

فتحت عيني ببطء، مررت بصري بينهم، وشوفتهم واقفين بلبسهم الأبيض محيطين بيا من التلات جوانب.
بصوا لبعضهم وضحكوا، فقال نفس الدكتور وهو بيرتفع من قعدته:

_ حمدلله على سلامتك. البوليس هييجي يحقق معاك كمان شوية."

قالها ونبرته مخليش منها الاستهزاء. صرفت نظري عنه، ف مشوا كلهم.
لحقتهم بنظرات بغض ورجعت أفكر في حاجة أقولها أبرر بيها إدعائي إني في غيبوبة لمدة شهور، من غير ما أبوظ حاجة من اللي بخططلها.

ومر الوقت سريع، ودخل عليا ياسين والظابط وكاتب المحضر. 
ياسين كان باصصلي باندهاش.
مش مستوعب إني مفتح قدامه، مع إنه من يومين بس كان شبه متأكد إني صاحي.

قرب الظابط مني وقال:

_ حمدلله على سلامتك.

مكنتش تعافيت بالكامل،  في ثقل في حركتي وحركة لساني ف خرج مني الكلام بتلعثم

_ الله يسلمك... 

قرّب مني ياسين وقال باستنكار:

_ صاحي من إمتى يا زيدان؟"

تجاهلت كلامه ودورت بعيني بعيد عنه، فأشارله الظابط على الباب وقال:

_ "تفضل استاذ ياسين، هنتكلم مع الأستاذ زيدان شوية وبعدين تقدر تدخل."

  خرج وهو شايل جواه كلام وأسئلة كتير عايز يسألها وانا كنت جاهز لرد. 

قعد الظابط جنبي وقال:

_ مش هنضغط عليك كتير. هنسألك شوية أسئلة وهنسيبك ترتاح."

_ اتفضل

أشار للمحضر للبدء بالكتابة، وقال:

_ مين وقعك من فوق ؟

سكت شوية أراجع في دماغي اللي ناويت أقوله، وبعدين قلت بتعجب:

_ يعني إيه مين وقعني؟ هو حد قالكم إن حد وقعني؟"

قال بنبرة حازمة: 

_ انا سألتك سؤال واضح يا استاذ زيدان، مين وقعك من فوق؟"

_ وقعت لوحدي يا فندم.. 

قال :

_ لوحدك؟!...

_ آه لوحدي. صعبة؟"

سكت شوية، وعينيه بتلاحقني بالشك وبعدين قال مجاريني في الكلام:

_ لا مش صعبة، طيب تقدر تقولي ده حصل إزاي؟

_ كنت طالع استعجل مراتي لإن المعازيم كانوا بيسألوا عليها. وكان في لعبة أو حاجة أنا مشوفتش هي إيه. ضغطت عليها رجلي، اتزحلقت فوقعت."

مقتنعش بكلامي، ضحك بخفوت وقال:

_ يا أستاذ زيدان، دربزين السلم ارتفاعه متر  يعني واصل لأسفل أكتافك. اتزحلقت إزاي؟

_ اتزحلقت يا فندم. وأنا هكدب ليه؟ اتزحلقت."

حد من نظرته وقال: 

_ اتزحلقت ولا بتخبي علشان تنتقم من اللي عمل كده فيك؟"

_ حضرتك جاي تحقق معايا، ولا عايزني اتهم  حد بعينه. 
انا اتزحلقت. ومعنديش مشاكل مع أي حد عشان يحاول يقتلني.. اقولك ايه اكتر من كدة

مزالتش نظرات الشك من عينيه، ذم شفايفه وقال : 

_ طيب  يا استاذ زيدان، هل كنت عارف إن حمزة مش ابنك؟"

قلت بذهول مصطنع:

_ مين قالكم الكلام ده؟!"

قال بنبرة صارمة: 

_ كنت عارف ولا لا؟.. 

_ لا، أفهم في إيه؟ مين قال الكلام ده؟"

قال بحسم:

_ كنت تعرف ولا لا؟"

_ آه، كنت أعرف."

_ عرفت فحاولت تقتله؟"

_ حضرتك بتقول ايه، انا اقتل ابني اللي مربيه؟!، لا يافندم، أنا كتبت حمزة باسمي وأنا عارف إنه مش ابني.. 

تبدل وشه وقال باندهاش:

_ كنت عارف إنه مش ابنك؟... حضرتك فاهم أنا بكلمك عن إيه؟ يا أستاذ، إحنا وصلنا بلاغ إن مراتك كانت هتقتلك لما اكتشفت عدم نسب ابنك ليك."

قلت باندفاع

_ اية اللي بيحصل ده،  مين اللي بلغ بالكلام الفاضي ده، يافندم ده سر محدش يعرفه غيري أنا ومراتي. هي صارحتني إنها غلطت وندمت، وأنا سامحتها وكتبت الولد باسمي."

_ يعني إنت عارف من البداية خالص إنه مش ابنك؟.. 

_ أيوه يا فندم.

_ يعني ما حاولتش تقتله؟.. 

_ يا الله،  أقتل ابني؟! . هو مش ابني آه، بس أنا اللي مربيه اقتله ازاي... لو تقولي  مين قال الكلام الفارغ ده بس "

_ طيب كنت مدعي إنك في غيبوبة ليه؟"

_ لا يا فندم، أنا مش بدعي حاجة. أنا محدش كان بيدخل يطمن عليا، وكله كان مشغول في حياته. كنت زعلان ومكنتش عايز أتكلم وبس."

زم شفايفه وتنهد وقال بتحذير:

_ أستاذ زيدان، لو بتفكر إنك تنتقم لنفسك فأنا عايز أقولك إنك بتوقع نفسك في مشاكل كبيرة، والقانون مش هيسيبك."

