
غلطة
بالطبع كانت سعيدة بعودة العلاقة وكأنها كانت تنتظر أن يمنحها ولو نظرة واحدة فتعود لطبيعتها، حبها له أكبر من أن توقفه لحظة غضب فها هو يعود إليها ولكن ترى هل صدقت أنه لم يكن مع أميرة؟
أغمضت عيونها ولم تعرف هل تسلم قلبها للشك مرة أخرى أم تصدق ما قال وتبتسم لعودته إليها؟ سقطت في النوم دون أن تصل لأي حل
في الصباح دق بابها ودخلت العمة نظرت إليها فابتسمت وأسرعت إليها "أهلا عمتى كيف حالك؟"
أغلقت الباب وتقدمت العمة إلى أول مقعد وجلست وقالت "بخير، جئت أطمئن عليكِ، أمس لم تكوني بخير"
تذكرت العشاء فجلست أمامها وقالت "نعم عمتي لم أكن أرغب في الكلام وظننت أن أميرة استحوذت على آدم خلال الأيام السابقة فلم أجد أن هناك داع للجدال معها"
هزت المرأة ر أسها وقالت "إلى متى سأظل أخبركِ أنكِ فتاة صغيرة ولا تجيدين التفكير؟ آدم ليس بغبي ليفعل ذلك علانية وإنما أميرة هي التي أرادت أن توحي إليكِ بذلك وأنتِ صدقتِ"
أبعدت عيونها وقالت "وهو أيضا ما زال يصدق أن هناك شي بيني وبين آسر، عمتي أنا لا أعرف متى سيتوقف كل ذلك؟"
قالت العمة "الحياة علمتني ألا أتعجل الأمور ولكن مشكلتكم أنكم لا تتصارحون بما يجول بقلوبكم كل منكم يخشى من مواجهة الآخر بالحقيقة وفي المقابل تدفعون الثمن من راحتكم وراحة قلوبكم، أعلم أن كلا منكم لا يثق بمشاعر الآخر ويخشى من جرح كرامته ولكني للأسف لا أعرف كيف أساعدكم؟ أخشى أن أتدخل فلا أصيب بتصرفي لذا أترك الأيام تحل أزمتكم، كل ما يمكنني أن أقوله أن آدم برأسه شيء وهو الذي يجعله يتحمل أفعال أميرة ولأني أثق بابني فأنا أطلب منكِ أن تثقي به"
زاغت عيونها وقالت "حاضر عمتي، تعلمين أني أطيع كل كلامك فليس لي سواكِ"
ربتت المرأة على يدها ثم نهضت وقبل أن تذهب توقفت وقالت "زوجك لم يستقيظ حتى الآن اذهبي وانظري عليه لربما يكون مريض"
ابتسمت وقالت "لا عمتي هو طلب مني أن نتركه ينام فقد كان متعب"
هزت العمة رأسها وقالت "إذن هو يحتاج إلى الراحة وهذا واجب الزوجة تجاه زوجها"
ابتسمت رنين، كلمات تلك المرأة تنير لها طريقها وتعيد إليها الراحة وتدلها على الصواب
ارتدت أفضل ماعندها واطمأنت على مظهرها وجهزت الإطار واتجهت لغرفته، كان جالسا بالفراش يتحدث بالهاتف، ابتسم عندما رآها وفهمت أنه يتحدث مع هيثم ..
وضعت الطعام بجانب الفراش وفتحت الستائر وكان قدأانهى مكالمته، استدارت إليه فرأت نظراته تكاد تأكلها، ابتسمت وقالت "أراك بخير اليوم"
قربت المقعد من الفراش وجلست فقال "نعم فقد نمت جيدا"
قالت وهي تقرب الطعام "إذن هيا لنتناول الإفطار أنا أيضا لم أتناوله بعد، استيقظت متأخرة مثلك"
تناولا الطعام في جو من المرح اسعدها وما أن أبعدت المائدة واستدارت حتى وجدته خلفها، كادت تتراجع ولكنه قبض عليها وجذبها إليه ..وضعت يداها كالعادة على صدره فنظر بعيونها وقال
"تبدين مختلفة اليوم، ترى لماذا؟"
لم تنظر بعيونه وهي تداعب قماش ملابسه وقالت "لا أبدا ليس هناك أي اختلاف أنا هو أنا"
لم يبعدها وهي لم تبتعد بل اعتادت على قربه ولمساته، أحبتها بل عشقتها، هو زوجها، لها وحدها وهي تتملكه غصبا عن الجميع
قربها أكثر وقال "عطرك مختلف ولكنه جميل"
اقترب دون تراجع وهو يريد أن يشبع شوقه اليى لا يتوقف ولكن دقات الباب أبعدتهم
عدلت من شعرها بحركة تلقائية ونظر هو إلى الباب وتراجعت هي عندما رأت أميرة تدخل وتقول "صباح الخير حبيبي تأخرت.."
