
خطأ.. خصام
عندما انتهى من غرفة أميرة كان عليه أن يعود إلى الضابط ليخبره بالدواء والمفتاح وأثناء مروره على الطريق لمح عربة الحصان وما أن مر بها حتى وجدها تقف مع رجل غريب ويدها بيده ثار جنونه وركن سيارته بعيدا ونزل إليهما ويبدو أنها لم تلاحظه وهو يتقدم ويسمع سؤال آسر، دبلة من فأجاب بكل غضب "دبلتي"
تراجع آسر وهو ينظر إلى رنين ثم إلى آدم وقال "أنا لا أفهم شيء، من حضرتك؟"
لم يبعد آدم عيونه عنه وقال "هذا ما يجب إن أسالك إياه أيضا، من حضرتك؟ وماذا تفعل مع خطيبتي؟"
نظر آسر لرنين التي أخفضت عيونها وردد آسر "خطيبتك؟ ولكن"
أكمل آدم وهو ينظر إليها "بل زوجتي نحن مكتوب كتابنا، هل يمكن أن أعرف من حضرتك؟ وبأي صفة تقف معها هنا؟"
تدخلت هي بصوت خرج غصبا عنها "إنه آسر ابن عمو سالم، آسر هذا آدم شريكي وخطيبي"
نظر إليها بقوة وغضب فأبعدت عيونها فقال آسر "أهلا أستاذ آدم، آسف لذلك الموقف ولكن لم أكن أعرف لذا اسمحوا لي أنا فقط أتيت لأرى رنين"
عاد آدم إليه وقال "ترى رنين؟"
بادله آسر النظرة وقال "نعم ربما لا تعرف ولكن نحن أصدقاء منذ الطفولة"
رد آدم بقوة "كنتم يا باش مهندس، كنتم"
ولكن آسر رد بهدوء "الصداقة لا تنتهي يا باش مهندس مهما باعدت المسافات، ما بيننا لا يمكن أن ينتهي"
نظر آدم إليها ونظرت هي إلى آسر وقبل أن ترد قال آدم بغضب "وما هو الذي بينكم ولن ينتهي؟ أحب أن أعرفه فربما لا أتقبله"
نظرات العناد كانت متبادلة وآسر يرد "لن يمكنك أن تفعل لأنها حفرت بيننا منذ الطفولة لذا ستعيش للأبد بقلوبنا"
غضب أدم أكثر واقترب من آسر وقال "يبدو أنك نسيت أنك تتحدث عن زوجتي وأنا أذكرك مرة أخرى وعليك ألا تتجاوز حدودك"
اشتعل الغضب بعيون آدم والتحدى بعيون آسر الذي قال "أنا لم أفعل وزواجك منها لا يعني أن تنقطع عن أهلها نحن أهلها يا باش مهندس ليس لها سوانا"
اقترب آدم منه أكثر وهو يواجه عيونه وقال "هي ليست بحاجة لأي أهل أنا كل أهلها، أنا زوجها ووالدها وأخوها وكل من بالعزبة هنا يعتبر أب و أخ وأم وابن لها وهي تعلم ذلك جيدا لذا لا داعي لخدماتك الثمينة"
لم يتراجع آسر وقال ببرود "أرى أنك لا تتقبل فكرة أن يكون لها أهل وأصدقاء ترى لماذا؟"
ضاقت عيون آدم وحاول ألا يفهم تلميحه صح فقال "لا أظن أنني فهمتك صح"
وهنا كان عليها أن تتدخل وفعلا تدخلت بينهم ووقفنت أمامهم وهي تنظر لآدم وقالت "آدم، آسر لا يقصد شيء سيء لا تنسى أن عمو سالم هو الذي رباني وهو الذي كان يراعي مصالح داد والآن آسر ابنه ضيف عندنا فمن فضلك تهدء ودعنا ننسى ما قيل ونرحب بضيفنا"
نظر إليها بنفس الغضب، هل تطلب منه أن يضايفه؟ كيف؟ ولماذا؟ هل يأخذه ببيته ويقربه منها؟ كيف تطلب منه ذلك؟
قال آسر بسرعة "لا، لا داعي لذلك يبدو أنني ضيف غير مرحب به"
نظرت إلى آسر وقالت "لا، لا يجوز أن تذهب هكذا لابد أن تأتي"
نظرت إلى آدم الذي ألقى نظرة قوية عليها، ما هذه اللهفة التي يراها في عيونها ويسمعها في نبرة صوتها؟ شعر أنه يريد أن يجذبها من ذراعها ليبعدها عن ذلك الرجل الذي يأكلها بعيونه ولكنه شعر بغضب لا حدود له ولكن أيضا شعر وكأن لا وجود له بحياتها وأن ذلك الرجل يمثل لها الكثير حتى تخاف على غضبه هكذا ربما لابد أن يتركها معه حتى يعرف إلى أي مدى ترتبط به وهل سيؤثر وجوده عليها وتعود إليه؟ عليه أن يختبرها ويعرف حقيقة تلك العلاقة..
