رواية بعينيك اسيرالفصل الحادي والعشرون21بقلم شهد الشوري

رواية بعينيك اسير
الفصل الحادي والعشرون21
بقلم شهد الشوري
بمنزل رأفت القاضي

انتفضت عليا من نومها فجأة، وهي تصرخ بصوت عالي باسم ابنتها بفزع :
ميااااان!!!
انتفض رأفت الذي لم يكن قد نام أساساً، بل كان غارقاً في شروده، على صوت صراخها فسألها بقلق :
في إيه يا عليا؟ مالك؟
تمسكت بيده وهي تقول بخوف:
بنتي فيها حاجة يا رأفت، أنا متأكدة، بنتي مش كويسة، أنا حاسة إنه في حاجة حصلت لها
صمت لفترة، غير قادر على الرد، هل يخبرها بأنه يشعر بنفس القلق، و نفس الشعور الذي انتابه حينما ودعها بعد الزفاف
تنهد بحيرة وهو يحاول إيجاد كلمات لتهدئتها، فقال بتردد:
أنا كمان يا عليا قلقان عليها، قلبي بيقولي إنه في حاجة هتحصل
انتفضت واقفة، وقالت بسرعة:
أنا هغير هدومي وهروح أطمن عليها
أوقفها قائلاً :
استني بس، يا عليا، هنروح دلوقتي، الوقت متأخر، احنا عدينا نص الليل
ردت عليه بغضب:
وإيه يعني.....انا لازم أروح أطمن على بنتي
لم يجادل معها، فبدل الاثنان ملابسهما وغادرا على الفور، متوجهين إلى فيلا العزايزي!!!
كان يصفعها ويضربها بلا رحمة، بينما هي عاجزة عن الدفاع عن نفسها، صرخاتها كانت تتعالى مع كل ضربة، والدماء تنزف من جسدها.....جذبها من خصلات شعرها وقال بتوعد وغضب :
واحدة زيك تخوني انا، ايه متقدريش تعيشي محترمة، وتسلمي نفسك للي يسوى واللي ميسواش
قالها ثم دفعها على الفراش، واخذها عنوة غير مكترث بصراخ الآخرين وطرقاتهم على باب الغرف، بينما ميان كانت تكافح للحفاظ على وعيها....عازمة على تذكر كل ما حدث الليلة، لتكرهه أكثر و....أكثر
ابتعد عنها بعد وقت ينظر لحالتها التي تدمي القلوب بلا ذرة ندم أو شفقة، انحنى بوجهه هامسًا بجانب أذنها بقسوة :
بعد اللي حصل مش هتقدري ترفعي عينك في عيني طول عمرك، ولو عندك شوية كرامة، ماتخلينيش أشوف وشك بعد انهارده
توقف حين سمع صوتًا مألوفًا يأتي من الأسفل، انه صوت والدها العالي، ابتسم سفيان قائلاً بتكشيرة تهكمية :
ابوكي تحت.....جيه في وقته !!!
ألقي على جسدها فراش أبيض، يلف به جسدها، ثم جذبها بقسوة من يدها للأسفل وسط الصمت المخيف، وقف الجميع من بينهم عليا ورأفت، الذي أصيب بالذهول لرؤية ابنته في هذه الحالة، وكاد أن يفقد وعيه من الصدمة وقبل أن يتخذ أي رد فعل، كان سفيان قد ألقى بها عند قدمي والدها قائلاً بغضب وسخرية :
بنتك عندك اهي متلزمنيش.....انتي طالق!!!
صرخت عليا بفزع، تحاول إيقاظ ابنتها، لكن الأخرى لا تُجيب انحنى رأفت بسرعة، حاملاً بين يديه جسد ابنته الساكن، كأنها جثة هامدة، وقال بتوعد :
قسماً بالله لادفع التمن غالي لو بنتي حصل لها حاجة، مش هيكفيني عمرك يا سفيان!!
