رواية رياح الالم ونسمات الحب الفصل العشرون20بقلم سيمو

رواية رياح الالم ونسمات الحب 
الفصل العشرون20
بقلم سيمو
وعندما تطلعت اليه تلك المرأه كي تخبره بما أراد ان تسمعه أذنيه، كانت أعين ثريا الشامته تحاوطه ، فنظر لتلك السيده ثانية وطرف عيناه عالقاً بثريا قائلا بصوت مضطرب : ها ، يا أم محمد !

فتبتسم هذه السيده ذات الملامح البشوشه قائله : تتربي في عزك ياسي منصور
فيستند بجسده القوي علي تلك المنضده القريبه منه ، التي توضع عليها أحد مزهريات الورود ، فتتساقط وتتناثر الورود أرضاً ، حتي تنظر اليه ثريا بعيناها التي تخبره بجملة واحده فقط : انه اصبح أباً لبنتاً آخري
فيضع بيده علي قلبه قائلاً : بنت !
فتتطلع إليه المرأه قائله بأشفاق : ايوه بنت ياسي منصور ، بس بنت ماشاء الله زي القمر، ادخل اطمن عليهم
فينظر اليها بتهكم ، وهو مازال يشعر بألم صدره ، فيسير بخطي بطيئه من امام أعينهم فيتمتم بشرود : بنت ..يامنصور
ومنذ ان وقعت عيناه علي كلمات ذلك الخطاب منها ، بدء حاله يتغير حتي مرحه وابتسامته قد تلاشت ، فنظر الي صديقه الذي أردف اليه وهو يحمل بعض الأوراق وقال بأسلوب جاد : الأوراق ديه عايزه توقعيك يافارس
فيتطلع اليه فارس قائلا ، بعدما نهض من علي كرسيه ليكون في مواجهته : أنت مش ملاحظ أنك أتغيرت للأسوء ياهشام ، أنا لو للحظه كنت شكيت فيها أنك بتحب جوليا كنت قولت يمكن فراقها السبب
فيهرب هشام بأعينه بعيداً ... حتي يتنهد بصمت قائلا : أنا موافق علي عرضك ، أني أمسك مشروع الساحل ، وهسافر أقعد هناك لحد ما المشروع ينتهي
فيجذبه فارس اليه ، قائلا بصوت جامد : مش معقول انت هشام صاحبي ، الي ديما بحسده علي قوته ، وان مافيش حاجه بتأثر فيه حتي الدنيا كنت عايشها بالطول والعرض
فيسقط هشام بجسده علي اقرب مقعد ، ويضع وجهه بين راحة كفيه ليتنهد بحرقة قائلا : ليه كلكم شايفني الشخص ده ، ليه أنا الي لازم أبقي القوي وسطكم عشان أقدر أخرجكم من همومكم ، أنا حبيتها يافارس ،فاهم
فيجلس فارس مصدوماً : حبيت جوليا !
فيخفض هو برأسه أرضاً ، حتي يحركها بالأيجاب قائلا : جوليا كانت بتديني كل الحنان ، كنت بحس معاها قد أيه أنا مهم اوي ، حسيت بوجودي وكياني كأنسان ، يمكن تتريق عليا ، بس أنا فين من كل الناس الي حواليا ، أنا طفل اتربي يتيم في بيت خاله ، الي كان بيصرف عليه من فلوس والده ، فيصمت قليلاً ليقول بسخريه : ومع كل ده كان فاكر نفسه أنه بيعمل الواجب معايا ومعيشني في خيره مع اني كنت عايش بفلوسي ، عمره ماحس بنظرتي وانا شايفه بيهتم بولاده ، وانا بالنسبه ليه كشئ من العدم ، كان نفسي للحظه يخدني في حضنه ، ويطبطب عليا حتي لو شفقه بس أحس أني فعلا موجود .... جوليا عملت كل ده ، مأنكرش اني حبيت أهتمامها بيا ، بس حبيتها ، وهي مع اول لحظه حسيت فيها أن وجودها في حياتي هيفرق معايا ، سبتني عارف يعني ايه لما أكون بفكر اديها كل حاجه ,وأغفرلها كل الماضي الي عشيته وهي تسبني ، وفي الاخر تتدبحني بجوابها ، الي بتقولي فيه مش هنساك ...
