
رواية بعينيك اسير
الفصل الحادي والثلاثون31
بقلم شهد الشوري
ابتعدت انجي ما ان اقتحمت ميان المكتب بينما فارس ظل صامتاً ينظر لها بجمود و عدم مبالاه فاقتربت منهما قائلة بنبرة رقيقة وهي تتمسك بذراع فارس بعدما لثمت وجنته برقة :
حبيبي كويس اني لقيتك في مكتبك مش في العمليات انا خلصت محاضرات بدري و قولت اعدي عليك نروح سوا
صدم من فعلتها لكنه بقى على هيئته بينما انجي كورت قبضة يدها بغل وحقد خاصة عندما التفتت ميان لها قائلة ببرود و تهكم :
انجي انتي هنا مخدتش بالي منك خالص ، ماقولتليش بتعملي ايه هنا
ردت عليها انجي بسخرية :
مكتب ابن خالتي و من حقي ازوره في اي وقت ، إلا بقى لو انتي عندك اي اعتراض ، غيرانة مثلاً على فارس مني
ضحكت ميان بخفوت قائلة بسخرية :
غيرانة !!!
كان فارس يتابع الحديث الدائر بينهما في صمت سرعان ما تحول لغضب عندما لاحظ استهزاء ميان بأخر كلماتها
فتابعت ميان حديثها بسخرية :
اغير منك انتي لأ بجد ضحكتيني ده انتي اخر واحدة انا ممكن اغير منها.....اصل هغير من ايه ما هو لو كان عايزك كان رجعلك من زمان
ردت عليها انجي بغل :
بس فيه مثل كان بيقول ايه ، كان بيقول ايه يا انجي اه افتكرت.....بيقول القديمة تحلى و لو كانت وحلة
ضحكت ميان وقالت بسخرية :
وحلة ايه يا انجي عيب يا حبيبتي متقوليش على نفسك كده
قضمت انجي جلد فمها من الداخل بغل وحقد كبير بينما فارس بصعوبة اخفى ابتسامته حتى دخلت احد الممرضات تقول بجدية لفارس :
دكتور فارس محتاجين حضرتك تحت في الاستقبال
اومأ لها بصمت و قبل ان تغادر اوقفتها ميان قائلة بتهكم و هي تنظر لأنجي بسخرية :
استني لو سمحتي يا انسة وصلي المدام في طريقك لباب المستشفى اصلها جت علة المكان الغلط !!!
غادرت انجي برفقة الممرضة و هي تتوعد لها و كم تشعر بالغل والحقد الشديد عليها، بينما ميان التفتت تنظر لفارس الذي كان كما هو يناظرها بجمود، فاقتربت منه تعطيه باقة الزهور قائلة باعتذار و هي تحني رقبتها :
فارس انا اسفه ماكنتش اقصد اللي حصل
لم يأخذها منها بل لم ينظر لها من الأساس كل ما فعله ان ردد بجدية قبل ان يترك الغرفة و يرحل :
غيري هدومك لو جاية تتدربي اما لو لأ فانتي عارفة تروحي ازاي
شعرت بالحزن الشديد من فعلته تنهدت بحزن و ابدلت ثيابها لتباشر عملها و مهما حاولت الحديث معه يتجاهلها و لا يرد سوى بكلمات مقتضبة
مر الحال بينهما هكذا لعدة أيام مهما حاولت لا يسامحها !!
خرجت من المنزل بعدما نظرت لهيئتها للمرة الأخيرة فستان شتوي الجزء العلوي من الصوف الأزرق الثقيل نظراً لبرودة الجو بفصل الشتاء و الجزء السفلي منه مصنوع من الجلد الأسود رفعت شعرها الأعلى بكعكة جميلة تنساب منها بعض الخصل على وجهها اعطتها مظهراً رائعاً..... كانت في غاية الجمال
لقد قامت والدة كارم بدعوتها على العشاء اليوم ما ان وصلت أمام باب الفيلا الخاصة به طرقت الباب لكن قبل ان يفتح وقفت بجانبها فتاة أول مرة تراها ترتدي ملابساً لا تليق بالمرة مع الحجاب الذي تغطي به رأسها !!!
فتح الباب و ظهر من خلفه كارم الذي ردد بابتسامة :
يا اهلا بالقمرات
نظرت له برفعة حاجب من تلقيبه للفتاة الأخرى بالقمر، تساؤلات كثيرة دارت برأسها من تلك و لما يدعوها هكذا، دخلوا للداخل فمسك كارم بيد سمر قائلاً بابتسامة :
اعرفكم ببعض همس متربين سوا من زمان و دي سمر بنت خالة فارس نعرف بعض بردو من واحنا صغيرين
نظرت لها همس بابتسامة صفراء بادلتها الأخرى بمثلها بينما كارم كان يبتسم بزاوية شفتيه و هو يلاحظ تغير همس و علامات الضيق المرتسمة على ملامح وجهها و هي تنظر ليده الممسكة بيد سمر !!
قادتهم والدته لغرفة الطعام و لم تتوقف عن القاء نظرات غاضبة تجاه كارم الاحمق لقد قامت بدعوة همس ليتقربوا من بعضهم ليقوم هو بدوره بعزيمة سمر التي لم تحبها يوماً، فهي منذ سنوات تعمل جاهدة على الايقاع بكارم ليتزوج بها !!
طوال العشاء لم يتوقف كارم عن الحديث مع سمر متجاهلاً همس تماماً حتى بعد ان خرجوا للصالون ظل ملازماً لها
كانت همس تجلس تنظر إليه و هو يتحدث مع تلك المائعة كما اطلقت عليها و كيف يضحك الاثنان سوياً، فكارم يتجاهلها تماماً منذ ان جاءت لم يحدثها سوى مرة او اثنان فقط !!!!
دخلت والدته لتصلي العشاء وطلبت منها انت تنتظرها لكنها لم تستطع ان تبقى وتراهما هكذا قضمت شفتيها من الداخل بغيظ و غيرة !!
قادتها قدمها للحديقة تتمشى بها حتى توقفت امام باب الاسطبل الخاص بالخيول دخلت للداخل تمسد على رأس أحد الخيول ذات اللون الأبيض برفق تحدثه وكأنه شخص يفهمها:
انا ليه متضايقة عشان بيكلمها، طب انا ليه مش بنسى كلامه وعلطول في بالي، انا محتارة حاسة بفرح بس مع الفرح ده فيه خوف و توتر كبير
استندت برأسها على رأس الخيل برفق مرددة بضيق :
يمكن اتضايقت عشان حسيته اتجاهلني مش زي ما متعودة منه ، او يمكن اتضايقت عشان لقيت نفسي قاعدة وسطيهم لوحدي ، او يمكن عشان سبب انا مش قادرة انطقه و لا اقتنع بيه او يمكن بكابر !!
تنهدت بعمق ثم قالت بحيرة :
انا مش فاهمة حاجة و مش عارفة حاجة مية سؤال بيدور جوايا و الإجابة بتروح لجهة واحدة و هي اني بحب كارم ، بس ازاي ، وهو طول عمره اخويا و دايماً بشوفه كده
ضمت ذراعيها لصدرها متابعة بحزن :
المشكلة اني خايفة أكون بتسرع زي المرة اللي فاتت، مجرد اعجاب فكرته حب و كان للشخص الغلط و دلوقتي كارم و انا......