غادر رأفت مسرعًا، تلحق به زوجته، نظر عمار إلى شقيقه بخيبة أمل وازدراء، ثم تبعهم ليقود السيارة إلى أقرب مستشفى، بعدما كاد أن يتشاجر مع سفيان لكن الظروف لا تسمح!!!!!
بينما كانت نرمين تتابع ما يحدث بشماتة، سرعان ما شهقت بصدمة عندما هوت فريدة بكف يدها على صدغ سفيان بصفعة قاسية، مصحوبة بصراخها الغاضب :
انت إيه اللي عملته ده؟! وصلت للي بقيت فيه كده ازاي؟! مش بتحبها؟! ماشي عنك ما حبيتها لكن تبهدلها وتعمل فيها كده...ليه، أنت مش بني آدم، ما بتحسش و معندكش قلب
صرخ عليها بغضب :
انتي السبب، دبستيني في جوازة، مع واحدة زي دي، خاينة وزبالة، خانتني، كنتي عاوزاني أعمل إيه....أسكت يعني!!!
صرخت عليه بغضب
الخاينة اهي واقفة وراك....روح حاسبها، منك لله يا شيخ !!!
قالتها ثم غادرت الفيلا، تنظر له بحسرة بينما أخذ سفيان يكسر كل ما تطوله يده، غاضبًا، اقتربت منه نرمين، تواسيه بحزن زائف :
متزعلش نفسك يا حبيبي، إنت عملت الصح، هي تستاهل اللي بيحصل فيها، الخاين لازم يكون عقابه قاسي، واللي حصل لها قليل عليها، انت عمرك ما هتلاقي حد يحبك قدي ويكون مخلص ليك زيي انا يا سفيان
كان رأفت وعليا وعمار يركضون خلف الترولي الذي يحمل جسدها الساكن، نحو قسم الطوارئ
بعد دقائق، خرج الطبيب محذرًا بضرورة تجهيز غرفة العمليات بسبب خطورة الحالة، وأمر باستدعاء طبيب الأمراض النسائية "فارس" وحين رأه عمار لم يملك إلا أن يردد بدهشة :
أنت!!!!
تفاجأ فارس من تواجد عمار هنا، لكنه أومأ له برأسه ودخل غرفة العمليات ليباشر عمله وما إن دخل حتى فوجئ بنفس الفتاة التي حضر زفافها قبل ساعات قليلة فقط !!!؟
بكت عليا بقوة و اخذت تصرخ عالياََ و رأفت يحاول تهدئتها ، ما ان علم الجميع بذلك الخبر المفزع تجمعوا بالمستشفى، جدها سالم وهمس ووالديها حتى لينا، والجميع بانتظار خروج الطبيب !!!!
بعد وقت حضرت فريدة التي ما ان رأتها عليا ركضت إليها تصرخ عليها بغضب :
انتي ايه اللي جابك هنا !!!
ردت عليها فريدة بحزن :
جاية اطمن عليها
صرخت عليها عليا بغل :
يقتل القتيل و يمشي في جنازته مش كده
فريدة بتبرير :
انا معملتش حاجة ، مكنتش اعرف ان سفيان هيعمل كده
صرخت عليا بغضب وبكلمات غير مرتبة :
ماعملتيش حاجة، بسببك بنتي بين الحياة و الموت، هخسرها بسببك انتي و حفيدك....لولا اللي عملتيه في الأول ومساومتك ليها على حياتك، قابلتي اللي عملته عشانك واختيارها لحياتك بقلة اصل و ندالة وفي الأخر تقوليلي ماعملتش حاجة، منك لله يا شيخة حسبي الله ونعم الوكيل فيكي انتي و حفيدك ربنا ينتقم منك و منه
اقترب عمار من خالته قائلاََ برجاء فبالنهاية فريدة جدته و سفيان شقيقه :
خالتي كفاية عشان خاطري مالوش لازمة الكلام
اقترب سالم قائلاََ بحدة و نظرات توعد لها و لحفيدها فقط لتمر تلك الأزمة :
امشي من هنا و رجلك ماتخطيش مكان فيه حفيدتي يا فريدة والحساب بينا لسه ماخلصش بس كل حاجة وليها وقتها و اعرفوا ان باللي اتعمل في حفيدتي....فتحتوا ابواب جهنم عليكم !!!