سمعها تناديه "آدم! آدم قل شيء"
لم تكن تلاحظ غضبه الشديد من تصرفها فنظر إليها لحظة فى صمت إلى أن قال "نعم، بالطبع أنت ضيف زوجتي أي ضيفي، تفضل اتبعنا بالسيارة"
تحرك وتركهم فنظر آسر إليها وبادلته النظرة ثم تحركت، كادت تذهب للعربة ولكنه كان يقف أمام سيارته وينظر إليها بقوة ثم قال "أعتقد أن مكانك بجانبي يا باش مهندسة"
نظرت إلى آسر ثم اتجهت إلى سيارة آدم بصمت، ركب وانتظرها حتى ركبت وانطلق بالسيارة بقوة وبسرعة أخافتها ولكنها لم تجرؤ على التحدث إليه
عندما عادا إلى المنزل أوقف آدم سيارته وقال لها "أتمنى لكِ وقتا سعيدا مع ضيفك، تفضلي قومي بواجب الضيافة"
نظرت إليه بدهشة وقالت"وأنت!؟"
لم ينظر إليها وقال "ربما تريدين أن تكوني براحتك أو ربما تراجعين حساباتك وتعرفيه أنكِ مخطوبة وأن علاقة، الصداقة كما يقول لابد أن تنتهي وأن تخبريه أنكِ هنا بين أهلك وناسك ولن يضروكِ بشيء"
نظرت إليه بقوة، كان آسر قد وصل بسيارته فقالت "أنا لن أجادل معك لأنه ليس بالوقت المناسب"
رأت آسر ينزل فنزلت وأغلقت باب السيارة بغيظ ولم تنظر إليه ولو فعلت لرأت انعكاس النار التي تتأجج بصدره على عيونه
اتجهت هي إلى آسر بينما لم يقوى آدم على النظر إليهما فاستدار بالسيارة بقوة أصابتها برجفة وتابعتهإالى أن اختفى
نظر آسر اليها وقال"لم أخطئ في إحساسي عندما أخبرتك أن آدم له رأي آخر، كنت أشعر بتغييرك"
تحركت إلى داخل الفيلا وتبعها وهي تقول "حدثت أشياء كثيرة يا آسر أثناء وجودي هنا ولم يكن بإمكاني إخبارك أي شيء بالهاتف"
توقف وقال "حتى خطوبتك وكتب كتابك؟ هل تظنين أن ذلك لم يكن من حقي معرفته؟ رنين أنا أول رجل بحياتك فكيف فعلتِ ذلك بي؟"
سمعوا صوت العمة تقول "يبدو أن لدينا ضيوف؟"
عرفتهم رنين ببعض وكانت نظرات العمة ثاقبة، لحظات وظهرت أميرة ولم تكن رنين تتمنى ظهورها ولكنها وقفت وقالت "والآن من هذا الغريب؟"
قالت العمة "ابن محامي رنين، المهندس آسر سالم حضر لزيارتنا ولأنه يتابع المزرعة معها فقد حضر ليطمئن عليها"
هكذا حاولت العمة أن تبدي الأمر لأميرة ولكن تلك الأخيرة كانت تعلم كل شيء عن آسر فقالت "نعم وصديق الطفولة بل عمركم كله سويا أليس كذلك؟"
نظرت لأميرة بقوة وقالت "نعم أنه كذلك هل لديكِ مانع؟"
تراجعت أميرة قليلا قبل أن تجلس أمامه وتقول "بالطبع لا، بنات الغرب لهم تقاليد غريبة"
نظرت رنين للعمة وقالت "أنا لست من بنات الغرب أنا مصرية بنت رجل وامرأة مصريين وأعرف حدود ديني وتقاليدي، فقط توقفي أنتِ عن تمثيل دور العفيفة الشريفة"
غضبت أميرة من هجوم رنين وقالت "كيف تجرؤين؟"
نهضت رنين ووجهت كلامها لآسر "هل تحب أن تشاهد المزرعة؟ عن إذنك عمتي؟"
وقف آسر وكذلك أميرة التي قالت "ستتجولين معه هكذا أمام الجميع؟ هل آدم يعلم بذلك؟"
نظرت إليها وقالت "شيء لا يخصك ولا دخل لكِ به، هيا يا آسر"
نظر آسر لأميرة ثم استأذن من العمة وتبع رنين، بالطبع تجولا بالمزرعة وأخيرا جلسا تحت مظلة الراحة نظر إليها وقال "أكثر من رائعة يا رارانأحسنتِ لم أتخيل أن تكون هكذا، أنتِ تلميذة نجيبة"
ابتسمت وقالت "بصراحة الجميع هنا متعاون ليس فقط لأنهم يحبوننى وإنما أيضا لأن الجميع يريد أن يرد لآدم بعض من ديونه عليهم ولو كان في شخصي أنا"
نظر إليها وقال "شخصية غير واضحة ذلك الرجل الذي ربطتِ حياتك به"
قالت بهدوء "أخبرتك أن الظروف كانت تدفعني لطرق لم أختارها"
قال وهو يشير بيده في الهواء "بصراحة أنا لا أفهم أي شيء، تلك المرأة أميرة وخطوبتكم وحسان والعمة، ما كل هذا؟ ما هذه الحياة المعقدة التي تعيشينها؟ لم لا تعودين معي ونعود لحياتنا بدون أي قيود؟"
ابتعدت وقالت "لم يعد الأمر بهذه البساطة، لا تنسى أني مرتبطة بالمزرعة والعمة و.."