صمتت للحظات ثم تابعت بحزن وغيظ :
انا زعلانة و متضايقة اوي عارف انا نفسي دلوقتي اروح اجيبها من شعرها ، ده اول مرة يشوفني لابسة فستان من غير ما يعلق و يقولي حلو و اني زي القمر
ذمت شفتيها مرددة بضيق ةغيرة :
حبها امتى دي، اصلا تحسها سهنة كده ومش مظبوطة، يمكن عشان أحلى مني شوية و محجبة
كانت تتحدث بعشوائية و غضب من نيران الغيرة التي تشتعل بقلبها غافلة عن كارم الذي يقف بالخارج يستمع لحديثها و ابتسامته تزداد اتساعاً، اقترب منها عندما قالت اخر جملة بحديثها قائلاً بصوت خفيض بجانب اذنها :
مفيش أحلى منك في الدنيا كلها
شهقت بفزع و التفتت بجسدها للخلف حتى كادت ان تسقط لكنه لحق بها محاوطاً خصرها بيديه، فأصحبت قريبة منه جداً !!!
ابتلع ريقه بصعوبة و هوينقل نظره بين عيناه وشفتيها والأخرى تنظر له بأعين متوسعة من الصدمة وسألته بصوت هامس مرتجف :
انت بتعمل ايه هنا
رد عليها بحب وهو يقربها منه اكثر :
انا دايماً في اي مكان قلبي يكون موجود فيه
توردت وجنتها بحمرة الخجل وحاولت ابعاده عنها لكنه تمسك بها اكثر يجذبها نحوه مردداً بحب :
مش كفاية هروب بقى !!
ردت عليه بتوتر و هي تتهرب بعيناها بعيداً عنه :
هروب ايه
ابتسم مردداً بجانب اذنها بمشاكسة :
هروب مني ومن اسئلتك واجابتها اللي بتروح لجهة واحدة وهي انك بتحبيني....بتحبيني زي ما انا بموت فيكي ♡
توسعت عيناها بتوتر و صدمة لقد أستمع لحديثها، فردت عليه بتلعثم :
انت فاهم غلط مش زي ما انت سمعت !!
رفع ذقنها مرة واحدة لتنظر له قائلاً :
همس مش بتعرف تكدب و لو حصل و حاولت عيونها دايماً بيفضحوها زي دلوقتي كده قلبك بيقول حاجة و لسانك بيقول حاجة....و عينك بتهرب من عيني عشان بتكدبي
توترت فوضعت يدها على يده التي تحيط خصرها تبعده عنها لكنها بقى متشبثاً بها بقوة قائلاً بصوت خفيض و هو ينظر لداخل عيناها :
ليه مستخسرة فيا تقولي اللي حاسة بيه ، ليه بتهربي مني يا همس.....ليه!!!
ردت عليها برجاء ان يتركها تذهب :
كارم ابعد مينغعش اللي بيحصل ده....كارم
ردد بصوت خفيض ووهو يقترب بوجهه منها :
قلب كارم اللي من يومك مغلباه معاكي
تاه كل منهما في عيني الآخر، كأن الزمن توقف عند تلك النظرة، كانت العيون تتحدث بلغة لا يفهمها أحد سواهما، بحر من المشاعر العميقة المتشابكة، يأخذ كل منهما إلى عوالم لا تنتمي إلى الواقعؤ في تلك اللحظة، كان الصمت أبلغ من أي حديث، والأنفاس تتردد كأصداء داخل قلوبهما
لكن، فجأة، اخترق هذا السكون صوت سمر العالي، كصخرة ألقيت في بحيرة هادئة، تلاشت تلك اللحظة كما يتبدد الضباب عند أول شعاع شمس، وعادا إلى الواقع، حيث الصخب يفرض نفسه على الهدوء، وحيث الكلمات تأخذ مكان النظرات :
كارم انت هنا ، كااارم !!!
جذب كارم همس إلى زاوية بعيدة، حيث الظلال تخفيهما عن العيون المتلصصة بقي مكانه، يراقبها بعينين تملؤهما اللهفة بينما سمر تبحث عنه وحين لم تجد أحدًا غادرت
بينما كارم وهمس توقف الزمن بينهما، عيناها تنعكس في مرآة عينيه تقدم نحوها بخطوات تشبه الهمس، رفع يده برفق، لامس وجنتها كمن يلامس حُلماً يخشى أن يتبدد أصابعه تتلمس دفء بشرتها، كاد أن يقترب منها كما في المرة السابقة، لكنها استفاقت فجأة من سحر تلك اللحظة ودفعته وركضت للخارج، تشعر بالذنب ينهش قلبها، فهي باتت تدرك أن قربها من كارم يقودها لطريق لم تُربى عليه، وليست هي من ترتكب خطأ كهذا !!
كانت سيلين تدخل مع قصي من باب المنزل تخفض وجهها ارضاً فهي تفاجأت به صباح اليوم على باب منزلهم يخبر كلاً من والديها انه سيردها لعصمته من جديد، وها هي الآن تدخل معه من باب المنزل وما ان أغلق الباب جاءت لتتحدث لكنه قاطعها قائلاً بصرامة :
اول حاجة عشان نكون على نور انا رديتك عشان خاطر امي اللي اجبرتني على كده و عشان خاطر ابني تاني حاجة
ثم اشار بيده لأحد الغرف :
هتقعدي في الاوضة دي و ملكيش دعوة بيا ، انتي في اوضه و انا في اوضة في شغالة هتيجي من بكره تساعدك في شغل البيت
ردد بصرامة و هو ينظر لداخل عيناها التي تنساب منها الدموع بصمت :
كل اللي بيني و بينك ابني يا سيلين !!
قال ما قال ثم غادر المنزل و تركها وحيدة تبكي و تنتحب بقوة تعالى رنين جرس المنزل ذهبت لتفتح الباب لتجد امامها والدته ارتمت بأحضانها تبكي بقوة فربتت الأخرى على ذراعها وهي تأخذها وتدخل للمنزل تجلس على اقرب اريكة :
بطلي عياط لأنه لا بيقدم و لا بيأخر ، انا خليته يرجعك ليه الباقي بقى عليكي انتي اتلحلي كده و خليه يسامحك
تنهدت بعمق ثم تابعت :
قصي زعلان منك و مجروح اوي ، بس للامانة هو معاه حق يزعل اركزي يا بنتي و اعقلي مش عشان موقف حصل من غير ما تسمعي منه تهدي بيتك و حياتكم ، حافظي على بيتك و الأهم من ده كله خلي عندك ثقة في جوزك لو هو عايز غيرك كان اختار و من زمان بس هو اختارك انتي و حبك انتي بس من بين كل البنات
ثم وضعت يدها على بطنها موضع الجنين وتابعت بحنان:
حافظي على بيتك يا بنتي عشان خاطر ابنك اللي جاي في السكة و عشان قصي اللي انتي عارفة و متأكدة انه بيحبك و هو اخر واحد في الدنيا دي ممكن يأذيكي ، استحمليه لحد ما يصفى من ناحيتك غضبه منك عاميه دلوقتي عن اللي بيعمله
اومأت لها سيلين و هي عازمة على اصلاح ما افسدته بسبب قلة ثقتها و تسرعها الدائم ستستعيد ثقة زوجها من جديد !!
