رواية بعينيك اسير الفصل الثامن والثلاثون38بقلم شهد الشوري

رواية بعينيك اسير
الفصل الثامن والثلاثون38
بقلم شهد الشوري
"ميان" قالتها والدة فارس بصدمة وهي تقترب من ميان التي جلست على أحد المقاعد على الشاطئ، تقضم أظافر يدها بتوتر شديد
التفتت ميان تنظر إليها بتوتر، فرددت والدة فارس بقلق :
انتي بتعملي ايه هنا مش المفروض تكوني مستنية فارس و بتظبطي الدنيا
ردت عليها ميان بتوتر شديد وخوف :
مقدرتش انا خايفة يا طنط !!
ثم تابعت تشرح لها الوضع :
مش خايفة من فارس طبعا، انا خايفة من اللي داخله عليه.....خايفة يحصل مني موقف غبي و انيل الدنيا كالعادة و مقدرش اكمل
تابعت وهي تحك جبينها بإصبعها في توتر واضح، وكأنها تحاول ترتيب أفكارها قبل أن تتحدث :
مكسوفة ومش عارفة هعمل كده ازاي اصلاً، انتي فهماني !!!
اومأت لها الأخرى بنعم وقالت بتفهم :
فهماكي يا ميان ، اللي انتي فيه ده طبيعي ، خوف اي بنت بتحس بيه ، مريتي بتجربتين قبل كده غصب ، لكن دلوقتي برضاكي تعتبر دي الأولى ليكي، وطبعاً كأي بنت هتحسي بخوف و توتر
ثم تابعت بحنان و هي تربت على كتفها برفق :
بس مش انا اللي هقولك عن فارس ، بيتهيألي اللي شوفتيه منه طول فترة جوازكم ده دليل لوحده انه لا يمكن يعمل حاجة غصب عنك
التمعت اعين ميان بالدموع وقالت :
بس هجرحه لو حصلت مني حاجة غلط ، انا زعلته كتير اوي قبل كده ، خايفة اروح اقوله انا جاهزة و اطلعه لسابع سما بعدين مقدرش اكمل....ساعاتها هوجعه وهنزله لسابع ارض
مسحت دمعه انسابت من عيناها وتابعت :
مش عايزة اول ذكرى لينا وانا بقوله اني بحبه تشوهها ذكرى تانية
شجعتها والدته وقالت برفق :
اتكلمي معاه و قوليله ، فهميه و عرفيه اللي جواكي ، خليه يشوف انك عايزة تقربي خطوة و هو هيقرب منك عشرة ، اتكلمي معاه يا ميان في كل اللي خايفة منه و حاسة بيه
ابتسمت و هي تتخيل رد فعل فلذة كبدها عندما يستمع لتلك الكلمة التي حلم بها :
كلمة بحبك اللي هتقوليها ليه كأنك جبتيله السما بحالها ، بعدها قوليله هنجرب قدرت أكمل يبقى الحمد لله و كويس اوي ، مقدرتش نحاول مرة و اتنين لحد ما اتجاوز الصدمة دي
ثم تابعت بحنان :
هعيدها ليكي تاني يا ميان فارس جوزك ، يعني مهما اتكلمتي مع حد ملوش اي لازمة....كلامك معاه هو المفيد
اومأت لها ميان بصمت ثم قالت بامتنان :
شكراً اوي يا طنط !!
ربتت الأخرى على وجنتها بحنان وقالت :
مفيش بنت بتشكر امها ، ده انتي حبيبة الغالي و اللي ربنا عوضني بيها عن فراق بنتي ، ربنا يسعدكم مع بعض و اشيل اولادكم قريب بأذن الله !!
ابتسمت لها ميان بخجل ثم غادرت و تركتها عازمة على فعل شيء ما
كان فارس يبحث عن ميان في كل الأرجاء، لكنه لم يجدها في الغرفة، ولا مع أي احد من أفراد العائلة، زاد قلقه حين اكتشف أن هاتفها مغلق وبينما كان يتنقل في الأرجاء يبحث عنها....تقابل مع والدته التي لم تترك له مجالًا للسؤال، إذ قبضت على يده وجذبته بحزم إلى داخل جناحها
فسألها باستنكار :
في ايه يا امي قافشة فيا زي ما تكوني قافشة في حرامي كدا ليه !!!
ردت عليه بغيظ :
اتلم يا واد واقعد عايزة اتكلم معاك
اعتذر منها وقال بقلق :
طب هشوف ميان فين بس و هرجعلك علطول ، كنت بدور عليها و مش لقيها
طمئنته قائلة :
ميان لسه ماشية قبل ما انت تيجي علطول بخمس دقايق و راجعة الاوضة
اومأ لها ثم جلس فتنهدت وقالت بحيرة :
بص مش عارفة أقول و لا مقولش بس انا عارفة انها مش هتنيل حاجة و لسانها هيفضل مربوط ، بس في نفس الوقت مش عايزة اقولك عشان لما تطلع منها هي الأول هتبقى المفاجأة أحسن !!