غادرت فريدة برفقة عمار، الذي أوصلها إلى منزلها قبل أن يعود إلى المستشفى مجددًا، ليبقى بجانب الجميع، رغم أن وجوده لم يكن مرحبًا به من البعض. لكنه لم يكترث فابنة خالته، وشقيقته التي وقفت بجانبه في أصعب أيام حياته لن يتخلى عنها أبدًا !!
مر وقت طويل حتى خرج طبيبان من الغرفة، لتتفاجأ همس عندما رأت فارس أمامها، فرددت بصوت خافت جداً لكنه كانت كافية ليصل إلى أذن يزن :
فارس!!
تنهد الطبيب الأخر قائلاََ بجدية :
انا اسف على اللي هقوله بس حالتها ما تطمنش ابداََ ، اتعرضت لاعتداء عنيف جداََ، كسر في ايدها اليمين و شرخ في الشمال وكدمات كتيرة و اا...اا....
تدخل فارس وقال بأسف :
العنف اللي اتعرضت ليه اتسبب في اجهاض الجنين !!
توسعت اعين الجميع بصدمة فرددوا جميعاََ معاََ :
جنين !!!
اومأ فارس لهم قائلاََ :
ادعولها تعدي الأربعة و عشرين ساعة الجاين على خير، هتتنقل دلوقتي للعناية المركزة
بكت عليا بقوة وقالت بقهر و حزن :
ربنا ينتقم منه ، حسبي الله ونعم الوكيل فيه
جذبها رأفت إليه، مشددًا من احتضانها، فبصعوبة تمالك نفسه، محاولًا أن يخفف حزنه على وحيدته حتى لا ينهار أمامها
رددت الممرضة بجدية :
لو سمحتوا من فضلكم بلاش صوت عالي عشان المرضى، اصلا وجودكم مفيش ليه داعي تقدروا تيجوا بكره الصبح
نفت عليا برأسها وقالت بدموع :
انا مش همشي و اسيب بنتي
تدخل سالم قائلاََ بصرامة :
عليا اسمعي الكلام هتروحي دلوقتي انتي والكل ، الصبح تعالوا
بصعوبة غادر الجميع واحداََ يلو الأخر ليتبقى فقط سالم و رأفت بينما عمار اوصل لينا و خالته للمنزل ثم توجه حيث شقيقه وما ان رأه اقترب منه ثم باغته بلكمة قوية جعلته يرتد للخلف ولأول مرة يفعلها عمار ويرفع يده على سفيان الذي ردد بصدمة :
بترفع ايدك عليا يا عمار، على على اخوك الكبير !!
اومأ له عمار وقال بغضب :
اه ارفعها على اخويا ، بس متقولش كبير لأن الكبير كبير بتصرفاته و انت بتصرفاتك بتصغر في عيني مرة عن التانية
نزلت فريدة من غرفتها قائلة بفزع :
انتوا بتضربوا بعض !!
تجاهل الاثنان الرد عليها وصرخ سفيان على عمار بغضب :
بترفع ايدك عليا علشان الخاينة دي، عم......