في صباح اليوم الذي يسبق يوم عقد قران لينا كانت ميان تجلس معه على طاولة الطعام يتناولون الافطار في صمت تام قطعه رنين هاتف ميان برقم والدها الذي ما ان اجابت اخذ يسألها عن حالها ثم طلب منها ان تعطيه فارس ليتحدث معه
اخذ منها فارس الهاتف يرحب به بعدها اخبره رأفت :
زي ما انت عارف يا فارس كتب كتاب لينا بكره لو تحب هات ميان و تعالى بيتوا معانا انهارده و بكره واهو بالمرة ميان تكون جنب لينا في الوقت ده وعليا تشوفها وتطمن عليها
شعر فارس رغبة والديها في مجيئها فوافق بدون تردد و ما ان اغلق الهاتف اخبرها لتتجهز ثم دخل لغرفته قائلاً دون النظر إليها :
جهزي نفسك عشان ننزل
اومأت برأسها بصمت حزينة على حالها و حاله !!
في المساء بمنزل والديها بعد ان قضوا بعض الوقت سوياً رددت عليا بابتسامة :
اطلعوا ارتاحوا يا ولاد زمانكم تعبانين و يومكم كان طويل ، تصبحوا على خير
صعد الاثنان معا إلى غرفتها وأغلق فارس الباب خلفهما بالمفتاح....لم يتفوه بأي كلمة، بل أخرج ملابس للنوم من حقيبته، ثم نظر حوله حتى لمح بابًا آخر، فخمن أنه الحمام دخل إليه وتركها واقفة في منتصف الغرفة، تحدق في أثره بعينين يملؤهما الحزن
بدلت هي الأخرى ملابسها في غرفة الملابس، ثم خرجت لتقف أمام الفراش،و قبل أن تتمكن من التحدث، اخذ فارس وسادة، ووضعها على الأريكة الصغيرة الموجودة في زاوية الغرفة، ثم تمدد فوقها، متجاهلًا إياها تمامًا
اقتربت منه ميان وقالت بتوتر :
فارس الجو برد والكنبة صغيرة مش هترتاح في النوم تعالى نام على السرير أحسن ما تتعب
لم يرد عليها فتابعت بحزن :
فارس لأمتى هنفضل لكده ، اعتذرت منك كتير بس مفيش فايدة برده مش راضي تكلمني ، انا يومها كنت.....اا....ااا...
ضحك بسخرية وقال وهو لايزال يغمض عيناه :
روحي نامي و الصبح تكوني فكرتي في حجة تقوليها تبرري بيها اللي عملتيه....زي كل مرة، بس صدقيني مهما لقيتي حجة مش هتنفعك
ثم اعتدل بحسده وتابع بحدة :
عارفة ليه، لأن عمري ما هقدر أكون معاكي زي الأول من يوم جوازنا مغلطتش فيكي كنت براعي كل كلمة بقولها أحسن تضايقك، احترمت رغبتك بأنك مش عايزاني اقرب منك او المسك
ثم تابع بألم فشل في اخفائه :
لكن انتي زي ما قولتلك بتتفنني تدمري اي وقت سعيد بينا و بتختاري اقسى كلام تقوليه ليا
صمت للحظات ثم تابع بضيق و وجع :
انا بشر يا ميان من لحم و دم مش ملاك نازل من السما عشان استحمل كل اللي بتعمليه و اسكت انا برده بحس و بتوجع، كلامك اللي بتقوليه و بعديه و اقول معلش ماكنتش تقصد لكن لأمتى هفضل اقول ماكنتش تقصد
صمتت تستمع لحديثه و هي تتألم لأجله و لأجلها نظر لها مطولاً ثم قال بصرامة :
من انهاردة حتى لمسة الايد مش هلمسها ليكي يا ميان !!!
قال ما قال، ثم تمدد على الأريكة، مُعطيًا ظهره لها وكأنما يقطع آخر خيط بينهما تنهدت بعمق، ثم ذهبت بصمت وجلست على حافة الفراش، تحتضن قدميها إلى صدرها كمن يحاول أن يحمي نفسه من العالم، وانسابت دموعها ووضعت يدها على شفتيها، تكتم شهقاتها العالية
لم يغمض له جفن، كان كل جزء فيه يتألم مع كل شهقة تخرج منها صوت بكائها كان كالسكاكين في قلبه قادته قدماه إليها دون أن يشعر، فجلس بجانبها على الفراش يسألها بحزن :
بتعيطي ليه دلوقتي طيب
ردت عليه ميان بدموع وحزن :
انا مش بكون قصدي ازعلك و لا ببقى عاوزة كده ، ليك حق تزعل عارفة بس انا كمان اعمل ايه ، مش بأيدي ، قلبي بيوجعني و انا شايفة نفسي بعمل فيك اللي اتعمل فيا انا....انا مبقاش عندي طاقة لأي حاجى
تألم قلبه لأجلها فردد بحزن مكوراً قبضة يده يمنعها بصعوبة من لمسها وازالة دموعها التي تألم قلبه :
طب امسحي دموعك و كفاية عياط
لم تفعل وتابعت حديثها بندم :
الغلط عندي من الأول ، انا ظلمتك معايا زي ما اتظلمت زمان عملت اللي هما عملوه فيا معاك ، جوازي انا و انت من الأول غلط !!
رد فارس عليها بدون تردد :
جوازي منك هو أحسن حاجة انا عملتها في حياتي يا ميان
صمتت للحظات ثم سألته بحزن :
طب انت لسه زعلان مني !!
ابتسم بخفوت وقال بمرحه المعتاد :
ما هو مش بعد البكى ده كله و النظرة اللي بتبصيلي بيها دي هقول زعلان....ده انا يبقى ماعنديش دم
ضحكت بخفوت وهي تمسح دموعها فردد بغزل :
بعد الضحكة دي انا مش بس نسيت الزعل انا نسيت اسمي اصلاً
ابتسمت بخجل وقالت وهي تبتعد بجسدها قليلاً :
طب يلا هنام على السرير سوا
رأى الرفض في عينيه، لكنه لم يكن ناتجًا عن رغبة في الابتعاد، بل عن جرح عميق في كرامته، جرح كانت هي السبب فيه ترددت لحظة، ثم رفعت عينيها إليه، ورفعت يديها لتتمسك بيده برفق، ثم همست برجاء:
عشان خاطري يا فارس !!
