رواية بعينيك اسيرالفصل السابع عشر17بقلم شهد الشوري

رواية بعينيك اسير
الفصل السابع عشر17
بقلم شهد الشوري
جلست الشقيقتان بجانب بعضهما أخيرًا، فردت الصغرى وتدعى "ضحى" بحزن :

فين وفين لما تهزري وتضحكي كده يا بسمة، كله بسبب بعدك عنه، طب طالما بتحبيه أوي كده، ليه عملتي كده وانتي في ايدك تكشفي الحقيقة كلها
اختفت ابتسامة بسمة، ثم قالت بعد صمت لحظات :
كله بسبب نادر، منه لله، انا متأكدة انه كان سبب الحادثة اللي عملناها أنا ويزن، نادر ده احقر انسان ممكن تقابليه في حياتك
زفرت ضحى بضيق وقالت :
طب ليه ماقولتيش ليزن على كل حاجة،.ليه كل التمثيلية دي يا بسمة!!
ردت عليها بسمة بحزن ودموع :
عشان نادر مكنش هيسيبني في حالي لو كملت مع يزن، ولو بعدت برده مكنش هيسيبني، أنا قربت من يزن بطلب منه، وكنت مجبرة أعمل اللي بيقولي عليه، عشان ما يفضحنيش بالصور اللي عندهؤ بس الحكاية قلبت بجد....وحبيت يزن!!
رددت ضحى بضيق:
كان المفروض تفضحيه وتفهمي يزن الحكاية كلها، وان اللي حصل كان غصب عنك، وإن الحيوان ده خدرك وصورك الصور دي بالغصب وهددك يا الفضيحة يا تقربي من أخو مراته وتخليه يحبك، وإنه ابن خالتك مش زي ما مثل أول مرة شافك قدامهم انه ميعرفكيش،
ردت عليها بسمة بسخرية :
أنتي مش عارفة نادر قدي، وإزاي ممكن يقلب الحقايق في لحظة ويطلع نفسه بريء، ده غير مراته اللي بتعشقه، مستحيل تصدقني، ويزن كمان مش هيصدقني، زعله وحش اوي، كنت خايفة اقوله.....فاخسره
ثم تنهدت بحزن وقالت :
كنت هكون خسرانة في كل الأحوال، فاخترت أكون في نظره ميتة وهو بيحبني أحسن ما يكرهني، وصدقيني، أنا حكيتلك شوية بس من عمايل نادر اللي لسه ما تعرفيهوش كتير
كانت ميان تستمع لكل كلمة تخرج منهما، وكأنها تهتز من أعماقها، هذان ليسا بشراً، بل هما شيء لا يُسمى، مجرد "حجارة"، لا قلب لهما ولا مشاعر، معدومان من الرحمة أو أي معاني إنسانية
ما كان يحطمها أكثر، ان كاميليا كانت وراء موت شقيقها الغالي، رحمه الله، لو علمت والدتها، فلن يتحمل قلبها القهر ولكن لماذا....لماذا تلك الكراهية تجاه والدتها؟
لماذا فعلت كل هذا بقصي ووالدته؟
كيف يمكن لذلك المدعو زاهر أن يحبها، وهي لم تلتقي به يوماً، ولو صدفة؟
أسئلة تنهش عقلها بلا رحمة، تدور في دوامة لا تنتهي، كوحش جائع لا يترك لها متنفسًا، ضباب من الحيرة يلفها، وأقدامها تتأرجح بين الواقع والوهم، لا تعرف أين تضع قدميها، ولكنها تدرك يقينًا أن الجحيم الذي ينتظرهم ليس مجرد عذاب، بل جحيمٌ سيتغلغل في أعماقهم ويحطمهم
لكن الآن، لا بد من اللحاق بعمار أولاً.....قبل فوات الأوان!
تملك من عمار التعب ولم يعد بوسعه التحمل أكثر من ذلك، أخذ يحك جسده بقوة ويضرب رأسه بالحائط، لكن دون جدوى، نزل راكضًا من الفندق الذي يقيم فيه الآن، فقد ترك منزل فريدة حتى لا تشك به، يبحث عن أحد يبيع تلك المواد السامة ليترتاح من ذلك الألم الذي لا يحتمل
على الناحية الأخرى ذهبت ميان لمنزل فريدة، التي ما إن فتحت الباب، حتى سألتها ميان عن عمار بتلهف :
عمار فين يا فريدة؟
رددت فريدة بضيق :
طب قولي سلام عليكم الأول، عمار ساب البيت عندي ونزل في أوتيل، معرفش ليه.....