سألها بعدم فهم و حيرة :
مفاجأة ايه ، انا مش فاهم حاجة !!
صمتت للحظات ثم تحدثت بابتسامة :
اللي فضلت مستنيه اتحقق ، و اللي كان نفسك تكسبه كسبته خلاص...كسبته و بقى ليك لوحدك
ثم ربتت على كتفه وقالت بحنان :
ربنا عوضك و جبر قلبك و حقق اللي فضلت تتمناه ، انت وقفت جنبها و صبرت وكسبت يا فارس
سألها بصعوبة، وهو يتمنى ان يكون ما توصل إليه عقله حقيقة وليس مجرد وهم :
قصدك.....قصدك ان ميان
اومأت له ثم قالت بابتسامة :
بالظبط و حقك اللي ربنا شرعه ليك و انت كنت راجل و صبرت....هي مكسوفة تقولك، بقالها كام يوم بتحاول بس مكسوفة.....وخايفة !!
سألها فارس بصدمة :
مني !!
نفت برأسها وردت عليه بحنان :
خايفة على زعلك يا فارس، خايفة تقولك جاهزة بس بعدين متقدرش تكمل للنهاية وانت تفهم غلط وتزعل منها
كانت تتحدث، وصوتها يموج بالحماسة، بينما الآخر يستمع لها بصدمة شلت قدرته على الرد. الكلمات التي سمعها كانت كالصاعقة؛ أذناه، وعقله، وقلبه، كلهم في حالة من الذهول، غير قادرين على استيعاب ما قيل حتى الآن
ابتسمت والدته بسعادة غامرة، وقالت بحماس:
آن الأوان أشيل ولادك بقى قريب إن شاء الله
لم ترتدي ميان ذلك الثوب الأبيض الذي لا يليق به سوى قول قماشة لا تستر بل تكشف الكثير، وقفت أمام المرآة تحدث نفسها بتوتر :
أول ما يدخل، هقف قصاده وهقوله على طول...ايوه، هعمل كده فارس، انا....انا.....
لمحت انعكاسه خلفها في المرآة، فالتفتت على الفور تسأله بتوتر :
انت هنا من امتى؟
ابتسم فارس بهدوء ظاهري وقال :
لسه جاي حالًا
أومأت بصمت، فمد كفه نحوها لتضع يدها عليه، أدارها حول نفسها ببطء مرددًا بإعجاب شديد وهو يتأمل جمالها بذلك الثوب المنزلي الأزرق وكم لاق بها كثيراً :
ايه الجمال ده كله؟
سألته بخجل وهي تضع خصلات شعرها خلف أذنها :
شكلي حلو
رد عليها بهيام :
انتي اللي بتحلي أي حاجة تلبسيها، والله انا في جمالك ماشوفتش
ابتسمت بخجل وهي وتتحاشى النظر إليه، فسألها فجأة بمكر :
مش عايزة تقولي حاجة ؟
ردت عليه بتوتر ملحوظ :
انا.... لا محصلش، حاجة ايه
سألها بمكر وهو ينظر لداخل عينيها. :
مش عارف، بس حاسس إنك عايزة تقولي حاجة، شكلك كده عاوزة تقوليلي نطلق، بس خايفه على......
قاطعت حديثه وقالت سريعاً :
لأ، طبعًا مش كده خالص!!
ابتسم بزاوية شفتيه وقال :
يعني فيه حاجة عايزة تقوليها؟
ردت عليه بتلعثم وخجل:
آه...لأ... مفيش، أنا هروح أشوف همس فين
كادت ان تذهب لكنه جذبها إليه قائلاً بهدوء :
قولي يا ميان
سألته بارتباك :
أقول إيه
اقترب فارس أكثر، وقال :
قولي اللي شايفه في عيونك دلوقتي
همست بخفوت يكاد يُسمع :
فارس...
رد عليها بحب :
روح وقلب فارس
حاولت الحديث، لكن الكلمات كانت تخونها، بينما هو لا بنظراته التي لا ترحمها، فهمس لها بنبرة راجية خرجت رغمًا عنه :
قولي يا ميان
ابتعدت خطوة للخلف، وقالت بتوتر شديد وخجل :
انا....انا....هروح أشوف البنات
ثم تحركت بسرعة نحو الباب وقبل ان تغادر أغلق فارس الباب، وهمس لها بصوت خفيض مليء بالغيرة وهو يستنشق رائحة الياسمين المنبعثة من خصلات شعرها :
هتخرجي كده؟
انتبهت على نفسها فركضت إلى غرفة الملابس، وأغلقت الباب خلفها بسرعة، بينما ضحك فارس بخفوت، وهو ينحني ليلتقط تلك الغلة البيضاء التي سقطت بجانب الأريكة، ينظر إليها بابتسامة ماكرة...