واجهت تحذيره ببرود غير مهتم باللي ممكن يفهمه: 

_ أنتقم من مين يا فندم؟ هو حد اعترف على نفسه إنه زقني؟ ولا حد شاف حد وهو بيزقني؟"

_ لا، بس مراتك لما عرفت إننا بندور عليها هربت."

ضحكت وقلت:

_ أديك بتقول عرفت إنكم بتدوروا عليها فهربت. خافت يا فندم. أصل حضرتك مش عارف كاميليا. كاميليا دي إنسانة رقيقة وبتخاف من الهوى، ومش وش بهدلة أقسام."

طالت نظرته ليا بعدم اقتناع، والشك مالي عينيه. لكن مكنش قدامه غير إنه يصدقني وياخد الشخص اللي معاه ويمشي، ومجرد ما خرجوا دخل عليَّ ياسين وقال 

_ انا عايز افهم دلوقتي حالاً اية اللي انت بتعمله ده يا زيدان.. 

قلت ببرود: 

_ اية اللي انا بعمله.. كنت زهقان منكم عملت نايم، ثم انت ازاي تبلغ عن مراتي.. اتصرف هاتهالي، عايز اطمن عليها 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ

                    #صدام 

اتصل بي عمي وطلب مني أروح المستشفى فوراً.. كان صوته يقلق وبيقول إن في مشكلة كبيرة صلت. سألته وأنا كلي إنشغال:

_ في ايه ياعمي، بابا حصله حاجة؟

_ أنا اللي هيحصلي حاجة! أبوك طلع صاحي وبيمثل علينا، تعالى.

لساني اتلجم عن الكلام ف ملقتش كلمة تتقال. 
وقفت لف في الشوارع بحث حمزة زروحت على المستشفى فوراً. 
دخلت أوضة بابا، لقيته قاعد على سريره مفتح عينيه وشكله طبيعي. تبسم بدفيء ومدلي ايده بحركة تقيلة
قربت منه تفحصت شكله بذهول وقلت:

_ إنت صاحي وبتخدعنا كل الوقت ده؟

ابتسم وقال:

_ شايفك زعلان إني صحيت، اهو طلع عندي حق إني أعمل نايم.

قلت باستنكار:

_ إنت بتقول إيه، حضرتك فاهم...

قاطعني صوت عمي ياسين من خلفي:

_ استنى، الصدمات لسه جاية.. أبوك يا أستاذ بيقول إنه وقع لوحده محدش وقعه، وبيقول كمان أنه كان عارف إن حمزة مش ابنه وهو اللي كتبه على اسمه. أبوك طلع بيلعب بينا كلنا!

اتسعت عيني بصدمة.. وقولت باضطراب:

_ كنت عارف وساكت؟

قال بهدوء غريب ملا قلبي بالشك في نوياه:

_ آه كنت عارف. أمك بنفسها اعترفتلي، وطلبت أسامحها وأستر عليها. كنتوا عايزيني أعمل إيه؟

_  يا بابا من فضلك متجننيش، انا من وقت ما انت وقعت وانا دماغي هتتفرتك من التفكير، وحضرتك بتلعب بيَّ، بتلعب بينا كلنا... انت كنت هتقتل حمزة، ف ازاي كنت عارف من صغره إنه مش ابنك وازاي قررت تقتله دلوقتي 

_ أقتله، اقتله، اقتله،  اية الكلام الفارغ ده، مين قالكم انتوا

_ الراجل اللي بعته يقتله يا بابا،  وقدر الموقف شوية بلاش تتكلم بالهدوء ده 

_ راجل مين وقرف إيه؟ وأنا لو عايز أقتله هخلي حد يقتله ليه؟ ما أضربه برصاص وانتهينا.

قومت من جنبه وقلت بانفعال: 

_ يا بابا من فضلك. إنت كنت جايب الراجل لغاية البيت وبتوريله مداخل ومخارج الفيلا، والكاميرات جابتك،  وانا شوفتك بعنيا دول، وهو نفسه اعترف 

ضرب كف بكف وقال:

_ لا إله إلا الله.. بتقول الكاميرات جابتني؟ وأنا لو عايز أقتله هظهر نفسي في الكاميرات مع القاتل علشان أتكشف، الله يهديك، هي امك اللي مش هتسكت غير لما تجننك ؟

دخلني في حيرة كبيرة، مبقتش عارف أتكلم بعدها. فقال عمي ياسين:

_ طيب وإزاي يعني وقعت لوحدك؟ يا زيدان هو إنت عيل علشان تتزحلق وتوقع؟ اعقل الكلام!

_ مالك يا ياسين، هتكفر. وقعت، بعيد عن ربنا. فين كاميليا وحمزة؟

قلت:

_ مالك بيهم؟

_ ابني ومراتي، عايز أطمن عليهم. إلا مالك بيهم؟

مكنتش مصدق كلمة من اللي بيقولها. كان باين قوي إنه بيمثل، بس ليه مكنتش متأكد؟ كنت قلقان منه وحاسس إنه ناوي على حاجة باللي بيعمله ده.

وخرجت من عنده وروحت لرقية البيت، أتاكد من الكلام اللي قالتهولي قبل كده وأعرف ليه كانت مخبية إنه فاق.
خبطت الباب، بعد ثواني فتحتلي.
ولما شافتني تخيلت إني جايبلها خبر عن حمزة وقالت:

_ مستر صدام؟! عرفت حاجة عن حمزة؟

_ ليه خبيتي إن بابا صاحي؟

بعثرت نظراتها وقالت باضطراب:

_ مين قالك الكلام ده؟

قولت بنبرة حازمة 

_ أنا سمعتك بودني بتتكلمي معاه، ودلوقتي عرفنا إنه كان صاحي وبيمثل علينا. ليه خبيتي، ومتكدبيش؟

وطت رأسها وقالت

_ حاضر... انا في الأول مقولتش علشان باباك كان خايف حد يعرف. حسيت إني هشكل خطر عليه لو قولت، وكمان محبتش أزود وجعكم.

