
في سرها كانت "مريم" تهمس:
«يارب استرها… يارب تبعد عني شرها…»
لكن صوت جدتها، الجاف الغليظ، قطع دعاءها:
– مريم! يا بت يا مريم!
خرجت "مريم" من غرفتها بوجه مرهق ونفسية مدمرة، تحاول تخبّي خوفها، لكن ملامحها فضحتها.
– نعم يا تيتا؟ خير؟
ابتسمت الجدة ابتسامة باهتة، وقالت بنبرة مُريبة:
– يلا البسي، وهنروح مشوار كده، مشوار آخر البلد وراجعين.
دخلت الأم على الخط، بنظرة شك وقلق:
– مشوار إيه يا ماما؟ رايحين فين؟
– وانتي مالك؟! أنا باخد بنت ابني، ودي مش حاجة تخصك!
نظرت "مريم" لأمها، وعينيها بتستغيث، لكن الأم ماقدرتش تعترض بصوت عالي قدام الحدة دي.
---
مر الطريق طويلاً...
الشوارع كانت مختلفة. كل خطوة تاخدهم بعيد عن الزحمة… عن الأمان… عن الحياة.
أما "مريم"، فكانت تايهة وسط أسئلتها، ولسان حالها:
«هو في إيه؟ ليه المكان شكله غريب كده؟ إحنا رايحين فين؟»
وصلوا عند بيت صغير وسط أراضٍ مهجورة. ناس واقفة، وأصوات بكاء مكتومة.
مريم بدأت تحس بحاجة غلط، بس كانت ساكتة. جوّاها خوف مش عادي.
قابلت الجدة واحدة ملامحها غريبة، وقالت لها: – إزيك يا أم خالد؟
– بخير يا حبيبتي، جهزتي البت؟
– أهي ورايا، هيا دي.
مريم كانت واقفة ورا جدتها، مش فاهْمة حاجة… بس فجأة سمعت صوت بنت بتصرخ من جوّه الأوضة.
صرخة هزّت كيانها… وعيونها اتفتحت على رعب ما شافتهوش قبل كده.
– مريم، سلّمي على خالتك.
قالت الجدة وهي بترمقها بنظرة لا تقبل الرفض.
– نعم؟ خالتي؟! قالتها "مريم" باستغراب.
– ماشالله عليكي، قمر!
قالتها "أم خالد" وهي بتقيس ملامح "مريم" بنظرة تقييم مش بريئة.
وفجأة… بنت خرجت من الأوضة… محمولة على الأكتاف… مغمي عليها… ودم على هدومها!
عيون "مريم" اتسعت، وإيديها بدأت ترتجف، ودمعة نزلت بدون إذن.
– يا أم خالد! الحالة الجاية!
صرخت واحدة من جوه.
– حاضر… جه دورك يا حجة.
قالتها "أم خالد" بابتسامة متشفية.
– يلا يا مريم!
قالت الجدة بنبرة أمر.
– على فين؟!
نطقت "مريم" برعب، لكن الجدة سحبتها من إيدها بعنف، وقالت:
– لي أقوله يتسمع!
دخلت "مريم" الأوضة… الزوايا مظلمة… ريحة دم… وسيدات لابسين أسود، واحدة منهم ماسكة موس.
«ياااااارب… ياااارب أنا خايفة…»
صوتها الداخلي بيصرخ، لكنها ساكتة.
دموعها نزلت بدون صوت.
ست شدت هدومها وخلّعتها غصب…
جدتها كمّمت بؤها…
واحدة فتحت رجليها…
واللي كانت ماسكة الموس قرّبت… وابتدت الجريمة.
وجع… نزيف… صوت داخلي مكسور بيهمس:
«أنا عايزة ماما…»
وبس… فقدت الوعي.
بعد لحظات طويلة، في مكان بعيد، كانت الأم بتترقب عودة بنتها… مش عارفة إن أغلى ما عندها بيتكسر.