قاطعتها ميان قائلة بسرعة :
اسمه إيه الأوتيل ده
أملتها فريدة العنوان، فركضت ميان إلى حيث يوجد، لكنها لم تجده، بقيت جالسة في الاستقبال منتظرة عودته، بينما هو، بصعوبة، استطاع أن يجد ما يبحث عنه، جلس في سيارته وما إن استنشق تلك المادة البيضاء السامة، حتى تراجع للخلف يشعر بالنشوة وبدأت آلامه في الزوال رويدًا رويدًا
انسابت دموعه بصمت وبدأ صوت بكاءه يعلو، يبكي كطفل صغير، من البداية ضعف، فماذا سيفعل بعد؟ هل ستكون هذه نهايته؟
وقع نظره على صورة صغيرة للينا يحتفظ بها في سيارته انها
لا تستحقه، لا تستحق شخصًا مثله دخل لذلك الطريق غدرًا، ولا يعرف كيفية الخروج منه، لقد ضعف من أول مرة، بالتأكيد سيضعف مرات أخرى
لا يريد لأحد أن يعرف، لن يتحمل نظرة الحسرة وخيبة الأمل في عيون شقيقه وجدته وكل من حوله، خاصة....لينا، فليبتعد الآن، وهما في بداية الطريق، قبل أن تتعلق به أكثر، لتكمل حياتها بعيدًا عنه مع من يستحقها
قادته قدمه إلى أسفل البناية، ثم أرسل لها رسالة من ثلاث كلمات "انزلي، أنا تحت"
دقائق ووجدها تركض إليه بتلهف، قائلة وهي تتمسك بيده :
عمار، قلقتني عليك، اتصلت بيك كتير، ومش بترد، حتى ميان سألتني عليك وبتتصل بيك ومش بترد، كنت فين، حصل ايه مالك شكلك تعبان أوي
سحب يده من يدها قائلًا ببرود يعكس تمامًا حالته من الداخل، قلبه يدمي من الألم ولسانه يصعب عليه النطق بتلك الكلمات التي بالتأكيد ستجرحها :
بلاش رغي، أنا كويس بس مكنش ليا مزاج ارد على حد
صدمها رده الجاف، فسألته بحزن :
مالك يا عمار، متغير ليه، وبتتعامل معايا كده ليه، انا زعلتك في حاجة طيب
أدار لها ظهره قائلًا وهو ينظر بعيدًا عن عينيها :
بصراحة يا لينا، أنا زهقت، ومش عاوز أكمل
سألته بتوجس وهي تتمنى ألا يكون يقصد ما خطر ببالها، لا تتمنى ذلك أبدًا :
قصدك ايه
رد عليها ببرود متقن رغم الألم الذي ينهش قلبه بلا رحمة :
يعني نسيب بعض، وكويس ان اللي بينا مش رسمي، انا كنت فاكر ان مع الوقت الاعجاب هيتحول لحب، بس محصلش، وفوق كل ده أخويا مش موافق على ارتباطنا، وأنا مش هخسره عشانك، يعني...
ابتسمت بتوسع وهي تُلكزه بكتفه برفق، غير أن عينيها لم تستوعبا كلماته بعد، فقد كانت تظن أنه يمزح، في حين كان هو يحترق من الداخل، يتألم بصمت، وتلك الابتسامة لم تكن سوى قشرة هشة تخفي عالماً من الألم لا يُرى :
بطل هزار يا عمار، انا فاتحت ماما في موضوعنا، وقالتلي خليهم يشرفونا الأسبوع الجاي
كور قبضته مانعًا نفسه بصعوبة من أن يجذبها إلى حضنه، يشكو لها ما حل به، ويطلب منها أن تبقى بجانبه حتى يقف على قدميه من جديد، لكن كيف يفعل ذلك؟ كيف يطلب منها شيء ليس متأكدًا منه؟ ربما لا يشفى ويظل هكذا، ولا يستطيع مقاومة الألم ويستسلم لتلك المادة السامة...
لأول مرة يشعر بالضعف!!!
التفت إليها قائلًا ببرود :
مش بهزر، ده موضوع مافيهوش هزار، كل شيء قسمة ونصيب يا لينا، وكويس ان إحنا لسه على البر، ومفيش بينا اي ارتباط رسمي
لو كانت النظرات تقتل، لكان سقط عمار صريعًا لتلك النظرة المليئة بالخذلان التي ألقتها لينا عليه، كأنها سهم مغلف بالوجع اخترق قلبه مباشرة
كيف كان بإمكانه أن يفعل ذلك بتلك السهولة؟ أراد أن يقترب، فاقترب، وأراد أن يبتعد، فابتعد وكأن مشاعرها لعبة بين يديه
لماذا علق قلبها به منذ البداية؟ لماذا اعترف بحبه لها، وهو لم يكن أكثر من إعجاب عابر؟
تساءلت في صمت، بينما كانت تحترق بداخلها، أسئلة لا تجد لها إجابة، قاومت بكل ما أوتيت من قوة، لتمنع دموعها من السقوط أمامه، يكفيها اهانة، لن تمنحه هذا الضعف، لن تجعله يرى هشاشتها مهما كان الثمن
كورَت قبضتها، وكأنها تحبس في يدها كل ما تبقى لها من قوة، ثم نظرت إليه بهدوء لم يكن يتوقعه، ظن أنها ستثور، أن تصرخ في وجهه، أن تتحطم من الداخل، أن تلعنه، وربما تصفعه على وجهه، لكن لم يحدث شيئًا من ذلك، بل فاجأته برباطة جأش لم تكن لتخطر على باله، وقالت بصوت خافت لكنه قوي بما يكفي ليخترق سكون اللحظة :
عندك حق، كل شيء قسمة ونصيب، والحمد لله إن نصيبي مش معاك يا عمار.....عن اذنك
فقط بضع كلمات قالتها لوهلة قد يظن البعض أنها لا تفرق معها، لكن بالنظر إلى عينيها من السهل قراءة الخذلان وخيبة الأمل بهما، مهما حاولت إخفاء ذلك