بعد منتصف الليل وقد شارف الفجر على الآذان كانت ميان تجلس على الشاطيء تنظر للبحر امامها بشرود لا تعرف كم مضى من الوقت و هي هنا
شعرت بأحدهم يضع وشاح على كتفها التفتت و هي متيقنه ان الفاعل ليس سوى " فارس " الذي كان واقفاً خلفها منذ ان جاءت لكنه اراد ان يتركها بمفردها فيبدو انها تريد ذلك
ردد بعتاب و هو يجلس بجانبها :
انا زعلان منك يا ميان
نظرت له بانتباه وقالت بتعجب :
انا عملت ايه !!!
اومأ لها قائلاً بعتاب و نبرته رغم هدوئها لكن كانت صارمة غير قابلة للنقاش :
تاني مرة متخرجيش في وقت زي ده قوليلي انك عايزة تيجي و هكون معاكي ، صح المكان هنا لينا بس احنا مش لوحدنا معانا ناس تانية غريبة ممكن اي حد يتعرض ليكي ، تاني مرة متعمليش كده يا ميان....اتفقنا
اومأت له وقالت باعتذار :
عندك حق ، انا اسفه يا فارس
أومأ لها بابتسامة صغيرة، فتابعت ميان بشرود وهي تستند برأسها على كتفه، فاحتضنها الآخر بيديهذ :
تعرف يا فارس انا اكتر واحدة غبية و مش بتفهم في الدنيا دي !!!
سألها بعدم فهم و ضيق من اهانتها لنفسها :
ليه بتقولي كده !!
تنهدت ثم قالت بحيرة :
عشان لما كان الشخص الغلط كنت ليل نهار بردد الكلمة دي ، ولما جيه الوقت اللي حسيت بيها بجد، ومن قلبي وعقلي مقتنعة بيها مع الشخص الصح ، لساني كأنه مربوط مش قادر ينطقها
سألها بهدوء ظاهري :
خوف !!!
تنهدت وقالت ما يدور بداخلها :
مش منه أكيد بس عليه...من غبائي و تصرفاتي اللي دايماً بتجرحه ، و مش بس خوف.....هو خجل حاسة بحاجة عمري ما حسيتها و كأني بحب لأول مرة !!
ثم تابعت بتوتر :
بس اللي بحبه بقى فاهمني و مش هيزعل مني لو فشلت او حصل مني موقف غبي زي كل مرة
رد عليها بحب و هو يضع يده على وجنتها :
حبيبك طول عمره حاسس بيكي وفاهمك اكتر من نفسك ، طول عمره شايفك بنته اللي مهما تغلط هيعدي و
يفوت ليها وعمر قلبه ما هيقسى عليها ، شايفك اخته اللي محتاجة انه يطمنها ويسمعها ، شايفك حبيبته اللي مهما عملت عمره ما يقدر يشوف غيرها وهيمسك ايديها لحد ما تقوم من تاني و تعرف هي عايزة ايه
صمتت للحظات، ثم تجرأت أخيرا وقالت :
كأب وكأخ وكحبيب....بقولك عايزاك يا فارس، قلبي قبل عقلي عايزك و مش شايف غيرك ، انا ليك
ثم مسكت بيده، وقبلت باطنها بحب قبل أن تضعها على موضع قلبها، وتقول أخيرًا تلك الكلمة التي طال انتظاره لسماعها منها :
عقلي معاك و قلبي ليك لوحدك ....انا ملكك لوحدك يا فارس ، انا.....انا بحبك!!!!
هل قالتها حقًا؟
هل ما يعيشه الآن حقيقة من الأساس أم أنه، من كثرة ما حلم بها، أصبح يتوهم؟
ابتلع ثم سألها بعدم تصديق :
قولتي ايه.