قاطعها بقوة "وآدم؟ لم تذكريه رغم أنه هو سبب بقاءك، أنتِ تحاولين إخباري بأشياء لا يمكن تصديقها، أنتِ وافقتِ على كتب الكتاب يا ران وهو أمر لا يمكن إجبار أي امرأة عليه خاصة أنتِ رنين، ليست شخصيتك، إذن أنتِ أردتِ ذلك"
حدقت به لوهلة والأفكار تتجول هنا وهناك داخل رأسها، هل هي فعلا أرادت كل ذلك؟ ألم تكن أميرة و..
عاد ووقف أمامها وقال "لم لا تردين؟ رنين أين أنا في حياتك؟ هل ظننتِ أن ما بيننا انتهى؟ أنا أحبك رنين والحب لا يتوقف ولا ينتهي، أنتِ حقي أنا، سنوات وأنا أنتظرك وأمنحك الوقت لأن تأخذي القرار واليوم تخبريني أنكِ زوجة لرجل آخر؟ ذلك الفلاح"
نظرت إليه بغضب وقالت "آسر من فضلك احذر في كلامك"
أشاح بيده وقال بغضب "أي كلام؟ اسمعي رنين هنا ليس مكانك وذلك الرجل لن يكون زوجك إنه أنا من يجب أن يكون هل تفتفهمينأنا لن أتخلى عنكِ"
شعرت بأن الامور تعقدت أكثر وانتابها الخوف لحظة ولكنها تمالكت وقالت "آسفة يا آسر ولكني لم أعد أملك أن أمنحك أي قرار، أنا زوجته وبيده هو القرار"
عيونه كانت تعني الغضب وعدم الاستسلام وقال " بلى، القرار بيدك، لو كان الأمر كما تقولين وأن زواجكم هذا كان غصب عنكِ ولفترة مؤقتة إذن كل ما عليكِ أن تطلبي الطلاق بمجرد انتهاء المزرعة وتعودين لي، نعم أنه أنا من تنتمي إليه"
التفتت للمزرعة وتذكرت آدم وعيونه وشعرت وكأنه الآن يخترقها فتراجعت وقالت "آسر أرجوك دع هذا الأمر الآن، هناك تعقيدات كثيرة به والوقت كفيل بحلها ثم أنا لا أستطيع أن أترك المزرعة إنها حلمي"
وقف أمامها ونظراته بها العديد من التساؤلات وقال "أنا لا أفهم! هل ستبقين بعد انتهائها؟ وماذا ستفعلين؟ إلا إذا كان بنيتك إدارتها للبقاء بجانب الباش مهندس و.."
ثم صمت واقترب منها ونظر بعيونها وقال "رنين أنتِ تحبيه؟"
زاغت عيونها وارتفعت دقات قلبها فقد اخترق منطقة محظورة، حبها سرها وحدها ولا يحق لأحد معرفته غيرها فابتعدت من أمام أسر ولكنه لم يتركها فتابعها وقال
"نعم، بقاءك وقبولك بكل شيء لا يعني إلا الحب، أنتِ تحبينه؟"
كان عليها أن ترد بقوة، لا مجال له -ن يتخطى ما يخصها حتى لو كان صديق عمرها لذا قالت "آسر كف عن كلامك هذا، آدم بحياته امرأة وأعلم أنه ما زال على علاقة بها و أنا لا أمثل له إلا عمل وشراكة ستنتهي قريبا وأنا أخبرتك القصة كلها فكف عن كلامك هذا"
زفر بقوة وهو يبتعد قليلا ثم عاد وقال "لا أعتقد أن الرجل الذي كان يتحدث معى بالصباح لا يهتم بكِ، أنا رجل وأفهم الرجل الذي مثلي، عيونه، نظراته، كلامه وغضبه كل شيء يدل على أنه يريدك وبقوة ولن يتخلى عنكِ بسهولة وكأنه كان يريد أن يخبرني أنني لابد أن أحذر لأنكِ امرأته ولن يسمح لسواه بالحصول عليها"
ابتعدت وقالت بحزن واضح "لا أظن بدليل أنه تركني معك الآن"
قال بحزن "لأنه يعلم أنكِ لن تكوني لسواه أو ربما يريدك أن تخبريني أنكِ له وربما يختبرك ليعرف مدى مشاعرك تجاهي وتجاهه وطبعا أنا أرى مشاعرك جيدا"
نظرت إليه فهز رأسه وقال "نعم رنين، عيونك، كلامك، تصرفاتك كل شيء يقول ذلك هو يعلم ومتأكد أنكِ له كما أخبرتك، لا أعلم ولكن رنين أنا لا أتحمل ذلك"
زادت حيرتها وزاد حزنها على أسر اتجهت إليه وقالت "أنا آسفة آسر"
هز رأسه بيأس وألم واضح بعيونه وقال "أريد أن أعود، من فضلك رنين هيا"
وتركها وتحرك، تبعته في صمت إلى العربة وعادا إلى الفيلا فاتجه إلى سيارته وتبعته هي وهي تقول "آسر انتظر لن تذهب الآن لنتناول العشاء سويا"
توقف أمام سيارته ونظر إليها وقال "آسف رنين لابد أن أذهب الآن ولكن تأكدي أنني لن أتركك وأعلم أنكِ ستكونين لي في الالنهايةأنتِ طفلتي المدللة وما حدث هنا لابد وأن ينتهي ولكن كل شيء بأوان"
لم تفهم كلماته فقالت "ماذا تعني؟ لا أفهمك"