فيرفع وجهه وهو يضحك بتهكم : مش هنساك وبحبك ياهشام ... لاء بجد كانت نهايه حلوه
كلمات قد نطقها هو ، جعلته يُدرك بأن الجبل يأتي له يوماً ويهتز بسبب تلك الهزه القويه التي أصابته ،فيفقد جزء منه
ليمد بيده كي يربط علي أحد كتفي صديقه قائلاً : أنا واثق انك محبتش جوليا ، وده مجرد تعود وبس ، ساعات بنتعود وندمن وجود بعض الأشخاص في حياتنا ، ومبنكونش عارفين اذا كان ده حب ، او مجرد أحتياج مش أكتر ... وانا موافق علي انك تسافر تكمل مشروع الساحل ، مدام هتريح اعصابك وترجع هشام الأولاني ، بس لازم ترجع بسرعه .. عشان مش هتجوز من غيرك
فتنير الأبتسامة وجهه وهي يتطلع الي صديقه وبعدما علم من نظرة عيناه اللامعه بأن ما يتفوه به ليس كذبا فقال : مش معقول بقي فارس قرر يتجوز ، ومين بقي منحوسة الحظ ، ياعيني عليكي ياهنا هو انتي ناقصه البع بع ده ...
لتتحول الأبتسامه الي غضباً فيقول : والله ، بقي أنا بع بع
ثم لانت أبتسامته قليلا فقال : للأسف فعلا لسا هنا لحد دلوقتي بتخاف مني ، تفتكر فشلي في حياتي الأولانيه ممكن يأثر عليها ، خايف أظلمها ياهشام
فيقترب منه هشام بعدما عاد الي مرحه : لاء وكمان انت ناسي ، أنها هتوافق علي واحد عجوز يبلغ من العمر اثنين وثلاثون عاماً
وكأن مرح صديقه قد لمس وتراً حساساً لديه فيقول بتنهد : وللأسف كمان خايف أظلمها بفرق السن الي بينا ، هنا لسا صغيره .. واكيد كان من احلامها انها تتجوز واحد من عمرها يعيشوا شبابهم مع بعض ويتبسطوا سوا مش واحد كان متجوز قبل كده، حاسس اني أناني اوي
فينظر إليه هشام بهدوء ليقول : الحب عمره مكان أنانيه وبالأخص لما يكونوا الطرفين بيحبوا بعض ... ثم قال بدعابة ثانية : من زمان عمال اقولك تعالا نتجوز لأحسن نعنس شوفت
فيضحك فارس علي مزاح صديقه فيقول : مكنتش هكون قابلت هنا يافالح ، ولو كنت قابلتها من زمان كانت اكيد هتبقي لسا طفله بضفاير
لينظر اليه هشام بضحك : اه لو هنا سمعتك ، كانت زمانها عاقبتك بطريقتها الخاصه
فيبتسم فارس قائلا بشوق : كانت هتعقبني بالزن ، وتقولي انا بضفاير ، مش كفايه طفله
ليتطلع اليه هشام قليلا .. فيلاحظ هو نظراته فيقول :بحب عياطها وغضبها الطفولي اوي ، بحس اني بستمتع اجمل حاجه بجد لما ربنا يرزقك بزوجه تكون طفلتك قبل اي حاجه تانيه !
