رواية عطر الانتقام والحب الفصل الثاني2بقلم سيليا البحيري


رواية عطر الانتقام والحب الفصل الثاني بقلم سيليا البحيري
في أوضة ثريا

(ثريا داخلة أوضتها معصبة جدًا، تخبط الباب وراه بقوة، وترمي شنطتها على السرير. تبدأ تروح وتيجي في الأوضة، ملامح الغضب باينة على وشها.)

ثريا (بصوت واطي مليان غل):
حور... يا حور! الست المثالية! الكل لافف حواليها وحوالين بنتها الدلوعة. وأنا إيه؟ أنا الغريبة هنا ولا إيه؟

(تقعد على الكرسي قدام المراية، تبص في انعكاسها، وتتكلم مع نفسها بتكبر.)

ثريا:
عهد... البنت الدلوعة اللي ما تعرفش حاجة عن الدنيا. راجعة من أمريكا كأنها ملكة، والكل يصفق ويزغردلها! نسيوا مين اللي شال البيت ده على كتافه؟ مين اللي خلّاه واقف؟ أنا يا ثريا!

(تقوم تاني وتبدأ ترزع في العفش وهي بترتب الحاجات بعنف.)

ثريا (بصوت أعلى):
و ايهاب! إزاي يعمل فيا كده قدام الناس؟ يحرجني عشان مين؟ عشان بنت أخوه؟!

(تسكت لحظة، تاخد نفس عميق، وبعدين تبتسم بسخرية وهي ماسكة مراية صغيرة.)

ثريا:
ماشي... مش مهم. مش هسيب حور ولا بنتها يفرحوا. هخلي الكل يندم على اللي عملوه النهارده.

(ترمي المراية على الترابيزة وتبدأ تفكر بصوت عالي.)

ثريا:
حور فاكرة نفسها كسبت؟ وبنتها عهد متصورة إن الكل بيحبها؟ لا... أنا هوريهم. هوريهم إني أنا مش أي كلام... أنا ست القصر دي!

(تضحك بخبث، وتروح على الدولاب، تفتح وتبص على هدومها.)

ثريا:
لو اللعب محتاج ذكاء... أنا قدّها. وأول واحدة هخليها تدفع التمن هي عهد.

(تطلع فستان غامق شيك، وتبص عليه في المراية، تتكلم بتحدي.)

ثريا:
لو عهد عايزة تلعب... يلا بينا. نشوف هتقدر تواجهني ولا لأ. طول ما أنا هنا... لا هي ولا أمها هيتهنوا.

(تبص في المراية بابتسامة مرعبة وهي بتجهز نفسها لخطة جديدة.)

ثريا:
من بُكرة... الخطة تبدأ. وهنخلي اللعبة دي نار.

(المشهد يخلص على ضحكة خبيثة من ثريا، والكاميرا تركز على وشها الغاضب المليان إصرار وانتقام.)
**********************

الصبحية اللي بعدها في القصر

(ثريا بتصحى بدري، تقعد قدام المراية وتجهز نفسها على روقان. لابسة فستان بسيط بس مدية له لمسات شيك. بتقعد عالسرير وتخطط بصوت عالي، ملامح الخبث باينة في وشها.)

ثريا (بابتسامة مكر):
النهارده هقلّب الترابيزة. لو عهد وأمها حور فاكرين إن البيت ده بتاعهم، أنا هوريهم مين اللي بيحط القوانين هنا.

(تسكت شوية وتخبط بإيدها عالسرير بحماس.)

ثريا:
أول خطوة... أزرع الشك في قلوبهم. مفيش حاجة بتفرّق الناس قد الشك.

(تقوم وتطلع كشكول صغير من درج الكومودينو، وتبتدي تكتب شوية ملاحظات.)

ثريا (بهدوء):
الخطوة الأولى: أسيب إشاعات صغيرة عن عهد. مش على طول... لأ، عن طريق الخدام. ما هو الكل بيحب القيل والقال.

(تبتسم وتكمل كتابة.)

ثريا:
الخطوة التانية: أقوي علاقتي بمريم، الأخت اللي في لندن. هي بتحب الأخبار. هبعتلها رسالة مليانة حكايات ومبالغات عن اللي بيحصل هنا.

(تبص على نفسها في المراية وتتكلم بثقة.)

ثريا:
والخطوة التالتة... إياد. هو المفتاح. لازم أخلّيه يبان إنه منافس قدام الكل، خصوصًا قدام عهد. ولو كسبت جانبه، هسيطر بسهولة.

(تحط القلم وتقوم، تمشي ناحية الشباك وتبص على الجنينة اللي قاعدة فيها ليل مع أمها حور.)

ثريا (بصوت واطي):
عهد... عمرك ما هتفضلي محوّر البيت ده. هخليكي تحسي إنك غريبة، وإن وجودك هنا تقيل على الكل.