ابتسمت بخجل، وقالت بحب وهي تتهرب من النظر لداخل عينيه :
بحبك يا فارس، بحبك بعدد سنين عمري اللي عشتها من غيرك، بحبك بعدد كل لحظة حلوة عشتها معاك
لم يجد ما يقوله أو يعبر به عما يشعر به، فرفع وجهها لتنظر إليه، ليتفاجأ بأعينها المملوءة بالدموع من شدة التأثر، اقترب منها بشدة، وكأنما يريد أن يضع كل مشاعره في لحظة واحدة، تفاجأت بردة فعلها، وبادلته نفس الإحساس رغم خجلها، ابتعدت عنه لحظة، تردد بخفوت وخجل
بحبك
ابتسم بسعادة، ثم عاد ليكمل حديثه، وهو يشعر بالأمان في حضن كلماتها، فكان كلاهما في لحظة من الانغماس العاطفي، ناسيين كل ما حولهما، حتى انتفض كلاهما على صوت أحدهم يحمحم بحرج لم تقوى ميان على رفع عيناها، بل دفنت وجهها بأكمله بصدر فارس الذي نظر للخلف ليجد كارم ينظر إليه بمشاكسة فأطلق سباب لاذع من بين شفتيه قبل ان يقف و هو يجذب ميان خلفه
جاءت همس من خلف كارم وقالت بخجل شديد :
كويس ان محدش فيهم حس بيا الموقف محرج اوي
ثم نظرت له متابعة بغيظ و توبيخ :
لكن انت ما شاء الله عليك بجح، ازاي قدرت تقف كده وتعرفهم انك شوفتهم....قليل الأدب
ابتسم بمكر و اقترب منها خطوة قائلاً:
بموت فيها !
سألته بتوتر و هي تتراجع للخلف :
هي ايه !!
ابتسم بخفوت وقال بمرح :
قلة الادب
لكمته بصدره وقالت بغيظ :
تصدق انا غلطانة، واستاهل ضرب الجزمة عشان عبرتك و نزلت شوفتك....قلقت منامي و نزلتي في الوقت ده ومجاش منك غير قلة الأدب يا قليل الادب انت !!
كادت ان تذهب لكنه جذبها مرة أخرى وقال بحب :
وحشيني يا همس
تحاشت النظر إليه وقالت بخجل :
وانت كمان
سألها بمكر :
انا ايه
ردت عليه بمرح :
كل اللي قولته
ضحك بخفوت و اخذ يتأمل خصلات شعرها التي صففتها بطريقة جديدة و غيرت من لونه :
تعرفي ان اي حاجة عليكي بتبقى أجمل ، كفاية بس انها عليكي عشان تحليها
سألته بخجل، وهي ترفع يدها برفق لتلامس خصلات شعرها، التي غيرت هيئتها :
حلوة عليا
ابتسم و هو يتحسس وجنتها بظهر يده مردداً بحب :
انتي اللي محلياها مش هي اللي حلوة عليكي
ابتسمت بخجل، ثم ابتعدت قليلاً للخلف، فمد يده برفق ووضعها أسفل ذقنها ليرتفع وجهها تدريجياً، مشجِّعاً إياها على النظر إليه. كان يهمّ بالاقتراب، لكن ما إن اقترب خطوة حتى دفعته بعيداً، قائلة بخجل ومرح، بينما ركضت مبتعدة عنه:
"تصبح على خير يا حضرة الضابط."
نظر إليها بغيظ، مردداً بحنق:
"مش كفاية عليا أبوكي اللي طلعلي بدور الحمى فجأة كده وكاتم على نفسي، هتجوزها امتى بقى يارب
بينما فارس ما ان توقف هو وميان أمام باب الجناح الخاص بهما، انحنى يحملها بين يديه برومانسية، فحاوطت بدورها عنقه من المفاجئة، بعدما خرجت من بين شفتيها شهقة خافتة، ابتسمت بخجل وهي تدفن وجهها في عنقه، فضحك فارس وهو يدخل للداخل، صافعاً الباب بقدمه
أنزلها على الفراش ببطء، وبقى صامتاً، ينظر لداخل عينيها بعدم تصديق، رفع يده ليمررها على ملامح وجهها يسألها :
هو انتي بجد يا ميان؟ يعني انتي فعلاً دلوقتي معايا، معايا لأول مرة بصفة حبيب وحبيبة مش بس زوج وزوجة، انتي فعلاً قولتيها ولا أنا من كتر ما حلمت بيها بقيت بتوهم
ردت عليه بخجل وحب:
لا بجد، أنا حبيبتك يا فارس.....وأنت حبيبي
ردد بخفوت، وقلبه يقرع كالطبول:
انا إيه
ابتسمت وقالت بدلال رقيق وخجل:
انت حبيبي
تنهد قائلاً بابتسامة بعد ان لثم جبينها بكل حب :
وأنتي روحي وعمري كله، خليكي دايماً جنبي....أنا هموت على قربك يا ميان بس مش دلوقتي كله هيمشي صح
سألته بعدم فهم وخجل:
هو إيه اللي هيمشي صح؟
ردد بمرح وهو يداعب انفها باصبعه :
بكره تعرفي يا سكر
ثم تابع بمكر :
و أنتي أصلاً تلاقيكي ماصدقتي، وقولتي كويس جت منه، مش كده
غيرت الموضوع وقالت بخجل وهي تدفعه برفق متوجهة بخطوات سريعة نحو غرفة الملابس :
الوقت اتأخر، يلا عشان ننام
بعد قليل، خرجت بثوب أسود جميل، من الأشياء التي اشترتها والدته. تأملها فارس بهيام، ليجد لسانه يردد تلقائياً:
متميزٌ بين الجمال جمالها، وجمالها فوق الجمال جميلاً
ابتسمت بخجل ليكمل هو بمشاكسة ومكر:
"بتلعب بالنار يا سكر، واللي قبلنا قالوا السكر لما يلعب بالنار...
