رواية مأساة حنين الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم أية الفرجاني

رواية مأساة حنين الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم أية الفرجاني
وقفوا قدام مبنى فخم مدخل شيك، وسكون راقي حوالين المكان

خالد وهو بيوقف العربية قال بخفة:

= أهو يا سيدي وصلت القصر الملكي … دول  مستنينك  علي  نار يا نجم محدش مصدق انك رجعت سالم منها 

إسلام نزل بهدوء فتح الباب، طلعوا سوا…
ومجرد ما فتحوا باب الشقة…

كام الشباب الي قاعدين أول ما شافوا إسلام قاموا كلهم وكأن قائدهم رجع من معركة ناجحة 
وبدأت التهاني والاحضان واحد ورا التاني 

= "ألف مبروك يا باشا!"
= "نورت المكان والله!"
= "فرحتنا برجوعك بسلامة الله"
=محدش مصدق رجوعك "

في آخر الصالة،كان فيه راجل كبير في السن، هيبة باينة في وقفته وابتسامة فخر باينة على وشه
فضل يسقف بإيده وهوبيقرب منه و بيقول:

=أنا بصراحة… متوقعتش إنه في خلال سنتين بس ...
المنظمة كلها تقع على إيدك!
إنت مش بس شاطر... إنت أسطورة يا بطل رفعت راسنا كلنا 

إسلام بهدوء واتزان:
ده واجبي يا فندم… وبعدين أنا تلميذك في الأول والآخر يا باشا

بيحضنه بحفاوة وهو بيقول

=
أنا فخور بيك، وفخور إني سلّمت المهمة لحد زيك
وبالمناسبة... الوزارة قررت تصرفلك مكافأة مالية محترمة
المكان موجود في التجمع، شيك ومجهز ليك بالكامل
تعبير عن حبهم ليك

إسلام بابتسامة بسيطة:
مفيش حاجة تستاهل قد شرف المهمة يا فندم

الراجل بنبرة جادة وباهتمام:
بس اللي عملته تتستاهل أكتر من كده.
وعلشان ترتاح شوية... ليك 3 شهور أجازة.
أول ما توصلنا المهمة الجاية، هنبلّغك.

إسلام بيسلم عليه:
شكرًا يا فندم تؤمرني بحاجه تانيه ي فندم

=لا يبطل اجازه سعيده 

بعد دقائق....

إسلام نازل السلم وخالد وراه

خالد بينادي عليه:
استنى يا بني! هوصلك… معقول هتروح البيت ماشي؟

إسلام بضحكة خفيفة:
ما كنت هاخد عربيتك 

خالد بيقف ويضحك باستغراب

خالد:
إزاي يعني؟! المفتاح معايا!

يحط إيده في جيبه بسرعة… يكتشف إن المفتاح مش موجود يلف بسرعة يلاقي إسلام بيرميله المفاتيح 

إسلام ببرود:
انت لسه هتدور؟ اهو خد
ويلا… عشان أنا مستعجل

خالد بضيق وهو بيركب:
نفسي أفهم إزاي دايمًا بتقلبني كده 

إسلام بهدوء وابتسامة جانبية وهو بيقعد جنبه:
حاجة خاصة بيا… ومش ناوي أقولك عليها

بعد مده صغيره...

العربية وقفت قدام عمارة قديمة، الطابع الشعبي باين عليها بس فيها دفء.. ذكريات وريحة أهل

خالد بدهشة وهو بيبص على العمارة:
= لسه ساكن هنا؟!

إسلام بنظرة هادية وملامح فيها شجن:

= مينفعش أسيب الذكرى الوحيدة منهم…
وبعدين أختي لسه قاعدة هنا

خالد اكتفى بنظرة احترام وساب إسلام ينزل بهدوء

إسلام طلع السلم بخطوات فيها توتر وشوق في نفس الوقت… كل درجة بيطلعها، قلبه بيدق أسرع مش قادر يصدق إنه أخيرًا هيدخل البيت ده… بعد سنين

وصل قدام الباب… واقف لحظة، وبعدين خبط خبطة خفيفة

بعد ثواني الباب اتفتح

بنت صغيرة في أوائل العشرينات، وشها مألوف شوية، لكن ملامحها ارتبكت لما شافته…
اتجمدت مكانها، عنيها اتسعت، وكأن الزمن وقف للحظة