صرخ عليه عمار بحدة :
فوق بقى بلاش غباء حكم عقلك ، ميان مش خاينة الخاينة اللي انتي معيشها في بيتك و مشيلها اسمك ، ميان انت متستاهلش ضفرها اصلاََ
صرخ عليه سفيان بغضب وهو يدفعه بصدره ليرتد عمار للخلف من أثر الدفعة :
ماتغلطش في مراتي يا عمار
عمار بغضب :
غبي و كلمة توديك وكلمة تجيبك فكرت تسألها الأول عن أي اتهام بتتهمه بيها، ميان اللي مش عجباك وخليتها مرمية في المستشفى بين الحياة و الموت، عالجت اخوك مدمن المخدرات !!
شهقت فريدة بصدمة و كذلك سفيان ليتابع الأخر بغضب :
مصدومين ليه، ايوه كنت مدمن مخدرات مكنتش مسافر زي ما قولتلكم
ثم تابع بغضب وصراخ عالي :
انا كنت قاعد في بيت الظابط كارم لحد ما اتعالجت لينا اللي مش عجباك دي وبتقولي متنفعش زوجة ليا فضلت معايا لحد ما خفيت و وقفت على رجلي حتى همس محدش فيهم، سابني يمكن انت لو كنت مكانهم مكنتش عرفت تتصرف !!!
ثم تابع بتلك الجملة الصادمة :
مراتك و كاميليا و زاهر....بسببهم اخوك كان مدمن، ما كنش بمزاجي ده كان غصب !!!
قالها دون أن يفسر شيئًا، ثم نظر إلى شقيقه بخيبة أمل واحتقار قبل أن يغادر، بينما فريدة ضربت كفًا بكف مصدومة، ثم صعدت إلى غرفتها لتجمع أغراضها، عازمة على مغادرة تلك الفيلا، بينما سفيان ركض للخارج مصدوماً مما سمع !
ما إن دخل فارس من باب الفيلا حتى اقترب منه كارم، الذي كان مستلقيًا على الأريكة في البهو :
انت لحقت ترجع من السفر عشان تنزل الشغل !!
تنهد فارس قم بتعب و هو يلقى بجسده على الأريكة الأخرى:
كانت حالة ولادة متعسرة ومفيش دكاترة في المستشفى، فكان لازم اروح
ثم صمت و نظر للفراغ بشرود، فسأله كارم :
سرحان في ايه !!
تنهد فارس وقال :
البنت اللي حضرت فرحها من كام ساعة
سأله كارم بتعجب :
مين ، ميان ولا التانية !!
رد عليه فارس بشفقة :
ميان....جت المستشفى عندي وحالتها كانت صعبة اوي
قص عليه فارس ما حدث متجاهلاََ ذكر حملها واجهاضها للجنين ناهياََ حديثه قائلاََ بقرف :
بس اياََ كان تحليلي قرفان من الشخص اللي عمل فيها كده ازاي اصلاََ في راجل يرفع ايده على ست مهما كان اللي عملته مينفعش راجل ده لو فرضنا انه راجل يعني يتطاول على واحدة بأيده، لو تشوف حالتها تقطع القلب
رد عليه كارم بشفقة :
قتلها في ليلة المفروض تبدأ فيها حياة جديدة
غير فارس مجري الحديث وقال بمرح :
وانت مش ناوي تتجوز بقى وتدخل دنيا
تنهد كارم ثم قال بحزن وألم :
اللي عايزها واتمنتها من قلبي مش عايزاني، اختارت غيري
ربت فارس على قدمه وقال :
مفيش على القلب سلطان، وزي ما انت مش قادر تنساها ومش قادر تحب غيرها هي كمان اكيد زيك اختارت اللي بتحبه و.....
قاطعه كارم قائلاََ بصوت مختنق :
انا عارف ده و عاذرها بس في نار في قلبي كل ما اتخيل انها مش هتكون ليا و انها بتحب غي.....
صمت و لم يقدر على اكمال جملته فأشفق عليه فارس قائلاََ :
محدش عارف بكره في ايه يا بن عمي، لو كانت من نصيبك هتكون ليك مهما حصل، كل حاجة تيجي من ربنا خير، متزعلش نفسك!!!