صمت للحظات ثم تابع بمكر، تزامناً مع صدور شهقة خجلة منها عندما انحنى وحملها سريعاً بين يديه :
تدوبه!!
ضحكت ميان بقوة على جنونه الذي باتت تعشقه، دقائق قليلة، وكانت تغفو بين ذراعيه، حيث الأمان والسكينة
كان عمار يقف أمام لينا في جناحها، يراقبها بافتتان بذلك الثوب الذي ابرز جمالها الذي لم يرى له مثيل، ابتسمت لينا وأجابته بنعومة، وعينيها تلمعان بسعادة غامرة :
حبيت اننا نحتفل سوا
نظر إليها عمار بدهشة، غير قادر على فهم ما تعنيه، فسألها بفضول :
نحتفل بإيه؟
أمسكت يده برفق ووضعتها على بطنها، ثم قالت بابتسامة مليئة بالفرح والسعادة :
اني بعد تسع شهور من دلوقتي هكون ماما وانت هتكون أجمل بابا في الدنيا !!!!
توقف عمار عن الكلام للحظة، مشدوهًا بما سمعه، فسألها بصدمة :
إنتي... إنتي... لينا
أومأت برأسها وقالت بحماس :
أنا حامل يا عمار!
في تلك اللحظة، لم يتمالك عمار نفسه، فرفعها في الهواء بين ذراعيه، يلفها وهو يصرخ بفرحة غامرة، يكاد يطير من السعادة.....لأنه سيصبح أبًا
سعادة ملأت قلوب الجميع، ما إن عملوا بحمل لينا، خاصة والدتها، وكذلك الحال مع فريدة التي لم تسعها الدنيا من السعادة، ولم يختلف سفيان عنها كثيراً
مضت الأيام، وها هم قد عادوا إلى الإسكندرية يستعدون لزفاف همس وكارم، ليفاجأ الجميع قبل الزفاف بعشرة أيام بفارس الذي فجر تلك القنبلة حيث سيقوم بإقامة زفاف جديد له ولميان التي طارت من السعادة حينها
ليتفاجأ بها تقول بمكر، عندما أصبحوا بمفردهم :
بما اننا هنعمل فرح من أول وجديد وكل حاجة هتتعاد من تاني، فدلوقتي أنت تعتبر خطيبي مش جوزي، عشان كده أنا هبات في بيت بابا لحد يوم الفرح
حك باصبعه فوق حاجبه مردداً بابتسامة رسمها على شفتيه غصباً:
أنا هعتبر كلامك بصيغة هزار، عشان لو عكس كده، أنا ماسك لساني بالعافية عشان ما أقولش كلمة
ردت عليه بحدة وغيظ:
فارس!!!
جذبها من خصرها إليه مردداً بمكر :
فارس إيه بس، طب لوانا وافقت، هتقدري تنامي من غيري، حضني مش هيوحشك الأيام دي كلها
ردت عليه بمرح وكذب :
تؤ، عادي...هعرف أنام!!!
أومأ لها قائلاً بمكر:
آه، إنتي هتقوليلي....رجليكي اللي كنتي بتتسحبي عليها دي تشهد، ومعاها إيدك اللي كانت بترفع إيدي في نص الليل وتنزل تحت الغطا، وتحط راسها على صدري وتبو....
لكمته بصدره بخفة وقالت بخجل وغيظ:
أنا بمشي وأنا نايمة، عندك اعتراض، لو عندك، قول احنا فيها وهو بدل ما يكون جواز يكون طلاق!!
جذبها إليه أكثر مردداً بمكر:
مش لما اتجوز الأول أبقى أفكر في الطلاق وبعدين امحي كلمة طلاق من قاموسك، الكلمة دي متتذكرش على لسانك ولا في حياتنا صدفة حتى، إنتي عقدتيني منها يا شيخة
ضحكت بخفوت وقالت بتصميم :
بس برده انا عند كلامي!!!