توقفت عندما رأت رنين ومائدة الطعام وظهر الغيظ بعيونها بينما احمرت عيون رنين وعقدت ذراعيها أمام صدرها وأشعل هو سيجارته وهو يعلم أن الحرب ستبدء من جديد
قالت أميرة بدلال يخيى غيظها "كنت أريد أن أتناول إفطاري معك ولكن يبدو أنك فعلت"
قال وهو يبتعد "نعم"
قالت أميرة "لا يهم سأتناوله وحدي كنت أريدك أن تأتي معي لشراء فستان لخطوبة هيثم"
نفخ الدخان وأجاب "أنا مشغول وأنتِ تعلمين ذلك، لا وقت عندي لهذه الأمور"
اقتربت منه وقالت بدلال "من أجلي يا آدم"
وأخيرا تدخلت بقوة لأن ما يحدث يزيد عن حد تحملها فقالت "ألم يخبرك أنه مشغول ولا يهتم بمثل تلك الأمور التي لا تخصه"
نظرت إليها اميرة وقالت "وما شأنك أنتِ لا دخل لكِ بنا نحن عائلة واحدة"
اقتربت منها وقالت "على فكرة أنا عائلته الآن وليس أنتِ وما يخصني يخصه أما أنتِ فتخصين نفسك وزوجك الذي هو رجل آخر غير زوجي الذي هو آدم هل فهمتِ؟"
نظرت أميرة إليها بغيظ واضح ولكنها وقالت ببرود "لم تصبحي زوجته بحق حتى الآن أي يمكنه أن يطلقك بأي وقت ويعود إلي"
ابتسمت رنين وقالت بثقة "يطلقني! يبدو أن أحلامك لا تعرف عن الواقع أي شيء، أنا وآدم نحب بعضنا البعض وكلا منا يريد الآخر وننتظر فقط حتى تنتهي مشروعاتنا حتى نتفرغ لإنفسنا ونستمتع بزواجنا الذي لابد وأن يكون ممتعا بحق"
نظر إليها نظرات ذات معنى بينما اشتعلت أميرة غضبا وقالت "لن يتم الزفاف ولن تكوني له هل تفهمين؟"
قالت رنين بهدوء "وكيف ذلك؟ ستقتليني أم تقتليه؟ هيا أخبرينى فالموت هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع زواجنا"
فتحت أميرة فمها لترد ولكن خانتها الكلمات وقالت بعد لحظة "أنتِ، أنا، ستعرفين ماذا يمكنني أن أفعل، أنا لن أتركك"
وخرجت وهي تجر أذيال الخيبة ورائها، جذبها فجأة أمامه وقال "رنين أنتِ تثيرين غضبها ونحن لا نعلم كيف تفكر"
قالت بغضب "وماذا؟ هل أعجبك حديثها أم تريد أن تنفذ لها ما قالت؟ إنها تتحدث عن الطلاق يا آدم هل هذا ما تريده أنت؟ ربما تريدها هي كما تريدك"
ابتعدت فأعادها أمامه وقال "عدتِ لجنونك مرة أخرى، هل الطلاق أمر سهل كما تظن هي؟ لو إردت لفعلت من قبل، أنا فقط لا إريد مشاكل معها على الأقل هذه الأيام"
قالت بنفس الغضب "لماذا؟ ما الذي تخفيه عني آدم؟ ما الذي تعرفه ولا تريد إشراكي به؟"
ابتعد وقال "رنين لا يوجد شيء أخفيه عنكِ، لا تجعلي أفكارك تأخذك لبعيد أنا فقط لا أريد صدام مع أميرة على الأقل حتى تتم خطوبة هيثم"
ولكنها لم تهأ وهي تقول "وبعد ذلك لماذا تريدها في حياتنا؟ لو أردت إبعاها لفعلت ولكنك تخشى من فراقها، آدم لابد أن تحدد موقفك منها أنت تعلم أنها تريدك"
نفخ بغضب وقال "بل تريد أموالي"
تنهدت وقالت "أخيرا"
نظر إليها وقال "أنتِ لا تعرفيني جيدا، ما زلتِ لا تفهميني ولكنى أعذرك، رنين هناك أمور كثيرة لا يمكنني أن أتحدث فيها الآن ليس لأني أحب أميرة ولا ل أني أريدها وإنما لأنني أخشى عليكِ وعلى عمتي، أنتم كما قلتِ عائلتي الصغيرة ولابد أن أحافظ عليكم وللمرة المائة أطلب منكِ أن تثقي بي"