بأعين تلمع بالدموع، كانت ترفع يدها لتحل قفل ذلك السلسال الرفيع الذي كان يحتوي في السابق على صورة والدها الراحل، لكنها في اليوم الذي أهداها فيه ذلك الخاتم معترفًا بحبه لها، قامت بتعليقه بالسلسال برفقة صورة والدها، دليل على انه وصل بقلبها لنفس مكانة والدها، لكنها اليوم علمت انه لا يستحق
أخرجت منه الخاتم ثم وضعته في كف يده قائلة بصوت مختنق :
اتفضل، ده مابقاش يخصني
قالتها ثم دخلت بهدوء إلى البناية، وما إن اختفت عن أنظاره واستقلت المصعد حتى انهمرت دموعها ولم تستطع مقاومتها أكثر من ذلك
دخلت منزلها، ثم توجهت إلى غرفتها، مغلقة الباب خلفها بإحكام، واستندت عليه بجسدها المنهك، تبكي بمرارةٍ شديدة، وكأن العالم قد انهار من حولها، دموعها تنهمر بلا توقف، وجسدها يرتجف من قسوة الألم، بينما يدها تضعها على فمها، تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تخفي شهقاتها العالية عن أذن والدتها، كان كل شيء حولها قاتماً، وكأنها غارقة في بحرٍ من الحزن، لا تستطيع الإفلات منه
كانت ميان تجلس في بهو الفندق تنتظر مجيء عمار، وما إن أبصرته أمامها، ركضت إليه على الفور قائلة بقلق :
عمار، انت فين، انا مستنياك هنا من بدري، تعالى معايا، عايزة أتكلم معاك ضروري
رد عليها عمار بحزن وألم :
مش عايز، ومش قادر أتكلم، خليها لوقت تاني
تنهدت بحزن وقالت :
اللي عاوزاك فيه ميستناش، وهتيجي معايا دلوقتي يعني هتيجي معايا، انا مش ماشية غير لما أتكلم معاك
دفعها من أمامه ثم توجه للمصعد، لحقت به ميان، بينما هو كان في عالم آخر، شاردًا في لينا وكيف تشعر الآن، خائفًا من القادم المجهول
دخل إلى غرفته فلحقت به، وتركت الباب مفتوحًا قليلاً، وقفت أمامه قائلة بحزن وأسف :
انا عرفت كل حاجة يا عمار، متخافش، أنت هترجع زي الأول وأحسن....وهتتعالج وهتقف على رجليك من تاني
نظر إليها بصدمة، وسألها بحذر :
اتتعالج من ايه، انتي بتقولي ايه يا ميان!!
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت :
أنا عارفة كل حاجة، أنت بقيت مدمن على السم ده، وكان غصب عنك، كل حاجة هتبقى أحسن، بس انت خليك قوي، وماتضعفش....خلي عندك إرادة يا عمار
جلس على الأرض، يضم قدميه إلى صدره بحزن عميق، ودموعه تتساقط بغزارة على وجنتيه، مرددًا بكلمات مشوشة، مليئة بالحزن والاستسلام :
حاولت مرة وماقدرتش، بيقولوا انك تخرج من الطريق ده صعب، ماقدرتش أتحمل الألم، ما قدرتش أقاوم، حتى لينا سيبتها، قولتلها كلام يوجع، هي ماتستاهلش حد زيي....انا انتهيت يا ميان
جلست أمامه قائلة بحدة :
الضعف اللي أنت فيه ده عشان حاولت مرة وفشلت، انت لو عاوز تتعالج هتتعالج، لكن انت ضعيف
ثم تابعت بتساؤل وصدمة :
وبعدين، أنت عملت ايه للينا، قولتلها ايه؟
قص عليها ما فعله، وما إن انتهى، صرخت عليه بغضب :
انت ضعيف وأناني، ضعيف عشان حاولت مرة واحدة بس، ولما فشلت قررت تستسلم، وأناني عشان قررت تختار بدل لينا ايه الأفضل ليها....لينا ليها حق الاختيار اذا كانت تكمل معاك ولا لأ
أخذت نفسًا عميقًا ثم تابعت بانفعال :
لو فاكر إنها هتقدر تضحيتك، تبقى غلطان، دي هتلومك، اللي عملته ده هيوجعها أكتر، لأنك اختارت بدالها، رفضت تشاركها محنتك، لينا او اي واحدة هتشوف انك في كل محنة هتقعوا فيها هتقول ابعد عشان مصلحتها، يا عمار، الحب مشاركة، انك تكون مع حبيبك على الحلوة والمرة
ردد بحزن، وهو يخفض وجهه :
غصب عني يا ميان
رفعت وجهه لينظر إليها، ثم قالت بحدة :
لا مفيش حاجة اسمها، غصب عنك، انت بأيدك توقف على رجلك من تاني، وتتعالج، إرادتك هي اللي هتساعدك، أما ضعفك واستسلامك ده، هيشدك ويغرقك أكتر وأكتر
ثم تابعت بحزن:
حتى لينا كان بايدك تخيرها، كانت هتقف جنبك لحد ما تعدي المحنة دي طالما بتحبوا بعض
نزلت دموعه أكثر، وقال بحزن وانكسار :
أنا عايز أرجع زي ما كنت يا ميان، عايز اطلع من اللي بقيت فيه ده، عايز لينا جنبي....انا خايف
ثم تابع بحيرة :
مش عارف أنا أذيت مين عشان يعمل فيا كده ويدمر حياتي بالشكل ده، مين ما كان اللي عمل كده انا مش مسامحه لأخر يوم في عمري، لأنه أذاني وخلاني أموت بالبطيء
نزلت دموعها هي الأخرى، قائلة بحزن وتوعد :
كل اللي غلط هيتحاسب، ووقت الحساب قرب....قرب اوي!!