صمت للحظات، ثم أومأ برأسه موافقًا، وتمدد على الفراش بجانبها،فعلت هي المثل، وضعت الغطاء فوقهما، وأغلقا الأضواء ليغرق المكان في سكون مطبق
استلقى على جانبه، وهي فعلت مثلما فعل، كلاهما ينظر إلى الآخر في صمت، شعرت ميان بنبض قلبه المتسارع، فعضت شفتيها بخجل، ثم اقتربت منه برفق و رفعت يده بلطف، لتندس بين أحضانه، وتضع رأسها على صدره لكنه ضم قبضة يده، مانعًا إياها من مبادلته العناق، بينما كلماتها تتردد في أذنه، لا يستطيع نسيانها، رغم مرور الوقت
شعرت بما يدور في أعماقه، فرفعت رأسها قليلًا، ولثمت وجنته، مرددة بخجل:
تصبح على خير يا فارس
ثم عادت لتضع رأسها على صدره، وسحبت يده برفق حتى أحاطتها بها، لم يستطع فارس أن يصمد طويلاً، فقد شدد من احتضانها، كأنما يلتقط آخر خيوط الأمان في تلك اللحظة استنشق رائحة شعرها، التي أصبحت له كالإدمان، وأغمض عينيه ليغرق في سكون لحظة لا يعرف متى ستتكرر
في صباح اليوم التالي طرقت عليا باب غرفتهما عندما تأخروا في النوم و لينا لم تتوقف عن السؤال عن ميان لكن لا اجابة فتحت والدتها الباب بحرج لتقع عيناها على ما جعل السرور يدخل لقلبها ميان تتوسد صدر فارس والاثنان في نوم عميق
بينما خارج الغرفة قطب رأفت جبينه عندما رأها تقف هكذا و تبتسم ببلاهة اقترب ليرى ما السبب ليتفاجأ بالمنظر هو الآخر نظر إلى زوجته معاتباً ثم جذبها للخارج يغلق الباب خلفه قائلاً بضيق:
يصح كده برده يا عليا تدخلي عليهم و هما نايمين
ردت عليه بحرج و لكن نبرتها لم تخلو من السعادة :
قلقت لما خبطت عليهم و محدش ردؤ بس سيبك من كل ده مش شكلهم حلو و هما كده ربنا يهدي سرهم و يحفظهم لبعض و افرح بيهم و اشوف اولادهم عن قريب ان شاء الله
امن على دعائها ثم قال بهدوء :
طب تعالي ننزل وسيبيهم يصحوا براحتهمؤ همس عند للينا خلاص وعرفتها انهم لسه نايمين ولما يصحوا هبعتلها ميان
اومأت له و هي تنزل للأسفل برفقته و الابتسامة لا تفارق وجهها لحظة و لسانها لا يتوقف عن الدعاء لهما بالسعادة
تململ فارس في نومه، لتقع عيناه عليها وهي تتوسد صدره، في لحظة من السكون التام، ظل يراقبها بحبٍ صامت، مفتونًا بجمالها الذي يغرقه في تأملاته، رفع يده برفق ليبعد إحدى خصلات شعرها عن وجهها، فتحت ميان عيناها ببطء، ليقعا على عينيه التي كانت تغمرها نظراته المليئة بالحب، تبادل معها نظرة صامتة، قبل أن يبتسم ابتسامة صغيرة، تخرج من أعماقه، مرددًا بصوت خافت يحمل بين طياته كل معاني العشق والغرام :
صباح الورد يا أحلى وردة اخدتها في حياتي
ابتعدت عنه بحرج وقالت بصوت خفيض خجول:
صباح النور
اعتدل جالساً وقال مشاكساً اياها :
اللي يشوف الكسوف ده مايشوفش اللي عملتيه امبارح و انتي بتنامي في حضني
تحاشت النظر له وقالت بغيظ وخجل :
تصدق بقى انا غلطانة
ثم ركضت أمامه نحو الحمام، فتردد صوت فارس عاليًا، مليئًا بالمرح، قبل أن تغلق الباب خلفها:
اغلطي علطول انا ماعنديش اي مانع يا سكر
في المساء، في منزل لينا، ومع حضور عائلة عمار المكونة من سفيان وفريدة وقصي ووالدته وسيلين، بالإضافة إلى عليا ورأفت وكارم، و والدي همس، عاصم وهبة
ما إن وصل الشيخ الذي سيعقد القران، حتى خرجت لينا، تليها ميان وهمس، وكلهن يرتدين فساتين بيضاء رقيقة كانت طلتهم تلامس الروح، وجمالهن يسلب الأنفاس، كما لو أنهن خرجن من إحدى الحكايات الجميلة
اقترب عمار من لينا ولثم يدها برقة وهو يقول بصوت خفيض سمعته هي فقط :
الناس كلها عندها قمر واحد بتتأمله في السما و انا محظوظ عندي قمرين، قمر اشوفه الصبح وقمر اشوفه بليل ♡
ابتسمت لينا باتساع وهي تخفض وجهها خجلاً، بينما ظل كارم جامدًا في مكانه، عينيه تتسمران على المصيبة التي أمامه. إلى متى ستظل تسرق قلبه وعقله، وتسلب أنفاسه بجمالها الذي لم يرى له مثيل؟
لم يكن حال فارس أفضل منه، فما إن طلت عليه ميان بهيئتها الرائعة التي تسلب الأنفاس، حتى شعر وكأن العالم بأسره اختفى عينيه لم تفارقها لحظة، وكأن الزمن توقف ولحسن الحظ لم يلاحظ سفيان الذي كان يشعر بنفس الشعور، لكن نظراته كانت تحمل شيئًا آخر، ممزوجًا بالندم الذي سيظل يلاحقه طوال حياته......لأنه خسرها
جلس المأذون بين عمار و خال لينا الذي جاء من خارج البلاد خصيصاً ليعقد قرانها لعدم توافر ولي لها، ردد الاثنان خلف المأذون الذي ما ان انتهى ردد جملته الشهيرة :
بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير
ابتسم عمار بسعادة وهو يضع توقيعه، تلاه توقيع لينا والشهود ثم اقتربزمنها، ولثم جبينه برقة وسعادة عارمة غمرت قلبه
استقبل الاثنان التهاني من الجميع، ليقف عمار فجأة قائلاً بصوت عالي مرح :
كتبنا الكتاب و اتبارك لينا خلاص يبقى يلا بقى مع السلامة هاخد مراتي نحتفل سوا مع بعض
لم يُعطي عمار لأحد فرصة للكلام، بل جذب لينا من يدها واندفع نحو الباب، قائلاً بمرح، وسط ضحكات الجميع:
سلام يا قوم!!
كان صوته مليئًا بالحيوية، فيما كانت الضحكات تتناثر من حوله، والفرح يملأ المكان
كانت ميان تقف بجانب فارس الذي لم يكف عن النظر إليها حتى الآن، مال برأسه عليها وقال بحب :
طالعة زي القمر
ابتسمت بخجل، وهي تتحاشى النظر إليه وبعد وقت، رفعت عينيها دون قصد لتتقابل مع عيني سفيان للحظة، فشردت في هيئته، وهي تراه يكاد يبكي من الندم عيناه تلمعان بالدموع لكنها لم تشعر بالشفقة تجاهه أبدًا، بل على العكس، أرادت أن تزيد من نيران غيرته وتضاعف ندمه فتمسكت بذراع فارس ولثمت وجنته برقة بالغة
في تلك اللحظة، كان يقودها حقدها عليه وغضبها منه أرادت أن تغضبه، ولم تحسب حساب فارس الذي لم تنزل عيناه عنها لحظة واحدة شاهد ما فعلت وما كان دافعها، اشتعل الغضب بداخله، لكنه تمالك نفسه بصعوبة حتى لا يلاحظ أحد
التفتت لتنظر إليه، فالتقت عيناها بنظراته التي ظهر الغضب بوضوح فيها، مهما حاول إخفاءه أخفضت وجهها بخجل وهي ترى نفسها تختلق شجارًا جديدًا وخصامًا بينهما، ولم يمضي على مصالحتهما سوى بضع ساعات!!
عادت ميان برفقته بعدما رفض البقاء الليلة في منزل والديها، متعللًا بأنه لديه عمل مهم في الصباح الباكر. وما إن دخلت من باب المنزل وهو خلفها، حتى صفع الباب بقوة، ثم دخل إلى غرفة مكتبه وصفع الباب خلفه مرة أخرى بقوة أفزعتها، فهو غاضب ولأول مرة منذ زواجهما تره غاضبًا هكذا، لكنه كان محقًا في غضبه.....تعلم تمامًا أنه تحمل منها الكثير، تنهدت ثم طرقت باب مكتبه و دخلت تحك جلد يدها بتوتر ابتلعت ريقها ثم قالت بتلعثم :
فارس اا... أنا آسفة مكنتش قصدي...