قلت باستهزاء ممزوج بالعصبية بسبب سذاجتها: 

_ طيب ومسألتيش نفسك مرة، الراجل اللي قادر يتكلم ده ويحتمي بأخوه وابنه من أي خطر، ساكت ليه ومخبي انه صاحي 

_ فكرت وعرفت السبب. باباك كان عايز يقتل حمزة، وتعبه كان مانعه،  هو كان صاحي بس مش بيقدر يتحرك، ف مكنتش قلقانة منه طول ماهو مستني يخف. 
بس افتكر دلوقتي شال الفكرة دي من دماغه. اهو حمزة متعذب وهي البوليس بيدور عليها، وإلا مكنش اتكلم وقالكم إنه صاحي.

_ ومين قالك إنه هو اللي قال؟ هو انجبر يتكلم، ولما اتسأل عن اللي وقعه قال وقع لوحده، وقال إنه كان عارف إن حمزة ابنه وكتبه باسمه على الأساس ده. بابا لسه ناوي على قتل حمزة!

رغرغت عينيها بالدموع وقالت بإنكار:

_ مش ممكن.. حتى بعد كل اللي مر بيه لسه بيفكر يقتله؟ المفروض يوصل لإيه علشان يعطف عليه ويرحمه؟

تابعت بترجي: 

_مستر صدام بالله عليك لاقيه وسفرنا. أنا مستعدة أهاجر معاه في أي بلد بس ميحصلهوش حاجة.

_ متخافيش، مفيش حد هيقدر يقربله. بس أعرف الأول بابا ناوي على إيه، وعلى أساسه هتصرف.

#رحمة

كانت صدمة للكل لما شافوا زيدان داخل مسنود على إيد ياسين.
محدش كان مستوعب إزاي فاق فجأة كده، أيوة خطواته تقيلة بس كان واقف على رجليه وبيتكلم.

تقدمت ناحيته تيتا وقالت بذهول:

_ زيدان؟، إنت صحيت إمتى؟

كنت مشغولة زيها بالظبط، وبيدور في دماغي نفس السؤال، ولكن دخول حسن من وراهم وشوفته صرفت كل الأفكار دي عني.
قلبي انتفض وعيني جريت عليه بدون شعور.
تقابلتنا عينيا لثواني معدودة قبل ما يعرض عني ويبعدهم ويتجاهل وجودي بالكامل.
أخفيت وجعي تظاهرت بالهدوء قدامهم

ودخلنا زيدان أوضته.
وقفت عند الباب أشوفهم وهما بيريحوه على سريره.
كان هو ده الظاهر، لكن الحقيقة إني كنت واقفة وقلبي بيرتجي نظرة منه تقولي إن زعله والحظر مسألة وقت وهيعدوا.
كنت بتأمل إنه ميكونش قدر يستغنى عني بالسهولة دي.

وبعد ما انتهى من مساعدة خاله، اتحرك من مكانه من غير ما يستأذن من حد.
وجه ناحيتي علشان يخرج، استقبلته بعيني من غير ما أتحرك من مكاني.
عوقت طريقه.
وقف للحظات وهو بيتجنب النظر لي، في انتظار إني أفسحله الطريق.
متحركتش واستنيته يبص لعيني.

لغاية ما أخيراً بصلي...
بصلي من خوفه إن حد يلاحظ.

قال بصوت خافت يملاه التوتر والخوف من تصرفي ده:

_ لو سمحتي، عديني..

انتبه ياسين لخروجه وانتبه لي وأنا واقفة في طريقه ولكنه مفهمش، وقال:

_ رايح فين؟

ظبط نفسه واستدار ليه وقال:

_ مروح، هجيلك تاني.

حرك راسه بالموافقة وممنعهوش
ورجع من تاني يكلم زيدان، ورجع حسن يبصلي للحظات من غير كلام.
تأمل وشي شوية بنظرات تخيلت للحظة ان فيها اشتياق ليَّ.. ولكن سريعاً تنقل بنظره بعيد عني ومر من جنبي وهو بيبعدني عن طريقه ويمشي بخطوات سريعة باتجاه باب الڤيلا

استغليت انشغال ياسين مع زيدان وتحركت وراه، كنت عايزة اتخانق معاه.. ناديته بخفوت

_  حسن... 

وقف فجاة وبصلي وشوفت الهلع في عينيه وكأنه شاف ملك الموت قدامه، مفهمتش سبب الخضة دي غير لما استدار علشان يمشي 
وفي اللحظة دي قلبي خبط بشدة لما دخل صدام علينا وشافنا.. 
تعلقت عينه عليَّ لثواني ولكن تحرك حسن واصطدامه بكتفه شتتوا انتباهوا، وبعد ما خرج جه عندي وقالت

_ مخضوضة ليه، عمي كلمك.. 

ابتلعت لعابي بصعوبة وقلت بتلعثم: 

_ اه،  شـ، شدينا مع بعض شوية، بس صالحني.. 

حرك دماغه حركة بسيطة وسابني ودخل عند ابوه، غمضت عيني وحطيت ايدي على قلبي استجمع انفاسي واهدا من الخضة..
نسيت حسن وحمدت ربنا ان صدام مخدش باله 
مش خوف من مشكلة ممكن يعملهالي،  خوف من خسارته هو تحديداً بعد ما بقى وبدون قصد مصدر امان وراحة لي حتى اكتر من حسن نفسه ومن غير ما يكون ليه مصلحة في ده..

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ

                   #كاميليا 

محاولتش أسيب الشقة، رغم كل حاجة كنت عارفة إن صدام مش ممكن يبلغ عني ولا يقول أنا فين..
وقعدت مع نفسي، عيدت حساباتي من تاني، فكرت مين السبب في كل اللي أنا فيه، ملقتش غير ياسين.
هو اللي اتحداني ومهمهوش إيه اللي ممكن يحصل، مفكرش في سمعة عيلته ، واختار يفضحني ويبلغ عني ومش مهم كلام الناس.. اصبح بيني وبينه تار وحملته ذنب تدمير حياتي 

فكرت  في طريقة ادمره بيها ولقيتها..
لقيت إنه لازم يعيش نفس الشعور القديم، لازم يتكسر مرة تانية.
بس إزاي؟ كان صعب من غير دليل.
مكنش عندي أي فكرة عن الشخص اللي رحمة على علاقة بيه، وكان من الصعب إني أعرفه وأنا بعيد.
بس كان لازم أحاول..