اومأ له كارم ثم تنهد وقال :
سيبك مني انت مش ناوي
ضحك فارس بسخرية قائلاََ :
انا جربت حظي مرة خلاص
ضحك كارم بقوة تلك المرة وقال بمرح :
عايز الصراحة انجي تعقد اي حد من الجواز، انا مش عارف يا اخي تفكيرك كان فين و انت بتتجوزها
زفر فارس بضيق وقال :
قولت بنت خالتي و هي أولى تكون مراتي بدل ما اروح اتجوز واحدة معرفهاش وفي الأول و الأخر احنا قرايب في بعض، بنت خالتي عارفها وعارف طبعها اللي كان مجرد صورة مزيفة، في حاجات مش بتبان غير قدام يا كارم !!!!
ربت كارم على قدمه قائلاََ بهدوء :
ربنا يرزقك بالأحسن منها
عاد سفيان من الخارج بعدما قضى طوال الليل يدور بسيارته بالشوارع يفكر بحديث شقيقه الذي القى بوجهه بضع كلمات ثم غادر دون أن يفسر له كم هو أحمق وحتى وان فسر هل كان ليصدقه!!!!
عاد لمنزله بمنتصف الليل، الظلام يعم المكان أخبرته الخادمة التي كانت بالمطبخ ترتشف المياه وخرجت عندما استمعت لصوت الباب يفتح :
سفيان باشا، الست فريدة سابت البيت و مشيت
تنهد بحزن ثم صعد لأعلى حيث غرفته ليتوقف مكانه ما ان استمع لصوت زوجته بالداخل تصرخ غاضبة على أحدهم بما جعل الصدمة حليفته و ثبت في مكانه وكأن دلو من المياه الباردة سُكب فوق رأسه بأكثر ليلة باردة :
عمار قال لسفيان ان انا وانت وكاميليا سبب انه بقى مدمن، انا خايفة يصدقه، سفيان اصلاََ بقاله فترة بارد معايا، خايفة يكون اتأثر بكلامهم وبطل يصدقني.....ميان لازم تموت
صمتت لوقت ثم عادت تصرخ غاضبة :
المفروض كنت اغرز السكينة في قلبك اكتر من مرة عشان اتأكد انك موت وخلصت منك، كان زمانها مرمية لي السجن لحد ما تعفن فيه....نفسي اعرف انت وهو بتحبوا فيها ايع
عادت لتصمت ثم صرخت مرة أخرى بغضب :
بطل تهددني، انت شكلك نسيت انا مين و عملت ايه، انا طلعت ولا نزلت رقاصة وربنا ما يوريك قلبت الرقاصات يا زاهر، كاميليا اه نضفتني وخلتني بنت ناس عشان أوقع ابنها بس انا لسه زي ما انا و الطبع غلاب يعني يوم ما تفكر تأذيني اهد الدنيا فوق دماغك، حتى كاميليا لو فاكر انك تقدر تغدر بيها تبقى غلطان كاميليا دماغها سم اكتر مني ومنك واللي تعمل في ولادها كده وتقتل مش هتسمي عليك و تعمل الاسوء من كده
زفرت بصوت مسموع، ثم أغلقت الهاتف في وجهه، وفتحت باب الغرفة لتخرج، لكن سرعان ما صدمت بسفيان، الذي كانت تعابير وجهه لا تبشر بخير أبدًا... كان وجهه مزيجًا من الصدمة والشراسة!!!
اخذ يقترب منها و هي تعود للخلف برعب قائلة :
سفيان انت هنا من امتى!!!