قاطعها وقال بسخرية ونبرة حادة:
ماكنتيش قاصدة طب قولي لغيري الكلام ده
انتفض من على مقعده وقال بغضب '
قولي لغيري الكلام ده ، كل مرة تغلطي غلطة أكبر من اللي قبلها وتقولي أسفه وأنا أفوت واعدي بس انتي زودتيها آوي ما هو طالما أنا بسكت واعدي وبكلمة أسفه الخلاف بينتهي بينا، بقيتي تتمادي
ردت عليه بصوت مختنق بالدموع :
أنت عارف سبب الجواز ده ايه
صرخ عليها بغضب اعمى :
قبل ما نتجوز ماقولتيش حاجة أنا عرضت وأنت وافقتي على أساس جواز عادي الحياة بين تستمر مش كل واحد في اوضة وعايشين تحت سقف واحد زي الغرب عرضي للجواز من الأول ماكنش عشان تستخدمينني اداة تنتقمي بيها من سفيان !!
انسابت دمعة من عينيها يليها الكثير وهي تقول بحزن :
غصب عني انت ليه مش حاسس بيا مش بأيدي اللي انا فيه ده هو اللي وصلني لكده
صرخ عليها بغضب :
فوقي بقى من اللي انتي فيه ده، انتي في ايدك كل حاجة بس انتي اللي اختارتي تكوني كده اختارتي من الأول تربطي حياتك وسعادتك بيه وخلتيه شايف انه مهما عمل فيكي هترجعيله عشان لسه بتحبيه و حتى بعد كل اللي عمله فيكي لسه جزء من حياتنا و تفكيرك
اقتربت منه تتمسك بيده قائلة بدموع :
فارس اا... انا...
رد عليها بنفاذ صبر وتعب :
فارس تعب ومفيش حاجة تتعمل ماعملهاش حاولت معاكي بدل المرة الف و برده مفيش فايدة، كنت بعدي و اقول معلش اعذرها بس كل مرة كنت بقول كده وافوت تتمادي اكتر وانا بشر يا ميان....وتعبت !!
ثم تابع بحزن وألم واعتراف يخرج من بين شفتيه لأول مرة :
حاولت اخليكي تحبيني زي ما بحبك بس مقدرتش ، دايما سفيان بيني وبينك !!
قال الأخيرة ثم غادر المنزل صافعاً الباب خلفه بقوة غاضب و بشدة منها جلست ارضاً تضم قدمها لصدرها وهي تنتحب، لقد سئمت من تلك الحياة و ما فيها، وفي لحظة، شعرت باليأس وفقدت إيمانها. جذبت قطعة زجاج متناثرة على الأرض أمامها، وضعتها فوق شريان يدها، ومن دون لحظة تردد أو تفكير، قطعتها لتتناثر الدماء من يدها، ثم سقطت فاقدة للوعي......بعد أن نزفت الكثير من الدماء!
في صباح اليوم التالي، فتحت عيناها ببطء، تنظر حولها في عدم استيعاب. سرعان ما تذكرت ما حدث بالأمس، فتلمست يدها لتجدها مضمدة ولا تستطيع تحريكها من شدة الألم
دارت عيناها في الغرفة، لتدرك أنها في المستشفى، وقع نظرها على فارس الذي كان ينظر من نافذة الغرفة بشرود و التفت نحوها عندما سمع صوتها تتأوه من الألم
اقترب منها، و وقف أمامها قائلاً بحدة، متخيلًا هيئتها بالأمس وهي فاقدة للوعي وبركة من الدماء تحيط بيدها، وذكر الطبيب له بالأمس أنه لو تأخر قليلاً، لكانت قد فقدت حياتها :
كنتي بتفكري في إيه وإنتي بتعملي في نفسك كده، ردي عليا، انتي فاكرة فاكرة نفسك بتخلصي روحك من العذاب، تبقي غلطانة إنتي بتخلصي نفسك من عذاب أرحم بكتير من اللي كنتي هتشوفيه في الآخرة عشان كفرتي ويأستي من رحمة ربنا
دخلت في نوبة بكاء مرير، كانت هيئتها وهي تبكي تمزق قلبه من الداخل، لكن غضبه منها كان أكبر بكثير، فخرج من الغرفة متوجهًا إلى مكتبه في نهاية الممر ونظرات الجميعمصوبة نحوه بدهشة!!!!!!
خرجت من المستشفى في اليوم التالي، في حالة صمت تام. وكذلك هو، يلوم نفسه لأنه قسى عليها بالكلمات، فكانت النتيجة تلك الحالة التي وصلت إليها
مرت الأيام وهي في نفس الوضع، صامتة تفعل ما يطلبه منها دون اعتراض، لا ترد على محاولاته المستمرة لفتح أحاديث معها، لا تجيب عليه وكأنها في عالم آخر.
في أحد الأيام، دخل فارس من باب المنزل، لتقع عيناه عليها وهي ممدة على الأريكة، تنظر للفراغ بشرود، كانت تبدو وكأنها في عالم بعيد، اقترب منها وسألها بحزن:
لأمتى هتفضلي كده؟
لم ترد عليه، فانحنى على ركبتيه ليصبح في مستواها، ثم قال بصوت مختنق حزين، معاتبًا إياها :
انا اللي المفروض ازعل مش انتي يا ميان
اعتدلت في جلستها وكأنها تستعد للدخول إلى غرفتها، لكنه تمسك بيدها مانعًا إياها من التحرك وقبل أن يقول شيئًا، سبقته هي قائلة بنبرة خاوية، لا حياة فيها، وهي تبعد يده عنها :
انا عاوزة انام
بالفعل، تركته ودخلت إلى غرفتها، تُغلق عينيها على واقعٍ مرير تعيش أشد قسوة منه في كوابيسها....حتى النوم لم يرحمها
بينما فارس بقي في مكانه، ينظر إلى أثرها بحزن شديد، وبداخله يلعن سفيان وما فعله بها، والغضب الذي تمكن منه ليقول لها تلك الكلمات القاسية التي أوصلتهم إلى ما هم عليه اليوم
استمر الوضع بين كارم وهمس على ما هو عليه، تذهب إلى جامعتها ثم تعود إلى المنزل، أو تذهب إلى المستشفى لتواصل تدريبها و بعد عدة أيام من تجاهلها لجميع اتصالاته ومحاولاته المستمرة للتواصل معها، قررت أن تهاتفه، متغلبة على خجلها عندما علمت من والدها أنه ذهب في الصباح ليلقي القبض على أحد العصابات الخطيرة، أرادت الاطمئنان عليه، لكن هاتفه كان مشغولًا لأكثر من نصف ساعة، بدأت تتساءل مع من يتحدث كل هذا الوقت ؟
مرت دقائق قصيرة ثم عالى رنين هاتفها برقمه اجابت عليه بحدة وغيرة وهي تعتقد انه يتحدث كل ذلك الوقت مع تلك المدعوة بسمر :
كنت بتكلم مين يا كارم بقالي ساعة برن عليك !!
جاءها صوته الهاديء :
مفيش دي سمر كنتي عايزاني في حاجة ضروري
صمتت للحظات و هي تكور قبضة يدها بغضب كبير و غيرة تشتعل بقلبها فسألها بمكر :
همس مش بتردي ليه ، انتي كنتي عاوزاني في حاجة عشان كده بتتصلي !!
