رواية جلسة مشاعر الفصل الاول1بقلم شهد محمد


رواية جلسة مشاعر الفصل الاول1بقلم شهد محمد
ليلة من عمري –


ـ ليلة عشر دقايق ونبقى على الهوا.
ـ تمام.

بقولها وبسيب الموبايل من إيدي، وبرجع أبص على اسكريبت الحلقة مرة أخيرة، عيني بتجري على السطور بسرعة لكن دماغي مش في الصفحة.

بيقطع تركيزي دخول شادي، زميلي في الإذاعة، بصوته العالي المعتاد:
ـ جبتلك القهوة بنفسي.

ـ متشكرة يا شادي.

باخد منه الفنجان، وبشرب بُق صغير، وبرجع أحاول أركز في الاسكريبت تاني بس طبعًا شادي مايعرفش يعني إيه 
"يسيب حد في حاله":

ـ الروچ بتاعك سايب علامة على الفنجان.

ببتسم بخفة وقبل ما اقول ده اثر النساء بيكمل:

ـ انتي تعرفي إن الإتيكيت بيقول إن الست اللي الروچ بتاعها بيسيب علامة على الفنجان، يبقى الروچ بتاعها رخيص؟

الابتسامة بتطير من وشي في لحظة، وبقول بنبرة جافة:

ـ اطلع بره يا شادي.

ـ أكيد الروچ رخيص جايباه من آخر العنقود؟

ـ شادي اطلع بره.

ـ طالع طالع أنا الغلطان أصلًا إني سبت شغلي وجبتلك القهوة. إنسانة معقدة.

كنت هرد عليه لكن وهو ماشي عينه وقعت على الأقلام اللي على مكتبي، وقال بحماس:

ـ الله! معاكي أقلام على شكل ريش؟ هاخد واحد منهم.

بياخد القلم وبيخرج من غير ما يستنى رد. 
بحاول أرجع أركز بعد ما شتت انتباهي 
براجع الحلقة مرة أخيرة، وبخلص فنجان قهوتي.

ـ جاهزة يا ليلة؟

ـ جاهزة.

بلبس السماعات، وببدأ الحلقة بمقدمة البرنامج:

بونسوار أعزائي المستمعين، معاكم حلقة جديدة من برنامجكم "ليلة من عمري".

حلقة النهارده عن حاجة بتحصل لناس كتير مننا: 
"أثر العلاقات المنتهية".

مش كل الناس بس في جزء مننا 
بيقعد يتلخبط بعد ما علاقة تخلص.

نفتكر الشخص ده، نراقب أكونتاته، ونتابع أخباره
رغم إن العقل بيقول القصة خلصت
 لكن القلب بيبقى ليه كلام تاني .

وكأن فيه بقايا مشاعر معلقة، مش عارفين نتصرف فيها.

من وجهة نظركم
 إزاي نقدر نتعامل مع المشاعر دي بعد نهاية العلاقة؟

هستنى رسايلكم وتليفوناتكم، ودلوقتي نطلع فاصل وأسيبكم مع أغنية "مقدرش على النسيان – عمرو دياب"
ولما نرجع، نتشارك الآراء ونتكلم مع بعض.

بشيل السماعات من على وداني وببدأ أقرأ الرسايل اللي بتوصل واحدة ورا التانية.

كنت بقرأ في صمت لحد ما وقعت عيني على مسدچ
 من رقم مجهول:

"لو كل البنات بيحبوا القهوة بالبندق، وبيسيبوا علامة خفيفة على فنجانهم كأنها توقيع خاص ..

ولو في صوت ممكن يخلي اللي بيسمعه يحس بالأمان من غير ولا كلمة زيادة ..

ولو في حد بيتكلم عن المشاعر اللي فضلت ليها أثر، وهو من غير ما يحس، بيسيب أثر جديد في كل جملة ..

يبقى طبيعي إن في ناس، حتى بعد ما يمشوا، يفضلوا عايشين جوانا شوية كمان.

مش بهزر حلقة النهارده كانت شبهك أوي.
كأنها اتكتبت عنك .. مش عن الموضوع."