كلمت واحد من الرجالة وطلبت منه يراقب الفيلا من بعيد، ولو شافها خارجة لأي سبب أو مع أي حد يراقبها ويركز حتى في نظراتها لاي حد حتى لو متكلمتش معاه

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ
                            #حمزة

بعد مشي كتير لقيت نفسي في شارع غريب كله ضلمة، وريحة الحشيش  منتشرة في المكان، وكلاب ضالة ماشية في الشارع بتهوهو عليَّ..
وعلى عكس البني آدمين، لما مكلمتهمش سابوني ومشيوا.

اترميت بحملي كله جنب شجرة أريح رجليا اللي الألم كان بيجري فيهم بشكل غير محتمل.
ريحت راسي على السور المحيط بالشجرة وغمضت عيني بتعب... 
غلبني النوم وعيني غلفت، مر الوقت وصحيت على حد بيحركني برجله وأنا نايم على الأرض.

ارتفعت من نومتي وبصيت لشخص ده، لقيت شاب يجي في العشرين او يمكن معدي التلاتين ولكن مش باين عليه بسبب قصره ومنظره اللي بيقول انه مبيستحماش.
كان ماسك مطوة رافعها عليَّ وبيأشرلي بيها عشان علشان اقوم.
مدتلهوش اهتمام وفركت جفوني علشان افوق فجاني صوته جهوري  بيقولي:

_ انا مش بكلمك يا جحش انت.. قوم!!.. 

نزلت إيدي عن عيني وبصتله من غير كلام.
الكلام بقى صعب وبيحتاج جهد عشان يتنطق.

وضايقه سكوتي، اشتعلت عينيه بالغضب وكأنه مش متعود إنه يكلم حد وميردش عليه.
مسك ياقة قميصي، رفعني ومن غير معاندة قومت معاه.
و وقفت قصاده.. 
فبقى أقصر مني بكتير، وهو جنبي حاجة صغيرة ضعيفة مش مستقوي غير بمطوته.

سابني وقال وهو بيشوح بالمطوة في وشي:

_ ميغركش طولك، على الطلاق أعملك عملية  أطلع مصارينك قدامك. انطق ياض، إنت مين وجاي ليه هنا؟

اتلم على صوته مجموعة شباب شبهه، جم عندي واتلموا حولي.
قال واحد منهم وكان في نفس طولي تقريباً:

_ إنت مين ياض وإيه حدفك علينا؟

مردتش
وسكوتي استفزه، مسكني من هدومي شدني ليه وقال وهو بيضغط على اسنانه بغيظ:

_ لما أكلمك ترد، لا أكسرلك إيدك التانية!

قابلت شدته بتبلد، مشاعر متجمدة، مكنتش خايف منهم ولا حاسس بأي حاجة.
زي التايه، مش عارف أنا فين ولا إيه اللي ممكن يحصل بعد ثواني ولا إيه اللي ممكن يخلصني منهم..
وفضلت ساكت من غير ولا كلمة ولا محاولة لفك ايده عني
التفوا حولي وبدؤوا يدوروا في هدومي ومطويهم مرفوعة عليَّ

_ حمزة

جاتني الكلمة دي بصوت أعرفه فوقني من الحالة اللي كنت فيها.
التفت الكل لصاحب الصوت بما فيهم أنا، لقيت مروان، اللي باين إنهم يعرفوه. قال واحد منهم:

_تعرفه؟!!

قرب مني بخطوات سريعة، وقف جنبي وقال وهو بيبعد إيديهم عني:

_اه ده صاحبي، اتفقنا إنه يستناني هنا..

بصلي الولد من تحت لفوق وبعدين قرب مني، ضرب على رقبتي ضربات خفيفة وقال وهو بيشدني ناحيته:

_المرة دي خدت إفراج، بس المرة الجاية مش هعتقك لو مين جه... 

مروان مسك إيدي وبعده عني وقال:

_خلاص يا باشا، الأستاذ زي ما أنت شايف دراعه مكسور، ميقصدش.. تعال يا حمزة.

خدني لبعيد وقال:

_إيه جابك هنا..؟

مجاوبتوش بكلمة، فتنهد وقال:

_أنا باجي أجيب الكيف من هنا، والحمد لله إني جيت الليلة وإلا مكنوش رحموك، دول عيال لبط..

زهق من عدم ردي فربت على دراعي وقال:

_استناني خمسة وراجعلك، مش هتأخر. أوعى تمشي، الشارع لسه فيه كتير..

سابني وجري عليهم من تاني، وقف معاهم شوية وبدأ يطلع فلوس من جيبه.. 
متأخرش ولكن انا حسيت بالملل من الانتظار، فمشيت بخطوات بطيئة ناحية الشارع التاني من غير مقصد ولا وجهة.

بعد لحظات، سمعته بينادي وصوت وقع أقدامه بيقرب.
كملت مشي من غير ما ألتفت له.
وصلني بعد ثواني، وقف في طريقي وقال وهو بيلهث من التعب:

_إيه يا عم، بنادي عليك مش سامعني! رايح فين..؟

مردتش، فقال بنبرة مخليتش من الشفقة:

_أنا عرفت من ياسر إنهم مش لاقينك، تايه ولا ماشي بمزاجك..؟

درت له ضهري ومشيت.
لحقني وقال بنبرة مشحونة بالندم:

_أنا عارف إنك زعلان مني، بس والله العظيم، الملعون اللي اسمه حازم هو اللي ملا دماغي من ناحيتك.. ودخلني في حوارات أنا ماليش دخل بيها..