فيبتسم هشام بحب علي هذه السعاده التي تحاوط صديقه : ربنا يسعدك يافارس
وعندما اغمضت عيناها بألم وهي شارده في حديث والديها ، هربت دمعة من عينيها ، فتطلعت الي اختها النائمه علي ذلك السرير المجاور لها ، لتتذكر نحيب والدتها وهي تواسي والدها بعدما استغنت الشركه التي يعمل بها عن خدماته هو وغيره ، وتعطيهم بعض الاموال تعويضا لهم دون عبئ بما سيحدث لأسرهم ، فتمسح دموعها سريعاً عندما رأت والدتها تقف امامها قائله : سميه انتي لسا صاحيه
فتتطلع سميه الي والدتها قليلاً وقبل ان تتفوه بكلمة واحده تُشعر فيها والديها بعجزهم علي تصدي هذا البلاء ،اغمضت عيناها وهي تقول هرباً من نظرات أمها : انا هنام اه ياماما ، تصبحي علي خير
لتخرج الام وعلي وجهها نظرات الحزن ، التي لم تستطع البوح بها امام أبنتها ، ولكنها هي قد أحست بها فلماذا هي وحدها من تشعر ببؤسهم وحزنهم .. ولكن قد حان وقت تبادل الأدوار
شعورا لم تدركه من قبل ، وهي تلامس بأصابعها اصابع صغيرتها التي جائت الي أب قد أكتفي من وجود البنات لديه ، فتهرب دموعها سريعا بألم ، حتي تقترب منها والدتها قائله : طيب انتي بتعيطي ليه دلوقتي ، لو علي منصور اكيد كام يوم ويهدي .. مهما كان ديه بنته يابنتي
فتظل تتأمل صغيرتها قائلة بمراره تتخلل حلقها : كان بابا حس بكده كمان ، وقال مهما كان دول بناتي .. بس لحد دلوقتي هو رافض وجودنا وشايفنا في حياته زي السلع الي بتتباع وبس
فتتأمل زينب أبنتها بألم ، فهي تعلم تماماً صدق ما تقوله : بس منصور مش زي صالح ، هما اه نفس التفكير .. بس منصور مش بيهون عليه عياله ولا بيرميهم ..
فتتذكر ذلك اليوم الذي وضعت فيه صغيرتها ، وأرادت رؤيته ، ولكن رفض رؤيتها هي وأبنته ، فتهبط دموعها وتحتضن طفلتها الرضيعه بقوه قائله : اكيد لما هتكبر مصيرها هيكون زي .. فتصمت قليلا لتقول : ياريت كنت مت انا وهي
لتدخل في تلك اللحظه ثريا وهي تحمل الطعام قائلة بسخريه : من ساعة ما الراجل سمع بخلفتك الي تسد النفس مبقاش ليه نفس للدنيا ، كلي ياختي كلي .. اللهي يسد نفسك انتي وبنتك زي ما سديتي نفس الراجل
فتقف زينب بعدما ربطت علي كتف ابنتها قائله : بكره هتشوفي ياثريا بنتي هي الي هتجيب الولد ، وشوفي مين الي هيكون صاحب الكلمه والرأي .. وبكره مش بعيد ..
لتتطلع اليها ثريا بسخريه : مدام بكره مش بعيد ، اه خلينا مستنين ، بس مين عالم يمكن الجديده هي الي تجيبه .. هو انا مقولتلكيش ، سي منصور بيفكر يتجوز
لتلقي بتلك الكلمه علي مسمعهم وتغادر وهي تبتسم ، فكيف ستنتظر من الحياء سوا الكلام المسموم
فتتطلع زينب الي ابنتها بأشفاق وهي لا تعلم كيف تواسيها ، هل تواسيها علي حياه قد فُرضت عليها كي تتذوق الألم مثلها تماماً ، ام تواسيها علي حظها
فتربط علي كتفها قائله ببتسامة تملئ وجهها : ربنا كريم يابنتي
وكأن الرياح قد هبت من جديد بعاصفة قد هدء رياحها منذ زمن ، ولكن مازال بقايا هدمها عالقاً ليس في القلب وفقط بل في المكان ايضاً وعندما اردف بقدميه الي فيلته التي هجرها ،ظل بصره عالقاً بكل شئ حوله ، فيتطلع الي الوان الجدران ناظراً لها بلامعه في عينيه وهو يتذكر
حلو اووي اللون ده يامحمود ، لاء ولا اقولك ده احسن اصله مريح للعين ..