لانت ملامحها وهزت رأسها فابتسم قالت "كنت أريد منك خدمة"
قال وهو يتجه إلى دولابه ليخرج ملابسه "ماذا؟"
قالت "أريد أن أذهب لشقتي بالاسندرية أريد إحضار بعض الأشياء، سأذهب اليوم ولن أتأخر"
استدار بحدة إليها ونظر بقوة بعيونها وقال "وحدك؟"
اندهشت من طريقته وهزت -كتافها وقالت "لا فارق معي ربما تفضل أن تأتي معي، ولكن أنا أعلم أنك مشغول، المهم أنني أريد أن أذهب ضروري"
قذف ملابسه على الفراش وقال "وهل لابد اليوم؟"
هزت رأسها ببراءة أضاعت شكوكه خاصه عندما قالت "لا طبعا، أي يوم ولكن قبل الخطوبة"
زفر براحة وقال "ربما عندما نذهب جميعا نمر على شقتك لتأخذي ما تريدين لن تذهبي وحدك"
ابتسمت وهي لا تفهم ما دار بذهنه فذهابها إلى الاسكندرية لا يعني عنده إلا شيء واحد وهو لقائها بآسر لكن كلامها أبعد الشك عن ذهنه
تحركت للخارج وقالت "حسنا سأتركك لتغير ملابسك وسأذهب لدى عمل كثير إلى اللقاء"
مرت الأيام بعد ذلك اليوم بسرعة رأته كثيرا خلالها وكانت علاقتهم هادئة صحيح لم يحدث موقف بعينه ولكن ما زالت النظرات تتحدث، استشارها هيثم في أمور الخطوبة وحاولت أن تفيده وتساعده وكانت تتمنى أن تظل تلك الحياة إلى إلابد بينها وبين الجميع وخاصة بينها وبينه فهما لم يغضبا في تلك الفترة وكأن كلا منهما كان يخشى من تكرار ما كان وابتعدت أميرة عنها وتجنبت رؤيتها ألى أن استعد الجميع للرحيل
في الصباح كانت مع العمة تراجع حقائب السفر فقالت "عمتي أنا سآخذ معي بعض الأشياء"
قالت العمة "آدم قال لا تكثري من الحقائب إنهم يومان"
قالت رنين "أعلم إنها حقيبة واحدة فقط هل أجهز لكِ شيء؟"
ردت العمة "نعم تعالي ضعي ذلك الفستان وتلك الملابس، منى مع أميرة منذ الفجر"
أعدت للعمة حقيبتها ودق الباب ورأته يدخل وهو يقول "صباح الخير، هل انتهيتم؟"
ابتسمت بإشراقة أسعدته وقالت "نعم"
ابتسم هو الآخر وقال "هيثم كان يريد سيارة ليأخذ بها عروسته وأنا اقترحت عليه أن يأخذ سيارتي ونحن نذهب بسيارتك"
ابتسمت وقالت "ولكن اطمئن على الفرامل أولا لن نكررها"
ابتسم وقال "نعم لقد فعلت، أميرة وعمتي سميرة وعم صابر وزوجته سيذهبون معه وأنتِ وعمتي معي"
هزت رأسها وقالت "كما تشاء"
نظر إليها بنظرات ذات معنى كما فعلت، كان سعيد لأنها لم تعد تعارضه ليتها تظل هكذا وهي أيضا كانت سعيدة لأنه يشاركها كل شيء ليته يظل هكذا، الأيام الماضية كانت هادئة إلا فقط من أميرة التي بدء يعرف أن المفتاح الذي عثر عليه هو مفتاح شقة خاصة بها وهي التي أقامت بها مع أمها في الأيام التي اختفت فيها ولكنها أيضا لم تقابل ذلك الرجل الذي يساعدها، ترى من يكون؟ وما الذي تخفيه من وراء بعدها وهدوءها تلك الأيام؟ شدد رقابته عليها ربما يتقي شرها