مكنتش مركز في كلامه، مفرقش معايا غير اسم حازم اللي اتذكر في النص.
حسيت نفسي بتخنق والمشهد بيتعاد قدامي.
التفت ليه وقلت من غير مقدمات:

_عايز أجرب الحشيش..

تخيلت إن في الحشيش راحة، وإنه ممكن ينسيني كل حاجة.. أو يكون سبب في موتي وأرتاح.

رد باستغراب:

_حشيش؟

_آه..

_ليه؟ دي كتبته وحشة قوي.. بلاش حشيش، خليك في السجاير.. 

_ عايز حشيش.. 

قالتها بتبلد وبدون السماح بأي نقاش
فكر شوية وبعدين تنهد وقال:

_طيب، تعال نمشي من هنا قبل ما تيجي كبسة ولا حاجة..

روحت معاه من غير ما أسأله رايحين فين.
وصل بينا شارع في منطقة راقية، عكس المكان اللي لاقاني فيه.
طلعنا عمارة هناك، وصلنا للدور التالت، وشوفت شقة مفتوح بابها وصوت أغاني وضحك وهزار طالع منها، شبه الشقق اللي كنا بنسهر فيها زمان.

خدني من إيدي ودخل بيَّ هناك.
كانت شقة مليانة شباب وبنات أول مرة أشوفهم.
كانوا كلهم بيشربوا سجاير وحشيش وخمرة.

دورت بعيني في المكان لغاية ما وقفت عند شاب حاضن بنت من الخلف وداخل بيها الأوضة قدام كل الموجودين.. 

واتنين تاني خارجين من الحمام يعدلوا في هدومهم والروج مالي وشهم. 
مررت عيني على جهة تانية شوفت اتنين بيبوسوا بعض.

كانت شقة أشبه لشقة دعارة، بس عصرية شوية.
مفرقتش كتير عن الشقق اللي كنت بروحها، وكنت واحد منهم كمان.. الفرق الوحيد إني معرفش ولا واحد من الموجودين.

دخل مروان وقال:

_هاي شباب!

الكل انتبه له وهما بيردوا عليه، قبل ما يشوفوني وتتسلط نظراتهم عليّ.
كنت سامع همهمتهم وهما بيتهامسوا عليا وضحكتهم الساخرة.
مكنتش سامع بيقولوا إيه، لكن مقدرتش أتخيل إنهم بيتكلموا عن حاجة تانية غير إني ابن حرام.

بعدت وشي عنهم، وجلّت بعيني في المكان لغاية ما شوفت بنت واقفة جنب البار وولد جنبها بيهمس بكلام في ودنها وإيده على وسطها.
مدتلهوش أي اهتمام وكان كل تركيزها معايا، بتبصلي بانبهار وابتسامة غريبة على وشها..

تعكرت ملامحها مع  تقرب الولد منها 
بعدته عنها بزهق وبعدين مشيت باتجاهي ولسة عينيها عليا.
وقفت أنا مكاني في انتظارها وأنا حاسس بانقباضة صدر غريبة أول مرة أحسها، يمكن علشان كنت متوقع إنها تعرفني وهتتكلم في اللي حصل معايا..
وفجأة ومجرد ما وصلتني وقبل ما تتكلم، إيد مروان شدتني.

خدني لعند الباقين وقال:

_اعرفكم، ده محمود صاحبي...

تجولت بعيني عليهم كلهم أدور عن رد فعلهم عن اسم "محمود" اللي مروان سمهوني من غير ما يسألني. مشوفتش الاستغراب، وكانهم ميعرفونيش ولا سمعوا عني..
قرب واحد منهم وقال باستهزاء:

_ومين كسر دراع الأستاذ محمود؟

رد مروان وقال:

_ولااا، فكك، الواد مش ناقص رخامة. محمود نفسيته تعبانة، عاوزين نفرفشه..

ضحكوا كلهم وقال واحد منهم:

_نرقصله يعني ولا نعمله إيه؟

فجأة حسيت بإيدين على كتافي من الخلف، دورت راسي وبصيت لصاحبها لقيتها نفس البنت.. قالت بابتسامة وهي بتتامل شكلي بنظرات جريئة:

_وفيها إيه لما نرقصله، ما احنا بنرقص كل؟ بس إيه معكنن... محمود 

مشيلتش عيني من عنها، مش إعجاب ولكنه قلق وريبة. مكنتش طبيعية وغريبة عن كل الموجودين زيي بالظبط. أغرب واحد في الشباب، دراعي مكسور، مظهري متبهدل، وتعبان. وهي سابتهم كلهم وجت عندي أنا تحديدًا، غير مهتمة بحد ولا حتى بالولد اللي كان معاها وعينه بتطلع شرار وهو بيبصلي وكأن بيني وبينه مشكلة أو بخطفها منه.

خدني مروان من إيدي وبعدني عنها وقال لها:

_سيبي الواد يا ميمو مش حملك.. تعاله يا بني.

قعدت في المكان اللي مروان قعدني فيه، وهي مشيت باتجاه ولد كان بيغير في الأغاني من أول دخولي.
شيحت بوشي عنها ورجعت أبص للموجودين بدون ولا كلمة، حاسس بخنقة ونفور من المكان، لغاية ما اشتغلت أغنية جديدة..
وقف الكل وبدءوا يصيحوا، وعملوا دايرة في المكان وكأن الأغنية دي علامة على حاجة.
ورجعت البنت دخلت وسطهم رافعة إيديها وبتصرخ بجنون قبل ما توقف لثواني قصادي وتغمزلي بدلع وكأنها بتقولي إن الرقصة دي عشاني انا.. 
وبدأت ترقص وتتمايل بوسطها وتردد مع الأغنية 

كان أسلوبها مميز ومألوف، شوفت الدلع ده مرتين قبل كده مع رقية أول مرة لما سكرت، وتاني مرة ليلة دخلتنا..
رجعت افتكرها وقلبي يحنلها..
انشغلت بيها عن كل الموجودين حتى عن البنت اللي عيني في عينيها من أول ما بدأت ترقص.
روحت أفكر فيها وقلبي يلح عليا عشان أكلمها..
حاولت اتجاهل الشعور ده ومسلمش ليه بس مقدرتش.. 