ثم تابعت بصرامة :
وانت غصب عنك هتقدر، وهتتعالج، وهترجع زي ما كنت، أنا هفضل معاك، ولينا هتعرف، على الأقل، ماتكونش شايفاك لعبت بيها، هتزعل آه، بس مع الوقت هتسامحك
نفى برأسه قائلاً برجاء :
لأ بالله عليكي يا ميان، مش عايز أي حد يعرف، لا فريدة ولا سفيان ولا قصي، وأهم حد لينا، مش هستحمل نظراتهم ولا خيبة الأمل اللي هشوفها في عيونهم
أومأت له برأسها قائلة :
محدش هيعرف، بس أهم حاجة إنك تتعالج وتقف على رجلك من تاني يا عمار
تنهدت بعمق ثم تابعت بجدية :
احنا نروح نكشف، وأهم حاجة نعرف أنت في أي مرحلة، ونشوف نظام العلاج هيكون ازاي، ودلوقتي، قوم هات أي حاجة معاك من السم ده، وارميها بإيدك، خلي عندك ارادة يا عمار، إرادتك إنك تتعالج هي اللي هتنجيك من اللي أنت فيه ده
أومأ لها، وفعل ما قالت، لقد ألقى بتلك المادة البيضاء السامة، ثم غادر معها وذهب للكشف وطلبا نتيجة الفحص عاجلة دون الانتظار ليوم آخر، ابتسمت ميان بسعادة ما ان رأت النتائج : في المرحلة الأولى يا عمار
بدأ التعب يتملك من عمار، جسده يطالب بجرعة أخرى، لم تعرف ميان ماذا تفعل، في تلك اللحظة، كانت همس تتصل بها، خرجت من السيارة بعدما أغلقتها على عمار، قائلة لهمس باستنجاد :
همس، أنا مش عارفة أتصرف إزاي، مقدرش أسيب عمار لوحده.....ثم بدأت تقص عليها ما حدث باختصار، لتقول همس بعد تفكير :
مفيش غيره ممكن يساعدنا
سألتها ميان بلهفة :
هو مين ده، وأمان ولا إيه؟
ردت عليها همس بثقة :
عيب عليكي، ده أمان الأمان
سألتها ميان بتعجل :
مين
ردت عليها همس بفخر وثقة :
كارم....كارم الحسيني!
بعد قليل كان كارم يقف أمام باب الفيلا الخارجي في انتظار وصول همس برفقة ضيوفها بعدما قصت له باختصار ما حدث
بعد دقائق قليلة، توقفت سيارتهم، ونزلت همس أولًا، بينما كان عمار نائمًا على المقعد الخلفي بعدما حقنته ميان بمهدئ
عرفتهم همس على بعض سريعًا، فقالت ميان بحرج :
معلش، أنا مش هعرف أخده مصحة في الوقت ده، ومينفعش أسيبه لوحده أو أخده عند حد من أهله، لأنه رافض انه حد يعرف، ولو فاق هيصرخ
رد عليها كارم بابتسامة صغيرة:
ملحق الفيلا محدش بيدخله أصلاً، وعازل للصوت، ولو حابين يفضل هنا لحد ما يتعالج مفيش اي مشكلة، والدتي مسافرة بعد بكرة، تقدروا تجيبوا الدكاترة اللي عاوزينها، القرار ليكم، شوفوا تحبوا إيه، وأنا تحت أمركم برده لو عاوزين مصحة، أقدر أساعدكم في مكان مضمون
شكرته ميان بامتنان، فحمله كارم بمساعدة رجاله الذين يحرصون الفيلا، بعد دقائق كان يمدده كارم على الفراش مقيدًا جسده عليه بإحكام، نظرت له ميان بحزن، ثم اطمأنت عليه وخرجت تبكي بصمت بينما همس قالت لكارم:
شكرًا يا كارم، طول عمرك جدع
نظر إليها مبتسمًا وقال :
مستحيل أرفض حاجة تطلبيها مني
ردت عليه بخجل وتهرب :
هنمشي احنا بقى قبل ما الوقت يتأخر، وابقى اشوفك بكره مامتك عزمتنا على الغدا
أومأ لها قائلاً بهدوء :
عارف، هستناكي يا همس
فجأة تحولت نظراته الحنونة لها لأخرى حذرة، ثم قال بنبرة جادة لا تقبل المزاح :
همس....فيه برص على كتفك!!!