ما ان أصبح داخل الغرفة صفعها بقوة حتى سقطت أرضاََ من قوة الصفعة، ثم جذبها من خصلات شعرها قائلاََ بغضب و صدمة :
ليه ، ليه تعملي كده اتجوزتك فضلتك عليها دافعت عنك قدام الكل خليتك هانم عليهم، كل اللي كنت بتطلبيه أوامر بتتنفذ في الأخر الغدر مايجيش غير منك انتي....منك انتي يا زبالة
صرخت بألم عندما ضربها بقوة مرة أخرى، ليعقب ذلك ضربات متتالية وألفاظ قاسية....ثم جذبها من خصلات شعرها وهو يقول بغضب :
اسمعي يا زبالة هتقولي كل اللي تعرفيه واللي عملتيه، وعرفتي كاميليا منين و ايه علاقتك باللي اسمه زاهر و إلا قسماََ عظماََ لاكمل عليكي لحد ما تموتي و تغوري في داهية
اومأت له سريعاََ ثم بدأت تقص عليه كل شيء من البداية حتى اليوم بصعوبة وما ان انتهت بكت بقوة وهي تقول برعب :
ابوس ايدك سامحني، انا عملت كده عشان اضمن انك ليا.... انا حبيتك بجد يا سفيان
صفعها بقوة قائلاََ بغضب و قرف :
انتي متعرفيش تحبي ، اللي زيك ميعرفش يحب انتي كلبة فلوس و بس....اقسم بالله نهايتك انتي و هما على أيدي !!
ثم جذبها من خصلات شعرها إلى الخارج، بينما كانت الأخرى تصرخ وتستنجد بأحد ليخلصها من بين يديه كان الخدم يراقبون ما يحدث، بعدما انتفضوا مفزوعين من صوت صراخهم العالي، في صدمة كبيرة، فلم يفعل رب عملهم هذا من قبل مع زوجته
صرخ سفيان على كبير الحراس بالخارج، وما إن وصل حتى دفعها إليه قائلاً بغضب:
خدها واخفيها في أي داهية لحد ما افضالها !!!!
ثم صرخ عليها باحتقار وهو يركلها في معدتها بعدما سقطت أرضًا تحت قدم الحارس :
انتي طالق.....طالق بالتلاتة!!
تاه سفيان في الطرقات، جسده يسير بلا هدف، وكأن الزمان قد سرق منه بوصلة الحياة كل خطوة كان يخطوها تُثقل قلبه أكثر، وكل نفس يُخرجه كان وكأنما يسرق معه جزءًا من روحه....كان يشعر أن الدماء قد سحبت من عروقه، وأنه أصبح كجسد فارغ لا يحمل بين ضلوعه سوى الوجع والندم، لا يعرف إلى أين يتجه، ولا أين يكون المسار
كان يرى نفسه مظلومًا، بينما الجميع يرونه ظالمًا كذب على نفسه حتى صدق، وظن أن العالم يحيك ضده مؤامرات لا يعلمها...لكنه، في الحقيقة، هو من حاك تلك المؤامرة ضد نفسه....كان أعمى بغضبه، تاه في صراع مع شياطينه التي اتخذت هيئة بشر، لكن الحقيقة التي ظل يتهرب منها كانت واضحة كالشمس هو من دمر ذاته....هو من خسر نفسه، ليس بسببهم، بل بسبب سذاجته، وغروره، الذي أعمى قلبه عن الرؤية
تذكرها، تلك التي اختارها، تلك التي أحبها بصدقٍ نابع من قلبه....خانته مع عدوه، باعته من أجل المال، طعنته بظهره كما لم يفعل أحد....يُقسم أنه لو طلبت منه، لكان منحها ضعف ما تمنت، لكنه لم يدرك أن المال لا يشتري الحب، وأن الثقة لا تُشترى، بل تُبنى كان يراها الأمل الوحيد، والآن أصبحت رمادًا في قلبه!!!!