رفع يده ولامس وجهها، تفاجأت من تصرفه فأبعدت وجهها فتراجع وقال "لا يهم الآن ربما مع الوقت تفهمين، إلى اللقاء حبيبتي"
أمسك يدها وقبلها وهو ينظر بعيونها ثم ركب سيارته وابتعد وهي تتابعه في صمت ولم تدرك أن أدم كان يتابعها من خلف نافذة مكتبه والغضب يأكله من لمساته لها، أسرع وتحرك إليه ليلقنه دراسا يستحقه ولكن كان آسر قد تحرك مبتعدا، رآها تدخل إلى غرفتها فتبعها في غضب واضح
لم تكد تدخل غرفتها وتغلق الباب حتى رأته أمامها والغضب يشع من عيونه، تراجعت أمامه وهو يدفع الباب بقدمه ليغلقه ويتقدم أمامها وهو يقول "أرى أنكِ استمتعتِ جدا لدرجة أنكِ نسيتِ أنك على ذمة رجل آخر"
دق قلبها وارتجف جسدها وهي تقول "أنا لم أفعل شيء خطأ"
كان قد وصل إليها وأمسكها من ذراعها بقوة وقال وهو ينظر بعيونها "ويده التي لمست وجهك، وتقبيله ليدك والوقت الذي قضيتوه سويا بالمزرعة وكأنكم تستعيدان الذكريات الجميلة، ماذا تسمين ذلك؟"
لم تتردد وهي تقول "كان بإمكانك البقاء معنا لترى إلى أي مدى استمتعت، أنت الذي رحلت"
تركها وقال بنفس الغضب "عيونك كانت تطلب ذلك، رأيت بهم كم كنتِ تشتاقين إليه وترغبين في لقائه، من الواضح أن وجوده يضيى عليكِ السعادة"
فركت ذراعها نتيجة قبضته وقالت "تماما كما يسعدك وجود أميرة"
لم يلتفت لها ولم يستسلم لكلماتها وقال "لا تخلطي الأمور و.."
قاطعته دون رغبة بالتوقف وهي تهتف به "أي أمور التي أخلطها؟ أنا أتحدث عن الواقع وأنت لا ترى إلا أخطائي وماذا عنك أنت؟ أليس من حقي أن اسألك نفس السؤال؟"
التفت إليها وضاقت عيونه قال "أنا تعبت من كثرة ما أخبرتك أن تثقي بي"
قالت بغضب "إذن عليك أن تثق بي أنت أيضا"
هتف بنفس الغضب "أثق في ماذا؟ أن يلمس وجهك؟ أن يقبل يدك كأي عاشق؟ وماذا يسمى ذلك؟"
ابتعدت وقالت "لقد فاجأني و.."
أمسكها من ذراعها بقوة مرة ثانية وأعادها أمامه وقال وهو يرمقها بنظرات نارية "وماذا؟ ألم تخبريه أنكِ زوجتي وأن هناك رجل بحياتك؟ أم أخبرتِه أني مجرد صورة لا تعني شيء؟ اسمعيني جيدا رنين أنا لا أريد أن أسمع أنكِ تحدثتِ معه مرة أخرى، تلك العلاقة أيا كان مسماها انتهت يوم أن أصبحتِ زوجتي وما حدث اليوم لن يتكرر أنا وثقت بكِ وتركتك معه وحدك ولكنك لم تقدري هذه الثقة إذن لا أريد أن أسمع اسمه مرة أخرى هل تفهمين؟"
ثم تركها وذهب في غضب دون حتى انتظار ردها وهي تتراجع في ألم من يده على ذراعها وغضب من تصرفه ودموع مما هي فيه الآن، سقطت على الفراش وهي لا تعلم ماذا تفعل؟ أسر يصر على أنه لن يتركها وآدم يريدها أن تنهي كل شيء وهي لا تعلم ماذا تفعل وتعقدت الأمور ووصلت للاشيء ودموع بلا حلول واسئلة بلا أجوبة ما الذي يجعلها تتحمل كل ذلك؟ ليتها تتشجع وتأخذ نفس القرار بالرحيل
ابتعد والغضب يملؤه واستعاد كلمات أميرة التي اتصلت به لتخبره أن رنين سعيدة مع آسر وأنهم يقضون وقتا ممتعا سويا فترك أعماله وعاد إلى المنزل ليرى آسر وهو يقبل يدها وها هو الآن قد اقتص لنفسه وكرامته ولكن ترى، مع من قلبها؟ وهل كانت سعيدة حقا مع آسر؟ هل تحبه وتريده؟ وهو، أين هو من حياتها؟ وقلبها! لقد توقف قلبه عندها فماذا عنها؟
رن هاتفه وكان أحد التجار الذين يتعامل معهم فأجاب "أهلا أستاذ محمود"
أجاب الرجل "أهلا يا باش مهندس كيف حالك؟"
رد هو "تمام الحمد لله، خير؟"
قال الرجل "أريد هيثم، المخزن الكبير بحاجة إلى نظرة منه، التخزين له أصول كما تعلم والعمال لا يستجيبون والمهندس المختص مريض"
فكر آدم لحظة ثم قال "وأنا لا أفيدك؟"
ضحك الرجل وقال "بالطبع يا باش مهندس هذا شرف كبير، أنتظرك بالغد؟"
أجاب آدم "نعم"
كان الغضب يتملكه وكان يريد أن ينفرد بنفسه بعيدا عن كل شيء، لم يعد للمنزل في تلك الليلة ومن الصباح الباكر انطلق إلى الاسكندرية وأمضي الوقت هناك وللأسف لم ينتهي العمل فاتصل بعمته وأخبرها أنه سيبقى بالاسكندرية عده أيام .