توسعت عيناها وصرخت بقرف وهي تقفز في مكانها، فانفجر كارم ضاحكًا عليها، وما إن استوعبت أنه كان يمزح، اقتربت منه تضربه بقبضتها على صدره، قائلة بغضب :
يا بارد، هزارك رخم زيك، انت ماعندكش دم، قلبي كان هيقف من الخضة
امسك يدها التي لا تتوقف عن لكمه بصدره قائلاً بابتسامة عاشقة وهو ينظر لداخل عينيها :
سلامة قلبك
للحظة، توقف عقلها وشردت عيناها في نظراته التي دائمًا ما تشعرها بأنها أجمل سيدة على وجه الأرض
بدون وعي رفع كارم يده ليبعد خصلات شعرها خلف أذنها، وما إن فعل ولامس بيده شعرها حتى ارتجفت واستفاقت على نفسها، وابتعدت للخلف قائلة بحرج :
انا لازم أمشي، الوقت اتأخر، سلملي على طنط
أومأ لها هو الآخر محرجًا، ثم رافقها للخارج مودعًا إياها هي ورفيقتها ميان حتى غادروا، ثم عاد لينظر إلى عمار النائم، والإرهاق والتعب بادي على ملامح وجهه
شعر بالشفقة عليه، فقد ذكره وهو بتلك الحالة بشخص مقرب فقده، لذا كان لديه رغبة قوية في مساعدة ذلك الشاب حتى لا يخسر حياته التي لم تبدأ بعد 
في منزل اللواء عاصم الشريف
كان عاصم في غرفته، يقص على زوجته طلب يزن للزواج من ابنتهما همس، فابتسمت الأخرى بتوسع مرددة بسعادة عارمة :
هي دي محتاجة رأي يا عاصم، موافقة طبعًا، ده شاب كويس ومحترم وأهله محترمين وكمان من عيلة، بس هنقول ايه بقى، يارب بنتك توافق، دي مش بيعجبها العجب، كفاية كارم رفضته، عارف يا عاصم والله انا كنت هفرح فرحة الدنيا لو وافقت على كارم
أومأ لها قائلًا بجدية :
خلاص، بكره لما نرجع من عزومة والدة كارم، هبقى افاتحها في الموضوع، وربنا يقدم اللي فيه الخير
أومأت له بصمت، وهي تدعو الله أن توافق ابنتها، بينما كان عاصم عقله يقارن بين كارم ويزن، فقد كان الحب واللهفة واضحين في عيون كارم عندما تقدم لطلب يد همس، عكس يزن الذي كانت كلماته ونظراته جامدة باردة، وكأنه مرغم
لأول مرة، يدعو بداخله أن يأتي الرفض من ابنته، فهو غير مرتاح لتلك الزيجة !
في صباح اليوم التالي
بخطوات واثقة كانت ميان تدخل من الباب الداخلي لفيلا سفيان العزايزي، وقد تعمدت المجئ بعد رحيل سفيان إلى عمله
فتحت لها الخادمة، فدخلت وجلست على الأريكة تضع قدمًا فوق الأخرى قائلة بهدوء :
اطلعي للي نايمة فوق دي، خليها تنزل، وقوليلها ميان القاضي تحت، وهي دقيقة وتكوني قدامها احسنلك
قطبت الخادمة جبينها بتعجب لكنها نفذت ما قالت بدون نقاش، وبعد دقائق قليلة، نزلت نرمين الدرج بثوب قصير بالكاد يغطي القليل من جسدها، وقد تعمدت فعل ذلك حتى تثير حنق وغيرة ميان، وقفت أمامها قائلة بدلال :
معلش بقى يا ميان، انتي مش غريبة، اصل سفيان حبيبي بيحب اللون ده، وطلب مني البسه مبارح
ابتسمت ميان ساخرة ثم قالت :
طول عمره ما بيفهمش في الحلويات، عشان كده لما جيه يختار، اختار من النوع الرخيص وساب الغالي، غبي بقى، هنعمل ايه
رمقتها نرمين بغل وقالت:
انتي جايه ليه؟
ردت عليها ميان ببرود بعد أن ارتشفت من قهوتها التي اعدتها لها الخادمة :
بيت جوزي وأدخل فيه في الوقت اللي يعجبني، عندك اعتراض ولا حاجة، أصل لو مش عاجبك، أقدم أنا اعتراضي وانتي قدمي اعتراضك، ونشوف هو هيقول ايه، وهيطلع مين فينا بره !!!
