رواية عطر الانتقام والحب الفصل الاول1بقلم سيليا البحيري


رواية عطر الانتقام والحب الفصل الاول1بقلم سيليا البحيري
(البيت الكبير الفخم، الكل قاعد في الصالون الواسع. ثريا مرمية على الكرسي المريح لابسة فستان متكلف قوي، ماسكة كباية شاي وبتتنطط في الكلام كإنها المالكة. حور وريم قاعدين ساكتين بيتغامزوا بنظرات كلها مكر. الجو مشحون وتوتر باين ع الوشوش. فجأة: صوت عربية بتقف قدام البوابة، بعدها طقطقة كعبين عاليين بيقربوا. الكل يلف يبص عالباب.)

(الباب يتفتح بالراحة… ديلان داخلة وقفتها كلها شياكة، لابسة بالطو أسود وستايل شعرها معمول بالميزان. جنبها عهد لابسة لبس بسيط بس شيك، شعرها معمول ستايل شبابي. ديلان شايلة شنطة صغيرة وبابتسامة كلها ثقة. عهد داخلة تبص حواليها بدهشة بريئة. الكل اتسمر مكانه.)

ديلان (بابتسامة باردة):
مساء الفل... يا ترى اتأخرت؟ ولا جيت في معاد حلو؟

حور (بتقوم تجري عليها تصوت):
يا نهار أبيض! عهد! حبيبتي! وحشتيني موت! (تخطفها في حضنها) ألف حمد لله عالسلامة يا روحي.

عهد (بكسوف):
وأنا كمان وحشتيني يا ماما.

ثريا (بصوت مهزوز وهي بتحاول تبان عادي):
يا لهوي... ديلان! إيه المفاجأة دي؟ ده إحنا ماكنّاش متوقعين خالص رجوعك النهارده.

ديلان (بحدة وفي عينها نار):
المفاجآت ساعات بتبقى لذيذة يا ثريا... خصوصاً لما تفضح الحقايق.

ثريا (بتضحك غصب عنها):
هاها... طبعاً طبعاً.

ريم (بتوشوش حور وتكتم ضحكتها):
بصي على وشها! مهوّعة، ما كانتش عامل حسابها دي خالص.

حور (ترد بخبث):
يا سلام! دي اللحظة اللي كنا مستنينها.

ديلان (بتقرب نص الأوضة بخطوات تقيلة):
سمعت إن الدنيا اتشقلبت بعد وفاة أبويا وأمي... مين يقوللي إيه اللي حصل وأنا مش هنا؟

ثريا (مرعوبة):
لا لا... كله تمام، ما حصلش حاجة تذكر.

ديلان (بخبث وبصتها وقعت على إيد ثريا):
حلو أوي... (تشاور على الخاتم) بس الخاتم ده... مش ليه حكاية؟

ثريا (تحاول تخبي إيدها):
آآآه... ده؟ لقيته وسط حاجات المرحومة... قلت أراعيه.

ديلان (بتقرب منها ع الآخر وتبصلها في عينها):
تراعيه؟ ولا كنتي عايزة تستحليه؟ أصل ده الخاتم اللي بابا جابه لماما... والتمن بتاعه مش فلوس وهو غالي اوي 

ثريا (بتتلغبط):
أنا... أنا...

ريم (تدخل بصوت عالي):
طب إزاي بقى؟ 

حور (بسخرية):
يا نهار مش فايت... شكل ثريا بتحب الحاجات التقيلة الغالية.

ثريا (بتزعق):
اسكتوا بقى! كفاية! أنا ماعملتش حاجة غلط!

ديلان (ببرود):
يا ثريا... من النهارده وجودي هنا معناه إن كل حاجة هترجع لمكانها الصح.

عهد (بضحكة صغيرة، ماسكة إيد أمها):
حاسّة الأيام اللي جاية هتبقى مولعة.