لم يكن العمل بالمخزن يستحق تلك المدة وإنما هو أراد حجة للابتعاد فظل ثلاثة أيام بالاسكندرية لم يكن ينام وإنما كل ذهنه وتفكيره بها وكلما زاد شوقه إليها تذكر آسر فعاد للغضب والرغبة في البعد وباليوم الرابع كان هيثم قد ذهب إليه
بينما اندهشت هي من سفره المفاجئ وبعده الغريب وشعرت بالحزن والغضب من كل ما يحدث لها ولكنها مع ذلك أسلمت نفسها للعمل وفي نفس الوقت اختفت أميرة ومن داخلها بالطبع فكرت أنها لحقت بآدم بالاسكندرية فزاد غضبها واشتعلت غيرتها ولم تحاول حتى أن تتصل به و أخيرا في اليوم الخامس عرفت أنه عاد إلى العزبة
لم تعرف ما هو إحساسها؟ هل سعيدة لعودته أم غاضبة لبعده؟ ولكنها لم تصل لأي إجابة على اسئلتها خاصة وأنه لم يعد أيضا إلى البيت وإنما عاد إلى العزبة والأرض الجديدة التي يستصلحها فأدركت أنه لم يعد يفكر بها وإنما سعيد ببعدها
"صباح الخير يا باش مهندسة، كيف حالك؟"
نظرت إلى هيثم وابتسمت له وقالت " بخير وأنت أيضا تبدو بخير، وجهك يخبرني بذلك"
ضحك وقال "بصراحة نعم، عندي خبر سار وأنتِ اول من أردت إخبارها به بعد آدم"
قالت بفضول "حقا؟ أثرت فضولي هيا تحدث"
تحرك الاثنان فقال "أمس ذهبت أنا وآدم لطلب يد إحدى البنات كنت أعرفها من أيام الجامعة ورأيتها منذ فترة قريبة، تحدثنا كثيرا فشعرت أني أنجذب إليها وأخيرا اتفقنا على الارتباط وبصراحة انتهزت فرصة وجود آدم بالاسكندرية وذهبنا لطلبها ووافق أهلها ولأننا متعجلين فسوف تكون الخطوبة الخميس القادم بالاسكندرية بإحدى القاعات هناك حجزها آدم لنا عن طريق أحد أصدقاؤه، بصراحة أنا مدين لآدم بالكثير"
تراجعت حيث كان الأمر مفاجئ لها ولكنها كانت سعيدة من أجل هيثم وحائرة في أمر زوجها
قالت بسعادة حقيقية "أنا سعيدة جدا من أجلك هيثم، حقا أنت إنسان محترم وعلى خلق وتستحق الأفضل"
قال "شكرا، أنا بحاجة إليكِ، أنتِ وزوجك لابد أن تكونا معي، أنا ليس لي سواكم أنتم أهلي، أنا اطمأننت على عم صابر وبالطبع سيكون معنا وباقي أهل العزبة"
شردت، هل فعلا ستكون هي معه؟ وهل سيوافق على أن تكون شريكة في كل هذا؟ الآن هو بعيد كل البعد، إنه حتى ابتعد عن المنزل كي لا يلتقي بها فماذا ستفعل؟
رن هاتف هيثم فاستأذن منها وتركها مع حزنها وحيرتها، ترى هل هي فعلا من العائلة؟ لا تظن بل أميرة هي كل شيء لقد ذهبت خلف آدم ليتمتعا بوقتهما سويا والآن ماذا تبقى لها غير الحزن والغضب والحيرة و...
عادت على العشاء وتفاجأت عندما رأت أميرة وامها ولكنها أدركت أنها عادت مع آدم، زاد حزنها وتأكدت أنها لم تعد تمثل له أي شيء، قالت بحزن كتمته "مساء الخير"
أجابت العمة "مساء الخير يا فتاة، ظننت أن آدم سيعود معكِ"
نظرت للعمة وهي تجلس بمكانها على المائدة ثم قالت "لا، لم آراه كنت مشغولة"
قالت أميرة بسعادة مبالغة "لقد اتصل بي وأخبرني أنه سيتناول العشاء معنا أكيد هو على وصول هل اتصل به؟"
زاد حزنها ولم تكن غيرة وإنما شعرت أنها الآن غريبة ولم تعد تريد البقاء، نعم لم تعد تريد أن تبقى، لقد بقت المرة السابقة من أجله ولكن الآن ...
سمعت صوت سيارته فدق قلبها وشعرت بضعف يملأ جسدها، لأول مرة تستسلم لذلك الشعور الغريب لقد هزمها بعده وأوهن قلبها
دخل وهو لا يعلم ماذا سيكون تصرفه معها؟ ما زال غاضبا وبالطبع هي أيضا أي بالتأكيد سيتواجهان بالغضب وهو مجهد ولن يتحمل و..
