رواية عزبة الدموع الفصل الرابع عشر14بقلم داليا السيد

رواية عزبة الدموع الفصل الرابع عشر بقلم داليا السيد

زوجتي

تألقت عيون أميرة بالغضب واتجهت إلى رنين ووقفت أمامها وقالت بحقد واضح بدلا من الألم "لن تفعلي، هو لي، أنا لن أتركه لفتاة حقيرة ومغرورة ورخيصة مثلك" 

ولكنها لم تكمل حيث وجدت رنين نفسها تصفعها بكل قوتها على وجهها وتقول "اخرسي، أنا أشرف منكِ ألف مرة أنتِ الرخيصة التي لا تتوانى عن فعل كل الخطايا حتى تصل لغرضها هل انتهيتِ الآن؟" 

سالت الدموع من عيون أميرة وهي تضع يدها على وجهها وقالت بغضب "لا لم ولن انتهي وستندمين على ما فعلتِ هل تفهمين؟ ستندمين" 

وانطلقت إلى الخارج دون أن يوقفها أحد بينما اتجهت إليها العمة وقالت "أحسنتِ يا فتاة هكذا تعامل تلك المرأة وهكذا تكون زوجة ابني" 

لم ترد وتحركت المرأة للخارج فاتجهت إليه وقالت بغضب "أنا تعبت من كل ذلك تعبت" 

كان يعلم أن الأمر أصبح لا يطاق لذا قال "هل تهدئي، كلنا نعلم أن ما نحن فيه بسببها" 

نظرت إليه فأكمل بألم "تريدين أن ترحلي لحياتك التي انقلبت رأسا على عقب أليس كذلك؟"

صمتت فهي لا تعلم حاليا ماذا تريد؟ قالت "لو كنت أعلم أن رحيلي سيحل الأمر لرحلت ولكن كما قالت عمتي سيلحق العار بي وبك وهو ما لا أرضاه، أميرة تحكم الشباك حولنا وعمتي تحاول الدفاع والهجوم بذات الوقت، أشعر أني بحرب لا أعلم لمتى ستستمر؟" 

أبعد عيونه عنها وشعر بالعجز تعصب وقال "أريد أن أنهض" 

نظرت إليه وقد أخرجها مما كانت فيه فقالت "لا، لن تفعل" 

تملكه الغضب وقال "سأفعل لن أبقى هكذا" 

وبالفعل حرك قدمه السليمة ف أسرعت آليه لتوقفه فالطبيب قال لابد من الراحة يومين أو ثلاثة على الأقل، وضعت يدها السليمة على كتفه وهي تدفعه للبقاء وتقول 

"أنت أكيد مجنون لن تفعل" 

حاولأان يبعدها بيده وهو يقول "ابتعدي، أنا لم أعتد على ذلك" 

ولكنها لم تبتعد وقالت بإصرار "هل تكف عن عنادك هذا وتنظر الآن لمصلحتك؟ لن تحل المشكلة بهذا التصرف لقد انتهى الأمر الآن على الأقل وإلى أن تعيد أميرة الهجوم ربما وقتها تكون شفيت فنواجهها سويا" 

هدأ غضبه وكذلك فعلت فقال "سويا؟" 

أخفضت عيونها فعادت وقالت وهي تبعده عن كلماتها "هل تهدئ!  الغضب لن يوصل لأي شيء" 

تراجع وقد علم أنها على حق وربما كلماتها أعادت له هدوئه، على الأقل الآن أصبحت زوجته ولن ترحل وستواجه أميرة معه 

مرت الأيام التالية هادئة بدون أي أحزان جديدة قضتها هي ما بين المزرعة ومتابعة الأعمال الخاصة به، مراعاته أكثر الأوقات ولم تنكر سعادتها وهي تمضي وقتها بجانبه وتشرف على علاجه وطعامه 

وأخيرا نهض وقرر أن يعود للعمل مستندا إلى عصا رغم ذراعه المصاب ولم يستطع أحد معارضته ورغم ما مر بينهما إلا أن أيا منهما لم يكشف أغوار الآخر وبالطبع لم ينسى أن يجعل رجاله تتابع أميرة من بعيد 