إسلام بابتسامة دافية:
= السلام عليكم…

البنت ابتعلت ريقها بصعوبة، وبلسان متلخبط:
= اس  اسلام  
حاولت تهدي ورت 

و… وعليكم السلام اتفضل 

فتحت الباب أكتر وإسلام دخل بخطوات هادية… عينه بتتحرك في المكان بسرعة، كأنه بيحاول يلم كل تفصيلة نسيها

دخل الصاله لقى "إلهام" عمته قاعدة، جنبها ابنها 
أول ما شافوه… اتفاجئوا ووقفوا 

رمزي قام بسرعة وهو مصدوم 
إلهام اتلبخت والموبايل وقع من ايدها  

إسلام بنبرة فيها شوق ودهشة:
= إزايكم؟
أنا جيت...اي مالكم مصدومين كده ليه 

رمزي حاول يضحك ضحكة باهتة وهو بيقرب منه:
= ياااااه… نورت يا راجل! مش مصدق نفسي والله!

اسلام زقه بعيد بقرف 

إلهام قامت بسرعة، بتحاول تخبي ارتباكها:

= ده انت نورت البيت!
إمتى جيت يا ابني؟!
قص قصدي يعني مش كنت تقولنا انك جاي 

إسلام وهو بيبص حواليه:
= حبيت اعملهالكم مفجأه....ولسه واصل من شويه

عنـيه بتدور… بتدوّر على أغلى حد عنده

إسلام بصوت أهدى وهو بيركّز في ملامحهم:
= امال  فين حنين؟

سكون لحظة… الكل بيبص لبعض، والتوتر باين

رمزي بيتكلم بسرعة:
= خرجت مع صحبتها… كانت محتاجة تغير جو متعرفش انك جاي

إسلام بهزة راس هادية:
= تمام…
أنا هدخل أنام شوية لحد ما ترجع عشان تعبان من السفر 

سابهم واقفين… كلهم في حالة ارتباك، نظراتهم بتتهرب، ووشوشهم متشددة

إسلام دخل الأوضة… وقف لحظة قبل ما يقفل الباب، وبص لهم نظرة طويلة…

وبهدوء قفل الباب وراه

حاول ينام… بس فيه حاجة خنقاه حاجة مش مفهومة… إحساس انو في حاجه هما مخبينها عليه 
فضل يفكر وهو قاعد علي السرير 
بعد شوية قام… خرج  مفيش  حد  في الصاله …بس سمع صوت عمته خارج من الاؤضه بتتكلم بصوت مرتعش بس واضح  انها  متعصبه …   وقف ورا الباب بيسمع

عمته بهمس مرتبك:
يا رب تستر… يا رب ما يكونش عرف… لو إسلام عرف إن حنين سابت البيت وهربت من سنة ونص  إحنا هنتفضح!
مش بعيد يقتلنا
رمزي ببرود وقرف:
هيعمل إيه يعني؟ما خلاص البت مشيت! هو احنا الي مشنها يعني
وبعدين ميقدرش يعمل حاجه دا حته سباك لا راح ولا
جه قال كان مسافر عشان يشنغل بره اهو راجع ايد ورا وايد قدام

بتضربه على وشه وهيا بتقول:
انت تخرس خالص! انت بالذات تخرس! البت مشيت بسببك بعد ما حاولت حضرتك تتعدى عليها أكتر من مرة يا حيوان! نسيت ولا أنسّيك؟!

إسلام اتجمد… النفس اتحبس في صدره… جواه حاجه بتتكسر رجليه  هبدوا  الباب ودخلوا لوحدهم…

إسلام بصوت مش مفهوم أوله، واطي، بيرتفع مع كل كلمة:
إيه؟!
مين اللي حاول يعتدي عليها؟!
انا عاوز افهم كل حاجه دلوقتي 

الكل اتجمد… رمزي واقف محله ووشه اتصفّر، وامه بترتعش وهي تبص لإسلام…

إسلام بيقرب منهم وعنيه مولعه، صوته بيرتجف:
يعني… يعني  مشيت؟
حنين مشيِت من سنة ونص… وإنتو مخبّيين؟!لا وقاعدين عادي كده 
وإنت… إنت اللي كنت السبب؟!