قومت من مكاني وقفت في زاوية بعيد، مسكت التليفون، جبت رقمها قدامي وترددت كتير قبل ما اتصل بيها..
رنيت، حطيت التليفون على ودني وأنا قلبي بينبض بشدة وبقول يا رب ما ترد...
ولكن بعد ثواني معدودة ردت كأنها مستنياني، قالت بلهفة:

_ألو.. حمزة، حمزة!

فضلت ساكت بسمع صوتها وبس.
سكتت شوية وبعدين قالت بصوت مهزوز:

_أنت؟ مبتردش ليه..

مجاوبتش، فقالت:

_إيه، صوتي وحشك ومتصل تسمعه؟

منعت نفسي من الرد. وبعد صمت طويل مني قالت:

_يبقى صوتي وحشك.. بس أنت وحشني كلك، وبتعذب من غيرك. علشان خاطري ارجع ونعديها مع بعض. هكون جنبك، مش هسيبك غير لما ترتاح.. 

قفلت الخط ورجعت قفلت التليفون وحطيته في جيبي.
مكنتش عايز أتكلم في حاجة، مكنتش عايز أرجع، ولا عايز أرتاح.
كنت عارف لو رجعت هتعمل كل اللي تقدر عليه علشان تنسيني، وأنا لو نسيت هكون بخون نفسي.
مكنتش شايف لنفسي غير نهاية واحدة هي الموت، أو إني أعيش لوحدي لغاية ما أموت برضو سواء دلوقتي أو بعدين. بس الحياة العادية الهادية مبقتش تناسبني، ولا أنا ولا المجتمع اللي عايش فيه هيقبلها..

"واقف بعيد ليه؟ رقصي معجبكش؟"

قالتها نفس البنت وهي بتحط إيديها على كتافي من الخلف.
بعدتهم عني بضجر ومجوبتهاش، فقالت وهي بتقعد قدامي:

_عارف؟ في كتير زيك كانوا زعلانين وتعبانين، ولما دخلوا شلة الفاشلين دي امبسطوا، ورموا الهم وراهم وضربوا الدنيا طناش..

مشت إيدها على صدري بنعومه وقالت بخفوت وهي بتقرب:

_لأن كلنا هنا قلوبنا على بعض، ومبنسبش حد زعلان، بنعمل أي حاجة علشان نفرفشه وندلعه..

بعدت إيدها عني، وقابلت نعومتها ودلالها بمشاعر باردة وقلت:

_مش عايز..

قالت بخبث بينما نظراتها معلقة على شفايفي:

_مش عايز إيه بالظبط..

مقدرتش امنع عيني تركز في تفاصيل وشها وتراقب تعابيرها وحركاتها اللي قاصدة تشدني بيهم.. 
وقلت: 

_ مش عايز اي حاجة.. 

قولتها ومشيت.
كنت بهرب منها، ومن الشعور اللي قدرت توصلهولي بأسلوبها ده.
وقفت عند البار، مليت الكاس وشربته على دفعة واحدة.
جه مروان معاه سيجارة قدمهالي وقال:

_اتأخرت عليك بيها، بس كنت عايزك تتعرف على الناس قبل ما تهيبر. ولع وارمي الدنيا ورا ضهرك..

خدتها منه، وخدت منها نفس. حسيت ريحتها هتخنقني، مدت له إيدي بيها وأنا حاسس بالقرف.
ولكن منظر البنت وهي بتبصلي من بعيد وكأني لسة أبيض مليش في الجو ده، نرفزني وخلاني أسحبها منه مجرد ما مسكها، ورجعت أشد النفس منها لغاية ما حسيت بلذة كبيرة، كانت زي السحر.. بتسحب الصداع من راسي وتوديني لعالم تاني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ

                       #عيسى  

في وسط كل مشاكلي وتعبي وديوني، كنت متابع الأخبار اللي بتتكلم عن فضيحة كاميليا وعيلة فياض.. وحسيت بمزيج من الشفقة والشماتة، هي تستاهل حتى لو ولادها اتاخدوا بذنبها.. 
فكرت أبعت ليسرا وأقولها يمكن ده يفرق ويحسن نفسيتها..
بس لما فكرت حسيت إني مش لازم أعمل كده، والأحسن موضوعهم يتقفل تماماً ومتكلمش فيه.

وفي نفس الوقت كنت عايز أكلمها، لأنها مكنتش تبعت من نفسها أبداً، وكان الموضوع ده حجة.
ورجعت أدور عن سبب تاني ومعقول أكلمها علشانه غير إني عايز أطمن، فكرت كتير لغاية ما لقيت وبعتلها:

_مش هتكلمي أمك؟ دي زعلانة، امي بتقولي هيجرالها حاجة.."

استنيتها ترد ومسبتش التليفون ثانية رغم الصداع الشديد اللي كان بيفرتك دماغي ومخليني مش مستحمل حتى نور التليفون ولا صوت العربيات اللي في الشارع.
وبعد ساعتين كاملين من الانتظار ردت أخيراً:

_ تراضي نفسها، أنا مليش دعوة بيهم

ابتسمت وقلبي خفق بقوة، رديت مش حب في نقاش عن أهلها، ولكن حب في الكلام معاها هي زي الأول..

_ ده انتي زعلانة منهم قوي..

_ مبقوش يهموني

_ وبعدين، هتفضلي عايشة لوحدك..