حور (بضحكة وبتبص على ثريا):
مولعة؟ دي هتبقى نار يا حبيبتي!
**********************

(القاعة الكبيرة في القصر. الكل لسه قاعد بعد رجوع ديلان وعهد. الجو مشحون توتر، خصوصًا بين ثريا وعهد. عهد قاعدة على الكنبة جنب أمها حور، بتبص حواليها ببراءة وضحكة طفولية. ثريا قاعدة على كرسي قريب، عينيها كلها حقد وهي مركزة على عهد.)

عهد (بابتسامة بريئة وبصّة لثريا):
إزيك يا عمتي ثريا؟ يا رب تكوني بخير.

ثريا (بابتسامة مصطنعة ونبرة ساقعة):
بخير طبعًا... بس شكلك اتبسطتي قوي في أمريكا، مش كده؟

عهد (بفرحة طفلة صغيرة):
أيوه، كانت تجربة جميلة أوي. اتعلمت حاجات كتير هناك. وكنت نفسي أجيبلك هدية مميزة... بس ماعرفتش إيه ممكن يعجبك.

ثريا (تضحك بسخرية):
ما تقلقيش يا حبيبتي... مش شايفة إن ذوقك يناسبني.

عهد (تحس بالإحراج وتحاول تضحك):
يمكن... بس أنا كنت حابة أقدملك حاجة تعبر عن امتناني.

ثريا (بنبرة قاسية):
امتنان؟ امتنان على إيه؟ إنك سيبتِ أمك تتعذب هنا لوحدها وإنتِ لافة في المطارات؟

عهد (عنّيها توسعت بدهشة):
عمتي... والله ما قصدت كده. أنا سافرت عشان أكمل دراستي وأحقق حلمي و...

ثريا (تقطعها بحدة):
أحلامك إيه بس؟ البيت ده مش مكان أحلام. هنا بنعيش الواقع... والواقع بيقول إنك مجرد بنت مدللة ما تعرفيش يعني إيه مسؤولية.

حور (بتزعق بغضب):
ثريا! كفاية بقى.

عهد (بصوت واطي ودموع بتلمع في عنيها):
أنا آسفة... لو حضرتك شايفة إني غلطت، فأنا بعتذر.

ثريا (بتقوم واقفة وبصتها كلها استهزاء):
الاعتذار ما بيغيرش حاجة... المهم إنك تعرفي مكانك كويس هنا.

ديلان (بهدوء بس كلامها جارح):
ثريا... شكلك نسيتي إن البيت ده مش بتاعك عشان تحددي أماكن الناس.

ثريا (اتجمدت وبصت بتوتر):
أنا ما قصدتش...

عهد (بتقوم وتبتسم رغم الدموع):
ما يهمش يا عمتي... هحاول أكون عند حسن ظنك.

حور (تمسك إيد عهد وتهمس لها):
ما تسيبيش كلامها يوجعك يا قلبي.

ديلان (بصوت ثابت وبصة قوية على ثريا):
ثريا... عهد بنت البيت ده، وهتفضل بنت البيت ده، عاجبك ولا مش عاجبك.

ثريا (تحاول تمسك نفسها):
طبعًا... أنا بس بديها نصيحة.

عهد (ببراءة):
شكرًا على نصيحتك يا عمتي... هحاول أبقى أحسن.

حور (بهمس غاضب لديلان):
الست دي زودتها أوي.

ديلان (بابتسامة باردة):
ما تقلقيش... أنا هوريها مكانها قريب.
******************

المساء. الرجالة راجعين القصر بعد يوم طويل شغل. القاعة الرئيسية منورة بأناقة، والجو مليان مشاعر. ديلان قاعدة مع عهد وحور وريم، والدردشة شغّالة بخفة دم. فجأة الباب الكبير يفتح، ويدخل مراد، وزين، وإيهاب، وراهم سليم ابن زين وإياد. الكل متحمّس يشوف ديلان

مراد (بفرحة كبيرة):
يا خبر أبيض! ديلان! يا غايبة يا وحشانا... أخيرًا رجعتي!