سألتها نرمين بغل :
طلباتك ايه؟
ردت عليها ميان بمكر وتوعد :
كلها ثواني وهتعرفي
ثم نادت بعلو صوتها على الخادمات بالقصر فحضروا على الفور، ولم يكونوا سوى خمس خادمات
نظرت لهم قائلة بابتسامة لطيفة :
النهاردة بريك ليكم لحد ما سفيان يرجع من الشغل، أصل نرمين هانم بتحبكم اوي، وحبت تريحكم، عشان كده هتتولى مهمة تنظيف الفيلا كلها والطبخ كمان، وانتم بس كل اللي عليكم تشرفوا عليها ان كانت بتشتغل صح ولا غلط
انتفضت نرمين في مكانها، وصرخت عليها بغضب :
انتي بتقولي ايه، بقى انا نرمين هانم انضف واطبخ، انتي اكيد اتهبلتي
أشارت ميان بيدها للخادمات لينصرفوا قائلة بتهكم لنرمين :
طب يا ترى نرمين هانم فاكرة انها قبل ما تبقى هانم، كانت ايه.....افكرك انا كانت ايه.....كانت مجرد واحدة رخيصة بتعري جسمها وترقص بيه للرجالة في الكباريهات، لولا بس ان في واحد مش بيفهم، خدها وقبل بيها من غير ما يعرف عيبها، بس ملحوقة، انا اعرفه
صرخت عليها نرمين بغل وغضب :
انا مش ممكن أعمل كده، مستحيل !!
ردت عليها ميان ببرود :
ما تعمليش يا روحي، هعمل انا وابعت الصور وكل اللي معايا لسفيان، طالما مش فارق معاكي، بس خليني افكرك بحاجة بسيطة خالص، اقل حاجة سفيان هيعملها هيطلقك ويرميك في الشارع من غير أي حاجة، أو هيموتك وتبقى قضية شرف عادي، أو يرفع عليكي قضية شرف
ابتسمت ميان بتوسع مستأنفة حديثها :
ها....قررتي إيه، وياريت تقولي قرارك بسرعة عشان ما تضيعش وقتي الثمين
ركلت نرمين طاولة زجاجية بغل وهي في طريقها للصعود لأعلى لتبدل ملابسها، فجاء صوت ميان من خلفها قائلة ببرود :
كل اللي هتكسريه هتنضفيه يا نروم، خودي بالك
مر وقت قصير، وكانت نرمين تنظف الزجاج الذي كسرته والفوضى التي أحدثتها من غضبها العارم، بينما كانت ميان تضع قدمًا فوق الأخرى، تنظر إليها بغل، يعلم الله وحده أنها بالكاد تجلس متماسكة، حتى لا تنقض عليها وتبرحها ضربًا وتقتلها هي ومن معها
أوقعت ميان كأس العصير الذي بيدها عمدًا، ثم قالت لنرمين بغرور :
تعالي نضفي اللي اتكسر
صرخت عليها نرمين غاضبة وقد فاض بها الكيل :
انتي اللي وقعتيه، وانتي اللي هتنضفيه، انا مش خدامة أبوكي
ابتسمت ميان ببرود ثم وقفت واقتربت منها بهدوء، مما أثار الرعب في نفس الأخرى، وعلى بغتة، صفعتها ميان بقوة تراجعت نرمين على إثرها للوراء مصدومة من ما حدث، كيف تتجرأ تلك الفتاة على صفعها !!
نظرت إليها نرمين بغل، ثم اعتدلت ورفعت يدها بالهواء لترد لها الصفعة، لكن توقفت يدها في الهواء عندما قالت ميان ببرود :
لو إيدك الحلوة دي لمست وشي، قسماً بالله لتندمي على اللي هعمله فيكي، ده غير اللي هتشوفيه من سفيان
ضمت نرمين يدها بغل وانزلتها مرغمة، لتبتسم ميان ابتسامة واسعة، قائلة وهي تربت على صدغ الأخرى ببعض العنف :
ايوه كده، شطورة....احبك وانتي مطيعة يا نروم
ثم دفعتها بيدها متابعة ببرود :
يلا بقي، كملي شغلك، وروحي نضفي المطبخ بس اشتغلي بضمير...أهم حاجة الضمير، بس للأسف هو مش موجود عند اللي زيك
عادت نرمين للتنظيف وهي تشعر بالإهانة، وبداخلها تتوعد لها بالويلات فقط صبرًا، بينما ميان كانت تراقبها عن كثب، شعرت بنشوة النصر، هي الآن في موضع القوة، وتعلم جيدًا كيف تستغل ذلك لصالحها
بعد وقت قصير، كانت نرمين تقف على سلم طويل مخصص للتنظيف، تحاول تركيب ستارة جديدة، كان من المفترض أن تفعلها الخادمة، لكن ميان اعترضت وأمرتها بالرحيل، لتترك المهمة لنرمين
بدون ذرة شفقة أو تردد، ركلت ميان السلم بقدمها بقوة، فسقطت نرمين صارخة من شدة الألم، نظرت إليها ميان ببرود وقالت :
مش تفتحي يا عامية، قومي كملي تنضيف
بكت نرمين من الألم الذي أصاب ظهرها، ومن شعورها بالإهانة، لكنها اضطرت للعودة لمهامها، حتى مر القليل من الوقت، كانت تقدم الشاي الساخن لميان كما طلبت منها، فتعمدت الأخيرة اسقاطه على يدها، ما تسبب بحرق شديد ظلت نرمين تصرخ من الألم، بينما ميان لم تُبدي أي اهتمام، بل كانت تتعمد ايلامها واهانتها، فأمثالها لا يستحقون الشفقة، الحمقاء، لو تعرف أنها لا تملك سوى القليل من الدلائل التي تهددها بها، لما كانت صمتت هكذا !