عاتبها قائلاً بصوت خفيض :
مش هوحشك
تنهدت بعمق ثم قالت بصدق:
هتوحشني اوي يا فارس
ابتسم قائلاً :
خلاص، إيه لازمته كل ده؟
ضحكت بخفوت ثم قالت بخجل:
كده كمان عشان بعدين أوحشك
تنهد قائلاً بحب، أرهق قلبه وعقله:
إنتي وحشاني على طول يا ميان
"مش مسامحك على فكرة" قالها فارس بنبرة طفولية جعلتها تضحك قبل أن يغادر المنزل ويتركها عند والدها لحين موعد الزفاف
كانت ميان تتقلب على فراشها بعدم ارتياح، فضحكت عليها همس وقالت ؛
كان لازمته إيه بقى العناد بقى، ده إنتي مش قادرة تنامي من غير حضن حبيب القلب
لكزتها ميان وقالت بحنق :
وحشني ومش عارفة أنام، بس كنت محتاجة الكام يوم دول أكون مع نفسي شوية، أظبط نفسي وأتهيأ للي داخلة عليه، الموضوع مخيف بالنسبة ليا يا همس
سألتها همس بهدوء:
إنتي مش متابعة مع الدكتورة؟
ردت عليها ميان ببعض القلق والخجل:
متابعة معاها وحكيت ليها اللي حاسة بيه حالياً، بس كلامها واحد عشان الذكرى القديمة تتمحي، لازم ذكريات تانية جميلة تبقى بديل عنها
رددت ميان كأنها تحدث نفسها:
مرعوبة وفي نفس الوقت مطمئنة عشان مع فارس، عايزة ومش عايزة....جوايا لهفة إني أخد الخطوة دي، بس برده غصب عني حاسة بخوف
تنهدت همس وصمتت هي أيضاً، مثلها تشعر بنفس الشيء، خائفة ومطمئنة في الوقت نفسه، نظرت لميان وقالت :
أنا كمان قلقانة هدخل حياة جديدة يا ميان، صح، كنت هدخلها قبل كده ومع غير كارم، بس مش عارفة، أنا عقلي كان فين من كل ده، طب أنا هفشل في الحياة الجديدة عليا دي، هكون قد المسؤولية، هقدر أشيل بيت فعلاً، حاجات كتير قلقاني، بس بطمن نفسي إن كارم معايا وإن اللي وقف معايا في حاجات كتير أصعب من كده، في أمور تخصنا إحنا الاتنين هيسيبني لوحدي
ثم تابعت بابتسامة صغيرة وهي تنظر لميان :
انا عمري ما تخيلت إن أنا وإنتي يكون نصيبنا كده، إن إنتي بعد حبك لسفيان تكوني في الآخر لغيره وتحبيه كده، ولا كنت أتخيل إن كارم، اللي أنا رفضته أكتر من مرة وفضلت شيفاه أخويا، يكون نصيبي، اللي فضلت أهرب منه، وإن أنا وإنتي نتجوز من عيلة واحدة ونكون سلايف
ضحكت ميان وقالت بشرود :
ولا أنا كنت أتخيل يا همس
عانقتها همس بحب ثم قالت فجأة بحماس:
مش لينا لو جابت بنوتة هتسميها ميان!!!
ابتسمت ميان بسعادة فتابعت همس بمرح:
بتقول عشان بتحبك وعشان عايزة تحرق دم فريدة لما تسمي على اسمك، لينا مش قادرة تتقبل فريدة خالص، يمكن سفيان قبلته شوية لما لاحظت إنه اتغير وبقى حاجة تانية
تنهدت ميان ثم قالت بهدوء:
ربنا يصلح الحال
"كنت قد الكلمة يا فارس" قالها رأفت لفارس وهو يجلس معه بأحد المقاهي على الشاطئ في صباح اليوم التال
تنهد فارس وقال بحب:
بنتك في إيديها حياتي، بُعدها عني معناه موتي وأنا على وش الدنيا، يعني مكنش قدامي حل تاني غير إنها تحبني لأني مكنتش عارف إذا كنت هقدر أوفي بوعدي ليك وأطلقها فعلاً ولا لأ
ابتسم رأفت قائلاً بامتنان:
ميان حبيتك يا فارس بجد، وقالتها ليا وكانت فخورة بحبك، إنت رجعتلي بنتي اللي أعرفها من تاني، أنا عارف إن الفرح اللي هتعمله ده بداية جديدة ليك إنت وهي، عشان كده حابب أوصيك كام وصية
استمع له فارس باهتمام ليتابع الآخر بجدية:
حافظ على بنتي يا فارس و لو في يوم جيت وحسيت للحظة بس إنك مش عايزها، رجعها بيت أبوها وهيكون مفتوح ليها دايماً....أوعى في يوم تقرب من كرامتها أو كبريائها وتمسهم، دول حاجتين لو انكسروا مش بيرجعوا بالساهل، وساعات مش بيرجعوا أصلاً، وأنت شوفت بنفسك
أومأ له فارس وقال بحب :
حضرتك مش محتاج تقولي الكلام ده. تفتكر بنتك بعد كل اللي عاشته معايا ومعافرتي معاها الوقت ده كله عشان أكسب قلبها، ممكن بالساهل كده استغنى عنها أو أبيعها، ده أنا أحميها حتى من نفسي....اطمن
ابتسم رأفت وقال بثقة :
انا عارف ومطمن....لأول مرة في حياتي أبقى مطمن على ميان بجد، ربنا يسعدكم يا بني
كان سفيان يقود سيارته بتركيز، وعينيه تراقبان الطريق بعناية، لكن فجأة، ظهرت السيارة القادمة من الاتجاه المعاكس بسرعة عالية، وكأنها خرجت من العدم، ولولا رد فعله السريع، لكان تعرض لحادث مميت!!!