"مساء الخير"
قالها وهو يتجه إلى العمة، قبل رأسها فابتسمت له وقالت "طالت غيبتك ترى لماذا؟"
رمقها بطرف عيونه قبل أن يحيي سامية وأميرة برأسه ولكنها لم تنظر إليه، لا يعلم لماذا شعر بأن أنفاسه سرقت منه عندما جلس بجانبها، رائحة عطرها اخترقت أنفه فأذابت غضبه وأعادته إلى الشوق لعيونها البنفسجية...
مد الاثنان يدهم لأخذ الملعقة فالتقت الأيدى دون قصد، رفعت نظرها إليه بتلقائية وعادت تلك الدقات تتصارع داخل قلبها مرحبة بحبيبها وكأنها تدق القبول بإيقاع الترحيب القوي
وأخيرا عاد لعيونها، كم اشتاق إليها؟ كم جلس كثيرا أمام البحر يحلم بقربها والآن يتيه في غموض عيونها
أغرق يا فتاة في زهرتك البنفسجية
أبحث عن رحيقها بين أوراقها الشجية
كم اشتقت لحضنك الدافئ ولقبلة تلك الشفاة الوردية
لا أشعر إلا بموج دقات قلبي يعصف بي على شواطئ ذراعيك العتية
وعاد إلى الواقع وقد أبعد عيونه بصعوبه عن عيونها، لن يضعف ولن يحن لها، أبعدت هي الأخرى عيونها وقد تأكدت الآن أنه لم يعد لها لم تعد تلك هي نظرته التي اعتادتها وإنما نظرة رجل آخر لم تعد تعرفه
قالت أميرة تأخرت يا حب.. يا آدم ترى لماذا؟"
لاحظت أنها كادت تناديه حبيبي ولكنها تدراكت نفسها..
اصطنع عدم الانتباه وقال "كنت أراجع ما تم بغيابي؟"
قالت أميرة "نعم منذ أن بدأت مشروع الاستصلاح هذا وأنت تقضي به كل الوقت، سيكون ناجحا وليس كتلك المزرعة التي لا معالم لها"
بالطبع كانت تعلم أن أميرة تحاول إثارة غضبها ولكنها لحسن حظنها كانت بعالم آخر، لم تكن لها رغبة بالجدال على الأقل الآن وحتى تقرر مصيرها
قالت العمة "كيف ذلك؟ إن كل من بالعزبة يشيدون بالمزرعة، رنين تقوم بعملها على أكمل وجه"
قالت أميرة بخبث واضح "أنتِ فقط التي تنحازين إليها وتجامليها ولا تريدين أن تعترفي أنها فاشلة ولا تصلح لشيء"
عندما وجدها صامتة لا ترد ويداها تعبث بالشوكة في الطبق، نظر إليها فلم ترفع نظرها فنظر لأميرة وقال "أميرة المزرعة تسير على خير وجه ورنين تقوم بعملها جيدا"
نظرت أميرة إليها وقالت وكأنها لم تسمع كلماته "وأنت تجاملها أيضا لأنك من اختارها ولا تريد أن تشعر أنك أخطأت الاختيار، أنها مهندسة فاشلة ولا تصلح لأي شيء"
لم تعرف لماذا لا ترد؟ لماذا تلجم لسانها؟ هل ضعفت لهذا الحد؟ أم أن الأمر أصبح لا يعنيها والحرب لم تعد تهمها؟ إم لأنها أدركت أنه لم يعد لها فلم يعد يهمها أي شيء؟ ترقرقت الدموع بعيونها وشعرت بألم في قلبها
سمعته يرد بضيق "أنا لا أجامل بالعمل أميرة وأنتِ تعلمين ذلك، رنين مهندسة جيدة وتعلم ماذا تريد وما تفعله بالمزرعة ليس بأقل من أفضل مهندس"
كادت أميرة ترد لولا أن قالت العمة "هذا أكيد وإلا لظهر فشلها منذ أول يوم، رنين شخصية قوية ولا تستسلم بسهولة ربما تمر بها كبوة ولكنني أعلم أنها ستنهض لأنها أقوى من كل الكبوات"
نظرت رنين إلى العمة التي ابتسمت لها بحنان وأدركت أن العمة تبثها بالقوة والحنان ولكنها الآن أوهن من شبكة العنكبوت، أبعدت عيونها وهي تنهض وتتحرك مبتعدة دون أي كلمات، لم ينظر إليها رغم أنه أدرك تغيرها، لأول مرة لا تشتبك مع أميرة !
قالت العمة "إلى أين يا فتاة؟ لم تتناولي أي شيء؟"
قالت دون أن تنظر لأحد "آسفة عمتي أنا فقط متعبة بعض الشيء، عن إذنك"
تابعها وهي تذهب لغرفتها بينما تابعته العمة بعيونها وقالت أميرة بغيظ "هكذا أفضل، إنها شخصية مغرورة ومستفزة بل ومهندسة فاشلة لابد أن تأتتى بمهندس سواها ليكمل المزرعة، بصراحة أنا لا أعلم متى ستتركها وتطلقها يا آدم؟ لابد إن تفعل بأقرب وقت وجودها أصبح لا يطاق"
وأخيرا تحدثت ساميةالتىي لا وجود لها أصلا بجانب ابنتها "نعم، أميرة محقة لابد أن تتركها يا آدم بإقرب وقت"
قالت العمة بعصبيو "رنين ليست مغرورة ولا مستفزة إنها أفضل فتاة قابلتها بحياتي وآدم لن يترك زوجته مهما حدث، هو لها وهي له، والمزرعة لن يكملها أحد سواها، ابعدي رنين عن رأسك يا إميرة وأنت انهض واذهب إلى زوجتك لترى ماذا بها أرى انها ليست على ما يرام، هيا اذهب"
ولكن أميرة قالت بغيظ "ولماذا يذهب إليها؟ أنها .."