بالطبع اعترضت أميرة على ذهابها مع هيثم ولكن كلمات آدم كانت واضحة ولم يرددها، بينما أرادت رنين أن تجلس بالخلف والعمة بجانبه ولكن العمة اعترضت وابتسمت لها بحنان وقالت
"اركبى بجانب زوجك يا فتاة إنه مكانك ولا تتخلي عنه أبدا"
ابتسمت وقبلتها بحب وجلست بجانبه بعد أن ركبت العمة، نظر إليها وكذلك هي ثم انطلق وهيثم خلفه
وصلا مبكرا إلى الفندق، أخذ لها غرفة مزدوجة مع العمة كما طلبت هي وأميرة مع أمها وهو وهيثم غرفة سويا
استقر الجميع بغرفهم، أخذت هي حمام دافئ في جو الشتاء القارص والسماء تنذر بالمطر كانت ترتدي منامة قصيرة ذات صدر مفتوح نوعا ما وشعرها مبلل خرجت من غرفتها وهي تقول
"عمتى انا جائعة و.."
قطعت كلامها عندما رأته يقف أمام الفراندة، التفت اليها ونظر لها من أعلاها لأسفلها، احمر وجهها وهي تضع المنشفة على صدرها المفتوح من المنامة وتراجعت وهو يتقدم قالت
"أنا، عمتي!"
كان قد توقف أمامها وقال وهو يحاول -ن يتغاضي عن مظهرها الذي أثاره ولمعت عيونه لرؤيتها بهذا الجمال الرائع "أنتِ ماذا؟"
أخفضت عيونها واحمر وجهها ولم تعرف ماذا تقول وكادت تلتفت لتبتعد ولكن صوت العلتبتعدي كانت تناديها جعله يتراجع ويقول
"ألن نذهب؟ تأخرتِ"
استعادت نفسها ونظرت إليه دون أن ترد على العمة وإما قالت تجيبه "نذهب إلى أين؟"
تجنب النظر لها محاولا استهادة نفسه وقال "شقتك، هيثم ذهب لخطيبته للإعداد للخطوبة وأنا ليس لدي شيء لأفعله وتذكرت أنكِ طلبتِ الذهاب لشقتك"
ابتسمت وقالت "نعم، أنا بالفعل أحتاج الذهاب بشدة وكنت سأخبرك، ثواني وأكون جاهزة"
أسرعت بارتداء ملابسها وهي سعيدة وخرجت لتجد عمتها وأميرة تقف بجواره، ابتسمت أميرة وقالت "إلى أين يا حلوة؟ هل ستذهبين إلى مكان ما؟"
قالت بغيظ "وما دخلك أنتِ، شيء لا يخصك"
ولكن أميرة قالت "حسنا براحتك، هيا يا آدم كي لا نتأخر"
نظر إليها كما فعلت وهي لا تفهم شيء فقالت أميرة "سأذهب معكم ثم نذهب لشراء ما أريد"
شعرت بالغضب يجتاحها مرة أخرى ولكنها لم تحب أن تظهر ذلك أمام أميرة وقالت محاولة أن تكون هادئة "ولكني لا اريدك معنا يمكنك الذهاب وحدك"
ولكن العمة قالت "رنين لا يجوز أن يتركها وحدها هنا ستذهب معكم هيا"
نظرت إلى العمة وإليه وهو صامت لا يرد لا تعلم لماذا؟ تحركت بغضب إلى الخارج وتبعها وهو يعلم أن فترة السلام انتهت وتبعتهم أميرة
جلست بجانبه في صمت ولم تنظر إليه طوال الطريق، أوقف السيارة بجانب العمارة التي بها شقتها فنزلت دون أن تتحدث أو تنتظره واتجهت إلى الأعلى حتى دخلت الشقة وأغلقت الباب وهي تهدئ أنفاسها
أضاءت النور، كان التراب يغطي كل مكان ولكنها كانت سعيدة وهي تستعيد ذكرياتها هنا مع والدها