نزل بسرعة من سيارته التي أصيبت ببعض الخدوش فقط، وقف لوهلة، ينظر للسيارة الأخرى التي انحرفت فجأة عن الطريق واصطدمت بالرصيف، تاركة وراءها بعض التلفيات
نزلت من السيارة فتاة، جمالها يفوق كل وصف، قامتها طويلة بعض الشيء، وملامح وجهها تحمل مزيجًا من الشقاوة وبراءة الأطفال، ما ميزها حقًا شعرها الطويل، الذي امتد حتى أسفل خصرها وجمعته في جديلة بطريقة عشوائية....لكنه أضاف لمظهرها جاذبيةً
تفحصت سيارتها بحسرة وهي تقول بغضب '
عربيتي، انت عملت إيه يا غبي!!
صرخ عليها بغيظ بعدما أفاق من تحديقه بها:
يعني كمان غلطانة و بدل ما تعتذري، بتطولي لسانك
صرخت عليه بغضب مماثل، وقد تجمع الناس حولهم إثر صوتهما العالي:
تكسرلي عربيتي وعايزني أسكت، أصفقلك يعني ولا إيه يا غبي
كور قبضته وهو يرد عليها بغضب شديد :
طولة لسان تاني، والله حظك من السما إنك بنت، وإلا كنت علمتك الادب
ردت علي بسخريه:
على أساس اني كنت هسكتلك، اعرف انت بتكلم مين الأول يا بابا
صرخ عليها بنفاذ صبر:
ما تلمي نفسك يا بت، بدل ما.....
قاطعته قائلة بتحدي :
بدل ما إيه....انت ليك عين تتكلم أصلاً
صرخ عليها سفيان بغضب:
ده أنا برده، يا بجاحتك يا شيخة، يعني بتسوقي غلط وكنت هتموتيني، وجايه تغلطي بدل ما تعتذري
ردت عليه بعناد:
أنا مغلطتش، والله انت اللي ركبك عربية ظلمتك، جاهل في السواقة، وكمان بتكابر
أشارت بيدها نحو السيارة، وأضافت بغضب:
انت هتصلح العربية على حسابك، وهتعتذر مني، أحسن ما والله ما هيحصلك طيب
رفع حاجبه وقال بتهكم:
تصدقيني خوفت
ردت عليه بغضب:
انت قليل الذوق
صرخ عليها سفيان بحدة:
وانتي متربتيش، وكلمة تانية هنسى انك بنت، وهعلمك التربية اللي أهلك نسيوا يعلموها ليكي
قالها وهو على وشك الرحيل، لكن الفتاة تمسكت به قائلاً بغضب:
انت اللي متربتش، و مش هتمشي من هنا إلا لما تصلحلي العربية اللي اتكسرت بسببك
صرخ عليها بغضب وبنفاذ صبر:
زعلانة عشان فوانيس العربية اتكسرت، طب و حياة أمك لحسرك عليها كلها
قبل أن تعي ما يحدث، كان يلتقط حجراً من على جانب الطريق، ثم بكل قوة، ألقاه على زجاج سيارتها الأمامي، فصرخت عليه الفتاة بغضب وقهر :
عربيتي....آآآه يا حيوان، والله ما هسيب حقي
لم يُبالي بها، فصعد إلى سيارته ثم لوح لها بيده ببرود، قبل أن يغادر قائلاً :
الحقي نفسك بحباية ضغط يا... يا أم لسانين!