وضع الملعقة بالطبق بقوة أثارت ضجة مرتفعة وكاد الطبق يكسر ثم قال بعصبية "أميرة كفى، ما بيني وبين زوجتي لا شأن لكُ به، والعمل أمر لا يخصك فلا تتدخلين به"
تراجعت أميرة خوفا من غضب آدم الواضح والتزمت الصمت بينما أبعد هو الطعام ونظر إلى العمة وقال "عمتي هيثم خطب أمس ويوم الخميس القادم الخطوبة بالطبع سأنشغل معه الأيام القادمة، أنا حجزت بالفندق يوم الأربعاء كي تأتون وتستعدون فاجهزوا"
ثم نهض وهو ينظر إلى غرفة من سرقت قلبه غاضبا مثقلا بكل الهموم التي لا يعلم متى وكيف ستنتهي وإلى أين ستأخذه صاحبة الشعر الغجري؟
دق الباب ودخل، كانت تقف بجانب النافذة والدموع تنساب على وجنتيها في صمت وهدوء والأفكار تتحرك داخل ذهنها تتدافع، تتصارع دون أن ترحمها، لم تسمع دقات الباب ولكنها انتفضت عندما قال
"يبدو أنه يستحوذ على تفكيرك؟"
انتفض جسدها كله بقوة من المفاجأة واستدارت بقوة تجاه صوته بفزع وطار شعرها معها ليغطي على عيونها المفزوعة وقد تفاجأت بوجوده أمامها ..
ضاقت عيونه وهو يرى فزعها بينما أبعدت هي شعرها عن وجهها ومسحت دموعها وابتعدت من أمامه وهي تحاول أن تتمالك نفسها
توقفت بعيدا عنه فقال "لم أكن أعلم أن وجودى سيفزعك لهذه الدرجة؟ أم أن الموضوع هام لهذه الدرجة؟"
حاولت ألا تبدي ارتباك أو ضعف أمامه فقالت "لا أبدا، أنا فقط لم أسمعك حين دخلت"
اندهش من هدوئها، أشعل سيجارته وقال "واضح أن هناك شيء هام يشغلك، حتى على العشاء كنتِ شاردة وكأن بكِ شيء، ترى ماذا حدث؟"
لم تنظر إليه وقالت "لم يحدث شيء، أنا فقط مللت من الجدال مع تلك المرأة فتركتها تلهو مع نفسها لم يعد يهمني أمرها ثم أنا مدينة لك ولعمتي بالشكر لدفاعكم عني"
اتجه إليها ووقف أمامها وقال "دعينا من كل ذلك وأخبريني ما سبب هذا التغيير المفاجئ؟ أم أن بكِ شيء؟ ربما مريضة أو.."
ابتعدت مرة أخرى من أمامه وقالت "لا شيء، أنا بخير فقط أدركت أنني خارج المنافسة فقررت الانسحاب"
نفث الدخان وضاقت عيونه فعاد واتجه إليها ووقف أمامها مرة ثانية وقال"لا أفهم كلامك"
أخيرا نظرت إليه ولأول مرة تواجه عيونه وقالت "كلامي واضح، أنا لم يعد لى مكان هنا أنتم ثنائي رائع وأنا أترك لكم الساحة، لا داعي لأن ننتظر لنهاية مشروعاتنا يمكنني أن أنسحب من حياتك وسأكمل المشروع ولكن وأنا حرة وأنت أيضا، حر"
عاد إيه الغضب والغيرة وقال "نعم، تريدين حريتك الآن؟ طبعا عندما عاد حبيب القلب لتعودي إليه، أو يأتي هو إليكِ وتكملان المزرعة سويا، ولكن هذا لن يكون لن أتركك تفعلين"
ابتعدت وقالت دون غضب "بالطبع لن أجادل معك لأني مهما دافعت عن نفسي فلن تصدق"
أممسكها من ذراعها وأعادها أمام عيونه القاتمة الغاضبة وقال "أنا أصدق ما رأيته بعيونه، سعادتك بوجوده، لمساته لكِ وحتى كلامه عن ماضيكم، أليست هذه هي الحقيقة؟"
عادت الدموع لعيونها وهي تنظر إليه، قتلته دموعها وأوهنه صوتها وهي تقول "أخبرتك أنك لن تصدق، إذن لن أدافع، كما أنني لن أصدقك"
حدق بعيونها وخفف من قبضة يده وقال "تصدقيني بماذا؟"
ابتعدت وقالت "وجودك أنت وأميرة بالاسكندرية خمس أيام أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم سويا، أخبرتك أنها تفوز وأنني سأترك لها الساحة ليس من أجل ما تظن وإنما لأني تعبت، تعبت"
أغمض عيونه ومرر يده بشعره وهو يفهم الآن، فقد علم من رجاله أن أميرة ابتعدت هي الأخرى إلى الاسكندرية فترة غيابه وعادت بمجرد رجوعه إذن رنين ربطت بين غيابهم، ترى هل هي غيرة منها عليه؟ تماما كما يموت هو عليها ..