ردت عليه بحدة قبل ان تغلق الهاتف بوجهه :
لأ مش عايزة حاجة منك ، وفر وقتك للبتاعة اللي كنت بتكلمها ومن غير سلام
سألتها لينا بمكر :
مالك متعصبة كده ليه
ردت عليها همس بغضب :
فين ده اللي متعصبة شيفاني بشد في شعري يعني ما انا كويسة اهو
ضحكت لينا بسخرية وقالت :
ده اللي ناقص فعلاً
صرخت عليها همس بحدة و نفاذ صبر :
لينا سبيني في حالي دلوقتي
تنهدت ميان وسألتها بهدوء :
همس حصل ايه لكل العصبية دي
أخذت تحرك قدميها بعصبية قائلة بغيرة واضحة :
بقالي ساعة بكلمه عشان اطمن عليه و في الآخر يقولي بكلم ست زفته انا استاهل ضرب الجزمة والله اني عبرته و اتصلت بيه
سألتها ميان بتعجب :
هو مين ده !!
ردت لينا عليها بثقة :
هيكون مين يعني.....اكيد كارم
سألتها ميان مرة أخرى:
همس انتي غيرانة عليه !!!
نفت برأسها وقالت بتوتر :
لأ طبعاً أغير ليه و على مين كل الحكاية ان اتغاظت عشان مردش عليا
لكزتها لينا بذراعها وقالت بتهكم :
لا والله هبل احنا بقى
رددت ميان بهدوء :
يكلمها و لا لأ انتي ايه اللي مزعلك في الموضوع
اشاحت بوجهها بعيداً عنهما لتردد لينا بمكر :
ما انتي ياما اتصلتي بينا و محدش رد أول مرة تتعصبي ، مش شايفة انك مكبرة الموضوع، لا تكوني بتغيري من ست زفته اللي بتقولي عليها
ردت عليهما بحدة تداري بها توترها :
بيتهيألك مفيش الكلام ده !!
رددت لينا بسخرية :
والله انتي اللي بيتهيألك
صمتت ميان للحظات قبل ان تقول بهدوء :
همس ارسي على بر ، ريحي نفسك و ريحي كارم كمان لو مش عايزاه سيبيه يشوف حياته ، اما لو العكس فالطريق قدامك معروف و سهل بكلمة واحدة بس هتكسبيه
رددت همس بتوتر :
انتوا كبرتوا الموضوع اوي كل الحكاية بس ان البنت باين انها مش كويسة.....
قاطعتها لينا وقالت بمكر :
مالكيش دعوة يا همس بأي حاجة كويسة او مش كويسة الموضوع في ايد كارم مايخصكيش خالص انتي رفضتي حبه وشيفاه اخوكي يبقى تسبيه يشوف حاله و يأسس حياة لنفسه
صمتت همس بضيق بينما ميان قالت بهدوء :
لينا معاها حق حددي انتي عاوزة ايه الأول يا همس بعدها على أساسه اتعاملي
صمتت همس تنظر للفراغ بشرود بينما لينا تبتسم بمكر على نجاح خطتها هي و كارم !
في المستشفى، كان فارس يجلس بصمت مع "سهيلة" الطبيبة التي تخطت الخمسين، ويثق بها كثيرًا، سألته بهدوء بعدما طال صمته :
خير يا دكتور فارس، حضرتك عايوز تقول حاجة
تنهد فارس بعمق قبل أن يرد بجدية، والقليل من التردد :
الصراحة، كنت عايزك في موضوع شخصي، وأتمنى الكلام اللي بينا ما يطلعش بره
أومأت سهيلة برأسها، مؤكدًة:
أكيد، يا دكتور، تقدر تتكلم براحتك
بدأ فارس في سرد ما حدث مع ميان، مستعرضًا ما أخبره به والدها، وبعد أن انتهى من الحديث، نظرت سهيلة إليه بصمت، ثم سألته بهدوء :
طب حضرتك ليه مخلتهاش تيجي بنفسها
أجاب عليها فارس بتنهيدة:
مش عارف إذا كانت هترفض الخطوة دي ولا لأ، و هل ده طبيعي وفترة وهتمر ولا لازم تتدخل مختصة زي حضرتك
ثم تابع حديثه ومشاعر الغضب والحقد على سفيان تغلف كلماته :
بسمع صوتها أحيانًا تنادي اسمه في نومها، وكانت قبل كده قالتلي إنها بتحلم بكوابيس عن اللي حصل
نظر لها بحيرة، ثم سألها :
المفروض أعمل إيه، و أتعامل معاها ازاي
صمت للحظات ثم تحدث بحرقة :
لما أقرب منها، بتبعد، مش عايزاني ألمسهاومش عارف إذا كانت بتبعد علشان لسه بتحبه، ولا لأن الحادثة دي سببت لها عقدة، اللي مخليني في حيرة كده انها مش بتفوت فرصة كل ما نكون موجودين في مكان معاه تعمل حركات عشان تخليه يغير ، بتستخدمني أداة يعني
أجابته سهيلة بهدوء :
دكتور فارس، حضرتك مش محتاج تقنع زوجتك، لأنها في الأصل بتتعالج
كان فارس في حالة صدمة، وهو يستمع لباقي حديثها:
حضرت معايا جلسة واحدة إمبارح، وحكتلي كل حاجة واللي حضرتك بتتكلم عنه ده أنا عارفاه
ابتسم بسعادة على اتخاذها تلك الخطوة فتابعت سهيلة حديثها بجدية :
دكتور فارس انت عايز تساعدها وانا متأكدة من ده، انت جزء اساسي من شفا زوجتك عشان كده انا قولتلك دلوقتي
رد عليها بلهفة :
انا مستعد اعمل اي حاجة بس المهم هي تكون كويسة وترجع تعيش حياتها من تاني
ثم تابع بحزن :
حتى لو هبعد عنها ماعنديش مانع
صمتت سهيلة للحظات ثم قالت بحرج :
اول التعليمات لعلاج ميان ، العلاقة الزوجية بينكم مش لازم تكون دلوقتي خالص
نظر لها باهتمام لتتابع بجدية :
لأن الطبيعي ان اي ست بتتعرض لحادثة من النوع ده بتسبب اثر نفسي كبير، زي انها تبقى رافضة العلاقة الزوجية او اي تلامس من الجنس الآخر لأن الوضعية دي بتفكرها باللي حصلها واتعرضت ليه، الموضوع عايز صبر يا دكتور فارس
اومأ لها وقال بهدوء :
زي ما قولت لحضرتك،اي حاجة في مصلحة ميان انا هعملها
ابتسمت وقالت بهدوء :
واضح انك بتحب زوجتك اوي يا دكتور فارس، بس خليني اقولك حاجة، مفيش بنت بتحب اللي بيخليها تعيش تجربة قاسية زي اللي اتعرضت ليها زوجتك، و نادراً ده اذا ماكنش مستحيل ان في اي ست في الوجود يكون جواها ذرة حب لشخص اذاها كده، الموضوع بيكون رغبة في انتقام مش اكتر
اومأ لها برأسه فتابعت بأسف :
ميان بتمر بحالة صعبة للأسف، رغبتها في اي حاجة معدومة يعني انت ملاحظتش انها بتفضل منعزلة بعيد عنك طول اليوم في اوضتها واغلب الوقت مع نفسها، حتى اصحابها اغلب وقتها معاهم بقت بعيد عنهم مش زي الأول
اومأ لها بنعم و هو ينصت لها باهتمام :
ده حتى مذاكرتها مش زي الأول ذهنها مشتت و مالهاش رغبة في اي حاجة، الكلام اللي بقوله على حسب كلامها معايا
اومأ لها وقال بحزن :
هي فعلاً كده و ساعات كتير لما بتكلم معاها بحس انها في دنيا تانية مش مركزة وبترد على الكلمة بس
تنهدت وقالت بجدية :
اول حاجة ميان مش لازم تكون لوحدها ابداً اشغل عقلها ماتديهاش فرصة انها تفكر في اللي حصل، خلي بينكم مثلاً رياضة مشتركة تمارسوها كل يوم ، ماتخليهاش تفضل في عزلتها طول الوقت في الاوضة، الهي عقلها عن التفكير في الليلة دي وكل اللي حصلها، وكل ما تلاقيها لوحدها اشغلها بأي حاجة
ثم تابعت بهدوء :
ميان للأسف يوم التقارب اللي حصل بينكم او زي ما فكرت انه حصل اتعصبت لأنها افتكرت اول مرة قرب منها سفيان كانت مش في وعيها والتانية كانت بالغصب و التالتة كانت معاك و برده مش في وعيها يعني التلاتة ماكنوش برضاها، هي حست بنفس شعورها مع سفيان يومها
اومأ لها فارس بحزن لتتابع سهيلة من جديد :
ده المطلوب منك دلوقتي انك تكون داعم ليها يا دكتور فارس، حسسها بالأمان لأنها حرفياً مفتقداه، يعني اتعامل معاها كأخ و صديق.....وخلي صفة الزوج دي لبعدين هنحتاجها
قالت الأخيرة بمرح ثم صمتت للحظات و تابعت :
ميان ادت كتير قبل كده دلوقتي هي محتاجة تاخد....محتاجة تتحب!!