وقفت قدام الرسالة، مش عارفة أرد
هو قصده عليا؟
 ولا بيجامل؟
ولا واحد من المستمعين اللي عندهم خيال واسع؟
ضحكت بخفة وقولت لنفسي أكيد واحد بيستظرف.

ـ ليلة دقيقة ونرجع من الفاصل.

ـ تمام جاهزة.

بلبس السماعات تاني، وقدامي الرسايل اللي هبدأ أقرأ منها:

بونسوار مرة تانية، رجعنا بعد الفاصل.

نبدأ نقرأ بعض من رسايلكم 

رسالة من نورا بتقول:

 "أنا مؤمنة إن المشاعر الباقية بعد العلاقة مش دايمًا حب ساعات بيكون تعوّد ، أول ما تفتكري إنك مفتقداه، فكري في سبب الانفصال غالبًا هتفوقي."

ـ عندك حق يا نورا ساعات بنفتكر الناس مش عشان وحشناهم ، لكن عشان اتعودنا عليهم.
وفكرة إنك ترجعي للسبب اللي خلاكي تسيبي العلاقة لما تضعفي دي خطوة نضج.

ومعانا رسالة من رامي بتقول:

"العلاقات اللي سابت أثر، عمرها ما بتروح تمامًا
بنرجع نعيش ونحب تاني، بس اللي وجعك مرة،
 بيفضل سايب علامة."

ـ رامي، كلامك فيه حزن ورومانسية في نفس الوقت
بس خليني أقولك مش كل علامة بتوجع.
بعض العلامات بتفكرنا إننا عدينا الطريق ده وخرجنا أقوى
زي وشم بسيط بيقول إنك نجيت.

ورسالة من سلمى بتقول:

"أنا لما بعرف إن حد بيراقبني من أكونت فيك، بعمل نفسي مش واخدة بالي وألبس فستان أحمر في الستوري!
خلي الذكرى توجعه شوية زي ما وجعني."

ـ ضحكتيني يا سلمى، بس كمان لمستيني.
ورا ضحكتك فيه وجع واضح، بس خليني أقولك
اللي وجعك ما يستاهلش يشوف فستانك الأحمر 
شوّفيه إنتي، وانبسطي، وخليه للفرحة مش للانتقام.

ـ ودلوقتي نطلع فاصل أخير، ونرجع نرد على مكالماتكم.
هسيبكم مع أغنية "مبتعلمش – أنغام"، ونرجع نكمل بعد الفاصل.

بقلع السماعات وبشوف باقي الرسايل 
اللي وصلت على إيميل القناة.
وبرجع اسرح في المسدج اللي اتبعتتلي وبفوق 
بعد ما الأغنية تخلص وبرجع من الفاصل:

ـ معانا أول مكالمة من مدحت، أهلًا بيك يا أستاذ مدحت.

ـ أهلاً بحضرتك يا أستاذة ليلة.

ـ قولنا رأيك في موضوع النهاردة؟

ـ أنا شايف إننا بننسى الأشخاص، لكن ما بننساش التفاصيل
ريحة، ضحكة، مكان الحاجات دي اللي بتفضل جوانا، بس المهم ما نرجعش للغلط تاني.

ـ عندك حق يا استاذ مدحت الوعي هو المفتاح
الرجوع للغلط مش حنين، دي ضعف لحظة،
بس لو عدت بتعلمنا نتمسك بنفسنا أكتر.

ـ ومعانا تاني مكالمة من "هنا"، أهلا بيكي يا هنا.

ـ أهلاً ليلة.

ـ قوليلي رأيك بصراحة ..

ـ أنا من سنة تقريبًا خرجت من علاقة طويلة، ولسه مش قادرة أرتبط بحد جديد حاسه إني مش فاضية من جوايا لحد جديد زي ما يكون خلصت كل مشاعري على الشخص الغلط .

ـ هنا صوتك فيه وجع حقيقي
بس عارفة إيه الجميل؟ إنك عارفة ده ومعترفة بيه.
خدي وقتك في التعافي ، واعملي سلام مع نفسك الأول
وبعدين لما تدخلي علاقة، تبقي فيها كاملة مش مكسورة.

