رواية خذ بيدي الفصل الثالث3بقلم سبا النيل
الليل دخل والزمن اتاخر وقعدت ارتب في الدكان عشان اقفلو وفجاة سمعت صوت انثوي بقول "السلام عليكم"، لفيت بتفاجؤ واستغراب الدنيا دي كلها اترسم في معالم وشي، كانت واحدة غريبة، الظاهر انها في بداية الأربعينات، ملامحها كانت ما مريحة، ظاهر عليها الحِدة والتعالي والتغطرس، استغربت وعاينت وراها كان في عربية آكسنت واقفة وبابها مفتوح وواضح انها حقتها، عاينت لساعة التلفون بحركة تلقائية كانت عاملة 10 وتلت، رجعت وجهت ليها كلامي وقلت ليها اتفضلي يا خالة..
ردت علي بلا مبالاة وقالت لي "في محفظة نستها فاطمة عندك هنا".. هنا ياداب فهمت، يعني دي من طرف فاطمة، حبيت اعدل ليها كلامها وأنا بفتح الدرج الجنبي وقلت ليها "لي فعلا نستها عندنا قبل يومين"، طلعت المحفظة وختيتها ليها في الدرج قدامها وقلت ليها " اتوقعت ترجع تاني عشان تشيلها بس ما جات ف خليتها عتدي في الدكان".. شالت المحفظة ودخلتها في شنطتها وقالت لي وهي لسة بتقلب في الشنطة " آي فعلًا كانت عايزة تجي بس ما قدرت تخلي ولدها"..
عقدت حواجبي بإستغراب شديد وقلت ليها "نعم"؟.. عاينت لي برفعة حاجب نظام مالك متفاجئ يعني؟.. طلعت قروش من الشنطة مدتها لي وقالت لي اديني قارورتين بارد.. شلت منها القروش وانا لسة مصدوم وقلت ليها "يعني هي متزوجة؟".. حركت راسها بإيجاب وقالت لي "ارملة، راجلها اتوفى وياهو لافة ورا علاج ولدها ده".. انا كنت لسة مصدوم من حتة انها متزوجة وعندها ولد كمان نهائي ما اتوقعت، واللفت انتباهي اكتر جملة "جارية ورا علاج ولدها"..
اتحركت على التلاجة وطلعت قارورتين بارد وجيت دخلتهم في كيس وواصلت وانا بقول " وخير أن شاءالله مالو ولدها؟".. قالت لي وهي بتمد يدها وتشيل الكيس: " الولد عندو ثُقب خلقي في القلب بنسميهو ال" VSD" ومعاهو مضاعفات، جارية وراهو خمسة شهور ما عارفة تلحق عليهو ولا على شغلها البتوفر بيهو علاجو، غايتو حسبي الله كلو من أهلها الكلاب ديل الواحد شايف لحمو ودمو بعاني قدامو ما بشتغل بيهو، ناس مريضة صحي"..
اتفاجئت من كلامها وحسيت بنغزة في قلبي ف قلت ليها وانا برجع ليها في الباقي " كيف يعني أهلها ما معاها؟".. قالت لي "الزولة دي ليها 5 شهور مما دخلت ولدها المستشفى لا شفت ليها قريب ولا غريب، قاعده بس بتعاني معاهو تشتغل انصاص الليالي وترجع تبيت معاهو في المستشفى، غايتو ربنا يعينها".. قلت ليها "طيب اهل راجلها وين الولد ده ما عندو اهل؟.. عاينت بنظرة ذات مغزى وقالت لي "مشاكل بس".. سكتت وما عرفت اقول شنو، رجعت بذاكرتي قبل يومين لمن جاتني في الدكان، مكانها كانت راجعة من شغلها والشباب ديلك كأنو عايزين يسرقوها، ده أقرب استنتاج استنتجتو..