فيتنهد بألم وهو يتذكرها قائلاً بمراره : ليه يا ايناس خونتيني ليه .. فتأتي صورتها بين جفونه ليغمض عيناه بقوه كي يهرب من ذلك الحنين الممزق ولأول مره يكون الحنين كرهاً وليس شوقاً
كانت نظرات أمال وحدها كفيله بأن تثبت له بأنها اول من أكتشفت ذلك الحب قبل ان يعلن قلب صاحبه عنه ، فتبتسم أبتسامتها الحنونه التي تُظهر جمال وجهها قائله : كنت حاسه ان اليوم ده هيجي ، وهيكون قريب ، صدقني هنا عمرها ما هتكون ايناس
فيتطلع الي نظرات عمته وحديثها قائلا بعدما اقترب منها وهو يرفع بأحد حاجبيه : وكنتي حاسه ولا واثقه ، ممممم اكيد سافرك لنيره والمده الطويله الي سبتي فيها هنا ، كان هدفها حاجه
فتضحك أمال بعدما اشاحت بوجهها بعيداً عنه :بصراحه اه ، من ساعة ماهنا جات معايا ، وانا نفسي تتجوزها يافارس محدش هيحافظ عليها ولا هيحبها زيك ، وهي كمان هتقدر تسعدك
فيجلس بالقرب من عمته قائلاً : وايه الي كان مخليكي متأكده ان امنيتك هتتحقق أفرض في الفتره ديه مكنتش حبيتها
لتضحك أمال علي ابن اخاها قائله : ياواد انا عمتك ، وكمان كنت شوف نفسك وانت بتتعصب عليها علي ابسط حاجه بس بتعملها ، ده انت نيره مكنتش بتعمل معاها كده ..غير بقي ان عمتك حد قديم اووي في الحب واساليبه ، وانت بدأتها بالقط الي عايز يهجم علي الفار .. ليأخذها الحنين الي زمن قد دفن حتي تلمع عيناه فيضمها الي صدره قائلاً : لو كل الستات مخلصين زيك كده يا عمتي ، مكنش هيبقي في احلي من الحب وهيبقي قليل اوي كمان عليكوا
فتبتسم هي قائله :مافيش حاجه في الدنيا ديه اسمها لو كل ، لان مافيش حاجه كامله ، لا في يوم هتلاقي الدنيا كلها خير ، ولا يوم هتلاقي الدنيا كلها شر .. كل حاجه بنلاقي منها جزء ، بس لازم يبقي عندنا امل ان الجزء الاحسن هيكون من نصيبنا ، نبص للحاجه الاحلي مش الاسوء يا ابن اخويا
فيتطلع الي عمته بعدما تنحنح قبل ان يتحدث .. ليقول : هو انتي ياعمتو مش ناويه ترجعي تاني لمهنتك الاساسيه ، اه تقدري تعالجي الناس المعقده الي زي وصدقيني هتبقي اشهر دكتوره نفسيه يالولو
فتشرد هي قائله : كنت قدرت اعالج نفسي
فيبتسم هو قائلاً : طب فكري بس يالولو
فتضربه برفق علي أحد كتفيه قائله :كفايه اعالجك انت ونيره
فيبتسم أبتسامة قد اسعدت قلبها فقال : ونسيتي هنا ، بصي انا قبل ما اتجوزها عايزك تعالجيها من الزن الي بتزنه ديما ده ، ما انا مش هتجوز طفله بتعيط ، انا مافيش خلق لكده ياعمتي ، فيرفع لياقة قميصه ليهندمها قائلا: عايزك تعلميها ازاي تهتم بيا ودلعني يالولو ، قدامك شهرين الاقي هنا بقيت فيهم حاجه تانيه بس سيبيلي الجزء بتاع الطفله الزنانه بحبه برضوه فتلمع عيناه بخبث قائلاً : وهتبقي خدمتي ابن اخوكي خدمه ، مش هينسهالك طول العمر
فتضحك هي بشده قائله بعد وضعت بكفها علي جبته كي تتحسس درجة حرارته : فارس ياحبيبي انت ايه الي غيرك ، انت رجعت مراهق تاني ولا ايه ، مش معقول الي قدامي ده فارس ابن اخويا ،هي فين هنا ناديهالي ، ياهنا ياهنا !!
فيبتسم هو قائلا : يعني سيبتيني 4 شهور معاها ومش عايزاني اتغير ، انا لازم انزل لعقلية مراتي المستقبليه عشان منتعبش
فتضحك امال بحب قائله : انا شكلي هغير رئي في الجوازه ديه وهخاف علي المسكينه منك يامراهق
فيبتسم هو بحالميه ويشرد في اخر موقف حدث بينهم في شرم ..