إسلام بيبص لرمزي واللحظة دي كان فيها كل القهر… كل النار… كل الحنين… وكل الغضب اللي اتحبس سنين… وفجأة…

إسلام:
إنت عملت فيها إيه؟!
اتكلم يا ابن الك"لب!
وبيهجم عليه ويوقعه على الأرض، بيضرب فيه بكل غِل 

اللهام بصراخ:
إسلااااام! بلاش! احنا منعرفش عنها حاجه 

إسلام وهو بيضرب أكتر:
… ده خنزير!
ده اللي خلّى أختي تهرب! عملتلها اييييي
كنتوا ساكتين ليه؟! ساكتين لييييييه؟!
هقتل*كم 

الضرب بيزيد… رمزي بيصرخ… وإسلام مش سامع غير صوت أخته في خياله وهي بتعيط… مشهد ليها وهيا بتهرب… وهي بتجري في الشارع…

بقولك حنين راحت فين....
قالها بصوت عالي مجروح بس مليان غضب …  زي اللي خلاص فقد عقله ومبقاش شايف قدامه 

كانت واقفة قدامه، جسمها بيرتعش، وعينيها مليانه دموع على ابنها اللي وشه بقى خرائط من الضرب
شوارع حُمرا مرسومة علي وشه بإيده كأنه بينتقم من كل السنين 

ردّت بصوت متكسر:

= والله ما أعرف… هي اللي مشت، والله العظيم ما نعرف راحت فين!

وطّت على الأرض تبوس رجله وهي بتبكي:

= سيبه يا إسلام… هيموت في إيدك… أبوس إيدك… دي هيا الي هربت من نفسها والله ما نعرف عنها حاجه!

رمى الولد عليها وصوته طلع بغضب من جواه وهو بيقول:

= عاوزاني أصدق إن حنين سابت البيت كده؟!

ضحك ضحكة كلها سخريه وقال ببرود بيغلي:

= فكراني عيل؟ هتضحكي عليا بكلمتين دول؟
أقسم بالله العلي العظيم… لو ما عرفتش حنين فين،
لأولع في البيت ده بيكو كلكو… وانتو جواه 

اتجه للأوضة، فتح الباب برجله، وبدأ يقلب في كل حاجه كأنه بيقلب وجعه مش اثاث قديم …
كل ركن بيتقلب، كل درج بيتفتح بعصبية، لحد ما عينه وقعت على تليفونها في درج

مسكه وخرج بيه، ورماه على بنتها اللي كانت قاعدة زي التمثال
وقال بصوت حاد:

= افتحيه… أهو ده التليفون اللي كنتوا بتردوا عليا منه، مش كده؟

وطت خدته  وهي بتترعش، فتحته...

خطفه منها وبدأ يقلب في الرسائل…
كل كلمة بتقطع فيه أكتر من اللي قبلها…

= سنة ونص… سنة ونص وأنا كل ما أكلمها تفصل،
كل ما أبعَت، تبعتلي "أنا كويسة'...
وبس!
سنة ونص… وقلبي يقوللي يمكن مش قادرة، يمكن بتخبي وجعهاعشان  بعيد عنها …

بس كل ده؟
كل ده كان كدب؟
بنتك هي اللي بترد عليا؟
وانتو… انتو عاملين عليا فيلم ومصدقين نفسكم؟!

لفّ عليهم فجأة، وعينه بتلمع بغصة مكسورة:

ولما هيا مشيت…
مقولتليش ليه؟
ليه كملتوا تمثيل؟
ليه خليتوني أصدق انها عايشه؟
كنت خايفين علي الفلوس الي ببعتها  وأنا فاكرها....هنا؟!

صوته علي بغضب وهو بيتوجع وبيلوم نفسه:

= عشان ابنك الصايع صح؟!
اللي مش لاقي شغل؟
عشان الفلوس؟
كنتوا خايفين الفلوس اللي ببعتها تقف؟
اختي كانت تمن كام في الحكاية دي؟!

قعد على الكرسي، عينه مفيهاش دموع … بس كلها وجع  اتجمع في لحظة

= أقسم بالله…
لو ما لقيتش حنين…
لهتشوفوا جهنم في حياتكم وانتم عايشين
كل ثانية

وقف وقال بصوت رج البيت:

= قدامكم نص ساعة…
أرجع مشوفش وشكم هنا؟
والا وقتها
تبقوا استنيتوا نهايتكم  علي ايدي؟!