"كيف حالك يا باش مهندسة؟"

نظرت إلى صاحب الصوت وتراجعت وهي تتذكره، كان حسان أخو آدم، ارتبكت من وجوده بالمزرعة وقالت "أهلا يا فندم"

ضحك وقال "أنا لا فندم ولا بيه أنا حسان ولد مرعي كيف حالك يا قمر؟" 

تراجعت من نظراته المقلقة وقالت "بخير آدم ليس هنا يمكنك أن تجده بالعزبة" 

ابتسم بخبث وقال "أنا لم أحضر من أجله وإنما من أجل عيونك يا قمر ما رأيك تأخذيني في جولة بتلك المزرعة الجميلة نتحدث ونتعرف؟" 

تراجعت وقالت بضيق "آسفة ليس لدي وقت المزرعة أمامك يمكنك أن تتجول كما تشاء" 

تحركت مبتعدة ولكنه أسرع بحركته حتى كاد يلمس ذراعها ولكنها ابتعدت وكأنها تتوقع ما أراد 

قال ليوقفها "انتظري لن تذهبي هكذا لابد أن نتعارف ربما أعجبك وتدركين أنني أفضل منه زعيم العصابات الذي هو خطيبك" 

ضاقت عيونها ورفعت خصلة شعرها وقالت "آدم ليس كذلك، ومن فضلك إذا أردت التحدث فلتتحدث مع آدم"

ابتسم وقال "ولكني أريدك أنتُ يا قمر ولن أتركك يا خطيبة أخي"

تراجعت ربما ببعض الخوف ولكنها قالت بضيق واضح لم يظهر ما بداخلها "بل زوجة أخيك لقد كتبنا الكتاب أي أصبح زوجي وأنا زوجته فأرجو أن تحترم ذلك وتعرف حدودك وتعرف أنني لن أكون لسواه"

ثم تحركت وابتعدت وقلبها يدق من القلق من أين ظهر لها هذا الرجل؟  وماذا يريد منها هو الآخر؟ يا الله ماذا تخفي لها تلك العزبة غير كل ما أصابها؟

عادت إلى العمل وقد قررت ألا تخبر آدم عما حدث فهي لا تريد مشاكل أكثر مما هم فيه يكفيهم أميرة 

"مساء الخير" 

نظر إليها وهي تتقدم إليه في مكتبه بالبيت الصغير الذي يعمل منه تراجع وقال "مساء الخير" 

قالت بنظرات متسائلة "تأخرت!؟" 

قال وهو يشعل سيجارته "العمل" 

شعرت رنين أنه يرد عليها بشكل غير ما اعتادت عليه طوال اليوم وهو لا يتصل بها كالعادة وعندما هاتفته كان باردا في كلامه وقد ضايقها ذلك والعمة اتصلت تسال عنه فأتت لتعرف ماذا يحدث 

وقفت أمامه وقالت "عمتي قلقة عليك" 

أبعد عيونه وقال "أخبريها أني لم أعد طفلها الصغير" 

تراجعت من رده فقالت "آدم ماذا بك؟"

لم يرد فعادت وقالت "هل حدث شيء ضايقك؟ هل أنت متعب من شيء" 

عاد يدخن السيجارة بعصبية واضحة ثم قال "لا شيء، ضغط العمل ما أخبار المزرعة؟ هل أفادك آسر كثيرا؟" 

ضاقت عيونها ورددت "آسر؟ لا أفهم ما الذي ذكرك به؟" 

نفخ بقوة وقال بضيق "لا أبدا ولكن سالم فخور إن ابنه يمدك بخبرته وارشاداته لإنشاء المزرعة، تقريبا له الفضل الأول والإخير في كل ما تفعليه وأن اتصالاتكم لا تنقطع" 

جلست بانهزام وقالت "ليس الأمر كذلك؟" 

قال بغضب أخافها "كيف هو إذن؟"