(تروح ناحية الباب وتتكلم بثقة قبل ما تطلع.)

ثريا:
اللعبة ابتدت... ومش هسيب حد يغلبني.

(ثريا تدخل أوضة المعيشة، تلاقي إياد قاعد بهدوء بيقرأ كتاب. تقعد جنبه مبتسمة بود.)

ثريا:
صباح الخير يا حبيبي.

إياد (يبص لها متردد):
صباح الخير يا ماما.

ثريا (تقرب وتحط إيدها عكتفه):
يا إياد، خدت بالك إن الجو اتغير في البيت من ساعة ما عهد رجعت؟

إياد (يتنهد):
ماما، بالله عليكي ما تبدأيش. عهد ماعملتش حاجة.

ثريا (بتتظاهر بالحزن):
أنا ماقولتش عملت حاجة... بس مش غريب إن الكل فجأة مركز معاها؟ كأن محدش شايفك يا ابني.

إياد (بتوتر):
ده مش حقيقي يا ماما.

ثريا ( بتتظاهر بالحزن):
انت ابني الوحيد يا إياد، ونفسي أشوفك مبسوط ومتقدّر هنا. مش عايزة حد ياخد مكانك، حتى لو بنت عمك.

إياد (يبص لها بحيرة):
ماما، بالله عليكي. ليل مش عدوتي.

ثريا (تبتسم بخبث وتطبطب عكتفه):
عارفة يا حبيبي... بس أنا خايفة عليك.

(ثريا تقوم وتسيب إياد غرقان في التفكير، وعلى وشها ابتسامة نصر صغيرة وهي خارجة من الأوضة.)
***********************

(بعد ما ثريا خرجت، إياد يدخل أوضته ويقفل الباب وراه بهدوء. يقعد على طرف السرير ويدفن وشه في كفوفه، بيحاول يستوعب كلام أمه. ملامح التردد والديق باينة عليه، بس شكله كأنه بيحارب أفكاره.)

إياد (بيكلم نفسه بتوتر):
ماما… ليه دايمًا بتتصرفي كده؟ ليه كل الحقد ده على عهد وخالتي حور؟

(يقوم يتمشى في الأوضة، عينيه في الأرض كأنه بيدوّر على إجابة.)

إياد:
عهد ماعملتش حاجة… دي بريئة، طيبة… ماتستاهلش العداوة دي. وإنتي… على طول بتحاولي تفتعلي مشاكل كأنك مش عايزة حد يعيش في سلام.

(يقف قدام المراية، وشه بيعكس الصراع اللي جواه.)

إياد (بحزم، بيكلم انعكاسه):
أنا عارف حقيقتك يا أمي. عارف إنك بتكرهي عهد عشان الكل بيحبها. وعارف إنك غيرانة من خالتي حور عشان أقوى منك وأكتر احترام.

(يقعد على الكرسي جنب مكتبه، يحط راسه بين إيديه.)

إياد (بصوت واطي):
بس ليه لازم أبقى في نص الصراع ده؟ ليه لازم أختار بينك وبين الحقيقة؟

(يقوم فجأة ويبدأ يفتش في أوراقه على المكتب، كأنه عايز يشغل نفسه.)

إياد (بغضب مكتوم):
عهد مالهاش ذنب في أي حاجة. وأنا مش هسمحلك تستخدمي اسمي عشان تشوهي سمعتها أو تعمليلها مشاكل.

(يقف ويبص على صورة عائلية صغيرة على مكتبه، فيها هو ووالديه.)

إياد (بصوت مخنوق):
نفسي أصدق إنك ممكن تتغيري يا ماما… بس إنتي ما بتسيبيلناش أي خيار.

(يتنهد جامد، يقعد على السرير ويمسك راسه، وبعدين يهمس بصوت واطي كأنه بيكلم نفسه.)

إياد:
أنا هحمي عهد… حتى لو اضطرّيت أقف قصادك.

(يفضل قاعد، غرقان في أفكاره، والمشهد بينتهي على وشه تصميم واضح، بيدل إنه مستعد يواجه أمه لو لزم الأمر.)
*****************

أوضة السفرة – على طربيزة الفطار

(الكل قاعد حوالين الطرابيزة الكبيرة في القصر، الجو دافي ومليان كلام وضحك خفيف. ديلان بتحكي ذكرياتها من أمريكا، ومراد باصص لبنته عهد بفخر باين عليه. تميم شكله متوتر شوية بس بيحاول يبين إنه واثق. ثريا قاعدة بوش متجهم، سايبة عينيها تراقب في صمت.)

إياد (بيبص لمراد وبيتكلم بثقة):
عمي مراد، عندي طلب وعايز أقوله قدام الكل.