لفّ عشان يخرج، جريت عليه عمته، مسكته من هدومه وهي بتبكي:

= بالله عليك يا إسلام… هنروح فين؟
أنا كنت ساكنة إيجار… ومعيش ولا جنيه…
هنتشرد!

زقها بغل وقال:

= مفكرتيش في أختي ليه الي اصغر من عيالك لما رمتيها 
مفكرتيش في دموعها؟ في خوفها؟ في لياليها لوحدها؟
أحمدي ربنا…
أحمدي ربنا إني هرميكوا بس
مش هدفنكوا  بالحيا …
وادعي ربنا تكون بخير عشان وقتها هنسى انك كنت في يوم عمتي...ي عمتي قالها بسخريه واكمل  
وهو بيفتح الباب عشان يخرج 

بس ما تفرحيش
أنا لسه ما فتحتش أول صفحة من حسابي معاكم…

= ولحد ما ألاقي حنين…
كل يوم هيبقى عليكم…
لعنة يخليكم تتمنوا الموت

~$$$$$$$؟؟؟؟

حنين قاعدة على الأرض جنب "هدي" و"محمد" نايم على رجلها..
الجو هادي، وهي بتتكلم ببساطة وهي بتهوي على الطفل بمروحة يد

حنين بابتسامة هادية

عارفه يا هدي؟
أنا كنت فاكرة إن مش هيتغير
بس  لأ..
كريم بيحاول يتغير.. بيحاول بجد..
يمكن مش بيعرف يعبر.. يمكن لسه مش متعود يقول اللي جواه
بس كل تصرف بيعمله.. بحسّه بيقولي "أنا آسف.. ومستعد أعوضك"

هدي بتبصلها وهي مستغربة شوية بس مبسوطة وبتفضل ساكتة تسمع

حنين(تكمل، وهي عينيها على محمد
مش دايمًا اللي بيغلط هو وحش..
أوقات الغلط بييجي من وجع..
وأوقات ربنا بيرجع ناس لبعضهم عشان يشفيهم سوا

في اللحظة دي بيكون كريم راجع من الشغل، تعبان، وبيعدي قدام باب المطبخ المفتوح
بيسمع صوت حنين وبيسمع اسمه، بيقف بيقرب
يبص جوه من غير ما حد ياخد باله، يلاقيها قاعدة وبتتكلم.. قلبه يدق
يحط إيده على ضلفة الباب بيستند عليه، ويبصلها بحنية، وكل اللي في وشه بيقول: "أنا فعلاً بحاول"

هدي بتشوفه عينيها بتلمع ولسه هتقول " كريم!"

بس كريم بسرعة بيشاورلها بصباعه على بقه، كأن بيقولها: "هشش.. ما تقوليش"
هدي تضحك بخبث طفولي وتهز راسها وتسكت

حنين لسه مش واخدة بالها..
بتكمل كلامها وهي بتزق شعرها من وشها، وتبص لمحمد وتهمس:
يا رب..
يكون يستاهل فعلا ويتغير 
وقتها فعلا هكون مبسوطه وهديله فرصه تانيه

كريم يطوّل في البصة.. ياخد نفس ويكتمه ويرجع يمشي على أطراف صباعه من غير ما يعمل صوت
بيسيبهم ويدخل أوضته..
والابتسامة على وشه  وهو  بيفكر  في حاجه  وبعدين بيقفل الباب 

سماح في الاؤضه رايحه جايه  بتكلم حد في التلفون

=طلع متجوز وعنده ولد كمان اااه زي ما بقولك كده 
بس البت اللي متجوزها دي محبتهاش حساها عيله صغيره  وبعدين جوازهم مش  طبيعي
حساهم مخبينين حاجه وكل مسالهم ميقولوش حاجه

تسكت شوية وهي بتسمع صوت الي في السماعه ترد بغيظ:

"لأ… لأ… مش طبيعية الحكاية دي… البت اللي متجوزها دي مش داخلة دماغي خالص… صغيرة كده ومعرفش… فيها حاجة مش مريحة…

تتنهّد وتحط إيدها على وشها:

"وبعدين جوازهم كله غريب… كل ما أسألهم يقولولي: "خلاص… اتجوزنا ملكيش دعوه 

تسكت شوية وبعدين تكمل بغيظ:

لا… لا والله… لو الموضوع فيه حاجة… هعرفها… هعرفها غصب عنهم !