_ ويعني هما من امتى كانوا معايا، الوحدة أحسن منهم

_ يمكن، بس مش حلو إنك تفضلي حابسة نفسك في البيت بعيد عن الناس، مش بتفكري تخرجي وتشتغلي..

_ لا..

_ هتاكلي وتشربي منين..

_ معايا..

_ ولما اللي معاكي يخلص؟

_ يبقى ربنا يتولاني.. مبقتش ميتة على العيشة يا عيسى.. لو الموت جه هفرح مش هخاف... 

_ عمري ما شوفتك كارهة دنيتك كده، طول عمرك ماسكة فيها بإديكي وسنانك

_ وإيه اللي خدته في الآخر غير وجع القلب؟

_ كلنا مخدناش حاجة غير وجع القلب، بس هنعمل إيه طالما عايشين لازم نكمل، لو مش علشانا فعشان الناس اللي محتاجانا

قولتها وانا متأمل تقول حاجة واحدة تريح قلبي. 
تقولي مفيش حد محتاجني غيرك، تقول محدش يهمه امري غيرك اي حاجة المهم تتكلم. 
ولكن هي ثواني وردته: 

_ أديك قولت، عشان الناس اللي محتجانا، وأنا الحمدلله بقيت لوحدي. اللي كنت هعيش عشانها ومحتاجاني راحت.. مبقاش في حد تاني 

حسيت بغصة في قلبي، وجعني كلامها، مكنتش قادر أستوعب إزاي بعد كل حاجة مش قادرة تحس بيا ولا قادرة تشوف حبي ليها..
اتخنقت ومبقتش عايز أتكلم ولا أحاول أهون عليها..

بعتت تاني وقالت مغيره الموضوع:

_ خفيت؟

_ لا،  تعبان قوي

مقصدتش وجع الجسم، كنت بتكلم عن وجع القلب اللي سببتهولي، بس مفهمتش زي عادتها وقالت:

_ سلامتك يا عيسى، طيب مكشفتش

_ اكشف على ايه ولا ايه..

_ انت تعبان قوي كده 

_ يعني.. 

_ طيب ما تروح  تكشف مستني ايه،  مش معاك فلوس أبعتلك؟

_ مستورة ياستنا، معايا الحمدلله..

_ طيب روح اكشف بقى متسيبش نفسك..  

كتبت بنرفزة: 

_ مش متزفت، انا حر. 

_ طيب متعصب ليه.. 

خدت نفس، هديت نفسي وبعت: 

_ كنت بكلم حد تاني، وصلتك بالغلط،  حاضر هبقى اكشف.. 

_ اممم، طيب انا هقفل، التليفون هيفصل شحن

_ لا، ألف سلامة عليه.. روحي

قفلت معايا وفعلاً اختفى نشاطها. كان واضح إنها مبتفتحش كتير ولا عندها أي حاجة تعملها لتسلية. شكلها كرهت حياتها فعلاً وكرهتني أنا في حياتي. لا أنا قادر أبعد عنها ولا قادر أقرب..
دمي اتحرق، عملتلها بلوك ولعنت أبوها وحلفت ما هشيله تاني.
مرت دقيقة واحدة وخوفت تكون شافته وعرفت إني عملت بلوك، فشيلته تاني وبعتلها أدد من الأول، وبعدين رسالة قولتلها فيها:

_ لغيت الصداقة بالغلط، لما تفتحي اقبلي، ولو مش عاوزة انتي حرة، أصلاً مش هكون فاضي اتكلم 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ ꧁꧂ـــــــــــــــــــــــــــ
                         #رحمة.. 

 شوفت ياسين قاعد جنب حمام السباحة شارد الذهن وغارق في التفكير.. 
كان شكله متضايق من حاجة وفي نفس الوقت هادي وفي لمسة طيبة مزينة ملامحه 
وقفت مكاني أبصله وأحاول أفهم.

لغاية دلوقتي مش قادرة أحدد شعوري تجاهه، لا أنا قادرة أكرهه وأعتبره عدوي طول الوقت ولا قادرة أقبله.. هو مش وحش وفي نفس الوقت مش طيب، كأنه اتنين في واحد، وشعوري ناحيته بيتغير مع كل شخصية من شخصياته.

قربت منه وأنا مش عارفة هقابل أي شخصية المرة دي.. وصلت هناك وهو لسه سرحان، مرت لحظات وأنا واقفة قصاده محسش بي.
شغلني وملاني فضول لاني اعرف بيفكر في ايه 
تحمحمت وقلت:

_ سرحان في إيه..

كلامي فوقه من شروده، اعتدل في قعدته ابتسم بهدوء وقال:

_ في دوشة الشغل، اقعدي واقفة ليه.

_ اعملك حاجة تشربها تفوقك الاول..

سكت شوية يبصلي بتعجب وبعدين قالي:

_ ماشي، ممكن قهوة.

رديت بابتسامة خفيفة ودخلت جوه، حطيت القهوة على البتوجاز ووقفت جنبها أفكر.. هل أكمل اللي بدأته ولا أصبر لحد ما الأزمة اللي بيمروا بيها تنتهي؟
وفي النهاية قررت أشوف تعامله معايا، لو كان ينفع هكمل.

رجعت قدمتله القهوة وقلت:

_ اتفضل.

خدها مني وقال:

_ تسلم إيدك..

شرب منها وابتسم وقال:

_ لذيذة، مش أي حد بيعرف يظبطها كده.

قولت بحماسة أثناء جلوسي مقابلة ليه:

_ الكل بيقول عليا فنانة في القهوة، كنت لما ألاقي بابا قاعد قعدتك دي أجري أعمله فنجان قهوة مظبوط، كان في دقيقة مزاجه يتعدل.

_ بابا؟

سكت شوية وبعدين قال بضحكة خفيفة:

_ كنتي ومازلتي شاطرة يا رحمة.