ديلان (تقوم بسرعة وتبتسم):
أخويا العزيز! وحشتني موت. (تجري تعانقه)

زين (يقرب منها وهو بيضحك):
وأنا كمان وحشتيني يا أختي الصغيرة... هو إنتِ ناوية تسيبينا نتحرّق بالشوق كده كل مرة؟

ديلان (تضحك):
إنتو دايمًا مفتقديني، مش كده؟

إيهاب (بنبرة هزار):
طبعًا... بس الغريبة إنك بترجعي دايمًا في عزّ ما الدنيا تولّع هنا. كأنك جايّة تحطي كل حاجة في مكانها.

ديلان (بابتسامة ماكرة):
مش ده دايمًا دوري؟

سليم ابن زين (بحماس):
عمتي ديلان! إيه المفاجأة الجامدة دي؟ واضح إن رجوعك هيغيّر أجواء القصر كله.

إياد ابن إيهاب (بابتسامة خفيفة):
صح... رجوعك دايمًا بيبقى حدث كبير لينا كلنا.

ديلان (ببصّة حب):
وحشتوني كلكم... إنتو ولاد العيلة اللي دايمًا كنت فخورة بيكم.

مراد (يبص على عهد مبتسم بفخر):
وأنتِ بقى يا عهد... يا حبيبتي الصغيرة... أخيرًا رجعتي لحضني. (يفتح دراعاته)

عهد (تجري تحضنه):
بابا! وحشتني قوي.

مراد (يضحك وهو يمسح على راسها):
مش مصدق إني شايفك قدامي... السفر زوّدك جمال.

إياد (واقف بعيد يبص لها وبعدين يبتسم):
عهد... إنتي اتغيّرتي... بس لسه زي ما إنتِ في عيني... منورة زي زمان.

عهد (ترد بابتسامة خجولة):
شكرًا يا إياد... يا رب أكون عند حسن ظنكم.

حور (بابتسامة):
طبعًا يا بنتي... هتفضلي مدللة أبوكي وكل العيلة.

إيهاب (يضحك):
مدللة؟ دي مدللة الكل... مش كده يا إياد؟

إياد (يتلخبط شوية ويحاول يمسك نفسه):
طبعًا... عهد دايمًا مميزة.

زين (يمسك دراع مراد):
مراد... واضح إن فرحتك بيها ملهاش وصف.

مراد (يبتسم بفخر):
دي بنتي... وبرجوعها البيت رجعتله الروح.

ديلان (بصّة على إياد بابتسامة):
شايفة إن إياد لسه ساكت... مالك يا حبيبي؟ ما وحشتكش عمتك؟

إياد (يبتسم بخجل):
طبعًا وحشتيني... بس أنا مش بعرف أعبّر زيكم.

ديلان (بمزاح):
ما تقلقش... عارفة قلبك طيب حتى لو بتخبّي مشاعرك.

ثريا (تدخل الكلام ببرود):
واضح إن الكل مبسوط برجوعك... بس ما تنسيش إن المسؤوليات هنا لسه موجودة.

ديلان (بثقة):
أكيد... المسؤوليات موجودة... بس اللي يشيلها ممكن يتغير.

الكل يضحك، وثريا بتحاول تخبي ضيقها، وإياد يسرق نظرات لعهد وهي بتضحك مع أبوها
المشهد يخلص على ابتسامة ديلان، وهي واقفة واثقة، بينما عيون إياد مليانة مشاعر ناحية عهد... بس لسه مش قادر يبوح بيها
********************

القاعة الرئيسية في القصر. الكل بيتكلم بفرحة بعد رجوع ديلان وعهد. فجأة ثريا تدخل لابسة فستان مبهرج مش مناسب للجو، وبتشدّ الأنظار. ماشيه بتكبّر وتقعد جنب إيهاب، ووشها مليان غرور. إيهاب يبصلها بضيق، وإياد يحس بالخجل من تصرفاتها، والباقيين بيتبادلوا نظرات مستغربة

ثريا (بابتسامة متعالية):
يا سلام! ليلة مميزة أوي... باين إن الكل مجتمع عشان يحتفل، مش كده؟

إيهاب (بصوت واطي لكن حاد):
ثريا، إيه اللبس ده؟ إحنا في بيت العيلة مش في حفلة.