الذكريات التي كانت تملأ قلبه بحب، أصبحت أشباحًا تطارده في كل زاوية كلمات ميان ما تزال تلاحقه، تتردد في أذنه وكأنها صدى الألم :
هتندم، والندم وحش قوي يا سفيان، بلاش تجربه
ضحك بسخرية مُرة، كيف كان يسخر منها؟ كيف كان ينظر لحبها وكأنه لعبة؟ لكنه اليوم يعلم كم كانت محقة....الندم هو أسوأ شعور يمكن أن يعيشه إنسان، حينما ينكسر داخله شيء لا يمكنه إصلاحه، وحينما يتمنى أن يعود الزمن لحظة واحدة فقط، ليغير ما يمكنه تغييره.......لكن الزمن لا يعود!!!
الكل حذره، لكن لم يكن له أذن تسمع. قدمه قادته إلى المكان ذاته، إلى المكان الذي احتضن أول لحظة لهما، إلى المكان الذي شهد على انهيارها التام أمامه كانت تعشقه، وكان يسخر من عشقها....
وقف أمام البحر، وعيناه غارقة في الألم، ثم صرخ بأعلى صوته : آآآآآه!
صرخة تردد كل وجعه، كل ذلك الألم المتراكم في قلبه المتألم...
قلبه الذي لو كان يتكلم لكان صرخ بعلو صوته....هي أيضًا تألمت، هي شعرت بما تشعر به الآن، بل وأضعافًا ولكنك لم ترحمها أبدًا، بل دهستها....دمرتها. جعلت منها حطام أنثى، أحبت.....وخُذلت !
باليوم التالي مر يزن على همس حتى يوصلها للمستشفى حيث ميان و بالطريق سألها بفضول :
مين فارس !!
رددت الاسم بتعجب من سؤاله فسألها مرة أخرى :
امبارح قولتي اسمه لما شوفتيه تعرفيه منين
رددت ببساطة :
ابن عم كارم !!!
سألها بضيق فشل في اخفائه :
كارم ده الظابط اللي كان موجود ساعة خطفك صح
اومأت له ببساطة فزفر بضيق وقال بأمر :
علاقتك تتقطع بيهم هما الاتنين
شبكت يدها امام صدرها قائلة بسخرية :
في أوامر تانية تحب تضيفها
ردد بحدة و ضيق :
همس انا مش بهزر
همس بحدية :
اسبابك ايه !!
ردد بصرامة :
من غير أسباب انا خطيبك و لازم تسمعي كلامي
رددت هي الأخر بحدة :
اسمع كلامك لو مقتنعة بيه
رد عليها بغضب :
أولاََ مفيش صداقة بين ولد و بنت ثانياََ حتى لو مجرد زمالة و معرفة سطحية تخلي بينك و بينه حدود ، خاصة انه واضح اوي من نظراته ليكي ان فيه مشاعر تجاهك
اومأت له قائلة بهدوء :
انا عارفة حدودي كويس ، انا و كارم متربين سوا نعرف بعض من و انا عندي سبع سنين ، مش هقطع علاقتي بيه لمجرد انك عاوز كده ، ببساطة كارم اخويا اللي امي مخلفتهوش وقف جنبي في حاجات كتيرة جداََ و بثق فيه مش هينفع انسى كل ده و أقطع علاقتي بيه عشان حضرتك عاوز كده و خلاص و انسى كل اللي هو عمله معايا
ثم تابعت بصرامة :
ابويا لو كان شاف اي حاجة غلط كان قالي الكلام ده قبلك على فكرة
يزن بحدة :
انا مليش دعوة بأبوكي كل واحد حر انا مش هقبل ان مراتي تكون على علاقة بواحد حتى لو كانت العلاقة بينهم مجرد اخوة
همس بغضب :
بتقول اللي انت مش هتقبله و عايزني انفذه تمام انا كمان مش هقبل ان جوزي يكون بيفكر في واحدة تانية غيري حتى او كانت ميتة الفرق بيني و بينك اني شيفاه اخ لكن انت......
صرخ عليها بغضب :
اسكتي !!!