(الكل يسكت ويبص على إياد بترقب. ثريا تشد في الكباية اللي في إيدها بعصبية، كأنها متوقعة اللي هيقوله.)

مراد (بابتسامة هادية):
اتفضل يا إياد، قول اللي عندك.

إياد (يبص لعهد لحظة ويرجع يبص لعمه):
عمي، من وانا صغير وأنا شايف عهد أكتر من بنت عمي… هي البنت اللي شايف فيها شريكة حياتي. علشان كده، أنا بطلب إيدها منك رسمي للجواز.

(الطرابيزة تسكت لحظة وصمت مدهوش يملأ الجو. حور تحط إيدها على بقها كأنها بتحبس فرحتها، وديلان تبتسم برضا. إيهاب يرفع حواجبه بدهشة.)

حور (بابتسامة واسعة):
يا نهار أبيض! ده أحلى خبر ممكن أسمعه!

ديلان (تبتسم بلطف):
برافو عليك يا إياد.

مراد (بابتسامة هادية، يبص لبنته):
عهد، القرار ليكي يا بنتي.

عهد (تبتسم بخجل وتوطي راسها):
لو شايفه ده مناسب يا بابا…

(قبل ما مراد يرد، ثريا تقوم فجأة وتخبط الطرابيزة بإيدها.)

ثريا (بغضب شديد):
لأ! الجوازة دي مش هتحصل أبدًا!

(الكل يبص لها بصدمة، وهي واقفة غاضبة وتشاور على عهد.)

ثريا:
البنت دي مش مناسبة لإياد! دي عاشت في أمريكا، ومين عارف عملت إيه هناك؟ فاكرين إني هسمح إنها تبقى مرات ابني؟

حور (بغضب، تقوم وتواجهها):
إزاي تجرأي يا ثريا؟ عهد دي بنتي، وأنقى من إن لسانك يلمسها بالكلام الوحش ده.

ثريا (تسخر):
أنقى؟ في أمريكا؟ إنتي مش عارفة إيه اللي بيحصل هناك ولا إيه؟

إيهاب (يقوم بغضب):
كفاية يا ثريا! بس بقى!

ثريا (تلتفت له بعصبية):
إيهاب، أنا أم إياد! من حقي أقرر مين يتجوز ابني.

إيهاب (بصرامة):
وأنا جوزك، ومش هاسمحلك تهيني عيلة أخويا. عهد بنت مراد وحور، ومش من حقك تتكلمي عنها كده.

إياد (يقوم بثبات ويتجه لمامته):
ماما، كفاية. أنا اخترت عهد، وهي الوحيدة اللي عايزها.

ثريا (تنصدم):
إياد! هتقف ضد أمك عشانها؟

إياد (بهدوء وحزم):
أنا واقف ضد الظلم يا ماما. ولو بتحبيني بجد، لازم تتقبلي اختياري.

مراد (يبص لثريا ببرود):
ثريا، لو مش قادرة تحترمي عيلتي، مش مضطرة تقعدي معانا.

ثريا (تبص للكل بغضب وحرج، تمسك شنطتها):
هنشوف مين اللي هيكسب في الآخر.

(تخرج من الأوضة بعصبية، والجو يهدى تدريجيًا. حور تحط إيدها على كتف عهد وتبتسم لها بحنان.)

حور (بهمس):
ما تشيليش هم يا حبيبتي… إحنا كلنا معاكي.

إيهاب (يتنهد ويبص لإياد):
تصرفت زي الرجالة النهاردة يا ابني.

مراد (يبتسم):
أظن كده لازم نبدأ التحضيرات قريب.

عهد (تبتسم بخجل، الفرحة ماليه عينيها):
شكرًا ليكم كلكم.

(المشهد يخلص وسط أجواء فرحة ولمّة عيلة، وإياد وعهد بيتبادلوا نظرات كلها وعود.)

**********************

أوضة ثريا

(الأوضة واسعة، فرشها فخم بس ضلمة عشان الستاير مقفولة. ثريا رايحة جاية بخطوات سريعة، صوت كعبها مالي المكان. وشها متجهم وعينيها مولعة شر. كل شوية تقبض إيدها كأنها بتحاول تمسك نفسها من الغضب.)

ثريا (بصوت غاضب، بتكلم نفسها):
عهد! عهد تاني! هي ليه دايمًا في الصورة؟ إيه اللي عند البت دي يخلي الكل يلف حواليها كده؟

(تقف قدام المراية فجأة وتبص لانعكاسها بعينين مليانة نار.)

ثريا:
وحور… يا حور! ماشية في القصر كأنك الملكة وأنا الخدامة! فاكرة نفسك أحسن مني؟ هوريكي مين ثريا دي.