غادرت ميان قبل وصول سفيان، وما ان وصلت للمنزل تلقت مكالمة من فريدة تطلب منها الحضور على الفور، قررت الذهاب إليها، وهي تفكر في السبب الذي دفعها لطلب رؤيتها
عند عودة سفيان، فوجئ بمظهر نرمين البائس، ثيابها تفوح منها رائحة كريهة، وشعرها مشعث بطريقة لم يعتدها منها أبدًا، ما زاد من ذهوله هو يدها الحمراء المُلتهبة وآثار الإهانة على وجهها، اقترب منها يسألها بقلق :
ايه اللي حصل فيكي
حاولت التماسك لكنها فشلت، وقالت ببكاء :
مفيش
لم يقتنع وسألها بحدة :
هو إيه اللي مفيش، إنتي مش شايفة نفسك، مين ضربك كده
بين دموعها، أخبرته بلهجة حزينة مليئة بالخوف اتقنت تصنعها :
ميان، جت الصبح ووقعتني من السلم وكبت الشاي على إيدي.....وهددتني وقالتلي لو اتكلمت، هتطلقني منك وتوريك صور متفبركة ليا، انا مظلومة والله يا سفيان، وعمري ماخونتك.....خدلي حقي منها
تحول الغضب في عيني سفيان إلى نار مستعرة، فقبض يده بغضب وقال بتوعد :
جابت آخرها معايا.....حقك هيرجع، متخافيش يا حبيبتي
بعدما جاء الطبيب وطمأن سفيان على حالة نرمين، استعد لمغادرة المنزل، لكنه تلقى مكالمة من فريدة تطلب منه الحضور، اضطر للذهاب، مؤجلًا حسابه مع ميان
داخل منزل فريدة، تفاجأ سفيان برؤية ميان امامه، فاشتعل الغضب في عينيه، وعلى حين غرة صفعها بقوة جعلتها تتراجع ممسكة بوجهها بصدمة !!!
استجمعت نفسها واعتدلت حتى ترد له الصفعة، لكنه أمسك يدها بقوة ودفعها بعيدًا، قائلًا بحدة :
ايدك القذرة دي ما تتعرفش عليا، والقلم ده تمن انك اتجرأتي على مراتي ورفعتي إيدك عليها
صرخت عليه ميان بغضب :
مراتك مين دي اللي بتضربني عشانها، دي رخيصة ولا تسوى، كانت بتروح ترقص بجسمها للرجالة في الكباريهات و.....
صرخت بقوة عندما جذبها من خصلات شعرها بقوة، قائلاً بغضب :
ورحمة أبويا لو لسانك جاب سيرة مراتي لأدفنك حية، فاكراني أهبل وهصدق التخاريف اللي بتقوليها، هددتيها إن معاكي صور متفبركة وخوفتيها بيهم عشان أطلقها، ودلوقتي بتلعبي عليا زي ما قالت بالظبط، كنتي فاكرة إنها هتسكت، لكنها اتكلمت وقالت عشان بريئة، وأكبر دليل على كذبك انها قالتلتي وماخافتش، وده لأن صاحب الحق عمره ما يخاف
دفعها بعيداً عنه، فصرخت عليه بغضب :
تولع انت ومراتك في ساعة واحدة، ارمي عليا يمين الطلاق دلوقتي، ورحمة أخويا الغالي، لهدفعك تمن القلم ده غالي أوي يا سفيان
رد عليها بتحدي :
مش مطلقك، لو وقفتي على شعرك راسك مش هطلقك يا ميان، هسيبك كده زي البيت الوقف، لا طايلة سما ولا أرض
كانت فريدة تستمع إليهم بصمت، عقلها يدور بلا توقف،
كيف ستمنع ميان من الحصول على الطلاق، ليصل أخيرًا عقلها السام على الحل الذي لا يدل إلا على شيئًا واحد....أنانيتها الكبرى
دخلت المطبخ وأعطت بعض المال للخادمة، طالبة منها النزول إلى الصيدلية أسفل البناية لإحضار شيءٍ ما، ثم عادت تتابع شجار ميان وسفيان، حيث صرخت عليه ميان بغضب :
هتطلقني غصب عنك، ده أنا ورايا رجالة يدفعوك تمن القلم ده غالي أوي يا بن العزايزي!!