دخلت غرفتها وبدأت تأخذ بعض من ملابسها التي أتت من أجلها وفجأة رأت صورتها مع والدها فأمسكتها وجلست على طرف الفراش وسالت دموعها وهي تتذكر ابتسامته وحنانه ورحلاتهم، كم كانت سعيدة وقتها، زاد بكائها وهي تتذكر ما هي فيه الآن؛ كل حياتها أصبحت دموع ورغم حبها إلا أنها خائفة من القادم ولا تعلم إلى أين سيؤدى بها طريق الحب هذا لأنه مليء بالأشواك، أغمضت عيونها وهي تترك دموعها تأخذ طريقها على وجنتيها
فزعت عندما رن جرس الباب، انتفضت ومسحت دموعها وتحركت وهي تحتضن صورة والدها، فتحت الباب فرأته أمامها ابتعدت للداخل فدخل وأغلق الباب وقال
"تأخرتِ؟"
لم ير دموعها فقد مسحتها وقالت "لقد أوشكت على الانتهاء"
شعر بصوتها فأوقفها قبل أن تذهب ولم تنظر إليه وهو يقف أمامه ويرفع وجهها بيده ولكنها لم ترفع عيونها إليه ومع ذلك رأى دموعها التي زادت ورأى الصورة التي تحتضنها فهمس
"رنين؟"
لم تتحمل وانهارت في البكاء فجذبها إليه دون أن يتحدث فعادت إلى البكاء وهي بين أحضانه، كانت بحاجة إليه وهو أحاطها بذراعيه وقد تألم لدموعها ومرر يده على شعرها وهمس
"هل تهدئي، ما كان يجب أن تأتي"
ابتعدت ولكنه لم يفلتها وقال بنفس الحنان "البكاء لا يعيد الموتى"
هزت رأسها فمسح دموعها وقال "هيا هل تحتاجين مساعدة؟"
هزت رأسها نفيا ودخلت لتكمل بينما تجول هو بالشقة واتجه إلى غرفتها وتوقف أمام الباب واستند إليه وقال وهو يتأمل غرفتها
"إنها جميلة"
نظرت إليه دون فهم فأكمل "أقصد غرفتك، بالطبع أجمل من تلك التي بالعزبة"
لم ترد فتقدم من الصورة وأخذها وتأملها وقال "تشبهين والدك جدا"
نظرت إليه ثم أشارت لصورة أخرى على الحائط وقالت "لا مامي أكثر"
نظر للصورة ثم قال "نعم، ولكن أنتِ أجمل"
التفتت له فنظر إليها وقال "إنها الحقيقة"
اقترب منها وقال "تلك العيون البنفسجية وذلك الشعر الغجري لا مثيل لهما، حقا أنتِ جميلة وفاتنة"
كان قد اقترب منها وهي لا تتحرك وكلماته تخترق قلبها فهي أول مرة يغازلها، توقف أمامها ورفع أصابعه ومررها على وجنتها ثم خصلات شعرها وزاد اقترابه وقد أضعفه وجودهما وحدهما وهي أمامه جميلة، رقيقة، عيونها تسحره، شفتاها تناديه وشعرها يجذبه كالمغناطيس
ناداكي شوقي يا فتاة فافتحي بعيونك باب الحنان
اسقيني من مقلتيكِ رحيق الحياة
وبين جانبيكِ أضيع بلا عنوان
لم أعد أملك قوة للبعد والضعف من حبك بالقلب أصبح سلطان
ناشدني شيطاني أن أضيع بين ذراعيكِ وأكسر كل الحلال وأضيع في الحرام
إلا عيونك قادتني من بين الخطا وأعادتني إلى نور الرهبان
أقتل شيطاني بخنجر الطهور
وأعوذ منه بالرحمان
لأعود لطهر قلبك، مسكين يتيه في الظلام
أغمض عيونه محاولا أن يوقف تأثير سحر عيونها عليه وما أن فتحها حتى عاوده الضعف فهمس
"رنين"
جذبها إليه، كم يفقد قدرته على التحكم بنفسه أمام عيونها، كم يشتاق لقبلتها تعيده للحياة، قربها ينسيه كل ما عاش من وحدة وقسوة، عيونها تشعره بالسعادة، ليتك لا تفارقيني أيتها المرأة ففراقك يعني الموت لي، ليتك تعلمين ما بقلبي، فأنا أريدك لي لآخر العمر، ليتك لا تتركيني مثلما تركني الجميع ..