نفت برأسها قائلة بحدة :
لأ مش هسكت
صرخ عليها بغضب :
والله انتي قبلتي بالوضع ده من الأول
اومأت له قائلة بحدة :
وقف العربية
لم يستمع لها و اكمل قيادته فصرخت عليه بغضب :
بقولك وقف الزفتة دي
صف سيارته جانباََ فقام بأزالة خاتم الخطبة تضعها بيده قائلة بغضب :
قبلت من الأول و غلطت و بصلح غلطي الخطوبة اللي بينا ملغية شبكتك هتوصلك لحد عندك
ثم غادرت السيارة صافعة الباب خلفها بغضب ثم استقلت سيارة أجرة نحو المستشفى حيث ميان
قادته قدماه إليها، ولم يجد أحدًا أمام باب الغرفة التي علم بمكانها مسبقًا من الاستقبال وبأسفٍ شديد، استند بيده على الزجاج الشفاف، ينظر لحالتها بفزع وصدمة، ماذا فعل؟ كيف كان غبيًا إلى هذا الحد؟ دمرها، وهي التي فعلت الكثير لأجله
تساقطت دموعه بغزارة على وجنتيه، هي لا تستحق ما حدث كيف سينظر داخل عينيها بعد الآن؟ كيف سيطلب منها المغفرة على كل ما اقترفه بحقها من ظلم
جاء صوتاََ غاضباََ من خلفه :
انت بتعمل ايه هنا !!!
التفت للخلف ليجد انها همس وخلفها الجميع فقد كانوا مع عليا التي فقدت وعيها من كثرة البكاء على ابنتها وتم نقلها لغرفة أخرى
مسح سفيان دموعه التي سرعان ما تنساب مرة أخرى، وتتجدد بلا رحمة ولحسن حظه، كان سالم ورأفت مع عليا في الغرفة التي في آخر الممر
سأله عمار بضيق :
جاي تعمل ايه يا سفيان
همس بغضب :
جاي يشمت طبعاََ، انت حيوان والله الحيوان عنده قلب عنك، لو فاكر انك باللي عملته فيها راجل تبقى غلطان انت لا راجل ولا تعرف حاجة عن الرجولة، مفيش راجل بيستقوى على واحدة ست
ردد عمار بضيق :
همس كفاية
همس بغضب :
لأ مش كفاية ، ده القتل قليل عليه شوف حالتها و شوف عمل فيها ايه بعد كل اللي عملته وضحت بيه علشانهم شوف ردول المعروف بأيه
كانت دموع سفيان تنساب، وهو يستمع لكل ما يقال بصمت. كان يستحق كل كلمة تُقال عنه، وأكثر من ذلك بكثير
جاء رأفت من خلفهم مسرعاََ بعدما رأه من بعيد ثم باغته بلكمة قوية مشحونة بغضبه وغله تجاهه، اقترب كارم على الفور يفصل بينهما قبل ان يعود رأفت ويلكمه من جديد :
استاذ رأفت احنا في مستشفى مايصحش كده
رفع رأفت اصبعه بوجهه قائلاََ بغضب :
تغور في ستين داهية من هنا، لو شوفتك جنب بنتي قسماََ بالله لاقتلك واشرب من دمك، الحساب بينا مخلصش اول ما بنتي تخرج من هنا أبواب جهنم هتتفتح عليك يا بن كاميليا
دفع عمار شقيقه وقال بضيق :
امشي يا سفيان من هنا دلوقتي
لكن قبل ان يتحرك اقترب احد الضباط منهم قائلاََ بجدية :
احنا هنا بخصوص ميان القاضي، جالنا بلاغ انها اتعرضت....
تدخل عمار قائلاََ بجدية :
مظبوط حضرتك هي دلوقتي في العناية وحالتها ماتسمحش انها تتكلم !!!
رأفت بغضب :
اللي عمل في بنتي كده، قدامك يا حضرة الظابط، سفيان العزايزي
تعليقات



<>