مش معقول ياهنا ساعتين قاعده قدام البحر
فتلتف اليه بفزع ، حتي يقترب هو منها ليري تلك البسمه التي تنير عيناها قبل شفتيها : انت هنا من امتي ؟؟
فيضحك هو قائلاً : من ساعتين
لتعود ثانية الي ماكانت تتطلع اليه ، حي تقول بصوت هادئ مثل هذه الأمواج :مش انت كنت بتقول ان الظلام ليه سحر خاص ، انا بحس اني بنسي كل حاجه في حياتي وانا بتأمل موج البحر الهادئ .. احساس غريب صح
فتعاود النظر اليه مره أخري ولكن اخفضت ببصرها سريعاً علي حبات الرمل الناعمه وظلت تعبث بها حتي تسللت الرمال الناعمه من بين اصابعها
فجلس بجانبها قائلاً : مالك ياهنا انتي فيكي حاجه
فتغمض عيناها بألم قائله بعدما رأت ذلك الحلم : انت ممكن تتخلي عني في يوم وتسبني !
فيتأملها قليلاً ويقترب منها بشده ليتحسس وجنتيها التي قد بللتها الدموع : انتي ليه بتقولي كده ؟؟
فتشيح بوجهها سريعا عنه ، لتقول : اوعدني
فينظر اليها بحب قائلا بحنان قد ظهر في عينيه قبل صوته : اوعدك ياطفلتي
لتبتسم هي قائله : مدام طفلتي تعالي بقي العب معايا بالرمل
ليظل هو يتطلع حوله حتي يقول : العب الي هو ازاي ده
فتضحك هي قائله :عيش الحياه ببساطه ، ولا انت خايف حد يشوفك يقول بشمهندس فارس بيلعب في الرمله ياحرام
فيضحك بشده قائلا : بقي كده ياهنا ، طب انا هوريكي فارس ممكن يعمل ايه
فتنهض هي سريعا من امامه قبل ان تمتد يديه الرجوليه اليها ، فتركض امام مرء عينيه ويركض هو خلفها وصوت ضحكاتهم تعلو حولهم وسط تراطم الامواج التي قد بللت قدميهم
فتقف امامه عمته قائلة بحنان : مش قولتلك هيجي يوم وهتلاقي الي هياخد منك عقلك قبل قلبك
فيفيق من شروده علي صوت عمته قائلا : انتي بتقولي حاجه يالولو
فتتطلع اليه امال ضاحكه : ولا حاجه ياقلب لولو
وعندما هربت بأحلامها بعيدا عنهما ، كانت صورتهم مازالت عالقة بذهنها ، لتضغط بكل قوتها علي تلك الوساده التي تحتضنها ،وتتذكر كما كان يركض خلفها بشغف قد امتلك قلبه وحوله من رجل صارم قد اعتاد جميع من حوله عليه الي شخصاً مفتونناً بمحبوبته ، فتشعر بألم يعتصر قلبها حتي تغمض عيناها بقوه فيزداد المشهد امامها بوضوح وتهبط دموعها بغزاره قائله بصوت يرتجف من الألم : كان نفسي تحبني انا حتي لو للحظه وبعدها حياتي تنتهي
ويصبح لقلبها الممزق امنية واحده ،يتمناها العاشقين وحدهم
وقفت امامه بزيها القصير وهي تتمايل بخطواتها ، وعندما وجدته لا ينظر لها برغبه قد أعتادت عليها مسبقاً ، جلست بجانبه ناظرة الي ذلك الكتاب الذي يخفي فيه شروده ، فتبعده عن يديها مقتربة من شفتيه اكثر ، وقبل ان تتلامس شفتاهم بقبلة ، كان يبتعد عنها ناظراً لها بأحتكار : أنسي يانسرين ، كل الي بينا انتهي ، كانت غلطه وانا بدفع تمنها دلوقتي ، واحمدي ربنا اني طلعت معاكي راجل ومستني الكام شهر الي اتفقنا عليهم عشان أطلقك
فتقترب هي منه بغل قائله : قولتلك اني منزلتش ابننا ياحسام ، لاني مكنتش حامل اصلا ، والدكتور الي كشفنا عنده انا الي طلبت منه كده ، انا عملت كده عشان شوفتك بتضيع مني ، انت السبب في اللعبه ديه
فيتطلع اليها بكره قائلا : عذر اقبح من ذنب يامدام ، انسي كل حاجه كانت بينا يانسرين سامعه لاننا قريب هننفصل
فتمد بكلتا يديها كي تعانقه : حسام انا اسفه ، انت الي وصلتني لكده ، مكنتش قادره استحمل نظراتك واهتمامك بيها