رجلي لا تقترب فالوحدة طريق الشيطان
بعينيك بريق يقتل كل الأزمان
يعيدني إلى بحر الحنان
أسبح فيه ضد التيار
فأغرق به واتشبث بخيوط جفونك لبر الأمان
لأكون لك برضاء ربي دون طريق الشيطان
لامس شفتيها بشفتيه وكأنه يلتمس نبع الحياة، شعر بأنها كالعادة تتجاوب معه كما لو كانت تريده مثلما أرادها فزاد قربه أكثر وتجرأت يداه على جسدها الناعم وهو يفتح أزار بلوزتها وينتقل بشفتيه إلى عنقها و....
ولكنها فجأة ابتعدت وأغلقت بلوزتها ولم تنظر إليه من الخجل، كيف فعلت ذلك؟ استدارت وهي ترتجف وتقول
"من فضلك اخرج"
أفاق هو الآخر وابتعد وهو يمرر يده بشعره وهو يحاول أن يهدء من مشاعره التي كادت تفضحه ثم خرج
سقطت على طرف الفراش في ضعف وأنفاسها لا تنتظم ودقات قلبها تعلن عن الخوف لقد كادت تنساق وراء مشاعرها ولكنها لم تفعل، ماذا كان سيظن بها؟ صحيح هي زوجته أمام الله ولكن لم يتم الزفاف بعد
أغمضت عيونها وحمدت الله أنها تداركت نفسها قبل أن يحدث أي شيء
غسل وجهه بالماء وعدل ملابسه حتى استعاد نفسه ولام نفسه على أنه كاد يفقد السيطرة ولكن هي أوقفته بالوقت المناسب ولكنه يعلم أنها زوجته ولا يريد سواها وكم يتمنى أن تصبح له اليوم قبل غدا، لم يعد يستطيع أن يتحمل بعدها، أشعل سيجارة وجلس ينتظرها ..
لم تنظر إليه وهي تقول "لقد انتهيت"
نهض واتجه إليها، أمسك الحقيبة من يدها وقال "رنين"
لم تنظر إليه فقال "أنا، أنا لا أعلم كيف حدث ذلك ولكن أعدك ألا يتكرر"
هزت رأسها وسالت دمعه من عيونها وهي تشعر بالخجل فقال بألم "رنين من فضلك لا تصعبي الأمور"
قالت بضعف وحزن "أنا، أنا لن أسامح نفسي، كيف فعلت ذلك؟"
ترك الحقيبة وأمسك ذراعيها وقال "أنتِ زوجتي أمام الله والجميع يعلم ذلك"
لم ترفع عيونها إليه وقالت "ولكن لم يتم الزفاف بعد، أنا لم يمسني أحد من قبل، أنا.."
عادت آلى البكاء ولم يتركها بل قربها منه وقال "هل يمكن أن تكفي عن البكاء؟ أعلم كل ما يدور برأسك وأنا لم أفكر بأي شي منه، هل تدركين ما قلته؟ أنتِ زوجتي ولن أتركك أبدا هل تفهمين؟"
عندما لم ترد رفع رأسها باصبعه فنظرت إليه فقال بحنان "أنتِ حلالي ومع ذلك ما حدث لن يتكرر مرة أخرى إذا كان هذا يرضيكِ"
هزت رأسها فابتسم وقبلها من جبينها بحنان ومسح دموعها فابتسمت له فأراحته، حمل الحقيبة وانتظرها لتتحرك أمامه
نفخت أميرة وقالت "كل هذا؟ من الواضح أنكم أمضيتم وقتا سعيدا!"