ـ وبكده نكون وصلنا لنهاية حلقتنا من "ليلة من عمري".
النهاردة اتكلمنا عن العلاقات اللي انتهت لكن سابت أثر،
وقولنا إن القلب ساعات بيكمل الحكاية لوحده
حتى لو العقل قرر يقفلها.
بس يمكن ده جزء مننا كبشر ..
 نحب، نوجع، ونفكر نحب تاني.

استنوني الحلقة الجاية
 يمكن نكتشف إن الحياة بعد العلاقات مش دايمًا نهاية،
ساعات بتكون بداية جديدة لنسخة أقوى من نفسنا.

ـ كان معاكم .. ليلة محمد.
بونسوار.

بقلع السماعات للمرة الأخيرة
 وباخد شنطتي وموبايلي، وبخرج من غرفة الاستوديو.
بفتح الموبايل، بلاقي رسايل من صحابي بيستعجلوني
 عشان كنا متفقين نخرج بعد الشغل .

بسيب شنطتي على المكتب
 وباخد شنطة الميكب ووأنا رايحة التيوليت
بيوقفني أحمد زميلي، ومعاه شاب أول مرة أشوفه وبيقول:

ـ كنتي هايلة النهارده يا ليلة.
ـ ميرسي يا أحمد.

بلاحظ نظرات الشاب اللي واقف معاه عينه مش بتسيبني
وقبل ما أمشي بيوصل شادي وبيقول:

ـ ليلة في حد سابلك ده ومشي.

بيديني حاجة متغلفة بطريقة شيك بورق قديم 
 شكلها واضح إنه كتاب.
بستغرب وبسأله:

ـ متعرفش مين؟

ـ لأ كان مندوب ومقالش حاجة افتحيه بقى خليني أشوف معاكي.

ـ لأ.

ـ أحسن! تلاقيه كتاب عن أنواع الروچ البراند.

ـ ابقى فكرني أجبلك كتاب عن التطفل .

بقولها وبمشي من وسطهم وبسمع صوت ضحك احمد 
وهو بيكمل هزار مع شادي .

بكمل طريقي للتيوليت وقلبي مشغول بحاجة تانية خالص مش بشادي ولا بهزار أحمد ولا حتى بالخروجة اللي مستنيني برا ..

أنا دماغي كلها في المسدچ اللي جاتلي وقت الحلقة وفي الكتاب اللي بين إيديا من شخص مجهول.

بوصل التيوليت وبقف قدام المراية، بفتّح شنطة الميكب وببدأ أظبط شكلي، بس عنيا بتفضل تروح وتيجي على الكتاب اللي في إيدي.

الورق اللي ملفوف بيه شكله قديم كأن حد لسه طالع بيه من مكتبة الزمن.

بحط الميكب بسرعه وقلبي بيخفق كأني داخلة على أول ميعاد مع شخص بحبه.
وبفتح الورق بحذر.
واللي بيقابلني مش مجرد كتاب.

على أول صفحة من ورق التغليف ، فيه خط إيد مش مطبوع.

 "لما تخلصي من الكلام على الهوا، تعالي نقرأ الكلام اللي متقالش يمكن تلاقي فيه اللي كنتي بتدوري عليه، أو يمكن تلاقي نفسك."

بقف في مكاني وقلبي بيدق أسرع. 

مين الشخص ده ؟
وإزاي كان عارف إن الحلقة هتكون عن أثر العلاقات؟
هل هو اللي بعت المسدچ؟
وهل فعلاً الحلقة كانت عني مش عن المستمعين؟

بضم الكتاب على صدري شوية. كأن فيه سر مستنيني جواه.

بس مش هفتحه هنا.
لأ.

الكتاب ده ليه مكانه.

وممكن يكون بداية لحاجة مختلفة تمامًا عن كل اللي فات.

بشيل الكتاب في شنطتي وببص لنفسي في المراية من تاني ولأول مرة من فترة
بشوف في عيني لمعة جديدة.

مش لمعة وجع.
لمعة فضول.

                    الفصل الثاني من هنا
تعليقات



<>