صحيت من سرحتي على صوت باب العربية وهو بتقفل والمرا عايزة تمشي، طلعت من الدكان بسرعة وجريت عليها وانا بقوليها لحظة اقيفي.. نزلت القزاز عاينت لي بإستغراب وقالت لي مالك؟.. قلت ليها بي تردد "راقد وين ولدها دع في ياتو مستشفى؟".. سكتت ثواني خلتني اتوتر وحسيتها ما ح توريني بس قالت لي " في مستشفى ال{. . . }".. قلت ليها طيب ممكن توصفي لي الغرفة أو المكان الراقد فيهو وين في المستشفى؟.. حركت راسها بإيجاب ووصفتو لي وبعد خلصت اتشكرتها وهي اتحركت طوالي.
وقفت بعاين للعربية وهي ماشة وانوارة من ورا عكست في الشارع، الأصوات اختفت الا من أصوات الصراصير البعيدة، وقفت مكاني بفكر، بعد مسافة اتنهدت بهدوء، قفلت الدكان ورجعت البيت حكيت لأمي الحاصل كلو، وامي قلبها رهيف وسمعتها قريبة فكان ساهل علي أقنعها اننا نزورهم في المستشفى رغم أنها استغربت من طلبي ده، رقدت الليل كلو افكر في وضعها، كيف اصلا واحدة في عمرها واقفة براها بنفسها على حالة ولدها، وأهلها وين وأهل راجلها معقولة يرمو ولدهم كدة؟، حاجة ما بتدخل في العقل، قضيت ليلي داك كلو بفكر والنوم جافا عيوني لمن استغربت في نفسي..
صحيت تاني يوم الصباح، نمت متين زاتي ما عارف، كنت متفق مع امي نمشي نشوفهم الليلة، اتجهزنا ومعانا اختي آفاق، طلعت اخدت لي شوية فواكه من الشارع وعلى حسب وصف المرة الاخبار ديك مشينا ودخلنا المستشفى، سألنا من الأقسام واتوجهنا فورا على الغرفة الهم فيها، وقفنا قدام باب الغرفة، انا وقفت بالجنبة، ياداب في اللحظة دي اترددت، قلت في نفسي ح تقول شنو ولا نزورها ليه اصلا وكدة، فجأة الباب اتفتح وهي أول ما شافت امي وآفاق اتفاجئت شديد لدرجة انو خشمها ما فتحتو، لمن استوعبت ابتسمت إبتسامة واسعة وسلمت عليهم بالاحضان، انا هنا ارتحت وقربت شوية من الباب، دخلتهم جوا وعاينت ليها قلت ليها السلام عليكم، ردت ببشاشة وقالت "وعليكم السلام، اتفضل اتفصل"..
دخلت وهي قفلت الباب ولحقتنا، امي وآفاق كأنو بسلمو على ولدها الراقد في السرير الأبيض وهو بسلم عليهم بإستغراب وكأنو ما شاف بشر في حياتو، قربت منو ووقفت جنبو امي وقلت ليهو وانا بمد يدي ازيك يا بطل".. هو سلم علي طوالي، يدو كانت باردة ورطبة، كان جميل شديد ما شاء الله، ملامحو كانت طفولية ونظراتو العشوائية بتدل على مدى برائتو.. امو جات وقفت بالجهة التانية من السرير فهو عاين ليها وقاليها " ماما ديل منو؟".. هي قبل ترد عليهو ردت عليهو امي وقالت ليهو " أنا حبوبة سنية ودي قوليها خالتو آفاق وده عمو احمد".. ابتسم ابتسامة واسعة ورجع عاين لامو بإنبهار وقاليها "يعني ديل اهلنا؟"..
سكتت وعاينت لينا وفي تررد كبير جواها ف انا ضحكت وقلت ليهو "اي، الظاهر عليك مفتح انت".. ضحك ومسك اصبعي وكانو بتحسس اذا انا حقيقي ولالا.. الحركة فاجأتني وحسيت بقشعريرة اول ما فهمت انو نادرا ما يتكلم مع زول غير امو لانو ماف زول اصلا معاهو غير امو، حسيت بيهو مبسوط شديد، قعدنا وآفاق ادتها كيس الفواكه ف شالتو منها بحرج بعد اعتراض كبير وقعدو يتونسو ف انا قلت اخليهم على راحتهم وطلعت برة في الاستقبال وبقيت قاعد بطبز في تلفوني لغاية ما ناس امي اتصلو علي وجو طالعين ومعاهم فاطمة بنفسها، اتشكرتنا واتشكرتني على اني ساعدتها اليوم داك، كنت عايز اسألها اصلا من اليوم داك لكن قلت لالا يا احمد ما بخصك.. ودعوها وطلعنا على البيت..