لم تفهم سبب غضبه وقالت "أنا سالته في البداية قبل أن أبدء وفي بعض الأحيان نتناقش فيما فعلت فهو أكثر خبرة مني ولكن ليس كما يصوره عمو سالم" 

أطفأ السيجارة بغضب وبدء ينهض بنفس الغضب، نهضت دون أن تجرؤ على مساعدته تحرك مبتعدا وقال "وطلب الزواج ليس أيضا كما صوره هو" 

ارتعشت يداها، كيف علم بالأمر؟ حدقت فيه وهو ينظر إليها وهتف "لم لا تردين؟ هل نسيتِ أنكِ زوجتي ولا يجوز أن تعدي أحد بالزواج؟ أنا لا أظن أنه من اللائق أن تفعلي وأنتِ على ذمة رجل آخر" 

قالت لتوقفه "هل تنتظر ولا تخلط الأمور؟ هذا لم يحدث"

أوقفها وقال دون أن يسمع "ماذا إذن؟ يبدو أنكِ نسيتِ أننا لسنا بأمريكا ولا بأوروبا لتتزوجي رجل وتصادقين آخر نحن هنا بمصر وبالفلاحين ومسلمين ولنا أصول وعادات" 

ضاقت منه وقالت بغضب "ألن تكف عن تلك الاتهامات؟ أنت لا تسمع أبدا" 

لم يسمعها بالفعل واقترب وقال "وماذا أسمع؟ هيا أخبريني، بالتأكيد أخبرتيه أن كل شيء تمثيلية وبمجرد انتهائها ستعودين إليه أليس كذلك؟ انطقىي، ردي، من الواضح أن سالم كان محقا عندما أخبرني منذ البداية أنكِ فتاة مغرورة وجامحة، مترفة ومدللة، هو يعرفك جيدا وأنا أرى أنه على صواب، هيا ردي أليس ما أقوله صحيح؟ ستعودين إليه أليس كذلك؟" 

نزل عليها كلامه كالماء البارد في عز البرد فأثلج روحها وأثار البرودة في كل جسدها وعاودتها الدموع والغضب في آن واحد وعاودها عنادها فقالت بغضب لتزيد غضبه 

"إذا كنت تعتقد عني كل ذلك فبالتأكيد لابد أن يكون هذا هو تصرفي وبالطبع أنت صح" 

كادت تبتعد لولا أن امسكها بقوة وقال بنفس الغضب "ولكني لن أتركك بتلك السهولة لست أنا من تتلاعب به فتاة مثلك هل تفهمين؟" 

أبعدت ذراعها وقالت بنفس الغضب "ليس من حقك أن تفعل"

قال بعناد واضح "جربيني" 

قالت بقوة "وأنا لا أخاف تهديداتك وافعل ما تشاء"

ظل كلا منهما يحدق بالآخر ثم تحركت ولكنه قال "لا تفكرين بالرحيل لأني لن أتركك بسهولة" 

توقفت والدموع تغرق وجهها وقالت "لستُ بالضعيفة لأهرب من مواجهة أزمتي وأنا وعدت عمتي أني لن أرحل وسالتزم بوعدي معها وبعدها بالتأكيد هي ستلتزم بوعدها معي ونفك هذا الرباط وترتاح مني" 

وتركته وذهبت وقد فهم كلامها ولكنه لن يتركها لن تتلاعب به إنها زوجته حتى ولو كان على الورق فقط حتى ولو لم يتم الفرح بعد

ولكن من بين كل ذلك كان هناك ضي بسيط يعيد إليه بعض سكينته ألا وهو أنها ما زالت معه وزوجته رغم كل شيء حتى ولو كانت تمثيلية إلا أن بعيونها نظرة دائما ما تمنحه إحساس بأن ما بداخلها ربما يكون مثله رغم كلامها السابق

عادت إلى الفيلا وما زالت غاضبة والدموع تملاء عيونها، دخلت غرفتها وقد فهمت سر كل تصرفاته، لقد كان سالم هو السبب أمسكت هاتفها واتصلت به "أهلا حبيبتي كيف حالك؟" 