غضبت رنين أكثر من غضبها الداخلي فقالت "هل تخرسي ولا تتحدثي؟"
قالت أميرة بغضب هي الأخرى "أنتِ مجنونة!؟ كيف تتحدثين معي هكذا؟"
قالت رنين وهي تخرج كل ما بها بوجه تلك المرأة "الجنون هذا أنتِ التي تعرفيه وإن لم تخرسي سأنزل وأجذبك خارج السيارة هل تفهمين؟"
نظر آدم إليها بدهشة ولكنها لم تنظر إليه بينما قالت أميرة "هيا افعليها وأنا سأريكِ ماذا سأفعل"
كادت تنزل من السيارة لولا أن أمسك يدها وقال "أميرة إذا لم تكفي سأعود للفندق ولن تذهبي لأي مكان هل تفهمين؟" ارتاحت لرده وتركت يدها بيده
دخلوا المول وجلسا بالفود كورت بينما اتجهت أميرة لتشتري ما تريد فنظر إليها وقال محاولا أن يتناسى ما حدث "ألا تريدين شراء شيء؟ فستان لحضور الخطوبة"
نظرت إليه وقالت "لا أحضرت ما يلزمني، عندى ملابس كثيرة جديدة لم أرتديها، داد كان يشتري لي الكثير خاصة عندما كان يسافر وحده"
قال وقد شعر بالغيرة من حبها لوالدها "كنتِ تحبينه جدا؟"
هزت رأسها بالموافقة وقالت "لم يكن لي سواه، لم يفارقني إلا مرة أو اثنان إذا سافر و-نا بالامتحانات فقط"
تساءل "كنتِ تقيمين وحدك؟"
قالت دون أن تفكر أو تحسب حساب كلامها "لا، كنت أقيم عند عمو سالم و.."
أدركت خطأها بعد ما تحدثت، تراجع في مقعده وأبعد نظره عنها وهو يشعل سيجارته وتبدلت ملامحه وكأنها طعنته بخنجر بارد دون أن تشعر وتركته يتألم
حاولت أن تلطف ما قالت "طنط جميلة زوجة عمو سالم كانت تأخذني بأحضانها وتنام بجانبي كل ليلة إلى أن يعود داد"
لم يرد فقالت وهي تعلم أنه يحاول ألا يبدي غضبه "أنا آسفة ولكنها مرحلة بحياتي لن أستطيع أن أمحيها"
عاد إليها وهو يدخن سيجارته ويتناول القهوة ثم قال "أدركت الآن سر تعلقك به فأنتم هكذا منذ الصغر"
شحب وجهها وقالت "آدم من فضلك"
حدق بها وهز رأسه وهي لا تريد أن يعيد الكرة وهو أيضا لا يريد ولكنه يحاول بصعوبة التحكم في غضبه وغيرته فذكر اسم آسر يثير أصلا كل غضب الدنيا أمامه
لم يتحدث وهي أيضا لم تجد ما تقول، أدركت أنها السبب وفلت الزمام من يدها فصمتت حتى عادت أميرة فقام وقامت هي الأخرى وعادا في صمت طوال الطريق وهو يفكر هل يمكن أن يكون لمسها؟ قبلها؟ احتضنها؟
لقد وعدها ألا يفكر بها كذلك ولكن اللعنة على الغيرة التي تأكله، لقد كانت تبيت عندهم، ضاع منه كل ما حوله ولم يفكر إلا بآسر ..
لم يتحدث وهو يتركهم عند باب غرفهم فنظرت إليه ولكنه لم يفعل انتظرت أن يعود لغرفته ولكنه لم يفعل، تابعته بعد أن دخلت أميرة غرفتها، نزل فنزلت وراؤه، رأته يتجه للخارج عبر الطريق واتجه إلى سور البحر ووقف يتأمله..