في علاقة قوية ارتبطت بين ناس امي وفاطمة بعد الزيارة دي، ما عارف اتونسو في شنو اليوم داك بس كنت حاسة امي زعلانة شديد عليها، بقينا كل يومين في الأسبوع بنمشي عليهم وابوي مشى برضو كم مرة، ولدها والكان اسمو "نادر" اتهود علينا شديد وحتى نحن اتعودنا عليهو، كان زكي ووناس ومرح وبحب الحياة، كنا لمن نجي انا واخواتي بخليهم مع امو وبسوقو افسحو واغير ليهو جو، حسيت انو امو كانت متخوفة من الحتة دي في البداية بس بعد فترة اتعودت، "نادر" كان فاقد الاهل والناس الحوليهو شديد، مرات كتيرة بهبش دقني وشعر راسي وكانو بتاكد اذا كنت بالجد حقيقي ولا ح اختفي في يوم، انا عن نفسي ما بتعلق بالشفع بس شخصيتو وحماس وطموحو ولد عندي مسؤولية تجاهو، فكرة إنو طفل زي ده يكون يتيم حاجة هزتني شديد.. وفاطمة كنت حاسي انها نفسها تشكرنا على كل يوم كنا فيهو جنب ولدها..
عدا علينا شهر بالطريقة دي، اليوم كان مفروض امشي ليهم زيارة برضو مع ناس امي الصباح بس كان عندي بضاعة عايز انزلها في الدكان ف قلت ليهم امشو انتو وانا بخلص شغلتي وبجي عليكم اسلم على "نادر" واسوقكم.. فعلا هم فاتو وما عدت ساعتين مما مشو الا ولقيت امي بتتصل لي وبتديني "نادر".. رديت عليهو ف قالي بصوت طفولي " عمو احمد الليلة ما جاي توديني محل الايسكريم؟".. ضحكت وقلت ليهو "مصلحة يعني انا قايلك عايز تسأل مني اتاريك بتسأل من الايسكريم؟".. قالي "أنا بسأل منكم الاتين".. قلت ليهو "لالا جاي عندي شوية شغل كدة بخلصو وبجي".. قالي "خلاص ما تتاخر"..
قفلت منو وواصلت شغل والشغل جرا واتخرت شوية، اول ما خلصت فتحت تلاجة الدكان شلت لي حلاوات وعصير وكيك في كيس كبير وقفل الدكان ومشيت طوالي على المستشفى، دقيت على امي اوريها اني جيت عشان يعملو حسابهم بس ما ردت علي، اتصلت على آفاق وإلفة برضو ما ردو علي، وقفت في نص صالة الاستقبال شايل كيسي بعاين في التلفون وقلت ديل مالهم ديل كمان.. قفلت التلفون واتحركت عليهم، وانا بطلع في السلم بقيت سامع أصوات كواريك بعيده، استغربت وواصلت طلوع وكل شوية الأصوات توضح، قلبي اكلني ووقفت للحظة، اتهزأ لي اني سمعت صوت فاطمة بتكورك، قلبي عمل شح وبقيت واقف ماسك درابزين السلم وما قادر اتحرك، حسيت رجليني نملو، بلعت ريقي ورفعت راسي على باقي درجات السلم، الأصوات كانت متواصلة، اتحركت بسرعة وبخطوات أقرب للجري طلعت باقي السلالم واول ما وصلت الممر الواسع حق الفيهو غرفتهم وقفت متشنج وجسمي اتيبس، قابي انقبض بقوة وفتحت عيوني بخوف رهيب اول مرة احس بيهو اول ما شفت فاطمة واقعة في الارض قدام باب الغرفة بتكورك وبتعاين للباب وامي واخواتي قاعدين جنبها ودموعهم جارية..