الطرف التاني قال حاجه واضح انها عجبت سماح بابتسمت بخبث وهي بتقول:
دا انت تنورى ي عيوني هستناكي 

العاشر10 
كريم كان قاعد ع السرير، ماسك الموبايل  في ايده بس دماغه في حته تانية...
كان بيفكر، يعمل إيه؟
إيه الحاجة اللي تكسر الحاجز اللي بينهم؟
إيه الحاجة اللي تخليها تحس إنه بيقرب، بس من غير ما يوجعها؟
فضل ساكت، وعنيه بتتحرك شمال ويمين، لحد ما ابتسم فجأة...

مسك الموبايل، وطلب اوردر...
هو نفسه ماكنش مصدق إن الفكرة دي اللي جت على باله، بس عجبته...
قفل التليفون وهو لسه مبتسم
وفرد دراعاته على السرير، وعينيه في السقف كأنها بتحاول تتخيل رد فعلها...
اتنفس نفس طويل...
حاسس إنه عامل حركة حلوه..
يا ترى هتفرح؟
ولا هتستغرب؟

بعد نص ساعة تقريباً جاله إشعار إن الطلب وصل
قام بسرعة ونزل السلم بخطوات خفيفة
كان بيدندن وهو نازل 
كل شوية يبص حواليه، مش عاوز حد يشوفه...
كأنه بيخبي فرحته

كانت أمه واقفة جنب السلم ...
شافته  مستغربة الضحكة اللي ع وشه
مفهمتش هو مالُه؟
فضلت بصاله من ورا العمود 
شافته وهو بيفتح الباب، وبيستلم الكيس

ودفع الحساب وهو بيقول للراجل: "شكرًا..."

فتح الكيس وهو لسه واقف وبص جواه...
ضحك لوحده، وطلع أوضته بسرعة، وقفله وراه...

أمه لسه واقفة مكانها
بصت ناحيته، وقالت لنفسها:

هو مالُه الواد ده؟! من إمتى بيضحك كده؟ شكله اتجنن ولا اي

هزت  كتفها وسابت المكان ورجعت أوضتها

بعد دقايق، كان كريم واقف قدام أوضة هدى... بيخبط عليها
هدى فتحت وهي مستغربة وقالت:

ـ أستاذ كريم... حضرتك محتاج حاجه؟

بصلها كريم وهو ساكت لحظة وبعدها طلع كيس من ورا ضهره وقال بهدوء:
ـ ممكن توصّليه لحنين؟

هدى خدت الكيس باستغراب، وقالتله:
ـ حاضر
ومشيت ناحيه أوضة حنين..

حنين كانت قاعدة على السرير بتلاعب محمد...
هدى فتحت الباب بهدوء وقالت لها:

ـ كريم سابلك الكيس ده قالي اوصله ليك 

حنين بصتلها وقامت بسرعة خدت الكيس من إيد هدى واديت محمد ليها 

فتحت الكيس... عينيها وسعت من الدهشة
فستان شيك جدًا، لونه هادي وناعم، ومعاه هيلز بسيط أنيق وكمان طرحه جميله بلون الفستان

وقفت حنين تبص فيهم كأنها مش مصدقة، وهدى وراها بتبتسم بفرحة حقيقية ليها
وبينما حنين بتفرد الفستان على السرير، وقعت منه ورقة صغيرة
خدتها بهدوء وفتحتها، وكانت مكتوب فيها بخط كريم:

هدية بسيطة... بس فيها كل الإعجاب اللي معرفتش أقوله بلساني
هستناكي تحت الساعة ٧ لو وافقتي، هتكوني أسعدتي قلبي'

حنين فضلت ماسكة الورقة... وابتسامة صغيرة على وشها
هدى قربت منها وقالت:
ـ في إيه؟
حنين قالت بخجل وهي بتلمس الفستان بإيدها:

ـ عاوزني أخرج معاه...