مقصدتش اللي فهمه حتى لو كنت حقيقي شايفاه في سن أبويا، ويمكن لو مكنش فكر في زوجة كنت هعتبره أب بالفعل، إلا إني مقصدتهاش.
ولكن في نفس الوقت ارتحت إني وصلتله الشعور ده حتى لو بالغلط.

_ شكرا..

تابعت بتردد:

_ ممكن أعرف  زعلان ليه..

_ بس انا مش زعلان 

مردتش على طول، تريثت قبل ما ارد بدون تفكير وجاني صوت صوت صدام ونصايحه زي هاتف في راسي بيقولي كملي فابتسمت وقلت بهدؤ: 

_ إنت مش عايز تقولي ف محفظش السر. أيوه انت ياسين فياض بجلالة قدره وأنا عيلة مفعوصة بس أقدر أحفظ السر.

_ مفعوصة؟

_ أيوة، قلة يعني.

ضم شفايفه وبعدين اعتدل في قعدته، مال عليا وبص لعيني وقال:

_ لا، مش قلة ولا مفعوصة، إنتي ذكية وفاهمة..

ابتسمت بتظاهر، ابتسامة أخفي وراها ربكتي بعد ما حسيت إنه فهمني وفهم اللي برمي عليه، وقلت:

_ طيب ما تقول..

_ هتفهميني يعني..

_ لسه قايل إني ذكية، جرب وشوف.

ضحك بخفوت وبعدين تنهد وقال:

_ ماشي ياستي، اللي أنا بفكر فيه إني مش عارف أنا بفكر في إيه.. وصلتك..

_ يعني إيه بتفكر ومش عارف بتفكر في إيه..

_ يعني أنا بلغت عن كاميليا وقلت إنها حاولت تقتل زيدان وإن حمزة مش ابنه، زي مانتي حضرتي الأحداث الأخيرة دي. دلوقتي زيدان بيقول كان عارف إن حمزة مش ابنه وإن كاميليا محاولتش تقتله. أنا دلوقتي مش عارف المفروض أعتذر ولا أحرمها تدخل حياتنا تاني.. ولا عارف لو زيدان قال ترجع انا هتصرف معاه ازاي، ولو رجعت، هتعامل معاها باي اسلوب، هو ده اللي بفكر فيه 

من بين كل اللي قاله مشغلنيش غير ان زيدان كان عارف ان حمزة مش ابنه 
وقلت: 

_ كان عارف وساكت؟

_ بيقول كده..

قولت باندهاش:

_ وساكت؟

_ آه.

سكت شوية غير مستوعبة اللي سمعته، فقال:

_ بتفكري في إيه..

_ بسأل نفسي إيه اللي خلاه يسكت..

_ بيقول ندمت..

_ ندمت؟ هو في راجل يسامح في الخيانة علشان مراته ندمت! طيب وإيه خلاها تخونه اصلا من الاول..

بدأت ملامحه تتغير وكأن سؤالي ضايقه، ومعندهوش حاجة اسمها "ليه". مهما الراجل يعمل، مينفعش الست تخون.
قال:

_ علشان خاينة..

_ وهو في حد ييخون من غير سبب.. انا سمعت قبل كده إنهم كانوا على طول مختلفين مع بعض، يمكن علشان كده خانته.

_ وده سبب يخليها تخونه..

_ لا، بس سبب يخليهم هما الاتنين ميكملوش. هي مش مرتاحة، هو مش مرتاح وشايفها وحشة، ليه يكمل لغاية ما تخونه..

تغير وشه وقال بحدة وغضب بيحاول يخمد نيرانه بشكل مؤقت قبل ما ينفجر فيَّ: 

_ وهي أي واحدة تختلف مع جوزها ومترتحش معاه تخونه..

قولت بربكة وانا بفرك في ايديه: 

_ لا، بس هو اللي اختار يتخان.  ماهو كان في مشاكل وزعل قبل ما توصل إنها تخونه وتخلف من غيره، ليه كمل؟

اشتعلت عيونه بالغضب، كور قبضته وقال:

_ وعلى كده لو اختلفنا ممكن تخونيني..

_ وأنا مالي بالكلام ده، أنا بتكلم عليهم هما.

_ أصلك بتدافعي قوي عن الست الخيانة.

استجمعت شجاعتي وقلت وانا بتهرب من نظراته: 

_ أنا مدافعتش، بس الراجل اللي عايز يتخان بيتخان..

_ وهو في راجل بيعوز يتخان؟

_ آه في كتير..

_ وازاي بقى، فيديني، شاكلك فاهمة اكتر مني..

رديت بارتباك :

_ أفيدك بإيه، تيتا قالتلي إن كل واحد فيهم بيبات في أوضة من يوم ما ولدت حمزة، يعني زيهم زي المطلقين.   كنتوا مستنين إيه من واحدة مبتحبهوش وبتبات بعيد عنه ومش قبلاه؟
طيب كنت هتزعل قوي كده لو كان هو اللي خلف من واحدة تانية ولا هتقول معذور دي مراته بعيدة عنه..

حدّت نظراته بشكل رعبني. ونشف الدم في عروقي، حسيت ان قيامتي هتقوم، قومت من مكاني وقلت بتلعثم:

_ أنا مش بقول تخونه، بس برضو الغلط منه هو قبلها. ماهو مفيش راجل يقبل يكمل مع واحدة مش عايزاه ويزعل لما تغلط. الجواز مش ورقة، والورقة دي تعهد بعدم الخيانة، ولو البني آدم محبش اللي معاه وأخلص ليه من قلبه، ولا مليون ورقة تضمن إنه ميخنهوش سواء راجل أو ست..

مازالتش نظرات الغضب من عينيه، حسيت نفسي هعيط من الخوف..
 فوليت له ضهري ومشيت بخطوات سريعة ودخلت أوضتي وقفلت الباب على نفسي من جوه.. وبقيت قاعدة على السرير ببص للباب وانا جسمي كله بيرتجف زي اللي مستني دخول شبح في ليلة ضلمة
تعليقات



<>