تنهدت وقالت بهدوء :
تعرف ان الحب هو سر كل حاجة في حياتنا وسبب انك هنا قدامي وسبب حالة ميان وسبب حالة سفيان اللي عمري ما شوفته بس من وصف ميان هو فعلاً محتاج يتعالج و ياخد الخطوة دي زيها
اومأ لها بصمت و قبل ان يغادر التفت لها وقال :
بلاش ميان تعرف اني عرفت
سألته بهدوء :
ليه !!!
تنهد ثم رد عليها بجدية :
لو كانت عايزة تعرفني كانت قالت، بلاش اسبب ليها حرج، خليها هي من نفسها تختار الوقت المناسب اللي تقولي فيه او تحتفظ بيه لنفسها زي ما تقرر
اومأت له وقالت بابتسامة :
دكتور فارس كلامي معاك و نصايحي مش تقليل منك بالعكس انت محترم جداً و زوج مراعي واحنا بينا عشره، ده غير اني عارفة تعاملك مع زوجتك السابقة كان ازاي رغم ان زواجك منها كان من غير حب، فما بالك بقى باللي بتحبها، بس مع كده حبيت اقولك
اومأ لها بامتنان ثم غادر المستشفى متوجهاً لجامعتها، بحث عنها حتى رأها تجلس في احد الزاويا تضع سماعات الأذن تستمع الموسيقي و تنظر للفراغ بشرود!!
اقترب منها وقال بابتسامة وهو ينزع السماعات من اذنها :
قاعدة لوحدك ليه
ردت عليه بهدوء وهي لازالت تنظر لنفس النقطة :
محاضرتي لسه فاضل عليها نص ساعة، وهمس و لينا راحوا المطعم عشان يتغدوا
سألها و هو يجلس بجانبها :
طب انتي ماروحتيش تتغدي معاهم ليه
ردت عليه ببرود :
ماليش نفس
ثنهد بعمق ثم قال بحزن:
امبارح برده ماكنش ليكي نفس، وقبله بتاكلي بالعافية، لازم تهتمي بصحتك اكتر من كده يا ميان
ثم تابع بضيق :
انتي لا بتهتمي و لا بتسبيني اهتم
طال صمتها قبل ان تقول بصوت مختنق :
انا تعبانة اوي يا فارس، انا مش عايزة اي حاجة مش عايزة اكل ولا عايزة ادرس ولا.....ولا عايزة اعيش !!
تكونت طبقة من الدموع على عيونها وهي تتابع بقهر :
الموت ارحم من العيشة اللي انا عايشاها دي ، لا عارفة ارجع زي الأول و لا عارفة أكمل حياتي انا في النص بالظبط يا فارس مش عارفة اخد خطوة و كل ما بخطي خطوة برجع تاني لنقطة الصفر
جذبها من يدها برفق وخرج من الجامعة يدخلها لداخل سيارته، ثم أنطلق بها لمكان هاديء على البحر خالياً من الناس والأخرى مستسلمة تماماً لما يفعل
جذبها لتجلس على الرمال وجلس بجانبها مردداً بصوت دافيء حنون :
كلامي معاكي آخر مرة وجعك عارف و قبله بردو كلامي وجعك بس بيبقى غصب عني بتوجع منك و ده بيكون رد فعلي.....سامحيني عشان قسيت عليكي اخر مرة
تراجعت بجسدها تنام على الرمال وهي تقول بحزن وخط من الدموع يسيل من عينيها :
انت كل اللي بتقوله و بتعمله صح يا فارس انا بس اللي غلطانة زي ما كنت زمان غلطانة ، انا ظلمت نفسي زمان و ظلمتك معايا
نفى برأسه وقال بحب :
انتي ماظلمتنيش يا ميان انا عارف من الأول ان ده هيحصل بس وافقت لأن ده الطريق الوحيد اللي كان هيقربني منك و اضمن بيه قربك لأني خوفت.....خوفت تحني ليه من تاني
نفت برأسها وقالت بنفور :
مستحيل احن ، الشخص بيحن لحد حبه من قلبه وليه ده مع بعض ذكريات حلوة ، وبيحبوا بعض....انما عمرها ما حصلت ان حد يحن لواحد اذاه بالشكل ده
اغمضت عيناها و الذكريات تعصف بعقلها دون رحمة ارتعش جسدها و انتفضت جالسة تأخذ انفاسها بصعوبة فادار وجهها له يمسح دموعها برفق وهو يقول :
تيجي نسافر
نظرت له بتعجب ليتابع بحماس :
انا من زمان نفسي اخد اجازة الف العالم كله فيها، حاسس ان دلوقتي جيه وقتها ايه رأيك بعد الامتحانات اخدك و نسافر علطول
لو كانت ميان القديمة لقفزت من السعادة لكنها رددت بخواء:
مش عايزة او بالأصح مليش نفس أعمل حاجة
ادار وجهها له مرة أخرى قائلاً بتصميم :
مش باخد رأيك على فكرة ده امر ، اخر يوم امتحانات ليكي هو يوم السفر و هقعد معاكي الفترة دي نلم المنهج سوا عشان مش فاضل كتير على الامتحانات و هتنجحي و بتقدير كمان
ثم تابع برفق :
هتبطلي تفكري في الماضي و تفكري في المستقبل بس، و هتطلعي من الحالة اللي انتي فيها دي ، الناس كلها تتمنى يكون ليها ضحكة قمر زي ضحكتك لكن انتي مش مقدرة النعمة اللي عندك
ثم تابع بغزل :
بس مش معنى انها جميلة و قمر تروحي توزعيها على امة لا إله إلا الله ، لأ خليها ليا بس عشان اتفتن بيها اكتر ما انا مفتون و نرحم الناس كمان من فتنة جمالك اللي تاخد العقل و تخطف القلب ♡
ضحكت بخفوت فابتسم عليها وقال بمشاكسة :
شطورة بتسمعي الكلام
ثم تنهد وقال باشتياق :
والله ضحكتك دي وحشتني اوي يا ميان
صمتت مرة أخرى وعادت تنظر للفراغ بشرود فتنهد بحزن و نهض يحملها بين يديه قائلاً بمشاكسة :
الظاهر ضحكتك عنيدة زيك مش عايزة تظهر لكن على مين انا اعند منها.....وراها وراها
سألته بتعجب و هي تحاول الفرار من بين يديه :
فارس نزلني ، انت بتعمل ايه !!!!