فيضحك هو ساخراً : بقي نسرين كانت بتغير ، ثم تابع حديثه فقال : ومين قالك اني حبيت هنا ، انا منكرش انها شغلت تفكيري وأعجبت بيها ، بس كان مجرد اعجاب وبس انا كنت فاكره حب بس الحقيقه انه مجرد صورة عجبتني فأنبهرت بيها في لحظة عرضها ، بس بعد ما العرض خلص كان انبهاري خلاص انتهي ، ولما جيت اشوف الصوره تاني في مكان تاني ، كان برضوه لسا نفس الانبهار جوايا ... ما هو اصل الانبهار مش بيروح غير لما بنكتشف ان الحاجه طلعت مزيفه
فتتطلع اليه هي بنظرات حارقة حتي تنهد هو قائلاً :ارتباطنا ببعض كان من البدايه غلط ، فيتذكر يوم ان استيقظوا ووجدوا تلك الورقه ملقاه بأهمال فقال : كنا شربين جامد ، انا كنت عايز انسي موت اعز أصدقائي الي مات قدام عينيا ، وانتي كنتي بتهربي من حياتك بالشرب ، فجأه قربنا من بعض وكملنا السهره سوا الي انتهت بعقد الزواج المزيف والليله المزيفه
فيضحك بشده قائلاً : طب مش بذمتك علاقه فاشله
فتنظر اليه بغضب قائله : انت حقير ياحسام
ليمسك هو أحد ذراعيها قائلاً : لو كنت حقير كنت اتخليت عنك لما خدعتيني بكذبتك ياهانم ، كنت اتخليت عن ابني الي وهمتيني بيه ..
فتنظر اليه بألم قائله : سيب ايدي ياحسام ، حرام عليك
فيتنهد هو بألم قائلاً : شهرين وهننفصل ، وهتخدي المؤخر الي كتبتيه ، صحيح كنتي صفقه فاشله بس مش مهم الفلوس ، وعشان اريحك خالص انا راجع امريكا تاني هكمل حياتي هناك الي بدأتها
وعندما أردف بقدميه الي غرفتها ، وقف للحظات يتأملها هي وطفلتهما التي تُرضعها ، لترفع هي بوجهها قليلاً متأملة هيئته الجامده ببتسامة صافيه علي محياها قائله : عارفه انك زعلان عشان جبت بنت ، بس انا مش ذنبي حاجه ، هتقدر تعترض علي مشيئة ربنا
فيتطلع اليها بجمود .. حتي تقول : هو انت مش هتشوفها ، ديه شبهك علي فكره ، فتنهض من علي فراشها بتعب وهي تحمل طفلتها بين ذراعيها : بص شوف حلوه ازاي
وعندما تأملها وجدها تبتسم اليه بأعين مغلقه ، حتي حركت أيديها الصغيره مقربه أيها من فمها الصغير معبرة عن رغبتها بحليب امها ثانية ليقول هو بأبتسامة بسيطه قد ظهرت علي محياه : البنت جعانه ، روحي رضعيها ياسلمي
فتمد يديها قائله : طيب خد شيلها الاول !
فيشيح بوجهه بعيداً عنهما ، فتنظر هي الي يدها الممدوده بأسي ، وتبتعد بألم قد وضع مخالبه في قلبها ، وتجلس علي الفراش وهي ناظره لتلك الطفله التي لا ذنب لها سوا انها قد جائت بنتاً لأب لا يرغب في خلفتها
وعندما عاد بالنظر اليهما ، وجدها تُرضعها بألم قد ظاهرفي عينيها السوداء قبل وجهها الذي اصبح شاحباً ، أشفق عليها فأقترب منها وهو مُمدد بكلتا يديه كي يحملها ، فتطلعت هي اليه بدهشه حتي نظر اليها بأطمئنان ، فبتسمت بدورها قائله بسعاده وهي تعطيها له : شكرا يامنصور ، انك مش هتعامل بنتي زي ما بابا كان بيعاملني انا واخواتي ، عارفه انك نفسك تخلف الولد ، وبتلعت حلقها بألم فقالت : يمكن مراتك الجديده تجيب ليك الولد ، وانا هفضل ادعيلك صدقني من قلبي
فينظر اليه بحده قائلا: مين قال اني هتجوز ، الولد محدش هيجيبه غيرك ، انا قولتلك هتخلفي تاني وتالت حتي لو عاشر لحد ما تجبيه ياسلمي فاهمه
فتتطلع اليه بخوف ، حتي بكت الطفله بين ذراعيه من صوته ليقول بصوت حاني ظن انها لن تسمعه : انتي حلو يا سهر زي امك بالظبط ...