رد عليها بتحدي:
اعلى ما فخيلك اركبيه، انتي وأهلك كلهم، أنا ما بتهددش ولا بخاف من حد
أخذت فريدة الغرض من الخادمة بعد عودتها وطلبت منها المغادرة، ثم دخلت إلى المطبخ مجدداً، تجهز المشروبات
في الخارج، كانت ميان تصرخ عليه بغضب :
هتطلقني ورجلك فوق رقبتك، انت فاكر ان الورقة اللي ربطتني بيك الرابطة السودة دي، هتديك الحق تبيع وتشتري فيا، لا فوق ده انت لا عيشت ولا كونت
رد عليها سفيان بغضب وعناد :
هطلقك بس لما يجيلي مزاج، وبعدها هرميكي زي الكلاب بالظبط
صرخت عليه بحدة :
مفيش كلب غيرك، واحفظ لسانك أحسنلك، أبويا مش هيسيبك، ورايا رجالة هيوقفوك عند حدك، ولو مطلقتنيش بالذوق، هخلعك
قبض سفيان على معصمها بقوة، وصرخ عليها :
أدفنك مكانك قبل ما تعملي كده
دفعت يده عنها قائلة بتحدي:
طب اعملها كده ووريني شطارتك، قولتلك قلبتي وحشة يا بن كاميليا، يا تطلقني يا هخلعك وهفضحك، وهقول انك بتستقوى عليا، وبتضربني، وإنك اتجوزتني غصب عني، وفوق كل ده، انك خاين، ساعتها سيرتك هتكون على كل لسان، وابقي قابلني لو الشراكة اللي انت داخل فيها تمت، أصل محدش بيحب يشارك واحد بالأخلاق دي
صرخ عليها بغل:
انتي بتهدديني!!
أومأت له بتحدب قائلة :
آه بهددك، ويكون في علمك، أنا مش باقية على حاجة وبايعة، يعني ما تقولش مش هقدر أعمل حاجة وبهوش، لا، أنا أقدر أعمل أكتر من كده، وأعرف حاجات تخلي سمعتك زي اللبانة في بوق كل واحد، بداية من كاميليا هانم واللي عملته زمان
نظر لها بغل وغضب، ثم قال بحدة :
انتي طا.....لكن صوته توقف فجأة حين قاطعته فريدة، التي دخلت عليهما تحمل بيدها كأسين من العصير قائلة بهدوء يسبق العاصفة :
استهدوا بالله يا ولاد، اشربوا العصير ده يهدي أعصابكم، وبعدين نتفاهم من غير خناق
رددت ميان بعناد وغضب:
مفيش حاجة نتفاهم عليها يا فريدة، أنا عايزة الطلاق، خليه يرمي عليا اليمين ويخلصني
رد عليها سفيان، بحدة وسخرية :
خلصت روحك!!
صرخت عليه ميان بغضب :
خلصت روحك انت!!!
صرخت فريدة عليهما بصرامة ليصمتوا :
اقعدوا، واطفحوا العصير، مش عايزة أسمع صوت حد فيكم!!
جلس الاثنان مجبرين في صمت، كان الغضب يملأ قلب ميان كيف يتجرأ ويهينها هكذا، لقد صفعها، وهي التي نشأت في منزل والدها، لم يتجرأ أحد على لمسها....حتى والدها نفسه!!
بينما سفيان كان في قمة الغضب، خاصة بعد كلمات نرمين التي سردت له ما فعلته ميان بها، وأضافت عليها أشياء لم تحدث، لتأتي الآن ميان وتزيد من غضبه نحوها وتهدده ايضًا
رددت فريدة بصوت صارم :
اشربوا العصير ده، واهدوا
زفرت ميان بضيق وقالت بانفعال :
مش عايزة أشرب
رد عليها سفيان بغيظ وحدة :
ان شالله ما عنك طفحتي!!
صرخت عليه ميان بغضب :
انت قليل الأدب
صرخت عليهما فريدة بغضب :
أخرس أنت وهي اشربوا العصير، ومش عايزة أسمع نفسكم، قسماً بالله لو ماعملتوش كده، هتطلعوا بره، ومش هتدخلوا بيتي تاني لأخر يوم في عمري
ارتشفت ميان العصير مرغمة، كذلك فعل هو، بينما فريدة تراقبهما بتوتر، وبداخلها كانت تُقنع نفسها بأن ما تفعله هو الصواب، فلو انفصلا، سيذهب كل ما قامت به سدى
استأذنت منهما لدقائق، ثم دخلت إلى أحد الغرف، ونادت عليهما، وعندما دخلا، خرجت بسرعة وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح، حتى أنها صرفت الخادمة
صرخ عليها سفيان بغضب من الداخل :
بتعملي إي يا فريدة، افتحي الباب ده
صرخت عليها ميان بانفعال هي الأخرى :
عاوزة توصلي لإيه بحبسك لينا هنا يا فريدة
ردت عليهما فريدة بهدوء :
اتكلموا بهدوء، واتفاهموا، أنا رايحة عند جارتي وهارجع كمان شوية، ياريت بلاش صوت عالي وصريخ
ثم عادت إلى المطبخ، ممسكة بالشريط الذي جلبته الخادمة لها، كانت الأقراص التي وضعتها لهما عبارة عن "منشطات" وضعتها بعصير ميان وسفيان، أرادت أن يكتمل زواجهما، حتى لا يصبح أمام ميان سوى خيار واحد فقط.......وهو الاستمرار في تلك الزيجة
تعليقات



<>