أيا حبيبة القلب أغيثيني ..من لوعة الحب ودليني
على محراب قلبك لادعوا ربا، هو رب القلوب لربما ينجيني
أطفأ السيجارة واتجه إليها فاستدارت ولكنه أعادها أمامه وقال بجدية "على فكرة أنتِ متعبة جدا وأنا لن أمضي الليل كله ألف خلفك بالغرفة فكفي عن ذلك وقفي أمامي وتحدثي معي، أنا لم أكن مع أميرة، لم أراها منذ أن تركت العزبة وحتى الليلة وعليكِ بتصديقي"
نظرت إليه وقد لانت عيونها، قربه منها أعاد الدفء لقلبها وأوقف الانين الدامي بصدرها ولكنها ابتعدت مرة أخرى وقالت "إذن عليك بتصديقي أنا أيضا وتصدق أني لم أفعل شيء يستحق ما فعلت"
أغمض عيونه وهو يحاول أن يمنع الغيرة من تدمير هدوءه ورغبته الشديدة في إنهاء ذلك البعد الذي أدمى قلبه، إنه الآن لا يريد سوى قربها
فتح عيونه وقال "حسنا"
اتجه إليها، كادت تبتعد خافت أن يرى ضعفها ورغبتها في أن يوقف كل ذلك وأن يأخذها بأحضانه ويخبرها أنه لا يريد من الدنيا سواها لذا حاولت أن تبتعد من مواجهته
أيها الرجل اتركني -هيم بسماء عيونك القاتمة
أطير فيها هائمة، أبحث عن نظرة حب منك حالمة
وأعود إلى أرض الواقع نادمة
أننىي لم أتربع داخل ثنايا قلبك صامتة
لا أبوح بسر حبي لأنفاسك الدافئة
لم يتركها تبتعد ولكنه أعادها أمامه برفق وقال "رنين كفي عن ذلك أنا فعلا مجهد، لم أنم منذ خمسة أيام والعمل استهلكني فتوقفي عن حركات الأطفال تلك"
غضبت وقالت "والآن أصبحت طفلة، أنا.."
قاطعها بنبرة جديدة "ومجنونة ومغرورة وجامحة"
عاودها الغضب وقالت "أنت.."
ابتسم ورفع إصبعه يحذرها وهو يبتعد "حذري من كلامك لن أرحمك"
جلس على أول مقعد وقال "هيثم خطب أمس"
اندهشت من تغيره فاستجابت وقالت "حقا!"
لم تشأ أن تخبره أن هيثم أخبرها فهى لا تعلم رده، هز رأسه وقال "نعم أمس ذهبنا سويا لنتفق مع أهلها يبدو أنه يحبها ويريدها فقد وافق على كل طلبات أهلهاي هى فتاة جميلة ومؤدبة بصراحة أجاد الاختيار"
شعرت بالغيظ فعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت "من الواضح أنك معجب بها؟"
ضاقت عيونه من كلامها وقال دون فهم "بصراحة نعم، أهلها أيضا طيبيين، الخطوبة يوم الخميس ربما يحتاجك في شي فكوني مستعدة لاستعدادات الخطوبة وعلى يوم الأربعاء سنذهب جميعا حتى عم صابر"
قالت بغيظ مكتوم "وفيم سيحتاجي؟ أنت معه ومع عروسته التي تعجبك"
شعر بنبرتها الساخرة فابتسم وقام متجها إليها حتى وقف أمامها، كادت تستدير ولكنه أحاطها بذراعه وقربها إليه، اندهشت من تصرفه ونظرت بعيونه تلك النظرة التي يعشقها فلم يترك عيونها وقال
"لابد أن تعجبني فهى ستكون زوجة هيثم وهيثم أخي أي انها ستكون زوجة أخي، هل تدركين معنى أن تكون زوجة أخي؟ أي شرفي وعرضي مثله تماما"
أخفضت عيونها واحمر وجهها خجلا فقد فهم غيرتها، رفع وجهها بإصبعه فنظرت بعيونه بحب واشتياق، يظل يتجول بعيونها ومرر يده بخصلات شعرها الغجري وضاع في عيونها، ضغط بيده على خصرها ولم تعترض وهو يجذبها إليه ويلقي بكل شوقه على شط شفتيها لتتلقفه برقه ذاب فيها، زادت قبلته قوة وكلا منهما يبث للآخر شوقه وهيامه وندمه على البعد في الأيام السابقة ..
أبعدها عندما ذهبت أنفاسها وتأمل ملامحها الفاتنة بوجنتيها اللتان بدت كوردة الحب الحمراء ثم همس "لا تغضبيني مرة أخرى يا فتاة"
ثم تركها وابتعد إلى الباب، نظرت إليه فقال قبل أن يخرج "لا تجعليهم يوقظوني مبكرا الآن أشعر أني سأنام دهرا طويلا"
ابتسمت وهي تتابعه وهو يخرج وهي سعيدة بما كان، وأخيرا عاد إليها قبلته، حضنه وحتى نظراته كلها أعادتها للحياة جعلتها تبتسم وتغلق عيونها لتستعيد تلك اللحظة التي أعادتها للحياة