شاكسها قائلاً بمكر :
هعمل اللي يخلي ضحكتك العنيدة تظهر و عشان ده يحصل لازم......
صمت فسألته بتعجب و توجس من نظرات المكر التي تتراقص بعيناه :
لازم ايه !
كان كارم يستند على سيارته ينتظر همس لتنزل يود الحديث معها، ايام طوال مرت منذ ذلك اليوم الذي كاد ان يلمسها فيه و هي تتهرب منه حتى بعقد قران لينا و عمار كان لديه امل ان يتحدث معها لكنها غادرت على الفور مع والديها و بالأمس اراد ان يثير غضبها و غيرتها لأنها عذبته ببعدها عنه كل تلك الأيام الماضية لكن دون جدوى
لكن تصلب جسده بمكانه عندما ظهر سيارة يعرف صاحبها تمام المعرفة انه ذلك الحقير " يزن "
اقترب منه قائلاً بغضب و هو يقبض على مقدمة ثيابه بيديه :
انت ايه اللي جابك هنا ، ليك عين يا بجح !!!
دفعه يزن بعيداً عنه مردداً بغضب :
انا عارف و متأكد انك انت اللي خطفتني وضربتني و لولا ان مفيش دليل اثبت بيه ان انت السبب، كنت وديتك في ستين داهية !!
ردد كارم باستهزاء و وقاحة :
طب احمد ربنا انه كان ضرب مش حاجة تانية، اصل الرجالة بتاعتي بيموتوا في الحريم اللي من نوعك اوي
صرخ عليه يزن بغل وهو يقبض بيده على مقدمة ثيابه:
سافل، قسماً بالله لهوريك و بكره تشوف !!
رمقه كارم باستهزاء وقال بغضب :
انت هتلف و ترجع من مكان ما جيت و تغور من هنا احسن اقسم بالله المرة الجاية لو شوفتك مشيت من شارع همس فيه مش هيكون ضرب بس و ابقى قابلني لو عرفت تمسك عليا حاجة
باغته يزن بلكمة قاسية ارتد على اثرها كارم بضع خطوات للخلف لكنه اعتدل و رد إليه اللكمة بقوة أكبر جعلت انف الآخر ينزف !!
احتد الشجار بين الاثنان حتى نزلت همس و صدمت من المنظر فابعدتهما عن بعضهما وقالت بحدة :
بتعملوا ايه انتوا اتجننتوا !!!!
التفتت لكارم الذي ينظر للآخر بغضب و الدماء تسيل من جانب شفتيه مرددة بقلق :
انت كويس يا كارم
سعادة غمرت قلبه رغم كل شيء و هو يرى لهفتها عليه و قلقها الواضح اومأ لها بنعم فالتفتت ليزن تصرخ عليه بغضب :
انت ايه اللي جابك هنا ، جايب البجاحة دي منين
اقترب منها يزن وقال بندم و حزن :
همس احنا لازم نتكلم سوا ، انا محتاج اتكلم معاكي لازم تسمعيني !!
صرخت عليه بغضب :
انا بقى مش محتاجة اتكلم معاك او اسمعك ، امشي من هنا و تنسى خالص انك تعرفني او شوفتني في يوم من الأيام
رد عليها بحزن و ألم :
انا مقدرش انساكي ، اوقات كتير بنبقى عايشين في الوهم.... وهم الحب زي ما حصل معايا، بس انا حبيتك بجد يا همس، غلطت في حقك اه بس ندمت و انتي كمان بتحبيني، انا وانتي محتاجين بعض
شملته بنظراتها من أعلى لأسفل بنفور و اشمئزاز وقالت:
انت ازاي كده ، ازاي مستحمل نفسك كده ، اناني، انت اكتر حد اناني شوفته في حياتي ، لما ظهرت بسمة سبتني عشانها بغض النظر انا في موقف ايه و هيحصل فيا ايه كل اللي همك نفسك و بس ، نفسك قبل اي حد و دلوقتي لما لقيت نفسك بتحبني جاي عايز ترجعلي بردو لأنك عاوز ده
رفعت يدها تشير إليه من أعلى لأسفل باحتقار :
انا مستغربة نفسي ايه اللي كان عاجبني في واحد زيك لا عنده دم و لا نخوة و لا يتحسب علر الرجالة من الأساس
صرخ عليها بحدة :
همس حاسبي على كلامك
ردت عليه بسخرية:
محدش طلب منك تتكلم معايا او تسمعني ، ده يستحسن يعني لو تغور من هنا و ممكن تفضل ده بس في حالة انك مهزق و عاوز تسمع اللي يقل منك اكتر و اكتر !!!
نظر لكارم بحقد و يرى الآخر يناظره بتحدي و تشفي على حالته الآن و الاهانة التي تعرض لها
اقترب يزن منه وقال بقسوة و غضب :
لو كانت عايزاك كانت اختارتك من الأول طول السنين اللي فاتت بس همس حبتني انا بجد مش انت يا كارم ماتفرحش اوي انك.......
كلماته جاءت في الصميم و المت قلب الآخر، سرعان ما تحول الألم لسعادة و هو يستمع لكلمات الأخرى ترد عليه بحدة مدافعة عنه :
حبك برص ، مين قال اني بحبك هو شوية اعجاب يتسموا حب ، طب حتى لما تقارن قارن نفسك بحاجة من نفس مستوى قيمتك مش أعلى منك ، مقارنة مش عادلة الصراحة انت جنب كارم صفر على الشمال انا من رأيي تقعد معاه كتير يمكن تتعلم منه ازاي تبقى راجل بجد و تعرف تحب !!!!
توسعت ابتسامة كارم بسعادة سرعان ما تحول لفخر عندما رأها ترفع اصبعها بوجهها تهدده بشراسة :
انا لحد دلوقتي بكلمك بس ماتخلنيش احطك في دماغي بجد ساعتها اقسم بالله اطهقك في عيشتك كلها و اخليك تكره اليوم اللي ظهرت فيه قدامي مرة تانية ، اشتري نفسك و ابعد عن طريقي احسنلك
قالت جملتها الأخيرة ثم التفتت لكارم تصعد السيارة برفقته أنطلق بها و هو يشير بيده على رقبته ليزن كتحذير له ان اقترب منها مرة اخرى طوال الطريق الصمت يعم المكان حتى قطعه كارم قائلاً بمكر و مشاكسة :
قفلتي في وشي ليه من كام يوم و ليه مش بتردي على مكالماتي يا همس !!
ردت عليه بشراسة :
انا حرة ، قولت اسيبلك الجو مع الست سمر بتاعتك دي عشان تبقوا على راحتكم
ردد بمكر :
خير ما عملتي يا هموسة اصل بيني و بينك بفكر اتجوزها ايه رأيك !!!
سألته بصدمة :
سمر مين اللي بتفكر تتجوزها يا كارم !
بينما على الناحية الأخرى بأحد المخازن المهجورة كانت فتاة مقيدة على احد المقاعد و يبدو من هيئتها انها تلقت ضرب مبرح، لحظات و فُتح باب المخزن و دخل منه قصي بهيئة تبث الرعب في قلب كل من يراها و قبل ان يتحدث او يتفوه بأي حرف رددت برعب و خوف شديد :
انا مليش ذنب أمل هي اللي خططت لكل حاجة