فتصل تلك الكلمه الي مسمعها ، فتبتسم علي شخصية هذا الزوج الذي لا تعرف هل هو مثل والدها ام اكثر رحمة ورفقا منه 
وفي وسط حديثهم الطويل ،كانت عيناه وحدها هي من تتأملها وهي شارده في طبقها الذي لم تأكل منه لقمه واحده فتتطلع اليها امال بعدما لاحظه صمتها ونظراته المصوبه نحوها قائله :مالك ياهنا ساكته ليه ، ولا انتي شكلك مش مبسوطه برجوعي
فتبتسم هنا قائله بحب : انا مش مبسوطه ، بالعكس انا فرحانه اوي ، لو كنت اعرف بس بيسافروا أزاي لسويسرا كنت جتلك من غير ما فكرت للحظه
فيضحك هو علي حديثها قائلا : بيسافروا ليها بالطياره ياطفلتي !
فتتطلع اليه بضيق حتي يقول بعد ان أرتشف القليل من الماء : انا داخل مكتبي بدل ما تنقضي عليا .. ثم نظر الي عمته فقال : هخلص شوية اوراق في المكتب وهمشي
لتتابعه نظرات أمال.. حتي تقول لها : مالك بقي ، كنتي سرحانه في ايه
فتخفض بوجهها أرضاً قائله : هو بسببي مش بيعقد هنا ، هو ليه مش راضي يشوفلي مكان تاني اعيش فيه
فتبتسم لها أمال قائلاً : عشان البيت بيتك ، وقريب هتكوني صاحبة البيت كمان .. وبلاش الاسطوانه الي تعبتيني منها من ساعة ماجيتي معايا من البلد
وقبل ان تفر دموعها ، احتضنتها امال بحب : اوعي تكوني مش عايزه فارس ياهنا ، انا اه هزعل بس ديه في النهايه حياتك
فتتطلع اليها قائله بعفويه : انا بحبه كمان زي ماهو بيحبني واكتر
لتعلو الابتسامة علي وجه امال مما سمعت فتقول: كده انتي ريحتيني ، انا طالعه اوضتي عشان اخد العلاج بتاعي وانام
وتسير امال امامها ، لتعود الي شرودها وهي تتذكر مُعاناة صديقتها في البحث عن عمل حتي عزمت امرهاا ، وذهبت بخطي بسيطه وبعد عدة طرقات قد طرقتها علي غرفة مكتبه
قالت بأرتباك : انا عايزه اطلب منك طلب
فيضحك فارس بهدوء بعدما ترك بعض الملفات من يديه : قولي ياطفلتي
فتتطلع اليه بخجل .. حتي قال هو : عايزه فلوس طايب ، وقبل ان يفتح خزنة مكتبه ويخرج منها بعض الاموال
قالت بصوت مضطرب : لاء ديه مساعده .. فتابعت بالحديث وهي خافضه برأسها أرضا وتفرك كلتا كفايه بقوه .. وعندما انتهت من ذلك الطلب الذي تخشي رفضه قال بصوت حاني : خلي سميه تيجي بكره الشركه ،ثم أردف قائلا بعدما عاد النظر في احد الملفات : مش عشان هي صديقتك أنا قبلت كده، بس سميه من الطلبه المجتهدين عندي ، وتستحق الفرصه ديه
فتتطلع اليه هي بأمتنان تصاحبه أبتسامة قويه .. والتفت بجسدها كي تغادر مكتبه فقال هو : وانا بـــحبــــك أكــــــتــــر بــــكتـــيـــــــــر يـــا هــــــنــــا
تعليقات



<>