"علاقاتك مع الكل بدأت تتحسن" قالتها سهيلة الطبيبة النفسية لسفيان بابتسامة هادئة
اومأ لها بصمت ثم قال: بحاول أصلح اللي اتكسر بيني وبينهم السنين اللي فاتت بسبب غبائي
مدحته قائلة: خطوة كويسة جدًا يا سفيان
أومأ لها بابتسامة باهتة حزينة :
خطوة كويسة، بس الكل مش صافي من ناحيتي
ردت عليه بمواساة:
الوقت بينسي، والحلو بيمحي الوحش وطالما اتغيرت، والكل شاف كده بعينه، هيسامحوك من قلوبهم، بس هي مسألة وقت
علق على حديثها قائلا باقتضاب:
معاكي حق
صمت لدقائق قبل أن يسألها بتردد :
ميان حبت فارس فعلاً ولا اختارته عشان تقهرني
من المفترض أن لا تجيب، لكن يجب على سفيان أن يغلق صفحة ميان كما أغلقتها هي تمامًا، وبدأت من جديد
فردت عليه بوضوح وصراحة:
ميان نسيتك يا سفيان وانت كمان انساها، واقفل صفحتها، وكلمة نسيتك يعني نسيت أي حاجة تخصك، حتى الانتقام مبقتش عايزاه، ميان دلوقتي مبسوطة مع جوزها أكتر من أي وقت فات
سألها مرة أخرى بحزن:
بتحبه بجد
أومأت له قائلة بصرامة:
أه، بتحبه وهو كمان بيحبها
ثم تابعت بهدوء:
كان عندك أمل تسمع مني العكس عشان تحارب لحد ما تسامحك
أومأ لها بحزن وقال :
لحد دلوقتي لسه عندي أمل، بس اللي مصبر قلبي على الوجع اللي عايشه إنها بتحبه وسعيدة معاه....ياريته يفضل مقدرها طول العمر، وما يعملش زيي ويكسر قلبها تاني....قلبها اللي كتير على أي حد
صححت له قائلة بهدوء :
زي ما دكتور فارس كان عوض لميان، هي كمان عوض ليه على سنين فاتت، ميان مش كتيرة عليه، ولا هو كتير عليها، هما الاتنين بيكملوا بعض
صمت هو الندم ينهش قلبه، دخلت الممرضة بعد أن سمحت لها الطبيبة بالدخول وقالت باحترام:
دكتورة سهيلة، محتاجينك في الاستقبال تحت، أهل مريضة عند حضرتك مبهدلين الدنيا، وأبوها شكله راجل متخلف وجاهل، طايح في الكل
قطبت جبينها، ثم غادرت معها قائلة باعتذار لسفيان:
معلش يا سفيان خليك خمس دقائق وراجعة ليك
ما إن غادرت الطبيبة حتى بقي سفيان بمفرده، ينظر للفراغ بشرود وفجأة، دخلت فتاة تقول بصوت مرتفع، يبدو عليه البكاء:
الحقيني يا ماما عربيتي اتدمرت على الآخر
عم الصمت أرجاء الغرفة عندما لم تجد الفتاة والدتها فيها، التفت سفيان نحوها بسبب ان ظهره كان موجهًا نحو الباب، ولكنه عرف هويتها من صوتها دون أن يلتفت أو يرفع عينيه حتى
نظر إليها، مردداً بأسف مصطنع:
يا روح ماما، انتي بتعيطي على العربية، تحبي أنادي حد من الممرضين هنا يقيسلك الضغط، اصله شكله مش مظبوط عندك
جزت الأخرى على أسنانها بحقد وغيظ، وكادت أن تهجم عليه، لكن الممرضة دخلت في نفس اللحظة قائلة:
انسة أماليا، الدكتورة تحت في مكتب دكتور فارس، فيه مشكلة بتحلها...تقدري تستنيها بره
سألتها أماليا بغيظ، وأعينها تشتعل غضباً:
مين ده
حمحمت الممرضة بحرج، محاولة ألا تذكر أن سفيان مريض أو حالة، فردت بسخرية دون مراعاة للمشاعر:
أنت بقى المجنون اللي ماما بتعالجه
رد عليها بتهكم وهو يضع يده في جيب بنطاله:
وانتي بقى قليله الادب وام لسان طويل اللي بيقولوا عليكي بنتها !!!
صرخت عليه بغضب:
أنت قليل الذوق
رد عليها سفيان بغضب دون أن يرفع صوته:
وانتي قليلة الأدب ومتربتيش!!
ثم تابع بتهكم:
مبقاش إلا العيال زيك، يطولوا لسانهم كمان
ركضت الممرضة للخارج لتنادي على الطبيبة بعدما رأت أن الشجار يشتد بينهما
صرخت عليه أماليا بغضب وغيظ كبير :
ومش لساني بس اللي هيطول، إيدي كمان لو ماتلمتش!!
رد عليها بسخرية :
ربنا خد من طولك وحط في لسانك اللي عايز قطعه
ركلت الأرض بقدميها بغيظ وقالت :
ماتقولش لساني طويل أحسن ما أطوله عليك بجد بقى
ضحك سفيان بسخرية وهو يلاحظ شيئًا جديدًا في تصرفاتها، فردد بتهكم :
وكمان لادغة !!!!
كادت أن توبخه، لكنها صمتت ما ان استمعت لصوت والدتها الصارم من خلفها :
أماليا، ايه اللي بيحصل هنا
لقراءة باقي الفصول من هنا
تعليقات



<>