أراد أن يكون هنا ربما ينسى ما قالت أو يبعد تلك الأفكار عن ذهنه سمعها تقول "لم يحدث بيني وبين آسر أي شيء، لم يلمسني أبدا، لا هو ولا سواه، كنت أنام مع والدته في غرفتها وهو كان يبيت عند أحد أصدقائه طوال فترة إقامتي عندهم، أنت أول رجل يلمسني وهذا لأنك زوجي، هذا ما كنت أخبرك به وأنت أخبرتني أنك تصدقني"
تحركت لتعود ولكنه أمسك يدها ليوقفها، ربما حاول أن يشعر بالراحة من كلماتها، لم تنظر إليه ولكنه قال "هل يهمك؟"
نظرت إليه فقال "هل هناك فارق؟"
أبعدت يدها وقالت بضيق "ماذا تعتقد أنت؟"
أبعد وجهه إلى البحر وقال "أعلم أن وجوده في حياتك أمر لا يمكن تجاهله ولكن أنا زوجك وأعتقد أن ذلك حقي"
قالت بضيق "حقك لو كان قد حدث أي شيء ولكني أخبرتك أنه لم يحدث وأعتقد أنك لم تعتد في الكذب ربما من حقك أن تظن بي الظنون لأني اليوم.."
شعرت بالخجل عند ذكر الأمر فلم تكمل وقد فهم أنها تشير لما حدث بينهم بالشقة فنظر إليها فأكملت دون أن تنظر له "ولكن الأمر مختلف أنا زوجتك أنت"
لم يبعد عيونه عنها، كادت تذهب ولكنه لم يترك يدها وقال "تختلفين تماما والخجل يملاء وجنتيكِ"
رفعت عيونها له فقال "أكاد لا أصدق أنه أنتِ التي تغضب وتثور وتصبح مثل الأسد الهائج، بدأت أصدق أنكِ فتاة طبيعية مثل باقي البنات"
جذبت يدها منه وبدأت تغضب فابتسم وقال وهو يجذب يدها مرة أخرى "هكذا اطمأننت أنكِ بخير فقد عدتِ لغضبك، هذه هي زوجتي المجنونة"
أبعدت عيونها عنه فعاد وقال "المجنونة صاحبة العيون البنفسجية"
نظرت إليه ولانت ملامحها وقالت "أنا ذاهبة"
لم يتركها وجذبها برقة وقال "والآن ماذا؟ المفروض أنكِ أتيتِ من أجلي أليس كذلك؟"
ظلت عيونها تائهة بين نظراته دون فهم وقالت "لقد فعلت وأنت لا تصدقني"
تمنى لو يشبع من عيونها ولكنه لا يفعل، قال "أنا لم أقل ذلك"
أغمضت عيونها وقالت "أنا احترت معك، هل تثق بي أم لا؟ هل تصدقني أم لا؟"
ابتسم وجذبها إليه ووضع يده على كتفها وهمس بجانب أذنها "وهل يمكنني ألا أصدق تلك العيون؟"
هدأت فأبعدها وقال "الجو برد هيا اذهبي"
كانت بالفعل تشعر بالبرد ولكنها قالت "وأنت؟"
ابتسم وقال "سأبقى قليلا، لا أريد أن أنام، أحب البحر بالليل"
استنشقت رائحة البحر الجميلة وقالت "وأنا أيضا، أحب البحر جدا جدا ليلا أو نهارا، هو الذي كان يسمعني دون أن يقاطعني وأسراري كلها معه وهو الذي يُهدئ من غضبي ولكن داد كان يمنعني من أن أراه ليلا؛ كان يخاف منه ليلا ويقول "لا أشعر من البحر بالأمان لا نهارا ولا ليلا خاصة ليلا"
قال وهو يحتضن يدها "وأنتِ ألا تخافين؟"
علقت عيونها بعيونه وقالت "الآن لا أخاف من أي شيء"
قبل يدها وابتسم كما فعلت وقالت "أنت تصدقني أليس كذلك؟ بخصوص آسر؟"
نظر بعيونها وقد شعر أن الأمر يهمها حقا كما يهمه فقال "ما زال الأمر يهمك؟"
أخفضت عيونها وقالت "لو لم يهمني لما تبعتك لهنا لأخبرك الحقيقة، هل تصدقني؟"
زادت قبضته على يدها وهز رأسه وقال "أخبرتك أني لا أستطيع أن أُكذب هذه العيون ويكفيني هذه النظرة التي بعيونك دون أي كلمات أخرى"
ابتسمت بسعادة وكذلك هو، زاد احتضانه ليدها وتأمل الاثنان البحر في صمت