هدى فرحت وقالت بحماس:
ـ طيب يلا يا بنتي روحي اجهزي لسه هتفكري 

حنين بصت ناحية محمد اللي كان بيضحك في حضن هدى
هدى فهمت وقالت بهدوء وبحب:
ـ متخافيش، سيبيه معايا... هستناك لحد ما ترجعي

بعد ساعه قدام باب البيت::':::

كريم واقف قدام العربيه بيبص في الساعه كل شويه وبيتنهد

كان بيعدّي في دماغه ألف سيناريو وسيناريو…
هي هتيجي؟
هتفرح؟
هتتكسف؟
ولا يمكن ترفض وتحرجه؟

عينيه بتروح وتيجي عالشارع… بيلف حوالين نفسه زي اللي داخل لجنة ثانوية عامة

كريم بيكلم نفسه وهو بيتنفس ببطء:

اهدى يا كريم… دي خروجه مش عملية قلب مفتوح… بس برضو…

وبيسكت وهو بيضحك لنفسه بخوف

فجأه بيقطع تفكيره صوت خفيف من وراه، حد بيتنحنح…

بيلف بسرعة…
بيتسمر مكانه…

كانت هي…

واقفه على أول سلمة…
لابسه الفستان اللي جابهولها…
وشعرها متغطي بالحجاب مديها لمسه ملايكه 
عيونها فيها لمعة خجل…
وشفايفها بتتحرك بخفه كأنها بتسأل من غير كلام:

"حلو؟"

كريم بيتأملها بثواني صمت، كأن الزمن وقف…
وبعدين قالها بصوت واطي وعيونه مش بتفارقها:

إنتي… طالعه نور… قسمًا بالله أول مره أحس إني عملت حاجه صح ف حياتي لما قررت أشتري الفستان ده 

قرب منها بخطوة
ومد إيده من غير ما يفكر
مسك إيدها بحنيه، بس بحزم، كأنه بيقولها: 
أنا هنا… وهفضل

كمل بصوت هادي فيه انبهار صادق:

أنا كنت فاكر إنك جميله… بس دلوقتي؟… أنا مش مصدق  إنك بالجمال ده 

حنين كانت متلخبطة… ضحكت من خجلها وقالت:
هو انت دايمًا بتتكلم كده؟

ضحك وقال:
"أنا؟ ده أنا كنت فاكر نفسي غلس… بس شكلي لما شوفتك النهارده، اتعلمت الغزل في ثانية!

وفتح باب العربية، وساعدها تركب
وهو لسه مبهور بيها كأنها ملاك نازل من السما

بعد دقايق في العربيه…
كريم سايق ووشه كله ابتسامة، ودماغه مشغولة بيها أكتر من السواقه نفسها
كل شوية يبص لها من طرف عينه، يقول كلمة… يضحك، وهي ترد عليه بنص ابتسامة وخجل باين

كريم، بصوت هادي:

"كنتي فين من بدري؟ يعني الدنيا دي كلها وأنا ماشي فيها لوحدي…
كان فينك من زمان 

حنين بتتكسف وبتضحك، بتحاول ترد 
بـ"ربنا بيختار الوقت الصح"
بس لسانها مش طالع منه صوت

كريم بغمزه وهو بيبصلها:
وربنا انا ربنا بيحبني
حنين بخجل:
كريم بص قدامك هنعمل حدثه

كريم بضحك:
متخافيش انا متمكن كويس 

بعد دقايق 
بيوصلوا قدام مطعم شيك جدًا…
نور هادي ، لافتة أنيقة، والمكان من بره أصلاً بيقول

"خصوصية"

كريم بينزل بسرعه، ويفتح الباب لحنين زي الأفلام كده…
ينحني لها بإيده، ويقول بصوت مائل على الفرنسي:

كريم وهو عامل فيها رومانسي أوي:

"مادام… الشرف ليا إنك تنوري مملكتي المتواضعة"

حنين بتضحك وبتبص له كأنها أول مرة تشوفه…
هو بيضحك على نفسه، وبيقول بصوته العادي:

ياااه… ده أنا طالع أهبل… بس مبسوط، أهو ده المهم 

بيدخلوا المطعم…
حنين بتبص حواليها، تستغرب المكان فاضي تمامًا
الأنوار خافتة، الترابيزة اللي قاعدين عليها متزينة بوردة بيضا، وكل حاجة هادية كأن الزمن وقف