قالت بحزن "الحمد لله، عمو سالم هل تعتقد أنني فتاة جامحة ومغرورة ومدللة؟" 

صمت الرجل قبل أن يقول "من قال ذلك؟" 

قالت بقوة "حضرتك" 

ارتبك وقال "لا، أنا، أقصد من أخبرك ذلك؟" 

قالت "أنت أخبرت آدم بذلك عني وأخبرته أن آسر له الفضل الأول والأخير في إنشاء المزرعة، ماذا حاولت أن تثبت!؟"

شعرت بارتباك الرجل وهو يقول "لا شيء، أنا كنت أخاف عليكِ فأخبرته بذلك وطلبت منه أن يحميكِ وأن يكون مسؤولا عنكِ" 

فهمت الآن سبب كل كره وتصرفات آدم معها في بداية وجودها هنا قالت "والمزرعة؟ ما زلت تحاول أن تثبت أني فاشلة ولا أصلح لشيء؟ أشكرك عمو على ثقتك بي ولكن يمكنك أن ترجع لآسر وستعرف منه لمن يعود الفضل في إنشاء المزرعة ومن فضلك لا أحب أن تتحدث عني مرة أخرى مع أحد، لا تجعلني أندم أني أعتبرك مثل داد" 

وأغلقت الهاتف وانهارت في البكاء حتى اقرب الناس إليها يفعل بها ذلك وهو، كيف يظن أنها يمكن أن تكون زوجته وعلى علاقة بسواه؟ كيف فكر بها ذلك؟ عادت إلى البكاء ولم تكف 

ما أن خرجت حتى رمى بجسده على أقرب مقعد وهو يفكر بما حدث بينهما ولكنه لم يهنأ حتى رأى اميرة تدخل، اعتدل ولم ينظر إليها بينما جلست هي أمامه وقالت "الباش مهندس حزين ترى لماذا؟ هل هو متعب أم أن عروسته تغضبه؟" 

أبعد وجهه وأشعل سيجارته ونفث دخانه ليحجز بينهما ولم يرد عليها فقالت "يبدو أنها تغضبك أليس كذلك؟ أخبرتك أنها ليست بالبراءة التي تظنها ألم تعرف أنها كانت على علاقة بذلك المهندس، ما اسمه؟ نعم، آسر، هي تعرفه منذ أن كانت طفلة صغيرة أنت طيب يا ابن خالتي إذا ظننت أنها ملاك"

عندما انتهت قال بهدوء غريب تنافى مع ما بداخله "أميرة كفي عن كلامك أنا أعرف كل شيء وأعرف آسر وحكايته مع رنين ليس لديكِ جديد لإضافته هل تتركيني الآن؟" 

ولكنها لم تفعل وقالت "من الجميل أنك تعلم ذلك ولكن ألم تخبرك هي عن حسان؟"

نفخ دخان السيجارة وحدق فيها قبل أن يقول "حسان!؟ ماذا عنه؟"

ابتسمت وقالت "لم لا تسالها لقد كان عندها بالمزرعة المنتظرة وأمضى وقتا سعيدا معها حتى اسال العمال" 

قامت ونظرت إليه وقالت "عليك أن تعرف أنها تربية أجانب وليست مثلنا لا أخلاق لاولئك الناس، متى ستعترف أنك تسرعت بالارتباط بها؟ عليك أن تصحح الأوضاع" 

ثم تركته وذهبت وهو يتابعها في صمت، ترى هل حدث ذلك؟ ولماذا لم تخبره؟ ولكنه لم يمنحها الفرصة لقد كان غاضبا بسبب آسر، تذكر أميرة التي تعرف كل شيء ولولا معرفته بآسر لقلب كلامها موازينه

أمسك رأسه بيده وقد شعر بالصداع يجتاحه، الآن لم يعد يعلم إلى أين تقوده الأحداث؟ عليه أن يفكر جيدا قبل أن يتصرف لا حسان يريد به الخير ولا أميرة تخاف على مصلحته، الاثنان لا يبغيان إلا الدمار وعليه أن يتأنى قبل أن يتصرف

                    الفصل الخامس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>