(تزق مراية صغيرة على الترابيزة تقع على الأرض وتتكسر، وماتديهاش اهتمام.)

ثريا (مكملة وهي ماشية بعصبية):
إياد… ابني الوحيد… يروح يختار البت المدللة دي؟! لأ والله! مش وأنا عايشة. مش هبلع الطُعم ده.

(تقعد فجأة على الكرسي، تمسك راسها وهي بتفكر بخطة.)

ثريا (بصوت واطي مليان غِلّ):
الجوازة دي مش هتكمل… أنا هسود عيشتها. مش هسيبها تتهنّى ولا هي ولا أمها.

(تقوم تاني، تمسك أي حاجة في الأوضة وتقذفها على الأرض.)

ثريا:
هخليها تتمنى يوم ما اتولدت. هوريها العين الحمرا… وأخلي كل اللي حواليها يبعدوا عنها.

(تبتسم بسخرية شريرة، الشر باين في عينيها.)

ثريا:
عهد… البريئة الصغيرة؟ بريئة في عينك يا أختي! أنا هطلع ريحتك للكل. هخليهم يشوفوا وشك التاني… الوش اللي بتحاولي تخبيه.

(تمسك موبايلها بسرعة وتبدأ تكتب رسالة، بعدين توقف وتفكر وتبتسم بخبث.)

ثريا (بهمس):
لأ… لأ… دي محتاجة خطة تقيلة. حاجة تدمرها… وما يلاقوش لها مخرج.

(تقعد على السرير، تبص لقدام بنظرة كلها كره وانتقام.)

ثريا:
استعدي يا عهد… إنتي  وأمك… اللعبة ابتدت، وأنا اللي هاكسبها.
*********************

بعد كام يوم

(القصر متزين بالأنوار والورد، والجو كله فرحة. العيلة كلها متجمعة في الصالة الكبيرة، الفرحة باينة على وشوشهم. عهد لابسة فستان شيك وبسيط لونه وردي فاتح، وشها فيه خجل وتوتر. إياد واقف جنبها ببدلة أنيقة، عينيه بتلمع من السعادة. ثريا قاعدة على كنبة في الركن، شكلها متوترة ومستنية فرصة عشان تبوّظ الجو.)

حور (بابتسامة حنونة وهي بتبص لعهد):
ما شاء الله… شكلك أميرة يا حبيبتي.

ديلان (بمرح):
دي أجمل من الأميرات كمان، صح يا إياد؟

إياد (يبص لعهد بابتسامة هادية):
طبعًا… دي أجمل بنت في الدنيا.

عهد (وشها يحمر وتبص في الأرض):
شكرًا…

زين (يضحك):
باين إن إياد اتعلم يقول كلام حلو بقى.

إيهاب (مبتسم بفخر):
ده يوم فرحة لينا كلنا، مش كده؟

مراد (متأثر وهو باصص لعهد):
بنتي الصغيرة بقت عروسة… فخور بيكي أوي يا عهد.

(عهد تبص لأبوها بعينين مليانة امتنان، وحور تمسح دموعها في صمت.)

ثريا تدخل

ثريا (بتبتسم تصنّع):
أكيد يوم سعيد… بس مش شايفين إن الموضوع ماشي بسرعة زيادة؟

إياد (يتجه لمامته بجدية):
ماما، النهارده يومي أنا وعهد… ياريت تبقي مبسوطة عشاني.

ثريا (بتصنّع):
طبعًا، بس أنا بفكر في مصلحة الكل… عهد لسه صغيرة، يمكن ما تكونش مستعدة للمسؤولية دي.

حور (لأول مرة تتكلم بحزم):
عهد مش صغيرة يا ثريا. أثبتت نضجها وقوتها كذا مرة.

ديلان (بابتسامة باردة):
وحور معاها حق… وأنا حاسة إن إياد وعهد هيعيشوا حياة كلها سعادة.

ثريا (تحاول ترد):
بس…

إيهاب (بصرامة):
كفاية يا ثريا! النهارده يوم فرح… مش مكان للكلام السلبي ده.

(ثريا تسكت وهي محرجة، والجميع يكملوا الاحتفال.)

إياد (يهمس لعهد عشان يهون عليها):
ما تديش ودنك لكلام ماما… المهم إحنا مع بعض، وده كفاية.

عهد (تبتسم بخجل):
شكرًا يا إياد… أنا مبسوطة أوي.

إياد (بابتسامة دافية):
وأنا أسعد راجل في الدنيا عشان إنتي هتبقي مراتي.

(المشهد ينتهي على ضحك وفرحة العيلة كلها، وثريا باصة من بعيد بحقد مكتوم… وعينيها بتقول إنها بتفكر في خطة جديدة عشان تخرب عليهم فرحتهم.)

                 الفصل الثالث من هنا
تعليقات



<>