ثريا (تتجاهله وتبص للجميع):
قلت أزود لمسة أناقة كده... واضح إن في ناس نسوا يعني إيه مظهر راقي وإحنا بعيد.

إياد (يهمس لنفسه وهو مكسوف):
يا ساتر... ليه كده بس؟

ديلان (تبتسم بسخرية وبهدوء):
الأناقة مش في اللبس يا ثريا... الأناقة طبع.

ثريا (تتجاهلها وتلف على عهد):
عهد، إيه أخبارك في أمريكا؟ أكيد كانت رحلة ممتعة صح؟

عهد (تبتسم بهدوء):
كانت تجربة مليانة دروس وحاجات اتعلمتها.

ثريا (بابتسامة مريبة):
دروس؟ ولا مغامرات؟ أصل هناك في أمريكا... كل حاجة ممكنة، صح ولا لأ؟

عهد (باندهاش):
مش فاهمة قصدك يا عمتي.

ثريا (بصوت مليان تلميحات):
قصدي إن هناك الدنيا مختلفة عن تقاليدنا... يمكن لقيتي نفسك في تجارب صعب تتنسي؟

(القاعة تسكت فجأة، الكل يبص لها بصدمة واستنكار.)

حور (تمسك إيد بنتها بغضب):
ثريا! كفاية بقى. مش هاسمحلك تتكلمي عن بنتي كده.

عهد (دموعها تنزل وهي تهمس):
ماعملتش حاجة غلط...

مراد (يقوم فجأة ويبص لثريا بغضب):
ثريا... إنتي تخطيتي كل الحدود.

إيهاب (يقوم غاضب):
ثريا، لو مش قادرة تحترمي بنت أخويا... ياريت تفضلي من غير ما تتكلمي.

ثريا (مصدومة):
إيهاب! أنا كنت بهزر بس...

إيهاب (بغضب):
مفيش هزار في كرامة العيلة. عهد بنت البيت ده، وكلنا فخورين بيها.

سليم ابن زين (بحنان وهو يبص لعهد):
عهد، ما تبكيش... إحنا عارفينك كويس، وكلامها مالوش أي قيمة.

ديلان (بهدوء لكن بحزم):
ثريا، كلامك بيكشف عن شخصيتك إنتِ بس... عهد مش محتاجة تبرر نفسها لحد، خصوصًا ليكي.

إياد (يبص لأمه بخيبة أمل):
ماما، خلاص... تصرفاتك بتكسفني.

ثريا (محرجة وبتحاول تمسك نفسها):
كنت عايزة بس...

إيهاب (يقاطعها بغضب):
كنتِ عايزة إيه؟ تحرجي نفسك أكتر؟ قومي على أوضتك حالًا... ومش عايز أسمع منكِ ولا كلمة.

ثريا (مصدومة):
إيهاب!

إيهاب (بحدة):
قلت كفاية!

مراد (ياخد إيد بنته عهد ويحضنها):
يا بنتي... ما تزعليش. إحنا كلنا عارفينك وفخورين بيكي.

حور (تمسح دموع بنتها):
حبيبتي... ما تخليش حد يأذيكي.

ديلان (تبص لثريا بابتسامة باردة):
شكلك نسيتي إن الاحترام هو اللي بيرفع مقام الإنسان.

ثريا تقوم وتخرج من القاعة وهي متضايقة ومكسوفة، بينما إياد يفضل قاعد مكانه، مكسوف من تصرفات أمه. الباقيين يلتفوا حوالين عهد عشان يطمنوها، والجو يرجع دافي بعد ما ثريا خرجت


                     الفصل الثاني من هنا
تعليقات



<>