حنين بهمس وهي بتبص له:

هو… المطعم فاضي كده ليه؟

كريم وهو بيسحب ليها الكرسي:

علشان حبيت نكون لوحدنا… أنا وانت، بس
مش عايز حد يشاركنا اللحظة دي

بتقعد ولسه مش مستوعبة الرقي اللي حواليها
كأنها في حلم…
هو بيقعد قدامها، وساكت شوية، بيتأمل ملامحهاوهيا في خجل منه مش قادره تتكلم

بييجي النادل وبيشوف طلباتهم …
كل حاجة متحضرة، شكل الأطباق كأنها لوحة
وكريم بيشاور للنادل بعنيه يمشي

حنين قاعدة قدامه متوترة ، بس ملامحها مش قادرة تخبي الفرحة اللي في عينيها
كريم بيراقبها، ومش قادر يبطل يبتسم…

كريم وهو بيبص لها بتركيز:

أنا أول مره أشوف الجمال لابس حجاب… كان ناقصه إيه يعني؟ ولا الفستان هو اللي اتشرف بيكي؟

حنين بتضحك بخجل وبتمسك طرف الطرحه كده بتلعب فيه وبتقول له:
"كريم… بلاش الكلام ده عشان  بتوترني بجد "

كريم وهو بيحط كوعه على الترابيزه ويميل عليها شوية:
أنا مش بقول كلام… أنا بوصف مشهد قدامي مش مصدق إنه حقيقي

بيجي النادل ويفصل اللحظة دي، بيحط الأطباق قدامهم، كريم بيشكره وهو بيبص لحنين ولسه عينه مش عايزه تسيبها

كريم:
"عارفه؟ من يوم ما جيتي البيت وأنا حاسس إني مش لوحدي…
كنت دايمًا داخل وخارج كأني تايه في شقة كبيرة فاضية
لما بشوفك مع محمد، بحس إني بنيت أسرة وأنا مش واخد بالي

حنين بتبص له، ملامحها بتهدى، بتحس بالصدق وبتقول له وهي بتطمنه بعينيها:

هو كمان مش لوحدك يا كريم…

هو بيرمش كده وبيضحك بهدوء وهو بيقول:

دي أخطر جملة ممكن تتقال النهاردة

&&&&&&

إ ماشي بسرعة رجله بتجري لوحدها بدون هدف بيدور في الشارع بس كأنه بيدور علي ابره في كومة قش
مش شايف قدامه، مش سامع غير صوت أنفاسه…
كل ما يتخيل ، كل ما يتخيل إنها لوحدها، أو في خطر…
كل ما صورة من الماضي تطق قدامه…
هي صغيرة، ضحكتها، خوفها، حضنه ليها…

بيمسح عرقه بإيده…
دماغه هتفرقع من كتر الهواجس
"راحت لمين؟ مين خدها؟ 

يقف قدام باب شقة…
نَفَسه بيعلو، كأنه طالع جبل مش سلم…
إيده بتخبط بالعافية كأن رجله هي اللي وصلته مش وعيه

الباب بيتفتح 

بنت ملامحها هادية بتتفاجىء بيه بتقول بحذر:
أيوه؟ مين حضرتك 

إسلام باين عليه التعب:

عرق نازل من جبينه، هدومه مبهدلة، شعره منكوش، عنيه غريبه 
كأنه جاي من خناقة 

إسلام بصوت مبحوح:
دي شقة خالد؟

البنت بتبص له بتوتر وتهز راسها:
أه…

إسلام بهدوء :
قُولي له… قُولي له إسلام واقف بره

البنت بتبص له ثواني، وبعدين تدخل بسرعة…
إسلام واقف مش ثابت على رجله، بيبلع ريقه، عنيه بتلف في المكان

بعد لحظات، الباب بيتفتح من تاني…
خالد بيظهر لابس تريننج، متفاجئ جدًا وهو بيقول:
إسلام؟!

إسلام بيرفع عينه له، مش قادر يتكلم…

خالد بسرعة وهو بيسحبه جواه:

"إدخل، إدخل بسرعة… مالك؟! إيه اللي حصل اي عمل فيك كده 

تعليقات



<>